إن المرض الأول الذي استشرى في مجتمعنا وعكر علينا صفو حياتنا ليس الغلاء وليس قلة الرواتب وليس كثرة المشاغل والمصالح إنما المرض الأول هو الأثرة والأنانية التي جعلت كل منا يحب نفسه وفقط ، أما أوصاف المؤمنين فهي {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الحشر9
أصبح كل واحد منا يحب الخير لنفسه فقط وإذا زاد قليلاً فلنفسه وولده وبعد ذلك لا يتجاوز قيد أنملة لكن المؤمنين يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم ، اسمعوا معي إلى هذا الدواء النبوي الذي يحل كل هذه المشاكل في لمسة حنان محمدية ولمسة لطف رحمانية ربانية يقول فيه خير البرية {لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}{1} لو طبقنا هذا الدواء لزالت جميع الأسقام والأدواء ، فأنا لا أحب أن يغتابني رجل فلماذا أغتاب غيري؟ وأنا لا أفرح أن يسبني ابن أخي فلماذا أسمح لابني أن يسب أخي؟ وأنا لا أرضى لزوجة جاري أن تجاهرزوجتى بالسب والشتم فلماذا أرضى لزوجتي أن تجاهر جارتها بالسب والشتم؟ وقد أنهرها ظاهراً أمام الناس وأشجعها بعد ذلك باطناً في الخلوة بعد اختفاء الناس أنا لا أرضى أن ينقل جاري حد الأرض ويأتي به علي فكيف أنقل الحد في أرض جاري؟ أنا لا أرضى أن تنزل بهيمة جاري وتقضي على زرعي فلماذا أرضى أن تنزل بهيمتي وتقضي على زرع جاري؟ وغيرها وغيرها ، فالمؤمن يحب لجاره ما يحب لنفسه ويرضى لجاره ما يرضاه لنفسه وقد جعل الإسلام الجيران ثلاثة: جاراً له حقوق ثلاثة وهو الجار المؤمن القريب له حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة ، والجار البعيد المسلم له حق الجوار وحق الإسلام ، والجار اليهودي والنصراني فله حق الجوار ، وحق الجوار في شأنه كبير والذي يطالب بالحقوق ملك الملوك عز وجل فهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم كان جاره يهودياً وهو صلى الله عليه وسلم القائد والحاكم ويستطيع بإشارة أن يجعله يترك داره ويهجرها إلى مكان آخر لكنه لا يروِّع أحد – فالمسلمون لا يغصبون أرض أحد ، فعندما أخذ عمرو بن العاص أرض يهودية وضمها إلى مسجده الذي تعلمون ، واشتكت إلى عمر بن الخطاب أمر أن يرد الأرض إلى صاحبتها لأنه لا يجوز للمسلم أن يتعبد على أرض مغصوبة من أهلها – فتركه صلى الله عليه وسلم في جواره ولكنه زاد في إيذائه فكان يجمع العذرات ويضعها على بابه قبل كل صباح فيخرج رسول الله ويزيلها بتؤدة وأناة ويطهر المكان ويغسل الباب من الأذى ولا يقول شيئاً ، فخرج يوماً ولم يجد أثراً فسأل عن اليهودي فقيل: أنه مريض فقال: وجبت زيارته لأنه جارٌ فذهب إليه وزاره ، وقال: لقد عودتنا على عادة فلما لم نرها سألنا عنك ، فقالوا: مريض فقلنا : حق علينا زيارتك ، فكانت النتيجة أنه أسلم لله ، عندما وجد هذه الشمائل المحمدية والأخلاق الربانية في النبى صلى الله عليه وسلم فدين الإسلام يجعل المؤمن غير كامل الإيمان إلا إذا كان يحب الخير لإخوانه المؤمنين أكثر من نفسه ، أما بقية الصفات التي تحدث عنها الله فلها وقت آخر ولكن أقرءوها وتدبروها وعوها واعملوا بها واحفظوها في قلوبكم {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الحشر9 {1} رواه أحمد عن أنس بن مالك | ||
Islam is religion of peace
الجمعة، 31 أكتوبر 2014
أخطر أمراض العصر
عمر بن عبدالعزيز نموذج تحتاجه الأمة الآن
نموذج عمر بن عبد العزيز
رجل تولى حكومة المسلمين فى دولة تمتد من بلاد الصين إلى المغرب ومدة خلافته كلها سنتان وستة أشهر ، لكنه طبق ونفذ أخلاق الإسلام وتعاليم المُصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فكانت النتيجة أن الزكاة حلت جميع المشكلات وتبقى منها أموال فى الخزائن ، فماذا فعل وكيف صنع؟ قيل له لم يعد لدينا فقير فى كل البلاد ونحن نطوف بالصحاف عليها الذهب فلم يعد يمد إليها يده أحد فتعود كما خرجت من بيت المال ، الجميع قد اكتفو فقال لهم: ابحثوا عن الشباب الذى يريد الزواج وادعوهم إلى خطبة البنات ، ويكون التزويج والجهاز من بيت مال المسلمين من أموال الزكاة فزوَّج الشباب وقضى على الفتن التى نراها كلنا فى كل حدب وصوب الآن من عدم معرفة الشباب للعفاف والزواج لغلاء الأسعار وقلة وجود البيوت التى يسكنون فيها والأعمال وغيرها التى تدر عليهم الدخل وبقيت الأموال فقال: اجعلوا فى كل مسجد معلماً يعلم الأميين القراءة والكتابة ويُقرؤهم القرآن ، وأحضروا له الألواح والطباشير والأقلام من بيت مال المسلمين ، وبذلك تم محو الأمية فى الأمة الإسلامية للرجال والنساء فى هذه المدة القليلة وبقيت الأموال فقالوا ماذا نفعل؟ قال: مهدوا الطرق بين البلاد واجعلوا فى كل مرحلة على الطريق استراحة فيها طاهى يطهو الطعام للمسافرين الذين يريدون الإستراحة حسبة لوجه الله ، واجعلوا فيها مكاناً للنوم لمن أراد أن ينام {فنادق مجانية مع الخدمة} واجعلوا فيها اسطبلات للدواب مجانية أيضاَ وكذلك مخزناً فيه علف للدواب - لأن السفر كان على الدواب - فيجدون طعامهم ويجدون شرابهم ويجدون نومهم ويجدون علف ماشيتهم ابتغاء وجه الله كل ذلك حله الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز فى سنتين وستة أشهر لأنه مشى على نهج الحَبيب وكان متخلقاً بالأخلاق القرآنية التى دعانا إليها رب البرية ، كان هذا الرجل يشعر أن الخلافة عبء عليه وثقل عليه هذا الرجل كان من المرفهين لأن أباه كان أميرا ً، فإذا جيئ له بثوب يلبسه من الحرير ثمنه ألف دينار يلمسه بيده ويقول إنه ثوب جيد لكنه خشن الملمس فلما تولى الخلافة يأتون له بالثوب المصنوع من التيل أو الكتان الخشن ، فيقول ما أجود هذا الثوب غير أنه ناعم الملمس ما الذى غيَّره وجعله يتغير إلى هذا الحال؟ الشعور الإلهى بالمسئولية التى كلفه بها رب البرية وهذا هو الذى أعانه على حل كل مشاكل المسلمين فى هذه المدة القصيرة فما أحوج البشرية الآن إلى رجال من هذا الصنف ، أمناء صادقون عندهم شهامة ومروءة عندهم جودة فى العمل ، وإذا عملوا شعارهم قول الله: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} التوبة105 والبضاعة عليها قول رسول الله {إِنَّ الله تَعَالَـى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ}{1} رائدهم أخلاق الإسلام فى كل مجال ، هذا هو الذى نستفيده من هجرة النبى صلى الله عليه وسلم لنعلم علم اليقين أنه لا نجاة لنا ولا حل لمشكلاتنا إلا فى تمسكنا بأخلاق نبينا وهدي قرآننا {1} أخرجه البـيهقـي فـي الشعب، عن عائشة رضي الله عنها، وكذا أبو يعلـى وابن عساكر وغيرهم | ||
السنين العجاف
ضرب الله لنا نموذجاً فى القرآن الكريم لمشكلة اقتصادية عويصة مرت بديارنا مصر، شح الماء ولم يأت النيل لمدة سبع سنين ولا مطر ولا غير ذلك ، وكانت بداية المشكلة رؤيا رآها ملك مصر، كيف حُلت المشكلة؟ رجل واحد أخذ على عاتقه حل هذه المشكلة وقال للملك {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} يوسف55
طلب أن يتولى وزارة الإقتصاد فأكرمه الله ومرت السبع سنين العجاف ولم يتأثر رجل من أهل مصر بل كانت المشكلة قد وصلت إلى فلسطين وبلاد الشام ، فكان أهل الشام وأهل فلسطين يأتون إلى مصر ومعهم الذهب والفضة ويأخذون من الأقوات التى ادخرها هذا الرجل الأمين ولم تتأثر البلد كلها بهذه المشكلة ، لماذا؟ لأنه رجل أمين ونظم الأمور كما ذكرها القرآن ووضعها فى سياقه النورانى الذى ألهمه به الرحمن ، فدعاهم أولاً إلى أن يزرعوا سبع سنين قبل السنين العجاف ويأكلوا ولا يسرفوا ، أمرهم بترك الإسراف أى لا يأكلون إلا الضرورات وما تبقى يذروه فى سنبله يخزنونه كما هو فى سنبله إن كان قمحاً أو شعيراً أو فولاً أو أرزاً يجعلوه فى سنبله بدون أن يطحنونه أو يدرسونه لأن ذلك حفاظ له من السوس والآفات التى تأكل المحاصيل التى يُنزع قشرها ، وادخر هذه الأقوات ونظم الأمر حتى مرت الفتنة بسلام ولم يحسوا بها بل تعدوا إلى الجيران وكانوا يطعمونهم ويحلون مشكلاتهم لأن الذى تولى الأمر رجل أمين | ||
الخميس، 30 أكتوبر 2014
الإسلام دين المحبة
سر إصلاح أي مجتمع له أسس ثلاثة ، ذكرها الله في قرآنه وجعلها دستوراً إلى أن ينتهي الزمان وأن ينتهي المكان ويرث الله الأرض ومن عليها دستور الإصلاح لأي مجتمع على البسيطة ، ما هو يا رب؟ {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الحشر9
هذه القيم وهذه المبادئ وتحتها آلاف المبادئ الإيمانية وآلاف القيم الإسلامية ، لكن هذه هي مجمل الآداب الإيمانية والإسلامية التي عليها صلاح الحال وصلاح الأفراد وصلاح العباد وصلاح البلاد وصلاح كل واد وناد ، فإن صلاح الكل بنشر المحبة وديننا أيها الأحبة هو دين المحبة فليس للبغضاء طريق في الإسلام وليست للكراهية طريق بين المؤمنين وإنما أسس هذا الدين على الحب لله والحب لرسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم والحب لكل من آمن بالله وحتى لو كان هذا الذي آمن بالله أخطأ في حق نفسه أو أساء في حق ربه أو ارتكب محرماً ، فإني لا أكرهه في ذاته لأن هذا ينافي دين الله ولكني أكره هذا الخلق الذي اتصف به، وهذا العمل الذي قام به ، فإذا تركه فهو أخي وحبيبي في الله ورسوله وقد قيل لأبي الدرداء رضي الله عنه إن أخاك فلان وقع في إثم عظيم فهل تبغضه؟ قال: لا، وإنما أبغض عمله فإذا تركه فهو أخي ، ثم قال لهم ناصحاً: أرأيتم لو أن أخاً لكم وقع في بئر، ماذا كنتم فاعلين؟ قالوا: نأخذ بيده. قال: كذلك أخاكم إذا وقع في ذنب تأخذوا بيديه لتنقذوه من إبليس وجنوده إلى حزب الله وإلى دين الله وإلى أنصار الله وقد قال في ذلك رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان لم يقل الصلاة ولم يقل الزكاة ولا الصيام ولا الحج مع أهميتهم البالغة عند الله ، ولكنه قال: {أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ في الله}{1} إن الحب لله وفي الله أيها المسلمون هو المرهم الذي يداوي العاصي من المؤمنين وهو الشفاء الذي يشفي به الله صدور الموحدين وهو الترياق الذي به يدخل كل مؤمن إلى رضوان رب العالمين من الذين يدخلون جنتك يا رب؟ ومن الذين ينالون رضوانك يوم القيامة يا رب؟ استمع إليه وهو يحدد صفاتهم ويبين سماتهم فيقول {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} الحجر47 الذي انتزع الغل والحقد والحسد والبغضاء والكراهية من قلوبهم لعباد الله المؤمنين هو يكره اليهود ويبغض الجاحدين ، ويحقد على الكافرين لكن لا يجب على مؤمن أن يتصف بهذه الصفات بالنسبة للمؤمنين وإلا كان عمله كله - حتى لو ملأ البر والبحر عبادة - حابطاً هالكاً يوم لقاء رب العالمين فالإسلام هو الحب لأن الله عندما مدح الأنصار لم يمدحهم بالصلاة ولا بالزكاة ولا حتى بالشجاعة في ميدان القتال في سبيل الله وإنما أول صفة مدحهم بها وعليها الله {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} الحشر9 الحب، ولذا أكد عليها النبي الكريم فقال: {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرا أَوْ لِيَسْكُتْ}{2} تلك آداب الإسلام وتلك تعاليم نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عندما بيَّن الله فضله وبيَّن النبي منزلته ومكانته عند الله ، أخذ يتحدث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بينهم عن سرِّ حصوله على هذه المنزلة وسرِّ علوه إلى هذه المكانة فبعضهم قال لقيامه الليل وبعضهم قال لإكثاره من صيام النهار وبعضهم قال لإكثاره من تلاوة القرآن وبعضهم قال لتبتله بين يدي الواحد القهار ، فخرج عليهم النبي المختار وهم على ذلك فقال: {ما فضلكم أبا بكر بكثير الصلاة ولا بكثير الصيام ولكن بشئ وقر في صدره}{3} وما هو؟ هو الحب لله والحب لرسول الله والحب لعباد الله المؤمنين حتى أنه عند انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى وقد اختاره لإمامة الصلاة ، وقال لامرأة جاءت إليه في قضية ثم رجعت وقالت: إذا رجعت ولم أجدك فإلى من اتجه؟ قال: إلى أبي بكر ، وأشار إليه إشارات صريحة لكنه لشدة الحب في قلبه كان يتدافع الإمامة ، ويقدم عمر ، ويقول عمر أولى مني ، ثم يقدم أبا عبيدة ويقول أبا عبيدة أحق بهذا الأمر مني ويريد أن يعطيها لإخوانه حتى يظلوا أحباء فيما بينهم أوفياء لبعضهم لا تنفك المحبة عن صدورهم لأنه يعلم أن المحبة هي أساس الصفاء في مجتمع المؤمنين وهي أساس النقاء في علاقات المؤمنين وهي أساس قبول الأعمال عند رب العالمين ، قال صلى الله عليه وسلم: {ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ ، مَنْ كَانَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لله وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُود فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ}{4} {1} رواه أحمد والبيهقي عن البراء بن عامر والطيالسي، الطبراني في الكبير عن ابن عباس {2} رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة {3} أخرجه البخاري في كتاب الإيمان أبو يعلى في مسنده ، أحمد في مسنده والداري في سننه عن أنس {4} رواه البخارى ومسلم عن أنس | ||
الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014
جنود الله ومعجزاته فى الهجرة
كان من عناية الله بأنبيائه ورسله والصالحين من عباده أن يعز حَبيبه وصفيه صلى الله عليه وسلم ويخزي الكفار بأضعف المخلوقات فيرسل له نباتاً وعنكبوتاً وزوجاً من الحمام في الغار
والغار عبارة عن حجر من الجبل له باب فيخرج النبات في وسط هذا الباب نبات كبير مشهور في الصحراء اسمه (أم غيلان) يخرج منه فروع كثيرة مثل القطن ولذلك يستخدمونه في صناعة المراتب والألحفة وغيرها ، وغطى الباب كله وبقى جزء صغير وفي الحال نزل العنكبوت ونسج عليه الخيوط وفي الحال جاءت الحمامتان على العش وتحتهما البيض والأغرب من ذلك أرادوا أن يعرفوا إلى أين وصل الرسول؟ وقال لهم الأدلاء الذين معهم إلى هنا انقطع الأثر ولا نعرف إلى أين اتجهوا
وطبعاً المشي على الرمل يتعب والمشي على الصخر يتعب أيضاً فعندما يمشي رسول الله على الرمل يتماسك حتى لا يتعب الرسول ولا يترك أثراً في الأرض ، والحجر عندما يمشي عليه الرسول يلين حتى لا يتعبه ويؤثر في الحجر، فوجدوا أن الأثر انقطع في وسط الطريق
والأعجب من ذلك أن بين هذا الجبل وبين مكة حوالي سبعة كيلو مترات ولكن الرسول قطعهم في لحظات كيف ذلك؟ لأن الأرض تطوى لرسول الله ، يقول سيدنا أبو هريرة: {مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي في وَجْهِهِ ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَعَ في مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّمَا الأَرْضُ تطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ}{1}
ويذهب الكفار إلى الغار ويقفون على بابه في حيرة لماذا؟ والجواب هو ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معنى حديثه الشريف أن العنكبوت جند من جنود الله ، وفي ذلك يقول الإمام البوصيري رضي الله عنه :
فالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَمْ يَرِما وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على خيْرِ البَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وِقَايَةُ اللـه أغْنَتْ عَنْ مُضاعَفَةٍ مِنَ الدُّرُوعِ وعَنْ عالٍ مِنَ الأُطُمِ
ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ به إلاَّ وَنِلْتُ جِواراً مِنْهُ لَمْ يُضَم
فحماه الله من الأعداء بأضعف المخلوقات {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} غافر51
والغار عبارة عن حجر من الجبل له باب فيخرج النبات في وسط هذا الباب نبات كبير مشهور في الصحراء اسمه (أم غيلان) يخرج منه فروع كثيرة مثل القطن ولذلك يستخدمونه في صناعة المراتب والألحفة وغيرها ، وغطى الباب كله وبقى جزء صغير وفي الحال نزل العنكبوت ونسج عليه الخيوط وفي الحال جاءت الحمامتان على العش وتحتهما البيض والأغرب من ذلك أرادوا أن يعرفوا إلى أين وصل الرسول؟ وقال لهم الأدلاء الذين معهم إلى هنا انقطع الأثر ولا نعرف إلى أين اتجهوا
وطبعاً المشي على الرمل يتعب والمشي على الصخر يتعب أيضاً فعندما يمشي رسول الله على الرمل يتماسك حتى لا يتعب الرسول ولا يترك أثراً في الأرض ، والحجر عندما يمشي عليه الرسول يلين حتى لا يتعبه ويؤثر في الحجر، فوجدوا أن الأثر انقطع في وسط الطريق
والأعجب من ذلك أن بين هذا الجبل وبين مكة حوالي سبعة كيلو مترات ولكن الرسول قطعهم في لحظات كيف ذلك؟ لأن الأرض تطوى لرسول الله ، يقول سيدنا أبو هريرة: {مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي في وَجْهِهِ ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَعَ في مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّمَا الأَرْضُ تطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ}{1}
ويذهب الكفار إلى الغار ويقفون على بابه في حيرة لماذا؟ والجواب هو ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معنى حديثه الشريف أن العنكبوت جند من جنود الله ، وفي ذلك يقول الإمام البوصيري رضي الله عنه :
فالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَمْ يَرِما وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على خيْرِ البَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وِقَايَةُ اللـه أغْنَتْ عَنْ مُضاعَفَةٍ مِنَ الدُّرُوعِ وعَنْ عالٍ مِنَ الأُطُمِ
ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ به إلاَّ وَنِلْتُ جِواراً مِنْهُ لَمْ يُضَم
فحماه الله من الأعداء بأضعف المخلوقات {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} غافر51
{1} رواه الترمذي
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...C1&id=48&cat=3
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم عاشوراء}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
ما الذى أضافه الإسلام للدنيا ؟
وإنما الذى منعهم من الإيمان به حسداً من عند أنفسهم ، كيف يكون لهذا النبى العربى الأمى هذا الشرف الذى شَرُفت به بقاع الأرض كلها من أولها إلى آخرها
هذا النبى جاء فوجد الأرض كلها تعج من الظلم والظالمين والفساد والمفسدين والحكام الطغاة فى كل ناحية من أرجاء البرية أجمعين ، والضعيف لا معين له ولا مساعد له ولا مقوى له ولا يجد من يقف بجواره ، ماذا فعل هذا النبى بتأييد الله له بشرعه؟
جاء بالحلول الإصلاحية لجميع المشاكل العالمية السياسية والإجتماعية والإقتصادية الدولية والقومية والأسرية والفردية ، بعد أن أيقن العالم كله أن الإصلاح لا يأتى بسَن قوانين ولا تشريعات فالحكومات فى كل يوم تسُن قوانين وتشريعات لكن البشر يتحايلون عليها ويُفَصلونها على أهوائهم وينفذون من طائلة هذه القوانين بمكرهم ودهائهم وحيلهم
والقانون عاجز عن الإحاطة بشأنهم أو محاسبتهم ولا تستطيع قوة فى الأرض مهما كانت قدراتها العسكرية وقوة جيوشها العددية أن تُحكم القبضة على أى قرية فى بقاع الأرض لأن الناس بطبيعتهم يميلون إلى الحرية ، ما الحل الذى جاء به هذا النبى الكريم ونجده فى هجرته عليه أفضل الصلاة وأتم السلام؟
المعدات والآلات والمصانع والمتاجر والمزارع لا تشتغل من نفسها وإنما الذى يُشغلها هو الإنسان ، فيتوقف إصلاح ذلك كله على إصلاح الإنسان إذا صلح الإنسان صلح أى مكان يذهب فيه ويعمل فيه وزاد الإنتاج فى أى عمل يعمل فيه وكان الإتقان رائد أى عمل يُخرجه لأهله وذويه ، كانت الثقة زائدة لأنهم يأخذون البضاعة وهم على يقين أنها ليس فيها غش ولا عيب لأنهم يتعاملون مع رجل صفته أنه أمين
فجعل النبى صلى الله عليه وسلم إصلاح البشرية من كل أدوائها ، وذلك ليس فى زمانه ولكن إلى يوم الدين بإصلاح الأفراد ، وإصلاح الأفراد لا يكون بعلاج أجسامهم ولا بنيان بيوتهم وتجهيز شققهم ولكن بإصلاح نفوسهم وإصلاح أخلاقهم وإصلاح قلوبهم حتى يبتغون وجه الله فى كل عمل ويريدون رضاه عز وجل فى كل حركة ، ويعملون وهم يقولون ويرددون: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} التوبة105
ولذلك نأخذ مثالاً واحداً من هجرته صلوات ربى وتسليماته عليه ، تعلمون جميعاً مدى غيظ الكفار من هذا النبى وحرصهم على قتله أو سجنه أو نفيه وعقدوا المؤتمرات من أجل ذلك: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} الأنفال30
وعندما أراد أصحابه الخروج لشدة ما يجدون من أنواع التعذيب التى تفننوا فيها ، كانوا لا يسمحون لهم بحمل أى شئ من أمتعتهم وأموالهم ويعتبرون أمتعتهم وأموالهم ودورهم غنيمة لهم بل كانوا يضطرونهم لأن يُهاجروا بليل
فلم يُهاجر بالنهار إلا عمر بن الخطاب وأخذ معه عشرين رجلاً من الأصحاب وكان فيه شجاعة ألقاها فى روعه الكريم الوهاب عز وجل ، مع أنه رجل بمفرده وطاف على الكفار وهم جالسون حول الكعبة ثم قال: يا معشر قريش شاهت الوجوه من أراد أن تترمل زوجته أو يتيتم أولاده أو تثكله أمه فليتبعنى خلف هذا الوادى – رجل بمفرده يتحدى بلدة كاملة – ولم يتحرك رجل منهم للرد عليه أو الإمساك به
وخرج مهاجراً فى وضح النهار وأخذ معه عشرين رجلاً من المسلمين حماهم بمفرده حتى وصلوا إلى المدينة غانمين سالمين لتعرفوا عزة الإسلام عند أهل الإسلام
ومع ذلك كان أهل مكة لا يستأمنون ودائعهم وأموالهم والأشياء الثمينة عندهم إلا عند حضرة النبى ، فكأنه خزانة البنك الرئيسية التى توضع فيها جميع الودائع القرشية التى يخافون عليها من السرقة أو الضياع أو غير ذلك ، وبنك لم يكن أمامه حراس ولا عليه أمن ولكن الذى يحرسه هو رب الناس عز وجل
وفكَّر النبى صلى الله عليه وسلم بعد أن أذن له مولاه أن يهاجر ماذا يصنع بودائع القوم؟ وهم أخذوا أضعاف أضعافها من أصحابه وجردوهم وأخرجوهم عراة من مكة واستولوا على كل ضياعهم ودورهم وأموالهم ، ومقتدى العقل يقول أن هذا المال كان تعويضاً لأصحابه عما نزل بهم ولكنه ضرب المثل الأعلى فى العالم كله من قبل ومن بعد
جاء بإبن عمه علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه ، وأعطاه كشفاً مدوناً فيه أسماء الودائع وأصحابها وأمره أن يبقى فى مكانه ثلاثة أيام بعد هجرته ليردها إلى أهلها ، وخرج النبى صلى الله عليه وسلم وأربعون رجلاً من الكفار يحيطون بمنزله وقد عزموا أن يدخلوا عليه فى أى وقت من الليل ليقتلوه بضربة واحدة ، فأمر علىّ أن ينام فى مكانه وأن يتغطى ببردته
فقال علىّ: يا رسول الله أنت تعلم أن القوم يحيطون بالمنزل ويريدون أن يقتلوك فإذا رأونى مكانك قتلونى ، قال: لن يخلصوا إليك أى لن يصلوا إليك لأنك فى كنف الله ورعاية الله ، ما هذا الأمر؟ إن هذا هو الدين الذى يقول لنا فيه سيد الأولين والآخرين: {لاَ إِيْمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لهُ}{1}
{1} صحيح ابن خزيمة عن أنس بن مالك
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...E4&id=77&cat=4
منقول من كتاب {ثانى اثنين}
اضغط هنا لقراءة الكتاب أو تحميله مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=lqWWqfPwHdU
الأحد، 26 أكتوبر 2014
آخر أيام العام الهجرى وأوله
إن الإنسان المسلم يعلم علم اليقين أن له سجل يومى يبدأ من اليقظة إلى المنام وله سجل سنوى يعلم علم اليقين أنه يبدأ مع بداية العام الهجرى ، فلابد للمؤمن من وقفة مع السجل الماضى حتى يُعرج إلى الله خالياً من الهفوات والمخالفات والزلات والمعاصى والذنوب ولذلك كان سلفنا الصالح يجعلون آخر أيام العام فى التوبة والاستغفار والندم وفعل الأعمال الصالحة التى تستوجب مغفرة الغفار عز وجل ويجعلون بداية العام استفتاح السجل الجديد لما يُستقبل من الأيام ، فيفتتحونه بالإكثار من البسملة ، ويفتتحونه بالصيام ليكون أول أيام العام صيام وبخاصة أن الحَبيب عليه أفضل الصلاة والسلام دعا إلى ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: {أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمضَانَ شِهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ}{1}
ويبدأونه بتلاوة خير الكلام فيقرأون ما تيسر من كتاب الله حتى تكون بداية الصحيفة طيبة ولو كانت البداية طيبة والخاتمة طيبة فإن الله يتغاضى عما بينهما ، قال الله تعالى فى حديثه القدسى: {ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةً أَكْفِكَ مَا بَيْنَهُمَا}{2}وَلِمَا وَرَدَ فى الحديث الشريف: { مَنْ كَانَ أَوَّلَ صَحِيفَتِهِ حَسَنَاتٌ وَفِي آخِرِهَا حَسَنَاتٌ مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا}{3}
إذن يجب علينا ألا يمر بداية العام كما تمر بقية الأيام ، مع أن أهل الكفر اللئام يجعلون لباطلهم شكل وهيئة كما ترون الآن وأجبرونا على أن نأخذ أجازة ونحتفل معهم وكثير من المسلمين يشاركونهم فى احتفالاتهم
إذاً يجب علينا أجمعين أن نُحيي هذه الذكرى ويا بشرانا إذا فعلنا ذلك لأننا سندخل فى قول الحَبيب صلى الله عليه وسلم: {مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحْيانِي وَمَنْ أَحْيانِي كَانَ مَعِي في الْجَنَّةِ}{4}
وقال صلى الله عليه وسلم: {المُسْتَمْسِكُ بسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي، لَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ}{5}
فيجب أن نُعَرِّف أهلنا وجيراننا ومن يصلون معنا فى المسجد بفضل العام الهجرى نُعرفهم بأن له شأنه وله قيمته وله الموالاة التى ينبغى أن تكون منا نحو أنفسنا ونحو حضرة الله جل فى علاه
ويبدأونه بتلاوة خير الكلام فيقرأون ما تيسر من كتاب الله حتى تكون بداية الصحيفة طيبة ولو كانت البداية طيبة والخاتمة طيبة فإن الله يتغاضى عما بينهما ، قال الله تعالى فى حديثه القدسى: {ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةً أَكْفِكَ مَا بَيْنَهُمَا}{2}وَلِمَا وَرَدَ فى الحديث الشريف: { مَنْ كَانَ أَوَّلَ صَحِيفَتِهِ حَسَنَاتٌ وَفِي آخِرِهَا حَسَنَاتٌ مَحَا اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا}{3}
إذن يجب علينا ألا يمر بداية العام كما تمر بقية الأيام ، مع أن أهل الكفر اللئام يجعلون لباطلهم شكل وهيئة كما ترون الآن وأجبرونا على أن نأخذ أجازة ونحتفل معهم وكثير من المسلمين يشاركونهم فى احتفالاتهم
إذاً يجب علينا أجمعين أن نُحيي هذه الذكرى ويا بشرانا إذا فعلنا ذلك لأننا سندخل فى قول الحَبيب صلى الله عليه وسلم: {مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحْيانِي وَمَنْ أَحْيانِي كَانَ مَعِي في الْجَنَّةِ}{4}
وقال صلى الله عليه وسلم: {المُسْتَمْسِكُ بسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي، لَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ}{5}
فيجب أن نُعَرِّف أهلنا وجيراننا ومن يصلون معنا فى المسجد بفضل العام الهجرى نُعرفهم بأن له شأنه وله قيمته وله الموالاة التى ينبغى أن تكون منا نحو أنفسنا ونحو حضرة الله جل فى علاه
{1} سنن الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنهما، ونص الحديث: «أفضلُ الصيامِ بعدَ شهر رمضانَ شهرُ الله المحرَّمُ وأفضلُ الصلاةِ بعد الفريضةِ صلاةُ الليلِ»
{2} أبو نعيم فى الحلية عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل
{3} الفواكة الدواني شرح رسالة القيرواني، وشرح مختصر خليل للخرشى
{4} سنن الترمذي عن أنس بن مالك
{5} الطبرانى فى الأوسط عن أَبي هُرَيْرَةَ رضَي اللَّهُ عنهُ
مكر الله ومكرالناس
أنواعاً وأنواعاً من العذاب لا تتحملها الجبال الراسيات تحملها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك تحملها صحابته مع أن رسول الله كان عمه يدافع عنه ولكن كان هناك أناس غرباء لا يجدون من يدافع عنهم
والأعجب من ذلك أنهم قاطعوه وعائلته ثلاث سنوات ومن معه من المسلمين لا يبيعون لهم ولا يشترون منهم ولا يزوجونهم ولا يتزوجوا منهم، مقاطعة كاملة حتى أنهم لم يجدوا ما يأكلوه فهناك من يأكل ورق الشجر أو أعشاب الأرض أو لا يجد مع شدة الجوع ، ومع ذلك صبروا حتى رنَّت شهادة التوحيد في آفاق العالم العلوي والسفلي ودوت في أرجاء الكون كله ونصره الله وأعز دينه ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده ، هذا كله أيها المسلمون يتجلى في قصة الهجرة
بعدما نصر الله رسوله وأيده وأكرمه واتفق مع الأنصار أن يهاجر إلى مدينتهم فقال لأصحابه {لقد جعل الله لكم مكاناً} فأذن لهم بالهجرة إلى المدينة فذهبوا إلى المدينة فلم يبق في مكة من المسلمين المعروفين غير سيدنا رسول الله وسيدنا أبو بكر وسيدنا علي وبعض المستخفين بالإسلام وهاجر الجميع ، فقال الكفار هذه فرصة لا تفوتنا لأنه لو خرج من بيننا وذهب إلى المدينة سوف يجند هناك جيشاً ويحاربنا ولن نقدر عليه
فقاموا بعمل اجتماع عاجل في دار الندوة بحضور إبليس اللعين لإعداد خطة حكيمة للقضاء على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون إثارة قبيلة بني هاشم فقال أبو البحتري بن هشام: الرأي أن نحبسه في غرفة ونمنع عنه الطعام والشراب إلى أن يموت ، فقال إبليس : إن هذا ليس برأي لأنكم تعرفون مدى حبهم له ولو وضعتموه في سجن ومن خلفه سبعون سجناً سوف يصلون إليه ويخرجوه وينتصرون عليكم
وكانت هناك آراء كثيرة ورفضت ، فقال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة واحداً ويقفون جميعاً على باب الرسول ويحيطون بالمنزل وعندما يخرج لصلاة الفجر يضربونه ضربة رجل واحد بحيث تختلط به جميع السيوف فيشترك في قتله الجميع فلا تستطيع بنو هاشم محاربة الجميع فيرضون بالدية ، فقال لهم إبليس: هذا الرأي الصواب الذي ليس بعده رأي
ووافق الجميع على هذه الخطة وهذا الاقتراح ووكلوا أبا جهل في تنفيذ هذا الأمر والقيام به واتفقوا على أن يكون هذا الأمر سرياً للغاية وينفذونه فوراً حتى تكون الخطة عاجلة ، وقال بعض المؤرخين بأن الاجتماع كان في الصباح وتنفيذها في المساء في نفس اليوم
وقيل أن أبا جهل قال لهم لا أحد يخرج من هذا الاجتماع ومن هذا المكان إلا أن يأتي لكم الخبر بأننا قتلنا محمداً لأنه لو خرج واحد منكم ربما يذيع الخبر وهذا الذي نزل فيه قول الله في الحال {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ} يعني يحبسوك {أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} الثلاث خطط {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} الأنفال30
وهنا وقفة أن مكر الله ليس كمكرنا ، فمكر الله يعني تدبير الله ومعناها تقدير الله ومعناها تصريف الله لأن مكرنا الكيد والحيل والدهاء لكن مكر الله التدبير والتقدير والتصريف منه لعباده
واختار أبو جهل سبعين رجلاً بسيوفهم حول بيت سيدنا رسول الله والسبعين كثيرين وغير معقول أن السبعين يشتركون في القتل واختار من السبعين خمسة يقفون على الباب ويضربونه جميعاً مع بعضهم وفي نفس الوقت يقف على جميع فتحات مكة قوات من أجل إذا خرج تمسك به القوات يعني حصار شديد في جميع أنحاء مكة فانظر كيف ينصر الله رسله {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} غافر51
مع أنهم يعسكرون حول البيت ومتيقظين وليسوا نائمين وأبو جهل يقول لهم أن محمداً يقول أن من يتبعه سوف يملك ملك كسرى وملك قيصر ويوم القيامة يكون له جنان يعني حدائق مثل حدائق الأردن والذي لم يتبعه سيقتل قتل عاد وإرم ويوم القيامة يدخل جهنم فيخرج عليهم رسول الله ويقول لهم {نعم أنا أقول هذا وأنت منهم} وهذا الكلام في وجه أبي جهل
وأخذ حفنة من تراب ووضعها على رءوس الجميع ، كيف يكون ذلك؟ ما هو السلاح الذي كان معه؟ {يس{1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ{2} إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{3} عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{4} إلى {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} 1: 9يس
ماذا حدث في هذا الوقت؟ أنزل الله سلاح الضباب الكثيف على أعينهم فأصبحوا لا يرون من أمامهم وليس ذلك فقط ولكن الله جعل على آذانهم غشاوة لا يسمعون حديثه أو مشيه أو رؤيته وأيضاً أفقدهم الله الإحساس بالتراب الذي وضع على رءوسهم وكأن هذا التراب من جهنم فكل من جاء على رأسه تراب قتل في غزوة بدر أو في غزوة أحد وهذه إرادة الله ويقول في ذلك صلى الله عليه وسلم: {إذا أَرَادَ الله قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حاجَة}{1}
ولذلك فالرسول في غزوة بدر جاء قبل المعركة ومشى وقال هنا يموت أبو جهل وهنا يموت أبي بن خلف وهنا يموت فلان حدد في كل مكان من يموت فيه منهم والمكان الذي حدده الرسول هو الذي مات فيه كل منهم وكان هذا قبل المعركة وكأنه أحضر التراب من هذه الأماكن التي ماتوا فيها وكل واحد وضع على رأسه التراب كان أجله في هذه الغزوة
ويخرج رسول الله من مكة ولا يحس به أحد كيف يخرج مع وجود كل هذه القوات وهذه الجنود؟ حدث عندهم ذعر وجنون كيف يخرج من بيننا ولم نره ونحن فرسان العرب ونحن قادة العرب كيف يكون ذلك؟ وعلى الفور أرسلوا فوجاً إلى كل طريق وأجَّروا أدلاء يعرفون الأثر من أجل أن يعرفوا أين ذهب وإلى أين توجه ، ومن أجل أن يصلوا إلى مكانه
ولكن الله يتحداهم لا بالملائكة ولا بقوات ولا بالدبابات ولا بالطائرات ولا بالصواريخ ولكن التحدي كان بأضعف المخلوقات ، سوف أنصر حبيبي بأضعف الأشياء من أجل أن تعلموا بأنكم ليس لكم وزن عند الله وهذه إرادة الله يذل الجبابرة بأضعف المخلوقات
مثل النمروذ لما طغى وتجبر وقال إني إله ووضع سيدنا إبراهيم في النار أرسل له بعوضة دخلت في أنفه واستقرت في رأسه ولم يسترح إلا بضرب النعال على رأسه لمدة أربعين يوماً إلى أن مات هذا الملك ، الذي عمل إله مات ببعوضة وهذه قدرة الله من أجل أن يذل الجبابرة وكذلك زعماء مكة أذلهم الله بهذه الطريقة
فهذا الوليد ابن المغيرة من كبار قريش ذهب ليشتري سهاماً من أجل الحرب فتعلق في ثوبه سيف فاستكبر أن يبعده عن ثوبه فوخذه السيف في قدمه فمات
وكذلك البختري بن هشام جالس بجوار شجرة ومعه عبد من عبيده فنزل سيدنا جبريل وظل يضرب رأسه في الشجرة فيقول للعبد ادفع عني فيقول له إني لا أرى شيئاً وظل يضرب رأسه في الشجرة إلى أن مات
وكذلك العاصي بن وائل السهمي كان من الذين يستهزءون برسول الله وأثناء سيره مع أولاده قال لقد لدغت من قدمي فلم يجدوا شيئاً وبعد خمس دقائق مات وكلهم بهذه الطريقة أذلهم الله وهذا سر قوله سبحانه {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} الحجر95
قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: {مَنْ عَادَىٰ لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ}{2}
والأعجب من ذلك أنهم قاطعوه وعائلته ثلاث سنوات ومن معه من المسلمين لا يبيعون لهم ولا يشترون منهم ولا يزوجونهم ولا يتزوجوا منهم، مقاطعة كاملة حتى أنهم لم يجدوا ما يأكلوه فهناك من يأكل ورق الشجر أو أعشاب الأرض أو لا يجد مع شدة الجوع ، ومع ذلك صبروا حتى رنَّت شهادة التوحيد في آفاق العالم العلوي والسفلي ودوت في أرجاء الكون كله ونصره الله وأعز دينه ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده ، هذا كله أيها المسلمون يتجلى في قصة الهجرة
بعدما نصر الله رسوله وأيده وأكرمه واتفق مع الأنصار أن يهاجر إلى مدينتهم فقال لأصحابه {لقد جعل الله لكم مكاناً} فأذن لهم بالهجرة إلى المدينة فذهبوا إلى المدينة فلم يبق في مكة من المسلمين المعروفين غير سيدنا رسول الله وسيدنا أبو بكر وسيدنا علي وبعض المستخفين بالإسلام وهاجر الجميع ، فقال الكفار هذه فرصة لا تفوتنا لأنه لو خرج من بيننا وذهب إلى المدينة سوف يجند هناك جيشاً ويحاربنا ولن نقدر عليه
فقاموا بعمل اجتماع عاجل في دار الندوة بحضور إبليس اللعين لإعداد خطة حكيمة للقضاء على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون إثارة قبيلة بني هاشم فقال أبو البحتري بن هشام: الرأي أن نحبسه في غرفة ونمنع عنه الطعام والشراب إلى أن يموت ، فقال إبليس : إن هذا ليس برأي لأنكم تعرفون مدى حبهم له ولو وضعتموه في سجن ومن خلفه سبعون سجناً سوف يصلون إليه ويخرجوه وينتصرون عليكم
وكانت هناك آراء كثيرة ورفضت ، فقال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة واحداً ويقفون جميعاً على باب الرسول ويحيطون بالمنزل وعندما يخرج لصلاة الفجر يضربونه ضربة رجل واحد بحيث تختلط به جميع السيوف فيشترك في قتله الجميع فلا تستطيع بنو هاشم محاربة الجميع فيرضون بالدية ، فقال لهم إبليس: هذا الرأي الصواب الذي ليس بعده رأي
ووافق الجميع على هذه الخطة وهذا الاقتراح ووكلوا أبا جهل في تنفيذ هذا الأمر والقيام به واتفقوا على أن يكون هذا الأمر سرياً للغاية وينفذونه فوراً حتى تكون الخطة عاجلة ، وقال بعض المؤرخين بأن الاجتماع كان في الصباح وتنفيذها في المساء في نفس اليوم
وقيل أن أبا جهل قال لهم لا أحد يخرج من هذا الاجتماع ومن هذا المكان إلا أن يأتي لكم الخبر بأننا قتلنا محمداً لأنه لو خرج واحد منكم ربما يذيع الخبر وهذا الذي نزل فيه قول الله في الحال {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ} يعني يحبسوك {أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} الثلاث خطط {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} الأنفال30
وهنا وقفة أن مكر الله ليس كمكرنا ، فمكر الله يعني تدبير الله ومعناها تقدير الله ومعناها تصريف الله لأن مكرنا الكيد والحيل والدهاء لكن مكر الله التدبير والتقدير والتصريف منه لعباده
واختار أبو جهل سبعين رجلاً بسيوفهم حول بيت سيدنا رسول الله والسبعين كثيرين وغير معقول أن السبعين يشتركون في القتل واختار من السبعين خمسة يقفون على الباب ويضربونه جميعاً مع بعضهم وفي نفس الوقت يقف على جميع فتحات مكة قوات من أجل إذا خرج تمسك به القوات يعني حصار شديد في جميع أنحاء مكة فانظر كيف ينصر الله رسله {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} غافر51
مع أنهم يعسكرون حول البيت ومتيقظين وليسوا نائمين وأبو جهل يقول لهم أن محمداً يقول أن من يتبعه سوف يملك ملك كسرى وملك قيصر ويوم القيامة يكون له جنان يعني حدائق مثل حدائق الأردن والذي لم يتبعه سيقتل قتل عاد وإرم ويوم القيامة يدخل جهنم فيخرج عليهم رسول الله ويقول لهم {نعم أنا أقول هذا وأنت منهم} وهذا الكلام في وجه أبي جهل
وأخذ حفنة من تراب ووضعها على رءوس الجميع ، كيف يكون ذلك؟ ما هو السلاح الذي كان معه؟ {يس{1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ{2} إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{3} عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{4} إلى {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} 1: 9يس
ماذا حدث في هذا الوقت؟ أنزل الله سلاح الضباب الكثيف على أعينهم فأصبحوا لا يرون من أمامهم وليس ذلك فقط ولكن الله جعل على آذانهم غشاوة لا يسمعون حديثه أو مشيه أو رؤيته وأيضاً أفقدهم الله الإحساس بالتراب الذي وضع على رءوسهم وكأن هذا التراب من جهنم فكل من جاء على رأسه تراب قتل في غزوة بدر أو في غزوة أحد وهذه إرادة الله ويقول في ذلك صلى الله عليه وسلم: {إذا أَرَادَ الله قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حاجَة}{1}
ولذلك فالرسول في غزوة بدر جاء قبل المعركة ومشى وقال هنا يموت أبو جهل وهنا يموت أبي بن خلف وهنا يموت فلان حدد في كل مكان من يموت فيه منهم والمكان الذي حدده الرسول هو الذي مات فيه كل منهم وكان هذا قبل المعركة وكأنه أحضر التراب من هذه الأماكن التي ماتوا فيها وكل واحد وضع على رأسه التراب كان أجله في هذه الغزوة
ويخرج رسول الله من مكة ولا يحس به أحد كيف يخرج مع وجود كل هذه القوات وهذه الجنود؟ حدث عندهم ذعر وجنون كيف يخرج من بيننا ولم نره ونحن فرسان العرب ونحن قادة العرب كيف يكون ذلك؟ وعلى الفور أرسلوا فوجاً إلى كل طريق وأجَّروا أدلاء يعرفون الأثر من أجل أن يعرفوا أين ذهب وإلى أين توجه ، ومن أجل أن يصلوا إلى مكانه
ولكن الله يتحداهم لا بالملائكة ولا بقوات ولا بالدبابات ولا بالطائرات ولا بالصواريخ ولكن التحدي كان بأضعف المخلوقات ، سوف أنصر حبيبي بأضعف الأشياء من أجل أن تعلموا بأنكم ليس لكم وزن عند الله وهذه إرادة الله يذل الجبابرة بأضعف المخلوقات
مثل النمروذ لما طغى وتجبر وقال إني إله ووضع سيدنا إبراهيم في النار أرسل له بعوضة دخلت في أنفه واستقرت في رأسه ولم يسترح إلا بضرب النعال على رأسه لمدة أربعين يوماً إلى أن مات هذا الملك ، الذي عمل إله مات ببعوضة وهذه قدرة الله من أجل أن يذل الجبابرة وكذلك زعماء مكة أذلهم الله بهذه الطريقة
فهذا الوليد ابن المغيرة من كبار قريش ذهب ليشتري سهاماً من أجل الحرب فتعلق في ثوبه سيف فاستكبر أن يبعده عن ثوبه فوخذه السيف في قدمه فمات
وكذلك البختري بن هشام جالس بجوار شجرة ومعه عبد من عبيده فنزل سيدنا جبريل وظل يضرب رأسه في الشجرة فيقول للعبد ادفع عني فيقول له إني لا أرى شيئاً وظل يضرب رأسه في الشجرة إلى أن مات
وكذلك العاصي بن وائل السهمي كان من الذين يستهزءون برسول الله وأثناء سيره مع أولاده قال لقد لدغت من قدمي فلم يجدوا شيئاً وبعد خمس دقائق مات وكلهم بهذه الطريقة أذلهم الله وهذا سر قوله سبحانه {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} الحجر95
قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: {مَنْ عَادَىٰ لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ}{2}
{1} رواه أحمد والترمذي عن مطر بن عكامس ، عن أبي عزة
{2} رواه البخاري في صحيحه والسيوطي في الكبير والبيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...C1&id=48&cat=3
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم عاشوراء}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=lqWWqfPwHdU
السبت، 25 أكتوبر 2014
من أسرار القمر
ما سر احتفاظ البحار بمياهها لا تأسن ولا تتعفن ولا تتغير؟
الموج ، وما سبب الموج؟ المد والجزر الذى يصنعه القمر ، فتتولد الأمواج التى تخلط مياه البحار مع الأملاح التى وضعها فيها الواحد القهار، وكذا الرياح لها تأثير وإن كان أقل بكثير
لأن المد والجزر يشد كل الماء المقابل للقمر فتتحرك المياه فى البحار والمحيطات كلها معاً فتستمر الحركة على مدار الأربع والعشرين ساعة على مدار حركة القمر حول الأرض
فتُحفظ هذه المياه إلى ما شاء الله لا تتعطن ولا تأسن ولا تتعفن رغم ما يُلقى فيها مما لا حصر له من الأشياء القابلة للعفونة وغير ذلك كما قال فيه صلوات ربى وتسليماته عليه: {هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ}{1}
ربما بعض علماء النبات ما زالوا يجرون بعض التجارب فى هذا الأمر لكن الفلاحين اكتشفوها بالسليقة والفطرة ، اكتشفوا أن الثمار تنمو وتزيد فى الليالى القمرية وتجمد وتثبت فى الليالى المظلمة ، ما علاقة القمر بإطالة هذا الثمر؟
سر لا يعرفه إلا من اصطفاه الله ، حتى أن بعض علماء الطب حالياً قالوا أن ما يفعله القمر من مد وجزر فى البحار يعمله فى ضغط الإنسان فالضغط فيه مد وجزر بسبب الدورة الدموية ، من الذى يحركها؟ القمر
فالسنين الهجرية فيها أسرار ربانية لابد أن نبينها ونكشفها للمسلمين الذين أدارو ظهرهم لهذه الأشهر وهمهم كله فى الأشهر الميلادية ، الأشهر الهجرية عليها مدار حياتنا التشريعية العمر للإنسان لا يحسبه الرحمن بالأيام ولا بالليالى ولا بالشهور ولا بالسنين {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ {112} قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ {113} المؤمنون
لأن هناك أيام لله غير أيامنا فأيامنا حسب شروق الشمس من السبت إلى الجمعة لكن أيام الله: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}الحج47
ويوم الجمعة بخمسين ألف سنة ويوم الجمعة هو يوم القيامة لأنه ستقوم فيه القيامة كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} المعارج4
ومقداره أى كما تحسبون أنتم أما حسبته الصادقة الحقيقية لا يعلمها إلا الله ، فالله لا يحسب أيامنا وأعمارنا بذلك وإنما يحسبها بالأنفاس التى تتردد فى داخل الإنسان نفَس داخل ونفَس خارج والنفَس الأخير من الجائز أن يدخل ولا يخرج أو يخرج ولا يرجع
كم عدد أنفاس الإنسان؟
أهل علوم المكاشفة قالوا إن الإنسان يتنفس فى اليوم والليلة أربعة وعشرين ألف نفَس ومن حكمة الله أنه جعل حروف {لا إله إلا الله} اثنى عشر وحروف {محمد رسول الله} اثنى عشر، فمن قال {لا إله إلا الله محمد رسول الله} غفر الله له ذنوب الأربع والعشرين ساعة ولذلك قال فيها صلى الله عليه وسلم: {إذا قال العبد لا إله إلا الله ذهبت إلى صحيفته فمحت كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها}{2}
{1} موطأ الإمام مالك والنسائي
{2} أخرجه أبو يعلى من حديث أنس
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...E4&id=77&cat=4
منقول من كتاب {ثانى اثنين}
اضغط هنا لقراءة الكتاب أو تحميله مجاناً
الجمعة، 24 أكتوبر 2014
التقويم الهجرى تقويم إلهى
نحن ندعو كل المسلمين إلى الإحتفاء بأول العام الهجرى لأن العام الهجرى أو العام القمرى - أيهما شئت - هو العام الذى اختاره رب العالمين وربط به شرعه فى كل وقت وحين كما قال تعالى فى محكم التنزيل {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} التوبة36
هذا الكلام فى العام الهجرى فكل توقيتاتك وكل حساباتك فى تشريعاتك مرتبطة بهذا العام ، الصيام مرتبط بشهر من أشهر التقويم الهجرى وهو شهر رمضان: {صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ}{1}
والزكاة إذا كانت زكاة الأموال أو الذهب أو زكاة عروض التجارة التى تجب مرة كل عام هجرى فيجب حسابها عليه لا على العام الميلادى لأنى لو حسبتها على العام الميلادى سأنكسر عند الله وأُصبح مديوناً لأن العام الهجرى ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوماً والعام الميلادى ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع
فإذا حسبت زكاتى على العام الميلادى فكل عدة سنين سينكسر علىَّ زكاة سنة لله لم أؤدها ، ومن حرص الله على العام الهجرى انظروا معى: أهل الكهف كانوا من أتباع سيدنا عيسى - أى التقويم الميلادى - تَحَدَّث الله عنهم فماذا قال؟ {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ} الكهف25
ثم ذكر الهجرى: {وَازْدَادُوا تِسْعاً} الكهف25
حتى نعتز بتقويمنا الهجرى ، نحن نذكر الميلادى فقط لابد من الإثنين معاً ، وبالحسابات الدقيقة فإن ثلاثمائة سنة شمسية هى ثلاثمائة وتسعة هجرية، وهذا إعجاز لرب البرية فى الآيات القرآنية ، عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة هجرية أى حوالى ستون سنة ميلادية
فكل الحسابات فى شرعنا بالتقويم الهجرى لأنه التقويم الإلهى الذى ارتبطت به كل الكائنات ، فالكائنات غير مرتبطة بالشمس بل بالقمر، والحج:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} البقرة197
وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة ويوم عرفة يوم التاسع من ذى الحجة ولا يجوز أن يتغيرلأن هذا تقويم الله
جعل الله كل هذه التوقيتات بالهجرى حتى يمر علينا رمضان كل ثلاث وثلاثون سنة فى كل الأزمان فى الحر والبرد والخريف ، والحج يأتى فى كل الأزمان لأن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان فيكون الجو المناسب لأهل أى زمان ومكان يذهبون فيه لحج بيت الله الحرام
لكن لو كان فى الأيام الميلادية فإنه سيكون ميعاد ثابت جامد ، سيكون رحيماً بقوم وقاسى على آخرين لكن شرع الله رحمة تامة للخلق أجمعين
جعل الله حتى تشريعات النساء بالتقويم الهجرى فدورة النساء تمشى مع دورة القمر إما ثمانى وعشرون يوماً أو تسع وعشرون أو ثلاثون ولا تزيد على ذلك
ولذلك من ضمن الأسرار التى نذكرها لمن يريدون الإنجاب أو تأخر عنهم الإنجاب ، فنقول لهم: احسب أول يوم تجئ فيه الدورة للسيدات ثم احسب حتى ليلة أربع عشرة حيث تكون البويضة فى أكمل حالاتها وأتم هالتها كالقمر وتكون جاهزة للتلقيح ، وللإحتياط يتم الحساب ليالى الثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر حيث تكون البويضة جاهزة للتخصيب فى هذه الأيام ، حتى من يريد ألا يستخدم وسائل لمنع للحمل نقول له تجنب هذه الأيام فلا يحدث حمل ، أسرار ربانية فى التشريعات الإلهية
ثم يأتى بعد ذلك عدة النساء وحمل النساء وولادة النساء كله على التقويم الهجرى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} الأحقاف15
الحمل تسعة أشهر هجرية: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة233
بالتقويم الهجرى
وعدة النساء إذا كانت عدة طلاق: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228
قروء وليست أشهر ، بعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاث حيضات وبعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاثة طُهر المهم أن تأتيها الدورة ثلاث مرات
وإذا كانت عدة وفاة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} البقرة234
بالهجرى وليس بالميلادى
فكل حسابات الله حسابات قمرية لأن فيه أسرار إلهية لا يستطيع البشر اكتشافها إلا ما أباح المولى عز وجل لهم بشأنها
هذا الكلام فى العام الهجرى فكل توقيتاتك وكل حساباتك فى تشريعاتك مرتبطة بهذا العام ، الصيام مرتبط بشهر من أشهر التقويم الهجرى وهو شهر رمضان: {صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ}{1}
والزكاة إذا كانت زكاة الأموال أو الذهب أو زكاة عروض التجارة التى تجب مرة كل عام هجرى فيجب حسابها عليه لا على العام الميلادى لأنى لو حسبتها على العام الميلادى سأنكسر عند الله وأُصبح مديوناً لأن العام الهجرى ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوماً والعام الميلادى ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع
فإذا حسبت زكاتى على العام الميلادى فكل عدة سنين سينكسر علىَّ زكاة سنة لله لم أؤدها ، ومن حرص الله على العام الهجرى انظروا معى: أهل الكهف كانوا من أتباع سيدنا عيسى - أى التقويم الميلادى - تَحَدَّث الله عنهم فماذا قال؟ {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ} الكهف25
ثم ذكر الهجرى: {وَازْدَادُوا تِسْعاً} الكهف25
حتى نعتز بتقويمنا الهجرى ، نحن نذكر الميلادى فقط لابد من الإثنين معاً ، وبالحسابات الدقيقة فإن ثلاثمائة سنة شمسية هى ثلاثمائة وتسعة هجرية، وهذا إعجاز لرب البرية فى الآيات القرآنية ، عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة هجرية أى حوالى ستون سنة ميلادية
فكل الحسابات فى شرعنا بالتقويم الهجرى لأنه التقويم الإلهى الذى ارتبطت به كل الكائنات ، فالكائنات غير مرتبطة بالشمس بل بالقمر، والحج:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} البقرة197
وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة ويوم عرفة يوم التاسع من ذى الحجة ولا يجوز أن يتغيرلأن هذا تقويم الله
جعل الله كل هذه التوقيتات بالهجرى حتى يمر علينا رمضان كل ثلاث وثلاثون سنة فى كل الأزمان فى الحر والبرد والخريف ، والحج يأتى فى كل الأزمان لأن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان فيكون الجو المناسب لأهل أى زمان ومكان يذهبون فيه لحج بيت الله الحرام
لكن لو كان فى الأيام الميلادية فإنه سيكون ميعاد ثابت جامد ، سيكون رحيماً بقوم وقاسى على آخرين لكن شرع الله رحمة تامة للخلق أجمعين
جعل الله حتى تشريعات النساء بالتقويم الهجرى فدورة النساء تمشى مع دورة القمر إما ثمانى وعشرون يوماً أو تسع وعشرون أو ثلاثون ولا تزيد على ذلك
ولذلك من ضمن الأسرار التى نذكرها لمن يريدون الإنجاب أو تأخر عنهم الإنجاب ، فنقول لهم: احسب أول يوم تجئ فيه الدورة للسيدات ثم احسب حتى ليلة أربع عشرة حيث تكون البويضة فى أكمل حالاتها وأتم هالتها كالقمر وتكون جاهزة للتلقيح ، وللإحتياط يتم الحساب ليالى الثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر حيث تكون البويضة جاهزة للتخصيب فى هذه الأيام ، حتى من يريد ألا يستخدم وسائل لمنع للحمل نقول له تجنب هذه الأيام فلا يحدث حمل ، أسرار ربانية فى التشريعات الإلهية
ثم يأتى بعد ذلك عدة النساء وحمل النساء وولادة النساء كله على التقويم الهجرى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} الأحقاف15
الحمل تسعة أشهر هجرية: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة233
بالتقويم الهجرى
وعدة النساء إذا كانت عدة طلاق: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228
قروء وليست أشهر ، بعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاث حيضات وبعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاثة طُهر المهم أن تأتيها الدورة ثلاث مرات
وإذا كانت عدة وفاة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} البقرة234
بالهجرى وليس بالميلادى
فكل حسابات الله حسابات قمرية لأن فيه أسرار إلهية لا يستطيع البشر اكتشافها إلا ما أباح المولى عز وجل لهم بشأنها
{1} الصحيحين البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنهم
الخميس، 23 أكتوبر 2014
الهجرة إلى الشمائل المحمدية
كل مؤمن في هذا العام الجديد يجب أن يراجع نفسه ويطابق أوصاف نفسه على ما ورد عن الحَبيب المختار صلى الله عليه وسلم من ناحية الأخلاق والعبادات والعادات والمعاملات فإن وجد في نفسه خلقاً لا يتطابق مع الشمائل المحمدية هجره ، وكان في ذلك هجرته وانتقل إلى الأفضل والأعظم
بمعنى إذا وجد في نفسه شيئاً من الكبر ومن صفات الحَبيب صلى الله عليه وسلم التواضع هجر الكبر وسارع إلى التخلق بالتواضع لله ويحثه على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: {لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ: «إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ : بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ}{1}
{يعني عدم الاعتراف بالحق مع التلبس بالباطل يعني يرى الإنسان نفسه مخطئاً ولا يعترف بخطئه ويصر أنه على صواب}
لأن الاعتراف بالحق فضيلة وهذا مرض قد شاع وانتشر في عصرنا وزماننا ، فإن المرء يعرف ويتيقن أنه على خطأ ولكنه يكابر ويجادل ويرفض الاعتراف بذلك وليس هذا من شرع الله ولا من دين الله في قليل أو كثير بل هو كما نعى على أهله الله {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}البقرة206
لأن المؤمن يعترف بخطئه ولو كان مع طفل صغير فضلاً عن امرأة أو صبي أو أخ أو مسلم مهما كان شأنه فإن الاعتراف بالخطأ يمحو الضغينة في قلوب الآخرين ويستل الحقد من قلوب الآخرين لأن اعتراف الإنسان يكون بمثابة غسيل لقلوب الآخرين {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} الحجر47
وكذا إن كان يجد في نفسه غلظة بدلها بالشفقة والرحمة وجعل قدوته قول الله {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}آل عمران159
وإن وجد في نفسه شحاً عالجه بالكرم المحمدي وإن وجد في نفسه عجلة عالج ذلك بالحلم النبوي وهكذا ينظر في أخلاقه ويقيسها بشمائل وصفات وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلو في ذلك بعمله لا بلسانه قول الله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
وقس على ذلك بقية الشمائل والأخلاق
بمعنى إذا وجد في نفسه شيئاً من الكبر ومن صفات الحَبيب صلى الله عليه وسلم التواضع هجر الكبر وسارع إلى التخلق بالتواضع لله ويحثه على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: {لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ: «إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ : بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ}{1}
{يعني عدم الاعتراف بالحق مع التلبس بالباطل يعني يرى الإنسان نفسه مخطئاً ولا يعترف بخطئه ويصر أنه على صواب}
لأن الاعتراف بالحق فضيلة وهذا مرض قد شاع وانتشر في عصرنا وزماننا ، فإن المرء يعرف ويتيقن أنه على خطأ ولكنه يكابر ويجادل ويرفض الاعتراف بذلك وليس هذا من شرع الله ولا من دين الله في قليل أو كثير بل هو كما نعى على أهله الله {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}البقرة206
لأن المؤمن يعترف بخطئه ولو كان مع طفل صغير فضلاً عن امرأة أو صبي أو أخ أو مسلم مهما كان شأنه فإن الاعتراف بالخطأ يمحو الضغينة في قلوب الآخرين ويستل الحقد من قلوب الآخرين لأن اعتراف الإنسان يكون بمثابة غسيل لقلوب الآخرين {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} الحجر47
وكذا إن كان يجد في نفسه غلظة بدلها بالشفقة والرحمة وجعل قدوته قول الله {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}آل عمران159
وإن وجد في نفسه شحاً عالجه بالكرم المحمدي وإن وجد في نفسه عجلة عالج ذلك بالحلم النبوي وهكذا ينظر في أخلاقه ويقيسها بشمائل وصفات وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلو في ذلك بعمله لا بلسانه قول الله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
وقس على ذلك بقية الشمائل والأخلاق
{1} رواه مسلم والسيوطي في الفتح الكبير عن ابن مسعود
الهجرة القلبية
هناك هجرة عالية وهى أن يهاجر المؤمن من الكونين إلى مكون الأكوان عز وجل وهى الهجرة بتوفيق الله من الدنيا والآخرة إلى وجه الله ، فهى هجرة قلبية أى بالنية ، أى أن الإنسان لا يقصد عند نية أى عمل دنيا كالشهرة والسمعة والرياء ولا يقصد به ثواب ولا جنات فى الآخرة ولكن يقصد به وجه الله
وهذه المعاملة الأعلى التى ذكر الله فيها أهل الصُفة وقال فيهم لحَبيبه ومُصطفاه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف28
عملهم كله طلباً لوجه الله وهذه المعاملة الأجمل والأكمل والأعلى وهى هجرة الأفراد الذين فروا إلى الله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} الذاريات50
إذن يجب على الإنسان فى بداية كل عام هجرى أن يراجع هجرته لينظر ماذا فعل فيها ، ويرجع مرة أخرى ليهاجر من جديد فلو هجرت فى كل عام خُلُقاً سيئاً واحداً ولم تعد إليه أبداً ياهناك ، فلو هجرت فى عام الكذب مثلاً ولم أعد إليه مرة أخرى ثم هجرت خلقا آخر وهكذا فسيأتى يوم أكون تخلقت فيه بأخلاق الحبيب: {فحافظ على منهج المختار فى العقد تنسقُ} ويدخل فى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} الفتح29
لكن من يترك نفسه هملاً لا يراجع أخلاقه ولا أعماله ولا نياته فهذا سيندم وعند نفَسه الأخير سيقول: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} الزمر56
فلابد للإنسان أن يراجع سلوكياته وأخلاقه ونواياه وطواياه وأعماله وأحواله حتى يزنها بميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذه المعاملة الأعلى التى ذكر الله فيها أهل الصُفة وقال فيهم لحَبيبه ومُصطفاه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف28
عملهم كله طلباً لوجه الله وهذه المعاملة الأجمل والأكمل والأعلى وهى هجرة الأفراد الذين فروا إلى الله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} الذاريات50
إذن يجب على الإنسان فى بداية كل عام هجرى أن يراجع هجرته لينظر ماذا فعل فيها ، ويرجع مرة أخرى ليهاجر من جديد فلو هجرت فى كل عام خُلُقاً سيئاً واحداً ولم تعد إليه أبداً ياهناك ، فلو هجرت فى عام الكذب مثلاً ولم أعد إليه مرة أخرى ثم هجرت خلقا آخر وهكذا فسيأتى يوم أكون تخلقت فيه بأخلاق الحبيب: {فحافظ على منهج المختار فى العقد تنسقُ} ويدخل فى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} الفتح29
لكن من يترك نفسه هملاً لا يراجع أخلاقه ولا أعماله ولا نياته فهذا سيندم وعند نفَسه الأخير سيقول: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} الزمر56
فلابد للإنسان أن يراجع سلوكياته وأخلاقه ونواياه وطواياه وأعماله وأحواله حتى يزنها بميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم
الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014
المال الصالح
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}
الحديد20
{وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} ، بعض المجالس لا يكون الحديث فيها إلا عن الأنساب والعائلات ، هل المؤمن عنده وقت لهذا الكلام؟ نحن لو تكلمنا نتكلم عن ديننا وعن الله وعن نبينا وعن صحابة نبينا فهذه أحاديثنا ، قال صلى الله عليه وسلم: {إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ}{1}
لكن بِمَ تفتخر؟ افتخر بأخلاقك وعباداتك وأعمالك الصالحة ، لكن أبى وأمى رحمهم الله وأفضوا إلى رحمة الله ، فما دورك أنت؟ هذا هو الأساس ، فنهى الله عن التفاخر، حيث كانت هناك مجالس للتفاخر فى مِنَى فقال لهم الله: {فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} البقرة200
كذلك كلام الموظفين فى المكاتب كله فى هذا القبيل إما أن يفتخر الإنسان بمن مات أو بأولاده الموجودين ، ابنك لو لم يهده الهادى هل تستطيع هدايته؟ لو لم يوفقه الموفق عز وجل هل تستطيع إجباره على عمل؟ فعندما تنظر إلى ذلك انظر إلى توفيق الله أولاً
كذلك الفلاحين يتفاخرون بزراعاتهم ، فيقول أحدهم زراعتى أفضل من فلان لأنى عملت لها كذا وكذا ، هل نسيت المحسن الذى أحسن إليك فى هذه الزراعة؟ أنت تضع البذرة فقط والبذرة هو الذى أتاك بها وجاءك بالماء والهواء والغذاء ويرعاها ويتولاها لو لم يحفظ الحفيظ هذه الزراعة فإنها ستنتهى
إذن توفيق الله هو الذى مع الإنسان فى كل شأن ، وكذلك الحال بالنسبة للأولاد: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} القصص56
لو الهداية بيد إنسان لكان ملكها الأنبياء لكن هل استطاع النبى أن يهدى ابنه؟ فقل أولاً فضل الله علىَّ كذا وكذا ، فتذكر فضل الله عليك حتى لا تُشغل بالتفاخر بما ليس لك وإنما لله جل فى علاه ، كذلك الذى يفتخر بنفسه إن كان بقوته أو بعينيه أو بشكله
والسيدات لهن باع واسع فى هذا المجال فمثلاً تأتى بطفل لها وتقول لمن حولها مَن يستطيع أن ينجب مثل هذا الطفل؟ هذا رزق ساقه الله ، من صنع العينين؟ ومن صور الوجه؟ ومن لون الشعر؟ ومن له دخل فى أى أمر ظاهر أو باطن بالنسبة لأى ولد أو بنت؟ الفضل كله لله ، فلا ينشغل الإنسان بهذه الأمورلأن الشغل بها من الدنيا
{وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} إذاً لا نسعى لذلك؟ لا، بل يجب أن نسعى لنتحقق بقوله صلى الله عليه وسلم: {نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ}{2}
وذلك بأن أسعى فى طريق حلال أحله شرع الله ووسيلة التحصيل التى أستخدمها يوافق عليها شرع الله وأُخرج منه حق الله إذا كان عليه زكاة ولا أنشغل به عن حقوق الله وطاعة الله ، فلا يجوز أن أجمع الصلوات مع بعضها بحجة عدم وجود وقت هل هذا عذر يقبله الله من الإنسان يوم لقياه؟ لا يقبله
لو لم تؤدى الفرائض فى وقتها وجمعت الدنيا بأكملها فى يديك ماذا ستصنع بها عندما ترحل من هنا؟ ستُسأل عنها وتتركها لغيرك ليتمتع بها ، إذن يجب على المسلم أن يُحصل المال ليغنى نفسه عن سؤال اللئيم وعن الحاجة إلى الخلق لأن الحاجة فيها مذلة وهوان والمسلم دائماً عزيز:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} المنافقون8
فلابد للمسلم أن يعز نفسه بأن يكون معه ما يغنيه عن الخلق مع أداء الفرائض والطاعات فى وقتها ، فى هذه الحالة يصبح المال الذى جمعه عبادة ويدخل فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ بَـاتَ كالاًّ مِنْ عَمَلِهِ بَـاتَ مَغْفُوراً لَهُ}{3}
وكذلك الأولاد لو تركت الصلاة فى المسجد لأبقى معهم لأنهم فى الثانوية أو غير ذلك هل بقاءك معهم هو الذى سينجحهم؟ من الجائز أن يكون دعاءك لهم هو سبب التوفيق لهم لأن الإمتحانات توفيق ، فكما أن أولادك يريدون منك أن تتابعهم كذلك يريدون منك أن تكون على صلة بالله حتى تدعو لهم لأن الدعاء أزكى لهم وأنفع ، وإذا أردتهم أن يكونوا صالحين حتى عندما تنتقل إلى الله يبقى لك ولد صالح يدعو لك.
كذلك نجد الآن انتشار المدارس والكليات الأجنبية والناس تُدخل أولادها فيها ، إذا كانوا سيذهبون إلى هذه المدارس أو الكليات وسيحافظون على الدين فلا بأس ، لكن إذا لم يحافظوا على الدين وفهموا أنه لا مانع من صداقة المسلم للمسيحية والمسلمة للمسيحى ، وتعلموا العلمانية البحتة
لأنه ليس هناك ناحية دينية من بعيد أو قريب فى هذه الأماكن- إلا شكليات لا طائل منها - فهنا أكون قد قصرت فى حقهم ، حتى لو تخرج واشتغل فى أرقى المناصب لأنى ضيعت عليه الدين ، وأنا المسئول الأول لقول رب العالمين: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} طه132
فالأساس كله أن أوفيهم وأوفى لهم الناحية الدينية ، ولا يضيعونى لإرضاء رغباتهم أن أكسب من الحرام كأخذ الرشاوى أو الحصول على أشياء ينكرها شرع الله لأكفى لهم حاجاتهم ، المؤمن يمشى على قدر وسعة الحلال الذى أحله له ذو الجلال والإكرام، قال صلى الله عليه وسلم:{إذا كان يوم القيامة يشكو أهل الرجل الرجل إلى الله ، يقولون: يا ربنا خذ لنا بحقنا من هذا ، فيقول رب العزة: وما ذاك؟ فيقولون: كان يطعمنا من الحرام ولم يعلمنا أحكام ديننا}{4}
إذن أنت مطالب أمام أولادك بشيئين ، أولهما الحرص على أن تكون كل طلباتهم من الحلال ، وثانيهما أن أربيهم على الخلق والدين حتى أجد ولد صالح أو بنت صالحة تدعوا لى عندما أفارق الدنيا وأكون بين يدى رب العالمين ، إذا هاجر الإنسان من هذه الأمور إلى أعمال الآخرة وبضاعة الآخرة: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} البقرة197
فهذه هجرة عالية
{وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} ، بعض المجالس لا يكون الحديث فيها إلا عن الأنساب والعائلات ، هل المؤمن عنده وقت لهذا الكلام؟ نحن لو تكلمنا نتكلم عن ديننا وعن الله وعن نبينا وعن صحابة نبينا فهذه أحاديثنا ، قال صلى الله عليه وسلم: {إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ}{1}
لكن بِمَ تفتخر؟ افتخر بأخلاقك وعباداتك وأعمالك الصالحة ، لكن أبى وأمى رحمهم الله وأفضوا إلى رحمة الله ، فما دورك أنت؟ هذا هو الأساس ، فنهى الله عن التفاخر، حيث كانت هناك مجالس للتفاخر فى مِنَى فقال لهم الله: {فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} البقرة200
كذلك كلام الموظفين فى المكاتب كله فى هذا القبيل إما أن يفتخر الإنسان بمن مات أو بأولاده الموجودين ، ابنك لو لم يهده الهادى هل تستطيع هدايته؟ لو لم يوفقه الموفق عز وجل هل تستطيع إجباره على عمل؟ فعندما تنظر إلى ذلك انظر إلى توفيق الله أولاً
كذلك الفلاحين يتفاخرون بزراعاتهم ، فيقول أحدهم زراعتى أفضل من فلان لأنى عملت لها كذا وكذا ، هل نسيت المحسن الذى أحسن إليك فى هذه الزراعة؟ أنت تضع البذرة فقط والبذرة هو الذى أتاك بها وجاءك بالماء والهواء والغذاء ويرعاها ويتولاها لو لم يحفظ الحفيظ هذه الزراعة فإنها ستنتهى
إذن توفيق الله هو الذى مع الإنسان فى كل شأن ، وكذلك الحال بالنسبة للأولاد: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} القصص56
لو الهداية بيد إنسان لكان ملكها الأنبياء لكن هل استطاع النبى أن يهدى ابنه؟ فقل أولاً فضل الله علىَّ كذا وكذا ، فتذكر فضل الله عليك حتى لا تُشغل بالتفاخر بما ليس لك وإنما لله جل فى علاه ، كذلك الذى يفتخر بنفسه إن كان بقوته أو بعينيه أو بشكله
والسيدات لهن باع واسع فى هذا المجال فمثلاً تأتى بطفل لها وتقول لمن حولها مَن يستطيع أن ينجب مثل هذا الطفل؟ هذا رزق ساقه الله ، من صنع العينين؟ ومن صور الوجه؟ ومن لون الشعر؟ ومن له دخل فى أى أمر ظاهر أو باطن بالنسبة لأى ولد أو بنت؟ الفضل كله لله ، فلا ينشغل الإنسان بهذه الأمورلأن الشغل بها من الدنيا
{وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} إذاً لا نسعى لذلك؟ لا، بل يجب أن نسعى لنتحقق بقوله صلى الله عليه وسلم: {نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ}{2}
وذلك بأن أسعى فى طريق حلال أحله شرع الله ووسيلة التحصيل التى أستخدمها يوافق عليها شرع الله وأُخرج منه حق الله إذا كان عليه زكاة ولا أنشغل به عن حقوق الله وطاعة الله ، فلا يجوز أن أجمع الصلوات مع بعضها بحجة عدم وجود وقت هل هذا عذر يقبله الله من الإنسان يوم لقياه؟ لا يقبله
لو لم تؤدى الفرائض فى وقتها وجمعت الدنيا بأكملها فى يديك ماذا ستصنع بها عندما ترحل من هنا؟ ستُسأل عنها وتتركها لغيرك ليتمتع بها ، إذن يجب على المسلم أن يُحصل المال ليغنى نفسه عن سؤال اللئيم وعن الحاجة إلى الخلق لأن الحاجة فيها مذلة وهوان والمسلم دائماً عزيز:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} المنافقون8
فلابد للمسلم أن يعز نفسه بأن يكون معه ما يغنيه عن الخلق مع أداء الفرائض والطاعات فى وقتها ، فى هذه الحالة يصبح المال الذى جمعه عبادة ويدخل فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ بَـاتَ كالاًّ مِنْ عَمَلِهِ بَـاتَ مَغْفُوراً لَهُ}{3}
وكذلك الأولاد لو تركت الصلاة فى المسجد لأبقى معهم لأنهم فى الثانوية أو غير ذلك هل بقاءك معهم هو الذى سينجحهم؟ من الجائز أن يكون دعاءك لهم هو سبب التوفيق لهم لأن الإمتحانات توفيق ، فكما أن أولادك يريدون منك أن تتابعهم كذلك يريدون منك أن تكون على صلة بالله حتى تدعو لهم لأن الدعاء أزكى لهم وأنفع ، وإذا أردتهم أن يكونوا صالحين حتى عندما تنتقل إلى الله يبقى لك ولد صالح يدعو لك.
كذلك نجد الآن انتشار المدارس والكليات الأجنبية والناس تُدخل أولادها فيها ، إذا كانوا سيذهبون إلى هذه المدارس أو الكليات وسيحافظون على الدين فلا بأس ، لكن إذا لم يحافظوا على الدين وفهموا أنه لا مانع من صداقة المسلم للمسيحية والمسلمة للمسيحى ، وتعلموا العلمانية البحتة
لأنه ليس هناك ناحية دينية من بعيد أو قريب فى هذه الأماكن- إلا شكليات لا طائل منها - فهنا أكون قد قصرت فى حقهم ، حتى لو تخرج واشتغل فى أرقى المناصب لأنى ضيعت عليه الدين ، وأنا المسئول الأول لقول رب العالمين: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} طه132
فالأساس كله أن أوفيهم وأوفى لهم الناحية الدينية ، ولا يضيعونى لإرضاء رغباتهم أن أكسب من الحرام كأخذ الرشاوى أو الحصول على أشياء ينكرها شرع الله لأكفى لهم حاجاتهم ، المؤمن يمشى على قدر وسعة الحلال الذى أحله له ذو الجلال والإكرام، قال صلى الله عليه وسلم:{إذا كان يوم القيامة يشكو أهل الرجل الرجل إلى الله ، يقولون: يا ربنا خذ لنا بحقنا من هذا ، فيقول رب العزة: وما ذاك؟ فيقولون: كان يطعمنا من الحرام ولم يعلمنا أحكام ديننا}{4}
إذن أنت مطالب أمام أولادك بشيئين ، أولهما الحرص على أن تكون كل طلباتهم من الحلال ، وثانيهما أن أربيهم على الخلق والدين حتى أجد ولد صالح أو بنت صالحة تدعوا لى عندما أفارق الدنيا وأكون بين يدى رب العالمين ، إذا هاجر الإنسان من هذه الأمور إلى أعمال الآخرة وبضاعة الآخرة: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} البقرة197
فهذه هجرة عالية
{1} رواه مسلم في الصحيح عن أبي عمار {2} صحيح ابن حبان عن عمرو بن العاص رضي الله عنه {3} ابن عساكر ، عن المقدام بن معديكرب رضيَ اللَّهُ عنهُ {4} تفسير روح البيان وإحياء علوم الدين –كتاب آداب النكاح-
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...E4&id=77&cat=4
منقول من كتاب {ثانى اثنين}
اضغط هنا لقراءة الكتاب أو تحميله مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=gb1MfiKtKJM
الاثنين، 20 أكتوبر 2014
أنواع الهجرات
من المهاجر إلى يوم القيامة؟ الذى هجر المحرمات والذى هجر المعاصى والذى هجر الفواحش والذى هجر الإثم والذى هجر الوقوع فى الذنب والذى هجر الأفعال التى تُغضب الله كلها إن كان كبائر أو صغائر وهجر الأقوال التى تُغضب الخلق كلها إن كانت سباً أو شتماً أو لعناً أو غيبة أو نميمة أو قذف أو سحر أو ما شاكل ذلك
يسلم الناس منه جميعاً لأنه هجر كل ما يؤدى إلى غضب الله عليه أو كل ما يؤدى إلى إغضاب الخلق منه لشر فعله نحوهم أو سوء أصابهم به حتى ولو كان لا يدرى لأن المؤمن لا يفعل ولا يقول إلا ما يُرضى الله عنه ، فهذه هىالهجرة أن يهجر الإنسان كل ما نهى الله عنه
ولذلك يجب على كل واحد منا مع بداية العام الهجرى أن يراجع نفسه ماذا هجرت من المعاصى؟ وماذا تبقى لكى أهجره من المعاصى؟ وإذا أردت أن أكون أعلى فى المقام فيكون ماذا هجرت من الأخلاق القبيحة حتى أتجمل بالأخلاق الكريمة؟
هجرت سوء الظن مثلاً هجرت الكذب هجرت الأثرة والأنانية هجرت النظر إلى المسلمين بعين تتطلع إلى ما فى أيديهم وإلى ما عندهم من خيرات وتتمنى زوالها أو الحصول عليها ومنعها منهم فكل هذه الأشياء تحتاج إلى هجرة ، ولذلك قال العلماء العاملون رضي الله عنهم الهجرة فى هذا المقام لمن أراد أن يهاجر ثلاث هجرات: {هجرة بأمر الله وهجرة بفضل الله وهجرة بتوفيق الله}
أما الهجرة بأمر الله فهى أن يُنفذ كل ما أمره به مولاه ولكى يُنفذ ما أمره به مولاه لابد أن يهجر ما نهى عنه مولاه فلابد أن يهجر المعاصى حتى يفعل الطاعات ويهجر الحرام حتى يحصل على الحلال ويهجر الذنوب والآثام حتى يُطيع الملك العلام فهذه الهجرة بأمر الله أى فعل ما يأمره به مولاه بعد أن يترك ما نهى عنه الله وهذه الهجرة الآية الجامعة لها فى كتاب الله هى قول الله {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7
والمصيبة التى وقع فيها كثير من المسلمين فى هذا الزمان أنهم جمعوا بين الإثنين فكثير منهم يظن أن المطلوب منه لإرضاء ربه القيام بالعبادات أما المعاملات فيمشى فيها على حسب هواه وإن كان يعلم علم اليقين أنه يخالف شرع الله
فمثلاً التاجر قد يذهب إلى الحج كل عام ويذهب إلى العمرة مرات فى العام لكن فى تجارته لا مانع عنده من أن يغش فى الكيل أو الوزن أو يغش فى الثمن أو يغش فى الصنف فيرى أنه ليس عليه شئ فى هذه الأشياء ، هذه الثنائية هل يوافق عليها الدين؟ لا، فالشرط الأول أن يهجر ما نهى عنه الله فقد نهى الله عن التطفيف فيجب ألا يُطفف فى كيل ولا ميزان لأن الله قال: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} المطففين1
نهى الله عن الغش على لسان حَبيبه ومُصطفاه: {مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا}{1}
نهى عن أى غش إن كان فى الصنف أو السلعة أو غير ذلك فمشاكلنا فى مجتمعنا سببها التفريق بين المعاملات والعبادات مع أن الدين كله واحد ولابد للإنسان أن يأخذه بجملته فلا يجوز له أن يعمل بشئ ويترك أشياء ويظن أنه على صواب ، لأنه نَهْى عن كل ما نهى عنه الله ثم بعد ذلك قيام بكل ما أمر به الله
كثير من الناس يحرص على الفرائض ولبيان مدى حرصه على الفرائض فى وقت عمله يترك العمل قبل الظهر بوقت كبير ويذهب للمسجد ليستعد لصلاة الظهر ويظن أنه أدى العبادة كما ينبغى ، عبادتك فى عملك ومكتبك وإذا كان عملك يتعلق بخدمة الجماهير فتكون الصلاة بعد نهاية العمل إلا إذا وجدت فرصة وتعود سريعاً
وإذا كان العمل لا يتعلق بالجماهير فاذهب للصلاة أثناء إقامة الصلاة والذى يُصلى بهم يراعى ذلك فلا يطيل فى الصلاة لكن المتنطعين يظنون أنهم على صواب وبعضهم يقوم بعمل درس بعد صلاة الظهر، أين العمل؟ ويسولون ذلك على أنه من الدين
وهذه هى الطامة الكبرى التى أساءت إلى دين الإسلام فى نظر غير المسلمين لأنهم رأوا أن ما يصنعه المتنطعين – لأن صوتهم عالى – هو هذا الدين مع أنهم بعيدين عن نهج الدين بالكلية، الدين: {أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقَ حَقَّهُ}{2}
حق العمل لا أفرط فيه وحق الله محفوظ ، فنحن نحتاج فى هذه الأيام الكريمة أن نبين لأنفسنا ونمشى على هذا المنهاج وإن كان فى نظر كثير من المتنطعين شاذ لكن هذا هو المنهج الحق الذى ارتضاه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وهو أن نهجر المعاصى بالكلية ثم نبدأ العبادات لرب البرية
ولو أن الإنسان انتهى عن المعاصى ثم لم يقم إلا بالفرائض فقط أفلح كما قال صلى الله عليه وسلم ودخل الجنة لأنه ليس عليه شئ ، فالأساس أن يحفظ الإنسان نفسه من الذنوب والآثام ثم يطيع الملك الحق رغبة فى الهجرة إلى الطاعات والقربات المبثوثة فى كتاب الله والتى بينها بفعله وقوله وحاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحتاج المسلمون جميعهم فى هذا الزمان إلى هذه الهجرة ، فمثلاً نجد الفلاح يذهب ليصلى الفجر فى وقته وعندما يؤذن الظهر يترك عمله ويسارع للصلاة ثم بعد ذلك يريد أن يكسب سريعاً فيضع فى زراعته الهرمونات والكيماويات والمبيدات المحظورات ليستعجل الأرزاق ويظن أن هذا شئ والعبادة شئ ، لابد من هجر هذا الغش أولاً ، ثم بعد ذلك لو لم تصلى إلا الفرائض فى وقتها سيكفيك هذا وقس على ذلك بقية الأمور
فتلك مصيبة حلت بمجتمعنا لأننا تأثرنا فيه بالمجتمعات الأجنبية وأخذنا نظرية المنفعة وإن كنا لا نشعر بها وجعلناها هى أساس حياتنا ، إذا كانت المنفعة فى ميزان المعاملات لا نوزنها بميزان الحلال والحرام ، قال صلى الله عليه وسلم: {لا تَكُونُوا إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وإِنْ أسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا}{3}
يسلم الناس منه جميعاً لأنه هجر كل ما يؤدى إلى غضب الله عليه أو كل ما يؤدى إلى إغضاب الخلق منه لشر فعله نحوهم أو سوء أصابهم به حتى ولو كان لا يدرى لأن المؤمن لا يفعل ولا يقول إلا ما يُرضى الله عنه ، فهذه هىالهجرة أن يهجر الإنسان كل ما نهى الله عنه
ولذلك يجب على كل واحد منا مع بداية العام الهجرى أن يراجع نفسه ماذا هجرت من المعاصى؟ وماذا تبقى لكى أهجره من المعاصى؟ وإذا أردت أن أكون أعلى فى المقام فيكون ماذا هجرت من الأخلاق القبيحة حتى أتجمل بالأخلاق الكريمة؟
هجرت سوء الظن مثلاً هجرت الكذب هجرت الأثرة والأنانية هجرت النظر إلى المسلمين بعين تتطلع إلى ما فى أيديهم وإلى ما عندهم من خيرات وتتمنى زوالها أو الحصول عليها ومنعها منهم فكل هذه الأشياء تحتاج إلى هجرة ، ولذلك قال العلماء العاملون رضي الله عنهم الهجرة فى هذا المقام لمن أراد أن يهاجر ثلاث هجرات: {هجرة بأمر الله وهجرة بفضل الله وهجرة بتوفيق الله}
أما الهجرة بأمر الله فهى أن يُنفذ كل ما أمره به مولاه ولكى يُنفذ ما أمره به مولاه لابد أن يهجر ما نهى عنه مولاه فلابد أن يهجر المعاصى حتى يفعل الطاعات ويهجر الحرام حتى يحصل على الحلال ويهجر الذنوب والآثام حتى يُطيع الملك العلام فهذه الهجرة بأمر الله أى فعل ما يأمره به مولاه بعد أن يترك ما نهى عنه الله وهذه الهجرة الآية الجامعة لها فى كتاب الله هى قول الله {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7
والمصيبة التى وقع فيها كثير من المسلمين فى هذا الزمان أنهم جمعوا بين الإثنين فكثير منهم يظن أن المطلوب منه لإرضاء ربه القيام بالعبادات أما المعاملات فيمشى فيها على حسب هواه وإن كان يعلم علم اليقين أنه يخالف شرع الله
فمثلاً التاجر قد يذهب إلى الحج كل عام ويذهب إلى العمرة مرات فى العام لكن فى تجارته لا مانع عنده من أن يغش فى الكيل أو الوزن أو يغش فى الثمن أو يغش فى الصنف فيرى أنه ليس عليه شئ فى هذه الأشياء ، هذه الثنائية هل يوافق عليها الدين؟ لا، فالشرط الأول أن يهجر ما نهى عنه الله فقد نهى الله عن التطفيف فيجب ألا يُطفف فى كيل ولا ميزان لأن الله قال: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} المطففين1
نهى الله عن الغش على لسان حَبيبه ومُصطفاه: {مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا}{1}
نهى عن أى غش إن كان فى الصنف أو السلعة أو غير ذلك فمشاكلنا فى مجتمعنا سببها التفريق بين المعاملات والعبادات مع أن الدين كله واحد ولابد للإنسان أن يأخذه بجملته فلا يجوز له أن يعمل بشئ ويترك أشياء ويظن أنه على صواب ، لأنه نَهْى عن كل ما نهى عنه الله ثم بعد ذلك قيام بكل ما أمر به الله
كثير من الناس يحرص على الفرائض ولبيان مدى حرصه على الفرائض فى وقت عمله يترك العمل قبل الظهر بوقت كبير ويذهب للمسجد ليستعد لصلاة الظهر ويظن أنه أدى العبادة كما ينبغى ، عبادتك فى عملك ومكتبك وإذا كان عملك يتعلق بخدمة الجماهير فتكون الصلاة بعد نهاية العمل إلا إذا وجدت فرصة وتعود سريعاً
وإذا كان العمل لا يتعلق بالجماهير فاذهب للصلاة أثناء إقامة الصلاة والذى يُصلى بهم يراعى ذلك فلا يطيل فى الصلاة لكن المتنطعين يظنون أنهم على صواب وبعضهم يقوم بعمل درس بعد صلاة الظهر، أين العمل؟ ويسولون ذلك على أنه من الدين
وهذه هى الطامة الكبرى التى أساءت إلى دين الإسلام فى نظر غير المسلمين لأنهم رأوا أن ما يصنعه المتنطعين – لأن صوتهم عالى – هو هذا الدين مع أنهم بعيدين عن نهج الدين بالكلية، الدين: {أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقَ حَقَّهُ}{2}
حق العمل لا أفرط فيه وحق الله محفوظ ، فنحن نحتاج فى هذه الأيام الكريمة أن نبين لأنفسنا ونمشى على هذا المنهاج وإن كان فى نظر كثير من المتنطعين شاذ لكن هذا هو المنهج الحق الذى ارتضاه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وهو أن نهجر المعاصى بالكلية ثم نبدأ العبادات لرب البرية
ولو أن الإنسان انتهى عن المعاصى ثم لم يقم إلا بالفرائض فقط أفلح كما قال صلى الله عليه وسلم ودخل الجنة لأنه ليس عليه شئ ، فالأساس أن يحفظ الإنسان نفسه من الذنوب والآثام ثم يطيع الملك الحق رغبة فى الهجرة إلى الطاعات والقربات المبثوثة فى كتاب الله والتى بينها بفعله وقوله وحاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحتاج المسلمون جميعهم فى هذا الزمان إلى هذه الهجرة ، فمثلاً نجد الفلاح يذهب ليصلى الفجر فى وقته وعندما يؤذن الظهر يترك عمله ويسارع للصلاة ثم بعد ذلك يريد أن يكسب سريعاً فيضع فى زراعته الهرمونات والكيماويات والمبيدات المحظورات ليستعجل الأرزاق ويظن أن هذا شئ والعبادة شئ ، لابد من هجر هذا الغش أولاً ، ثم بعد ذلك لو لم تصلى إلا الفرائض فى وقتها سيكفيك هذا وقس على ذلك بقية الأمور
فتلك مصيبة حلت بمجتمعنا لأننا تأثرنا فيه بالمجتمعات الأجنبية وأخذنا نظرية المنفعة وإن كنا لا نشعر بها وجعلناها هى أساس حياتنا ، إذا كانت المنفعة فى ميزان المعاملات لا نوزنها بميزان الحلال والحرام ، قال صلى الله عليه وسلم: {لا تَكُونُوا إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وإِنْ أسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا}{3}
{1} صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهم
{2} رواه ابن حبان والبيهقي عن أبي جحيفة عن أبيه
{3} سنن الترمذى عن حذيفة رضى الله عنهما
الجمعة، 17 أكتوبر 2014
ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة
للجمعة آداب كثيرة منهاالغسل والتجمل والسواك والتطيب ، فيستحب لكل من أراد حضور صلاة الجمعة أو مجمع من مجامع الناس سواء كان رجلاً أو إمرأة ، أو كان كبيراً أو صغيراً ، مقيماً أو مسافراً ، أن يكون على أحسن حال من النظافة والزينة: فيغتسل ويلبس أحسن الثياب ويتطيب بالطيب ويتنظف بالسواك
وقد جاء في ذلك عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ويلبس من صالح ثيابه ، وإن كان له طيب مسَّ منه}{1}
وعن ابن سلام رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر يوم الجمعة: {ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته}{2}
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يغتسل رجل يوم الجمعة ، ويتطهر بما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد ولا يفرِّق بين اثنين ثم يصلي ما كُتب له ثم يُنصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له من الجمعة إلى الجمعة الأخرى}{3}
وكان أبو هريرة يقول: {وثلاثة أيام زيادة ، إنَّ الله يجعل الحسنة بعشرة أمثالها} ، وغفران الذنوب خاص بالصغائر لما رواه ابن ماجة عن أبي هريرة {ما لم يغش الكبائر} ، وعن أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {حق على كل مسلم الغسل والطيب والسواك يوم الجمعة} ، وعن الطبرانى في الأوسط والكبير بسند رجاله ثقاة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع:{يا معشر المسلمين هذا يوم جعله الله لكم عيداً فاغتسلوا وعليكم بالسواك}
عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ} قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرِمْتَ؟ فقال: {إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء}{4}
قال ابن القيم: يستحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلته لقوله: {أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة} ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ويوم الجمعة سيد الأيام فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره ، مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنها نالته على يده فجمع الله لأمته بين خيري الدنيا والآخرة فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة
فإنه فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة ، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة ، وهو عيد لهم في الدنيا ، ويوم يسعفهم الله بطلباتهم وحوائجهم ولا يرد سائلهم ، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده فمن شكره وحمده ، وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن يكثروا من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له نور ما بين الجمعتين}{5}
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ومن قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضئ له يوم القيامة ، وغُفر له ما بين الجمعتين}{6}
ينبغي الاجتهاد في الدعاء عند آخر ساعة من يوم الجمعة فعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قلت - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس - إنا لنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا قضي له حاجته ، قال عبد الله: فأشار إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بعض ساعة ، فقلت: صدقت ، أو بعض ساعة ، قلت أيّ ساعة هي؟ قال "آخر ساعة من ساعات النهار" قلت إنها ليست ساعة صلاة ، قال: "بلى ، إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاة" {رواه ابن ماجة}
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه ، وهي بعد العصر}{7}
وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أتاه إياه ، والتمسوها آخر ساعة بعد العصر}{8}
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه: أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فتذكروا الساعة التي في يوم الجمعة ، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة{9}
وقال أحمد ابن حنبل: أكثر الأحاديث في الساعة التي يُرجى فيها إجابة الدعاء أنها بعد العصر ويرجى بعد زوال الشمس ، وأما حديث مسلم وأبي داود عن أبي موسى رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ساعة الجمعة: {هي ما بين أن يجلس الإمام} يعني على المنبر {إلى أن تقضى الصلاة} فقد أُعلَّ بالاضطراب والانقطاع
يندب التبكير إلى صلاة الجمعة لغير الإمام. قال علقمة: خرجت مع عبد الله ابن مسعود إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة وما رابع أربعة من الله ببعيد ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الناس يجلسون يوم القيامة على قدر تراوحهم إلى الجمعات الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ، وما رابع أربعة من الله ببعيد}{10}
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذّكر}{11}
وذهب الشافعي وجماعة من العلماء إلى أن هذه الساعات هي ساعات النهار فندبوا إلى الرواح من أول النهار وذهب مالك إلى إنها أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال وبعده ، وقال قوم هي أجزاء ساعة قبل الزوال وقال ابن رشد: وهو الأظهر لوجوب السعي بعد الزوال
حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشدَّدوا في ذلك ، فعن عبد الله بن يُسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطر رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اجلس فقد آذيت وآنيت}{12}
ويستثنى من ذلك الإمام أو مَنْ كان بين يديه فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة بشرط أن يتجنب أذى الناس ، فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر ثم قام مسرعاً فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجر نسائه ففزع الناس من سرعته ، فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال: {ذكرت شيئاً من تِبْر كان عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته}{13}
يُسن التَّنفُّل قبل الجمعة ما لم يخرج الإمام فكيف عنه بعد خروجه إلا تحية المسجد فإنها تُصلى أثناء الخطبة مع تخفيفها إلا إذا دخل في أواخر الخطبة بحيث ضاق عنها الوقت فإنها لا تصلى ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين ويحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك {رواه أبو داود}
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى الجمعة فصلى ما قُدِّر له ، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام}{14}
وعن جابر رضي الله عنه قال: دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له صلى الله عليه وسلم: {صليت؟ قال: لا ، قال: فصلِّ ركعتين} {رواه الجماعة}
وفي رواية: {إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما}{15}
وفي رواية: {إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين} {متفق عليه}
يُندَب لمن بالمسجد أن يتحول عن مكانه إلى مكان آخر إذا غلبه النعاس: لأن الحركة قد تذهب بالنعاس وتكون باعثاً على اليقظة ، ويستوي في ذلك يوم الجمعة وغيره ، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره}{16}
وقد جاء في ذلك عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ويلبس من صالح ثيابه ، وإن كان له طيب مسَّ منه}{1}
وعن ابن سلام رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر يوم الجمعة: {ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته}{2}
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يغتسل رجل يوم الجمعة ، ويتطهر بما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد ولا يفرِّق بين اثنين ثم يصلي ما كُتب له ثم يُنصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له من الجمعة إلى الجمعة الأخرى}{3}
وكان أبو هريرة يقول: {وثلاثة أيام زيادة ، إنَّ الله يجعل الحسنة بعشرة أمثالها} ، وغفران الذنوب خاص بالصغائر لما رواه ابن ماجة عن أبي هريرة {ما لم يغش الكبائر} ، وعن أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {حق على كل مسلم الغسل والطيب والسواك يوم الجمعة} ، وعن الطبرانى في الأوسط والكبير بسند رجاله ثقاة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع:{يا معشر المسلمين هذا يوم جعله الله لكم عيداً فاغتسلوا وعليكم بالسواك}
عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ} قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرِمْتَ؟ فقال: {إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء}{4}
قال ابن القيم: يستحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلته لقوله: {أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة} ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ويوم الجمعة سيد الأيام فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره ، مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنها نالته على يده فجمع الله لأمته بين خيري الدنيا والآخرة فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة
فإنه فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة ، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة ، وهو عيد لهم في الدنيا ، ويوم يسعفهم الله بطلباتهم وحوائجهم ولا يرد سائلهم ، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده فمن شكره وحمده ، وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن يكثروا من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له نور ما بين الجمعتين}{5}
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ومن قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضئ له يوم القيامة ، وغُفر له ما بين الجمعتين}{6}
ينبغي الاجتهاد في الدعاء عند آخر ساعة من يوم الجمعة فعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قلت - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس - إنا لنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا قضي له حاجته ، قال عبد الله: فأشار إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بعض ساعة ، فقلت: صدقت ، أو بعض ساعة ، قلت أيّ ساعة هي؟ قال "آخر ساعة من ساعات النهار" قلت إنها ليست ساعة صلاة ، قال: "بلى ، إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاة" {رواه ابن ماجة}
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه ، وهي بعد العصر}{7}
وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أتاه إياه ، والتمسوها آخر ساعة بعد العصر}{8}
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه: أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فتذكروا الساعة التي في يوم الجمعة ، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة{9}
وقال أحمد ابن حنبل: أكثر الأحاديث في الساعة التي يُرجى فيها إجابة الدعاء أنها بعد العصر ويرجى بعد زوال الشمس ، وأما حديث مسلم وأبي داود عن أبي موسى رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ساعة الجمعة: {هي ما بين أن يجلس الإمام} يعني على المنبر {إلى أن تقضى الصلاة} فقد أُعلَّ بالاضطراب والانقطاع
يندب التبكير إلى صلاة الجمعة لغير الإمام. قال علقمة: خرجت مع عبد الله ابن مسعود إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة وما رابع أربعة من الله ببعيد ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الناس يجلسون يوم القيامة على قدر تراوحهم إلى الجمعات الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ، وما رابع أربعة من الله ببعيد}{10}
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذّكر}{11}
وذهب الشافعي وجماعة من العلماء إلى أن هذه الساعات هي ساعات النهار فندبوا إلى الرواح من أول النهار وذهب مالك إلى إنها أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال وبعده ، وقال قوم هي أجزاء ساعة قبل الزوال وقال ابن رشد: وهو الأظهر لوجوب السعي بعد الزوال
حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشدَّدوا في ذلك ، فعن عبد الله بن يُسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطر رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اجلس فقد آذيت وآنيت}{12}
ويستثنى من ذلك الإمام أو مَنْ كان بين يديه فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة بشرط أن يتجنب أذى الناس ، فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر ثم قام مسرعاً فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجر نسائه ففزع الناس من سرعته ، فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال: {ذكرت شيئاً من تِبْر كان عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته}{13}
يُسن التَّنفُّل قبل الجمعة ما لم يخرج الإمام فكيف عنه بعد خروجه إلا تحية المسجد فإنها تُصلى أثناء الخطبة مع تخفيفها إلا إذا دخل في أواخر الخطبة بحيث ضاق عنها الوقت فإنها لا تصلى ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين ويحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك {رواه أبو داود}
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى الجمعة فصلى ما قُدِّر له ، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام}{14}
وعن جابر رضي الله عنه قال: دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له صلى الله عليه وسلم: {صليت؟ قال: لا ، قال: فصلِّ ركعتين} {رواه الجماعة}
وفي رواية: {إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما}{15}
وفي رواية: {إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين} {متفق عليه}
يُندَب لمن بالمسجد أن يتحول عن مكانه إلى مكان آخر إذا غلبه النعاس: لأن الحركة قد تذهب بالنعاس وتكون باعثاً على اليقظة ، ويستوي في ذلك يوم الجمعة وغيره ، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره}{16}
{1} رواه أحمد والشيخان {2} رواه أبو داود وابن ماجة {3} رواه أحمد والبخاري {4} رواه الخمسة إلا الترمذي {5} رواه النسائي والبيهقي والحاكم {6} رواه ابن مردويه بسند لا بأس به {7} رواه أحمد. قال العراقي: صحيح {8} رواه النسائي وأبو داود والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وحسّن الحافظ إسناده في الفتح {9} رواه سعيد في سننه وصححه الحافظ في الفتح {10} رواه ابن ماجة والمنذري {11} رواه الجماعة إلا ابن ماجة {12} رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وغيره {13} رواه البخاري والنسائي {14} رواه مسلم {15} رواه أحمد ومسلم وأبو داود {16} رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والترمذي وقال حديث حسن صحيح
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)