Disqus for ومضات إيمانية

الجمعة، 2 مارس 2012

بشرى الصابرين ع


البشرى السبعون بشرى الصابرين على البلاءات
وعلى الطاعات والمحاسبين أنفسهم قبل الحسابات 

وأما هذه البشرى يا إخوانى فمن بشريات الكرامات التى تظهر فضل الأمة المحمدية بل إنها ربما تكاد تكون البشرى التى تكاد تشمل بفضل الله ومنته الأمة بأكملها أولاً دعونا نسمع البشرى ثم نتعرف على أنوارها فالبشرى تنبع من قول الله متحدثاً عن الصابرين{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} يوفيهم الله تعالى أجورهم ولا شأن لهم بالحساب الذى ينشغل به كل الناس لماذا؟ لأنهم هم الصابرون والصابرون من هم؟ هم على ثلاث أصناف الصنف الأول للصابرين هم الذين صبروا فى الدنيا على البلاء كما أخبر سيد الرسل والأنبياء عن أهل السعادة يوم اللقاء بعد أن وصموا فى الدنيا بأنهم من أهل التعب والشقاء والإبتلاء وهم من قال فيهم الله{ يُؤْتَى اهْلِ البَلاءِ فَلا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ، ولا يُنْصَبُ لَهُمْ دِيوَانٌ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ أَلاجْرُ صَبّاً حتَّى إِنَّ أَهْلَ العَافِيَةِ لَيَتَمَنَّوْنَ في المَوَاقِفِ أَنَّ أَجْسَادَهُم قُرِضَتْ بالمَقَارِيضِ مِنْ حُسْنِ ثَوابِ الله لَهُمْ }[1] فعموما أهل البلاء ما داموا لم يخرجهم البلاء إلى غضب الله وعصيان الله فهم أول من يدخلون الجنة بغير حساب ولذلك فمن أجمل بشريات بركة الإبتلاء والإختبار على المسلم أنه لما نزلت قول الله تعالى{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ }
قال سيدنا أبوبكر { يا رسول الله إنا لنجازى بكل سوء نعمله؟ فقال رسول الله: يرحمك الله يا أبا بكر ألست تنصَب (تتعب)؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فهذا ما تجزون به }[2]
وقد ورد أن النبى ذهب يزور مسلماً يحتضر فبكى الرجل فسأله قال الرجل أنه يخاف النار فقال :ألم تشكو الحُمّى قط؟ قال: بلى أصابتنى مرة واحدة، قال له : أبشر{الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ وَهِيَ نَصِيبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ}[3] فمن بشريات الصنف الأول من الصابرين أن من أصابته الحُمّى ولو مرةً واحدة فقد أخذ نصيبه من جهنّم فهو ممن يدخلون الجنة بغير حساب والأمر تفصيله أكثر من أن يحدَّ لأنه يشمل أصحاب العاهات والأمراض فهذا له مثلاً فقط واستكمالاً لوصف هذا الصنف الأول فقد روي أيضاً حديث جامع مطول فى وصف موكب وموقف أهل البلاء فى الآخرة نسوق منه سطوراً قليلة فقط {ثُمَّ تَأْخُذُهُمُ الملائِكَةُ على النَّجَائِبِ وَالرَّايَاتُ بَيْنَ أيْدِيهِمُ وَهُمْ سَائِرُونَ إلى الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ النَّاسُ إلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ أَهٰؤلاءِ شُهداءٌ أوْ أنْبِياءٌ؟ فَتَقُولُ المَلائِكَةُ هٰؤلاَءِ قَوْمٌ صَبَرُوا عَلَى الشَّدَائِدِ فِي الدُّنْيَا بِصَبْرِهِمْ نَالُوا فإذا وَصَلُوا إلى بَابِ الجَنَّةِ قالَ لَهُمْ رُضْوَانُ مَنْ هٰؤلاء القَوْمُ الَّذِينَ لَمْ يُنْصَبْ لَهُمْ مِيزانٌ؟فَتَقُولُ المَلائِكَةُ :هؤلاءِ الصَّابِرُونَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ، فافْتَحْ لَهُمُ الجَنَّةَ لِيَقْعُدُوا في قُصُورِهِمْ آمِنِينَ، فَيَدْخُلُونَ فَتَتَلَقَّاهُمُ الملائِكَةُ وَالوِلْدانُ بِالفَرَحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيَجْلِسُونَ على شَرَائِفِ الجَنَّةِ خَمسمائَةِ عامٍ يَتَفَرَّجُونَ عَلَى حِسَابِ الخَلْقِ فَطُوبَى لِلصَّابِرينَ}[4] فهؤلاء هم الصنف الأول من أهل تلك الفضل العظيم والبشرى الكريمةأمَّا الصنفان الثانى والثالث وهو ما أريد أن أشدَّ إليه عقولكم وأفئدتكم أكثر هنا فى تلك البشرى هما فئتان من الصابرين لا يعلمهما أغلب الناس كيف؟ الفئة الأولى: من صبروا على الطاعات وهم بفضل الله أغلب الأمة المحمدية وقد كان أحد الصالحين يقول لى فى تلك البشرى أنه ليس الصابرون على البلاء فقط هم من يدخلون الجنة بغير حساب ولكن الله تعالى بفضله يدخل فى تلك البشرى كل الصابرين على أداء الطاعات والمحافظين على الصلوات وكان يدلل على ذلك ويقول : ألم يقل الله{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا} والأصطبار هو أشد أنواع الصبر وورد أن الأشعث بن قيس قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فوجدته قد أثر فيه صبره على العبادة الشديدة ليلا ونهاراً فقلت: يا أمير المؤمنين إلى كم تصبر على مكابدة هذه الشدة؟ فما راعني إلا أن قال[5]
اصبر على مضض الإدلاج في السحر
 وفي الروح إلى الطاعات في البكر
إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جدَّ في أمر يؤملـه واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

والفئة الثانية هم من حاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا فهؤلاء لا يجتمع لهم حسابان أبداً ولا خوفان خافوا الله فى الدنيا وعملوا بذلك فأمنهم فى الآخرة فيصير أحدهم قد أتمّ الحساب فعلاً فى الدنيا فعلام يحاسب فى الآخرة وقد أعطاه النبى الأمان
{حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِوَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدُّنْيَا}
[6]فصاروا ممن مشى على صراط الشرع المستقيم فى الدنيا فلن يمشى على صراط الآخرة لأن الله أمن عباده من أن يجمع عليهم خوفين قال الله فى الحديث القدسى{ وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ إذا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِذَا أَمِنَنِي في الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ }[7] وفى الصبر قال الصالحون كثيرا وكثيرا ومن ذلك قول أسامة الشيزارى :
مَثُوبَةُ الفَاقِدِ عَن فقدِهِ بِصَبْره أنْفَعُ من وَجْدِهِ
يَبْكِيهِ من حُزنٍ عليه فهلْ يطمعُ في التّخليدِ مِن بعدِهِ
ما حيلةُ النّاسِ وهلْ مِن يدٍ لـهمْ بدفعِ الموتِ أو صَدِّهِ
وُرُودُهُ لا بدَّ منهُ فلِمْ تُنْكِرُ ما لا بدَّ مِن وِرْدِهِ
سِهامُهُ لم يَستطِعْ ردَّهَا داودُ بالمُحَكمِ من سَرْدِهِ
ولا سليمانُ ابنُهُ ردَّهَا بمُلْكِهِ والحشدِ من جُنْدِهِ
عدلٌ تساوَى الخلقُ فيهِ فما يُمَيِّزُ المالكُ عن عبدِهِ
كلٌّ لـهُ حَدٌّ إذا ما انتهَى إليهِ وافَاهُ على حَدِّهِ
تَجمَعُنا الأرضُ فكلُّ امرِئٍ في لَحْدِهِ كالطّفْلِ في مَهْدِهِ
لو نطقُوا قالُوا التُّقَى خيرُ ما تزوَّدَ المرءُ إلى لَحْدِهِ
فارجعْ إلى اللـهِ وثِقْ بالذِي وَافاكَ في الصّادِقِ من وَعْدِهِ
للصّابرينَ الأجرُ والأمنُ مِن عَذابِهِ والفوزُ في خُلْدِهِ
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175 
[1]المستطرف في كل فن مستظرف
[2] رواه الطبراني في الكبير، وفيه مُجَّاعة بن الزبير، وثقه أحمد وضعفه الدارقطني، مجمع الزوائد 
[3] عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي مسند الإمام أحمد
[4] الطبرانى عن أَبي ريحانَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ.، جامع المسانيد والمراسيل 
[5] تنقيح القول الحثيث بشرح لباب الحديث للنووى الحاوى،و في الجواهر للشيخ أبي الليث السمرقندي
[6] سنن الترمذي عن عمر بن الخطاب.
[7] صحيح بن حبان عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق