إن الله خلق العقل وميز به كلاً من الإنس والجن
والملائكة، وجعل فى هذا العقل قوة يفكر بها، ويتدبر بها، ويستشف بها المعانى
المنتشرة فى الكائنات من حوله.
ولذلك فإن العقل كفيل بأن يعرف ربه وخالقه من
تفكيره ونظره فى نفسه وفى العالم من حوله، فمعرفة الله أصل مقرر فى الفطر والنفوس
العاقلة، وهذه القضية لا تحتاج إلى نزاع فيها إذ أن كل صنعة لابد لها من صانع، وكل
مخلوق لابد له من خالق، وكل كائن لابد له من مكون، فليست هذه العوالم موجودة
بنفسها، ولا قائمة بذاتها لأنها لو كانت كذلك لما تغيرت ولا تبدلت ولا تحولت،
ولكننا نراها غير مستقرة على حال من الأحوال بل هى دائمة التطور والتحرك والتغير،
فدل ذلك على أن هناك قوة هائلة جداً من وراء هذا العالم أوجدته وتدبره وتصرفه
وتقوم على جميع شئونه، بحيث يسير هذا العالم على هذا النظام البديع والنسق العجيب
والحساب الدقيق الذى نشاهده بأعيننا وندركه بحواسنا كل آن.
وهذه القوة العظيمة جاء الانبياء والمرسلون
ليقولوا لنا عنها أنها الله فسبحان الله خالق السموات،
وخالق الأرض وما بينهما وما
فيها وهو على كل شئ قدير، وفى هذا الإيمان الفطرى والتصديق العقلى
يقول القرآن
الكريم
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾.. آية (61) سورة العنكبوت [1]
تقرير لما في طبيعة
الإنسان وفطرته
من معرفة الخالق جل جلاله،
والمسير للشمس والقمر
وجميع الكواكب عز
سلطانه.
من كتاب : فضيلة العارف بالله تعالى الشيخ / محمد على سلامة
مدير عام أوقاف بورسعيد الأسبق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق