Disqus for ومضات إيمانية

الاثنين، 9 يناير 2012

حال المؤمن عند الموت

نبىُّ
 الله إبراهيم وملك الموت
كذلك عندما أرسل الله ملك الموت إلى سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام،
فلما ذهب إليه وقال له: { من أنت؟ قال له: ملك الموت، فقال له: قل لله أيحبُّ الخليل مســـــــــاءة خليله؟
 فقال الله لملك الموت قل له: أيكره الخليل لقاء خليله؟ فقال: الآن فاقبض } فتح البارى
فالله من جوده وكرمه للمؤمنين يسوق إليهم من المشاهد العالية والنورانيات الصافية ما يجعلهم يتمنون لقاء الله حتى يخرجوا على قول الحبيب{ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ } 
عَنْ عُبَادَةَ فى صحيح البخارىكيف يموت المؤمن؟
ثم تأتى ساعة الموت أو مفارقة هذه الحياة إلى الحياة الحقة ولا تسمع لكلام الجماعة الذين يقولون إن الموت أشد من ثلاثمائة ضربة بالسيف، هذا لغير المؤمن أما الموت بالنسبة للمؤمن فهو ما يقوله النبى : { الْمَوْتُ تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ }{وَالدرْهَمُ وَالدينَارُ رَبِيعُ الْمُنَافِقِ وَهُمَا زَادُهُ إِلَى النَّارِ} عن جابرٍ رضَي اللَّهُ عنهُ
 (جامع الأحاديث والمراسيل)
أي هدية فريدة فالموت هو أول هدية للمؤمن من الله عند مفارقته هذه الحياة فإكرام الله لعبده المؤمن عند الموت لا يعد ولا يحد فالهدايا العظيمة التي تتري من الله للعبد المؤمن عند لقاء ربه تتوالى عليه ليفرح بلقاء الله فيفرح الله بلقاءه وهذا للمؤمن الذي عاش مستقيماً على الطاعة، ولم يصر على المعاصي، وتاب منها قبل وفاته، وتجنب الكبائر التي تغضب الله، وإذا ما وقع فى كبيرة بتسويل نفسه أسرع إلى التوبة النصوح ليكون جاهزاً لله والله يحب التوابين ويحب المتطهرين أما المؤمن الذى يقول إن الله غفور رحيم، وهو كلام صدق للمؤمنين إنه تواب رحيم، وهو فى كتاب رب العالمين، ولكن هذا الكلام يجعله يأمن جانب الله فيقصر فى حقوق الله ويترك ما كلفه به مولاه ويتهاون بالطاعات التى أمر بالمحافظة عليها زاعماً أن هذا أمر يسير سيغفره له الله فإن مثل هذا قد وقع فى كبيرة عظيمة ألا وهى أمن جانب الله فقد قال النبى :{ لَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّمَني وَلاَ بِالتَّحَلِّي، وَلكِنْ هُوَ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ} ، وفي رواية: { إنَّ قَوْمًاً غَرَّتْهُمُ الأمَانِي فَخَرَجُوا مِنَ الدُّنيَا وَلا حَسَنَةَ لَهُمْ، قَالُوا نُحْسِنُ الظَنَّ بالله، وكَذَبُوا، لَوْ أحْسَنوا الظنَّ لأحْسَنُوا العَمَلَ } ابن النَّجَّار، عن أَنسٍ والزيادة فى مسند الفردوس عن أنس أيضاً 
وقد وردت فى بعض المصادر رواية عن الحسن البصرى
فالمؤمن الذى له هذا الخير وله هذا الفضل وله هذا الكرم هو المؤمن الذى يوالى الله بطاعته فيواليه الله بكرمه وجوده وعطاءاته، ويقول فيه الله فى سورة يونس :[ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} والتقوى بإيجاز شديد هى التى يعقبها البشرى [الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64}
أهل البشريات هم الذين استقاموا على طاعة الله وأسسوا قوتهم على الحلال الذي أمر به الله وحفظوا بطونهم وجوارحهم من الشراب والغذاء والأعمال التي تغضب الله، وعمرت قلوبهم بخشية الله، فهؤلاء لهم بشريات تتوالى عليهم من الله عند خروج نفسهم وفى قبورهم وعند سؤال الملكين وعند خروجهم فى البعث والنشور لأن هذا أمر جلاه الله فى كلامه الذى هو شفاء لما فى الصدور ولا تبديل لكلمات الله فالمؤمن من سيقبض روحه عند الموت كما سبق وأوردنا قول الله [النحل32]:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ} تأتي إليهم ملائكة الرحمة أما الضرب والطرد فيكون لمن لهم ملائكة العذاب، هؤلاء يذهب لهم كتيبة من المخبرين لتقبض على الرجل منهم يمسكوه ويضربوه ويكتفوه فيحق له أن أن يحزن لكن المؤمن ذهبت إليه كتيبة من حرس الجنة الإلهي يستقبلوه فمم يحزن؟ وعلى أي شئ يحزن؟ هم يقابلونه ويهنئونه بسلامة الوصول هؤلاء الجماعة كما قال الله في كتابه يحيونه بقولهم {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }الزمر73 وهل بعد السلام عذاب أو نكد أو هم؟ لم يقولوا أدخلوه القبر ولكن قالوا:{ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل 32ولذلك قال الحبيب مفسراً هذا الموضوع عندما كان هو وإخوانه في جنازة رجل من الأنصار ووصلوا المقابر ولم يكونوا جهزوا بعد موضع الدفن فجلس رسول الله ومن معه علي الأرض وأمسك عصا وظل يخطط بها في الأرض وأمر أصحابه أن يستعيذوا من عذاب القبر مرتين أو ثلاثة ،ثم قال لهم مفسراً :
{ إِنَّ الْعَبْدَ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ في ٱنْقِطَاعٍ مَنَ ٱلدُّنْيَا وإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلْيهِ مَلاَئِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، وَيَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ٱخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ ٱللّهِ وَرِضْوَانٍ. فَتَخْرُجُ فَتَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السقَاءِ } عن البراء رضى الله عنه [جامع الأحاديث والمراسيل] وفى روايــة { أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك }
فلا يضربوه ولا يعذبوه كما نسمع ولكن هذا العذاب يكون للجماعة الملحدين الكافرين أما المؤمنين فلا، ولذا لما حضر النبى وفاة شاب من الأنصار قال: { نَظَرْتُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقُلْتُ يَا مَلَكُ الْمَوْتِ إِرْفِقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ قال: يَامُحَمَّدُ طِبْ نَفْساً وَقُرَّ عَيْناً فَإِني بِكُل مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ } الْبزار عن الْخزرج
فإذا كان ملك الموت الذي يأتي معه الشفقة والرحمة والعطر من الجنة، وساعة ما يأتـي ليقبض الروح ساعة الغرغرة يبينون له مكانته في الجنة ويعرف عنوانه ومكانه حتى عندما يدخل الجنة يكون كما قال الله{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } محمد6 إذاً من لا يعرفها هنا؟ لا يعرفها هناك ويتوه فالجنة أحياؤها كثَّر فيوجد الفردوس وعدن والخلد وجنة المأوي أو مقعد صدق فلا بد أن يعرف عنوانه من البداية وهو خارج من هنا وهذا ما أخبر عنه النبى بقوله: { ثم يُفْرَجُ له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها، و ما فيها ، فيقال له: هذا مقعدك، و يقال له على اليقين كنت و عليه مت و عليه تبعث إن شاء الله }الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع
فعندما يري مكانه فى الجنة يشتاق للقاء الله ويتمناه؛ فيحبُّ الله لقاءه ويابشراه فكيف تخرج الروح ساعتها إذاَ؟
قال حضرة النبي :{ فَتَخْرُجُ الروح فَتَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السقَاءِ } تخرج نفسه كما تنزل قطرة الماء من فى (فم) السقاء أي من فم القربة أو الصنبور بلا تعب ولا نكد ولا عناء هكذا تخرج روح المؤمن لأن هذا فضل الله عليه، فما التعب في ذلك؟ ثم أذهب النبى خوفنا وحلف عليه الصلاة والسلام تأكيداً لكلامه: { والَّذِي نَفْسٍى بِيَدِهِ لتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُون وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُون } رواه جعفر بن عبدالله بن الحكم الألبانى فى فقه السيرة
إذاً فمفارقة الحياة بالنسبة للمؤمن ليس فيها تعب ولا نصب ولا أي شئ، فتخرج النفس وتضعها الملائكة فى الحريرة البيضاء الطيبة ويضعون عليها العطر الذى أحضروه معهم من الجنة فتفوح منها روائح طيبة ليس لها مثيل فيالا الفرح والسرور ويالا السعادة والحبور 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق