Disqus for ومضات إيمانية

الخميس، 2 فبراير 2012

الصوفية شريعة وحقيقة

التأسي برسول الله في الجهاد
يقول صاحب عوارف المعارف :
[الصوفي: هو الذي يكون دائم التصفية ...!!

لا يزال يصفِّي الأوقات عن شوب الأكدار، بتصفية القلب عن شوائب النفس،
 ويعينه على هذه التصفية دوام افتقاره إلى مولاه.
فبدوام الافتقار ينقى من الكدر، وكلما تحركت النفس، وظهرت بصفة من صفاتها، أدركها ببصيرته النافذة وفرّ منها إلى ربه.
فبدوام تصفيته جمعيته، وبحركة نفسه تفرقته وكدره فهو قائم بربه على قلبه،
 وقائم بقلبه على نفسه... قال تعالى :
( كونواقوّامين لله شهداء بالقسط ) [8 المائدة]
وهذه القوامية لله على النفس، هي التحقيق بالتصوف.، 
ويقول في موضع آخر:
 والصوفي :- يضع الأشياء مواضعها.
- ويدبر الأوقات والأحوال كلها بالعلم.
- يقيم الخلق مقامهم.
- ويقيم أمر الحق مقامه.
- ويستر ما ينبغي أن يستر.
- ويظهر ما ينبغي أن يظهر.
- ويأتي بالأمور في مواضعه، بحضور عقل،
 وصحة توحيد، وكمال معرفة،ورعاية صدق وإخلاص. ]
لقد أخذ الصوفية على أنفسهم التأسي بالرسول صل الله عليه وسلم 
فيما دق من الأمور، وما وضح منها، وفي اليسير من أعمالهم، والعظيم منها.
ومن أمثلة ذلك:
كان شقيق البلخي وهو من قمم الصوفيةالشامخة،
 يسارع إلى خوض المعارك لا يبالى على أي جنب كان في الله مصرعه،
 ولقد وصلت ثقته بالله، إلى حد أنه - وهو لا يرى إلا سيوفا مصلتة ورقاباً تقطع، ورءوساً تتساقط - يقول لمن بجواره في هذا الجو :كيف ترى نفسك؟
أترى نفسك في سعادة تشبه سعادتك في الليلة التي زفت فيها امرأتك إليك؟...
.فأجابه الذي بجواره: لا والله، فقال شقيق: لكنى والله أرى نفسي في هذا اليوم، 
مثلها في الليلة التي زفت فيها امرأتي إلي.
وشخص آخر - هو من قمم الصوفية أيضاً- إنه حاتم الأصم:
كان يدخل المعارك، ويخوضها في غيرفزع ولا خوف،
 لقد كان كيانه كله في ثقة مطلقة بالله، وهذه الثقة تتمثل أجمل مايكون التمثل،
 حينما أخذوه أسيراً وطرحوه أرضاً، وجثم العدو على صدره ليذبحه،
 إنه يصف شعوره وهو في هذه الحالة فيقول :
لم يشتغل به قلبي، بل كنت أنظرماذا يحكم الله تعالى فيّ،
 فبينما هو يطلب السكين التي يذبح بها، أصابه سهم فقتله،وقمت سليماً معافى.
وإذا قفزنا في ساحة الزمن، قفزة واسعة، فوصلنا إلى معركة المنصورة،
 مع الفرنجة فإننا نجد كبار المؤمنين، وصفوةالصوفية في قلب المعركة :
أبو الحسن الشاذلي وهو من صفوةالصفوة الصوفية:
وهو قد تجاوز الستين وكان قد كف بصره، ومع ذلك ترك بيته وذهب إلى المنصورة، مساهماً في المعركة بقدر استطاعته، وفي ليلة من الليالي، رأى رسول الله صل الله عليه وسلم في رؤيا طويلةوأصبح رحمه الله يبشر بالنصر.
وكذلك عبد القادر الجزائري:
كان من كبار الصوفية- ومن كبارالقادة في الحرب فى تحرير الجزائر،
 ولقد حارب الاستعمار في الجزائر، وفعل بإيمانه القوي، 
وصوفيته العميقة الأعاجيب في الشجاعة والإقدام.

الصوفية والتحلل من الشريعة الإسلامية
من المدهش أن نجد بعض من يزعمون الانتساب إلى التصوف يقللون من ضرورة التمسك بالشريعة، أو يهملون العمل بها،وهؤلاء خالفوا كتاب الله تعالى، 
وسنة نبيه صل الله عليه وسلم لأنهم تركوا العلم والآداب، وجانبوا الصواب.
وفيهم يقول القائل :
"رضوا من التواضع بترقيع الملبوس، ومن التصوف بتزيين الرؤوس، 
واقتصروا في العبادة على مشى النقباء أمامهم وحمل السجادة،
 وفي الزهد والجلادة على تخشين الفراش والوسادة".
ولقد أجاد من وصفهم بقوله:
أماالخيام فإنها كخيامهم .. وأرى نساء الحي غيرنسائها
فالخير كله في الإتباع، وقد سئل الإمام الغزالي رضى الله عنه عن معنى :
 ارتفاع التكليف عن الولي ؟
فأجاب كما ذكر السبكي في طبقات الشافعية بقوله :
"معنى ارتفاع التكليف عن الولى: أن العبادة تصيرقرة عينه، وغذاء روحه،
 بحيث لا يصبر عنها ولا يكون عليه كلفة فيها.
وهو كالصبي يكلف حضور المكتب، ويحمل على ذلك قهراً، فإذااكتمل بالعلم،
 صار ذلك ألذ الأشياء عنده، ولم يصبر عنه، فلم يكن فيه كلفة،
 وتكليف الجائع ليتناول الطعام اللذيذ محال لأنه يأكله بشهوة ويلتذ به،
 فأي معنى لتكليفه؟ 
فإذن تكليف الولي محال، والتكليف مرتفع عن الولي بهذا 
المعنى
 لا بمعنى انه لا يصوم، ولا يصلى، ويشرب ويزني،
 وكما يستحيل تكليف العاشق النظر إلى معشوقه، والتواضع له،
 لأن ذلك منتهى شهوته ولذته ...فكذلك غذاء روح الولي، في ملازمة ذكره، 
وامتثال أمره، والتواضع له بقلبه، لا يمكنه إشراك القالب مع القلب في الخضوع
 إلا بصورة السجود فيكون ذلك كمالاً للذة الخضوع والتعظيم،
 حتى يشترك في الالتذاذ قلبه وقالبه كما قيل :
ألا فاسقني خمراً ... وقل لي هي الخمر
أي ليدرك سمعي لذة اسمه، كما أدرك ذوقي طعمه، بل تنتهي لذة الولي من القيام لربه قانتاً مناجياً، إلى أن يدرك الورم من القدم.... فيقال له: 
ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً."
ونختم كلامنا في هذا الموضوع بهذا الكلام المحقق للدكتور حسن الشرقاوي
 في تعليقه على كتاب الكوكب الشاهق للشعراني:
"إن اتهام الصوفية بأنهم يرفعون التكاليف والفرائض الشرعية، قول مردود،
 ودعوى كاذبة، فالصوفية يؤمنون إيمانا راسخاً بأنه لا شريعة بلا حقيقة،
 ولا حقيقة بلا شريعة، فمن تشرع ولم يتحقق فقد تفسّق،
 ومن تحقق ولم يتشرع فقد تزندق.
فأعمال القلوب يجب أن ترتبط بأعمال الجوارح، فلا تباين بينها،
 ولا تناقض ولا انفصال.
ولكل عضو من أعضاء الجسم وظيفته التي يجب أن يؤديها في معاملاته،
 وعباداته، وتكاليفه الشرعية، كما أن عقل الإنسان ونفسه وقلبه جميعاً
 يجب أن تتكامل مع جوارحه بالتقرب إلى الله تعالى،
 فإذا ماانفصلت أعمال الجوارح عن أعمال القلوب، فسدت النفس والبدن جميعاً.
فكيف يمكن أن يقال بعد ذلك أن الصوفية قوم خمول وتبطُّل وتكاسل !،
 وأنهم يدعون إلى رفع التكاليف الشرعية !،
 وهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه الكريم.
ويبدو للمتأمل السليم القلب أن هناك اختلافاً بينا بين أهل الحق 
الذين يتبعون شريعة الله وسنة رسوله وبين المبتدعة الذبن يخالفون قول الله وسنة رسوله فيبتدعون أعمالاً وأفعالاً من عند أنفسهم، ويؤولون كلام الله؛
 فيحرمون أشياءاً، ويبيحون أشياءاً، بحسب أهوائهم.
وهؤلاء ليسوا من الصوفية، إنما هم دخلاء على أهل الله، وهم من مرضى القلوب... يزعمون أنهم من الصوفية !!!، وهم إلى الكفر أقرب منهم إلى الإيمان."                   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق