التوسل بقبر النبي صل الله عليه وسلم بإرشاد السيدة عائشة قال الإمام الحافظ الدارمي في كتابه السنن [باب ما أكرم الله تعالى نبيه r بعد موته] : حدثنا أبو النعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال : قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة، فقالت : أنظروا قبر النبي r فاجعلوا منه كوا إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ، قال : ففعلوا ، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل (تفتقت من الشحم فسمى عام الفتق ، ومعنى كوا أي نافذة). اهـ سنن الدارمي ج1 ص43 . فهذا توسل بقبره صل الله عليه وسلم لا من حيث كونه قبراً ، بل من حيث كونه ضم جسد أشرف المخلوقين وحبيب رب العالمين ، فتشرف بهذه المجاورة العظيمة واستحق بذلك المنقبة الكريمة .تخريج الحديث : أما أبو النعمان فهو محمد بن الفضل الملقب بعارم شيخ البخاري ، قال الحافظ في التقريب عنه : - ثقة ثبت – تغير في آخر عمره . قلت : وهذا لا يضره ولا يقدح في روايته لأن البخاري روى له في صحيحه أكثر من مائة حديث وبعد اختلاطه لم تحمل عنه رواية ، قاله الدارقطني ، ولا ينبّئك مثل خبير . وقد ردّ الذهبي على ابن حبان قوله: (بأنه وقع له أحاديث منكرة) فقال: ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثاً منكراً فأين ما زعم؟(كذا في ميزان الاعتدال ج4 ص8). وأما سعيد بن زيد فهو صدوق له أوهام ، وكذلك حال عمرو بن مالك النكرى كما قال الحافظ ابن حجر عنهما في التقريب . وقد قرر العلماء بأن هذه الصيغة وهي – صدوق يهم – من صيغ التوثيق لا من صيغ التضعيف (كذا في تدريب الراوي) . وأما أبو الجوزاء فهو أوس بن عبد الله الربعي وهو ثقة من رجال الصحيحين فهذا سند لا بأس به ، بل هو جيّد عندي ، فقد قبل العلماء واستشهدوا بكثير من أمثاله وبمن هم أقل حالاً من رجاله . السيدة عائشة وموقفها من قبر النبي صل الله عليه وسلم : أما قول بعضهم : بأن هذا الأثر موقوف على عائشة وهي صحابية ، وعمل الصحابة ليس بحجة ، فالجواب هو أنه وإن كان رأياً لعائشة إلا أنها رضي الله عنها معروفة بغزارة العلم ، وفعلت ذلك في المدينة بين علماء الصحابة . ويكفينا من هذه القصة أنها دليل على أن عائشة أم المؤمنين تعلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم لا زال بعد وفاته رحيماً وشافعاً لأمته وأن من زاره واستشفع به شفع له ، كما فعلت أم المؤمنين ، وليس هو من قبيل الشرك أو من وسائل الشرك كما يلغط به هؤلاء المكفرون المضللون ، فإن عائشة ومن شهدها لم يكونوا ممن يجهلون الشرك ولا ما يمت إليه . فالقصة تدمغ هؤلاء وتثبت أن النبي صل الله عليه وسلم يهتم بأمته في قبره حتى بعد وفاته ، وقد ثبت أن أم المؤمنين عائشة قالت : كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صل الله عليه وسلم وأضع ثيابي ، وأقول إنما هو زوجي وأبي ، فلما دفن عمر معهما فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة حياء من عمر . (رواه أحمد) . قال الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ج8 ص26) ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يعترضه الذهبي بشيء (ج4 ص7) . ولم تعمل عائشة هذا باطلاً بل هي تعلم أن النبي صل الله عليه وسلم وصاحبيه يعلمان من هو عند قبورهم . وقد قال النبي صل الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله لليمن : فلعلك تمر بقبري ومسجدي . (رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات إلا يزيد لم يسمع من معاذ ((كذا في مجمع الزوائد ج10 ص55)) ) فتوفي رسول الله صل الله عليه وسلم وجاء معاذ إلى قبر النبي صل الله عليه وسلم باكياً . وشاهده عمر بن الخطاب على هذا الحال وجرت بينهما هذه المحادثة كما رواها زيد ابن أسلم عن أبيه قال : خرج عمر إلى المسجد فوجد معاذ بن جبل عند قبرالنبي صل الله عليه وسلم يبكي ، قال : ما يبكيك ؟ قال : حديث سمعته عن رسول الله صل الله عليه وسلم (اليسير من الرياء شرك)) . قال الحاكم : صحيح ولا يعرف له علة ، ووافقه الذهبي فقال : صحيح ولا علة له . (كذا في المستدرك ج1 ص4) . وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رواه ابن ماجه والبيهقي والحاكم وقال : صحيح لا علة له ، وأقره أعني المنذري (ج1 ص32) . التوسل بقبر النبي صل الله عليه وسلم في خلافة عمر رضي الله عنه وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو نصر بن قتادة وأبو بكر الفارسي قالا : حدثنا أبو عمر بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي r فقال : يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتاه رسول الله صل الله عليه وسلم في المنام فقال : (( ائت عمر فأقرئه مني السلام وأخبرهم أنهم مسقون ، وقل له : عليك بالكيس الكيس )) .. فأتى الرجل فأخبر عمر ، فقال : يارب ! ما آلو إلا ما عجزت عنه .وهذا إسناد صحيح . [كذا قال الحافظ ابن كثير في البداية (ج1 ص91) في حوادث عام ثمانية عشر] . وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري – وكان خازن عمر – قال : ((أصاب الناس قحط في زمن عمر رضي الله عنه فجاء رجل إلى قبر النبي r فقال : يارسول الله صل الله عليه وسلم استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر ، الحديث . وقد روى سيف في الفتوح : أن الذي رأى في المنام المذكور هو بلال ابن الحارث المزني أحد الصحابة . قال ابن حجر : إسناده صحيح اهـ . (صحيح البخاري كتاب الاستسقاء) ، [ فتح الباري ص415 ج2 ](14) [2]. ولم يقل أحد من الأئمة الذين رووا الحديث ولا من بعدهم ممن مر بتصانيفهم من الأئمة أنه كفر وضلال ولا طعن أحد في متن الحديث به ، وقد أورد هذا الحديث ابن حجر العسقلاني وصحح سنده كما تقدم ، وهو من هو في علمه وفضله ووزنه بين حفاظ الحديث مما لا يحتاج إلى بيان وتفصيل قصة العتبى في التوسل قال الإمام الحافظ عماد الدين ابن كثير : ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل (( الحكاية المشهورة )) عن العتبى قال : كنت جالساً عند قبر النبي صل الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشد يقول : يا خير من دفنت بالقاع أعظمه :: فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه :: فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صل الله عليه وسلم في النوم فقال : [إلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له] . فهذه القصة رواها الإمام النووي في كتابه المعروف بالإيضاح في الباب السادس ص498 ، ورواها أيضاً الحافظ عماد الدين ابن كثير في تفسيره الشهير عند قوله تعالى : } وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ { .. الآية . ورواها أيضاً الشيخ أبو محمد ابن قدامة في كتابه المغني (ج3 ص556)، ونقلها أيضاً الشيخ أبو الفرج ابن قدامة في كتابه الشرح الكبير (ج3 ص495)، ونقلها أيضاً الشيخ منصور بن يونس البهوتي في كتابه المعروف بكشاف القناع من أشهر كتب المذهب الحنبلي (ج5 ص30)(16)[4]. وذكر الإمام القرطبي عمدة المفسرين قصة تشبهها في تفسيره المعروف بالجامع، قال: روى أبو صادق عن علي قال : قدم علينا أعرابي بعد ما دفنَّا رسول الله صل الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صل الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال : قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ) .. الآية ، وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر : إنه قد غفر لك .[تفسير القرطبي ج5 ص265] . هذه قصة العتبى وهؤلاء هم الذين نقلوها وسواء أكانت صحيحة أم ضعيفة من ناحية السند الذي يعتمد عليه المحدثون في الحكم على أي خبر، فإننا نتساءل ونقول هل نقل هؤلاء الكفر والضلال ؟ .. أو نقلوا ما يدعو إلى الوثنية وعبادة القبور ؟ . إذا كان الأمر كذلك فأي ثقة فيهم أو في كتبهم ؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم . أبيات العتبي على شباك النبي صل الله عليه وسلم تقدم ذكر البيتين الذين أنشدهما الأعرابي عند زيارته للنبي صل الله عليه وسلم ، ورواها العتبى وهي : يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم وهذه الأبيات مكتوبة بفضل الله على المواجهة النبوية الشريفة في العامود الذي بين شباك الحجرة النبوية يراها القاصي والداني منذ مئات السنين حتى في عهد المرحوم الملك عبد العزيز ، فالملك سعود فالملك فيصل فالملك خالد رحمهم الله تعالى ، فالملك فهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، وستبقى بإذن الله بناء على توجيهات خادم الحرمين بالمحافظة على كل ما في المسجد النبوي الشريف وعدم إزالة أي أثر قديم . ] ] ] |
*أخرج ابن أبي خيثمة في تاريخه - (ج 1 / ص 444) قال:حَدَّثَنا إبراهيم بن الْمُنْذِر ، قال : حدثنا سفيان بن حمزة ، عن كثير بن زيد ، عن المطلب بن حنطب ، قال : جاء أبو أيوب الأَنْصَارِيّ يريد أن يُسَلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء مَرْوَان وهو كذلك فأخذ برقبته ، فقال : هل تدري ما تصنع ؟ فقال : قد دريت أني لم آتِ الخدر ولا الحجر ولكني جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "لا تبكوا على الدين ما وليه أهله ، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله".
قلت:إسناده حسن،وصححه الحاكم والذهبي وحسنه السّبكي والسمهودي والصالحي الدمشقي،والمناوي.
وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده من طريق آخر قال:حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:أَقْبَلَ مَرْوَانُ يَوْمًا فَوَجَدَ رَجُلًا وَاضِعًا وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ أَتَدْرِي مَا تَصْنَعُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ نَعَمْ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ آتِ الْحَجَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ وَلَكِنْ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ.
وأخرجه كذلك الحاكم في المستدرك وابن عساكر في تاريخ دمشق - (ج 57 / ص 249) من طريق عبد الملك بن عمرو العقدي ، ثنا كثير بن زيد ، عن داود بن أبي صالح ، قال : أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر ، فأخذ برقبته وقال : أتدري ما تصنع ؟ قال : نعم ، فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، فقال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر.
وقال: « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه »،وأقرّه الذهبي في التلخيص.
وأخرجه الطبراني في الأوسط من طريق شيخيه هارون بن سليمان أبي ذر، وأحمد بن رشدين قال: حدثنا سفيان بن بشر الكوفي قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب به.
وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي أيوب إلا بهذا الإسناد تفرد به حاتم.اهـ وليس كما قال فقد تابعه عبد الملك بن عمرو العقدي الثقة الحافظ،والصدوق سفيان بن حمزة كما تقدّم معك،وتابعهما أيضا عمر بن خالد عن أبي نباتة عن كثير بن يزيد عن المطلب به كما في خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - (ج 1 / ص 59) للسمهودي،إلا أن حاتم بن إسماعيل وسفيان بن حمزة وأبا نباتة رووه عن زيد بن كثير عن المطلب بن حنطب،وخالفهم عبد الملك بن عمر العقدي،فقال: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ به،ورواية الجماعة هي المحفوظة،والأصح،
وقد غفل عن هذه العلة أحد المعاصرين واعتمد رواية العقدي واضطر لتضعيفها بسبب جهالة داود بن صالح،ولم يطلع على طريق ابن أبي خيثمة المحفوظة وليس فيها داود بن أبي صالح.والحديث مداره على زيد بن كثير،قال الحافظ في التقريب: كثير بن زيد الأسلمى السهمى ، من الطبقة : 7 : من كبار أتباع التابعين ،روى له : ( البخاري في جزء القراءة خلف الإمام وأبو داود والترمذي وابن ماجه )،وقال : صدوق يخطىء،وقال الذهبي : قال أبو زرعة : صدوق فيه لين.قلت: وثقه أحمد وضعفه النسائي،وهو صدوق حسن الحديث،ويخطئ أحيانا.،ولو لاه لحكمنا على الحديث بالصّحة.
الملائكة مع عظم مكانتها تزوره صلى الله عليه وآله وسلم كوكبة تلو الأخرى،
فقد روى الدرامى فى مسنده حدثنا عبد الله بن صالح حدثنى الليث خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن نبيه بن وهب أن كعبا دخل على السيدة عائشة رضى الله عنها فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كعب: (ما من يوم يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بقبر النبى صلى الله عليه وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج فى سبعين ألفا من الملائكة يزفونه) الجزء الأول من مسند الدارمى.والإمام مالك رحمة الله قال لأبى جعفر المنصورى أثناء زيارته للروضة الشريفة: (إن حرمته ميتا كحرمته حيا)
كيف لا ننوى زيارة روضته وهى روضة من رياض الجنة ؟
كيف لا نذهب لنأتنس به ونشكره وفاءا وإقرارا بفضله والأنبياء أحياء بل هم فى أكمل حياة
روي الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله الدرامي في كتابه السنن - الذي يعتبر من كتب الأصول الحديثية الستة - قال: أخبرنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز قال: لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلاَّ بهمهمة يسمعها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر معناه[7] أ. هـ ذكر الشيخ ابن تيمية هذه الوقائع في معرض كلامه عن اتخاذ القبر مسجداً أو وثنا يُعبد ثم قال (ولا يدخل في هذا الباب ما يروي من أن قوماً سمعوا ردَّ السلام من قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم أو قبور غيره من الصالحين وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الآذان من القبر ليالي الحرة ونحو ذلك)[8] أ. هـ[9] ثم قال في موضع آخر: وكذلك ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقي الشياطين والبهائم لها واندفاع النار عنها وعمن جاورها وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتي واستحباب الاندفان عند بعضهم وحصول الأنس والسكينة عندها ونزول العذاب بمن استهان بها فجنس هذا حق ليس مما نحن فيه وما في قبور الأنبياء والصالحين من كرامة الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك
كيف لا نزوره وننوى زيارته ونشد الرحال إليه وقد شد الرحال إليه من هو أفضل منا ؟
وروى ابن عساكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداري بعد فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال :" ثم إن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له:" ماهذه الجفوة يابلال ؟ أما آن لك أن تزورني!" فانتبه حزينا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ومرغ وجهه عليه. " وقال الحافظ تقي الدين السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام:" وممن روي ذلك عنه من الصحابة بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر من الشام إلى المدينة لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم روينا ذلك بإسناد جيد إليه ." وفي تحفة ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال:" لما رمس رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله عنها فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعتها على عينها وبكت وأنشأت تقول : ماذا على من شم تربة أحمد أن لايشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام عدن لياليا . " وروى الإمام أحمد في المسند أن مروان أقبل يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال:" أتدري ما تصنع؟ " فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال:" نعم ! جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر! سمعت رسول الله يقول:" لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله." وأخرجه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي في التلخيص . وذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:"{ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك…} الآية روى عن علي قال:" قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال:" قلت يارسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك {ولو أنهم ظلموا أنفسهم …..}الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر :" أنه قد غفر لك !"
ذكر الحافظ ابن عساكر والحافظ عبد الغنى المقدسى الحنبلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلالا فى منامه حينما كان بالشام فى ضيافة معاوية وقال له: أوحشتنا يا بلال، فإنتبه حزينا وركب راحلته قاصدا المدينة فأتى قبرالنبى صلى الله عليه وسلم فجعل يبكى ويمرغ وجهه على القبر ويقول: (أوحشتنى يارسول الله) >
وذكر أيضا الحافظ ابن عساكر والحافظ عبد الغنى المقدسى الحنبلى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما قدم بيت المقدس أيام خلافته وأسلم على يديه كعب وكان من عظماء أحبار يهود فرح بإسلامه وقال له: هل لك أن تسير معى إلى المدينة وتزور قبر النبى صلى الله عليه وسلم وتتمتع بزيارته فقال أفعل ذلك وسار معه. وذكر ابن الجوزى فى كتابه (مثير العزم الساكن إلى زيارة أشرف الأماكن) أن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه كان يبعث البريد من الشام إلى المدينة يقول: سلم لى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا نظرنا إلى ما حول القبر من الروضة التى هى قطعة من الجنة والمنبر الذى نال الشرف الأعلى بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وسيكون يوم القيامة على حوضه العظيم، وإلى الجذع الذى حن إليه حنين الثكلى وسيكون يوم القيامة فى جنة الخلد وسط أشجارها، وقد قيل أنه دفن فى موضعه بالمسجد فلا أظن أن عاقلا حريصا على الخير يتوقف عن الدعاء فى هذه البقاع،
قلت:إسناده حسن،وصححه الحاكم والذهبي وحسنه السّبكي والسمهودي والصالحي الدمشقي،والمناوي.
وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده من طريق آخر قال:حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ:أَقْبَلَ مَرْوَانُ يَوْمًا فَوَجَدَ رَجُلًا وَاضِعًا وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ أَتَدْرِي مَا تَصْنَعُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ نَعَمْ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ آتِ الْحَجَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ وَلَكِنْ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ.
وأخرجه كذلك الحاكم في المستدرك وابن عساكر في تاريخ دمشق - (ج 57 / ص 249) من طريق عبد الملك بن عمرو العقدي ، ثنا كثير بن زيد ، عن داود بن أبي صالح ، قال : أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر ، فأخذ برقبته وقال : أتدري ما تصنع ؟ قال : نعم ، فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، فقال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر.
وقال: « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه »،وأقرّه الذهبي في التلخيص.
وأخرجه الطبراني في الأوسط من طريق شيخيه هارون بن سليمان أبي ذر، وأحمد بن رشدين قال: حدثنا سفيان بن بشر الكوفي قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب به.
وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي أيوب إلا بهذا الإسناد تفرد به حاتم.اهـ وليس كما قال فقد تابعه عبد الملك بن عمرو العقدي الثقة الحافظ،والصدوق سفيان بن حمزة كما تقدّم معك،وتابعهما أيضا عمر بن خالد عن أبي نباتة عن كثير بن يزيد عن المطلب به كما في خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - (ج 1 / ص 59) للسمهودي،إلا أن حاتم بن إسماعيل وسفيان بن حمزة وأبا نباتة رووه عن زيد بن كثير عن المطلب بن حنطب،وخالفهم عبد الملك بن عمر العقدي،فقال: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ به،ورواية الجماعة هي المحفوظة،والأصح،
وقد غفل عن هذه العلة أحد المعاصرين واعتمد رواية العقدي واضطر لتضعيفها بسبب جهالة داود بن صالح،ولم يطلع على طريق ابن أبي خيثمة المحفوظة وليس فيها داود بن أبي صالح.والحديث مداره على زيد بن كثير،قال الحافظ في التقريب: كثير بن زيد الأسلمى السهمى ، من الطبقة : 7 : من كبار أتباع التابعين ،روى له : ( البخاري في جزء القراءة خلف الإمام وأبو داود والترمذي وابن ماجه )،وقال : صدوق يخطىء،وقال الذهبي : قال أبو زرعة : صدوق فيه لين.قلت: وثقه أحمد وضعفه النسائي،وهو صدوق حسن الحديث،ويخطئ أحيانا.،ولو لاه لحكمنا على الحديث بالصّحة.
الملائكة مع عظم مكانتها تزوره صلى الله عليه وآله وسلم كوكبة تلو الأخرى،
فقد روى الدرامى فى مسنده حدثنا عبد الله بن صالح حدثنى الليث خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن نبيه بن وهب أن كعبا دخل على السيدة عائشة رضى الله عنها فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كعب: (ما من يوم يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بقبر النبى صلى الله عليه وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج فى سبعين ألفا من الملائكة يزفونه) الجزء الأول من مسند الدارمى.والإمام مالك رحمة الله قال لأبى جعفر المنصورى أثناء زيارته للروضة الشريفة: (إن حرمته ميتا كحرمته حيا)
كيف لا ننوى زيارة روضته وهى روضة من رياض الجنة ؟
كيف لا نذهب لنأتنس به ونشكره وفاءا وإقرارا بفضله والأنبياء أحياء بل هم فى أكمل حياة
روي الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله الدرامي في كتابه السنن - الذي يعتبر من كتب الأصول الحديثية الستة - قال: أخبرنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز قال: لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلاَّ بهمهمة يسمعها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر معناه[7] أ. هـ ذكر الشيخ ابن تيمية هذه الوقائع في معرض كلامه عن اتخاذ القبر مسجداً أو وثنا يُعبد ثم قال (ولا يدخل في هذا الباب ما يروي من أن قوماً سمعوا ردَّ السلام من قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم أو قبور غيره من الصالحين وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الآذان من القبر ليالي الحرة ونحو ذلك)[8] أ. هـ[9] ثم قال في موضع آخر: وكذلك ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقي الشياطين والبهائم لها واندفاع النار عنها وعمن جاورها وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتي واستحباب الاندفان عند بعضهم وحصول الأنس والسكينة عندها ونزول العذاب بمن استهان بها فجنس هذا حق ليس مما نحن فيه وما في قبور الأنبياء والصالحين من كرامة الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك
كيف لا نزوره وننوى زيارته ونشد الرحال إليه وقد شد الرحال إليه من هو أفضل منا ؟
وروى ابن عساكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداري بعد فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال :" ثم إن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له:" ماهذه الجفوة يابلال ؟ أما آن لك أن تزورني!" فانتبه حزينا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ومرغ وجهه عليه. " وقال الحافظ تقي الدين السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام:" وممن روي ذلك عنه من الصحابة بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر من الشام إلى المدينة لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم روينا ذلك بإسناد جيد إليه ." وفي تحفة ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال:" لما رمس رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله عنها فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعتها على عينها وبكت وأنشأت تقول : ماذا على من شم تربة أحمد أن لايشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام عدن لياليا . " وروى الإمام أحمد في المسند أن مروان أقبل يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال:" أتدري ما تصنع؟ " فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال:" نعم ! جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر! سمعت رسول الله يقول:" لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله." وأخرجه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي في التلخيص . وذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:"{ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك…} الآية روى عن علي قال:" قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال:" قلت يارسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك {ولو أنهم ظلموا أنفسهم …..}الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر :" أنه قد غفر لك !"
ذكر الحافظ ابن عساكر والحافظ عبد الغنى المقدسى الحنبلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلالا فى منامه حينما كان بالشام فى ضيافة معاوية وقال له: أوحشتنا يا بلال، فإنتبه حزينا وركب راحلته قاصدا المدينة فأتى قبرالنبى صلى الله عليه وسلم فجعل يبكى ويمرغ وجهه على القبر ويقول: (أوحشتنى يارسول الله) >
وذكر أيضا الحافظ ابن عساكر والحافظ عبد الغنى المقدسى الحنبلى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما قدم بيت المقدس أيام خلافته وأسلم على يديه كعب وكان من عظماء أحبار يهود فرح بإسلامه وقال له: هل لك أن تسير معى إلى المدينة وتزور قبر النبى صلى الله عليه وسلم وتتمتع بزيارته فقال أفعل ذلك وسار معه. وذكر ابن الجوزى فى كتابه (مثير العزم الساكن إلى زيارة أشرف الأماكن) أن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه كان يبعث البريد من الشام إلى المدينة يقول: سلم لى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا نظرنا إلى ما حول القبر من الروضة التى هى قطعة من الجنة والمنبر الذى نال الشرف الأعلى بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وسيكون يوم القيامة على حوضه العظيم، وإلى الجذع الذى حن إليه حنين الثكلى وسيكون يوم القيامة فى جنة الخلد وسط أشجارها، وقد قيل أنه دفن فى موضعه بالمسجد فلا أظن أن عاقلا حريصا على الخير يتوقف عن الدعاء فى هذه البقاع،
.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق