وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم منهجاً للعابدين، هذا المنهج مرتبط بآيات الله، وبما علَّمه مولاه، فعندما ذكر الله بركات أهل الجنة قال في حقهم: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{111}التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ}التوبة
أول صفة قبل العبادة التائبون، لا بد أن يدخل الإنسان على العبادة مجملاً بمقام التوابين حتى يُحبه الله {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}البقرة222 وما جُعلت الطهارة قبل بداية الصلاة إلا تذكيراً للمرء بالتوبة قبل لقاء الله. فالإنسان قبل أن يناجي الله إن كان في الصلاة أو في تلاوة كتاب الله أو في ذكر لله أو تسبيح أو تحميد أو تقديس لله لا بد أن يبدأ أولاً بالتوبة النصوح لله حتى يدخل على اللهوقد أُحيط بإطار محبة الله. والتوبة هنا ليست مرة واحدة، بل تكون التوبة مع كل أوبة، كلما يئوب إلى مولاه يُقدم التوبة بين يدي الله، كلما يريد أن يرجع إلى طاعة الله وإلى عبادة الله بأي عبادة سنَّها لنا رسول الله لا بد أن يبدأ قبلها بالتوبة لله ولذلك استحسن سلفنا الصالح أجمعون أن الإنسان التقي النقي عندما يريد أن يبدأ جلسة مع الله إن كانت تلاوة قرآن أو ذكر لله لا بد أن يبدأها أولاً بالتوبة والاستغفار لله ثم بعد ذلك يناجي الله، ويُقبل على حضرة الله، حتى أصحاب الأوراد الطويلة استحسنوا أن يبدأ صاحب هذا الورد أولاً بمائة مرة استغفار لله، ثم يدخل بعد ذلك على أي ذكر لله. إذا دخل الإنسان ميدان العبادة: فإنه يمتثل لمنهج النبوة، ومنهج النبوة هو أقوم المناهج وأقواها وأفضلها عند الله تعالى وأهداها، وأعدلها في آداء الحقوق وأكملها. وهو أبين طرق التقرب إلى الله تعالى وأقربها، ومهما جاء العابد بمشاق العبادات وأتى بعظائم من الطاعات لا يقربه ذلك إلى الله تعالى زلفى كما تقربه السنة المحمدية التى سنها رسول اللهصلى الله عليه وسلم في الطاعات والعبادات وأولاها: أن يقوم الإنسان العابد لله بآداء جميع الحقوق التي كلَّفه بها مولاه دون أن يشغله حق عن أداء حق، ولا يحمله أداء واجب على إهمال واجب آخر، لا يتفرغ لأداء حق الله ثم يترك حق الزوجة، أوحق الأولاد، أو حق الكسب الحلال، لا بد أن يؤدي جميع الحقوق لله، فالثلاثة الذين أرادوا أن يتفرغوا لطاعة الله، فذهبوا إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
اللهعليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي}{1}
ونوى سيدنا عثمان بن مظعون – وكان حبيباً إلى حضرة النبي – أن يقوم بهذه الأعمال التي ذكرها هؤلاء كلها في نفسه، وإذا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم يُخاطبه ويقول: {يَا عُثْمَانُ، أَرَغْبَةً عَنْ سُنَّتِي؟ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ، قَالَ: فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَقمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ}{2} لو جاءك ضيف في نهار رمضان هل تتركه وتقرأ وردك من القرآن؟ لا يصح، لأن الضيف له حق، والقرآن قد تعوضه في اليوم التالي، قال صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى: {إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا}{3} أي الذي يزورك له حق عليك فالشرط الأول في منهج الحَبيب أن يُعطي الإنسان لكل حق حقه، يُعطي حق الله، ويُعطي حق الزوجة، ويُعطي حق الأولاد، وحق البدن، وحق الجيران، وحق الأهل، وحق الأقارب ... يقوم بالحقوق كلها كما ينبغي، فهذا هو المنهج الذي يقول فيه الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}الأحزاب21 الأمر الثاني: أن يتخير العابد لنفسه منهجاً يُطيقه، ولا يُحمل نفسه فوق طاقته فلا يستطيع أن يُكمل عبادته وينقطع، فقد كان صلى الله عليه وسلم كما قيل في شأنه: {كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً}{4} أي يداوم عليه ورأى صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه يفرضون على أنفسهم أعمالاً شاقة عليهم فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ}{5} حتى أنه صلى الله عليه وسلم في هذا المنهاج أمر المؤمن أن يضع له منهجاً يناسب كل مراحله حتى يكبر سنه ويوهن جسده ويلقى الله كان سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص جلداً وفتياً في طاعة الله جل وعلا، فكان يقوم الليل على الدوام، ويصوم النهار، ويختم القرآن كل يوم وليلة مرة، ومتفرغ لطاعة الله، فأراد أبوه أن يُهدِئ من روعه في عبادة الله فزوَّجه، فترك زوجه، وكان عمرو يتعهدها فسألها مرة: كيف حال عبد الله معك؟ قالت: نِعم الرجل عبد الله لم يطأ لنا فراشاً ولم يفتش لنا كنفاً، فحاول معه فلم يستطع، فذهب إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له ألقني به، فقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله: {أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ قُمْ وَنَمْ وَصُمْ وَأَفْطِرْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّكَ عَسَى أَنْ يَطُولَ بِكَ عُمُرٌ، وَإِنَّ مِنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَذَلِكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ، قَالَ: فَشَدَّدْتُ على نفسي ولم أقبل رخصة النبي ? فَشُدِّدَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَ: فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ، قُلْتُ: وَمَا صَوْمُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ؟ قَالَ: نِصْفُ الدَّهْرِ}{6} وصدق الذي لا ينطق عن الهوى، فطال العمر بعبد الله، وأصبح رجلاً كبيراً وكهلاً وشيخاً وضعيف البنية، فكان يقول: يا ليتني أطعت رسول الله وأخذت بنصيحته. ودائماً عندما ترى الإنسان في فترة الإقبال على العبادة له شره كشره الطعام ويريد أن يستكثر، لكن النفس لها شره ولها فترة كسل وملل، فخير الأمور الوسط، لأنه إذا حدث الكسل والملل وتوقف - كما يحدث من كثير من الناس - بالكلية أُصيب بالأمراض الجسمانية والنفسية، فمعظم الأمراض الجسمانية والنفسية سببها التوقف عن العبادات التي يعملها الإنسان ويُديم عليها. إذا كان الإنسان في حالات المرض الشديد يصف له الطبيب – وخاصة في الأمراض النفسية – أدوية شديدة، ويحذره من تركها مرة واحدة ولكن بالتدريج، وكذلك إذا أقبل الإنسان على العبادات وفتح لنفسه الأمر ولم يراع الوسطية تحدث له صدمة باطنية داخلية عندما يتوقف عن هذه العبادات بالكلية، تُعكر صفو حياته، وتعكر صفاء نفسه، وتعكر علاقاته مع الآخرين، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ فإِنَّ الْمُنْبَتَّ لا أَرْضًا قَطَعَ، وَلا ظَهْرًا أَبْقَى}{7} المنبت هو الذي يضرب دابته حتى تسبق من معه، حتى تقف أو تموت من أثر الضرب، فيسبقه الذين معه، ويظل هو لا أرضاً قطع لأنه وقف، ولا ظهراً أبقى لأنه لم يستطع أن يُكمل، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ}{8} أي اجعل لك وقت في أول النهار، ووقت في آخر النهار، ووقت في وسط الليل، ونسق نفسك على ذلك، قال الله تعالى: {ابْنَ آدَمَ، اذْكُرْنِي بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةٌ أَكْفِكَ مَا بَيْنَهُمَا}{9} فالإنسان لا يُكلف نفسه فوق طاقته من العبادات، وإياك ثم إياك أن تفعل العبادات وأنت تشعر بالكسل والملل، فإن هذا لا ينبغي في دين الله قط، أي التكلف، قال صلى الله عليه وسلم: {أَلا وَإِنِّي بَرِئٌ مِنَ التَّكَلُّفِ}{10} دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: {مَا هَذَا الْحَبْلُ؟ قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لا حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرقد}{11} وقال صلى الله عليه وسلم: {إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ}{12} فالعبادة تحتاج أن يكون الإنسان في حالة النشاط، وفي حالة الإقبال، وفي حالة السرور على الله، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما كان الصالحون من عباد الله. ما الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطيل العبادة؟ حبَّب الله إليه العبادة، وأخذ نفسه بالرفق في طريق العبادة، ولذلك كان يقول عندما يحين موعدها: {أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلالُ}{13} ليس أرحنا منها، ولكن أرحنا بها لأن الصلاة فيها الراحة ويقول صلى الله عليه وسلم: {وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ}{14} وقرة العين أي غاية المنى في الصلاة؛ لأنه يناجي فيها الله جل وعلا، ويتمتع فيها بالأنوار العالية والمشاهد الراقية مع حضرة الله جل في علاه. وكان على هذا الدرب ولا يزال الصالحين من عباد الله، سيدنا إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه كان يقول عن عبادته: "نحن في لذة لو يعلم الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بسيوفهم" لذة طاعة اللهونعيم عبادة الله. وكان بعضهم يقول عن عبادته: "لو كانت الجنة كالحال الذي نكون فيه مع الله في العبادة لكانت شيئاً طيباً" هذا من حلاوة العبادة التي يتمتع بها مع الله جل وعلا؛ لأنه أخذ نفسه بالرفق والتؤدة وعدم الملل، وهذا كان المنهج النبوي لسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم. {1} صحيح البخاري وابن حبان عن أنس {2} مسند أحمد وسنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها {3} الصحيحين البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو {4} الصحيحين البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها {5} صحيح البخاري عن عائشة رضي اللهعنها {6} صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو {7} سنن البيهقي ومسند الشهاب عن جابر بن عبد الله {8} صحيح البخاري وسنن النسائي عن أبي هريرة {9} حلية الأولياء لأبي نعيم ،والزهد للإمام أحمد عن أبي هريرة {10} تاريخ دمشق لابن عساكر عن الزبير بن أبي هالة {11} الصحيحين البخاري ومسلم عن أنس {12} الصحيحين البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها {13} معجم الطبراني وسنن أبي داود {14} سنن النسائي ومسند أحمد عن أنس http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...5&id=578&cat=4 منقول من كتاب {الجمال المحمدى ظاهره وباطنه} اضغط هنا لقراءة الكتاب أو تحميله مجاناً
| ||||
Islam is religion of peace
الأربعاء، 25 مارس 2015
صفة العبادة على المنهج النبوي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق