Disqus for ومضات إيمانية

السبت، 11 فبراير 2012

المخرج من فتن هذا العصر


أخبر النبى صلى الله عليه وسلمّ  أن الفتن من كثرتها
 ستكون كقطع الليل المظلموفى حديث آخر أنها تنزل من السماء
 كالمطر فتنٌ لا عدّ لها ولا حصر لها فقد كانت الفتن فى العصر الماضى 
فى الشهوات او الحظوظ أو الأهواء والملذات
لكن الفتن العُظمى فى هذا العصر فى الفكروهذه تؤدّى كما
 قال صلى الله عليه وسلمّ فى الحديث الآخر :
{ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً ، وَيُمسِي مُؤْمِنَاً وَيُصْبِحُ كَافِرَاً }[8]
،لماذا ؟من الفكر والبلبلة والإثارة التى فعلتها الفضائيات والنت
 والتى فعلتها وسائل الإعلام والتى تُثيرها القوى المُتعددة فى المجتمع
مثل الأهواء والنزعات والميول وهى ليست خالصة لوجه الله ..
 كل هذه يا إخوانى فعلت بلبلة فى المجتمع، فماذا نفعل فى هذا العصر ؟
 لدينا جملة من الوصايا ..
الوصية الأولى : سيدنا رسول الله أكّد عليها فقال :
} بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،
 حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمْ شُحّاً مُطَاعَاً،
 وَهَوَىً مُتَّبَعَاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةًوَإِعْجَابَ كُل ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ،
 فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، }[9] ، ماذا يعنى هذا ؟
الآن الناس يُقحمون أنفسهم فى الجدال فى كل مكان وزمان،
 والجدال لا يأتى بنتيجة فى النهاية لأهل العصر
 فكل واحد مُعجبٌ برأيه ومُتشبث به ولن يتخلىّ عنه،
 فما هى الفائدة من الجدل ؟
ولذلك لا تشغل نفسك بغيرك فاشغل نفسك بمن لا يؤمن
 وحاول ان تهديه للإسلام خيرٌ لك من ان تشغل نفسك بمن آمن بفكر وأصرّ عليه
 ولا تستطيع أن تُزحزحه قدر أنملة عما هو مُصرّ عليه فى فكره
فما هى الفائدة من هذا الأمر : فهذا شيعى وهذا صوفى وهذا سلفى ..
مالنا وهذه الأمور ؟ نحن فى الوسطية التى إختارها لنا الله فى القرآن :
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) البقرة:143 ، كما قال تعالى.
الأمر الثانى
قال عليه الصلاة والسلام :{ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ }[10] ، أهم شيء فى هذا الزمن ...
أن الإنسان يمسك زمام اللسان  انظروا  إلى فرامل السيارات
أخذت تتطوّر وتتطوّر، فما هو أحدث نظام فيها الآن ؟
فلابد من تحديث فرامل لسانك
 الإنسان لايتكلم إلا فى ضوء  قول الله :( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ  أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ )النساء114
وإذا نطق للخلق أجمعين فيكون هديَّة للناس أجمعين
كما قال تعالى : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) البقرة83
وإذا تحدّث مع المؤمنين فيكون هداية : ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) الحج24
فمن فعل ذلك ... أضمن له عند الله ان يكون من أولياء الله
فمن يُنفّذ هذه الروشتة وهى سهلة، ولكنها سهلة لمن يُعينه الله
لأن الإنسان دائماً يميل إلى الثرثرة وإلى الإكثار من الكلام وإلى إضاعة الوقت فى اللهو
لكن إذا كان المؤمنون:( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) المؤمنون 3، 
وهؤلاء هم المؤمنون!!
فكيف بنا ونحن نريد ان نكون من المحسنين ومن الموقنين .
إذا كان المؤمنون العاديون يُعرضون عن اللغو، واللغو كما قيل :
 هو الكلام الذى لا يفيد، يتكلم فى الكرة أو فى السياسة أو فى الإنتخابات 
أو فى غيره .. ماذا تُفيد الكلمات ؟
المؤمن لايشغله إلا الإقبال على الله أو المُهمّة التى كلفه بها الله 
وهى إظهار جمال الدين لخلق الله جلّ فى عُلاه ...
من لا يتكلمّ كثيراً .. ماذا نُسمّيه ؟ نسمّيه حكيماً
وهل يوجد مثل هذا ؟ أو لقب مثل هذا ؟
قال صلى الله عليه وسلمّ : { مَنْ صَمَتَ نَجَا }[11] ، 
من هو الناجى فى هذا الزمان؟
من يحافظ على الصمت فيأخذ برشام الصمت مع الخلق.
ــ  سئوال عارض :
كيف يصمت المرء ؟ وفى نفس الوقت يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف ؟
فأقول إجابة عن ذلك : إذا صدقت النية يُوّفر الله للإنسان كل مايحتاجه بلا سبب 
وإنما من رب البريّة وهذه لا تحتاج إلى تحكيم العقل.
والأمر بالمعروف هنا لنا أولاً : هو ان تأمر نفسك وتنهى نفسك
 ثم تبدأ بنفسك ثم أهلك ثم الأقرب فالأقرب
وبهذا تسير الأمور إن شاء الله رب العالمين.
لكن المصيبة هنا أنه يأمر الناس وينهى الناس وهو لم ينتهِ ولم يمتثل
يخطب على المنبر خطبة عصماء عن الحجاب والنقاب
وإبنته تسير فى الطرقات وعورتها ظاهرة!!
فماذا يقول الناس ؟ أليست هذه إبنة الشيخ ؟ فكيف يسمعونه ؟
يتكلم عن القرآن وقيمة القرآن وعن الأوقات وإضاعة الوقت
 ويقول : الوقت أحدّ من السيف
وتجده فى إحدى المقاهى الحديثة يلعب ــ الدومينو أو الكوتشينة أو الشطرنج!!
كيف تتكلمّ عن الوقت وانت جالس تُضيّع فى الوقت
 فلابد ان يكون الإنسان اولاً قدوة فى هذا العصر .
الأمر الثالث :
عندما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ
 كما روى الإمام على كرم الله وجهه:( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، قَالَ: قُلْتُ:
 فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: كِتَابُ اللهِ }[12] ، عليك بالقرآن
 فإنه حبل النجاة الذى أنزله فى الأكوان.
فالمؤتمرات التى يعقدها الآن الصالحون والصالحات فى هذا الزمان ـ وأنتم لاتحضرونها لأنها مؤتمرات خاصة ـ 
فاحتاروا كيف يسوقون المريدين ليستمرّوا فى تلاوة كتاب الله ولا يقف 
مثلما يفعل بعد رمضان، فيقرأوا ما تيّسر منه بعد رمضان !!
لأننا نرى بعضهم بعد أن ينتهى رمضان ـ وبعضهم يتعجّل قبل إنتهائه
 بيومين أو ثلاثة أيام ـ يترك تلاوة القرآن .. لماذا ؟
هل وجدت الخير فى غيره ؟ هل وجدت البرّ فى تركه ؟
 هل وجدت خيراً فى ترك الإستمرار فى تلاوته وقراءته ؟
 ألم تتنزّل عليك الخيرات ؟ ألم تأتك البركات ؟ 
الم يُحطك الله عزوجلّ بالعطاءات والنفحات ؟ لماذا تتركه ؟
 عليك بالقرآن، والقرآن يسّره الله لنا فى هذا الزمان كما قال فى سورة القمر
 آية 17 :( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) لا تستطيع القراءة .. تسمع!
وقد وفّر لك سماعه فى كل مكان، فإذا ركبت السيارة تسمعه! من مُسجّل السيارة أو المُسجّل الذى معك .. أصبح فى هذا الزمان مُيسّر سماعه بالمحمول الذى معك ..
 فهل تُوجد الآن مشكلة ؟تريد أن تقرأ لا مانع او تريد أن تسمع لا مانع،
 فانظر إلى الحجة التى عليك الآن ؟ فهذه حُججٌ عليك
معك الموبايل وتستطيع ان تُنزّل عليه القرآن
وانت راكب وانت جالس ستسمعه فى الطعام وفى الشراب وكلنا معنا موبايلات
فما الذى يمنعك، فتحتاج أن تقرأ وتتدبّر : ﴿ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ 
فالقرآن يا إخوانى فى هذا الزمان هو حصن الأمان ..
الأمر الرابع :
دوام الإجتماع على الصادقين الذين صدقوا فى إتباعهم للنبى الأمين لأنهم يحفظون الخلق فى هذا الزمان من الخزعبلات الفكرية
ومن الموجات الإلحادية ومن الأفكار النفسية التى لا تليق بالعبد مع رب البرية، ومن كل الأشياء المُخزيّة .. ولذلك قال لنا الله :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾التوبة119، ونكتفى بهذا القدر لتكفى هذه الروشتة
علّ الله ان يجعلنا ممن قال فيهم :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا  الإسراء82، 
الإنسان دائماً يتشاكل وإن لم يدرى مع من يخالطه ويجالسه ويصاحبه،
 فلا توجد عدوى تعدى الإنسان مثل عدوى الأخلاق والسلوكيات التى ينقلها من الجالسينوتلاحظونها فى أى مكان، فعندما تستمع لأحد تنتقل لك طريقة كلامه
 وطريقة مزاحه وحتى فى طريقة تناوله للموضوعات، تنتقل إليك العدوى وأنت لا تشعر!! .ولذلك أنا فى بلدتى أبحث عمن أجالسه بشرط
أن لا يشغلنى عن الله فلا أجد .. فماذا أفعل ؟
أخذت من الحديث الجزء الأول وهو فعليك بيتك
فليسعك بيتك ـ أجلس فى بيتى وبيتى مفتوحٌ لمن يأتنى
ولكن يتكلمّ فى مسألة شرعية أو فى مسألة دينية أو فى مسألة شخصية
 ولكن بصورة مُبسطة وليست تفصيلية .. فلا مانع
أما إذا كان سيشغل الوقت فى كذا أو كذا فأقول له : ـ أنا مش فاضى !!
فأنا فى الحقيقة مُفلس فكيف أذهب إلى الله وانا مُفلس !!
فلا أريد أن أستهلك مابقى لى من العُمر لكى أدبّر  بعض الأمور!!
وقد تقول لى : كيف تكون مفلساً وانت تُصلىّ وتصوم ؟ أقول لك
أنا لا أدرى إن قُبلت صلاتى وصيامى ام لا .. فالعبرة بالقبول
فإذا ضمنت القبول يكون الأمر منتهى
ولكن لا أضمن القبول فأنا خائف هناك يقولون لى هيا
كما قال سبحانه:( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )الفرقان23، إضربوا بهذا العمل وجه صاحبه!!! فأنا لا أدرى!!!
من يا إخوانى يضمن القبول ؟
ومع وجود الأمل والحمد لله ــ ولكن لابد من العمل
 فيحفظ الإنسان نفسه أولاً من الخطأ ومن الزلل .. وهذا هو المهم ولا يضمن الإنسان العصمة والحفظ من الزلل
بينما هو جالسٌ مع الهالكين أو البُعداء أو التُعساء
فلن يصلح لأنه أحياناً اللسان يتكلم وانت تريد ان توقفه
ولا تستطيع لأنه يستمّر فى الكلام إذاً كيف يكون الحفظ ؟
هو فى مجالس الصادقين .. أما رفقاء السوء فنبتعد عنهم بالكلية!ولذلك سأل أحدٌ الإمام أبى العزائم رضى الله عنه وأرضاه وقال له :
 أنا أريد أن أسلك الطريق إلى الله عزوجلّ!
أريد روشتة بسيطة ــ فماذا أفعل ؟
قال له : ( طريقنا هو مصاحبة الأخيار ومفارقة الأشرار
 ــ وهذه مع تلكفهل يصّح أن أجالس الأخيار والأشرار
الإثنين معاً ؟فلابد من مصاحبة الأخيار
ومفارقة الأشرار ــ والسير على المناهج والسنن والآثار)،
 ولا أريد منك اكثر من ذلك!
فأساس كل شيءٍ أنك أولاً تُصاحب الأخيار وتُفارق الأشرار !
فصُحبة الصادقين تنفع وترفع إن شاء الله تعالى .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ



[8] الحديث عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وتمامه للفائدة: قَالَ: { أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً ، وَيُمسِي مُؤْمِنَاً وَيُصْبِحُ كَافِرَاً، يَبِيعُ أَحَدُكُمْ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: تَكْسِرُ يَدَكَ، قُلْتُ: فَإِنِ انْجَبَرَتْ، قَالَ: تَكْسِرُ الاْخْرٰى، قُلْتُ: حَتَّى مَتىٰ ؟ قَالَ: حَتَّى تَأْتِيكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ، أَوْ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ}. (كر)، جامع المسانيد والمراسيل
[9] وتمام الحديث { وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعوَام، وَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلَ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ، ـ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ـ ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» (د ت هـ حب) عن أَبي ثعلبة الْخشني رضيَ اللَّهُ عنهُ (ز)، جامع المسانيد والمراسيل
[10] عن عُقبةَ بن عامِرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل 
[11] (حم ت) عن ابن عمروٍ رضَي اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل 
[12] وتمام الحديث : { فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ يَرُدَّهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ، أَضَلَّهُ اللَّهُ، هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَالذَّكَرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي، لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلُقُ عَنْ رَدٍّ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ حِينَ سَمِعَتْهُ، أَنْ قَالُوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دُعِيَ إِلَيْهِ، هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ، هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. } أخرجه البزار فى مسنده عن على رضى الله عنه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق