Disqus for ومضات إيمانية

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

اسلوب النبى صل الله عليه وسلم فى دعوة الناس إلى الله تعالى

أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم فى دعوة الناس إلى الله
وهى أساليب متنوعة فقد بدأها صلى الله عليه وسلم بعرض الإسلام على الناس الذين يتوسم فيهم الاستجابة سرا بينه وبين كل واحد منهم، فمن آمن واستقر الإيمان فى قلبه قال له الرسول أكتم عليك أمرك وادع اليه من ترى فيه الخير من أهلك وأصحابك، حتى أذن الله له فى إعلان الدعوة فأخذ يجهر بها بين قومه وعشيرته، ويقول لهم أيها الناس قولوا لا اله إلا الله تفلحوا، ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة استقرت أقدام المسلمين فيها، أخذ يبعث بكتبه إلى الملوك والأمراء والحكام فى جميع البلاد من حوله، وإلى كسرى وإلى قيصر وإلى مقوقس مصر تبليغا لرسالة ربه الذى أرسله الله بها إلى جميع العالمين كذلك أخذ يرسل علماء الصحابة وفقهائهم إلى الجهات النائية فى الجزيرة العربية وغيرها ليبشروا بدين الله بين من أرسلهم رسول الله إليهم، ونذكر على سبيل المثال كتابا من كتب رسول الله إلى قيصر ملك الروم، وكيف كان تأثير هذا الخطاب على قيصر ورجال مملكته ونص هذا الكتاب الكريم كما يلى:
{ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإنى أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتيك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك اثم الأكارين الفلاحين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}[1].
وقد أحدث هذا الكتاب دويا هائلا فى بلاط دولة الروم، وقد رد هرقل على رسول الله ردا كريما الا أنه خاف على ضياع ملكه أذا أسلم، وقد أسلم كبير القساوسة آن ذاك، وقتله أصحابه لما علموا بإسلامه خوفا على عامة المسيحيين أن يدخلوا فى الإسلام تبعا له.
وهذا الأسلوب فى الدعوة إلى الله يرشدنا فى وقتنا هذا إلى أن نعيد الكرة بتوجيه الكتب والرسائل إلى غير المسلمين نوضح لهم فيها معانى الإسلام، وعذوبة الايمان، وحاجة الإنسانية اليه كعلاج وشفاء لها مما تورطت فيه من شقاء ومحن فى عصرنا الحاضر، وأن الاسلام كفيل بإنقاذ الناس من ويلاتهم كما أنقذهم من قبل، وكانوا أقسى قلوبا وأغلظ أفئدة، لأن الله قد بعث به الرسول الأخير ليضع عن الناس أغلالهم وأوصارهم وشقائهم وعنائهم، ويزيل عنهم كل البأساء والضراء التى يعيشون فيها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرض الله علينا الاقتداء به فى كل أعماله وأقواله وأحواله صلى الله عليه وسلم، ومع ما تقوم به الدول الإسلامية من توجيه الإذاعات الدينية الى الناس الا أن الرسائل والمكاتبات لها دور فوق الأهمية بمكان، لأن الإنسان حفى بما يوجه اليه من رسائل وكتب من الآخرين وهى طبيعة وجبلة فى الناس، إذ تعنى أن من أرسل إليك كتابا قد تعلقت همته بك، وزاد اهتمامه بك وعنايته بشأنك لدرجة أن كتب إليك وراسلك، وعلى حد تعبير القائل الخطاب نصف المشاهدة وذلك لأن من يقرأ كتابك يرى صورتك النفسية والمعنوية تتراءى له بين كلماتك وتعبيراتك التى بعثت بها اليه فى كتابك، وهذا أبلغ فى الإفادة وأعمق فى التذكير والبيان لمن أكاتبه من حديث الاذاعة المواجهة اليه.
هذا ونوفى بما وعدنا به من ذكر نموذج من المبشرين بالدين الحنيف الذين كان يبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبشروا بالإسلام ومنهم أبوا أمامة رضى الله عنه، فقد بعثه رسول الله الى قومه يدعوهم الى الله ويعرض عليهم شرائع الاسلام، فلما حضر إليهم قالوا له بلغنا أنك صبوت الى هذا الرجل (يعنى رسول الله) قال لهم لا، ولكن آمنت بالله ورسوله وبعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أعرض عليكم الاسلام وشرائعه، فبينما هم كذلك إذ جاءوا بقصعتهم واجتمعوا حولها وأكلوا بها، وقالوا هلم لتأكل معنا فقال لهم ويحكم إن الله حرم هذا عليكم وكانوا قد وضعوا أمامهم لحم ميتة، فجعل يدعوهم الاسلام وهم يأبون فطلب منهم شربة ماء فامتنعوا عليه، وقالوا ندعك تموت عطشا، فلف رأسه بعمامته ونام على الرمضاء فى حر شديد فجاءه فى منامه رجل بقدح من الزجاج لم يرى الناس أحسن منه وفيه شراب لم يرى الناس أحلى منه، فأعطاه القدح فشرب ما فيه ثم استيقظ بعد أن شرب وقال والله ما عطشت ولا عرفت عطشا بعد هذه الشربة أبدا، فجاء رجل منهم وقال للقوم آتاكم رجل من سراة قومكم فلم تتحفوه؟ فأتونى بلبن قلت لا حاجة لى به ثم ذكر لهم منامه وأراهم بطنه، فأسلموا عن آخرهم.
وهذه القصة تكشف لنا عن مجاهدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التبشير بالإسلام، وكيف أنهم كانوا يتعرضون للمحن والشدائد والهلاك، وأيضا نشهد من خلال هذه الحادثة كيف أن الله كان مؤيدهم وينصرهم بالآيات والكرامات وينقذهم مما أحاط بهم من المكاره والأهوال، ونأخذ أيضا من هذه القصة المرونة واللباقة وكيفية توجيه الدعوة للناس، ونأخذ منها أيضا التضحية والفداء، وعدم المبالاة بما يصيب الداعى إلى الله فى سبيل عرض الإسلام على الناس، ونأخذ أيضا منها عفتهم فى طيبات الدنيا وشهواتهم والاكتفاء بالقدر الضرورى منها حتى يتفرغوا لمهمتهم الصعبة وتبليغ دعوة الله للناس.
وأن أمر الاسلام لا ينهض فى وقتنا هذا إلا إذا قام رجال من رجالاته يحملون أعباء الدعوة إلى الله على رؤسهم وفى قلوبهم وألستنهم وأخلاقهم وانساحوا بها فى الآفاق يدعون الناس بأسلوب مثل هذا الأسلوب  الذى مر بنا، فإن آخر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها.
من كتاب : كيف يدعو الإسلام الناس إلى الله
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
مدير أوقاف بورسعيد الأسبق




 رواه البخارى عن عبد الله بن عباس.[1]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق