بعض إخواننا الصادقين في حبهم لله، المتأسين في أحوالهم بسيدنا ومولانا رسول الله يجدون في النفس غضاضة عندما يسمعون كلمة"تصوَّف" أو "صوفي" ويقولون ما للتصوف وللإسلام ؟ ويظـنون أن التصـوف شئ غـير الإسـلام.
إن دين الله فصله الله جلَّ في علاه، وأمر سبحانه أمين الوحي جبريل أن ينزل على الحبيب وهو وسط أصحابه، وكان جبريل يسأل والحبيب يجيب، وبعد أن انتهى جبريل عليه السلام وانصرف، قال أتعلمون من هذا ؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمور دينكم.، ومع أننا نحفظ رواية الحديث، لكني سآتي بها هنا من أجل الوقفات التي نريدها في حديث رسول الله.، استمعوا إلى سيدنا عمر بن الخطاب، ماذا يقول :{ بينما نحن عند رسول الله ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب.شديد سواد الشعر.لا يرى عليه أثر السفر.ولا يعرفه منا أحد.حتى جلس إلى النبي .فاسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه} – وهنا يعلمنا أن طالب العلم عليه أن يظل ماشيا إلى أن يزاحم العالم بركبتيه،وذلك لأن الحبيب رأى ثلاثة داخلين على مجلسه، فأخذ أحدهم يتخطى الرقاب حتى وصل إلى مكان خالٍ بجوار رسول الله فجلس، وأما الثاني فنظر في المجلس فوجده غاصاً بالجالسين فاستحى وجلس في مؤخرة المجلس، وأما الثالث فقد نظر إلى الحاضرين وتفرس وجوههم ثم مشى، فقال :{ ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه } إذن علينا أن نعمل في مجالس العلم كما كان أصحابه فقد كانوا يقولون كنا نزاحم العلماء في مجالس العلم بالركب!، من أين تعلموا ذلك ؟ من جبريل، فأخذ يزاحم حتى زاحم الحبيب بركبتيه، ثم وضع يده على فخذيه، وبعض الأخوة الغير منتبهين ظنوا -وهذا لسوء الفهم- أن جبريل وضع يده على ركبتي النبي، لا! ولكن جبريل جلس كما نجلس في التشهد وكانت ركبتيه في ركبة النبي، وزيادة في الأدب وضع يده على ركبتي نفسه وهى جلسة الأدب، ولذا فينبغي أن يجلس الجالس مع العلماء بالأدب الذي كان عليه الأمين جبريل مع السيد النبيل .. وقال :{{ يا محمد ! أخبرني عن الإسلام.فقال رسول الله : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .وتقيم الصلاة.وتؤتي الزكاة.وتصوم رمضان.وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا " قال: صدقت.قال فعجبنا له.يسأله ويصدقه }}.وهذا هو مقام الإسلام ... وهو أول مقام في الدين.وهل الدين إسلام فقط؟ أم هناك ما هو أعلى من الإسلام ؟نعم! هناك مقام الإيمان،وهو أعلى من الإسلام، ولذلك عندما قالت الأعْرَابُ آمَنَّا، قال حضرة الله: قـل لهـم لا ...( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )وذلك لأن الإيمان أعلى ولم يصلوا إليه بعد،{ قال فأخبرني عن الإيمان؟ }، فالإسلام أعمال الظواهر لهذه الجوارح، والإيمان أعمال القلب، ولذلك فإن أعمال القلب أعلى { قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " قال: صدقت.}.هل الدين إسلامٌ، ثم إيمانٌ وفقط!! أم هناك مقام أعلى ؟نعم! هناك ما هو أعلى؟ ما هو ؟ ..... { قال: فأخبرني عن الإحسان؟} ، إذاً المقام الأعلى في الدين هو مقام الإحسان ، وفى رواية { قال ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه.فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.} .
وهذا مقام الإحسان وهو المقام الأعلى، ... فالمنتسبون للصالحين... والذين يمشون مع الصالحين... ويلازمون مجالس الصالحين لماذا يفعلون ذلك ؟ .. لأنهم يريدون أن يصلوا إلى المقام الأعلى في الدين وهو مقام الإحسان.إذن فنحن عندما نقول الصالحين أو نقول الصوفية، فنحن نقول على التمام ..طلاب مقام الإحسان..
أو الراغبون في مقام الإحسان، أو العاشقون لمقام الإحسان، أو الذين يريدون أن يكونوا عند الله في درجة الإحسان . إذن هل درجة الإحسان هذه من الدين أم لا ؟ .... بل في الدين.وهل هذا المقام فرضٌ أم نفل ؟ إنه فرض! لأن الحديث قال في النهاية :{ هذا جبريل آتاكم يعلمكم أمور دينكم } إذن فكل هذه الأمور من الدين، والإحسان فرضٌ من فروض الدين طالبنا به الرحمن ، وهو مقام يجمع الإسلام والإيمان،
أو الراغبون في مقام الإحسان، أو العاشقون لمقام الإحسان، أو الذين يريدون أن يكونوا عند الله في درجة الإحسان . إذن هل درجة الإحسان هذه من الدين أم لا ؟ .... بل في الدين.وهل هذا المقام فرضٌ أم نفل ؟ إنه فرض! لأن الحديث قال في النهاية :{ هذا جبريل آتاكم يعلمكم أمور دينكم } إذن فكل هذه الأمور من الدين، والإحسان فرضٌ من فروض الدين طالبنا به الرحمن ، وهو مقام يجمع الإسلام والإيمان،
فالإسلام هو عمل الجسم والمظاهر والظواهر، والإيمان عمل القلب
كما قلنا، أما الإحسان فهو عمل الظاهر والباطن.ولو أن رجلا منا تعلم الكيفية الصحيحة للركوع والسجود والوقوف والجلوس للتشهد في الصلاة، وجوَّد القرآن على يد عالم قارئ، وأتقن التلاوة، لكنه أدى هذه الحركات ونطق بهذه الكلمات وقلبه في بيته! أو في عمله! أو في السوق!هل تكون هذه الصلاة لها القبول عند حضرة الله؟ لا!
مع أنه أتقن الوقوف والركوع والسجود و وجوَّد التلاوة! لكن القلب
غافلٌ عن الله! أو مشغول عن الله! ولذلك عندما يثنى ربنا على المؤمنين في أول سورة المؤمنون فماذا يقول؟( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} ( الذين نجحوا وهـم ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2}( وهل الخشوع عمل من أعمال الجسم ؟ أم من أعمال القلب ؟ من أعمال القلب! إذاً العبرة بعمل القلب : { أن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم } ، وإذا كان القلب خاشع، فهل يصح الخشوع والبدن غير خاضع لله! ؟ لا !إذاً! فتمام العمل خضوع البدن والجوارح لله، وتمثلها بحركات الصلاة كما كان يؤديها حبيب الله ومصطفاه، مع خشوع القلب وحضوره بين يدي الله ، وهذا ما نسمِّيه الإحسان!، أي أحسن الركوع والسجود والتلاوة، وكذلك أحسن معهم الطهارة والخشوع والحضور لله وهذا ما يطلبه أهل مقام الإحسان، أو إن شئت قلت الصالحون أو الصوفية، وهم من قال لهم حضرة النبي :{ إن الله كتب الإحسان على كل شيء } فأي شئ يعمله الإنسان يجب أن يحسنه، كيف ؟ .. إخواننا الغير منتبهين ظنوا أن الإحسان في الأشياء الظاهرة وحسب! كما قلت: الإحسان في الحركات الظاهرة!، إذاً لا بد معها من حركات القلوب لكي تنال المطلوب ) إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ( (27 المائدة).والتقوى عمل من أعمال القلوب،وأي عمل أعمله .. فإن درجات العمل وقبول العمل ومنزلتي في العمل عند الله تتوقف على نيتي في العمل.{ إنما الأعمال } .. هل هي حركات؟ لا! ولكن { بالنيَّات }، أين هذه النيات؟ في القلوب، { وإنما لكل امرئ } .. هل ما عمل؟ لا! ولكن { ما نوى } فكلنا نصلى مع بعض .. لكن في نهاية الصلاة، هل نكون كلنا في الأجر سواء ؟ كلا، إذاً الاختلاف في الأجر الأساس فيه ... القلب والنيَّة.وقد رأى حضرة النبي إثنان من الناس يصليان فقال ما معناه أن المرء ليصلى بصلاة أخيه وركوعهما واحد وسجودهما واحد وبينهما كما بين السماء والأرض، ودعا للتصدق فجاء رجل بدرهمين وآخر أتى
بألف درهم وثالث أتى بدرهم واحد فقال صل الله عليه وسلم مبينا تأثير النوايا في قبول الأعمال ودرجاتها عند الله :
{ سبق درهم مائة ألف درهم فقال رجل وكيف ذاك يا رسول الله فال: رجل له مال كثير أخذ من عرضه مائة ألف درهم تصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به} كيف ذلك؟ ... في الظاهر يبدو أن الأكثر في الأجر هو صاحب الألف درهم!... لكن صاحب الدرهم فاز بالنية.فالعمل لكي يقبله الله لا بد فيه من الإخلاص، والإخلاص في القلب، وكذلك لا بد أن يكون في العمل صدق، والصدق في القلب،
ولا بد أن يكون في العمل خشية، والخشية في القلب.من هم العلماء الذين اجتباهم ربنا وأثنى عليهم؟(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ( والكل يبلغ!، فهناك من يبلغ على المنبر، وهناك من يبلغ في التلفزيون والإذاعة، لكن من اللذين أثنى عليهم الله ؟ زودهم بـ ) وَيَخْشَوْنَهُ ( قال تعالى: ) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ)39 الأحزاب)إذن الموضوع ليس بالعلم، ولنفرض أن هناك من أعطاه الله الخشية وهو أمىٌ لا يقرأ ولا يكتب؛ فهو عند الله عالمٌ كبير، وآخر حفظ كل العلوم ولسانه في الفصاحة ينطق بكل اللغات والفهوم!!!!، ومع ذلك ليس عنده خشية لله ، مثل هذا قال فيه الله في سورة الصف يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ{2} كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ{3} إذن التمييز بالخشية ... والخشية في القلب، ومن أجل أن يصل الإنسان إلى مقام الإحسان ؟ لا بد وأن يحسن العمل، ولكي يحسن العمل ويحوز به القبول، لا بد وأن ينظف القلب ويطهره لله، ويجعله أولاً طاهراً من ناحية خلق الله، ليس فيه غلٌّ ولا غشٌّ ولا حقد ولا حسد لأحد من الخلق أجمعين.كيف ذلك .. أولا من الكتاب فقد وصف الله المؤمنين فقال ( 47 الحجر) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)وثانيا ، في السنة المطهرة الكثير ، ونختر منها ... هذه القصة المعروفة .. ففي جلسة مع حضرة النبي قال لأصحابه:
{ يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة وبعد أن جلس الرجل قليلاً خرج، فقال صلى الله عليه وسلم قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة، و كان هذا الرجل هو سيدنا عبد الله ابن سلام } وفى رواية أن هذا الأمر تكرر ثلاثة أيام متتالية على نفس المنوال، وفى كل مرة يطلع نفس الرجل وعلى نفس الحالة ..... والآن أعيروني سمعكم وفهمكم !!هذا الرجل سيدنا عبد الله بن سلام ، كان يهودياً واسلم ...، ولكن كان هناك في وسط الحضور من الصحابة يوجد من؟ يوجد سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص، وكانت له قصة مشهورة في العبادة ... لأنه كان يقوم الليل كله يقرا القرآن في صلاته ويصوم الدهر كله، والحديث يروى عنه رضي الله عنهما ويقول:
{ كنت رجلا مجتهدا، فزوجني أبي، ثم زارني، فقال للمرأة: كيف تجدين بعلك؟ فقالت : نعم الرجل من رجل لا ينام ولا يفطر ( تعنى أنه منشغل بالعبادة فلا يأتيها)، قال: فوقع بى أبي (أي نهرني وعنفني)، ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها! (أي ظلمتها)، فلم أبال ما قال لي مما أجد من القوة والاجتهاد إلى أن بلغ ذلك رسول الله ( فاستدعاني وسألني عن عبادتي وفعلي، فأخبرته)، فقال : لكني أنام وأصلى،
{ كنت رجلا مجتهدا، فزوجني أبي، ثم زارني، فقال للمرأة: كيف تجدين بعلك؟ فقالت : نعم الرجل من رجل لا ينام ولا يفطر ( تعنى أنه منشغل بالعبادة فلا يأتيها)، قال: فوقع بى أبي (أي نهرني وعنفني)، ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها! (أي ظلمتها)، فلم أبال ما قال لي مما أجد من القوة والاجتهاد إلى أن بلغ ذلك رسول الله ( فاستدعاني وسألني عن عبادتي وفعلي، فأخبرته)، فقال : لكني أنام وأصلى،
وأصوم وأفطر، فنم وصل وأفطر ، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، فقلت: يا رسول الله أنا أقوى من ذلك، قال: فصم صوم داود، صم يوما وأفطر يوما، قال أنى أقوى من ذلك، قال لا أفضل من هذا، واقرأ القرآن في كل شهر قلت: يا رسول الله أنا أقوى من ذلك، قال: اقرأه في خمس عشرة، قلت: يا رسول الله أنا أقوى من ذلك، قال حتى بلغ سبعاً أو ثلاثاً } فهذا الصحابي الذي شكاه أبوه لرسول الله من شدة عبادته !! هذا الرجل عندما سمع حضرة النبي يقول عن سيدنا عبد الله ابن سلام أنه رجل من أهل الجنة قام ومشى خلفه حتى بيته، وعندما دخل البيت طرق عليه الباب، فلما فتح الرجل الباب، قال إني تلاحيت مع أبى (هناك خلاف بيني وبين أبى) وتركت المنزل، وأريد ضيافتك إلى أن ينتهي الأمر، وكانت مدة الضيافة عندهم ثلاثة أيام.وكان عبد الله ابن عمرو يريد أن يرى ماذا يفعل هذا الرجل لتستوجب له الجنة، فكانا يصليان مع رسول الله العشاء، ويعودان، فيجد أن الرجل ينام، فقال عبد الله في نفسه قد يكون متعباً
هذا اليوم، وقبيل الفجر قال الرجل هيا نصلى مع رسول الله،
وفى الصباح أتى له بوجبة الإفطار، فقال عبد الله بن عمرو في نفسه لعله متعباً هذا اليوم ولن يستطيع الصيام، وفى اليوم الثاني والثالث تكرر نفس الأمر فكان الرجل لا يزيد عن الفرائض !!! فقال ابن عمرو :{ يا أخي سمعت رسول الله يقول في شأنك عند دخول المسجد – يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة ويقول في شأنك وأنت خارج كذلك قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة ، وما رأيتك تزيد شيئاً عن الفرائض!،
قال يا أخي والله ما أزيد شيئاً عما رأيت، وعندما وجد حيرته نظر إلى الأرض وقال غير أنى أبيت وليس في قلبي شئ لأحد من المسلمين قال فبذلك } ) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ( ( 89 الشعراء)
وفى رواية أنس بن مالك في الترغيب والترهيب : { فطلعت أنت الثلاث مرات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله : هذه التي بلغت بك } وفى رواية أخرى { وهى التي لا نطيق أو لا يطيق الناس }إذن لا بد على الإنسان أن يطهر قلبه من ناحية الخلق، ويطهر قلبه للحق.كيف ؟ بألا يكون في قلبه شئ أعظم ولا أكبر ولا أعلى من حب الله ورسوله!!. لا المال! ولا الزوجة! ولا الوظيفة! ولا العيال! ... ويجب أن يكون كل ذلك في الدرجة الأقل، والدرجة الأعلى التي يكون فيها حب الله ورسوله وإذا نفذ الإنسان ذلك...ولا يتم له ذلك إلا بمصاحبة أهل ذلك، ولهذا يقول الله لنا في هذا المقام أو في ذلك الشأن في (119 التوبة) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ )أي ابحثوا عن الصادقين ولازموهم!! من هم الصادقون ؟ فلنسأل الحبيب الأعظم والمصطفى الأكرم قال:{ خياركم من ذكركم بالله رؤيته، و زاد في عملكم منطقه، و رغبكم في الآخرة عمله } أي الذي تذكر الله عندما تراه، زدنا يا رسول الله .. قال في حديث آخر:{ خير الأصحاب صاحب إذا ذكرت الله أعانك، و إذا نسيت ذكرك } وهذا سر التآخي والتآلف بين الصالحين وبين المريدين وهو بلوغ مقام الإحسان، وهذا الأمر الأول الذي أريد أن أبينه لكم
والأمر الثاني هو في بشريات مقام الإحسان ، فكيف ذلك؟ .. إذا بلغ الإنسان مقام الإحسان!، فإنه يجد علامات وبشريات حكاها الله في كتاب الله لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ (64 يونس)مـن هذه البشريات في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)ما لهم يا رب؟ قال تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ( هل تنزل عليهم الملائكة أم تتنزل ؟ تتنزل باستمرار وعندما تتنزل الملائكة لا يرونهم وحسب وإنما هناك حوار بينهم ..(أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)ونحن تحت إمرتكم: نحن أوليائكم في أي مكان أولاً هنا
والأمر الثاني هو في بشريات مقام الإحسان ، فكيف ذلك؟ .. إذا بلغ الإنسان مقام الإحسان!، فإنه يجد علامات وبشريات حكاها الله في كتاب الله لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ (64 يونس)مـن هذه البشريات في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)ما لهم يا رب؟ قال تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ( هل تنزل عليهم الملائكة أم تتنزل ؟ تتنزل باستمرار وعندما تتنزل الملائكة لا يرونهم وحسب وإنما هناك حوار بينهم ..(أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)ونحن تحت إمرتكم: نحن أوليائكم في أي مكان أولاً هنا
أم هناك ؟ هنا في الدنيا أولاً ثم في الآخرة وكان على ذلك أصحاب
رسول الله ... والأمثلة في هذا الباب يطول سردها .. فعلى سبيل المثال:سيدنا عمران بن الحصين مرض بالبواسير، وقالوا له لا بد من الكي بالنار وأصر أخوه على ذلك، قال يأخى أنى كنت حاضرا بين يدي رسول الله فقال لنا :{ يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب،قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون } وأنا أريد أن أكون من هؤلاء
ولا أكتوى بالنار، فقال أخوه أن الأطباء يقولون لا سبيل إلا ذلك، والحديث الآخر يقول :{ الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار } فلما اكتوى زاد ما به من مرض، فقال أخوه لقد حيرتني!، قال أتدري ما الذي زاد من مرضى ؟ قال لا قال كانت الملائكة تأتى لزيارتي وتسلم على فلما اكتويت امتنعت الملائكة عن زيارتي
فذالك الذي زادني مرضا. وكذلك تعلمون أن الصحابة في بدر قد رأوا الملائكة وكانت الملائكة تشجعهم على القتال، قال تعالى في آية 14 سورة التوبة قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ )
كم واحد من أصحاب رسول الله كان معه شهادة الليسانس أو البكالوريوس أو الدكتوراه أو حتى الثانوية أو الإعدادية أو الابتدائية ؟ لا أحـد.. إذاً كيف ملأوا الأرض علماً؟ ومـن أيـن أتـوا بكل هـذه العلوم ؟
( آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً (الكهف)هناك فصل للمتفوقين ... المخصوصين ... المجتبين عند رب العالمين، ومن الذي يعلمهم؟ .. هو حضرة العليم بذاته، ورسوم من يدخل هذا الفصل
وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ(282 البقرة)من الذي يعلم هنا ؟ الله! فعندما أجد رجل آتاه الله علماً لم أقرأه في كتاب ولم أسمعه من عالم يطابق شرع الله ولا يخرج عن سنة حبيب الله ومصطفاه وأجد أن هذا الرجل قد أكرمه الله بشئ من الفراسة النورانية وأصبح داخلاً في قول خير البرية:{ إِتْقُوُا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فِإنَّهُ يَنْظُرُ بِنُوُرِ الله } وفى رواية زيادة :{ وَيَنْطِقُ بِحِكْمَةِ الله }فأعلم أن هذا الرجل أصبح له قدرا عند الله في مقام الإحسان فماذا أفعل؟ أصحبه لكي أتعلم كيف أصل إلى ما وصل إليه، وصحبة الصالحين من أجل هذا الأمر لأن الله عندما تكلم عن العمل وأنه لا يضيعه قال عز شأنه إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (الكهف)وإحسان العمل – مع القيام به على الوجه الشرعي الظاهر - لا يكون إلا: بإحسان النية. وبوجود الإخلاص فيه. وبوجود الصدق لله فيه. ومراقبة الله في أوله وأثنائه وبعده. وأن يجعل هذا العمل بغية رضاء الله جل في علاه.وهذا ما جعل الناس تصحب الصالحين ...من أجل أن تتعلم منهم إحسان العمل، لأن الله جلَّ في علاه قال في المحسنين إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ(النحل)معهم بنصحه، معهم بلطفه، معهم بإكرامه، معهم بتأييده، معهم بإجابة الدعاء وتحقيق الرجاء، معهم بالفرج القريب، معهم بتحقيق المأمول، معهم في كل شأن وفى كل حال، معهم في الدنيا، معهم في البرزخ، ومعهم في الآخرة، ومعهم في الجنة، لأنهم في معية الله التي لا تغيب ولا تنقطع عن قريب أو حبيب طرفة عين أو أقل .. وهذه هي معية المحسنين الذين نريد أن نكون منهم، وهذا كما قلنا سر صحبة الصالحين أو المتقين لإى كل وقت وحين ...وإن شئت قلت هذا سر صحبة الصوفية أو أهل الإحسان ..فهذه التسميات ليست هي المربط، فإذا أسماها الناس بعد ذلك صوفية أو تصوف، فلا بأس .. لأن أساسهم في دين الله، ونحن نصحبهم لنتعلم منهم إحسان العمل الذي ظهرت عليهم بشرياته، ونتعلم منهم كيفية العمل الذي يبلِّغ الأمل لتكون لنا درجات في منازل الإحسان، ونكون مع النبي العدنان في منازل الرضوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق