Disqus for ومضات إيمانية

الأحد، 10 فبراير 2013

الاجتهاد لاينقض الاجتهاد



بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على الرؤف الرحيم
بعد انتقال رسول الله صل الله عليه وسلم
دفنت العصمة وانقطع الوحى
فلا يجب أن نتعصب لعالم لأنه لا عصبية فى الإسلام
لا نتعصب إلا للحق

ولاانكار فيما اختلف فيه
لا إنكار على مجتهد ولا مُختَلف فيه ولا ينكر إلا المجتمع عليه 
لا تنكر على شخص فعله باتباعه لأحد العلماء ( الذي استمد رأيه من أدلة صحيحة )
حتى وإن خالف رأيك أو ظنك
أو خالف العالم أو مجموعة العلماء الذين تتبعهم
وروي (في إعلام الموقعين، ج1، 74): أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لقي رجلاً فقال: ما صنعت؟ يعني في مسألة كانت معروضة للفصل فيها، فقال الرجل: قضي عليّ وزيد بكذا.. فقال عمر: لو كنت أنا لقضيت بكذا.. قال الرجل: فما يمنعك والأمر إليك؟ قال: لو كنت أردك إلى كتاب الله أو إلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - لفعلت، ولكني أردك إلى رأيي، والرأي مشترك ".

إن الذي جعل السلف رضوان الله عليهم في وحدة ومنعة، وفي بعد عن التشاحن رغم اختلاف آرائهم هو إدراكهم أنه لا إنكار على مجتهد ولا إنكارعلى أمر مختلف فيه.
فلكل رأيه الذي يجب أن يُحترم، ولكل اجتهاده الذي ينبغي أن يُقدر ما دام المجتهد موثوقاً في دينه وأمانته وعلمه وتقواه.
" فهذا ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - يقول في مختصر منهاج القاصدين (ص 113): " ويشترط في إنكار المنكر أن يكون معلوماً كونه منكراً بغير اجتهاد، فكل ما هو في محل الاجتهاد، فلا حسبة فيه".

وروى أبو نعيم في الحلية (6/368) بسنده عن الإمام سفيان الثوري - رحمه الله - قوله: " إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره، فلا تنهه".

وروى الخطيب البغدادي: (الفقيه والمتفقه، 2/69) عن سفيان الثوري قوله: " ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً من إخواني أن يأخذ به ".


وقال النووي في الروضة (تنبيه الغافلين، النحاس، ص 101): " ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن كل مجتهد مصيب، أو المصيب واحد ولا نعلمه، ولم يزل الخلاف بين الصحابة والتابعين في الفروع ولا ينكر أحد على غيره، وإنما ينكرون ما خالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً ". (1)

وفي الفتاوى سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد: فهل ينكر عليه أم يهجر؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين؟
فأجاب: " الحمد لله، مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان: فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين، والله أعلم ". (2)

وسئل كذلك الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: عمن ولي أمراً من أمور المسلمين ومذهبه لا يجوز " شركة الأبدان "(3)، فهل يجوز له منع الناس؟ أي منعهم عن العمل بها.
فأجاب: " ليس له من منع الناس من مثل ذلك، ولا من نظائره مما يسوغ فيهالاجتهاد وليس معه بالمنع نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا ما هو في معنى ذلك، لاسيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك، وهو مما يعمل به عامة المسلمين في عامة الأمصار.
وهذا، كما أن الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل، ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه في مثل هذه المسائل
.
ولهذا لما استشار الرشيد مالكاً أن يحمل الناس على " موطئه" في مثل هذه المسائل منعه من ذلك، وقال: إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم.
وصنف رجل كتاباً في الاختلاف، فقال أحمد: لا تسمه " كتاب الاختلاف " ولكنه سمه " كتاب السنة ".
ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة.
وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما يسرني أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا، لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة.
وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه.

nnsnn.netnnsnn.netnnsnn.net
نقل عن كثير من السلف عدم الإنكار في مسائل الخلاف إذا كان للاجتهاد فيها مساغ.
يقول سفيان: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه. [الفقيه والمتفقه 2/69].


وروى عنه الخطيب أيضاً أنه قال: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به. [الفقيه المتفقه 2/69].

ويقول أحمد فيما يرويه عنه ابن مفلح: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب ولا يشدد عليهم.
ويقول ابن مفلح: لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع. [الآداب الشرعية 1/186].


قال النووي: "ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً"
[شرح النووي على صحيح مسلم 2/24].


ويقول ابن تيمية: "مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر،
ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه" [مجموع الفتاوى20/207].

وسئل القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام 
فيما لم يجهر به فقال: إن قرأت فلك في رجال من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة،وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة. [التمهيد، ابن عبد البر 11/54].

وعبر الفقهاء عن هذا بقاعدتهم التي تقول: الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد. [الأشباه والنظائر، ابن نجيم ص105].

عن أنس قال: (إنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا نسافر، فمنا الصائم ومنا المفطر،
ومنا المتم ومنا المقصر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، ولا المقصر على المتم،
ولا المتم على المقصر) [البيهقي في السنن ح5225].

صور من اختلاف السلف تبرز أدبهم رحمة الله عليهم:
- قال النبي لأصحابه يوم بنى قريظة: ((لا يصلين أحد العصر إلا فى بني قريظة)) فأدركتهم العصر فى الطريق فقال قوم لا نصلى إلا فى بنى قريظة وفاتتهم العصر. وقال قوم :لم يرد منا تأخير الصلاة فصلوا في الطريق
((فلم يعب واحداً من الطائفتين))، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر. قال شيخ الإسلام:
" وهذا وإن كان في الأحكام فما لم يكن من الأصول المهمة فهو ملحق بالأحكام" [مجموع الفتاوى 24/172].
nnsnn.netnnsnn.netnnsnn.net
- ابن مسعود وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما على كثرة التشابه بين منهجهما الفقهي أوصل ابن القيم المسائل التي اختلفوا فيها إلى مائة مسألة منها:
ابن مسعود كان ينهى عن وضع اليدين على الركب في الركوع ويأمر بالإطباق وعكسه عمر.اختلفا في الرجل زنا بامرأة ثم تزوجها فيرى ابن مسعود أنهما لا زالا يزنيان حتى ينفصلا ويخالفه عمر.
[إعلام الموقعين 2/237].

ومع ذلك انظر ثناءها على بعضهما.يقول عمر عن ابن مسعود: (كنيف ملئ فقهاً أو علماً آثرت به أهل القادسية)
[سير أعلام النبلاء 1/491]. ويقول ابن مسعود عن عمر: (كان للإسلام حصناً حصيناً يدخل الناس 
فيه ولا يخرجون،
فلما أصيب عمر انثلم الحصن) [المستدرك ح4522].

nnsnn.netnnsnn.net
- واختلف الصحابة في توريث الإخوة مع وجود الجد، فكان زيد وعلي وابن مسعود لا يرونه،
وأما ابن عباس فيخالفهم ويقول: (ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابناً، ولا يجعل أب الأب أباً)
وقال: (لوددت أني وهؤلاء الذين يخالفونني في الفريضة نجتمع فنضع أيدينا على الركن
ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) [مصنف عبد الرزاق ح19024].


ورغم هذه الثقة العارمة برأيه فإنه ذات يوم رأى زيداً على دابته فأخذ بخطامها وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال زيد: أرني يدك، فأخرج ابن عباس يده فقبلها زيد وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم [تقبيل اليد، أبو بكر المقري ص 95].
ولما دفن زيد قال ابن عباس: (هكذا ذهاب العلم، لقد دفن اليوم علم كثير) [البيهقي في السنن 6/211، الحاكم ح5810].

ووقع بين الصحابة خلاف أوقع بينهم قتلاً وقتالاً، لكنه لم يمنع من ورود بعض صور محمودة منها:

1- خلو قلوبهم من الغل، ومنه قول مروان بن الحكم (ما رأيت أحداً أكرم غلبة من علي،
ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل وناد منادٍ: ولا يذفف (يجهز) على جريح) [رواه البيهقي في السنن ح16523].


2- ونال أحدهم من عائشة رضي الله عنها يوم الجمل وسمعه عمار فقال: (اسكت مقبوحاً منبوحاً، أتؤذي محبوبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة) [الترمذي ح3888].
3- ولما قتل ابن خيري رجلاً وجده مع زوجته، رفع الأمر إلى معاوية فأشكل ذلك عليه فكتب إلى أبي موسى
أن يسأل له علياً فكتب إليه علي بالجواب. [الموطأ ح1447].


4- ولما وصف ضرار بن حمزة الكناني علياً بين يدي معاوية: بكى معاوية وجعل ينشف دموعه بكمه، ويقول لمادح علي رضي الله عنه:
كذا كان أبو الحسن رحمه الله. [الاستيعاب 4/1697].
nnsnn.netnnsnn.netnnsnn.net
- رغم الخلاف الشديد بين أهل الرأي والحديث يقول شعبة عند وفاة أبي حنيفة (لقد ذهب معه فقه الكوفة، تفضل الله عليه وعلينا برحمته). ويقول الشافعي: "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة" [سير أعلام النبلاء 6/403]
- وكذا قيل لأحمد: إن كان الإمام خرج منه الدم ولم يتوضأ هل يصلي خلفه؟ قال: كيف لا أصلي خلف الإمام مالك وسعيد بن المسيب. [الفتاوى 20/364].
- صلى الشافعي الصبح في مسجد أبي حنيفة الصبح فلم يقنت ولم يجهر ببسم الله تأدباً مع أبي حنيفة رحمهما الله [طبقات الحنفية 1/433]. قال القرطبي: "كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية وإن كانوا لا يقرأون البسملة لا سراً ولا جهراً وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ فصلى خلفه أبو يوسف ولم يعد" [الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، 23/375].
nnsnn.netnnsnn.netnnsnn.net
- ويتحدث الذهبي عن ابن خزيمة وتأوله حديث الصورة فيقول: "فليُعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا" [سير أعلام النبلاء 14/374].
- يقول الذهبي في ترجمة قتادة :"وكان يرى القدر نسأل الله العفو ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلـله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك" [سير أعلام النبلاء 5/271 ].

:lovelove::lovelove::lovelove:
- يقول الإمام أحمد بن حنبل: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً" [سير أعلام النبلاء 11/371].
:waffi9::waffi9::waffi9:
ويقول: "ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة" [سير أعلام النبلاء 14/40].
:ah11::ah11::ah11:
ويقول الذهبي في تعليقه على اختلاف الناس في أبي حامد الغزالي بين مادح وذام: "مازال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهاده، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور" [سير أعلام 19/322].
منقول بتصرف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق