Disqus for ومضات إيمانية

الجمعة، 3 يناير 2020

هل الرأس الشريف في المسجد الحسيني في القاهرة أم في عسقلان؟


المسجد الحسيني !
قرر الخديوي إسماعيل تجديد بنائه ، ولكن بلا ضريح؛ بسبب الخلاف التاريخي حول وجود الرأس الشريفة، والتاريخ يقول: إنها في عسقلان!

وأرسل إلى علماء الأزهر يستشيرهم، فقالوا: نتأكد من ذلك، فإن لم توجد الرأس بنيته مسجدا بلا ضريح!
فحدد لهم موعدا، وحضر الخديوي بنفسه والحاشية الخديوية وبعض علماء الأزهر، وشهد اثنان من العلماء المعمرين عملية الحفر والتنقيب، وهما الشيخ خليفة البحراوي، والشيخ إبراهيم الشرقاوي، فلما حفروا وجدوا ثلاثة أو أربعة قوالب، هبت منها رائحة زكية، حتى انتقلت إلى الأحياء المجاورة، فنهض الخديوي من كرسيه، وصرخ قائلا: اكتفيت، اكتفيت، والله اكتفيت، ويشير بيده، ويرددها بالعربية والتركية!
وبقيت حاشية الخديوي في كراسيها، كأنما أصابها سهم!
وخرج الشيخ البحراوي وهو يصرخ قائلا: رأس، رأس، رأس!
وظل يرددها سنة، حتى مات!
وكذلك الشيخ الشرقاوي، خرج وهو يقول: دم، دم، دم!
وظل يرددها أقل من سنة حتى مات!
فأجرى الخديوي عليهما راتبهما بعد أن ماتا، إكراما لهما!
وبقي الشيخ حسن العدوي الحمزاوي - الكائن ضريحه خلف المسجد الحسيني - في بيته تلك الليلة، وهو يقول: (حي)، وأقسم بالله أنه لم يذق شيئا في تلك الليلة حتى يظهر الله الحق!
وكذلك اعتزل الشيخ عليش في بيته، والشيخ الإبياري الكبير!
وبني المسجد الحسيني بشكله الحالي، مشتملا على الضريح، في عهد الخديوي إسماعيل عام 1292 للهجرة، وافتتحه الخديوي توفيق، وكتب محضر بهذه الواقعة، وهذه شهادة الشيخ المعمر محمد عبد الله العربي، أحد شهود الواقعة من علماء الأزهر الشريف، وكان عمره إذ ذاك اثنتين وأربعين سنة، وهي توافق نفس شهادة الشيخ منصور الرفاعي عبيد، في مقابلته مع الإعلامي طارق علام .

الخميس، 2 يناير 2020

الجيش المصري يسحق الجيش العثماني



على مدار 6 سنوات كاملة.. راحت الدولة العثمانية تكوّن جيش هائل مخيف، بقدرات عسكرية رهيبة، وتقوم مناورات تدريبية أوروبية مكثفة.. وأقلق الجيش العثماني الجديد النمسا نفسها، فأرسلت إلى إنجلترا تحذرها من تبعات امتلاك العثمانيين لذلك الجيش، لكن إنجلترا طمأنتها بأن "محمود الثاني" حليف لأوروبا من الآن فصاعدًا.. وقد أدرك أن الخطر يأتيه من مصر.
وفي الوقت نفسه، أرسل السلطان العثماني كتّابه وخطبائه يحرضوا أهل الشام ضد حكم "محمد علي".. ويثيروا الناس ضده، وبتقوم بالفعل ثورة عدة مرات في فلسطين، بيخمدها "إبراهيم باشا"، لحد ما بتحين اللحظة وبتأتي ساعة الحقيقة.
العام 1839.
العام اللي قرر فيه العسكريين الأوروبيين والدولة العثمانية، أن الجيش العثماني أصبح جاهز مستعد للحرب.
وفي أول مارس من العام 1839، بينتهز السلطان العثماني "محمود الثاني"، قيام ثورة جديدة من أهل فلسطين، ضد نظام التجنيد الإجباري المصري، وبيتحرك ما يقارب الربع مليون جندي بكامل عدتهم وعتادهم ومدفعيتهم وفرسانهم، وبنادقهم الأوربية الحديثة المتطورة.. جيش لم تمتلك الدولة العثمانية قط مثله، لدرجة أن بعض المؤرخين قالوا عنه:
"لم تحظ السلطنة العثمانية قط، منذ أن أطلت أوروبا برأسها في الشرق، بجيش أقوى ولا أفضل ولا خير تدريبًا ولا تجهيزًا من ذلك الجيش".
وبيزحف الجيش الرهيب عبر الأناضول، تحت قيادة السرعسكر "حافظ باشا"، بتعليمات محددة صارمة.. استرداد الشام، واقتحام القاهرة والسيطرة على مصر، والتخلص من "محمد علي" وابنه "إبراهيم"، مهما كان الثمن.
وبيبلغ الأمر لـ"إبراهيم باشا" فبيطلب من والده "محمد علي" الإذن في عبور الحدود، وايقاف الجيش العثماني، لكن "محمد علي" بيطلب منه الإنتظار، عشان ما تبانش مصر بأي شكل كان، بمظهر المعتدي.
وفي "غازي عنتاب" على الحدود السورية، بيعسكر الجيش العثماني، ويرص مدفعيته ويحفر خنادق مضادة للخيول.. وفي العشر الأواخر من يونيو من العام نفسه، بيعلن السلطان العثماني الحرب على الدولة المصرية، وهنا فقط، بيصدر أمر "محمد علي" إلى ابنه "إبراهيم" باشا، بمهاجمة القوات العثمانية.
بيتحرك "إبراهيم" بدوره، ويصل بجنوده إلى خط المواجهة.. بعد رحلة طويلة، تحت أشعة شمس يونيو الحارقة، اللي أرهقت جنوده، بينما كان العثمانيين في "غازي عنتاب" في راحة لمدة تزيد عن الشهر.
وبيحتشد الجمعان، ويقف السرعسكر "حافظ باشا" وجهًا لوجه، على رأس ربع مليون جندي، بينهم أربعين ألف عثماني، والباقين من أصقاع أوروبا.. ضد 40 ألف جندي مصري، تحت قيادة واحد من أبرع القادة العسكريين الذين عرفهم العالم عبر تاريخه، حتى لحظة كتابة هذه السطور.
وفي ليلة 21 يونيو، من العام 1839، بتبدأ المعركة.. ونافست قذائف المدفعية العثمانية المتطورة المتوهجة، ضوء القمر الفضي الشاحب.. وهوت قذائف المدفعية العثمانية الثقيلة، على ألوية الفرسان المصرية، وقتلت كثيرًا من الجنود.. وأصيب "إبراهيم باشا" نفسه، بعشرات الشظايا، وسال الدم من جبهته ليحيل لحيته الشائبة إلى اللون الأحمر، وسقط من فوق فرسه.. فأمر "سليمان باشا الفرنساوي" فرقته بتغطيته، وتقدم في جسارة، وترجل عن حصانه، وأنقذ "إبراهيم"، ثم اصدر الأمر بالانسحاب.
وانسحب الجيش المصري لأول مرة في التاريخ، في مواجهة مع العثمانيين، إلى حافة مدينة نزيب.
وفي صباح 24 يونيو، من العام نفسه، بيقف الجيشان مرة ثانية وجهًا لوجه.. وبتتحرك قوائم جواد "إبراهيم باشا" الجريح، رافعًا سيفه، معطيًا إشارة الهجوم.. وبتنطلق من خلفه ألوية الفرسان المصرية، عشان تلتقي العقيدة العسكرية الوطنية، بالتقنيات والعتاد الأوربي الحديث، ويصطدم التحضر بالهمجية، والرقي بالتخلف، والفروسية بالحقارة، والنبل بالوضاعة، والنور بالظلام.. وبتحتبس أنفاس التاريخ، وهو يرقب حوافر الخيول المصرية، تضرب الأرض وتقدح بحدواتها الشرر، في مدينة "نزيب" التركية، بمحافظة عنتاب.
وبيلتحم الجيشان في معركة هائلة عنيفة، وتسيل الدماء على الرمال، ومكانش العثمانيين متوقعين النتيجة السريعة التي حدثت.
الجيش العثماني الهائل انسحق سحقًا على يد "إبراهيم باشا"، وأصيب بهزيمة فادحة مروعة، وكارثة حقيقية، إذ كاد الجيش المصري أنه يبيد الجيش العثماني عن بكرة أبيه حتى آخر جندي، وبيفضل 20 الف جندي عثماني فقط، على قيد الحياة، وبيأسر "إبراهيم" 12 الف ضابط وجندي.. مع سلاح وعتاد عثماني هائل.. لم يغنم مثله من قبل.
وبيسقط الجيش العثماني، وينهار تمامًا.. وبتصبح الدولة العثمانية فعليًا بلا أية قوات، أو جيوش تحميها.
وللمرة الثانية، في أقل من ست سنوات، بينفتح الطريق أمام الجيش المصري إلى قلب الدولة العثمانية وعاصمة السلطنة.. إلى الآستانة.
وكان السلطان العثماني "محمود الثاني" في الآستانة؛ بيذرع مجلسه جيئة وذهابًا طيلة الوقت منذ رحيل الجيش العثماني.. وكان قد أمر بإبلاغه بنتائج المعركة وتطوراتها طيلة الوقت، من ساعة إلى ساعة.. وكان خلال ذلك الوقت قد أشعل ودخن غليونه مئات المرات.. فمع التدخين المتسلسل، والقلق والتوتر والضغط العصبي، مناعته تدهورت، وأصيب بالتهاب رئوي.. فلما بلغه خبر إبادة جيشه.. احتقن وجهه.. وتلاحقت أنفاسه، وعجز عن التقاطها، و.. مات...