وإن من صفات الخوارج الاجتهاد في العبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتمويه على المسلمين واستباحة دمائهم قال الامام الآجري الحنبلي:" لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء ، عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن صلوا وصاموا ، واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم ، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك بنافع لهم ، لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ، ويموهون على المسلمين . وقد حذرنا الله عز وجل منهم ، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم ،وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده ، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم .
والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس ، ومن كان على مذهبهم من سانر الخوارج ، يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً ، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين .
وأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم يرضوا بحكمه ، وأظهروا قولهم ، وقالوا : لا حكم إلا لله ، فقال علي رضي الله عنه : كلمة حق أرادوا بها الباطل ، فقاتلهم علي رضي الله عنه فأكرمه الله عز وجل بقتلهم ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قتلهم أو قتلوه ، وقاتل معه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . فصار سيف علي بن أبي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة "
ومن الأحاديث التي رويت فيهم : مارواه الآجري عن جابر رضي الله عنه قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من حنين ، وفي ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطي ، فقال : يا محمد ، اعدل . فقال صلوات الله وسلامه عليه : ويلك ، ومن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق ، فقال صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ، هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ."
ومن صفاتهم تحسين القول وإساءة العمل روى الآجري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون في أمتي اختلاف وفرقة ، قوم يحسنون القيل ، ويسيئون الفعل ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ثم لا يرجعون حتى يزيد على فرقته ، هم شر الخلق والخليقة ، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه ، يدعون إلى كتاب الله ، وليسوا منه في شيء ، من قاتلهم كان أولى بالله منهم ، قالوا : يارسول الله ما سيماهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم : التحليق" .
ومن صفاتهم اتباع المتشابه والمجادلة فيه قال الامام محمد بن الحسين الآجري الحنبلي : "هذه صفة الحرورية ، وهم الشراة الخوارج الذين قال الله عز وجل : فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته ممن هذه صفته" .
ومن صفاتهم إظهار الصلاح فعن ابن عباس رضي الله عنهما - وذكر له الخوارج ، واجتهادهم وصلاحهم - فقال رضي الله عنه : ليسوا هم بأشد اجتهاداً من اليهود والنصارى ، وهم على ضلالة .
ثم قال الآجري الحنبلي في التحذير من اجتهادهم وعلومهم : "فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام ، عادلاً كان الإمام أم جائراً ، فخرج وجمع جماعة وسل سيفه ، واستحل قتال المسلمين ، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن ، ولا بطول قيامه في الصلاة ، ولا بدوام صيامه ، ولا بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج .وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قلته أخبار لا يدفعها كثير من علماء المسلمين ، بل لعله لا يختلف في العلم بها جميع أئمة المسلمين"
ومن صفاتهم أنهم يظنون أنهم أفضل الناس فعن أنس بن مالك قال : كان فينا شاب ذو عبادة وزهد ، فوصفناه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وسميناه باسمه ، فلم يعرفه ، فبينما نحن كذلك إذ أقبل ، فقلنا : يا رسول الله ، هو ذا ، فقال صلى الله عليه وسلم : إني لأرى على وجهه سفعة من شيطان ، فجاء فسلم على القوم ، فردوا السلام ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجعلت في نفسك أن ليس في القوم أحد خيراً منك ؟ فقال : نعم..."
وقد روي أنهم لا يزالون يخرجون في كل زمان فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول الناس ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، من لقيهم
فليقتلهم ، فإن قتلهم أجر عند الله عز وجل .
ومن صفات الخوارج أنهم يقتلون المسلمين ويتركون عبدة الأوثان والمشركين – أخرج أبو داود باسناده عن أبى سعيد الخدرى قال : بعث على عليه السلام إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- بذهيبة فى تربتها فقسمها بين أربعة بين : الأقرع بن حابس الحنظلى ثم المجاشعى وبين عيينة بن بدر الفزارى وبين زيد الخيل الطائى ثم أحد بنى نبهان وبين علقمة بن علاثة العامرى ثم أحد بنى كلاب قال فغضبت قريش والأنصار وقالت : يعطى صناديد أهل نجد ويدعنا. فقال : « إنما أتألفهم ». قال : فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق قال : اتق الله يا محمد. فقال : « من يطع الله إذا عصيته أيأمننى الله على أهل الأرض ولا تأمنونى ». قال : فلما ولى قال : « إن من ضئضئ هذا أو فى عقب هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم قتلتهم قتل عاد » .
ثم تأتي أحاديث للتصريح والتخصيص لمن أراد الحق فقد أخرج البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يقرأون الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ قَالَ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ" .
فهذه أحاديث ذكرت أن هؤلاء يخرجون في آخر الزمان من قبل المشرق ومن صفاتهم التحليق،
وهذه الصفة ثابتة عن أوائلهم لا محالة أثبتها المؤرخون والعلماء وأثبتوها هم أنفسهم ولما أراد مؤلف كتاب دعاوى المناوئين إبراء أتباع محمد بن عبدالوهاب من صفة التحليق المعروفة عند أوائلهم جاء بنص يثبت عكس ما يريد ويثبت أنهم كانوا يفعلون ذلك مع من يدخل دينهم ولكن لا يفعلونه دائماً بل أقر واعترف بأن الحلق هو العادة عندهم وأن ترك التحليق هو للسفهاء قال الشيخ عبد العزيز بن حمد - سبط الشيخ ابن عبدالوهاب - في جواب له، يذكر فيه السبب في حلقه عندهم في بلاد نجد، فقالوأما حديث كليب فهو يدل على الأمر بالحلق عند دخوله في الإسلام إن صح الحديث، ولا يدل على أن استمرار حلقه سنة، وأما تعزير من لم يحلق وأخذ ماله فلا يجوز وينهى فاعله عن ذلك؛ لأن ترك الحلق ليس منهيا عنه، وإنما نهى عنه ولي الأمر؛ لأن الحلق هو العادة عندنا، ولا يتركه إلا السفهاء عندنا، فنهى عن ذلك نهي تنزيه لا نهي تحريم سدا للذريعة؛ ولأن كفار زماننا لا يحلقون فصار في عدم الحلق تشبها بهم) .
وروى الإمام مسلم في صحيحه (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رسول الله : (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ هُنَاكَ الزَّلازِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ)
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي مسعود قال : أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده نحو اليمن فقال : " الإيمان يمان هنا هنا ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر " ) أهـ .
كل هذه الأحاديث تدل على أن نجداً هي الإقليم المعروف في جزيرة العرب وهذا ما قاله الامام ابن تيمية :
وهذا الشيخ العلامة سليمان بن عبد الوهاب القاضي الحنبلي النجدي شقيق محمد بن عبد الوهاب يصرح بأن نجداً هي بلاد الزلازل والفتن ويبوب باباً في كتابه "الصواعق الإلهية"في رده على اخيه محمد ابن عبد الوهاب: بعنوان (الشيطان في نجد)و ذكر فيه الأحاديث النبوية الصحيحة التي ذكر فيها أن رأس الكفر فيها، وأن بها الزلازل والفتن.
وأختم بما قاله الشيخ القاضي عبد الله بن عيسى المويسي الحنبلي في إحدى رسائله لابن عبدالوهاب:" أما قولك إن التوحيد جاء به الرسول ص وأنتم تنقضونه فلقد أخطأت ما صدر منا وإنما ينقض ما كتبته أنت توحيداً من تلقاء نفسك من تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم بلا برهان من الله ورسوله ص وما هي إلا طريقة الخوراج...."
وما قاله الشيخ العلامة عبدالله بن صوفان القدومي الحنبلي حمه الله تعالى في كتابه : "الرحلة الحجازية" عن هؤلاء القوم : " فإن قيل من أين علم أنهم يكفرون أهل الإسلام ؟ قلنا : ذاك أمر لاينكر ففي كتبهم المطبوعة قديما وحديثا ما لا يحصى وسمع من فلتات ألسنتهم شيء كثير يلقبون أهل الإسلام بعباد القبور ويقولون في سنة كذا زحفت جنود الموحدين على مكة وفر أهلها منها وتفرقوا شذر مذر إلى غير ذلك من العبارات الصريحة الدلالة فإنكار ذلك مكابرة. وقد نص كثير من علماء الأمة في كتبهم على ذلك فمن المتأخرين العلامة ابن عابدين في غالب كتبه والشيخ داود البغدادي-الحنبلي- والسيد أحمد زيني الملقب بدحلان وغيرهم من علماء الأمة ففي رسالة السيد أحمد دحلان مالفظه : أن محمدا بن عبدالوهاب كان يدعي الإنتساب إلى مذهب أحمد كذبا وتسترا وزورا والإمام أحمد بريء منه ولذلك انتدب كثير من علماء الحنابلة المعاصرين له للرد عليه حتى أخوه الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ألف رسالة في الرد عليه وقد أودعها مباحث شريفة وحججا منيفة وقد راجعتها مرارا عديدة ووقفت فيها على جمل مفيدة سلك فيها مسلك الإنصاف وتجنب التعصب والإعتساف فرحمه الله رحمة واسعة آمين" ا.هـ
منقول من كتاب : التكفير بين الحنابلة والسلفية المعاصرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق