Disqus for ومضات إيمانية

الاثنين، 31 مارس 2014

أخلاق أهل الجاهلية



أخلاق العرب الإسلامأخلاق العرب الإسلام
إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخلاقه الربانية قد فطره الله عليها ولذلك قال له سيدنا أبو بكر "يا رسول الله ، لقد ذهبت إلى الفرس وذهبت إلى الروم وطفت على قبائل العرب فلم أرى مثلك، فمن أدبك؟ قال صلى الله عليه وسلمى {أدبني ربي فأحسن تأديبي}[1]

والقضية المهمة أن الله جهز أهل الجزيرة العربية مع أنهم كانوا أهل جاهلية وليس لديهم أي حضارة مدنية لحمل رسالة هذا النبي الكريم ، وكأن الله يعطينا درساً أن حملة الرسالة لا يحتاجون إلى أموال فقد كان العرب فقراء وليس لديهم أجهزة عصرية ومعدات فقد كانوا حفاة وعراة ، كيف جهزهم الله لنشر رسالةالإسلام مع حَبيبه ومُصطفاه؟

ولما نستقرأ التاريخ نجد أن الأمم المجاورة المتمدينة الفرس والروم لم يبلغوا في الأخلاق ما بلغ إليه عرب الجاهلية ، فلقد كان عندهم تمسك بالأخلاق يعجب منه الإنسان فعندما كان النبي صلى الله عليه وسلم صغيراً قبل اصطفاءه بالرسالة ولاحظ أهل مكة أن هناك من التجار الكبار من يظلم الصغار ويأخذ منه البضاعة ولا يعطيه الثمن ، ماذا صنعوا؟

اجتمعوا في دار لهم يسمونها دار الندوة وتحالفوا على نصرة المظلوم بغير دين ولا هدى ولذلك قال حبيبي وقرة عيني صلى الله عليه وسلم {لقد حضرت حلفاً في الجاهلية لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت} أين من يتشدق بالمدنية الآن وهم الظالمون ويدعون أنهم ينصرون المظلوم؟

وصنعوا الأمم المتحدة لتحقق مآربهم وأهدافهم بحجة نصرة المظلوم ، فلا يوجد من ينصر المظلوم في العالم إلا المسلمين لو قامت لهم دولة ، لكن هل أحد من الموجودين على السطح الآن سينصر المظلوم؟ كلا كما ترون ، لكن هؤلاء مع أنهم في الجاهلية وأهل بادية تعاهدوا على نصرة المظلوم والأمثلة في هذا المجال كثيرة أذكر بعضها لتقريب الحقيقة

الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خرج من بيته في ليلة الهجرة وكانت قريش قد اختارت من كل قبيلة منهم رجلاً شديداً وأعطوه سيفاً ليضربوا الرسول بسيف واحد وكانوا كما تذكر الروايات حوالى خمسين رجلاً يحيطون ببيت النبي صلى الله عليه وسلم وخرج النبي من بينهم ونام سيدنا علي في فراشه ، وجاء أبو جهل وعلموا أن النبي قد خرج وأخذوا ينظرون من أعلى الباب وكانت الأبواب قصيرة فلم يرون الرسول ، فعلموا أنه خرج فأشار عليهم بعضهم وقالوا ندخل لنبحث عنه فقالوا: ماذا تقول عنا العرب؟ أتقول عنا العرب أننا دخلنا على نساء أهلينا وذوينا ، أين الحضارة المعاصرة من هذا الخلق النبيل الذي كان عليه العرب الأجلاف

وكذلك عثمان بن مظعون حصل بعد خروج أبو سلمة أن خرجت زوجته أم سلمة خلفه بابنها مهاجرين فخرج أهله ومنعوها وجاء أهلها وتقاتلت العائلتان وأخذوا يشدون الولد كل منهم يريد أخذه ، حتى كسروا ذراعيه وأخذه أهل زوجها وأخذها أهلها ، فأصبح زوجها في مكان وولدها في مكان وهي في مكان ، فكانت تبكي ليل نهار وأخيراً رق القوم لحالها وقال بعضهم أما تتركون هذه المسكينة؟

لقد فرقتم بينها وبين زوجها وبينها وبين ابنها فقالوا : ردوا لها ابنها ودعوها تذهب إلى زوجها فأعطوها ولدها وأركبوها جملاً وتركوها بغير رفيق لتذهب ، فرآها عثمان بن مظعون وكان لم يسلم بعد ، فسألها إلى أين يا أمة الله؟ قالت : إلى زوجي في المدينة ، قال : أوليس معك رفيق؟ قالت: لا ، قال : ليس لك من مترك {أي كيف أتركك بلا رفيق} وإياك أن تظن أنه يريد مرافقتها لشيء ما ولكن ليحرسها

أين هذه الأخلاق حتى في زماننا المعاصر ونحن أهل الإسلام؟ قالت فكان يمشي أمامي ويأخذ بزمام الجمل ، فإذا أردنا الاستراحة جعل الجمل يبرك ثم مشى بعيداً واستدار ظهره لي حتى أنزل وأستريح فإذا أردنا السفر جهز الجمل وذهب بعيداً واستدار ظهره لي حتى أركب فإذا قلت ركبت جاء وأخذ بزمام الجمل ، قالت حتى وافى قباء وقال: يا أمة الله إن زوجك في هذه البلدة وتركني ورجع ، أين هذه الأخلاق في هذه الأيام بين أهل الإسلام حتى بين الأخ وأخيه؟ إلا فيما قل وندر

والرجل الذي رأى النبي وكان في إحدى المعارك ونزل المطر وابتلت ملابسه بالماء ، واستراحوا في وقت الظهيرة ، فأمر النبي الجيش أن يتفرق وذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى شجرة وخلع رداءه ونشره عليها ليجف ، ونام تحتها وقد علق سيفه في الشجرة بدون حراس ، ونظر الرجل وكان من فرسانالعرب وهو في أعلى الجبل ، فوجد النبي نائماً وليس بجواره أحد ، فقال هذه فرصتي أنزل إليه وأقتله وأريح العرب منه

ولكنهم كان من عاداتهم وهذا ما أريد أن أتحدث عنه ، أنهم لا يقتلون أحداً غدراً ، فنزل الرجل وأمسك السيف وأيقظ النبي مع أنه كان يستطيع أن يقتله وهو نائم ، ولكن الغدر في عرفهم كان عيباً وقال : من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الله ، فسقط السيف من يده ، وما أريد أن أركز عليه أنه لم يرضَ أن يقتل حضرة النبي غدراً وهو نائم ، لأنه ليس من طبيعتهم الغدر

هل هذه الأخلاق أخلاق إسلامية أو جاهلية؟ إنها أخلاق جاهلية ولكنها إسلامية وذلك من تأهيل الله لهم فقد أهلهم ربهم بالأخلاق الإسلامية ، فكانوا لا يكذبون حتى في أصعب الظروف وأعتاها

فعندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسالته إلى هرقل ملك الروم وقال هرقل لأعوانه ابحثوا عن رجال من قومه ، فكان أبو سفيان ومعه نفر من قريش ، فقال إني سائلك عنه ، فقال أبو سفيان بعدها : لولا أن العرب تعيرني بأني كذبت ، لكذبت في ذلك اليوم ، وقد كانت هذه أخلاق الجاهلية فلا يخونون ، ولا يغدرون ، ولا يكذبون ، ولا يعتدي رجل على امرأة مهما كان ولا يكشفها ولا يتعرض لها ، ناهيك عن الأمانة

فهذا العاصي بن الربيع زوج السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قائد تجارة لقريش وعند رجوعه من الشام هداه الله للإسلام فدخل المدينة وبايع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء إليه بعض ضعاف النفوس من المنافقين وقالوا له : ما دمت قد أسلمت فخذ ما معك من التجارة غنيمة لك ، قال: بئس ما أوصيتني به يا أخ الإسلام ، أأبدأ عهدي مع الله بالخيانة والله لا يكون ذلك أبداً

لأن هذه مبادئ أصيلة كانت عندهم وذهب إلى مكة ولم يخش من الموت لأنه أسلم وأعطى لكل ذي حق حقه ثم قال : يا أهل مكة هل بقى لواحد منكم شيء عندي لم يأخذه؟ قالوا: لا وجزاك الله خيراً ، قال: أشهدكم أني آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم

ورفض أن يبدأ عهده بالإسلام بالخيانة ولو استطردنا في ذكر هذه الأمثلة لوجدنا شيئاً خارج العد والحصر من أخلاق أهل الجاهلية وهذا يفسر لنا لماذا اصطفاهم الله لحمل رسالة الإسلام؟ لما كانوا عليه من هذه الأخلاق والشيم لأنها أخلاق وشيم ارتضاها الله ونزل بها كتاب الله وخلّق بها حَبيبه ومُصطفاه


{1} آداب الصحبة لعبد الرحمن السلمى
أخلاق العرب الإسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق