Disqus for ومضات إيمانية

الأحد، 24 يناير 2016

كيف كان بكاء النبي صل الله عليه وسلم ؟


أما بكاء النبي صل الله عليه وسلم  فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن تدمع عيناه حتى تنهملان ويسمع لصدره أزيز، يبكي رحمة لميت، وخوفاً على أمته وشفقة، ومن خشية الله، وعند سماع القرآن، وأحيانا في صلاة الليل،
 فعن عبدالله بن الشخير عن أبيه قال:
{ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم يُصَلِّي
وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ – صوت - كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ – القدر - مِنَ الْبُكَاءِ } 

فكانت تدمع عينه صلوات ربي وتسليماته عليه، وكان ذلك في أمور، فكان يبكي شفقة على أمته ورحمة بهم، وحنانة عليهم، ويقول: أمتي أمتي، حتى أنزل الله عزوجل الأمين جبريل وقال:
{ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلا نَسُوؤُكَ } 

وكان يبكي أحياناً رحمة لمن مات من ذوي قرباه، فقد كان سيدنا عثمان بن مظعون رضي الله عنه قريب له ومن المحببين إلى قلبه صلوات ربي وتسليماته عليه، فلما مات عثمان طفرت الدموع من رسول الله صل الله عليه وسلم، تقول السيدة عائشة رضي الله عنه:
{ قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ،
 فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى دُمُوعِهِ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ } 
{ ولما مات ابنه إبراهيم جَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! فَقَالَ: يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ } .
وكذلك ورد أنه: { أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم إِلَيْهِ، إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ: إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ، تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيأْتِيَنَّهَا؛ فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرِجَالٌ؛ فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صل الله عليه وسلم الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا شَنٌّ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هذَا فَقَالَ: هذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءُ } 
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: اشْتَكَى سَعْدٌ بن عِبَادة شَكْوَى، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلَ وَجَدَهُ فِي غَشِيَتِهِ، فَقَالَ: قَدْ قَضَى يَا رَسُولَ اللَّهِ:
{ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم فَلَمَّا بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم بَكَوْا، فَقَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا لا يُعَذِّبِ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلا بِحُزْنِ الْقَلْبِ،وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ } 

فكان بكاءه صل الله عليه وسلم بغير صوت ولا نشيج، وإنما تطفر الدموع من عينيه فقط صلوات ربي وتسليماته عليه، وكان أحياناً يبكي من خشية الله، وقد قال صل الله عليه وسلم لنا:
{ عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } 
وهو صل الله عليه وسلم كان أقرب الناس وأولى الناس وأول الناس خشية لله صل الله عليه وسلم، فكان صل الله عليه وسلم يبكي عند قراءة القرآن أو سماعه، يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قَالَ لِي النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم:
{ اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَأَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: نَعَمْ. فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا ) 
قَالَ: حَسْبُكَ الآنَ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ } .
فكانت دموعه صل الله عليه وسلم في هذه المناسبات، وفي هذه المشاهدات، دموع تطفر من عينيه بلا صوت ولا حس ولا حركة صلوات ربي وتسليماته عليه.


http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A/

منقول من كتاب {الجمال المحمدي ظاهره وباطنه}
لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق