Disqus for ومضات إيمانية

الجمعة، 23 أغسطس 2013

الحوار الذى دار بين الخوارج وبين عبدالله بن عباس رضى الله عنهما


أفضل من حاور الخوارج و جادلهم هو سيدنا عبد الله بن عباس في القرن الأول.

يروى أن عبد الله بن عباس لما وصل إليهم ليحاورهم رأى منهم جباهاً قرحة لطول السجود !
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : إنه لما اعتزلت الخوارج ودخلوا دارا وهم ستة آلاف ، وأجمعوا على أن يخرجوا على علي ابن ابي طالب ، فكان لا يزال يجيء إنسان فيقول : يا أمير المؤمنين إن القوم خارجون عليك ، فيقول علي : ( دعوهم ، فاني لا أقاتلهم حتى يقاتلوني ، وسوف يفعلون ).
فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت له : ( يا أمير المؤمنين ابرد بالصلاة ، لعلي أدخل على هؤلاء القوم فاكلمهم ) ،
فقال : ( إني أخاف عليك ) ،
فقلت : ( كلا ) - وكنت رجلا حسن الخلق لا أؤذي أحدا - فأذن لي ، فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمن ، وترجلت ، فدخلت عليهم نصف النهار ، فدخلت على قوم لم أر قط اشد منهم اجتهادا ، جباههم قرحة من السجود ، وأيديهم كأنها ثفن الإبل ، وعليهم قمص مرحضة، مشمرين، مسهمة وجوههم من السهر ، فسلمت عليهم ،
فقالوا : مرحبا بابن عباس ، ما جاء بك ؟
فقلت : ( أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار ، ومن عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ) ،
فقالت طائفة منهم : لا تخاصموا قريشا فان الله عز وجل يقول : { بل هم قوم خصمون } ، فقال إثنان أو ثلاثه لنكلمنه،
فقلت : ( هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ، وعليهم نزل وليس فيكم منهم أحد ، وهم اعلم بتأويله ) ،
قالوا : ثلاثا ،
قلت : ( هاتوا ) ،
قالوا : أما أحداهن فانه حكم الرجال في أمر الله ، وقد قال الله عز وجل : { إن الحكم إلا لله } فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل ؟
فقلت : ( هذه واحدة ، وماذا ؟ )
قالوا : وأما الثانية ، فانه قاتل وقتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن كانوا مؤمنين فلم حل لنا قتالهم ولم يحل لنا سبيهم ؟ ، قلت : ( وما الثالثة ؟ ) ،
قالوا : فانه محا عن نفسه أمير المؤمنين ، فإنه إن لم يكن أمير المؤمنين فانه لأمير الكافرين ) ،
قلت : ( هل عندكم غير هذا ؟ )
قلت لهم : ( أما قولكم حكم الرجال في أمر الله ، أنا أقرأ عليكم في كتاب الله ما ينقض هذا ، فإذا نقض قولكم أترجعون ؟ ) ،
قالوا : نعم ،
قلت : ( فان الله قد صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن أرنب - وتلى هذه الآية : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم و من قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم . . إلى آخر الآية } ، وفي المرأة وزوجها { وأن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها . . . إلى آخر الآية } - فناشدتكم بالله هل تعلمون حكم الرجال في إصلاح ذات بينهم وفي حقن دماءهم أفضل أم حكمهم في أرنب وبضع امرأة ، فأيهما ترون أفضل ؟ ) ،
قالوا : بل هذه ،
قلت : ( خرجت من هذه ؟ ) ،
قالوا : نعم ،
قلت : ( وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فتسبون امكم عائشة رضي الله تعالى عنها ؟! فوالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام ، فأنتم بين ضلالتين ، لأن الله عز وجل قال : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } ، أخرجت من هذه ؟ ) ،
قالوا : نعم ،
قلت : ( وأما قولكم محا عن نفسه أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بمن ترضون ، ان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية صالح المشركين أبا سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو ، فقال لعلي رضي الله عنه : (( أكتب لهم كتابا )) ، فكتب لهم علي : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله ، فقال المشركون : والله ما نعلم انك رسول الله ، لو نعلم انك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم : (( انك تعلم أني رسول الله ، امح يا علي ، اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله )) ، فوالله لرسول الله خير من علي، وقد محا نفسه ) ،
فرجع منهم ألفان . . . وخرج سائرهم فقتلوا .
قالوا : كفانا هذا ،

شرح: أي أن الخوارج خرجوا على سيدنا علي لثلاثة أسباب قالوها لعبد الله ابن عباس فالأول : أنه رضي بالتحكيم بينه و بين معاوية و هو حكم الرجال و ليس حكم الله (كما زعموا) و الثاني أن سيدنا علي لما قاتل سيدنا معاوية فإنه لم يسبي أنصار معاوية و لم يأخذ منهم غنائم، و الثالثة لأن سيدنا علي نفى عن نفسه أن يكون أميراً للمؤمنين حتى تتوقف الفتنة و القتال بين الصحابة فهم قالوا إن لم يكن أميراً للمؤمنين فهو أمير للكافرين !!

فكان رد سيدنا ابن عباس عليهم في الأولى : أن الله حكم الرجال في قتل المحرم للصيد و في الصلح بين المرأة و زوجها و ذكر أدلة ذلك من القرآن، و في الثانية: أن السيدة عائشة كانت مع معاوية فكيف تبيحون سبي زوجة رسول الله و صاحبته و أخذ المغانم منهم و هم مسلمون لكن حدثت الفتنة بين الطائفتين و لا تنتفي فئة الإيمان عن إحداهما و قال تعالى : "و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" أي كلا الطائفتين مؤمنتان، و كان الرد عليهم في الثالثة أن النبي محا كلمة رسول الله يوم صلح الحديبية فالنبي فعل ذلك و هو خير من علي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق