ثبوت شفاعة التخفيف لمن شاء الله من الكفار
اتفق المسلمون على أن من مات على الكفر فإنه يدخل النار خالدا فيها،
وأنه لا يخرجه من النار ولا يخفف عنه بإيقاف عذابه عمل حسن عمله فى حياته الدنيا لقوله تعالى:"لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون"، "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا" ،
"والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا
ولا يخفف عنهم من عذابـها"
فإخراجهم من النار أو تخفيف العذاب عنهم بإيقافه لا يكون
ولا يحصل لأجل هذه النصوص،فأما نقل الكفار فى النار من درك أسفل
وأشد إلى درك أعلى وأخف،أو تغيير نوع تعذيبهم وتخفيفه فهذا الذى بيّن العلماء سلفا وخلفا أنه سيقع لبعض الكفار قطعا
وقال به الإمام البيهقى والإمام النووى والإمام القرطبى والإمام ابن حجر والإمام السيوطى والحافظ شمس الدين الدمشقى وابن المنير والإمام القسطلانى والإمام الزرقانى وإمام القراء شمس الدين ابن الجزرى وغيرهم،
وهذا الذى نطق به الصادق المعصوم
فيما جاءت به الأحاديث الصحيحة الصريحة التى خرجها البخارى ومسلم وغيرهما. فلا تعارض بين الأمرين.
وإنا نذكر هنا طرفا مما اتفق لنا مما رواه البخارى ومسلم، ومما قاله كبار أئمة المسلمين فى شروحهم وكتبهم مع ذكرنا لمراجعنا من كتبهم ليهتدى بذلك طالب الحق، ويراجعه مخبت إلى الله، وفى هذا الكفاية لمن أراد الله له الهداية.
قال الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله في كتابه فى
(حسن المقصد في عمل المولد):
"رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى
(عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه:
قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال:
في النار إلا أنه يخففعني كل ليلة اثنين،
وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه -،
وأن ذلك بإعتاقي لثويبة
عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له.
فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار
بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به
فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده
ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه المسمى
(مورد الصادي في مولد الهادي):
قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة
سرورا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أنشد:
إذا كان هـذا كافرا جـاء ذمـه * وتبت يـداه في الجحـيم مخـلدا
أتى أنـه في يـوم الاثنين دائـما * يخفف عنه للسـرور بأحــمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره * بأحمد مسرورا ومات موحـــدا"
انتهى نص السيوطى
وروى البخارى فى صحيحه بسنده عن عروة ما نصه:
"وثُوَيْبَةُ مَوْلَاةٌ لِأَبِي لَهَبٍ كَانَ أَبُو لَهَبٍأَعْتَقَهَا
فَأَرْضَعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّامَاتَ أَبُو لَهَبٍ
أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ قَالَ لَهُ مَاذَالَقِيتَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِيهَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ"[1]
وقال الإمام ابن حجر فى شرحه:
"قوله (بشر حيبة) بكسر المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة أيسوء حال.وقال ابن فارس:أصلها الحوبة وهي المسكنة والحاجة.
ووقع في {شرح السنة للبغوي} بفتح الحاء،
ووقع عند المستملي بفتح الخاء المعجمة أي في حالة خائبة من كل خير.
وقال القرطبي: يروى بالمعجمة، ووجدته في نسخة معتمدة بكسر المهملة
وهو المعروف، وحكى في {المشارق} عن رواية المستملي بالجيم ولا أظنه إلاتصحيفا، وهو تصحيف كما قال. قوله (لم ألق بعدكم، غير أني) كذا في الأصول بحذف المفعول.وفي رواية الإسماعيلي (لم ألق بعدكم رخاء) وعند عبد الرزاق عنمعمر عن الزهري ( لم ألق بعدكم راحة). قوله (بعتاقتي) بفتح العين، في رواية عبد الرزاق ( بعتقي )وهو أوجه
والوجه الأولى أن يقول بإعتاقي، لأن المراد التخليص من الرق.
وفي الحديث دلالة عل أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة؛
لكنه مخالف لظاهر القرآن،
قال الله تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)
وأجيب أولا بأن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكرمن حدثه به،
وعلى تقدير أن يكون موصولا
فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه، وثانيا على تقدير القبول فيحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا من ذلك، بدليل قصة أبي طالب كماتقدم أنه خفف عنه فنقل من الغمرات إلى الضحضاح.
وقال البيهقي: ما ورد من بطلان الخير للكفار فمعناه أنهم لا يكون لهم التخلص من النار ولا دخول الجنة،
ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم سوى الكفر بما عملوه من الخيرات.
وأما عياض فقال: انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب؛ وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض.
قلت: وهذا لا يرد الاحتمال الذي ذكره البيهقي، فإن جميع ما ورد منذلك فيما يتعلق بذنب الكفر،
وأما ذنب غير الكفر فما المانع من تخفيفه؟ وقالالقرطبي: هذا التخفيف خاص بـهذا وبمن ورد النص فيه.
وقال ابن المنير في الحاشية: هنا قضيتان إحداهما محال وهي اعتبارطاعة الكافر مع كفره، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح، وهذا مفقود من الكافر.الثانية إثابة الكافر على بعض الأعمال تفضلا من الله تعالى، وهذا لايحيله العقل، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق أبي لهب لثويبة قربة معتبرة، ويجوز أن يتفضلالله عليه بما شاء كما تفضل علي أبي طالب، والمتبع في ذلك التوقيف نفيا وإثباتا.قلت: وتتمة هذا أن يقع التفضل المذكور إكراما لمن وقع من الكافرالبر له ونحو ذلك، والله أعلم"[2]انتهى كلام ابن حجر
وقد عقد الإمام مسلم فى صحيحه فى كتاب الإيمان بابا بعنوان: "باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه".
وروى فيه بسنده: "عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ"[3]. "...عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ، فَهَلْ نَفَعَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَجَدْتُهُ فِي غَمرَاتٍ مِنَ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ"[4].
وأخرج البخارى بسنده عن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه أنه "قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ"[5].
قال الإمام ابن حجر فى شرحه: " قوله: (هو في ضحضاح) بمعجمتين ومهملتين هو استعارة، فإن الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب، ويقال أيضا لما قد قرب من الماء وهو ضد الغمرة، والمعنى أنه خُفِّفَ عنه العذاب.[6] "
وروى الإمام البخارى أيضا فى صحيحه بسنده:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ
قال الإمام ابن حجر فى شرحه ما نصه: "حديث أبي سعيد في ذكر أبي طالب، تقدم في قصة أبي طالب من طريق الليث حدثني ابن الهاد وعطف عليه السند المذكور هنا واختصر المتن، ويزيد المذكور هنا هو ابن الهاد المذكور هناك، واسم كل من ابن أبي حازم والدراوردي عبد العزيز، وهما مدنيان مشهوران وكذا سائر رواة هذا السند.
قوله (لعله تنفعه شفاعتي) ظهر من حديث العباس وقوع هذا الترجي، واستشكل قوله صلى الله عليه وسلم تنفعه شفاعتي بقوله تعالى (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) وأجيب بأنه خُصَّ، ولذلك عدوه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بـها في الآية الإخراج من النار وفي الحديث المنفعة بالتخفيف، وبـهذا الجواب جزم القرطبي.وقال البيهقي في البعث: صحة الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية، ووجهه عندي أن الشفاعة في الكفار إنما امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد، وهو عام في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه، قال: وحمله بعض أهل النظر على أن جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه، فيجوز أن الله يضع عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيه تطييبا لقلب الشافع لا ثوابا للكافر لأن حسناته صارت بموته على الكفر هباء.وقال القرطبي في " المفهم ": اختلف في هذه الشفاعة هل هي بلسان قولي أو بلسان حالي؟ والأول يشكل بالآية، وجوابه جواز التخصيص؛ والثاني يكون معناه أن أبا طالب لما بالغ في إكرام النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه جوزي على ذلك بالتخفيف فأطلق على ذلك شفاعة لكونها بسببه.قال: ويجاب عنه أيضا أن المخفف عنه لما لم يجد أثر التخفيف فكأنه لم ينتفع بذلك، ويؤيد ذلك ما تقدم أنه يعتقد أن ليس في النار أشد عذابا منه، وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال فالمعذب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه أنه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف. قلت: وقد يساعد ما سبق ما تقدم في النكاح (فى متن البخارى) من حديث أم حبيبة في قصة بنت أم سلمة " أرضعتني وإياها ثويبة " قال عروة " إن أبا لهب رؤى في المنام فقال: لم أر بعدكم خيرا غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة " وقد تقدم الكلام عليه هناك.
وجوّز القرطبي في " التذكرة " أن الكافر إذا عرض على الميزان ورجحت كفة سيئاته بالكفر اضمحلت حسناته فدخل النار، لكنهم يتفاوتون في ذلك: فمن كانت له منهم حسنات من عتق ومواساة مسلم ليس كمن ليس له شيء من ذلك، فيحتمل أن يجازي بتخفيف العذاب عنه بمقدار ما عمل، لقوله تعالى (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا)". انتهى[7]
وقال الإمام القسطلانى فى المواهب اللدنية ما نصه: "وقد رؤى أبو لهب بعد موته فى النوم فقيل له ما حالك؟ قال فى النار إلا أنه خفف عنى كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي هاتين ماء وأشار برأس أصبعه وأن ذلك بإعتاقي لثويبة حين بشرتنى بولادة النبى صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له. قال ابن الجزرى فإذا كان هذا الكافر الذى نزل القرآن بذمه جوزى فى النار بفرحه ليلة مولد النبى صلى الله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمته عليه السلام يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته فى محبته صلى الله عليه وسلم؟! لعمرى إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم"[8]
وكان مما قال الإمام الزرقانى فى شرحه لهذا النص:
"قد تعسف من قال ما يسقاه ليس من الجنة لأن الله حرمها على الكافرين فإنه لا يتوهم أحد أنه من الجنة سواء قلنا إنه يسقى مما يمصه أو يؤتى له به من خارج" [9]
وقال ما نصه: "ولا يعارضه قوله تعالى فجعلناه هباء منثورا لأنه لما لم ينجهم من النار ويدخلهم الجنة كأنه لم يفدهم أصلا كما أشار إليه البيهقى، أو لأنه هباء بعد الحشر وهذا قبله، وقال السهيلى: هذا النفع إنما هو نقصان من العذاب وإلا فعمل الكافر كله محبط بلا خلاف أى لا يجده فى ميزانه ولا يدخل به الجنة. انتهى. وجوَّز الحافظ تخفيف عذاب غير الكفر بما عملوه من الخير بناء على أنهم مخاطبون بالفروع. وفى التوشيح: قيل هذا خاص به إكراما للنبى صلى الله عليه وسلم كما خفف عن أبى طالب بسببه. وقيل: لا مانع من تخفيف العذاب عن كل كافر عمل خيرا"
ثم قال الإمام الزرقانى: "ولله در حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر فى قوله...".ثم ذكر الأبيات السابقة. [10]
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
[1] فتح الباري، شرح صحيح البخاري، للإمام ابن حجر العسقلاني، المجلد التاسع ، كِتَاب النِّكَاحِ ، باب وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ (9/181).
[2] السابق (فتح الباري، شرح صحيح البخاري، للإمام ابن حجر العسقلاني، المجلد التاسع ، كِتَاب النِّكَاحِ ، باب وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) ملخصا، وانظر أيضا عمد القارى للعينى 20/95
[3] صحيح مسلم بشرح النووي، الجزء الثالث ، تتمة كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبي طالب والتخفيف عنه بسببه (3/84)
[4] السابق.
[5] صحيح البخاري مع فتح الباري، المجلد السابع، بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ، باب قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ.
[6] السابق.
[7] فتح الباري، شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني المجلد الحادي عشر، كِتَاب الرِّقَاقِ ، باب صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مختصرا
[8] المواهب اللدنية بشرح الزرقانى 1/138-139
[9] الواهب اللدنية بشرح الزرقانى 1/138
[10] السابق 1/139
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق