فأراد الله عزَّ وجلَّ وهو الفعال لما يريد أن يضع أقدار ومقادير ورتب العبيد فجعل لهم خلقا جديد ينزلون به إلى هذه الحياة الدنيا ليختبر صدقهم في ترديد كلمة التوحيد ولذلك قال ربي عزَّ شأنه مبيناً سبب ما نحن جميعاً فيه
{بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} ما سبب اللبس ؟الخلق الجديد وهو ما نحن فيه الآن وهو هذا الهيكل المصنوع من عناصر الأرض من الطين ومن التراب ومن الماء المهين لأنه يميل إلى هذه العناصر ويميل إلى ما منه قد صنع وما منه أوجد فيميل إليها بالكلية ولولا حفظ ربي عزَّ وجلَّ للعطية ما استطاع واحد منا أن يحفظ هذه العطية الإلهية [فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] فكانت حكمة الله في توارد الخلق إلى هذه الدنيا بينّها وقال عزَّ شأنه [تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌالَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً] كما قال ربي عزَّ شأنه في الحقائق النورانية التي لا ترى بالعين الجسمانية
[بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ] والملكوت هو عالم الأنوار والأسرار الذي ليس فيه أغيار وليس فيه فجار وإنما أهله هم أهل الصفاء والطهر من الملائكة المقربين وأهل عالين وعليين وأهل العبادة والطاعة الدائمة لرب العالمين عز وجل
[بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ] أي خلقه بيد وقال في هذا الملك الذي نحن فيه
[تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ] كل ما على الأرض من زينة ومن خلق ومن كائنات من حيوانات من طيور من حشرات من نباتات من بحار وأنهار كلها خلقها الله بيده وقال فيك أيها الإنسان معاتباً من رفض السجود فيك لأبيك
{مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أي أنك يا أيها الإنسان قد جمعت الإثنين ففيك الملك والملكوت وأنت الوحيد الذي فيك الملك والملكوت فإن الملائكة فيها الملكوت فقط وكل ما على الدنيا فيه الملك فقط وأنت الوحيد الذي فيك الملك والملكوت فيك عالم الغيب الروح والقلب والفؤاد والعقل والعوالم النورانية التي فيك وفيك عالم الشهادة والشهادة هي ما تراه العين فيك كل شيء أوجده الله في الدنيا كل عناصر الخلق فيك وكل ذرات الأنوار فيك فأنت الفرد الجامع لخالقك وباريك عزَّ وجلَّ لأن فيك جمع الله عزَّ وجلَّ الحقائق كلها ولذلك يقول إمامنا علىَّ رضى الله عنه وكرم الله وجهه:
أتزعم أنك جرم صغير ****وفيك إنطوى العالم الأكبر
دواؤك فيك وما تبصر**** وداؤك منك ولا تشعر
ويقول أحد الصالحين فى ذلك :
يا صورة الرحمن والنور العلي **يا سدرة الأوصاف والغيب الجلي
فيك العوالم كلها طويت فهل*** أدركت سراً فيك من معنى الولي
فالعوالم كلها فيك كل العوالم العالية والدانية فالسماء هي مافيك من عالم الطهر والنقاء والصفاء والأرض هي هذا الجسم وما يحويه من عناصر هذه الأرض
أتزعم أنك جرم صغير ****وفيك إنطوى العالم الأكبر
دواؤك فيك وما تبصر**** وداؤك منك ولا تشعر
ويقول أحد الصالحين فى ذلك :
يا صورة الرحمن والنور العلي **يا سدرة الأوصاف والغيب الجلي
فيك العوالم كلها طويت فهل*** أدركت سراً فيك من معنى الولي
فالعوالم كلها فيك كل العوالم العالية والدانية فالسماء هي مافيك من عالم الطهر والنقاء والصفاء والأرض هي هذا الجسم وما يحويه من عناصر هذه الأرض
والقلب هو النور الذي ينزل فيه النور الذي يقول فيه [اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ] والسر هو باب البر الذي يفتح على سر الأسرار وترياق الأغيار وروح الأخيار ويأتيك منه المدد من كنوز المواهب من عند العزيز الغفار عزَّ وجلَّ والذي فيه سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وإن شئت رأيت فيك كل الحقائق العالية والعناصر الدانية فالعالية اسمها حقائق والدانية اسمها عناصركل الحقائق العالية وكل العناصر الدانية فيك وفيها يقول أحد الحكماء : "تبصرك فيما فيك يكفيك "كل شيء فيك .. فيك جبال وفيك أنهار وفيك وديان وفيك سهول فيك كل شيء في الوجود من عناصر وكل شيء من عالم الطهر من حقائق ولكن هذا يحتاج إلى أن تدير عدسات التليفزيون النورانية الإلهية التي أودعها فيك خالقك وباريك فترى فيك مالا يستطيع أحد أن ينعته من الأولين والآخرين وإليه الإشارة بقول الله عزَّ شأنه [سنريهم] – وهذا في المستقبل- {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} فأنت مختصر الأكوان والأكوان هي السر الجامع الذي في الإنسان بأجلى توضيح وأرقى بيان فأنت كون صغير والكون كله إنسان كبير لأن كل ما في الكون فيك فأنت ريموت كنترول رباني كل كنوز الكون العالية والدانية معك مفاتيحها وإن شئت حركتها وإن شئت دخلتها لكن كل شيء معك وليس خارجك فالإنسان فيه كل ما في الأكوان وهذا أمر لا أريد شرحه بالتفصيل لأن الإنسان يحب أن يمشي فيه ويجول فيه بفكره بعد نقاء سره وجلاء فؤاده فيرى بنور الله ما جعله فيه مولاه لكن لا يرى بنور الحظوظ ولا بظلمات الأهواء ولا بالدنيا الدنية إذا كانت مسيطرة على أرجاء القلب فإن كل هذه تجعل الرؤية دنية فلا بد من طهارة القلب بالكلية وصفاء السر لرب البرية حتى يرى الإنسان بعين اليقين ويكون كما قال رب العالمين
[كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ] ثم بعد ذلك
[ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ] أي سنرى النعيم كيف؟ كما قال أحد الصالحين :
بعين الروح لا عين العقول*** شهدت الغيب في حال الوصول
بعين الروح لا عين العقول*** شهدت الغيب في حال الوصول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق