قال تعالى :{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}(6الاسراء)
والكَرَّة الرجعة والدُّولة أي ثم بعد مرور سنوات أو وقت مقدور غيرنا الأحوال وبدلنا الحوادث وأظفرناكم بهم والخطاب مازال لبنى إسرائيل و ذلك حين قتل داودُ جالوتَ وعاد ملكهم إليهم، وحكي أن رجلاً دعا على بختنصر فقتله الله، فبقتلُ بُخْتنصّر واستنقاذُ بني إسرائيلَ أُساراهم وأموالَهم ورجوعُ المُلْك إليهم ولكن لم تقم لهم دولة بذاتهم
وقيل ذلك أنه لما ورِث بهمنُ بنُ إسفنديارَ المُلكَ من جدّه كشتاسفَ بنِ لـهراسب ألقى اللـه تعالى في قلبه الشفقةَ عليهم فردّ أُساراهم إلى الشام وملّك عليهم دانيال عليه السلام فاستولَوا على من كان فيها من أتباع بُخْتنصر.وقيل بظهور كورش الهمذاني على بختنصر وقيل قيض الله ملكاً آخر غزا أهل بابل، واتفق أن تزوج الملك بامرأة من بني إسرائيل فطلبت تلك المرأة من ذلك الملك أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل، فأخذوا ما كان في يد بختنصر من المال والأسرى
ونهاية فبعد مدة قامت فيهم الأنبياء ورجعوا إلى أحسن ما كانوا، أي صاروا أكثر عدداً وأموالاً وأنصاراً منهم بعد الانتقام منهم في المرة الأولىوكان ذلك بعد مدة من الزمن قدرها بعضهم بمائة سنة، حين تاب بنو إسرائيل عن ذنوبهم ورجعوا عن الإفساد
فال تعالى إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) (7الإسراء)
فإن أحسنتم بفعل الطاعات ،فإنَّ ببركة تلك الطاعات يفتح الله عليكم أبواب الخيرات وإن أسأتم بفعل المحرمات، فقد أسأتم إلى أنفسكم فإن بشؤم تلك المعاصي يفتح الله عليكم أبواب العقوبات فإذا جاء وعد عقاب المرة الثانية أو وعد المرة الآخرة وهنا كما قيل في المرة الأولى أراء كثيرة للسادة المحدثين والعلماء أشهرها بعثنا تطوس بن إسبيانوس الرومي مع جنوده ليجعلوا آثار الحزن ظاهرة في وجوهكم -كما بكثير من كتب التفسيرأو بعث الله عليهم قوماً ليسوءوا وجوههم فيظهر عليها أثر الحزن والقهر والمذلة بما استحقوا من العقاب وعندها يدخل القاهرون الذين على أيديهم جاء العقاب المسجد، أي بيت المقدس، أو الأرض المقدسة، فيستولون عليه أو يدمروه ويقهرونهم عليه ويملكونه من اليهود ثانية كما حدث مع العقاب أول مرة عندما دخله بختنصر وأصحابه
(وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) فيهدِّموا ويدمِّروا ما أقاموا وبنوا، أو ما شيدوا وأنشأوا، من البيوت أو المباني وقال بعضهم: المرة الثانية هي مرة بختنصر، إذ أن بختنصر غزاهم ثلاث مرات متتاليات وكانت ثالثتهم هي المدمرة
قال تعالى: (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا )(8الإسراء)
وإن عدتم للإفساد المرة الثالثة فإنه جلَّ وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم فالوعيد إن تكرر الإفساد تكرر الانتقام ولم يبين سبحانه هنا هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أم لا
ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، ومحاولة قتله كما ورد في السنة الشريفة إلى غير ذلك من أفعالـهم القبيحة فعاد اللـه عزَّ وجلَّ للانتقام منهم تصديقاً لقولـه بأن سلط عليهم نبيَّه صلى الله عليه وسلم. فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء وضرب الجزية على من بقي منهم، وضَرْب الذلة والمسكنة وربما كانت الثالثة والرابعة أو أكثر، فقد تكرر الفساد والعقاب والعودة إلى الله ورفع العقاب وتحسبن الأحوال ثم تدور الدورة فتكرر ذلك العديد من المرات والله أعلم بمراده في آياته
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...C9&id=86&cat=2
منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا
والكَرَّة الرجعة والدُّولة أي ثم بعد مرور سنوات أو وقت مقدور غيرنا الأحوال وبدلنا الحوادث وأظفرناكم بهم والخطاب مازال لبنى إسرائيل و ذلك حين قتل داودُ جالوتَ وعاد ملكهم إليهم، وحكي أن رجلاً دعا على بختنصر فقتله الله، فبقتلُ بُخْتنصّر واستنقاذُ بني إسرائيلَ أُساراهم وأموالَهم ورجوعُ المُلْك إليهم ولكن لم تقم لهم دولة بذاتهم
وقيل ذلك أنه لما ورِث بهمنُ بنُ إسفنديارَ المُلكَ من جدّه كشتاسفَ بنِ لـهراسب ألقى اللـه تعالى في قلبه الشفقةَ عليهم فردّ أُساراهم إلى الشام وملّك عليهم دانيال عليه السلام فاستولَوا على من كان فيها من أتباع بُخْتنصر.وقيل بظهور كورش الهمذاني على بختنصر وقيل قيض الله ملكاً آخر غزا أهل بابل، واتفق أن تزوج الملك بامرأة من بني إسرائيل فطلبت تلك المرأة من ذلك الملك أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل، فأخذوا ما كان في يد بختنصر من المال والأسرى
ونهاية فبعد مدة قامت فيهم الأنبياء ورجعوا إلى أحسن ما كانوا، أي صاروا أكثر عدداً وأموالاً وأنصاراً منهم بعد الانتقام منهم في المرة الأولىوكان ذلك بعد مدة من الزمن قدرها بعضهم بمائة سنة، حين تاب بنو إسرائيل عن ذنوبهم ورجعوا عن الإفساد
فال تعالى إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) (7الإسراء)
فإن أحسنتم بفعل الطاعات ،فإنَّ ببركة تلك الطاعات يفتح الله عليكم أبواب الخيرات وإن أسأتم بفعل المحرمات، فقد أسأتم إلى أنفسكم فإن بشؤم تلك المعاصي يفتح الله عليكم أبواب العقوبات فإذا جاء وعد عقاب المرة الثانية أو وعد المرة الآخرة وهنا كما قيل في المرة الأولى أراء كثيرة للسادة المحدثين والعلماء أشهرها بعثنا تطوس بن إسبيانوس الرومي مع جنوده ليجعلوا آثار الحزن ظاهرة في وجوهكم -كما بكثير من كتب التفسيرأو بعث الله عليهم قوماً ليسوءوا وجوههم فيظهر عليها أثر الحزن والقهر والمذلة بما استحقوا من العقاب وعندها يدخل القاهرون الذين على أيديهم جاء العقاب المسجد، أي بيت المقدس، أو الأرض المقدسة، فيستولون عليه أو يدمروه ويقهرونهم عليه ويملكونه من اليهود ثانية كما حدث مع العقاب أول مرة عندما دخله بختنصر وأصحابه
(وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) فيهدِّموا ويدمِّروا ما أقاموا وبنوا، أو ما شيدوا وأنشأوا، من البيوت أو المباني وقال بعضهم: المرة الثانية هي مرة بختنصر، إذ أن بختنصر غزاهم ثلاث مرات متتاليات وكانت ثالثتهم هي المدمرة
قال تعالى: (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا )(8الإسراء)
وإن عدتم للإفساد المرة الثالثة فإنه جلَّ وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم فالوعيد إن تكرر الإفساد تكرر الانتقام ولم يبين سبحانه هنا هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أم لا
ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، ومحاولة قتله كما ورد في السنة الشريفة إلى غير ذلك من أفعالـهم القبيحة فعاد اللـه عزَّ وجلَّ للانتقام منهم تصديقاً لقولـه بأن سلط عليهم نبيَّه صلى الله عليه وسلم. فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء وضرب الجزية على من بقي منهم، وضَرْب الذلة والمسكنة وربما كانت الثالثة والرابعة أو أكثر، فقد تكرر الفساد والعقاب والعودة إلى الله ورفع العقاب وتحسبن الأحوال ثم تدور الدورة فتكرر ذلك العديد من المرات والله أعلم بمراده في آياته
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...C9&id=86&cat=2
منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق