Disqus for ومضات إيمانية

الخميس، 8 أغسطس 2013

التربية النبوية وتفجير الطاقات الإنسانية

بسم الله الرحمن الرحيم

كل إنسان فيه طاقات لا يعلمها إلا الكريم الخلاق لكن أغلب الخلق يتكاسل ويتخاذل ويظل حتى يأتيه الموت ولم يستغل عُشر معشار ما فيه من طاقات أودعها فيه الخلاق عز وجل وهى موجودة فيه ويسلمها كما هي لله

فالنبي صاحب البصيرة صلي الله عليه وسلم فجر هذه الطاقات في أصحابه حتى صار الرجل العادي من أصحابه صلي الله عليه وسلم بعشر {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} الأنفال65

وهذا كان حال جند المسلمين الذين رباهم سيد الأولين والآخرين صلي الله عليه وسلم ولذلك عندما تنظر في معاركهم تجد محققاً فيهم قول الله {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة249

في كل المعارك بهذه الشاكلة وعندك التاريخ ابحث فيه واسترشد لم يقاتلوا لمغنم ولم يجاهدوا لدنيا ولم يطلبوا بجهادهم مصالح عاجلة أو شهوات فانية ولم يجاهدوا طلباً للزعامة ولا منافسة في الرياسة ولا نظراً للفخر والمباهاة والرياء وإنما أدَّبهم على الإخلاص في قصدهم في كل أحوالهم وفى جهادهم وهذا ما نفتقر إليه الآن جماعة المسلمين في كل مكان

الكل ينافس لمنصب أو لمصلحة أو لمنفعة أو للفخر أو للرياء والسمعة والشهرة لكن لو كان الكل يتنافس لله هل سيحدث اختلاف بين الفرقاء؟ إذن لماذا الاختلاف؟ لتنوع المقاصد ولاختلاف المآرب لكن لو كان مقصد الكل رب الكل عز وجل لماذا نختلف؟

ما اختلاف النفوس والقصد واحد ؛؛؛؛؛؛؛؛ والصــراط الســوي للمتواجـــد


ولذا كنت ترى خليفة الأمة يرى أن القائد العام يترك منصبه ويتحوَّل إلى جندي ولا يتأثر القائد ولا يتغير ولا يفتر ولا يترك الجهاد ويذهب إلى منزله معترضاً على هذا التصرف بل إن خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما كان في رتبة ـ أعلى من المشير الآن ـ لأن الرتب العسكرية العليا ينبغي أن تكون بعدد المعارك العسكرية التي خاضها

لا يوجد في التاريخ قائداً خاض أكثر من مائة معركة وانتصر فيها كلها ومع ذلك جاءه خطاب العزل وهو في معمعة القتال وماذا يعني العزل؟ أن يكون جندياً وليس يُعفى من الخدمة ورضي وجاءه رجلٌ من المنافقين قال: يا خالد أترضى بهذا وأنت في هذا الذي نراه؟ إن معي مائة ألف سيف يقفوا معك ولا تنفذ هذا الأمر وخالفه قال: بئس ما أمرتني وطلبته مني يا أخي أنا أجاهد لله وما دمت أجاهد لله لا يهمني أن أكون قائداً أو جندياً

نحن في أمسِّ الحاجة إلى نفوس تربت هذه التربية وهي التي يحتاج إليها المجتمع المسلم لينهض من كبوته وليعيد مجد الأمة مرة أخرى ولا يتم ذلك إلا بالتربية هل يتم ذلك بالقراءة؟ هل يتم ذلك بالخطب والمواعظ؟ لا يتم ذلك إلا بالتربية النبوية التي قال فيها الله {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } البقرة151

لو بحثنا بعد ذلك في تاريخنا المبارك لوجدنا هؤلاء الرجال هم الذين قادوا الفتوحات الإسلامية ابتغاء وجه الله انظر إلى عقبة بن نافع عندما وصل إلى المحيط الأطلسي وخاض البحر بفرسه وقال (والله لو أني أعلم أن هناك أرضاً خلف هذا البحر لخُضت هذا البحر إليها لأجاهد في سبيل الله) لا ليكون مليونيراً ولا ليجمع ثروات ولا ليتولى قيادة أو ليتبوأ منصباً وإنما كل ما يريده كما قال الله {يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف28
لا يريد إلا وجه الله جلّ في عُلاه


انظر إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وقد بلغ من العمر أرذله كما يقولون ولكنهم كانوا يحنون إلى الجهاد كما تحن الطيور إلى أوكارها في المساء وسمع أن معاوية جهَّز جيشاً لغزو القسطنطينية فذهب ليجاهد مع هذا الجيش وهناك في وسط الميدان مرض فجاءه قائد الجيش يزيد بن معاوية وقال: أتشتهى شيئاً يا صاحب ضيافة رسول الله؟ لأنه أضاف رسول الله عند الهجرة قال: نعم إذا أنا متُ فاحملني واخترق صفوف الأعداء وآخر ما تصل إليه من الأرض فادفني هناك

انظر إلى الوصية للرجل التي يوصي بها عند لقاء الله ونفذ له الوصية بعد موته فحمله الجند واخترقوا صفوف الأعداء وآخر مكان وصلوا فيه إلى الأرض حفروا فيه ودفنوه هناك وهذا المكان بجوار سور القسطنطينية ومازال في ضريحه المبارك ومسجده الزاهي إلى الآن يزدهي به أهل هذه البقاع جميعها

والأمثلة في هذا المجال لا تُعد ولا تُحد لكن ما أبغي أن أصل إليه عندما ضعُفت روح اليقين أو كلما ضعُف اليقين وتنافس المسلمون في الدنيا وفى الحظوظ والشهوات والأهواء ضعُفت عندهم روح الجهاد وخبت عندهم القيم الإيمانية فمكَّن الله عدوّهُم منهم ولا مخرج لهم في هذه الأحوال إلا بالرجوع إلى التربية الأولى التي كان عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم مع صحبه الكرام


http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...1&id=101&cat=6


منقول من كتاب [شراب أهل الوصل] اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


هناك تعليقان (2):

  1. مدونه رائعه اخى حسن جعله الله فى ميدان حسناتك

    ردحذف
  2. شكرا أخى محمد
    أسعدنى مرورك وتعليقك

    ردحذف