سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
خاتم الأنبياء والمرسلين
والأنبياء والمرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ابتدأهم الله
بأبينا آدم عليه السلام، حيث قد علمه الله الأسماء كلها، يعنى أسماء الأجناس
والأنواع والجزئيات والكليات والأصول والفروع واللغات وما إلى ذلك من الأشياء التى
تعيش معه، ويحتاج للتعامل معها فى هذه الحياة.
وكذلك تلقى آدم عليه السلام من ربه كلمات وهى
الكلمات التى تتعلق بحياة الإنسان الروحانية والدينية، وإصلاحها إذا فسدت بمعصية
الله عزَّ وجلَّ ومخالفة أحكامه وأوامره. ولقد قام آدم عليه السلام بتعليم ذلك كله لأبناءه من بعده، ثم توالى من
بعده الأنبياء والمرسلون حتى بلغوا مائة وعشرين ألف نبى ورسوله، ولقد أبلغ كل رسول
قومه ما أرسله الله به من هداية ورشاد ووصايا وآداب قال الله تعالى مبينا هذه
الحقيقة:
﴿ وَإِن
مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾[1] والمعنى أن كل قرية على وجه هذه المعمورة قد بعث الله اليها رسولا يبلغها
ما أوحاه الله اليه، وكان كل رسول يبعث بلسان قومه ولغتهم التى يتكلمون بها، لتقوم
الحجة عليهم من غير ظلم لهم ولا حيف عليهم، حتى أن الجن أرسل الله إليهم رسلاً
منهم يعلمونهم ما يحبه الله ويرضاه من عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملة حتى تستقيم
حياتهم على دين الله القويم، واستمر الحال كذلك يتعهد الله عباده بإرسال الرسل
ليرحمهم ويهديهم إلى سواء السبيل، حتى تهيأ العالم وتجهز لاستقبال الرسالة الخاتمة
التى تمم الله بها أمر الرسالات التى جاءت من قبل، حتى كمل بهذه الرسالة دين الله
وتمت تشريعات الله ببعثة سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك جعله الله
رسولَّا عاما إلى جميع الخلق من يوم بعثته إلى أن تقوم الساعة قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً
لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[2].
يعنى أرسله الله إلى جميع الناس فى كل زمان ومكان من غير استثناء، ليبشر من
آمن بالسعادة السرمدية ولينذر من كفر بالشقاوة الأبدية، وفى قول الله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ تشنيع على أكثر
الناس وهم الذين أعرضوا عن الإيمان برسول الله، ولم يصدقوا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء
والمرسلين، وأنه رسول الله إلى جميع العالمين.
ومن أجل ذلك جعله الله رسولا عاما إلى جميع
البشرية من يوم أن بعث إلى قيام الساعة حتى أن الله سبحانه وتعالى أرسله إلى عالم الجن
أيضا، لأنه الرسول الأخير والخاتم فكان نبياً ورسولاً إلى الثقلين الإنس والجن قال
تعالى: ﴿وَإِذْ
صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا
حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم
مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ
مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ
مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ
لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَن لَّا يُجِبْ
دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ
أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾[3] وقد أنزل الله سورة بأكملها تسمى سورة الجن تبين أيمانهم وإسلامهم لله
ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالإيمان بأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين أمر حتمي على كل عاقل يطلب لنفسه النجاة والسعادة
فى الدنيا والأخرة، ولذلك ترى المسلم يؤمن ويصدق بكل نبى ورسول جاء من عند الله
كما يؤمن بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا يفرق فى الإيمان بين سيدنا محمد وبين أى واحد منهم، ولا يصح إيمانه ولا
يقبل إسلامه ولا ينفع دينه إلا بهذه العقيدة الصحيحة التى تسوى بين جميع الأنبياء
والمرسلين فى الإيمان بهم،
ومن هنا يتقرر أن غير المسلمين من الناس
ثلاثة- أصناف:
الأول: أهل الكتب السماوية السابقة من اليهود
والنصارى.
الثانى: المشركون الذين أشركوا مع الله الهاً
غيره.
الثالث: الكافرون الذين جحدوا وجود الله وأنكروه ولم يعترفوا به.
وهذه الأصناف الثلاثة قد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الله عزَّ وجلَّ بكل الأساليب من وقت أن
بعث إلى أن لقى ربه وأنتقل إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم، ومن بعده قام
المسلمون بهذا الدور إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله بعد ذلك.
وأساس دعوة هؤلاء الناس إلى الله هو القرآن
الكريم، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأساليب الأئمة الراشدين والهداة المصلحين رضى الله تعالى عنهم، وسنسوق إليك
نماذجاً من كل هذه الأسس الثلاثة.
من كتاب:كيف يدعو الإسلام الناس إلى
الله
لفضيلة الشيخ
محمد على سلامة
مدير أوقاف بورسعيد الأسبق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق