Disqus for ومضات إيمانية

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

إنى سقيم


555555555555
روى البخاري ومسلم أن خليل الله إبراهيم خرج كعادته يوماً يبحث عن الضيفان وكان لا يأكل إلا مع ضيف ويمكث يوماً بل أيام بدون أكل حتى يعثر على ضيف ليأكل معه وكان يمشي الأميال باحثاً ذات اليمين وذات الشمال عن الضيف لما علمه من أجر إكرام الضيف عند الكريم فذهب يوماً وعاد ولم يجد أحداً ثم دخل المنزل فوجد رجلاً جالساً في منزله فقال له: لم دخلت المنزل بدون إذن سيده؟ قال: قد أذن لي رب الدار قال: من أنت؟ قال: أنا ملك أرسلني الله ليبشر رجلاً من عباده بأنه خليل الله قال: دلني على هذا الرجل فوالله لو دللتني عليه ثم كان في أقصى بقاع الأرض لذهبت إليه وعشت معه حتى ألقى الله قال: إنه أنت قال: أنا أنا وأخذ يكررها مبهوراً متعجباً فرحاً مستبشراً قال: ولم؟ قال: لأنك تعطي لله ولا تسأل الناس شيئاً وانتهى الملك من بشارته وإذا بملك الملوك يفتح بابه لإبراهيم ويوحي إليه يا إبراهيم تعلم لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا يا رب قال: لأنك جعلت جسدك للنيران وولدك للقربان ومالك للضيفان وقلبك للرحمن فلم يأخذها بالفهلوة ولم يأخذها بالنصب والاحتيال ولم يأخذها بطريق مفروش بالورود ولكنه طريق صعب طويل في سبيل الدعوة إلى الملك الجليل 
بدأ هذا الطريق مع أبيه أولاً حيث كان أبوه هو الذي يصنع الآلهة ويبيعها للناس ليعبدوها من دون رب الناس فطلب منه أن يذهب إلى السوق ليبيع هذه الآلهة فنفذ الأمر وذهب إلى السوق وأخذ ينادي عليها ساخراً متهكماً ويقول: الإله الذي لا ينفع ولا يضر ولا يسمع ولا يبصر بكذا فنقل الناس الخبر إلى أبيه فجاء إليه مسرعاً وقال: ماذا تفعل؟ - لأنه يحارب دين أباه -فقال{يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً}فلما اعترض على موقفه طرده من بيته فخرج غير نادم على ما حدث لأنه نذر نفسه لله وقال كما قال الله{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}ثم أخذ يدعو قومه بالحكمة تارة وباللين تارة وبالجدال تارة فيذهب إلى من يعبدون النجوم وهم كثير في بلده الأولى العراق ويسمون الصابئة وجلس معهم ليلة طويلة عريضة وقال لهم: ماذا تعبدون؟ قالوا: هذا وأشاروا إلى نجم فانتظر حتى أفل النجم وقال: إني لا أحب الآفلين ثم أشاروا إلى القمر فجلس معهم حتى طلع الصباح وكسف ضوء القمر فقال أيضاً: إني لا أحب الآفلين ثم طلعت الشمس فقال متهكماً: أظن أن هذا إله أكبر فنورها أسطع وحجمها أكبر وإشراقها أوسع ثم جاورهم حتى غابت الشمس وأقام عليهم الحجة بأن هذه الآلهة لا تنفع ولا تضر وإنما الإله الحق هو رب العالمين 
فما كان منهم إلا أن أخذوه إلى النمروذ ملكهم وكان قد طغى وبغى وأدعى الإلوهية قال: يا إبراهيم هل علمت لك من إله غيري؟ ألك رب سواي؟ قال: ربي الذي يحيي ويميت ولم يعبأ بسلطانه ولم يهتز لصولجانه ولم يهب من كثرة جنوده مع أنه من الملوك المعدودين الذين ملكوا أكثر البسيطة الأرضية إلا أن الإيمان ثبت قلبه وقوى فؤاده فقال النمروذ: أنا أحيي وأميت قال: كيف؟ فجاء برجلين حكم عليهما بالقتل وأشار إلى حاشيته وقال: اقتلوا هذا ثم أشار إلى الآخر وقال: أنا عفوت عن هذا أنا أحييته وأعطيته حياة جديدة وظن أنه كسب الجولة فإذا بإبراهيم الذي علمه العليم الحكيم يأتيه بقاصمة الظهر ويقول له{فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} واحتار في الأمر وتروى وتدبر ثم أطلق سراحه بعد أن أمر الجميع أن لا يكلموه ولا يحدثوه ولا يستمعوا إليه ولكنه أصر على أن يكمل رسالته مع الله فخرجوا في يوم عيدهم وأرادوا أن يخرج معهم فقال: إني سقيم أي إني مريض من كفركم وشرككم بالله وصمم على أن يأتي لهم بمصيبة جديدة تلفت نظرهم إلى الله فجعلهم يتوجهون إلى حضرة الله فخرجوا وتركوه وحيداً عند بيوتهم فخرج إلى الأصنام وحطمها جميعاً ثم وضع الفأس على رأس كبيرهم 
فلما رجعوا ووجدوا ما حدث{قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} قالوا: ومن يكون إلا إبراهيم لأنه الوحيد الذي يعيب علينا عبادة هذه الآلهة ويسخر بها ويستهزأ بها فجاءوا به وقالوا{أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}وأشار إلى أصبعه الأكبر (يعني أن يده هذه هي التي فعلت) وأشار بيده إلى الصنم الأكبر لأن الأنبياء لا يكذبون في مزاح ولا في لهو ولا في شئ لأن الله ثبتهم على الحق فقال: بل فعله كبيرهم هذا وهو يقصد إصبعه الأكبر وهم يظنون أنه يقصد الصنم الأكبر ثم أخذ يجادلهم وبعد ذلك علموا أنه على الحق وإنهم على الباطل ومع ذلك أخذتهم العزة بالإثم فدبر النمروذ أمره بأن يلقيه في النار وبدأو التجهيزات لذلك وأخذوا يجمعون الحطب واستمروا في جمعها لمدة ستة أشهر حتى أن المرأة التي كانت تتعسر في وضعها كانت تنذر أنها إذا وضعت تحضر حطباً لإحراق إبراهيم والتي مرض ولدها تنذر أنه إذا شفى تجمع الحطب لحرق إبراهيم حتى جمعوا حطباً يحرق مدينة من الناس وليس رجلاً وإن كان سماه الله أمة {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}ثم أوقدوا النار وأشعلوها وبعد اشتعالها لم يستطيعوا أن يقتربوا من النار لشدة حرارتها وقالوا كيف نلقيه فيها ونحن لا نستطيع أن نقترب منها وإذا بإبليس اللعين ينزل في صورة آدمية ويرشدهم لعمل المنجنيق وهي آلة كالمقلاع تقذف الأشياء لأماكن بعيدة ووضح لهم كيف يضعوه فيها بأن يصعدوا على قمة جبل ومعهم المنجنيق ثم يضعوا فيه إبراهيم بعد تكتيفه بالحبال ويقذفونه في وسط النيران 
وهنا ضجت ملائكة السموات يقولون(يا ربنا عبدك إبراهيم لا يعبدك في الأرض سواه فما كان من الجليل إلا أن قال لهم: إذا كان قد استعان بكم فأعينوه أي فهل استغاث بكم؟ فقال سيدنا إسرافيل: يا ربَّ مرني أن انزل الأمطار على النار لتطفئها على الخليل فقال الجليل : إذا استغاث بك فأغثه وقال الأمين جبريل: يا ربَّ عبدك إبراهيم قال: انزل فإذا سألك حاجة فأعطها له فنزل جبريل على إبراهيم وقال يا خليل الله ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال: إذا كانت إلى الله فاطلبها من الله أبلغها إلى الله فقال: علمه بحالي يغني عن سؤالي فوضع جبريل إصبعه في الأرض فنبعت عين ماء ومد يده في الجنة فجاء بشجرة تفاح ووضعها بجوار الماء وجاء بأريكة من الجنة وفرشها بجوار الماء تحت الشجرة وكان في النار كما قال لها الواحد القهار{يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ}فلم تحرق النار إلا أحباله وقيوده التى قيدوه بها حراً فريداً يجلس على الأريكة في ظل الشجرة يأكل التفاح ويشرب الماء ويذكر الله لمدة شهرين كاملين في هذه النار حتى أطفأت
فقد استمرت موقدة لمدة شهرين كاملين ولكن القوم عندما رأوه تعجبوا وقال النمروذ في جبروته وعتوه: من تعبد يا إبراهيم؟ قال: أعبد الله قال: إنه إله كريم يستحق أن اذبح له مائة بدنه فنحر مائة بقرة لله ولكن الله لم يتقبلها منه لأنه لم يؤمن بالله قال الخليل: إن الله لا يريد بدناتك ولكن يريد أن توحده ويريد أن تعبده ويريد أن تعرفه وهو غني عنك وعن بدناتك جميعاً واستمر يدعو الله ويدعو هؤلاء القوم إلى عبادة الله ولكنه في النهاية زاد غرورهم وعتوهم بل إنهم في النهاية أصدروا أمراً بطرده من البلاد فقال{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}هذا الخليل ألقى جسمه في النيران وقدم ولده قرباناً لحضرة الرحمن وكان ماله كله للضيفان حتى أن الرحمن يحكي لنا أنه جاءه رجلان فماذا فعل؟ اثنين يكفيهما نصف دجاجة لكنه كما قال الله{جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}جاء بعجل سمين جاء بعجل حنيذ يعني مشوي شواه لهم لأنه كان كريماً مع الله فقالوا له: يا إبراهيم لا نأكل طعامك إلا إذا دفعنا الثمن قال: الثمن الذي أطلبه منكم أن تذكروا الله أوله وتحمدوه في آخره فقالوا: صدق من سماك الخليل 
بل أنه مشى ذات يوم وقد تعجبت ملائكة الله من أحواله فاختار الله منهم نفراً وأمرهم أن ينزلوا لاختباره بعد أن نما ماله وكان كثير وكثير فنزلوا وذكر واحد منهم الله بصوت شجي يطرب السامعين فقال الخليل: أعد علي ذكر الله الذي ذكرته آنفاً قال: لا أعيد حتى تعطيني ما أريد قال: وماذا تريد؟ قال: تعطيني وادياً مملوءاً بالغنم من أغنامك وكان له وديان كثيرة مليئة بالأغنام لأنه أبو الضيفان كما سماه الرحمن فماذا قال للملك؟قال: اسمعني ذكر ربك ولك كل ما ملكت من أودية مملوءة بالجمال أو الأبقار أو الأغنام فضجت الملائكة في السموات وقالوا: صدق الله إذ سماك الخليل لأنه مع أن الله أعطاه المال الكثير إلا إنه لم ينشغل به عن ذكر العلي الكبير 55555555
منقول من كتاب :الخطب الإلهامية فى الحج وعيد الأضحى 
[1] رواه الطبراني في الكبير عن أبي عتبة الخولاني

للمطالعة والتحميل أضغط :
الخطب الإلهامية فى الحج وعيد الأضحى 

55

كنوز سماوية وكنوز أرضية للشيخ/ فوزى محمد أبو زيد

الزلفى والتقريب للشيخ/ فوزى محمد أبو زيد

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

أين المسلم المعاصر من الإسلام ؟



خطبة جمعة لفضيلة العالم الربانى الشيخ / فوزى محمد أبوزيد
رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله تعالى 

الحمد لله رب العالمين، شرح صدورنا للإيمان،
وأهّل قلوبنا لتنزلات القرآن، وأكرمنا بفضله ونعمته
 فجعلنا نتأسّى فى أحوالنا بالنبى العدنان.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له،

أنزل هذا الدين نجاة لنا وللبشرية، من الظلمات الكفريَّة، ومن الموجات الإلحاديَّة، ومن ظلمة الحكام للبريَّة، فكان دين الإسلام نجاة للدنيا كلِّها بل ولبنى الإنسان. وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، النبىُّ الذى خلَّقه الله بأخلاقه، وجعل أمره كلَّه على المودّة والرحمة، واللِّين والمحبَّة، فأظهر حقيقة الدين، وبيَّن لنا مراد رب العالمين منا أجمعين، فصَلُحَ به الخلق،
 ووصل بذلك إلى رضاء رب العالمين.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد،
الذى كانت أشعة أخلاقه القرآنية تنفذ إلى القلوب،
 فتطهرها من جميع العيوب، وتجعلها تؤمن بصدقٍ بحضرة علاَّم الغيوب.
صلِّ الله عليه، وعلى آله وصحبه، وكلِّ مَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،
 وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين .. يا رب العالمين. 

أما بعد .. فيا أيها الأخوة المؤمنون:
نحن جميعاً الآن - حُماة الإسلام - فى مفترق طرق، والعالم كلُّه ينظر إلينا الآن، ينظر إلينا على أننا مسلمين - ولا يعرف من حقيقة هذا الدِّين،
إلا ما يراه من أوصاف المسلمين، وسلوكيات المسلمين، وتعاملات المسلمين،
وأحوال المسلمين مع بعضهم فى مجتمعاتهم.

فأنتم العارضون لجمال ومكارم هذا الدِّين.
ما الذى ينبغى علينا جميعاً الآن نحو دِيننا؟
ونحو إلهنا؟ ونحو قرآننا؟ ونحو نبيِّنا؟ ونحو إخواننا؟
ونحو أنفسنا؟ ونحو الخلق أجمعين؟

العالمُ لم يرَ فى هذه الآونة الماضية إلا مظهراً شكلياً لهذا الدِّين، تحلىّ به بعض المنتسبين للإسلام فى المظهر، وفى الجلباب، وفى السواك وفى النقاب،
فى الشكليات وهى مظهرٌ جميلٌ لظاهر هذا الدِّين، لكن ليست هى كلُّ الدين. جوهر الدين هو الذى يجذب غير المسلمين إلى جمال وكمال هذا الدين.
يريدون أن يروا أخلاق القرآن ظاهرة وماثلة،
وموجودة ومشهودة، فى الشوارع وفى المنازل،

وفى الطرقات وفى المجتمعات، وقد تجمل به المسلمون.
 يريدون
 أن يروا صدق الكلمة، والوفاء بالعهد والمودة،
 والتراحم والتعاطف 
والشفقة، والحنان والحب. 
وهذه الصفات ذكرها القرآن، وجاء بها النبى العدنان،
 وكان على هَدْيِها ومُتخلقاً بها فى كل وقت وآن،
ولذلك يقول له ربُّه عزَّ وجلّ: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ (159-آل عمران). بماذا أرسله؟ بالرحمة لجميع خلق الله، وفسّر هذا فقال: { إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ }

جمال هذا الدِّين سطع على سيِّد الأولين والآخرين، ومنه انتقل إلى أصحابه والتابعين، والسلف الصالح أجمعين، فدخل الناس فى دين الله أفواجاً
بدون خطب ولا شرائط، ولا فضائيات ولا كلمات، 
ولا كتب ولا مراجع، وإنما نَظَرَ الخَلْقُ إلى هديهم،
وإلى سَمْتِهم، وإلى أخلاقهم وإلى سلوكياتهم،
فأعجبوا بهذا الدِّين الذى أسس هؤلاء الأفراد،
فدخل أهل أندونيسيا، وأهل جُزر الملايو،
وأهل أفريقيا وغيرهم، فى دين الله أفواجاً

لما رأوه من العارضين لهذا الدِّين.
فهذا هو المظهر الإلهىّ الذى أمر الله أن يكون عليه أتباع هذا الدِّين.
 لكن إذا نظر أهل الغرب الآن إلى المسلمين فيما بينهم وبين بعضهم،
 من غشٍّ، وتطفيف فى المكيال والميزان، وكذب لا ينفكّ 

واحدٌ عنه فى كل وقتٍ وآن، وخيانة للعهد، وشقاق ونفاق، وكُره وبُغض وأحقاد وأحساد، واستيلاء القوى على الضعيف، وقطع للطرقات، وقضاء على الاقتصاد الذى أوشك على الممات، ولا يرحمون أنفسهم ولا ينظرون إلى المهمَّة التى كلَّفهم بها ربُّهم،وأمرهم أن يكونوا عليها نبيُّهم.

ماذا يقولون عن الإسلام الآن عندما يرون جماعة المسلمين وقد تركنا كل ما كان عليه النبىُّ وصحابته الكرام، وتدثّرنا ولبسنا أخلاق الشياطين اللئام؟ قلّ ونَدُرَ أن تنظر إلى طائفة من المسلمين إلا وتجدهم يعيبون على بعضهم!! ويُشكّكون فى نوايا وسلوكيات إخوانهم!! ويتعدُون بالألفاظ البذيئة على أئمتهم وكُبرائهم!! 

هل هذا من أخلاق هذا الدِّين؟ إننا بذلك نُسيء إلى أنفسنا، ونُسئ إلى دِيننا، ونُسئ إلى نبيِّنا، ونُسئ إلى كتابنا، لأننا أخذنا من الدين القشور وتركنا
الجوهر المُمتلئ بالنور، الذى هو كالشمس 

التى تجذب الخلق إلى هذا الدِّين، وهو الدِّينُ الحقّ.
المسلم فى هذا الزمان مهمته ثقيلة، لأن البعض يقول: مثلى مثل بقية المسلمين - أنا زيّى زيّ بقية الناس - والنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلمّ حذّر من هذا
 وقال: {لاَ تَكُونُوا إمَّعَةً، تَقُولُونَ: إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإنْ أَسَاؤُوا أَنْ لاَ تَظْلِمُوا}.
لا تقُل: أنا مع الناس، ولكن قُل : أنا مع ربِّ الناس، وأنا مع خير كتاب أنزله ربُّ الناس. قُل: أنا على عهد خير نبىٍّ اختاره الله عزَّ وجلَّ للناس، قُل:
 أنا على هَدْىِ الصحابة الذين أحسنوا متابعته فأثنى الله عليهم وذكرهم فى كتاب الله، وقال فى شأنهم مُجلِّياً ومبيِّناً أوصافهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾، أشدَّاء غلاظٌ قُساة، على من؟ ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ﴾ -
وفيما بينهم وبين إخوانهم: الرحمة والمودّة والألفة، والتوادد والتحابب،
والتآخى والتزاور فى الله، والبذل فى الله، والعمل على مرضاة الله جلَّ فى عُلاه، والسعى فى قضاء حوائج إخوانهم طلباً لمرضاة الله: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾
 (29-الفتح).أبدلنا آيات الله وأصبحت الشدّة من بعضنا على بعض، لا يرحم التاجر المُشترى فيزيد أجره ومكسبه أضعافاً مُضاعفة، ولا يرحم الصانع من طلبه فيجعل الأجر أضعافاً مضاعفة، وَلَيْتَهُ يُتقن صنعته ويعمل بقول الحبيب:
 { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يتْقِنَهُ }.

لا يرحم الطبيب المريض، فلو قيل له: إن رجلاً بالعيادة على وشك الموت لا يأذن له بالدخول حتى يدفع الروشتة للطبيب، مع أنه أخٌ فى الإيمان وأخٌ فى الإسلام!!
 
لا يرحم المدّرس تلميذه ويرفض أن ينطق ببنت شفة فى عمله الذى يأخذ أجره عليه، ويقول: من أراد أن ينجح فى مادتى فليذهب إلى عيادتى!! يريد ان يُحوّلهم إلى المنازل ليتكسّب منهم الآثام والذنوب العظام!! 

لا يرحم المحامى من لجأ إليه ليدافع عن قضيته، فإنه يحاول ابتزازه
 بقدر طاقته، وكلما أوشك الأمر على الحُكم النهائى تدّخل ليطيل الأمر
 ويُطيل الإبتزاز، بل وربما يأخذ من الشاكى ويأخذ من المشكو!!
 وهذا أمرٌ فيه غُلوّ يتنافى مع هذا الدِّين.

نستطيع أن نقيس على هذه الأمور التى سرت فى مجتمعنا، حتى أصبحنا جميعاً نتململ من حياتنا، ونشكوا مجتمعنا مع أننا لا نسكن فى تل أبيب
ولا فى واشنطن، ولكن نسكن فى مصر وفى
القاهرة - بلد الأزهر الشريف، وبلد المساجد التى
لا تُحدّ ولا تُعدّ، بلد القرآن، بلد العلماء الذين نشروا هَدْىَ الدِّين فى كل مكان.

أين الدِّين مِنَّا جماعة المؤمنين؟!!! أفى الصلاة؟!!
أو فى الركعات؟!! أو فى الصيام وتلاوة القرآن والذكر فقط؟!! هل هذا هو الدين؟!!! الدين أخلاق يا جماعة المؤمنين، الدين سلوكيات طيِّبة دعا إليها سيِّد المرسلين، اسمعوا وهو يقول - من هو المسلم؟!!! فماذا يقول؟ لم يقل: المسلم من صلَّى وصام وزكّى وحج، وإنما قال قولٌ واحد:
{ المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ }.


أين هو المسلم الآن؟ قلَّ وَنَدَر، كثيرٌ من المسلمين يحافظون على فرائض الله، لكنهم - وهذه مشكلة العصر وآفة الزمان - فرقّوا بين طاعة الله - واعتقدوا أنها هى الدين - والأخلاق والمعاملات والسلوكيات،
 وكل واحدٍ منهم مشى على هواه ومايريد تحقيقه من مناه،
وظنّ أنه يُرضى ربَّه على العبادات التى كلَّفه بها الله،
مع أن النبىَّ صلى الله عليه وسلمّ حكم فى هذا الأمر حُكماً صريحاً
عندما قيل له: {إن فلانة تصلّي الليل وتصوم النهار
 وفي لسانها شيءٌ يؤذي جيرانها سليطة، قال:
لا خَيْرَ فيها، هِيَ في النّارِ}.

الدِّينُ ليس قاصراً على العبادات، ولكن الدِّين جعل
حقًّا لله وحقوقاً للخلق، وكلها فى دين الله. حق الله: هو الصلاة، والصيام، والحج، وحقوق عباد الله: هى الزكاة، والأخلاق الكريمة،
والمعاملات الحسنة التى على منهج كتاب الله،
 والتى كان عليها سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

قال صلى الله عليه وسلمّ: { إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَخْلَصَ هذَا الدينَ لِنَفْسِهِ، وَلاَ يَصْلُحُ لِدِينِكُمْ إِلاَّ السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ، فَزَينُوا دِينَكُمْ بِهِمَا }، وقال صلى الله عليه وسلمّ : ( التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب لا ذنب له )
أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين الذى أمرنا بطاعته ونهانا عن عصيانه ومخالفة امره فقال عزّ شأنه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ (15-الجاثية). وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنزل شِرْعَةً ومنهاجاً فيهما صلاح القلوب، وصفاء النفوس، وصلاح أحوال الخلق فى الدنيا، 
وسعادتهم يوم الدين. قال عزّ شأنه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (97-النحل). وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقه وخليلُه، أقام الله عزَّ وجلَّ به الملةّ السمحاء، وجعله صلى الله عليه وسلَّم إماماً للأتقياء والسعداء، وشفيعاً للمؤمنين والأتقياء يوم العرض والجزاء. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وآله الطيبين، وصحابته المباركين، وكل من اهتدى بِهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين .. يا رب العالمين.
فيا أيها الأخوة جماعة المؤمنين:

إن العالم كله ينظر إلى تجربتنا التى نحن فيها الآن، وقد اخترنا - والحمد لله - الإسلام والمنهج الإسلامى، فهل سَنُقَوِّمُ به اقتصادنا؟ هل سنصلح به أخلاقنا فى مجتمعنا؟ هل سيعُمّ الخير بلادنا؟ إن سيدنا عمر بن عبد العزيز طبّق المنهج الإلهى فى عامين ونصف. ماذا كانت النتيجة؟

من الناحية الإقتصادية: فاض المال، حتى أن الرجل كان يأخذ زكاة ماله فى حِجره فلا يجد من يأخذها منه، فيُعطيها لبيت المال ليُنفقها حيث يريد. ما الذى فعله لحلّ المشاكل بالزكاة؟
قضى على الفقر، ولم يبقَ هناك فقيرٌ واحدٌ فى مملكته، وكانوا إلى جانب الفقر أعزّة بالله، يُبرؤون دين الله عن التسوّل، لا يقفون خارج أبواب المساجد وينتظرون العطاء، ولكن يسعون إلى العمل لأنهم شُرفاء، وينتظرون - على الأجر القليل - البركة من السماء، لأن الله وعد المؤمنين - على القليل - أن يبارك فى القليل فيُغنى عن الكثير. 

أما التسوّل فقد قال فيه حضرة النبىِّ: { مَنْ سَأَلَ، وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ، جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشًا، أَوْ خُمُوشًا، أَوْ كُدُوحًا، فِي وَجْهِهِ }. علامة يُفتضح بها أمام الخلق أنه كان يُسيئ بفعله إلى هذا الدِّين، ويتسوّل ويشحذ مع أنه لا يحتاج إلى ذلك، ولو استغنى بالله لكفاه أغنياء وأثرياء المسلمين وهو فى موضعه ومكانه، لأنه واثق فى ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ.
فلما قضى على مشكلة الفقر قضى بعدها على 
مشكلة الأميّة، وأصدر أوامره بأن يكون فى كل مسجد من مساجد المسلمين مُعلِّماً يُعلمّ نساءً ورجالاً القراءة والكتابة، وأحضروا لهم الألواح والأقلام من أموال الزكاة، حتى لم يَعُدْ بعد فى أمّة المسلمين على إمتدادها من المغرب إلى حدود الصين - وكانت هذه هى دولته - لم يعد فيها إمراةٌ ولا رجلٌ أمّىٌّ أو أمّيَّةٌ لا يقرأ ولا يكتب.
بعد ذلك مهَّد الطرق، ولم يكن هناك الوسائل العصرية التى تُمّهد الطرق!! مهّد الطرق فى كل أرجاء هذه المملكة، وجعل على كل مرحلة داراً للضيافة فيها طاهٍ يطهو الطعام، ويُطعم مَنْ حَلَّ به من المسافرين - لوجه الله، وفيها مكانٌ للنوم ينام ويستريح فيه -
 إن أراد الراحة، حتى جعل فيها مكاناً لعلف الدَّواب - لأنها كانت مراكبهم - يُطعم دابته من هذا العلف، والأجر عند الله عزَّ وجلَّ. وكل ذلك من أموال الزكاة.
لم يقطعوا الطرق - كما نفعل الآن!!! - على إخوانهم المسلمين، فكل يومٍ نسمع عن المسلمين قاموا فى الطريق، يقطعون الطريق على مَنْ؟ أعلى اليهود؟ أم على الكفار والمشركين؟ على إخوانهم الفقراء الذين لهم مصالح!! باسم الحريّة - وأىُّ حُرِّية؟! أهذا على شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلمّ؟!! إذا كان ديننا يجعل الإيمان أعلاه لا إله إلا الله، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، ونحن نقطع الطريق!! وندّعى الإسلام والإيمان؟!! 

ولما انتهى من مشكلة الأميّة انتقل إلى مشكلة العزوبة - أى عدم الزواج - التى تفاقمت الآن إلى حدّ كبير، فأمر بتزويد الشباب من أموال الزكاة. يخطب الفتاة التى تروق له، وبيت المال يقوم بتجهيزه ويثزوّج من مال الزكاة.
حلّ كل مشاكل الأمَّة من بند واحدٍ، وهو بند الزكاة، فما بالكم بالبنود الأخرى من اقتصاد الأمّة، التى إذا قام القائمون بها على وجه الصواب جعل الله عزَّ وجلَّ هذه البقاع كلها فى خير تام؟ ولا يحتاجون إلى ما يفيض به اللئام والكفار والغُرماء أجمعين.لكن الذى نحن في أمسِّ الحاجة إليه الآن، هو أن نكون مُعتمدين على أنفسنا - كما نحتاج إليهم فى إقتصادنا - ولا نقول فى كل صباح ومساء: لم تأتِ المعونات بعد، ولماذا ننتظر المعونات ولا نعمل ونتكاسل ونتباطأ؟ 

نحتاج أيضاً ألا نلجأ إلى الإستيراد إلا ما نحتاج إليه، يقوم شبابنا بالإستقامة مع الله، ويتوسعون فى دراسة علوم الحياة، ويخترعون ما يُغنينا عن الإستيراد من هؤلاء، فنكون قد أرضينا الله، وأقمنا دين الله، والحقُّ عزَّ وجلَّ فى ذلك الوقت يُساعدنا وينصرنا، لأنه قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ ﴾ (96-الأعراف).
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُصلح أحوالنا، وأحوال إخواننا، وأحوال مجتمعنا، وأحوال من قاموا بمسئولياتنا، وأن يُصلح الراعى والرعية، ويُصلح إخواننا المسلمين أجمعين، حُكاماً ومحكومين، ورؤساء ومرؤوسين، وأن يجعلنا على أخلاق القرآن ناهجين، وبالتأسّى بالحبيب
 صلى الله عليه وسلمّ أخذين، وأن يجعل وجهتنا فى كل أحوالنا هى رضاء الله، وأن يجعلنا نتوخَّى فى كل عملٍ الإخلاص فى هذا العمل ابتغاء وجه الله، وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ مجيبُ الدعوات، يارب العالمين.
عباد الله: اتقوا الله، ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
 (90-النحل).
                            http://www.fawzyabuzeid.com
 الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد


الأحد، 21 أكتوبر 2012

زمردة الجنة


{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} وبوَّأ أي كشف وأظهر وكان البيت بعد طوفان نوح قد عفا عليه التراب وطمسه فأظهر الله البيت لإبراهيم – كيف؟ أرسل سحابة استقرت فوق البيت وأمر إبراهيم أن يخطط علي ظلها جدران هذا البيت ثم أظهر الله له الأساس بأن أرسل ريحاً حملت الأحجار والأتربة التي تراكمت علي أساس البيت .. حتى ظهر أساس البيت الذي
بنته ملائكة الله في البدء ورفع إبراهيم الأساس
ولما ارتفع الأساس وأصبح علي ظهر الأرض
أمره الله أن يجعل هذه الزمردة التي أتي بها جبريل من الجنة في ركن من أركان البيت لتكون علامة يبدأ منها الطائفون حول البيت وقد ذهب سيدنا عمر بن الخطاب يوماُ إلي هذا الحجر وقبله وأراد أن يبين ما فيه لمن حوله فقال 
{إني أعلمُ أنكَ حجرٌ لا تَضُرُّ ولا تَنفعُ ولولا أني رأيتُ النبيَّ يقبِّلُكَ ما قبَّلْتُكَ}[1] فقال الإمام علي {بلى إنه يضر وينفع وإن الله لما أخذ المواثيق على بني آدم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى كتب ذلك في كتاب وأودعه
الحجر الأسود فهو يشهد بما فيه }[2]

وكما قلنا فإنه ياقوتة من الجنة[3]ولذلك لا تؤثر فيه حرارة الشمس ولو ألقي في النار لا تؤثر فيه، ولا يسخن، ولا يغطس أو يغرق في الماء،
إذا ألقي فيه وإنما يطفو وهي خاصية 
لا توجد إلا في هذا الحجر وهي علاماته ولذلك عندما سرقه القرامطة من قبل
ودولة القرامطة كان منها على الإسلام
مصائب هائلة وكان ابتداء أمرهم سنة 278
في خلافة المعتمد واستمر حوالي مائة سنة.
وأول من ظهر منهم رجل قدم من خورستان إلى الكوفة ومرض بها فمرضه رجل يقال له " كرميته " لحمرة عينيه وهو بالنبطية اسم لحمرة العين فلما شفي من مرضه سمي باسم ذلك الرجل
كرميته ثم حُرِف فقالوا قرمط ثم القرامطة 
وعندما قوت شوكتهم جاءوا يوم عرفة سنة 317 والمسلمون على عرفات ولا يوجد إلا نفر قليل حول البيت الحرام فقتلوهم وارتكبوا فظائع جمة واقتلعوا الحجر وأخذوه إلي هجر أو حضرموت
ليضعوه في بيت بنوه هناك وقد حمله خلال
هذه المسافة أربعون جملاً فكلما حمله جمل
ومشي به قليلاً يموت فيأتون بآخر وهكذا حتى وصلوا الألف جمل وقد أبتلى الله الرجل
الذي تولى كبر أمرهم ويدعى أبو طاهر الخبيث
بالآكلة فصار يتناثر لحمه بالدود وتقطعت
أوصاله وطال عذابه ومات أشقى ميتة
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى وظل الحجر 
في حوزتهم ثلاثة وعشرين سنة كما يُروى ثم ساومهم بعد ذلك الخليفة العباسي
من أجل الحجر وجاءوا بالحجر فأشار عليه
من حوله أنه ربما قد جاءوا بحجر يشابهه
فجمع العلماء فقالوا: أن له صفات أعلمنا
بها سيد السادات صلي الله عليه وسلم
قال ما هذه الصفات؟قالوا لا يسخن إذا ألقي
في النار ولا يغطس إذا ألقي في الماء
قال أحضروا الحجر فاختبروه فعلموا أنه الحجر الذي نزل به جبريل للخليل 

فقال زعيم القرامطة: إن ديناً بلغ به الأمر أن يضع حتى علامات للحجر فلا يستطيع أحد
تغييره ولا تبديله لهو الدين الحق هذا بالإضافة
إلي أن هذا الحجر به كاميرا نورانية ربانية
تسجل من يمر أمامه أو يشير إليه 
منذ وضع إلي يوم الدين وسيأتي يوم القيامة كما قال صلي الله عليه وسلم في شأنه
في أحاديث عدة {يبعث الله الحجر الأسود
يوم القيامة وله عينان يبصر بهما 
ولسان طلق يشهد لمن استلمه بالوفاء}[4] { يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلَ أُحُدٍ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا}[5]
وهذه عظمة من يقول للشيء كن فيكون وهذا الحجر به العهد والميثاق وهي 
شهادة الضمان التي أخرجها الرحمن
لعباد الرحمن بأن عندهم قلب سليم وروح هفافة شفافة وسر يطلع علي
العوالم العلوية وروح تواجه رب البرية
إذا حافظ الإنسان علي هذا الصفاء وعلي هذا النقاء.
منقول من كتاب : موازين الصادقين
لفضيلة الشيخ/ فوزى محمد أبوزيد



[1] عن عُمرَ صحيح البخاري
[2] حدث به بن العربى في عارضة الأحوذى.
[3] إشارة إلى قوله {الْحَجَرُ الأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ
بَيْضَاءُ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ} ابن خزيمة عن
ابن عبَّاسٍ (جامع الأحاديث والمراسيل)
[4] المحدث أبو نعيم عن عبد الله بن عباس
المصدر : حلية الأولياء.
[5] ابن خزيمة عن ابن عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا.
(جامع الأحاديث والمراسيل)

للمطالعة والتحميل اضغط هنا 





السبت، 13 أكتوبر 2012

الحكمة العالية من العبادات


الغاية السامية من العبادات

عندما فرض الله علينا الحج قال لخليله
{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}
وما الحكمة؟{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم}
حكمتين اثنتين: الحكمة الأولى
{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}
أي جهزها الله لهم
في تلك الأماكن وهي منافع عاجلة
ومنافع آجلة أما المنافع العاجلة
فهي أن يتوب عليهم ويغفر لهم ذنوبهم 

ويردهم كما ولدتهم أمهاتهم خالصين من الذنوب والخطايا مستورين ومجبورين من الآثام والعيوب ويستجيب دعائهم ويصلح أحوالهم ويجيبهم في أحبابهم فقد قال النبي
{يُغْفَرُ لِلْحَاج وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ} [1]
والهدف المشترك بين جميع العبادات
{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم} 
ولم يكتف بأن هذه هي الحكمة العالية
والغاية السامية من تلك العبادات الراقية
ولم يكتف بالتنبيه عنها وكلها في تلك الآية بل في
كل خطوة من خطوات الحاج يذكرهم بتلك الحكمة 

فعندما ينزلوا من عرفات يقول الله لهم جميعاً{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} فمرة يقول {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}
ومرة يقول {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}

أي اجعلوا ذكر الله هو الغاية العظمى
فالغاية العظمى من الحج في كل خطواته
وحركاته وسكناته هي ذكر الله
وكذلك الصلاة فيقول فيها الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ
فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فهو ذكر الله 

وذكر الله هنا التذكير فهو في هذا الموقف
التذكير بالوعد والوعيد والجنة والنار في الطاعات والقربات بآيات من كتاب الله وبأحاديث رسول الله
من باب فضل الله{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
و {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} 
والصلاة فيها ذكر الله فيها التحميد والتكبير
والتهليل وفيها تلاوة كتاب الله وكلها في
حركات الصلاة وكل حركة من حركاتها لها ذكر
مخصوص يحب أن يسمعه الله من عباده المؤمنين
{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ
وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} 
فكلها أحوال ذكر وكذلك الصيام فالهدف منه {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} يعني من العبادات الجسمانية الهدف منها آية الذكر وقد علمنا النبي أنه ما أقيمت الصلاة وما فرض الصيام ولا نُسك الحاج إلا لذكر الله لماذا؟ 
ليعرفنا أن الدرجة الأولى في حياتنا هو ذكره وليس هناك نهاية لنعم الله فلو حاول الواحد فينا أن يعد نعم الله عليه في نفس واحد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً
{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}نعمة واحدة
إذا كانت ظاهرة أو باطنه بل نعمة واحدة
من نعم الواحد كنعمة البصر أو السمع أو الكلام
أو العقل أو الحركة أو القدرة أوالإرادة أو الحياة أو الرزق نعم ليس لها نهاية نعمة واحدة منها

لا يستطيع الواحد أن يحدها أو يحصرها
من معطيها لكنه طلب منا أن نذكره على ذلك
وطلب منا أن نشكره على ذلك

فإذا قمت من نومي وقد وهبني الحياة بعدما كنت في نومي كالأموات كما ذكر الله{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} عندما أقوم من نومي وقد وهب لي الحياة لابد أن أشكره وأذكره وأقول كما علمني الرسول
{ الْحَمْدُ لّلهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[2] فأشكره على أن وهب لي الحياة 
وإذا نظرت إلى نعمة الأكل أذكره وأشكره وأقول
{الـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَنـي هذا ورَزَقَنِـيهِ
مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ منِّـي ولا قُوَّة}[3] وإذا أعطاني ماءاً أقول{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْباً فُرَاتاً بِرَحْمَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِلْحاً أُجَاجاً بِذُنُوبِنَا}[4]
أي نعمة من 
النعم 
حتى نعمة الشهوة عندما انتهي منها أقول
{الحمد لله الذي جعل من الماء نسباً وصهراً
وكان ربك قديراً} لازم الإنسان يشكر الله على
نعمائه هي صحيح كلمات وليست شكراً وافراً ولا شكراً إيجابي لكن الله يقبلها منا ويدخرها لنا 

ويعطينا عليها من الأجر ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر 
إذاً كل العبادات يا إخواني تهدف إلى ذكر الله
وليس حلقات الذكر فقط هي الذكر لكن ذكر الله حسب الحالة التي أوجدني عليها الله وحسب النعمة التي ساقها إلي الله حتى ولو نزل بي غم أو نزلت بي مصيبة وهي في نظري مصيبة لكنها في الحقيقة 
نعمة من الله وبعدها تمر علي أتحدث على أنها نعمة من الله حتى هذه النعمة علمني رسول الله أن أشكر الله عليها ماذا علمني؟ {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إذَا أَتَاهُ الأَمْرُ يُعْجِبُهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ المُتَفَضِّلِ الَّذِي بِنِعْمَتِه تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ وَإذَا أَتَاهُ الأَمْرُ مِمَّا يَكْرَهُ قَالَ:الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى كُلِّ حَالٍ}[5] ساعة النعمة أقول الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وهذا يعني أن النعمة التي جاءت ليست بشطارتي أو بمهارتي أو بذكائي
أو بمالي أو بقوتي لكنها تمت بنعمة الله ومعونة الله وتوفيق الله وإذا جاءت مصيبة في نظري فهي نعمة لكن لا أعلمها الآن لقول الله{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}

[1] رواه البزار والطبراني في الصغير عن أبي هريرة[2] رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحة عن أبي ذر وحذيفة[3] رواه صاحب مسند الشاميين عن أنس[4] جامع المسانيد والمراسيل عن أبى جعفر مرسلا[5] رواه ابن ماجة في زوائده والبيهقي في الدعوات والحاكم في المستدرك عن عائشة وأبو هريرة
منقول من كتاب : الخطب الإلهامية فى الحج وعيد الأضحى لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد 
للمطالعة والتحميل أضغط :
الخطب الإلهامية فى الحج وعيد الأضحى