رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي حصل علي المقام الفريد , والذي يقول الله له فيه {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}الضحى6
أي وجدك فريدا في خصالك , فريدا في صفاتك , فريدا في صفائك , فريدا في بهائك , فريدا في وفائك , فآواك إليه .فأنت الوحيد الذي آويت إليه , وأنت الوحيد الذي كوشفت بهذة السدرة , وأنت الوحيد الذي نلت هذه المراتب لدي القدرة , فأشهدك خالص التوحيد , لتصير أنت الأستاذ الوحيد في علم التوحيد لجميع الأنبياء والمرسلين , والمقربين والصالحين, والموقنين والمحسنين , والمؤمنين والمسلمين ، من بداية الدنيا إلي يوم الدين فلا يمكن لأحد أن يصل إلي كمال التوحيد إلا بك ، فالتوحيد بدايته توحيد اللسان ، ونهايته توحيد القلب والجنان ، وهو المشاهدة , والأستاذ الأعظم في ذلك كله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكل المصطفين والأخيار لكي ينالوا رتبة التوحيد العظمي المشار إليها في قول الله تعالي {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} آل عمران18 ولذلك لما خلق الله سبحانه آدم عليه السلام ، دعا الملائكة ليشهدوا جماله وكماله تعالي , فلما اجتمعوا , وعندما شاهدوا نوره خروا جميعا ساجدين , وطلبوا أن يعلمهم الأسماء , وإن كان بعض العلماء قال إن الأسماء هى أسماء الأشياء وقد عرَّفها الله لآدم حتي القصعة ليعرِّفها للملائكة , إلا أننا نري أنها أسماء الله وصفاته ، لقول الله {عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ}البقرة31 والعرض يعني المشاهدة ، ولذلك لم يقل {علَّمهم} ولأن الملائكة لا تستخدم الأشياء التي ذكروها ، فلا تحتاج لمعرفة أسمائها ، بينما هي في أشد الحاجة إلى معرفة الله بأسمائه وصفاته إذن فالملائكة قد شاهدوا أنوار الأسماء الإلهية , وأسرار الصفات الربانية وفي ذلك يقول أحد الصالحين : فلو أن السجود كان يقينا لأبيه لم يهبطا من عاليه ويقول أيضا الشيخ علي وفا رضي الله عنه : لو أبصر الشيطان طلعة نوره في وجه آدم كان أول من سجد أو أبصر النمروذ بعض جماله عَبَدَ الجليل مع الخليل وما عَنَد لكن نور الله جلَّ فلا يري إلا بتخصيص من الله الصمد حيث أنه صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن شهود عيان , فيخبرنا مثلا عن العرض يوم القيامة , وأنه يشتمل علي مائة وعشرين صفاً , ثمانين منها لإمته ,والباقي لجميع الأمم , ويصف الميزان ، والصراط ، وتطاير الصحف ، وكيفية الحساب ، والشفاعة ، عن شهود عياني وهذا من باب قول الله {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ{5} لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ{6} التكاثر وكذا يصف الجنَّة كي نشتاق إليها ونحنُّ لدخولها , ونعمل للوصول إلي ذلك المقام ، وعندما يري صلى الله عليه وسلمشدة أخذ بيانه لأفئدتهم , يبيِّن سرَّ ذلك فيقول {لَقَدْ رَأيْتُ الجَنَّةَ فِي عَرْضِ هَذَا الحَائِطِ}[1] العطف والشفقة والحنان الإلهي التي جعلها الله في هذا القلب الكبير الذي وسع العالم كله الصغير والكبير رحمة واسعةصلوات الله وسلامه عليه وكذلك تعرض عليه أعمال العباد جميعا ، لكي يشهد لهم ، أو عليهم يوم الحساب لقوله عز وجل{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً} النساء41 وهذا يلزمه أن يطلع علي أعمال جميع الأمم السابقة , و أمته اللاحقة ليري أعمالهم , وينظر إلى أحوالهم ويطلع علي أخلاقهم ومعاملاتهم لأنه يشهد عليهم ، أو لهم , ولذا فقد طلب من الله أن يطلع علي الملف الخاص بك كل ليلة فكل ليلة لابد وأن يري يوميتك في هذا اليوم ، وكم فيها من الحسنات ، وكم فيها من السيئات ، فإذا كان فيها سيئات يستغفر لك الله وفي ذلك قال {فَإِنَ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ كُلَّ لَيْلَةٍ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهَا حَسَناً حَمدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْهَا سَيِّئاً اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى لَكُمْ}[2] فأنت نائم ورسول الله يستغفر لك ، وهذا الأمر يخجل : إذا وقع في ذنب ويقول في نفسه كيف تعرض صحيفتي علي رسول الله؟ ويجد فيها أنني ضربت واحداً من أمته ، أو أنني تكلمت في حق واحد من أمته ، أو أنني سببت فلانا , أو إنني فعلت منكرا ، أو معصية ، هذا شئ لا يليق والديوان سيعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن أحدنا لو عرف أن رئيسه في العمل يقوم بمتابعته يمشي مستقيما، وربنا قال {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}التوبة105 فربنا يشاهد العمل ، والرسول يشاهد العمل ، والمؤمنون الذين أنت تعيش معهم يشاهدون العمل ، حتى يشهد علينا يوم القيامة : أولا رسول الله ، وبعد هذا نشهد علي بعضنا ، ولذلك إذا مات أحدنا وشهد له أربعون رجلا دخل الجنة ، كيف نشهد له وعلي أي أساس يا رسول الله؟ قال {إ ِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإِيْمَانِ}[3] فإذا كان عمله غير ذلك وأنا لم أره , فأنا لي الذي أراه , لقول الله {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ}يوسف81 فإذا رأيت شيئا مخالفا لا أشهد ، لكن أنا أراه يدخل المسجد ليصلي ويخرج من المسجد مستقيما ، فيجب أن أشهد له بالإيمان وبالتقوي وبالصلاح {فَاشْهَدُوا لَهُ بالإِيْمَانِ} فإذا شهد أربعون رجلا فقد نجا ، ولذلك مر أحد الموتي في جنازة محمولا ، والرسول جالس مع أصحابه ، فقالوا : هذا رجل صالح , فقال لهم صلى الله عليه وسلم : وجبت ، وبعد برهه مرت جنازة اخري فقالوا : هذا الرجل طالح , فقال لهم صلى الله عليه وسلم : وجبت ، قالوا : ما التي وجبت؟ قال صلى الله عليه وسلم {الأوْلُ شَهِدْتُمْ لَهُ بِالِإيمَانِ فَوَجَبْتْ لَهُ الجَنَّةُ , وَالثَّانِي شَهِدْتُمْ عَلَيْهِ بِالفِسْقِ فَوَجَبْتْ لَهُ النَّارُ ، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرْضِ}[4] وهذا أمر لا نهتم به الآن يا إخواني ، فإذا شهدنا لبعض ، كلنا سننجِّي بعضنا لأن الأربعين يشهدون لهذا الرجل فيدخل الجنة ، ويشهدون لهذا فيدخل الجنة , فنحن تاركين لهذا الأمر وراء ظهورنا ، ولا نبحث عنه ، مع أن ربنا سبحانه وتعالي أعطانا هذا الأمر فضيلة لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث جعلنا نشهد لبعضنا ، أي نشفع لبعضنا . ولذلك حتى الخلافات التي تحدث بيننا وبين بعضنا ، سيأتي المنادي يوم القيامة من بطنان العرش ، ويقول فى الحديث المتفق عليه {يا أمَّةَ مُحَمَّدٍ ، يَا أمَّةَ مُحَمَّدٍ ، أمَّا مَا كانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ؛ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكَمْ , وَأَمَّا مَا كَانَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ بَعْضِكُمْ ؛ فَتَوَاهَبُوهُ فِيمَا بَيْنكُمْ ، ثُمَّ ادْخُلُوا الْجَنَّةّ بِرَحْمَتِي}[5] بل قد ورد أن الله عندما يحاسب عبده ، ويطلع علي عمله ، ويجده خلاف ما أدلى به الشهود يقول لهم : أنى أجد عمل عبدي خلاف ما تذكرون؟ فيجيبون قائلين {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} يوسف81 يقول الله {قَبْلْتُ شَهَادَةَ عَبِيدِي فِي عَبْدِي , وَتَجَاوَزْتُ عُنْ عِلْمِي فِيهِ , أدْخِلُوا عُبْدِيَ الْجَنَّةِ}[6] {1} رواه الحكيم الترمذي عن انس رضي الله عنه {2} رواه الطبراني عن أنس ، وله أوجه عديدة للرواية والإسناد وبألفاظ متنوعة {3} رواه الترمذي واللفظ له وقال حديث حسن عن أبى سعيد الخدرى ومسند الإمام أحمد، وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم ، والطبرانى عن أنس {4} متفق عليه عن أنس {5} متفق عليه {6} رواه السيوطي في الجامع الصغير وأحمد في المسند عن أنس | ||
Islam is religion of peace
الأحد، 23 فبراير 2014
حقيقة سجود الملائكة لآدم
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق