نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب على الرأس والضرب على الوجه والضرب في الأماكن الحسَّاسة ، ولم يُبح الضرب للطفل الذي يتعلم إلاَّ على اليدين أو على القدمين وجعله آخر الدواء وليس أوَّل الدواء ، لأنك إذا استخدمت آخر الدواء ولم ينفع ، فماذا تستخدم بعد ذلك؟ ولكنه استخدم التَّشجيع مع أبناء الصحابة ، والحافز مع أبناء إخوانه وكان يُشجِّعهم ويُثْني عليهم ويَحْضر سباقاتهم ويُوزِّع الجوائز عليهم ليُعْلمنا بشرعه الشريف وخُلقه المنيف أن هذا دين تكريم الإنسان
ولذلك فقد نهى عن صلْب أي إنسان ولو كان مخالفاً لنا في الديانة ونهى عن التمثيل بإنسان ولو قبضنا عليه في ميدان القتال ، فقال للجنود: {لاَ تَخُونُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تُمَثِّلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا طِفْلاً صَغِيراً وَلاَ شَيْخاً كَبِيراً وَلاَ ?مْرَأَةً وَلاَ تَعْقِرُوا نَخْلاً وَلاَ تَحْرِقُوهُ وَلاَ تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً وَلاَ تَذْبَحُوا شَاةً وَلاَ بَقَرةً وَلاَ بَعِيراً إلاَّ لِمَأْكَلَةٍ وَسَوْفَ تَمُرُّونَ بِأَقْوَامٍ قَدْ فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ فَدَعُوهُمْ وَمَا فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ}{1} أي لا تقطعوا الآذان والأناف والأيدي والأرجل تشفِّياً وانتقاماً من المحاربين- كما يفعل في زماننا هذا مَنْ يتشدَّقون بأنهم حُماة حقوق الإنسان وأنهم هم الذين يضمنون حقوق الإنسان ، أين هؤلاء من تعايم ديننا الحنيف؟ أين هم من ديننا الحنيف الذي كرَّم الإنسان أعظم تكريم ، بل جعل حتى دين الله القويم ليس من حقَّ مؤمن أن يُكْره أحداً على اعتناقه لقول الله عزَّ شأنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}البقرة256 فأظْهر له محاسن الدين بالحُجَّة والبرهان فإن اقتنع فبها ونعمت وإن لم يقتنع قال: قل لهم {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} الكافرون6 لا أظلمه ولا أسبَّه ولا أشتمه لأنه لم يؤمن بديني لأن ديني يحترم إنسانية الإنسان وبلغ من إنسانيته صلى الله عليه وسلم إنه كان يقف إذا مرَّت به جنازة ليهودي ، فيقولون: يا رسول الله: لِمَ تقف؟ إنه يهودي فيقول صلوات الله وسلامه عليه: أليس إنساناً؟ فيقف تكريماً لبني الإنسان لأن الله كرَّم كل بني الإنسان ، وإن اختلفوا معه في الأديان ، وذلك الذي جاء به في القرآن على لسان النبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه أما من يؤذي المسلم بيده أو بلسانه فقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم للملأ أجمعين مدى جُرْمه ومدى قُبْحه لأنه يؤذي إخوانه بلسانه وبيده ، ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم: {المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ}{2} فكأن الذي يؤذي المسلمين بلسانه بسبّ أو شتم أو تعريض أو توبيخ أو هجاء ، بيده أو بشكاية أو إذاية أو نكاية أو مقالة ، هؤلاء جميعاً إسلامهم فيه نقص ويحتاجون إلى التوبة النصوح ، وإلى السماح ممن تعرضوا لإيذائه حتى يتوب الله عليهم ويجعلهم من عباده المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم مُعرِّفاً المسلم في نظره وفي نظر دينه وفي نظر الله: {لَيْسَ المُسْلِمُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشَ وَلاَ الْبَذِيءَ}{3} فهذه الكلمات محذوفة من قاموس ألفاظ المسلمين غير مكتوبة في لوحات وسجلات الموحِّدين ، المؤمن لا يسب حتى ولو كان حيواناً ، ولا يُعيّر إنساناً حتى ولو كان جباناً بجبنه ولو كان به عيب يعيبه لأن المؤمن لا ينتهك حُرْمةْ إخوانه المسلمين فقد كان سائراً صلى الله عليه وسلم ورجلاً من إخوانه يركب بعيراً ، فلعن بعيره فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن أمره ألا يمشى معهم على بعير ملعون ، قال الرجل: فماذا أفعل يا رسول الله؟ فأشار صلى الله عليه وسلم أن يتركه يذهب حيث يشاء وقال:{يَا عَبْدَ الله لاَ تَسِرْ مَعَنَا عَلَى بَعِيرٍ مَلْعُون}{4} فأمره تكفيراً لذنبه أن يتنازل عن ملكيته للبعير ويتركه طليقاً في أرض الله ، لماذا؟ حتى يلقن أصحابه درساً ألا يسبوا أحداً ولا يلعنوا شيئاً ، وقال صلى الله عليه وسلم عن ربه لمن يسب الأيام ويسب الدهر ويسب الشهور والسنين ، يقول الله تعالى: {لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ فأنَا الدَّهْرُ ، أَلايَّامُ وَاللَّيَالِي لِي أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيْهَا وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ}{5} فجعل المسلم نطقه حكماً وكلامه حلماً وخلقه جمالاً ومعاملته كمالاً ، فالمؤمن لا يفكر بعقله في مؤامرة شنيعة ولا في حيلة بارعة تؤذي الآخرين ، وإنما يفكر في الخير ويفعل الخير ويحض على عمل البر ، هذا هو خلق الإسلام وهذا هو دين الإسلام الذي نحتفل بذكرى مبادئه في هذه الأيام فما أحرانا أن نقدم هذه المبادئ للأمم ولا نقدمها بأقلامنا ولا نقدمها بكتبنا ولا نقدمها بإذاعاتنا ولا نقدمها حتى على الانترنت لأنهم يقيسون بسلوكنا ، علينا أن نترجمها إلى سلوك عملي ، سلوك محمدي ، سلوك قرآني ، نسعد به في أنفسنا ونسعد به في مجتمعاتنا ونقدم الخير به للعالم قال صلى الله عليه وسلم: {أُمَّتِي هذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ ، أولهَا خَيْرٌ وآخِرُهَا خَيْرٌ وبيْنِهُمَا كَدَرٌ}{6} نحن في حاجة إلى الأمم الحديثة نستورد منها مستجدات العصر من تكنولوجيا الاتصالات وما استحدث في عالم السفر والمواصلات وما ظهر في عالم الطب والمعلومات ، ولكن اعلموا علم اليقين أن عندنا أغلى تكنولوجيا في الوجود يحتاج إليها العالم أجمع ولا صلاح للعالم إلا بها ، لا صلاح له بتكنولوجيا صناعية ولا بتنبؤات مستقبلية ولا بغزوات فضائية ولكن صلاح العالم بالأخلاق القرآنية والقيم الإسلامية والمبادئ النبوية وهي التكنولوجيا الراقية التي لم يجدونها إلا عندكم جماعة المؤمنين ، فتكنولوجيا الغرب والشرق تعلمهم الأثرة وتعلمهم الأنانية وتعلمهم التنافس والصراع وتعلمهم العمل على إنشاء الصراعات والحروب ليروجوا أسلحتهم ويبيعوا بضاعتهم أما الأخلاق القرآنية ، أخلاقكم الإسلامية من الحب والود والإيثار والإحسان والرحمة واللين والعفو والصفح والتسامح وما لا نهاية له من الأخلاق الكريمة هذه تكنولوجيا العالم كله يحتاج إليها ، ولم يجدها إلا في كنزكم القرآن الكريم ، ولم يجدها إلا في معرضكم إذا تجملتم بها فأنتم معارض القيم الإلهية وأنتم فترينات الأخلاق النبوي، وأنتم أسواق التعاملات السهلة السمحة الودية والبشرية كلها تحتاج إلى من ينزع الأحقاد وينزع الشرور ويزيل فتيل البارود الذي في الصدور ولن يكون ذلك إلا في نور الله وفي نور كتاب الله وفي نور رسول الله صلى الله عليه وسلم {1} رواه البيهقي في السنن الكبرى والسيوطي في الجامع الصغير عن أنس {2} البخاري والطبراني وأحمد عن عبد الله بن عمر ومسلم عن جابر {3} رواه الترمذي والحاكم والدار قطنى عن ابن مسعود {4} رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن عمران بن حصين {5} رواه مسلم عن أبي هريرة {6} رواه ابن عساكر عن عمر بن عثمان | ||
Islam is religion of peace
الجمعة، 16 يناير 2015
ضرب الأطفال المنهى عنه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق