بسم الله الرحمن الرحيم
يرى الوهابية ان دعاء الله عند قبور الصالحين بدعة منكرة.
وسوف نسألهم سؤالين :
1- هل يتصور وقوع البدعة في القرون الثلاثة الأولى التي هي خير القرون أم لا ؟
2- وإذا وقعت في خير القرون فماذا لو كان فاعلها أحد كبار علماء الدنيا ! هل ستجعلونه مبتدعا ام لا ؟
تعالوا نكتشف الحقيقة من خلال مشاركة قيمة لأخينا الحبيب حجة الاسلام أدام الله عطاءه وتقبل منه وجزاه عن العلم وطلابه كل خير.
المشاركة رقم 17 ضمن موضوع :
الشافعي إمام المناقب بين فقه السنة واجتهاد المذاهب
عن عَلِيّ بْن ميمون، قَالَ: سمعت الشافعي، يقول: ( إِنِّي لأَتَبَرَّكُ بِأَبي حَنِيفَةَ وَأَجِيءُ إِلى قَبْرِهِ في كُلِّ يَوْمٍ، [يَعْنِي زائرا]،فَإِذَا عَرَضَتْ لي حَاجَةٌ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، إِلى قَبْرِهِ وَسَأَلْتُ اللهَ تَعَالى الْحَاجَةَ عِنْدَهُ فَمَا تَبْعُدُ عَنِّي حَتَّى تُقْضَى )؛ ورد في "تاريخ بغداد" للخطيب [ج1/ص: 123]؛ وسنده متصل، ورواته ثقات (1) ..
والقول أن هذه الرواية تتعارض مع قول الإمام الشافعي: ( أكرَهُ أن يُعَظَّمَ مَخْلُوقٌ حتَّى يُجْعَلَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا؛ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ عليهِ، وعلى مَنْ بعدَهُ مِن النَّاسِ )؛ ورد في "الأم" للشافعي [ج1/ص: 278]؛ وفي "المهذب" للشيرازي [ج1/ص: 257]؛ وفي "روضة الطالبين" للنووي [ج1/ص: 652]؛ وفي "فيض القدير" للمناوي [ج5/ص: 349]؛ وفي "المجموع" للنووي [ج5/ص: 307]؛ وفي "إغاثة اللهفان" لابن القيم [ج1/ص: 189] ..
نقول أن الإمام الشافعي نهى عن التعظيم لذات الميت حتى يجعل منه إله، وليس التبرك به، والتوسل أي التقرب بمقامه عند الله ..
وقوله: ( فَإِذَا عَرَضَتْ لي حَاجَةٌ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، إِلى قَبْرِهِ )؛ لا تعني أن أجعل قبره قبلتي، وإنما من بركة من في القبر وسيلتي، أي بقيمة صاحب القبر واعتباره عند الله، تمام كحال التوجه للكعبة المشرفة، فلو كان القصد التوجه لذات الكعبة لكان أمر وثني إشراكي لأنه توجه لمكعب حجري أصم لا يضر ولا ينفع، إنما هو توجه إلى الله بواسطة الكعبة، المشرفة باعتبارها بيت الله ومركز تجليه ..
وأما قوله رحمه الله تعالى: ( إِنِّي لأَتَبَرَّكُ بِأَبي حَنِيفَةَ وَأَجِيءُ إِلى قَبْرِهِ في كُلِّ يَوْمٍ )؛ أي يعني كل يوم من أيام إقامته في العراق، وليس بمعنى الإطلاق أي كل يوم من حياته!، كما يفهم أهل القصور الظاهرية ..
---------------
(1) سند الرواية: َخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد الله الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الصيمري [ثقة مشهور]، قَالَ: أَخبرنا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ المقرئ [ثقة مكثر]، قَالَ: حَدَّثَنَا مكرم بْن أَحْمَد [ثقة]، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيمَ [ثقة على الغالب]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن ميمون [ثقة]، قَالَ: سمعت الشافعي، يقول: إني ................
الرواة:
1) الحسين بن علي بن محمد بن جعفر، أبو عبد الله: الإمام العالم العلامة، القاضي الصيمري: يقول في ترجمته التقي الغزي في "الطبقات السنية في تراجم الحنفية": ( كان غرة في جبهة العراق، ومجمعاً أنه الفرد في عصره بالاتفاق ... وكان صدوقاً، وافر العقل، جميل المعاشرة، عارفاً بحقوق أهل العلم؛ روى عن أبي بكر هلال بن محمد، ابن أخ هلال الرأي، وأبي حفص ابن شاهين، وغيرهما ... وروى عنه أبو بكر الخطيب، في " تاريخ بغداد " وغيره، وأكثر عنه الرواية جداً )؛ ورد في "الطبقات السنية" للتقي الغزي [ج1/ص: 255/ت:760] ..
وقال فيه إمام النقاد وحافظ الدنيا ابن حجر العسقلاني في "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه": ( القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري، مشهور، حمل عنه الخطيب )؛ ورد في "تبصير المتنبه" للعسقلاني [ج3/ص: 831] ..
2) أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير المقرئ الكناني [الكتاني]: مشهور عند الخطيب وابن عساكر في التاريخ، روى عنه القاضي الصيمري الحنفي، وأبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد أنا أحمد بن محمد بن النقور؛ وغيرهم؛ وثقه الخطيب البغدادي؛ وأبو نصر بن ماكولا في "إكمال الكمال" لابن ماكولا [ج7/ص: 187]، وقال: ( أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير بن مهران الكتاني المقري: مكثر ثقة، سمع البغوي وابن صاعد وابن أبي داود وخلقا كثيرا )؛ ووثقه عبد الحي بن العماد الحنبلي [ابن العماد الحنبلي]، في "شذرات الذهب" لابن العماد [ج3/ص: 85]، وقال: كان ثقة ..
3) مكرم بن أحمد ابن محمد بن مكرم، القاضي المحدث أبو بكر البغدادي البزاز: سمع يحيى بن أبي طالب، ومحمد بن عيسى المدائني، ومحمد بن الحسين الحنيني، وعبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، ومحمد بن غالب، وطائفة؛ حدث عنه: ابن منده، والحاكم النيسابوري، وأبو الحسن بن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وآخرون؛ وثقه الخطيب البغدادي ..
4) عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى أو عيسى الكوفي: روى عن عبدان بحلب، وروى عنه علي بن أحمد بن سعيد بن سهل البغدادي المعروف بابن عفان الغازي؛ شيوخه الحافظ عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد [ابن أبي صالح]، وعبدان بن أحمد بن عبدان بن حميد بن عبدان بن راشد المنبجي، وهو مجهول الحال، لأنه ليس له ترجمة عن صفته ومرتبته بالرواية عند نقاد الجرح والتعديل، ورجح الناقد الألباني في "السلسلة الضعيفة" [ج1/ص: 31] أن يكون، هو: عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد، الذي ذكر الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" [ج12/ص: 226]، أنه قدم من بخاره حجا عام [341 هـ]، فأقام ببغداد، وقد قال الألباني بهذا ليثبت عدم لقائه بالشيخ علي بن ميمون والسماع عنه، مع جهالة حاله حتى عند الخطيب أيضاً، ذلك لأن ابن ميمون توفي عام [247 هـ]؛ وهذا تحامل ظني وتضليل مصلحي بغية رد الرواية بعلة الانقطاع بالجهالة والتدليس، ولكن ووفق القاعدة المنطقية العقلية: ( عدم الوجدان، ليس دليل العدم )، أو بلفظ آخر: ( عدم الوجدان في النّظر، لا يدلّ على عدم المطلوب من الوجود )؛ ورد في "الروض البلسم" لابن الوزير [ج1/ص: 81]؛ ينفي أنه ليس بثقة لأن النقاد المحققين لم يقولوا أو يصرحوا بجهالة حالة، وقد يكون هذا الراوي على هذا المنوال أيضاً، هو: ابن إسحاق بن العلامة الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو إسحاق, إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحَرْبي!، الذي شهد بإمامته وثقته كل من الناقد الذهبي والخطيب البغدادي وأبو يعلى الموصلي؛ فيكون بذلك من سلسلة ثقات، أباً عن جد، ودون الشهرة؛ وكون من روى عنه هذه الرواية: كلهم ثقات فهو: ثقة لا محالة، وإلا ما كانوا ليقلبوا الرواية عنه أصلاً لأنه لا يقبل نقل الثقة إلا عن ثقة؛ وذلك وفق الطبيعة البشرية التي تقارن القرين بمن يقرن به، إلا أن يصرح النقاد المحققين متقدمين ومتأخرين، ودون المعاصرين بأمهات كتب الجرح والتعديل بغير ذلك من شذوذ بلقاعدة، فيطعن بالراوي أو بسقط بالسند، وهذا لا ينطبق على هذا الراوي وهذه الحالة ..
5) علي بن إسحاق بن إبراهيم بن مسلم بن ميمون: قال المزي: ( [هو] علي بن إسحاق بن إبراهيم بن مسلم بن ميمون بن نذير بن عدي بن ماهان الحنظلي، أبو الحسن، وقيل: أبو الحسين السمرقندي؛ يروي عن: إسماعيل بن جعفر المدني، وبشر بن عمارة، وحكيم بن زيد، وسفيان بن عيينة، و عبد الله بن الأجلح، و عبد الله بن المبارك، ومحمد بن الفضل بن عطية، ومحمد بن مروان السدي، والمسيب بن شريك، ويوسف بن عطية الصفار، وأبي بكر بن عياش، وأبي معاوية الضرير ... قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتب عنه أبي بالري في خروجه إلى الحج، وسئل عنه، فقال: صدوق )؛ ورد في "تهذيب الكمال" للمزي [ج20/ص: 320/ت:4024]؛ وفي "الجرح والتعديل" للرازي [ج6/ص: 175/ت:956] ..
وقال فيه بمثل قول أبو حاتم الرازي، أمير النقاد ابن حجر العسقلاني في "تهذيب التهذيب" [ج7/ص: 283]؛ وعاد ووثقه في "التقريب"، وقال: ( ثقة، روى عنه جمع من الثقات )؛ ورد في "تقريب التهذيب" للعسقلاني [ج2/ص: 32]؛ وذكره ابن حبان البستي في "الثقات" [ج8/ص: 466]؛ وقال عنه الدارقطني أنه: ثقة ..
أما القول بأن هذا الحديث، ينطبق عليه قول الإمام الشافعي: ( مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد، كمثل حطاب ليل حزمة حطب، وفيها أفعى، وهو لا يدري )؛ ورد في "فيض القدير" للمناوي [ج1/ص: 433] ..
نقول هذا قول بدلالة متخبط وحاطب ليل، لأن هذا الحديث رواه ثقات بتخريج وسند الحافظ الخطيب البغدادي، فهو رواية بسند، وحاطب الليل الذي يدعي أنه من غير سن!؛ ومن ناحية أخرى هذه الرواية هي قول، وليس بحديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو موقوف على صحابته، و مقطوع على أحد التابعين، حتى يجري عليه هذه الدقة بالتخريج السلبي! ..
والقول أن قبر الإمام الأعظم لم يكن له أثر يذكر في عهد الشافعي أو العباسيين، فهذا غير صحيح، حتى ولو استدلوا، بما رواه محيي الدين ابن شرف النووي عن الإمام الشافعي، الذي يقول: ( رأيت من الولاة من يهدم ما بُنىَ فيها ولم أر الفقهاء يعيبون ذلك )؛ ورد في "لمجموع" للنووي [ج5/ص: 298]؛ وفي "شرح مسلم" للنووي [ج7/ص: 24] ..
فهذا لا يصح فلماذا لم ينطبق على إمام الحفاظ الأكبر "البخاري"؟!؛ الذي كان قبره صرح ظهراً!، مع العلم أن الذين كانوا أئمة العراق المقربين من العباسيين جلهم من السادة الأحناف وأعني الفقيه القاضي أبو يوسف الأنصاري، ومن بعده القاضي محمد بن الحسن الشيباني وهما صاحبي أبو حنيفة الإمام الأعظم إمام الفقهاء
ذكر الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (11/261) ، وكذا الذهبي في "تاريخ الإسلام" (16 /463) عن الحاكم النيسابوري قال : "سمعت الحافظ أبا علي النيسابوري يقول : " كنت في غم شديد ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، كأنه يقول لي : صر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر ، وسل الله حاجتك ، قال : فأصبحت ففعلت ما أمرني به ، فقضيت حاجتي "
قال الحافظ ابن عساكر في تاريخه: قرأنا على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البناء , عن أبي الحسن بن مخلد , أنبأنا أبو الحسن بن خزفة , أنبأنا محمد بن الحسين بن محمد, حدثنا بن أبي خيثمة , حدثنا مصعب بن عبد الله , حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي , قال : ( كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه قال فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم , ثم يرجع فعوتب في ذلك, فقال : إنه يصيبني خطرة , فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان يأتي موضعا من المسجد في السحر يتمرغ فيه ويضطجع , فقيل له : في ذلك فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع , أراه قال في النوم. ) تاريخ دمشق - الجزء 56 - صفحة 51،
قال الحافظ ابن حجر : قال الحاكم في تاريخ نيسابور: " سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضى بطوس قال فرأيت من تعظيمه _ يعني ابن خزيمة _ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ماتحيرنا "
تهذيب التهذيب ج 7 ص 339 طبعة دار الفكر
قال الامام القسطلانى رحمه الله:
(( ووقع لي أيضاً في سنة خمس وثمانين وثمنمائة في طريق مكّة ، بعد رجوعي من الزّيارة الشّريفة لقصد مصر ، أنْ صُرعت خادمتنا غزال الحبشيّة ، واستمرّ بها أيّاماً ، فاستشفعتُ به صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ، فأتاني آتٍ في منامي ، ومعه الجنّي الصّارع لها فقال: لقد أرسله لك النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فعاتبه وحلّفته أن لا يعود إليها ، ثمّ استيقظتُ وليس بها قلبة* كأنّما نشطت من عقال ، ولا زالت في عافية من ذلك حتّى فارقتها بمكّة سنة أربع وتسعين وثمن مائة ، والحمد لله ربّ العالمين.)) المواهب اللدنية - المجلّد الرابع - صفحة 594.
قال الحافظ ابن حبان فى كتابه الثقات الجزء 8 صفحة 456 -457 :فى ترجمة الامام على بن موسى الرضا : ( وهو على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب أبو الحسن من سادات أهل البيت وعقلائهم وجلة الهاشميين ونبلائهم يجب أن يعتبر حديثه إذا روى عنه غير أولاده وشيعته وأبى الصلت خاصة فان الأخبار التي رويت عنه وتبين بواطيل إنما الذنب فيها لأبى الصلت ولأولاده وشيعته لأنه في نفسه كان أجل من أن يكذب ومات على بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إياها المأمون فمات من ساعته وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامى بطوس فزرت قبر على بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين )
يرى الوهابية ان دعاء الله عند قبور الصالحين بدعة منكرة.
وسوف نسألهم سؤالين :
1- هل يتصور وقوع البدعة في القرون الثلاثة الأولى التي هي خير القرون أم لا ؟
2- وإذا وقعت في خير القرون فماذا لو كان فاعلها أحد كبار علماء الدنيا ! هل ستجعلونه مبتدعا ام لا ؟
تعالوا نكتشف الحقيقة من خلال مشاركة قيمة لأخينا الحبيب حجة الاسلام أدام الله عطاءه وتقبل منه وجزاه عن العلم وطلابه كل خير.
المشاركة رقم 17 ضمن موضوع :
الشافعي إمام المناقب بين فقه السنة واجتهاد المذاهب
عن عَلِيّ بْن ميمون، قَالَ: سمعت الشافعي، يقول: ( إِنِّي لأَتَبَرَّكُ بِأَبي حَنِيفَةَ وَأَجِيءُ إِلى قَبْرِهِ في كُلِّ يَوْمٍ، [يَعْنِي زائرا]،فَإِذَا عَرَضَتْ لي حَاجَةٌ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، إِلى قَبْرِهِ وَسَأَلْتُ اللهَ تَعَالى الْحَاجَةَ عِنْدَهُ فَمَا تَبْعُدُ عَنِّي حَتَّى تُقْضَى )؛ ورد في "تاريخ بغداد" للخطيب [ج1/ص: 123]؛ وسنده متصل، ورواته ثقات (1) ..
والقول أن هذه الرواية تتعارض مع قول الإمام الشافعي: ( أكرَهُ أن يُعَظَّمَ مَخْلُوقٌ حتَّى يُجْعَلَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا؛ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ عليهِ، وعلى مَنْ بعدَهُ مِن النَّاسِ )؛ ورد في "الأم" للشافعي [ج1/ص: 278]؛ وفي "المهذب" للشيرازي [ج1/ص: 257]؛ وفي "روضة الطالبين" للنووي [ج1/ص: 652]؛ وفي "فيض القدير" للمناوي [ج5/ص: 349]؛ وفي "المجموع" للنووي [ج5/ص: 307]؛ وفي "إغاثة اللهفان" لابن القيم [ج1/ص: 189] ..
نقول أن الإمام الشافعي نهى عن التعظيم لذات الميت حتى يجعل منه إله، وليس التبرك به، والتوسل أي التقرب بمقامه عند الله ..
وقوله: ( فَإِذَا عَرَضَتْ لي حَاجَةٌ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، إِلى قَبْرِهِ )؛ لا تعني أن أجعل قبره قبلتي، وإنما من بركة من في القبر وسيلتي، أي بقيمة صاحب القبر واعتباره عند الله، تمام كحال التوجه للكعبة المشرفة، فلو كان القصد التوجه لذات الكعبة لكان أمر وثني إشراكي لأنه توجه لمكعب حجري أصم لا يضر ولا ينفع، إنما هو توجه إلى الله بواسطة الكعبة، المشرفة باعتبارها بيت الله ومركز تجليه ..
وأما قوله رحمه الله تعالى: ( إِنِّي لأَتَبَرَّكُ بِأَبي حَنِيفَةَ وَأَجِيءُ إِلى قَبْرِهِ في كُلِّ يَوْمٍ )؛ أي يعني كل يوم من أيام إقامته في العراق، وليس بمعنى الإطلاق أي كل يوم من حياته!، كما يفهم أهل القصور الظاهرية ..
---------------
(1) سند الرواية: َخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد الله الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الصيمري [ثقة مشهور]، قَالَ: أَخبرنا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ المقرئ [ثقة مكثر]، قَالَ: حَدَّثَنَا مكرم بْن أَحْمَد [ثقة]، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيمَ [ثقة على الغالب]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن ميمون [ثقة]، قَالَ: سمعت الشافعي، يقول: إني ................
الرواة:
1) الحسين بن علي بن محمد بن جعفر، أبو عبد الله: الإمام العالم العلامة، القاضي الصيمري: يقول في ترجمته التقي الغزي في "الطبقات السنية في تراجم الحنفية": ( كان غرة في جبهة العراق، ومجمعاً أنه الفرد في عصره بالاتفاق ... وكان صدوقاً، وافر العقل، جميل المعاشرة، عارفاً بحقوق أهل العلم؛ روى عن أبي بكر هلال بن محمد، ابن أخ هلال الرأي، وأبي حفص ابن شاهين، وغيرهما ... وروى عنه أبو بكر الخطيب، في " تاريخ بغداد " وغيره، وأكثر عنه الرواية جداً )؛ ورد في "الطبقات السنية" للتقي الغزي [ج1/ص: 255/ت:760] ..
وقال فيه إمام النقاد وحافظ الدنيا ابن حجر العسقلاني في "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه": ( القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري، مشهور، حمل عنه الخطيب )؛ ورد في "تبصير المتنبه" للعسقلاني [ج3/ص: 831] ..
2) أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير المقرئ الكناني [الكتاني]: مشهور عند الخطيب وابن عساكر في التاريخ، روى عنه القاضي الصيمري الحنفي، وأبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد أنا أحمد بن محمد بن النقور؛ وغيرهم؛ وثقه الخطيب البغدادي؛ وأبو نصر بن ماكولا في "إكمال الكمال" لابن ماكولا [ج7/ص: 187]، وقال: ( أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير بن مهران الكتاني المقري: مكثر ثقة، سمع البغوي وابن صاعد وابن أبي داود وخلقا كثيرا )؛ ووثقه عبد الحي بن العماد الحنبلي [ابن العماد الحنبلي]، في "شذرات الذهب" لابن العماد [ج3/ص: 85]، وقال: كان ثقة ..
3) مكرم بن أحمد ابن محمد بن مكرم، القاضي المحدث أبو بكر البغدادي البزاز: سمع يحيى بن أبي طالب، ومحمد بن عيسى المدائني، ومحمد بن الحسين الحنيني، وعبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، ومحمد بن غالب، وطائفة؛ حدث عنه: ابن منده، والحاكم النيسابوري، وأبو الحسن بن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وآخرون؛ وثقه الخطيب البغدادي ..
4) عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى أو عيسى الكوفي: روى عن عبدان بحلب، وروى عنه علي بن أحمد بن سعيد بن سهل البغدادي المعروف بابن عفان الغازي؛ شيوخه الحافظ عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد [ابن أبي صالح]، وعبدان بن أحمد بن عبدان بن حميد بن عبدان بن راشد المنبجي، وهو مجهول الحال، لأنه ليس له ترجمة عن صفته ومرتبته بالرواية عند نقاد الجرح والتعديل، ورجح الناقد الألباني في "السلسلة الضعيفة" [ج1/ص: 31] أن يكون، هو: عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد، الذي ذكر الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" [ج12/ص: 226]، أنه قدم من بخاره حجا عام [341 هـ]، فأقام ببغداد، وقد قال الألباني بهذا ليثبت عدم لقائه بالشيخ علي بن ميمون والسماع عنه، مع جهالة حاله حتى عند الخطيب أيضاً، ذلك لأن ابن ميمون توفي عام [247 هـ]؛ وهذا تحامل ظني وتضليل مصلحي بغية رد الرواية بعلة الانقطاع بالجهالة والتدليس، ولكن ووفق القاعدة المنطقية العقلية: ( عدم الوجدان، ليس دليل العدم )، أو بلفظ آخر: ( عدم الوجدان في النّظر، لا يدلّ على عدم المطلوب من الوجود )؛ ورد في "الروض البلسم" لابن الوزير [ج1/ص: 81]؛ ينفي أنه ليس بثقة لأن النقاد المحققين لم يقولوا أو يصرحوا بجهالة حالة، وقد يكون هذا الراوي على هذا المنوال أيضاً، هو: ابن إسحاق بن العلامة الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو إسحاق, إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحَرْبي!، الذي شهد بإمامته وثقته كل من الناقد الذهبي والخطيب البغدادي وأبو يعلى الموصلي؛ فيكون بذلك من سلسلة ثقات، أباً عن جد، ودون الشهرة؛ وكون من روى عنه هذه الرواية: كلهم ثقات فهو: ثقة لا محالة، وإلا ما كانوا ليقلبوا الرواية عنه أصلاً لأنه لا يقبل نقل الثقة إلا عن ثقة؛ وذلك وفق الطبيعة البشرية التي تقارن القرين بمن يقرن به، إلا أن يصرح النقاد المحققين متقدمين ومتأخرين، ودون المعاصرين بأمهات كتب الجرح والتعديل بغير ذلك من شذوذ بلقاعدة، فيطعن بالراوي أو بسقط بالسند، وهذا لا ينطبق على هذا الراوي وهذه الحالة ..
5) علي بن إسحاق بن إبراهيم بن مسلم بن ميمون: قال المزي: ( [هو] علي بن إسحاق بن إبراهيم بن مسلم بن ميمون بن نذير بن عدي بن ماهان الحنظلي، أبو الحسن، وقيل: أبو الحسين السمرقندي؛ يروي عن: إسماعيل بن جعفر المدني، وبشر بن عمارة، وحكيم بن زيد، وسفيان بن عيينة، و عبد الله بن الأجلح، و عبد الله بن المبارك، ومحمد بن الفضل بن عطية، ومحمد بن مروان السدي، والمسيب بن شريك، ويوسف بن عطية الصفار، وأبي بكر بن عياش، وأبي معاوية الضرير ... قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتب عنه أبي بالري في خروجه إلى الحج، وسئل عنه، فقال: صدوق )؛ ورد في "تهذيب الكمال" للمزي [ج20/ص: 320/ت:4024]؛ وفي "الجرح والتعديل" للرازي [ج6/ص: 175/ت:956] ..
وقال فيه بمثل قول أبو حاتم الرازي، أمير النقاد ابن حجر العسقلاني في "تهذيب التهذيب" [ج7/ص: 283]؛ وعاد ووثقه في "التقريب"، وقال: ( ثقة، روى عنه جمع من الثقات )؛ ورد في "تقريب التهذيب" للعسقلاني [ج2/ص: 32]؛ وذكره ابن حبان البستي في "الثقات" [ج8/ص: 466]؛ وقال عنه الدارقطني أنه: ثقة ..
أما القول بأن هذا الحديث، ينطبق عليه قول الإمام الشافعي: ( مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد، كمثل حطاب ليل حزمة حطب، وفيها أفعى، وهو لا يدري )؛ ورد في "فيض القدير" للمناوي [ج1/ص: 433] ..
نقول هذا قول بدلالة متخبط وحاطب ليل، لأن هذا الحديث رواه ثقات بتخريج وسند الحافظ الخطيب البغدادي، فهو رواية بسند، وحاطب الليل الذي يدعي أنه من غير سن!؛ ومن ناحية أخرى هذه الرواية هي قول، وليس بحديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو موقوف على صحابته، و مقطوع على أحد التابعين، حتى يجري عليه هذه الدقة بالتخريج السلبي! ..
والقول أن قبر الإمام الأعظم لم يكن له أثر يذكر في عهد الشافعي أو العباسيين، فهذا غير صحيح، حتى ولو استدلوا، بما رواه محيي الدين ابن شرف النووي عن الإمام الشافعي، الذي يقول: ( رأيت من الولاة من يهدم ما بُنىَ فيها ولم أر الفقهاء يعيبون ذلك )؛ ورد في "لمجموع" للنووي [ج5/ص: 298]؛ وفي "شرح مسلم" للنووي [ج7/ص: 24] ..
فهذا لا يصح فلماذا لم ينطبق على إمام الحفاظ الأكبر "البخاري"؟!؛ الذي كان قبره صرح ظهراً!، مع العلم أن الذين كانوا أئمة العراق المقربين من العباسيين جلهم من السادة الأحناف وأعني الفقيه القاضي أبو يوسف الأنصاري، ومن بعده القاضي محمد بن الحسن الشيباني وهما صاحبي أبو حنيفة الإمام الأعظم إمام الفقهاء
ذكر الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (11/261) ، وكذا الذهبي في "تاريخ الإسلام" (16 /463) عن الحاكم النيسابوري قال : "سمعت الحافظ أبا علي النيسابوري يقول : " كنت في غم شديد ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، كأنه يقول لي : صر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر ، وسل الله حاجتك ، قال : فأصبحت ففعلت ما أمرني به ، فقضيت حاجتي "
قال الحافظ ابن عساكر في تاريخه: قرأنا على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البناء , عن أبي الحسن بن مخلد , أنبأنا أبو الحسن بن خزفة , أنبأنا محمد بن الحسين بن محمد, حدثنا بن أبي خيثمة , حدثنا مصعب بن عبد الله , حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي , قال : ( كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه قال فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم , ثم يرجع فعوتب في ذلك, فقال : إنه يصيبني خطرة , فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان يأتي موضعا من المسجد في السحر يتمرغ فيه ويضطجع , فقيل له : في ذلك فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع , أراه قال في النوم. ) تاريخ دمشق - الجزء 56 - صفحة 51،
قال الحافظ ابن حجر : قال الحاكم في تاريخ نيسابور: " سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضى بطوس قال فرأيت من تعظيمه _ يعني ابن خزيمة _ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ماتحيرنا "
تهذيب التهذيب ج 7 ص 339 طبعة دار الفكر
قال الامام القسطلانى رحمه الله:
(( ووقع لي أيضاً في سنة خمس وثمانين وثمنمائة في طريق مكّة ، بعد رجوعي من الزّيارة الشّريفة لقصد مصر ، أنْ صُرعت خادمتنا غزال الحبشيّة ، واستمرّ بها أيّاماً ، فاستشفعتُ به صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ، فأتاني آتٍ في منامي ، ومعه الجنّي الصّارع لها فقال: لقد أرسله لك النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فعاتبه وحلّفته أن لا يعود إليها ، ثمّ استيقظتُ وليس بها قلبة* كأنّما نشطت من عقال ، ولا زالت في عافية من ذلك حتّى فارقتها بمكّة سنة أربع وتسعين وثمن مائة ، والحمد لله ربّ العالمين.)) المواهب اللدنية - المجلّد الرابع - صفحة 594.
قال الحافظ ابن حبان فى كتابه الثقات الجزء 8 صفحة 456 -457 :فى ترجمة الامام على بن موسى الرضا : ( وهو على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب أبو الحسن من سادات أهل البيت وعقلائهم وجلة الهاشميين ونبلائهم يجب أن يعتبر حديثه إذا روى عنه غير أولاده وشيعته وأبى الصلت خاصة فان الأخبار التي رويت عنه وتبين بواطيل إنما الذنب فيها لأبى الصلت ولأولاده وشيعته لأنه في نفسه كان أجل من أن يكذب ومات على بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إياها المأمون فمات من ساعته وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامى بطوس فزرت قبر على بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق