يوم عاشوراء يوم النجاة
{اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ فَإنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}
{1}
ومن هذه الأيام العظيمة أيام النفحات ، يوم عاشوراء فهو يوم التوبة ويوم النجاة ويوم إجابة الدعاء لأنبياء الله ورسل الله وأحباب الله
فسيدنا نوح عليه السلام عندما عصاه قومه وكذبوه ومكث تسعمائة وخمسون عاماً يدعوهم إلى عبادة الله فلم يستجيبوا له ، وكانت علامة الطوفان التي أعطاها الله له بأن أمره أولاً أن يحمل في السفينة زوجين من أصناف الوحوش والطيور وغيرها ذكر وأنثى وكان معه الذين آمنوا به، وكانوا تقريباً ثلاث عشرة نفراً هم كل الذي آمن به من البداية للنهاية لمدة تسعمائة وخمسون عاماً
متى يدخلون ويركبون في السفينة؟ عندما ترى النار وهي تخرج من الفرن ثم تنطفئ ويخرج مكانها ماء ، تعرف بأن هذا هو الوقت المحدد للطوفان من أجل أن تتحرك السفينة وكان قد صنع عليه السلام السفينة ولا يوجد بحر ولا ماء وكانوا يسخرون منه في ذلك ويقولون لماذا تصنع السفينة ولا يوجد عندنا بحراً أو ماء؟
وبعد انتهاءه من السفينة وركوب الحيوانات ، وكانت السفينة ثلاثة أدوار الدور الأرضي للحيوانات المتوحشة والدور الثاني للحيوانات المستأنسة والدور الثالث كان فيه الإنس الذين آمنوا به والطيور
وكانت امرأة تجلس أمام الفرن لإعداد الطعام فوجدت أن النار انطفأت وخرج الماء من الفرن فتعجبت وقالت ما هذا؟ فعلم سيدنا نوح أن أمر الطوفان قد قرب فركب هو ومن معه وانفجرت الأرض عيوناً من أسفل ومياه من السماء وبدأ الطوفان وجلس في السفينة هو ومن معه لمدة ستة أشهر حتى جف الماء من الأرض وتوقف نزوله من السماء ووقفت السفينة واليوم الذي وقفت فيه السفينة ونجى الله فيه سيدنا نوح ومن معه هو يوم عاشوراء
وأيضاً سيدنا موسى عليه السلام عندما أرسل إلى قوم فرعون في مصر ودعاه إلى العدالة بأن يعدل بين بني إسرائيل والمصريين ورفض ، وفي النهاية أمره الله أن يخرج من مصر فخرج وخلفه بني إسرائيل في ستمائة ألف وكان جيش فرعون في هذا الوقت حوالي مليون جندى لأنه كان من الجيوش الكبيرة في هذا العصر
وساروا خلفهم إلى أن وصلوا إلى شاطئ البحر الأحمر مقابل خليج السويس وهناك لحق بهم فرعون بجيشه فأمر الله موسى عليه السلام أن يضرب البحر فانشق اثنى عشر طريقاً ، وكان الستمائة ألف اثنى عشرة قبيلة من أولاد سيدنا يعقوب الاثنى عشر ، ومشت كل قبيلة في طريق إلى أن نجوا وكان هذا اليوم يوم عاشوراء الذي نجا الله فيه سيدنا موسى ومن معه ، إذاً فهذا يوم التوبة ويوم النجاة ويوم استجابة الدعاء
ولذلك فإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وجد اليهود يصومون هذا اليوم فسألهم: لماذا تصومون هذا اليوم؟ فقالوا: هذا يوم نجا الله فيه موسى وبني إسرائيل من فرعون وقومه فقال صلى الله عليه وسلم: {نحن أولى بموسى منكم}{2}
وصامه وأمر أصحابه بصيامه
ولذلك فصيام هذا اليوم سنة مؤكدة لأن الذي فعلها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما كان في آخر حياته وجد أن اليهود يصومون هذا اليوم والمسلمون يصومونه فقال: لابد أن نخالفهم فقال لأصحابه {صُومُوا التَّاسِعَ والعَاشِرَ وخَالِفُوا اليَهُودَ}{3}
وقال: {لَئِنْ بَقِيتُ إِلَىٰ قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ والعاشر}{4}
وتوفي صلى الله عليه وسلم فلم يصم إلا يوم العاشر فقط ، فمن السنة أن نصوم يوم عاشوراء لأن هذه سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم نفسه هو يوم العاشر من محرم ولمخالفة اليهود يكون الصيام يوم التاسع ويوم العاشر
وعلى المسلم أن يكون له صيام ثلاثة أيام من كل شهر لقول رسول الله: {صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُل شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ}{5}
{1} ابن أبي الدنيا عن أنس
{2} أخرجه البخاري في كتاب الصوم عن ابن عباس
{3} رواه أحمد والبيهقي في سننه عن ابن عباس
{4} رواه البيهقي في سننه وابن أبي الجعد عن ابن عباس
{5} أحمد فى مسنده ، البيهقي فى السنن عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ
الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم عاشوراء
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم عاشوراء}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق