تثار قصة العنكبوت والحمامتين على باب غار ثور
كلما تمر ذكرى الهجرة النبوية الشريفة،
وهناك من يضعف أسانيد هذه القصة،
وهناك من يحسن طرق روايتها.
وأشير في هذه العجالة الى طرق رواية هذه القصة
والى طرق اسانيدها:
روى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، من خلال تفسيره لقوله سبحانه وتعالى «واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك.. » سورة الانفال الآية ٣٠ ،
قائلاً: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل اخرجوه، فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك
فبات علي بن ابي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار -
اي غار ثور -
وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما اصبحوا ثاروا اليه فلما رأوه علياً رد الله مكرهم، فقالوا:أين صاحبك هذا ؟!
فقال: لا ادري، فاقتصوا اثره فلما بلغوا الجبل خلط عليهم فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا نسيج العنكبوت، فقالوا:
لو دخل ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال ٠ الى هذا تنتهي رواية الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
التوثيق في كتب السنة والسيرة النبوية هناك مجموعة من كتب السنة الشريفة والسيرة النبوية، قد اوردت هذه الرواية علي النحو الآتي:
١- اخرج هذا الحديث الشريف الامام احمد في مسنده جزء ١ ص ٣٤٨ ، عن ابن عباس،
وقال الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ج ٧ ص ٢٧ : في سند هذا الحديث عثمان بن عمرو الجزري وقد وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، أما بقية رجال السند فهم ثقات.
٢ - اخرج عبد الرزاق هذا الحديث في مصنفه ج ٥ ص ٣٨٩ عن مقسم وقتادة منقطعاً، في حين انه رواه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موصولا.
٣ - عزاه السيوطي في كتابه )الدر المنثور( ج ٣ ص ١٧٩ لعبد بن حميد ولأبي الشيخ وابن مردوية وابي نعيم في كتابه )دلائل النبوة
( والخطيب في كتابه )تاريخ بغداد(. ٤ - اخرجه الطبراني في كتابه )المعجم الكبير( وفي اسناده ابن لهيق، وهذا متهم في ضبطه،
والحديث الشريف مرسل اي يقف السند عند الصحابي، فهو غير مرفوع للرسول صلى الله عليه وسلم.
٥ - ذكره ابن كثير في السيرةالنبوية ج ٢ ص ٣٩ ، وقال: اسناده حسن.
٦ - رواه الطبري في كتابه )تاريخ الرسل والملوك( ج ٢ ص ٣٧٢ .
٧ - قال ابن حجر في كتابه )فتح الباري شرح صحيح البخاري( ج ٧ ص ٢٣٦ سند هذا الحديث حسن.
8 اخرجه البيهقي في كتابه «دلائل النبوة » ج 2 ص 473 عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها من حديث مطول،
وفي ج 2 ص 482 عن زيد بن ارقم والمغيرة بن شعبة وانس بن مالك رضي الله عنهم وورد ذكر الحمامتين بالاضافة الى العنكبوت
من طريق ابي مصعب المكي في نص الحديث الشريف.
-9 اخرجه ابن سعد في كتابه «الطبقات » ج 1 ص 229 من طريق ابي مصعب المكي.
اسانيد القصة ان القصة التي رواها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لها ثلاثة اسانيد وبرواية عدد من الصحابة والتابعين على النحو الاتي:
-1 ابن سعد عن عبد الله بن عباس وعن علي بن ابي طالب، وعن عائشة ام المؤمنين، وعن عائشة بنت قدامة وسراقة بن مالك عن جعشم المدلحي رضي الله عنهم اجمعين.
-2 ابن سعد وابن مردويه والبيهقي عن ابي مصعب عن انس بن مالك وعن زيد بن ارقم والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم.
-3 رواه احمد وابو نعيم عن عبد الله بن عباس وعن عطاء بن ميسرة رضي الله عنهم.
التعقيب والخاتمة يلاحظ بأن لهذا الحديث النبوي الشريف، الذي تضمن قصة العنكبوت والحمامتين، طرقا كثيرة، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا،
سيما ان ضعف اسنادها في بعض الطرق كان سببه جرحا في الضبط وليس جرحا في العدالة، وبذلك يرتقي الحديث النبوي الشريف الى درجة الحسن، والله تعالى اعلم.
بالاضافة الى ان الحافظ ابن حجر العسقلاني صرح بأن اسناده حسن، وكذلك الحافظ ابن كثير قد حسنه ايضا،
ولا شك ان كلا من ابن حجر وابن كثير رحمهما الله قد اطلعا على طرق رواية الحديث ودرسا اسانيد هذه الطرق
فوجدا ان امكانية ارتقاء الرواية الى درجة الحسن امكانية كثيرة،
وبخاصة ان اسباب ضعف كل رواية على حدة: اما ان يكون خللا في الاسناد كالانقطاع والارسال واما ان يكون خللا في الضبط وليس خللا في العدالة والتجريح.
وهذان النوعان يتقويان بكثرة طرق الرواية.
هذا ولا يخلو كتاب في السيرة النبوية قديما او حديثا من الاشارة الى هذه القصة،
فالحديث الشريف الذي يتحدث عن قصة العنكبوت والحمامتين في غار ثور اثناء الهجرة النبوية الشريفة، طرقه كثيرة وبهذا يتحسن،
والله تعالى اعلم.
وعليه فان قصة العنكبوت والحمامتين تمثل جزءا من الهجرة النبوية الشريفة التي غيرت مجرى التاريخ الانساني.
وقل رب زدني علما، والكمال لله وحده. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق