بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على الرؤف الرحيم بعد انتقال رسول الله صل الله عليه وسلم دفنت العصمة وانقطع الوحى فلا يجب أن نتعصب لعالم لأنه لا عصبية فى الإسلام لا نتعصب إلا للحق ولاانكار فيمااختلففيه لا إنكار على مجتهد ولا مُختَلف فيه ولا ينكر إلا المجتمع عليه لا تنكر على شخص فعله باتباعه لأحد العلماء ( الذي استمد رأيه من أدلة صحيحة ) حتى وإن خالف رأيك أو ظنك أو خالف العالم أو مجموعة العلماء الذين تتبعهم وروي (في إعلام الموقعين، ج1، 74): أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لقي رجلاً فقال: ما صنعت؟ يعني في مسألة كانت معروضة للفصل فيها، فقال الرجل: قضي عليّ وزيد بكذا.. فقال عمر: لو كنت أنا لقضيت بكذا.. قال الرجل: فما يمنعك والأمر إليك؟ قال: لو كنت أردك إلى كتاب الله أو إلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - لفعلت، ولكني أردك إلى رأيي، والرأي مشترك ".
إن الذي جعل السلف رضوان الله عليهم في وحدة ومنعة، وفي بعد عن التشاحن رغم اختلاف آرائهم هو إدراكهم أنه لا إنكار على مجتهد ولا إنكارعلى أمر مختلف فيه. فلكل رأيه الذي يجب أن يُحترم، ولكل اجتهاده الذي ينبغي أن يُقدر ما دام المجتهد موثوقاً في دينه وأمانته وعلمه وتقواه. " فهذا ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - يقول في مختصر منهاج القاصدين (ص 113): " ويشترط في إنكار المنكر أن يكون معلوماً كونه منكراً بغير اجتهاد، فكل ما هو في محل الاجتهاد، فلا حسبة فيه".
وروى أبو نعيم في الحلية (6/368) بسنده عن الإمام سفيان الثوري - رحمه الله - قوله: " إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره، فلا تنهه".
وروى الخطيب البغدادي: (الفقيه والمتفقه، 2/69) عن سفيان الثوري قوله: " ما اختلففيه الفقهاء فلا أنهى أحداً من إخواني أن يأخذ به ".
وقال النووي في الروضة (تنبيه الغافلين، النحاس، ص 101): " ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن كل مجتهد مصيب، أو المصيب واحد ولا نعلمه، ولم يزل الخلاف بين الصحابة والتابعين في الفروع ولا ينكر أحد على غيره، وإنما ينكرون ما خالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً ". (1)
وفي الفتاوى سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد: فهل ينكر عليه أم يهجر؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين؟ فأجاب: " الحمد لله، مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان: فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين، والله أعلم ". (2)
وسئل كذلك الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: عمن ولي أمراً من أمور المسلمين ومذهبه لا يجوز " شركة الأبدان "(3)، فهل يجوز له منع الناس؟ أي منعهم عن العمل بها. فأجاب: " ليس له من منع الناس من مثل ذلك، ولا من نظائره مما يسوغ فيهالاجتهاد وليس معه بالمنع نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا ما هو في معنى ذلك، لاسيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك، وهو مما يعمل به عامة المسلمين في عامة الأمصار. وهذا، كما أن الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل، ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه في مثل هذه المسائل. ولهذا لما استشار الرشيد مالكاً أن يحمل الناس على " موطئه" في مثل هذه المسائل منعه من ذلك، وقال: إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم. وصنف رجل كتاباً في الاختلاف، فقال أحمد: لا تسمه " كتاب الاختلاف " ولكنه سمه " كتاب السنة ". ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما يسرني أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا، لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة. وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه.
نقل عن كثير من السلف عدم الإنكار في مسائل الخلاف إذا كان للاجتهاد فيها مساغ. يقول سفيان: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلففيه وأنت ترى غيره فلا تنهه. [الفقيه والمتفقه 2/69].
وروى عنه الخطيب أيضاً أنه قال: ما اختلففيه الفقهاء فلا أنهى أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به. [الفقيه المتفقه 2/69].
ويقول أحمد فيما يرويه عنه ابن مفلح: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب ولا يشدد عليهم. ويقول ابن مفلح: لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع. [الآداب الشرعية 1/186].
قال النووي: "ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً" [شرح النووي على صحيح مسلم 2/24].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق