الصلاه فى المسجد الذى به ضريح
والصلاه فى المسجد الذى به ضريح احد الأنبياء او الصالحين صحيح ومشروع وقد تصل الى درجه الإستحباب ويدل على هذا عده أدله من القرأن والسنه وفعل الصحابه وإجماع الأمه
اولا من القرأن قال تعالى (فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذهن عليهم مسجدا) ووجه الإستدلال من الأيه أن الذين غلبوا على أمرهم هم المؤمنون على الصحيح ، لأن المسجد إنما يبنيه المؤمنون ، وأما الكافرون فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ، والدليل من هذه الآية إقرار الله تعالى إياهم على ما قالوا وعدم رده عليهم ، فإن الله تعال إذا حكى في كتابه عن قوم مالا يرضاه ذكر معه ما يدل على فساده وينبه على بطلانه إما قبله وإما بعده ، فإذا لم ينبه على ذلك دل على رضاه تعالى به وعلى صحته إن كان عملاً وصدقة إن كان خبراً
كقوله تعالى : ( إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) فإنه أعقبه بقوله : ( قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى )
وقوله تعالى : ( وجعلوا مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً ) فإنه أشار إلى فساد ما زعموا بقوله بزعمهم
وبقوله تعالى : ( سيجزيهم بما كانوا يعملون )
وقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون )فرده بقوله : ( فقد جاءوا ظلماً وزوراً )
وقوله تعالى : ( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً ) فعقبه بقوله ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا ) إلى غير ذلك من الآيات التي يطول ذكرها .
وإن من تأمل القرآن وجده لا يقر على باطل يحكيه قولاً كان أوعملاً إذ كتابه كله حق ونور وهدى وبيان وحجة لله على خلقه فلا يحكي فيه ما ليس بحق ثم يقره ولا ينبه على بطلانه فإذا ذكر نبأ وأقره دل على صحته وصدقه .
قال الإمام الطبرى فى تفسيره (17/639) فى تفسير الأيه السابقه:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: عمَّى الله على الذين أعثرهم على أصحاب الكهف مكانهم، فلم يهتدوا، فقال المشركون: نبني عليهم بنيانا، فإنهم أبناء آبائنا، ونعبد الله فيها، وقال المسلمون: بل نحن أحق بهم، هم منا، نبني عليهم مسجدا نصلي فيه، ونعبد الله فيه.
قال الشوكانى (3/277)فى كتاب فتح القدير طبعه دار عالم الكتب: ذكر المسجد يشعر بأن هؤلاء الذين غلبوا على امرهم هم المسلمون وقيل هم اهل الملوك والسلطان من القوم المذكورين فإنهم الذين يغلبون على أمر من عداهم والأول أولى .
ثانيا من السنه:1_ قال ابن حجر الهيتمى فى مجمع الزوائد(3/640): عن ابن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد الخيف قبر سبعون نبيا )) رواه البزار ورجاله ثقات وله شاهد ايضا
فى مجمع الزوائد ايضا (3/503)
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
في مسجد الخيف سبعون نبيا منهم موسى صلى الله عليه و سلم كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قطوانيتان وهو محرم على بعير من إبل شنوءة مخطوم بخطام ليف له ضفيرتان
رواه الطبراني في الأوسط وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
2_ قال ابن هشام فى السيره النبويه (1/111) قال ابن اسحاق وكان عمر اسماعيل فيما يذكرون مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات رحمة الله وبركاته عليه ودفن في الحجر مع أمه هاجر رحمهم الله تعالى.
3_ نقل الحافظ ابن عساكر الدمشقى فى تاريخ دمشق بإسنادين فى(23/79)
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي النقيب أنبأ أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد الشافعي أنبأ أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن فراس ثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل الديبلي ثنا أبو صالح محمد بن أبي الأزهري المعروف بابن زنبور المكي مولى بني هاشم ثنا أبو بكر بن عياش ( 3 ) عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما قبر إسماعيل وشعيب عليهما الصلاة والسلام فقبر إسماعيل في الحجر وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود.
قلت :اذا كانت القبور فى المسجد الحرام فهل تحرمون الصلاه فى المسجد الحرام؟!!
3_فعل الصحابه: يتضح لنا من مانقله الإمام مالك فى الموطأ(2/232) حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ فَقَالَ نَاسٌ يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَقَالَ آخَرُونَ يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحُفِرَ لَهُ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ غُسْلِهِ أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ فَسَمِعُوا صَوْتًا يَقُولُ لَا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ فَلَمْ يُنْزَعْ الْقَمِيصُ وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ووجه الإستدلال من هنا : أن اصحابه رضى الله عنهم اقترحو ان يدفن عند المنبر وهو داخل المسجد قطعا ولم ينكر عليهم احد هذا الإقتراح .بل ان ابابكر اعترض عليهم لا لحرمه دفنه فى المسجد ولا لحرمه دفنه فى البقيع وإنما تطبيقا لأمره صلى الله عليه وسلم بأنه يدفن حيث يقبض وبتأملنا فى وبتأملنا الى دفنه صلى الله عليه وسلم فى هذا المكان نجد انه صلى الله عليه وسلم قبض فى حجره السيده عائشه وهذه الحجره كانت متصله بالمسجد الذى يصلى فيه المسلمين فوضع الحجره فى بالنسبه للمسجد هو تقريبا نفس وضع المساجد المتصله بحجره فيها ضريح لحد الأولياء فى زماننا بأن يكون ضريحه متصل بالمسجد والناس يصلون فى صحن المسجد .
رد بعض الإعتراضات حول الصلاه فى مسجد به ضريح
1_ان وجود قبر النبى فى المسجد خاص بالنبى
الرد
ان هذا لو كان خاصا بالنبى لما دفن بجانبه سيدنا ابى بكر الصديق رضى الله عنه وسيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه كما ان الخصوصيه فى الاحكام بالنبى تحتاج الى دليل والأصل ان الحكم عام مالم يرد دليل الخصوصيه.
2_حديث لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد
الرد
الله تعالى لعن اليهود والنصارى لأنهم جعلو القبر نفسه مكانا للسجود ويسجد عليه الساجد لمن فى القبر عباده له قال تعالى (اتخذوا احبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمرو إلا ليعبدوا إلها واحد لاإله إلا هو سبحانه عما يشركون) فهذا هو معنى السجود الذى استوجب اللعن او جعل القبر قبله دون القبله المشروعه كما يفعل اهل الكتاب حيث يتوجهون بالصلاه الى قبور احبارهم.
نقل الحافظ ابن حجر العسقلانى عن البيضاوى فى فتح البارى(1/524)(( قال البيضاوى لما كانت اليهود يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبله ويتوجهون اليها فى الصلاه فاتخذوها أوثانا لعنهم الله ومنع المسلمن عن مثل ذالك ونهاهم عنه اما من اتخذ مسجدا بجوار صالح او صلى فى مقبرته وقصد به الإستظهار بروحه ووصول اثر من اثار عبادته اليه لا التعظيم له والتوجه فلا حرج عليه ألا ترى ان مدفن اسماعيل فى المسجد الحرام ثم الحطيم ثم ان ذلك المسجد افضل مكان يتحرى المصلى بصلاته والنهى عن الصلاه فى المقابر مختص بالمنبوشه لما فيها من النجاسه.انتهى))
3_ مانقل عن عمر رضى الله عنه من أمره بهدم قبر دنيال
الرد
فذاك خاص به لما وجد عند قبره من الكتابة التي تخبر بأمور وكوائن غيبية ، وكان عمر – رضي الله عنه – يبالغ في التنفير من كل علم يخشى أن يفتتن الناس به ويعرضون معه عن الكتاب والسنة أو يعتقدون معه خلاف ما يجب أن يعتقد في ذلك المخلوق حتى كان إذا قبل الحجر الأسعد عند الطواف يقول رافعاً صوته ليسمع الناس إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقبلك ما قبلتك ، وإنما كان يفعل هذا لأنه خشى على العرب وهم حديثوا عهد بجاهلية وعبادة الحجر أنهم لما يرون المسلمين يقبلون الحجر ربما اعتقدوا أن ذلك لتأثير عنده وتصرف كما كانوا يعتقدونه في الأحجار التي كانوا يعبدونها فلما وجد عند قبر دانيال لوحاً مكتوباً فيه أخبار عن أمور مغيبة وكوائن آتية خاف أن يفتتن الناس بذلك فأمر بهدم البناء الذي على القبر.
4_ ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (( لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ))
الرد
الصحيح عندنا أنه أراد قبور المشركين التي كانوا يقدسونها في الجاهلية وفي بلاد الكفار التي افتتحها الصحابة – رضي الله عنهم – بدليل ذكر التماثيل معها وإلا فالسنة وعمل الصحابة على خلافه بالنسبة لقبور المسلمين.
قلت :اذا كان النبى صلى الله عليه وسلم دفن بحجره السيده عائشه رضى الله عنها فأين كانت تصلى السيده عائشه؟هل كانت تصلى فى حجرتها التى بها القبور وتكون صلاتها باطله على زعم الوهابيه!! ام انها كانت لاتصلى فى حجرتها لانفلا ولا فرضا!! وتخالف قول النبى الوارد فى صحيح مسلم (4/178) فى باب استحباب صلاه النافله فى البيت وجوازها فى المسجد((حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا))
وهناك دليل اخر لنا حديث فى سنن ابى داود صحيح وصححه حتى الألبانى المجسم فى صحيح ابى داود(3/107)(( حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت
عبد الرحمن أنها أخبرته أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:
لو أدرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أحْدَث النساءُ؛ لمنعهن المسجد كما مُنِعَه نساءُ بني إسرائيل.
قال يحيى: فقلت لعمرة: أمُنِعه نساء بني إسرائيل؟ قالت: نعم.))
قلت اى الألبانى: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
قلت وهذا دليل على انها رضى الله تعالى عنها لم تكن تصلى فى المسجد قطعا!!
دليل اخر لنا
روى ابن حبان فى صحيحه (5/596)(( أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، حدثنا داود بن قيس، عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته، أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، قال: “قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي”. قال: فأمرت، فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله جل))
دليل اخر لنا
فى مسند الإمام احمد (13/73) ((حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ وَلَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ
فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ وَاللَّهِ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ يَتَّخِذْنَ ذَلِكَ دَغَلًا فَقَالَ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ اللَّهُ بِكَ تَسْمَعُنِي أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ أَنْتَ لَا قَالَ لَيْثٌ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ))
قلت اذا فهم كانو غير راضين حتى عن خروجهم ليلا تفلات اذا كان هذا الإذن عن ذهابهم ليلا فأين كانت تصلى صلاه الظهر والعصر والمغرب !!
دليل اخر
حديث فى مسند الإمام احمد وسنن ابوداود
((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات )) .
اجابت السيده عائشه بنفسها عن هذا الحديث فقالت فى حديث اخر صحيح صححه الألبانى المجسم(3/108)فى صحيح ابى داود ورواه الإمام مالك فى الموطأ فى الموطأ((عن عمرة ” ثنا الحكم: ثنا
عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال فقال أبي: يذكره عن أمه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
” لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات “. قالت عائشة: ولو رأى حالهن اليوم؛ منعهن))
قلت وهذا دليل قاطع على انها لم تصلى فى المسجد وانما كانت تصلى فى حجرتها التى بها ثلاثه قبور
أخيرا الإجماع: أولا : إجماع الصحابة على دفنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بيته
ثانيا: أجمع التابعون في عهد وجود عدد من الصحابه و كبار أئمه التابعين مثل عمر بن عبد العزيز والحسن البصرى وابن سيرين وفقهاء المدينة والكوفة والبصرة والشام وغيرها من أقطار الإسلام . ثم أجمعت الأمة بعدهم على إدخال بيته المشتمل على قبره داخل المسجد وجعله في وسطه . وإجماعهم حجة ولو كان ذلك منهياً عنه لاستحال أن تتفق الأمة في عصر التابعين على المنكر والإجتماع على الضلالة.
(ملحوظه) انا لم اذكر تصحيح الألبانى وتضعيفه من باب الإعتماد عليه كلا ثم كلا فعند اهل السنه والجماعه الجم الغفير من الحفاظ وانما أذكر كلامه من باب إلزام الخصم فقط لا أكثر علما بأننى لا اعتد لا بتصحيح الألبانى ولا بتضعيفه والحمد لله رب العالمين.
كتبه أحمد السيد
طالب بجامعه الأزهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق