البشرى السادسة والسبعون
بشري من اشتاقت إليهم الجنة
وهى بشرى خاصة لقوم مخصوصين قوم تشتاق لرؤياهم الجنة إذا تجهزت أعدت وهى لفرط شوقها لهم تسعى للقائهم فهل فيكم من سمع بذلك قومٌ إذا وقفوا فى أرض الموقف العظيم سا رعت الجنة بجمالها وقصورها وحورها وحللها إليهم وتقربت منهم وفتحت لهم قصورها واستقبلتهم حورها وتقربت وازدلفت إليهم وفيهم يقول الله{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}قال فى بعضهم صلوات ربي وتسليماته عليه فى تأكيد ذلك المعنى بأمثلة {اشْتَاقَتِ الْجَنَّةُ إِلَى أَرْبَعَةٍ؛ عَلِيَ وَسَلْمَانَ وَأَبِي ذَرَ وَعَمَّارَ بْنِ يَاسِرٍ}[1] وهنا اسوق لكم بشرى خاصة لمن أراد أن يكون ممن تشتاق إليهم الجنان بما فى فى حديث النبى العدنان كاشفاً السر لماذا اشتاقت الجنة إلى أبى ذر إذ روى على فقال كما أورد الْحكيم الترمذي فِي نَوَادِرِ الأُصُولِ{ أَنَّهُ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَهُ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو ذَرَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: هُوَ أَبُو ذَرَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِينَ اللَّهِ وَتَعْرِفُونَ أَنْتُمْ أَبَا ذَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَق إِنَّ أَبَا ذَرَ أَعْرَفُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ مِنْهُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ وَإِنَّما ذٰلِكَ لِدُعَاءٍ يَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ تَعَجَّبَتِ المَلاَئِكَةُ مِنْهُ، فَادْعُ بِهِ فَاسْأَلْهُ عَنْ دُعَائِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: يَا أَبَا ذَرَ دُعَاءُ تَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ فِداكَ أَبي وَأُمي مَا سَمِعْتُهُ مِنْ بَشَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَشَرَةُ أَحْرُفٍ أَلْهَمَني رَبي إِلْهَاماً، وَأَنَا أَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، فَأُسَبِّحُهُ مَلِيًّا، وَأُهَللُهُ مَلِيًّا، وَأَحْمَدُهُ وَأُكَبرُهُ مَلِيًّا ثُمَّ أَدْعُو بِتِلْكَ عَشْرِ كَلِمَاتٍ: اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ إِيماناً دَائِماً، وَأَسْأَلُكَ قَلْباً خَاشِعاً، وَأَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً، وَأَسْأَلُكَ يَقِيناً صَادِقاً وَأَسْأَلُكَ دِيناً قَيمَاً، وَأَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُل بَلِيَّةٍ، وَأَسْأَلُكَ تمامَ الْعَافِيَةِ، وَأَسْأَلُكَ دَوَامَ الْعَافِيَةِ، وَأَسْأَلُكَ الشُّكْرَ عَلٰى الْعَافِيَةِ، وَأَسْأَلُكَ الْغِنىٰ عَنِ النَّاسِ، قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَق نَبِيًّا، لاَ يَدْعُو أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ بِهٰذَا الدُّعَاءِ إِلاَّ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ وَعَدَدِ تُرَابِ الأَرْضِ وَلاَ يَلْقٰى أَحَدٌ مِنْ أَمَّتِكَ وَفِي قَلْبِهِ هٰذَا الدُّعَاءُ إِلاَّ اشْتَاقَتْ لَهُ الْجِنَانُ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ المَلَكَانِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَنَادَتِ المَلاَئِكَةُ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ ادْخُلْ أَيَّ بَابٍ شِئْتَ }[2]ومن على شاكلتهم ومن سار على نهجهم ودربهم ومن تخلق بأخلاقهم فإن له نصيب فى أن الجنة هى التى تأتى إليه لتستقبله وتفتح له أبوابها لأنه خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب فيكون المؤمنون فى رعاية الله فى رحاب جنة الله لا يحسون يوم القيامة لا بعناء ولا بشقاء بل لا يحسون يوم القيامة بطول الموقف مع أن الله يقول فى شأنه} {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } هذه الخمسون ألف سنة يقول فيهن أهل العلم بالله تعالى{وَيَخِفُّ عَلَى الصَّالِحِينَ حَتَّى يَكُونَ كَصَلاةِ رَكْعَتَيْنِ}[3] لما يجدونه من عناية الله ورعايته ومن خصوصية الله لهم لأنهم فى الدنيا أقاموا الصلاة وأتموا الفرائض وحفظوا الجوارح من المعاصى واستعدوا ليومهم كما أمر الله بالتقوى وهى خير زاد ليوم المعاد ولذا قال أحدهم فى تلك البشرى فى أمر تقى صالح رحل عن دنياهم فشيعوه إلى مثواه الأخير فكان نعشه كأنه يجرى للقاء ربه الكريم :
ودعته لرحيمٍ رَحمةُ الرَّبِّ الكريمِ
فأغذَّ السيرَ سبْقاً فأُجْهِدِ منا الحليمِ
ومضى وهو كريمٌ عندَهُ فضل عميمِ
فمن اشْتاقَتْ لـه الفردوس أم دارٍ النّعيمِ
وعد ربى فى القران قد أزلفت للمستقيم
أو أوَّاب حفيظ تعتنقهم فى حميمِ
من كتاب : بشائر الفضل الإلهى
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175
[1]ابن عساكر عن حذيفة
[2] جامع المسانيد والمراسيل عن عَلي بن أَبي طالِبٍ رضِي اللَّهُ عنْه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق