Disqus for ومضات إيمانية

الاثنين، 16 يناير 2012

محبة رسول الله صل الله عليه وسلم


التقاعس فى دعوة الغير إلى دين الله
لما نقص حب النبى فى قلوبنا وحلَّ حب الدنيا فيها وتهاوت حصون الأخلاق الإيمانية واحدا تلو الآخر تحت هجمات جيوش المكاسب الدنيوية وإغراءات المنافع الدنيَّة فترت الهمم وتراخت العزائم المضيَّة وتكاسلنا عن الوظيفة الأساسية والمكلفة الربانية التى كلَّف الله بها أمة خير البرية وهى دعوة خلقه إليه بالطريقة القرانية والسنَّة المحمدية ولكي نفهم تأثير هذا على ما صرنا إليه و كيف أن تكاسلنا و تقاعسنا عن واجب دعوة غيرنا لدين ربنا قد عاد علينا بالإبتلاءات والمصائب فإنا نبيِّن بشىْ من التوضيح كيف كلَّف الله هذه الأمة بشرف وظائف المرســـلين؟ولنبدأ من عند سيد العالمين وكيف كان بداية التعيين؟ اختار الله عزوجل نبيه ومصطفاه وحبيبه ومجتباه سيدنا محمد بن عبدالله رسولاً للثقلين للإنس والجن ورسولاً للعالمين عالم السماء بما فيه من أنواع الملائكة وعالم الأرض بما فيه من الإنس وكل ما عليها من الكائنات بل والعناصر والجمادات فهو الذي قال فيه ربه{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}وجعله الله عز وجل رسولاً للمرسلين ونبياً للنبيين فهو رسول الأولين ورسول الآخرين ورسول أهل الأرض في كل زمان ومكان أجمعين الذي اختاره ورباه على عينه رب العالمين وما الرسل السابقين إلا نواباً عن حضرته يبلغون هديه وشرعه إلى أممهم على قدر ما يتحملون من شرع ربهم فإذا اكتملت الأدوار وجاء أهل هذه الدار الذين جعل الله فيهم قوة واقتدار على حمل هذه الأنوار وعلى اتساع هذه الأسرار نزل النبي بالدين الجامع الشامل فالنبيون أجمعون قبله يبلغون شيئاً من تشريعه على قدر أممهم وهم كما قال في شأنهم أحد الصالحين :
الرسل من قبل الحبيب محمد نوابه وهو الحبيب الهادي
موسى وعيسى والخليل وغيرهم يرجون منه نظرة بوداد
رغبوا يكونوا أمة لمحمد وبفضله فازوا بكل مراد
وبمحكم القرآن عاهدهم له أن يؤمنوا بسراجه الوقاد
فهو صاحب الكمال الذي أنزله الواحد المتعال وصاحب الجمال الذي أنشأه الله على هيئة بغير مثال وصدق حسان بن ثابت حيث يقول في شأن هذا النبي الأمي :
وأجمل منك لم تر قط عينى ... وأكمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرءاً من كل عيب .... كأنك قد خلقت كما تشاء
 
وأهل هذا الدين الذين شرفهم الله بنبوته واختارهم الله عز وجل ليكونوا جنده في تبليغ رسالته لأنه خير رسول ونزل بخير دين وأنزل عليه خير كتاب قال الله في شأنهم{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}ولم يقل الله ستكونون فيما يستقبل من الزمان مع أنهم الآخرون الأولون ولكنه قال من قبل القبل قبل أن يخلق الكائنات وقبل أن يكوّن المكونات : كنتم عند الله في أزله القديم وفي لوحه القديم خير أمة أخرجت للناس وبين الله عز وجل في هذه الآية تكليف الله سبحانه و تعالى لهذه الأمة لمَ خلقنا الله؟ولمَ كلفنا الله؟خلقنا الله عز وجل كما بيّن في هذه الآية ووضحها في أكثر من موضع في كتاب الله لنكون رسل الهداية من الله للخلق أجمعين ندعو الخلق إلى الله وندلهم بالله على الله تلك هي مهمتنا وهذه هي رسالتنا ولذلك قال الله :خير أمة لمن أخرجت ؟لا لنفسها ولا لأبناءها ولا لأزواجها وإنما أخرجت لمهمة كلفها بها الله لغيرها أخرجت لمن ؟للناس ماذا يفعلون مع الناس{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر}فإن مهمة هذه الأمة مهمة الرسل والأنبياء فقد جعل الله الرسل والأنبياء نواباً عن حضرته قبل وجوده وأمرهم أن يبلغوا أممهم بأوصافه وشمائله وكمالاته حتى أنهم من شدة حرصهم بلغوا أممهم ليس بأوصافه في ذاته فقط بل بأوصاف أصحابه وأخبارهم ونعوتهم وأحوالهم فقد ذكروهم في التوراة والإنجيل بأسمائهم{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}ما هي أوصافهم ؟{أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أين؟{فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ}ولم يقل كزارع ولكنه قال{كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}والزرع هنا هو أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من علية أصحاب النبي{كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}فذكروا حتى أوصاف أصحاب حضرة النبي ولا يسع الوقت لعد ولو لنماذج قليلة مما ذكرته التوراة والإنجيل عن أصحاب حضرة النبي فقد ذكروهم بنعوتهم وأوصافهم وأسمائهم وذكروه بتفصيل البلد التي يولد فيها والأبوين والميعاد الذي يظهر فيه مولده حتى أنهم لما خرج أبو طالب بتجارته إلى بلاد الشام وتعلق به رسول الله فأخذه معه ليرضيه وعندما ذهبوا إلى بحيرة الراهب ورأى أنوار الحبيب جهزَّ وليمة ودعاهم أجمعين وقال: يا معشر قريش لا تتركوا واحداً منكم فذهبوا وتركوا رسول الله فتفقد القوم فلم يجده قال : هل تركتم أحداً خلفكم ؟فقال أبو طالب :لا عليك إنه غلام صغير فقال: ائتوني به فآتاه به فقال : من يكون هذا منك ؟ قال: ابني قال : لا قال: ولم ؟قال : لأن عندنا أن أباه لا يكون حياً وإنما يكفله جده ثم عمه وانظر إلى التوصيف العجيب الذي وصفوه في كتبهم للحبيب حتى من يكفله جده ثم عمه حتى أنه قال له : ارجع بابن أخيك ؟ قال: ولم ؟قال: عندنا في التوراة : أن هذا ميعاد خروجه إلى الشام ولو سرت إلى أي طريق ستجد يهوداً في انتظاره يريدون قتله وكل طريق وقف عليه نفر منهم لماذا ؟و من أين عرفوا كل ذلك ؟هذا لأن موسى وعيسى وفوا لله ووصفوا لأممهم ما كلَّفهم به الله من أوصاف حبيب الله ومصطفاه وقد روى النبي من ذلك كماً كثيراً وإن أردت الزيادة في هذا الباب تجدها في كتاب " حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق " ففيه الكثير من هذه الروايات الصحيحات المؤيدات والتي تتحدث عن رسول الله بحسب ما حكى وتحدث عنه أنبياء الله ورسل الله السابقين أجمعين؟إننا أهل الآسلام وبعد أن عرفنا تمام المعرفة واستوثقنا من المهمة المقدسة التى كلفنا الله بها - وعلى الرغم من ذلك فقد تكاسلنا و تقاعسنا فيها - فإننا فى هذه الآونة لفى أشد الحاجة لأن نبلغ رسالة الإسلام هذه للخلق أجمعين كما بلغها أجدادنا ذهبوا إلى أندونيسيا فنشروا الإسلام فيها بأخلاقهم وتعاملاتهم وذهبوا إلى الفلبين وذهبوا إلى ماليزيا وذهبوا إلى نيجيريا والسنغال وكل بلاد أفريقيا بما نشروا الإسلام ؟ليس بالكلام ولا بالمظاهرات ولا بما نراه من أفعال تحدث من شذاذ المسلمين ولكن بأخلاق المؤمنين وأحوال المؤمنين وتعاملات المسلمين التي كانت صورة لهذا الدين فإننا نغزو القلوب بالأخلاق ونغزو النفوس بالتعاملات ، فإذا وجدوا منا كريم الأخلاق وجميل المعاملات دخلوا في دين الله أفواجاً هذا هو الإسلام أخي المسلم في كل مكان أنت عليك ديْن لهذا الدين أن تبلغ هذه الرسالة للخلق أجمعين وأن تبين لهم بأخلاقك كمالات هذا الدين وتبين لهم في تعاملاتك سماحة هذا الدين وتبين لهم بسلوكك وفعلك خيرية هذا الدين فهل أدينا دورنا؟هل بلغنا الكافرين والجاحدين والمشركين تعاليم ديننا ؟هل بلغناهم سماحة الإسلام وحكمة الإسلام وعظمة الإسلام وعظمة أخلاق نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ؟لا لم نفعل ذلك كما أمر الله وأوصى نبيه بل تناسينا وأهملنا وتكاسلنا حتى أحكمنا طوق دائرة الهوان بأيدينا حول أعناقنا وصرنا إلى ما نحن فيه اليوم من الصغار و الهوان وياليتنا نفيق وإنا إذ وصلنا فى تحليلنا إلى هنا فإنى أؤكد لكم إن هؤلاء القوم لم يهاجموا رسول الله إلا عندما رأوا فينا ضعفا وتهاونا وفينا استهتارا بدين الله جل في علاه ولو أن كل واحد فينا قام بما ينبغي عليه لله ورسوله ما جرأت أمم الكافرين مجتمعة أن تمس أي مسلم ولو كان صغيراً بأذى أو سوء وكما رأينا في حادثة الهجرة فإن الكافرين رغم طاغوتهم وجبروتهم ومعداتهم وقوتهم تصدى لهم رجل واحد وذهب إليهم وهم جلوس حول الكعبة وأمسك بسيفه ومر عليهم قائلاً:من أراد أن تثكله أمه أو ترمل زوجته أو ييتم أولاده فليتبعني خلف هذا الوادي ما هذا التهديد والوعيد هل واحد بمفرده يهدد مدينة ؟ ومع ذلك لم يتحرك أحد منهم لا بقول ولا بفعل؟أو حتى حدثه بكلمة تخدشه أو تؤذيه فقد ألقي عليهم سهم الله عز وجل إلى أن مشى من أمامهم وبعد أن مشى قالوا لبعضهم : ما الذي حدث ؟لماذا سكتنا ولم نتكلم ؟ولماذا لم يقم أحد منا ليتصدى له ؟فقال واحد منهم إذا أردتم فعليكم أن تلحقوه الآن فردوا عليه بأنه قد مشى وانتهى الموضوع{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}قذف الله في قلوبهم من واحد لا ثاني له ما هذا ؟هذه هي عزة الإسلام فإن المسلم إذا عمل بتعاليم الإسلام أعزه الله بعزته{إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً}لكنه يلبسها لرسل الله لأنهم صادقون في دعوتهم لله وكذلك يلبسها للصادقين من أتباعهم{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}وهذا تفصيل آخر ولذلك فإن أي مؤمن يعمل بصدق ويقين بهذا الدين ولهذا الدين يأخذ وراثة من سيد الأولين والآخرين ، ماهي هذه الوراثة ؟سيدنا علي يقول فيها عندما تكلم عن رسول الله " من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه "فالناس كانت تهابه وهذه الهيبة كانت من الله ومن شدة هذه الهيبة فقد كان من يأتيه من المؤمنين والمؤمنات إذا لم يثبّْته الله عز وجل بثبات من عنده كان يختل توازنه فقد أتاه رجل في أمر فاختل توازنه وجعل ترعد فرائصه من شدة هيبة رسول الله فقال له(هون عليك فأنا لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد).[1]لكن هذا الرجل غلبت عليه الهيبة عندما رأى رسول الله هذه الهيبة يخلعها الله على كل مؤمن تقي نقي فيخشى بأسه أعداء الله ولو كان رجلاً عاديا لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً .

[1] عن قيس ابن أبى حازم ، رواه الألبانى فى سلاسل الأحاديث الصحيحة ، القديد : اللحم المملح المجفف .
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق