بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الأمور لا أستطيع أن أفصلها من أبواب العطاء وسُبل الخير والمواهب الإلهية التي ادخرها الله للمحبين ونحن إن شاء الله جميعاً من المحبين لكن نحن لا نريد أن نقف عند هذه المرتبة ونريد أن نكون من الطائفة الأرقى والفئة الأعلى من الطائفة الأدنى في القرب من رب البرية وأعلى في المعية في حضرة النبي صلي الله عليه وسلم البهية
وهؤلاء كان يُكشف عنهم الغطاء ويفوزوا بكريم الفضل والجزاء والعطاء من الله وهم في الدنيا قبل الآخرة لأن ما في الآخرة لا يستطيع أحد وصفه ولا عدَّه لكن جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة
فارق كبير بين الذي يعمل عند رجل أعمال ويأخذ أجره وجزاءه ومكافآته وهى جزيلة وبين الذي يرث ويصبح له نصيب في تركة رجل الأعمال هل يستويان؟ لا، وكذلك الأمر فحضرة النبي صلي الله عليه وسلم نبهنا وقال في حديثه العظيم {نَحْنُ مَعَاشِرُ الأنَبِيَاء لا نُوَرِّثُ دِرْهَمَاً وَ لا دِينَاراً وإنمَا نُوَرِّثُ عِلْمَاً وَ نُوَرا}[1]
ومادام العلم ميراث من رسول الله فهل سيكون هو العلم المكتوب في الكتب؟ هذا العلم الكل يقرأه والكل يُحصِّله حتى المستشرقين وهم كافرون يحصلونه أكثر منا ولكن هذا العلم {وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}الكهف65
أي من غير واسطة لأن هناك علم يُنال بالوسائط وعلم يُنال بالهبات الذاتية بغير وسائط وهذا لمن كشفوا عنه النقاب ورفعوا عنه الحجاب وألبسوه حلة الأحباب وجعلوه يتمتع بوجه الحبيب صلي الله عليه وسلم ويكرع من شرابه بلا حجاب وهذا الكلام موجود ومشهود إلى أن تنتهي الدنيا ومن قال أنه غير موجود فقد حكم على نفسه بالجحود
لأن هذا الكلام أثبته الرب المعبود في القرآن كيف ينفيه إنسان بعقله الكاسد؟ هل لأنك لم تذقه أو تحصِّله هل هذا معناه أنه غير موجود أو مفقود؟ لا إنه موجود ولكنك لم تصل إلى درجة تحصيله ولم تصل إلى المنزلة التي جعلها الله لأهل توصيله لأنها منزلة عظيمة {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا} أولاً ثم {وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}الكهف65
وهذا مقياس أعطاه الله لكل مسلم فمن ادَّعى علم الإلهام ومن ادَّعى أنه يتلقى العلم من الملك العلام نزنه بالرحمة التي في قلبه للأنام إن كان فظاً غليظ القلب فماله ومال هذا العلم لأن شرط العلم الرحمة ثم العلم لأنه سيرث من الرحمة المهداة ويكون له نصيب من عطاء الله لحبيبه ومصطفاه أولاً في قول الله {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء107
بعد أن يأخذ نصيبه من هذه الرحمة يتفضل الله عليه بالحفظ كما تفضل على الأنبياء بالعصمة فالأنبياء لهم العصمة والأولياء لهم الحفظ ثم يُفيض الله عليه العلم المكنون وقد حفظه فلا يُخرجه لمن عنده ظنون أو لمن عنده بهتان أو لمن هو بعيد عن حضرة الرحمن وإنما يضع العلم في موضعه الذي كلَّفه به وأمره به الرحمن {لا نُوَرِّثُ دِرْهَمَاً وَ لادِينَاراً وإنمَا نُوَرِّثُ عِلْمَاً وَ نُوَرا}[2]
[1] سنن أبي داود عن أبي الدرداء
[2] سنن أبي داود عن أبي الدرداء
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...1&id=101&cat=6
منقول من كتاب [شراب أهل الوصل] اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق