Disqus for ومضات إيمانية

السبت، 5 نوفمبر 2011


أحكام المولود في الإسلام
عجائب ولادة المسلم
جعل الله للمولود في الإسلام أمرًا عجيبًا وشأنًا غريبًا وذلك تأسيًا بميلاد رسل الله الكرام فرسول الله كانت ولادته خرقًا للعادة وليست كأي ولادة عادية لأنه كان يُسَّبِحُ في بطن أمه ويُسْمَعْ تسبيحه وصوته وهو في بطنها وورد أنه وُلِدَ ساجدًا مختونًا مقطوع السُّرة يرفع إصبعه السبابة إلى السماء [1]وقد ورد أيضًا: أن الملائكة والأرواح الطاهرة نزلت لمولده وذُكِرَ مِمَّنْ حضرن ذلك السيدة آسية امرأة فرعون والسيدة مريم ابنة عمران والحور العين كلُّهن نزلنْ لحضور ولادته وكذلك الطفل المسلم تحضر ميلاده لجنةٌ من الملائكة الكرام فتساعد أمه في إتمام ولادته وهى لا تشعر وتكتنفه من جميع نواحيه لحفظه من الشياطين لأن الطفل الذي يُولَدْ يحاول الشيطان أن يستحوز عليه فَيُنْزِلُ الله جنده لحمايته من مكر الشيطان وكيده ويبقون في ذلك المكان إما أسبوعًا على رأي وإما أربعين يومًا على الرأي الآخر فمكان الميلاد تَتَنَزَّلُ فيه الرحمات والبركات ولذلك طلب سيدنا جبريل من رسول الله في رحلة الإسراء أن ينزل في بيت لحم حيث وُلِدَ سيدنا عيسى فقال: إنزل ههنا فَصَلِّ حيث وُلِدَ عيسى وهذا يدل على المكانة الكبيرة والمنزلة العظيمة لمكان ميلاد الأنبياء وقد قال النبى{ إذا وُلِدَتْ الجَارِيَةُ بعث الله إليها مَلَكاً يزقُّ البركة زقاً يقول: ضعيفة خرجت من ضعيفة القيِّمُ عليها مُعانٌ إلى يوم القيامة وإذا وُلِدَ الغلام بعث الله إليه مَلَكاً من السماء فقبَّل بين عينيه وقال: الله يقرؤك السلام }[2].
الواجب على الأب نحو المولود
يجب على الأب أو من حضر ميلاد الطفل من الأقارب ما يلي:
1. الآذان: أن يؤذن في أذن الطفل اليمنى آذان الصلاة ويقيم الصلاة في أذنه اليسرى على أن يكون ذلك بصوت خافت لا يؤذي المولود وفائدة ذلك حفظ المولود من الشيطانة الموكلة بالصبيان لقول النبى{وإذا ولد لأحدكم مولود فليؤذن في أذنه اليمنى ويقيم الصلاة في أذنه اليسرى فإن ذلك يحفظه من أم الصبيان} [3]
2. التحنيك: وقد كان النبى يضع ثمرات في فيه ثم يتناولها ويضعها في فم المولود التماسا لبركة ريقه صلوات الله وسلامه عليه وقد حبذ ذلك جماهير العلماء وخاصة إذا كان ذلك على يد رجل صالح لقول النبى{ سؤر المؤمن شفاء }[4] وكره ذلك بعض المعاصرين خوفًا من وجود مرض معدي ينتقل عن طريق الريق وإن اتفق الجميع على استحسان أن يكون أول شئ يصل إلى جوف المولود طعام أو شراب حلو.
2. الحلق والتصدق:
فقد (أمر النبى عند ولادة الحسن والحسين الحلاق أن يحلق شعرهما ووزن مقابله ذهبًا وأمر بأن يتصدق به) [5]فإذا كان المولود ولدًا أو بنتًا له شعر فعلنا معه ذلك تأسيًا بهديه صلوات الله وسلامه عليه وإن كان شعره قصير وقليل كمعظم المواليد في عصرنا بسبب تعاطى الأمهات للأدوية أثناء الحمل اكتفينا بالتصدق عن المولود بما يوازي ثمن جرام ذهب تقريبًا أو أقل أو أكثر على حسب السعة، عملاً بقول الله تعالى} لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ {[7- الطلاق].4. التسمية: وتكون باختيار اسم حسن له دلالة ومعنى لقول النبى{أكرموا أبناءكم وأحسنوا أسمائهم }[6] وخير الأسماء بالنسبة للذكور هي المشار إليها بقوله{ خير الأسماء ما حُمِدَ وعُبِد }[7] أي أسماء الرسول والأسماء المضافة إلى صفات الله كعبد الرحمن، وعبد اللطيف وغيرها أما بالنسبة للإناث فخير الأسماء ما وافق أسماء أمهات المؤمنين أو الصحابيات الجليلات أو النساء الصالحات والمهم في كل هذه الأسماء أن تكون عربية ولها معنى معبر ويكره التسمي بالألفاظ الأجنبية أو الأسماء التي تثير السخرية والإشمئزاز عند النداء بها.
5. العقيقة: وهي ذبيحة تذبح عند السابع أو بعده لكل مولود ذكر أو أنثى وهي سنة عند السعة:} وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ{ ويأكل منها الأهل والأقارب والفقراء والمساكين لقول النبى{ على كل مولود عقيقة تعقُّ عنه يوم السابع تميط عنه الأذى }[8] أما غير المستطيع فليس مطالباً بها وليس عليه شئ بتركها أما ما يفعله الناس في عصرنا يوم السابع من إطعام للطعام وتوزيع لمعلبات أو أكياس مليئة بأنواع الحلوى والمكسرات فهي من باب الصدقات إذا نوى صاحبها بها ذلك على ألا يسرف فيها ولا تخرج إلى المباهاة لقول النبى{ كلوا واشربوا في غير سرف ولا مخيلة }[9]
6. الختان: وهو سنة للرجال ومستحب للنساء لقول النبى{ الختان سُنَّةٌ للرجال ومكرمة للنساء }[10] وقد بدأت الأمم الغربية في ختان الذكور والتشديد في ذلك حفظًا لسلامة عضو الذكورة من الأمراض التي تتسبب من تراكم الميكروبات والجراثيم تحت القلفة (القطعة التي تحيط بعضو الذكورة من أعلى، ويأمر الإسلام بإزالتها) أيضاً حفظاً لسلامة المرأة إذ ثبت بالدليل العلمى أن عدم ختان الرجال أحد الأسباب الأساسية لإصابة النساء بأمراض تناسلية عديدة ومنها الخبيث وكثير من الباحثين الغربيين يطالبون بختان الإناث عند الحاجة لذلك - نظرًا للفوائد الكثيرة التي تعود على الأنثى من هذا ولذا تقول الباحثة الأمريكية ماري استوبس في كتابها(المرشد في العلاقات الجنسية)إن من خير العادات عند المسلمين عادة ختان الأنثى لأن بعض الإناث يصل حجم البظرعندهن إلى قريب من الذَّكَرِ عند الرجل ومثل هذه كلَّما احتك بظرها بملابسها الداخلية تهيَّجَتْ الشَّهْوَةُ عندها)، والهدي النبوي في ختان الأنثى هو قول النبى للمرأة التي كانت تزاول ذلك بين نساء الأنصار{ يا أم عطية اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند البعل }[11]
تنبيه وعبرة
إذا رزق المرء بمولود جديد فهذه نعمة عظمى ساقها الله إليه فعليه أن يقابلها بالشكر بأن يصلي ركعتين شكرًا لله أو بأن يتصدق على الفقراء والمساكين أو بأن يطعم الطعام ومن تمام الشكر على هذه النعمة ألا يُظهر الفرح بذلك أكثر من اللازم أو يتباهى بذلك بين الأهل والأصحاب والجيران - كما تفعل النساء - لأن هذا أمرٌ لا يحصِّله المرء بإرادته ولا يناله باختياره وإنما كما قال الله( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {وقد نبه إلى العبرة في مجئ المولود أحد الحكماء وذلك في قصة رمزية ساقها إلى تلاميذه حيث قال ( ركب رجل البحر مع جماعة كثيرة وبينما هم في عرض البحر هبَّت عليهم ريحٌ شديدة أغرقت السفينة بِمَنْ فيها، ولم يبق إلا لوح من ألواح هذه السفينة طفا على سطح الماء وتعلق به هذا الرجل وصارت الأمواج تتقاذفه حتى اقترب من شاطئ جزيرة وهناك رأى عجبًا، فقد وجد جموعًا كثيرة على الشاطئ تنتظره ومعهم تاج المُلك، وعند وصوله إلى الشاطئ تصايحوا فرحين وألبسوه التاج، ونادوا به ملكًا عليهم، وهتفوا بحياته، وساروا به في موكب عظيم حتى أوصلوه إلى قصر المُلكوبعد انصراف تلك الجموع أحضر كبار مساعديه وسألهم عن هذا الأمر؟ فأخبروه بأن هذه عادتهم المتبعة في كل عام حيث يستقبلون ناج من البحر وينصبونه مَلِكًا عليهم في كل عام ويقومون بعده بقذفه في وسط غابة مجاورة مليئة بالوحوش الكاسرة، ويبحثون عن غيره وهكذا دواليك فاستوضحهم عن الصلاحيات المخولة له فأخبروه أن كلَّ أمرٍ له مطاع طوال سنة حكمه فعين أحدهم وزيرًا وأصدر إليه ثلاث قرارات أَمَرَهُ بتنفيذها فورًا هي:
1. إزالة هذه الغابة بالكلية.
2. بناء قصر مكانها يلائم أبهة الملك.
3. زراعة حديقة حول القصر تحوي كل خيرات الأرض
وعند انتهاء العام طالبهم بتنفيذ عادتهم، فقالوا: لقد فوَّتَّ الأمر علينا بحكمتك وحسن تصرفك.والعبرة في هذه القصة حيث يقول: تشير هذه القصة إلى قصة كل مولود يخرج إلى هذه الحياة فالطفل في بطن أمه كالغريق وسط البحر، وعند ولادته ينزل مَلَك فيخرجه بلطف ورقة وحنان على ريشة من جناحه، كالغريق الذي تعلق بلوح الخشب، والجنين في بطن الأم يحيطه الله U بالماء من جميع الجهات حتى لا يتأثر بحركتها واهتزازاتها، ويتولاه الرزاق فيواصله بالهواء والماء والدواء والطعام عن طريق الحبل السريِّ، ويخرج منه بواسطته كذلك الفضلات. وبعد نزوله إلى الأرض يلتف حوله الأهل والأحباب ويقيمون الزينات والاحتفالات ويكون له السلطان على كل مَنْ حوله، وعلى الأعضاء التي معه، طوال عمره في الدنيا فإن أساء في تصرفاته وفي سلوكه قذفوا به إلى جهنم وبئس المصير، وإن أحسن لنفسه واستبدل مقعده في النار بقصر في الجنة - بناه بعمله الصالح وبرِّه وتقواه - فهيئا له الحياة الطيبة الأبدية في جوار الله. وفي ذلك يقول القائل:

لا دَارَ لِلمَرْءِ بَعْدَ الْمَوتِ يَسْكُنُهَا إِلاَّ التي كَانَ قَبْلَ الْمَوتِ يَبْنِيهَا
فَإِنْ بَنَـاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْـكَنُهُ وإِنْ بَنَـاهَا بِشَرٍّ خَـابَ بَانِيهَا

افتراضي

نَبَاتُ الله

فالإنسان نبات الله يتولى زراعته، ويتعهده برعايته، ويجني ثمرة عمله الله وإلى ذلك الإشارة بقوله عزَّ شأنه[وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا]فالحق ينزل الماء وهو مني الرجل من سماء الرفعة لأن الرجل أرفع قدرًا في حالة الوقاع ويضعه في أرض المرأة[وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا]وهو يشبه النبات في هيئته وإن كانت حالته مقلوبه فالرأس بما فيها من حواس بمثابة الجذر في النبات - حيث به حواس النبات والقوة الغاذية وغيرها والجسم كالجذع للنبات والأذرع والأرجل كالسيقان والأوراق ويمر الإنسان بمراحل النبات فيكون صغيرًا ثم شابًا فتيًا غضًا طريًا، ثم رجلاً قويًا ثم شيخًا، ثم يكون حصاده، من الذي يحصده؟ الزارع له - وهو الله فإن كان زرعًا له ثمرة من الصالحات والقربات فهنيئًا له الجنة، وإن كان زرعًا ليس له ثمر من الطاعات والخيرات فهو حطبٌ توقد به جهنم } وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ { ولذلك ورد في الأثر أن الناس كالشجرة فمن الشجر من له ظل وله ثمر ومنه من له ظل وليس له ثمر، ومنه من ليس له ظل ولا ثمر.
فأما الصنف الأول الذي له ظل وله ثمرفمثل العلماء العاملين والأولياء والصالحين فمن الناس من ينتفع بالجلوس معهم ولو لم يسمع علمهم لأنهم يوجهون الناس بعلمهم وينهضونهم بحالهم ويدعونهم إلى الصراط المستقيم بسلوكهم وهديهم ومنهم من يُقبل على علومهم الإلهامية يغترفون منها وهي ثمرة طاعاتهم ونتاج إخلاصهم - لقول النبى{ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ }[1] وأولئك هم المقربون وأما الذي له ظل وليس له ثمر فكأهل اليمين من المؤمنين: وهم صالحون في أنفسهم، مطيعون لله بأعمالهم ينتفع بهم من يجالسهم - لتأثره بسلوكهم وأخلاقهم - وإن كانوا لا يوجهون غيرهم بأقوالهم ولا يرشدونهم بتوجيهاتهم، فيكفيهم أنهم يعزلون شرَّهم عن غيرهم، ويَسْلَمُ الخَلْقُ من أيديهم وألسنتهم.
وأما الذي ليس له ظل ولا ثمر فكالفاسق والفاجر والعياذ بالله: فلا هو ينفع نفسه - بقوله أو بعمله - ولا ينتفع به غيره بل إنه يجلب الضُّرَّ لنفسه بسوء فعله، ويصيب غيره بضُّرِّه فهو كشجرة الشوك كلُّ مَنْ مرَّ بها آذته وكذلك هو يؤذي الناس بلسانه بالسبِّ والشَّتم والغِيبة والنميمة وغيرها ويؤذيهم بيده بشكاية أو سرقة أو قتل وهكذا، فالمؤمن يجب أن يكون كالشجرة الطيبة من يأوي إليه يجد العطف ويشعر بالحنان والرقة ويحس باللطف والأنس ومن يلمسها يشم منها رائحة القرآن وأخلاق النبي العدنان وأحوال الصالحين والمتقين، فيكون كما قيل في الأثر الوارد عن الصالحين:{ عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم } ومثل هذا هو الذي فهم الحكمة من الأذان والإقامة في أذن المولود فالأذان والإقامة يقتضيان الصلاة فمتى هذه الصلاة؟ إنها صلاة الجنازة لهذا العبد لأنها تصلى بدون أذان أو إقامة فكأن عُمُرَ العبد مهما طال فهو كما بين إقامة الصلاة وتكبيرة الإحرام في إفتتاح الصلاة فما أصدق قول القائل إذاً:
دَقَّاتُ قَلْبِ المَــرْءِ قَائِـلَةٌ لَـهُ إِنَّ الحَيَـاةَ دَقَــــائِقٌ وَثَوَانى
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ بَعْدَ مَوْتِكَ ذِكْرَهَا فَالذِّكْرُ لِلإِنْسَــــانِ عُمْرٌ ثَانِ

وما أجمل قول أحد الصالحين : 
يا أيها الماء المهين من الذي سواك ومن الذي في ظلمة الأحشاء قد والاك
يا نطفة بقـرارها قد صـورت من ذا الذي بحنانه أنشـاك
ومن الذي شق العيون فأبصرت ومن الذي بظهـوره أعلاك
ومن الذي غذاك من نعمــائه ومن الكروب جميعها أنجاك
ومن الذي تعصى ويغفر دائمًا ومن الذي تنسى ولا ينساك
ومن الذي بألست أسمعك النداّ ومن الذي بوصـاله ناداك
ومن الذي يدنو إليك بفضـله وإذا سـألت جنابه أعطـاك
ومن الذي عند الشدائد تقصدن ومن الذي إن تسـألن لباك
ومن المجيب ذا سـألت جنابه وإذا طلبت وداده أعطـاك
ومن الذي منح الجميل بفضله ومن الذي بتلطف أحيــاك
ومن الذي كشــف الحجاب توددا حتى رأت أنـــواره عيناك
ومن الذي ملأ الفــؤاد بحبِّه وبسره عند الصـفا ناجـاك
ومن الذي أولاك نـور جماله وبذكره وشهـوده صــافك
فكر تراه ظاهـرًا بجمـــاله متـنزلاً وهـو الـذي والاك
بِكَ قَدْ سَمِعْتُ لَكَ اعْتَرَفْتُ فَنَظْرَةٌ أُعْطَى بِهَا يَا سَــيِّدِى جَدْوَاكَ
والوجه أشـرق حولنا بجمـاله وعيوننا قد تشـهد الأمـلاكّ
سلم على المحبوب نـور قلوبنا طه الذي بجمـــاله حلاَّك

والشاعر الحكيم قال:
وفي قبض كف الطفل عند ولادة دليل على الحرص المركب في الحي
وفي بسطها عند الممات إشـارة ألا فانظروا أني خرجت بلا شـئ

[1] رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس
منهج العناية بالطفل في الإسلام

أسرار الرضاعة الطبيعية

أكد الله على أَمْرٍ مهم تنصَّلت منه بعض الأمهات في عصرنا هذا وبدأن ينصحن أنفسهن بذلك لا سيما اللاتي يذهبن إلى ميادين الأعمال، حيث تنصح إحداهن الأخرى قائلة: إياك أن ترضعي طفلك رضاعة طبيعية لأن ذلك يجعل صدرك يتهدل ويصبح قوامك غير رشيق لكن الله كما قال في كتابه: }إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ { فقد خرج علينا الطب الحديث ليحذرهن من ترك الرضاعة الطبيعية عن طريق ثدي الأم أو التهاون بها لأن ذلك يعرض الأم لمرض سرطان الثدي والذي ثبت علميًا أن الرضاعة الطبيعية هي خير وسيلة لاكتساب المرأة المناعة من الإصابة به. فالمرأة التي تخشى من إرضاع طفلها خوفًا على مظهرها، قد تتعرض لإزالة الثديين بالكلية إذا أصيبا بهذا الداء الخبيث وصدق الله إذ يقول}وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ{والحول هو سنة هجرية كاملة وكل الأحكام الخاصة بأمور النساء في القرآن من حيض ونفاس وعدة وحمل ورضاع تحسب بالأشهر الهجرية لأنها هى التي نزلت بها الأحكام التشريعية ولذا أمر الله بالرضاعة من ثدي الأم وحث عليه حتى في أحلك الظروف فهذا فرعون مصر عندما أصدر أمرًا لجنوده بقتل كل مولود يولد ذكرًا لبني إسرائيل خشية زوال ملكه وكانت أم موسى حاملًا به فأعدت خطة لإخفائه عن فرعون وجنوده عقب ولادته ولم تفكر في أمر الرضاعة ولكن الله لإحاطته سبحانه وتعالى بأثر هذه الرضاعة الطبيعية أشار عليها بذلك قائلاً}وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ {ومن أجل أن يؤكد لنا الله على أهمية هذه الرضاعة حَرَّمَ على موسى أثداء النساء ووجه أخته لتقتفي أثره وتتعرف على خبره، فلما وجدته لا يرضع دلتهم على أمه فأرجعه الله إلى أمه ليرضع من ثديها حرصًا عليه وإلى ذلك الإشارة بقول الله} وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ {
لماذا كل هذه العناية من الإسلام بالرضاع من ثدي الأم؟ لأن بالثدي المعمل الإلهي الذي جهزه الله لتغذية وإرواء وتحصين الولدان ومهما تقدمت البشرية في العلم، واخترعت من أجهزة ومعدات فلن يستطيع أفذاذ العلماء أن يجهزوا معملًا لتغذية الطفل الرضيع بهذه الكيفية الإلهية فإنه ينزل اللبن بقدر معلوم على قدر حاجة الصبي فأول جرعة تخرج من هذا المعمل للطفل عقب ولادته وتسمى(لبن المسمار) تحوي كل العناصر التي يحتاجها جسم الطفل لتنشيط أعضاءه وتأهيله لمواجهة هذه الحياة، كما أنها تحوي تطعيمًا واقيًا لكل الأمراض التي يتعرض لها الطفل في هذه الفترة وهكذا يقوم الثدي بإمداد الوليد بما يحتاج إليه من عناصر غذائية وأمصال وقائية كلما تقدمت به السن وليس هذا فقط بل إنه يجعل اللبن للطفل حارًا شتاءًا باردًا صيفاً حتى لا يتعرض الطفل للنزلات المعوية والإصابات الصدرية التي يتعرض لها من يرضعون بالوسائل الصناعية ويستغنون بها عن الرضاعة الطبيعية، والأعجب من هذا أن هناك جهازًا غير مرئي يتخاطب بلغة ربانية بين معمل الألبان في ثدي الأم وبين الطفل فعندما يحس الطفل بالجوع تجد المعمل الرباني بالثدي وقد جهز الوجبة الكاملة والأم تترجم عن ذل قائلة: أشعر بأن اللبن كثير في ثديي، فقد طلبه الطفل بطريق غير مباشر فجهزه له الإله القادر كيف يلتقم الطفل حلمة ثدي الأم؟ وكيف يقوم بمص الثدي ليدر اللبن؟ إن ذلك كله يتم بإلهام مباشر من الله ولذلك حتى بعد نمو أسنانه فإنه لا يؤذي الثديين بها بينما ينزل اللبن معقما تعقيما كاملًا مع مراعاة تدرج النمو للطفل فمثلًا عند ظهر أسنانه تجد نسبة الكالسيوم تزيد في اللبن لحاجة الأسنان إلى هذا العنصر في نموها ومن بديع صنع الله أن الأم التي ترضع طفلها من ثديها يرجع رحمها إلى حالته العادية بإذن الله في وقت يسير حيث أثبت الطب الحديث أن هناك علاقة بين حركة مص الثديين للطفل وانقباض عضلات الرحم أضف إلى ذلك أن الرضاع يحفظ نسبة كبيرة من الأمهات من الحمل أثناء رضاعها لطفلها وقاية من الله وعناية منه سبحانه وتعالى بالأم وطفلها


افتراضي

كراهة الحمل أثناء الرضــاع
والرضاع وقت الجماع

إن الإسلام بلغ أرقى ما وصلت إليه الحضارات قاطبة في عملية الرضاعة الطبيعية، ومن عجائب وصايا رسول الله r في هذه الناحية قوله: 
{ ولا تقتلوا أولادكم سرًا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه }[1]
والغيل هو أن تحمل الأم وهي ترضع، وقد نهى رسول الله r عن الحمل أثناء الرضاعة ـ والنهي هنا على سبيل الكراهة ـ حتى تأخذ الأم قسطها من الراحة بعد عناء الحمل والولادة، ويأخذ الرضيع حقه من الرعاية والعناية التى أوجبها الله U له، فالأم إذا حملت يتغير اللبن في صدرها فيضر رضيعها، وهذا بالإضافة إلى أنها لا تستطيع أن تغذي الجنين والرضيع في وقت واحد، فلا بد أن تتفرع لواحد منهما. 
وفي ذلك يقول الشيخ محمد على سلامة [في كتابه (خواطر إيمانية) ص 15]
(ومعنى الحديث - والله أعلم - أن لا تأتوا الأمر المستتر بينكم - وهو الوطأ - أثناء إرضاع أولادكم فيتسبب عنه الحمل الذي يودي بحياة أولادكم. وهذا توجيه كريم من رسول الله r ، وتنبيه إلى أن مباشرة الزوجة أثناء رضاعها إغتيال لحق الطفل وهضم له، لأن في هذا هلاك له سرًّا أي بطريقة لا يعرفها أحد إلا الخاصة من الأطباء والعلماء بسنَّة النَّبيِّ r ، لأنه هو الطبيب الذي بعثه الله لعلاج الإنسانية، وحل مشاكل المجتمع في كل ناحية من نواحي الحياة. وهذا الحديث يعتبر من الإعجاز النبوي الذي يخبر عن دقائق العلوم التي كشف عنها الطب بعد طول الزمن مع ملاحظة أن الرسول r قال:
لا تقتلوا أولادكم سرًّا كأن حمل المرأة أثناء إرضاعها الطفل قتلاً له). 
وقد نبه الإسلام على أمر طبي عظيم وهو ألا ترضع الأم طفلها بعد قيامها بمجهود جسماني أو عصبي كبير، فنهى الأم عن إرضاع طفلها بعد الجماع إلا بعد أن تغتسل، أو تغسل ثديها، لماذا؟.
لأن الدم يجري في جميع عروقها في تلك اللحظة، فربما ينزل اللبن مختلطًا بالدم فيمرض منه الطفل فتكون هي التي أمرضته، لأنها لم تلتزم بأحكام الله، وبأوامر سيدنا رسول اللهr وجاء في كتاب (أسرار القرآن) جـ2 ص52
(فإن نكاح الرجل زوجته وهي ترضع سبب في إمراض المولود إلا إذا إحتاط لنفسه فأمرها بالامتناع عن رضاع الولد حتى تطهر لأن هذا النكاح يجعل الدم يسري في الثديين، فإذا أرضع الولد عقب الجماع مباشرة تسمم!! وأكثر أمراض الأطفال من هذا العمل الجاهلي).
وقد أبدى الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، إعجازًا في إدراكه لأسرار بكاء الطفل، وذلك حين أشار علينا بعدم التخوف من كثرة بكائه، لإخباره r فى معنى حديثه أن بكاء الطفل تسبيح، ولم يُكتشف هذا السرُّ إلا في العصر الحديث حيث يطالب الأطباء بترك الطفل الرضيع يبكي، وعدم التسرع في كفِّه إلا إذا زاد عن قدر الاعتدال، لأن ذلك البكاء يعمل على توسيع الصدر والرئتين، فسبحان الخلاق العليم، الذي قدر كل شئ خلقه ثم هدى.

[1] رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والطبراني عن أسماء بنت يزيد بن السكن


افتراضي

رعاية الصبيان
فإذا شب الطفل ودرج يبدأ الوالدان في ترويضه على المبادئ الدينية ليشب عليها أنسًا بها متعشقًا لها وليعلما علم اليقين أن أول طريق يكتسب به الصبي القيم والآداب هو المحاكاة والتقليد وخاصة لوالديه لأنهما المثل الأعلى لناظريه في هذه المرحلة المبكرة وقد نبه إلى خطورة انتقاش ما يصدر عن الوالدين في أذهان الأولاد وتقليدهم فيه ونشأتهم عليه الرسول صلوات الله وسلامه عليه وقد روى ذلك عبد الله بن عامر فقال:

{ دَعَتْنِي أُمِّي يَوْماً وَرَسُولُ الله r قاعِدٌ في بَيْتِنا فقالَتْ هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقالَ لَهَا رَسُولُ الله r: وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟ قالَتْ أُعْطِيهِ تَمْراً، فقالَ لَهَا رَسُولُ الله r: أُمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئاً كُتِبَتْ عَلَيْكَ كَذِبَةٌ }[1]
وتتركز رعاية الصبيان في هذه الفترة على الآداب والأخلاق وقد أشار الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) إلى نموذج من رياضة الصبيان منها:
عدم لبس الملابس التي توحي بالأنوثة والنعومة ومقاطعة من يلبسونها والاجتهاد في تعليم الصبي حكايات الأخيار ليغرس في نفسه حبهم والاقتداء بهم وعدم تعويده النوم في الفراش الوثير حتى لا يألف النعومة وأن يعوده الأخلاق الاجتماعية بعدم الفخر على أقرانه بما يملكه والده أو بشئ من مطاعمه وملابسه وأن يعف عما في يد غيره من الأغنياء أو الفقراء كما يعوده الصدق وعدم الحلف وأن يحسن الاستماع ولا يبدأ الكلام إن كان معه من هو أكبر منه وأن يصون لسانه عن اللغو والسب ولا يخالط من يفعلون ذلك 
وينبه الشيخ عطية صقر في كتابه (تربية الأولاد في الإسلام)ص311 إلى خطورة هذه المرحلة فيقول:
(وليحذر المُربِّي أبًا أو أمًا أو معلمًا أن يلقن النشء معلومات خطأ أو تسليتهم بحكايات خرافية وليبعد كل البعد عن القصص الغريب الذي يروع الطفل أو يضلله أو يشوه أفكاره كما يجب أن تنبه الأم على الخصوص إلى خطر الأغاني التي ترقص بها الطفل وتدللـه فإن سمعه إذا تعودها حفظها والمعلومات التي تحويها ترسخ في ذهنه ويصعب انتزاعها وهو يتصرف على هديها إن عاجلا أو آجلا وخطر الإذاعات المسموعة والمرئية في هذا المجال كبير فلنجتهد أن تكون الأغاني والأناشيد حاملة معاني الرجولة والبطولة والعفة والأمانة والإخلاص والوفاء وطاعة الوالدين وحب الوطن وسائر الأخلاق الحميدة)

افتراضي

تهذيب الصبي
ومع مراقبة الوالدين الفاحصة أوصى الإمام الغزالي الأب أو المربي :

أن يتجاوز عن أى مخالفة يحدثها الصبي فلا يهتك ستره ولا يكاشفه ولا سيما إذا سترها واجتهد في إخفائها لأن إظهار ذلك عليه ربما يزيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة وإن عاد ثانية عوتب سرًا ويهدده بالعقاب إن تكررت مخالفته.
وألا يكثر عليه من اللوم في كل حين فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح ويسقط وقع الكلام في قلبه.
وأن يكون الأب حافظًا هيبة الكلام معه ولا يوبخه إلا أحيانًا كما يوصي بأن تكون المؤاخذة بالتعريض لا بالتصريح حتى لا يجرح إحساسه ويغريه بالعناد.
فإذا لم يفد ذلك صرح بالإنكار وعاقب بما يراه وهذا مأخوذ من هدي النبي r فإنه كان إذا راى تقصيرًا من بعضهم نبه عليه بالعنوان العام أو بعدم تحديد الشخص الذي وقعت منه المخالفة فقد قال رسول الله r :(ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم)[1].
وفي رواية أبي داوود عن عائشة: ( كان رسول الله r إذا كره من إنسان شيئاً قال: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا).
نصيحة لقمان لإبنه
ونسوق هنا نصيحة لقمان الحكيم الجامعة لولده حيث يقول له: 
يا بني خذ عني هذه الخصال الثمان:

الأولى: إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك.
الثانية: إذا كنت بين الناس فاحفظ لسانك.
الثالثة: إذا كنت في نعمة فاحفظها بالشكر والأدب.
الرابعة: إذا كنت في دار غيرك فاحفظ عينيك.
الخامسة: كن ذاكرًا لله الخالق الحي الذي لا يموت.
السادسة: كن ذاكرًا للموت لأنه كأس يشربه الجميع.
السابعة: كن ناسيًا إحسانك إلى الآخرين.
الثامنة: كن ناسيًا إساءات الآخرين إليك.
(يا بني لا تذكر آلامك للآخرين فأغلبهم لا يهتم بها اعتبر بمن مضى قبلك ولا تكن عبرة لمن يأتي بعدك صل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك وقل الحق ولو على نفسك العظيم من يبتسم عندما تكون دموعه على وشك الانهيار)[2]
[1] رواه البخاري عن أنس بن مالك[2] عن كتاب ( الإسلام ورعايته للطفولة) للشيخ منصور الرفاعي عبيد ص 22
تدليل الصبييحث الإسلام على تدليل الطفل بأنواع التدليل المختلفة المقبولة، لإيناسه وربط قلبه بمن حوله، ويرغب الكبير أن يتنزل إلى درجة ملاعبة الأطفال ليكون معهم بقلبه وعواطفه وتصرفاته بعض الوقت وقد روي أن جبلة بن سحيم دخل على معاوية بن أبي سفيان وهو في الخلافة فرأى في عنقه حبل يقوده به صبي له فظهر على وجهه الاستنكار فلما رأى معاوية ذلك قل له: يا لكع إني سمعت رسول الله يقول:{ مَنْ كَانَ لَهُ صَبِيُّ فَلْيَتَصَابَ لَهُ}[1] وكان النبي يُدَلِّلُ الحسن والحسين وأسامة بن زيد فقد روى البخاري عن أسامة قوله{ كان رسول الله r يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على الأخرى}وروى أحمد عن عائشة:{أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمي قال: فجعل النبيّ r يمصُّه( وفى رواية ثم يمجُّه) ويقول: لَوْ كَانَ أُسامَةُ جارِيَةً لَحَلَّيْتُها وَلَكَسَوْتُها حَتَّى أُنْفِقَها}
وروي عنه r أنه بينما كان يصلي بالناس إذ جاء الحسين فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود حتى ظنَّ الناس أنه حدث أمر فلما قضى صلاته قالوا: لم أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أمراً حدث فقال:{ إنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِي حَاجَتَهُ}
[2] هذا هو الأدب النبوي الذي يعلمه لنا رسول الله r وهو في الصلاة ولذلك فقد تعلق به r الصبيان وكانوا يتلمسون موضعه فقد ذهب إليه الحسن في ليلة شاتية والجو مظلم وبعد أن أخذ حظه هم بالذهاب إلى أمه فاستأذن رجل من أصحابه r في مصاحبته فقال r : دعه فإذا بمصباح من نور يضئ أمامه وهو يمشي خلفه حتى وصل إلى أمه وقد كان عمره إذ ذاك ثلاث سنوات وأيضا كان r يخطب على منبره وإذا بالحسن يدخل المسجد ويتوجه إلى رسول الله r وهو يقول أبي أبي فنزل r من فوق منبره واحتضنه وقبله ثم حمله وصعد المنبر وأكمل خطبته وهو يحمله ليعلمنا الرحمة والشفقة والعطف والحنان rولذلك لما جاء أحد الأعراب القساة ورآه r يقبل الحسن فقال: أتقبلون الصبيان يا رسول الله إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدًا منهم، فقال له النبي{من لا يرحم لا يُرحم}[3]وفي رواية:{أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة}وإن كان هنا أدبٌ عالٍ يجب أن نشير إليه وهو أن السيدة فاطمة t كانت تحرص على طهارة أولادها الحسن والحسين لعلمها بشدة تعلُّقهم برسول الله rحرصًا منها على دوام طهارة ثيابه والحق أن هذه الملاطفة تهب الطفل دفئاً وحناناً يظهر أثرهما على صحته وتعلُّقه بوالديه ومحبَّته لهما ويصف ذلك الأحنف بن قيس حين سأله معاوية عن رأيه في الولد فقال: (ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول على كل جليلة فإن طلبوا فاعطهم وإن غضبوا فارضهم يمنحوك ودَّهم ويَحْبُوك جهدهم ولا تكن عليهم ثقلاً ثقيلاً فيملوا حياتك ويحبُّوا وفاتك ويكرهوا قربك) [4]على أن يحرص الوالدين على ألا يصل التدليل بالطفل إلى الفساد والإنحلال فالأمر كما قال القائل:قَسَى لِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِماً فَلْيَقْسُ أَحْيَاناً عَلَى مَنْ يَرْحَمِ
فالوسط هو المحمود في كل شئ فلا بد مع اللين والرحمة من شئ من الشدة إذا لزم الأمر وذلك يقتضي من الوالدين مراقبة الطفل بدقة في كل تصرفاته لتقديم التوجيهات المناسبة في الوقت المناسب لأن الإهمال يغري الطفل بالتهاون والنفس تميل إلى الراحة والإنطلاق من القيود والغرائز عند الناشئين قوية والمقاومة العقليه ضعيفة عندهم.
ولذلك فالرسول r، مع شدة رحمته بالأولاد عندما التقط الحسين تمرة من الصدقة ولاكها فى فمه قال له: كخ كخ ليطرحها وأخذها منه وأبعدها
[5] وفيما روى: أيضاً من السنة المطهرة{قدمت على أهلي ليلاً وقد تشققت يداي فخلقوني بزعفران فقابلت الرسول rصباحًا فسلمت عليه فلم يرد السلام ولم يرحب بي وقال: اذهب واغسل عنك هذا فغسلته ثم جئته فسلمت عليه فَرَدَّ عليَّ ورحَّبَ بِي} [6]وقد جاء في وصية الرشيد لمؤدب ولده: (ولا تمعن في مسامحته فيستحلى الفراغ ويألفه وَقَوِّمْهُ بالتقريب والملاينة فإن أبى فالشدة).
وهكذا فالطريق في رياضة الصبيان والاهتمام بتربيتهم من أهم الواجبات وأعظمها شأناً وأروعها قدراً وأثراً لأن تربية الطفل أهم شئ في هذه الحياة وأكبر دعامة في بناء الأجيال ومستقبل الآمال وقيام مجتمع صالح تعتمد عليه الروحانية الإسلامية وتقوم به الأخلاق الحسنة والصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة في يديهما قابل لكل نقش مائل لكل صورة فإن عودته الخير وعلمه نشأ عليه وتربى خير تربية يسعد بها في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل من اشترك في تلقينه الفضيلة وتوجيهه إلى هذه الناحية من نواحي الحياة الدينية والسعادة الروحية وإن عودته الشر وتركته فيه وأهملته في مراتع السوء ومزالق الشرور شقي وهلك وكان الوزر في عنق القيّم عليه والمتولي أمره فينبغي أن تعوِّد الطفل على الفضيلة وتربيه على محاسن الأخلاق وجميل الصفات ولا تتسامح معه في ترك الصلاة والصيام وسواهما من الواجبات الشرعية ولا تدعه يتخبط مع الصبيان في ميادين اللهو واللعب، ونوادي الفحشاء والمنكر وغيره من رذائل الأخلاق حتى يبلغ وتتمتع سنه بالحكمة والعقل.
ومن الأمثلة الطيبة في هذا المجال ما يرويه سهل بن عبد الله عن نفسه حيث يقول: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يومًا ألا تذكر الذي خلقك؟ فقلت: وكيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: " الله معي الله ناظر إليّ الله شاهد عليّ "فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك في كل ليلة إحدى عشر مرة فقلته فوقع في قلبي حلاوته فلما كان بعد سنة قال لي خالي: إحفظ ما علمتك ودُمْ عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يومًا: يا سهل من كان الله معه وناظر إليه وشاهده أيعصيه؟ إياك والمعصية فكنت أخلو بنفسي فبعثوا بي إلى المكتب فتعلَّمتُ القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين وكنت أصوم الدهر وكنت أقوم الليل كله.[7] فتعود الطفل على الأخلاق الفاضلة وطاعة الله تعالى تكسب سعادة الدنيا والآخرة.

تقويم الصبي

إن منهج التربية الإسلامية يربي الناس على الخوف مما ينبغي أن يخافوه والتعلق بما ينبغي أن يتعلقوا به وينفي عن القلب البشري الخوف مما لا ينبغي أن يخاف والتعلق بما لا ينبغي التعلق به يربيهم على الخشية والتقوى لله والخوف من عذاب الله وغضبه المؤدي إلى العذاب وعدم الخوف من شئ أو على شئ آخر ويربيهم على التعلق بالله وطلب العون منه وحده لا من أحد من خلقه والتعلق بالآخرة ونعيمها ورضوان الله المؤدي إلى النعيم وعدم التعلق بما يشغل الإنسان عن هذا الأمر ومن النماذج الطيبة في ذلك ما روي:{ أنَّ عمر بن الخطاب t مرَّ على مجموعة من الصبيان فلما رأوه جَرُوا جميعًا ما عدا عبد الله بن الزبير فسأله عمر: لِمَ لَمْ تفعل كما فعل بقية الصبيان؟ فأجابه: لم أفعل شيئًا يستحق العقوبة فأخاف منك ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسعه لك}ومن هنا تكون التربية بالمثوبة والتربية بالعقوبة وسيلتين أساسيتين من وسائل التربية للإنسان كل إنسان والطفل أولى بطبيعة الحال ففي المرحلة الأولى تكون عملية التشجيع للطفل ضرورية دائمًا لأن الأعمال التدريبية التي يقوم بها ليستكمل نموه كالمشي والوقوف والكلام شاقة ومجهده ولا بد من حفزه عليها حفزًا لكي لا يتوقف نموه والتشجيع قد يكون بابتسامة أو بقبلة حانية من الأم أو الأب أو بتربيته على جسمه أو بإحداث ضجة كبيرة حول الطفل يشعر فيها بالاهتمام الشديد به وبجو المودة حوله أو بلعبة تعطى له كمكافأة على الجهد الذي بذله أو بشئ من الحلوى والطعام أو بأي شئ مما يعرف الوالدان من دراستهما لطفلهما أنه محبب إليه ومن ثم فهو مشجع له.
التقويم بالعقوبة

أما العادات السيئة التي يتعرض لها الطفل وهي كثيرة فلا بد من إبطالها ولو كان في ذلك مشقة على الطفل وعلى والديه كذلك والخوف من إزعاج الطفل أو مضايقته بمنعه عن عاداته السيئة المحببة إليه أو الخوف عليه من تأثير عملية الزجر على مشاعره وأعصابه معناهأننا سنتركه لعاداته السيئة تلك تستفحل وتستعصي على العلاج فيما بعد أو تترك آثارًا مفسدة في شخصيته في المستقبل ويرد الأستاذ محمد قطب]في كتابه (منهج التربية الإسلامية) جـ2 ص 139[ على الدعاوي التي سببتها النظريات التربوية الحديثة التي تعتمد على التربية بالمثوبة وحدها دون التربية بالعقوبة فيقول:(ولكن التشجيع وحده قد لا يكفي ولا شغله عن العادات السيئة بأخرى إذ تكون العادة السيئة أشد تأصلًا في نفسه أو يكون هو أشد تعلقًا بها بحيث لا يلهيه شغله عنها ولا تشجيعه على تركها عنندئذ لنا عندنا خيار عن صرفه عنها بالزجر اللين في بادئ الأمر ثم الحاسم في نهاية الأمر ولو أدى ذالك إلى استخدام العقوبة البدنية في نهاية المطاف ذلك أنه من المحتم – لصالحه هو نفسه – أن يكف عن هذه العادات السيئة ولا بد من الوصول إلى إبطالها بأي وسيلة فإذا لم تجد الوسائل اللينة كلها فما العمل إلا استخدام وسيلة خشنة؟ ولا خوف على الطفل من العُقَدِ ولا الكَبْتِ ولا ضمور الشخصية ولا شئ مما تلوكه النظريات المريبة كلها ما دام الزجر أو العقاب لا يتجاوز الحد المعقول والحد المعقول تحدده حكمة المربي وخبرته وتقرره كذلك طبيعة الطفل ذاته).

ثم إن التشجيع الذي تريد تلك النظريات المريبة أن تجعله هو الوسيلة الوحيدة للتربية ليس سلاحًا مأمونا في كل حالة ولأي مدى من الزمن بلا حدود بل إن له مخاطر وينبغي الكف عنه بمجرد أن تظهر هذه المخاطر وأكبر المخاطر فيه أن يتحول عند الطفل إلى شرط للقيام بالعمل المطلوب أو الكف عن العمل غير المرغوب أي أنه يمتنع عن الإتيان بالعمل إذا لم يجد حافزًا عليه أو يمتنع عن الكف عن عمل سيئ حتى يقبض الثمن للكف هنا تصبح المثوبة شرًا خالصًا لا خير فيها لأنها تعوق الإحساس"بالواجب"الواجب الذي ينبغي أن يعمل لأنه واجب في ذاته لا لأنه هناك أجر عليه وهذا تعويق للنمو النفسي وإفساد كذلك للشخصية)
وهكذا فينبغي أن ننتقل بالتشجيع درجة درجة مع مراحل النمو العقلي والنفسي للطفل حتى ينتهي إلى أعلى درجاته وهى العمل أو الكف عن العمل إبتغاء مرضاة الله، ودرجات التشجيع: .. 
في البداية تكون الحلوى أو اللعبة أو النقود أداة التشجيع.
ثم يرتقي التشجيع درجة فيصبح: من أجل أن تحبَّك أمك أو أن يحبَّك أبوك.
ثم يرتقي درجة أخرى فيصبح: من أجل أن تكون ولدًا طيبًا(أو بنتًا طيبة) ويحبَّك أبوك وأمك ويقول الناس إنك طيب.
ثم يرتقي إلى درجته العليا فيصبح: من أجل أن تكون طيبًا ويحبَّك الله ويرضى عنك ... وعلى هذه الصورة ينبغي أن يظل حتى يلقى الله.
أما العقوبة لا نلجأ إليها ابتداءًا إنما نبدأ بالتشجيع ولا نلجأ إليها أبدًا إلا حين يفشل التشجيع أو يبدأ يدخل في الدائرة الضارة حين يصبح شرطًا مشروطًا لا يتم العمل أو الكف عن العمل إلا به والعقوبة درجات:
تبدأ من الكف عن التشجيع ( وهذه في ذاتها عقوبة لمن كان يتلقى التشجيع من قبل).
إلى الإعراض المؤقت وإعلان عدم الرضا.
إلى العبوس والتقطيب والزجر بصوت غاضب.
-إلى المخاصمة الطويلة والمقاطعة (أو التهديد بها).
-إلى الحرمان من الأشياء المحببة إلى الطفل (أو التهديد به).
-إلى التهديد بالإيذاء.
-إلى الضرب الخفيف.
-إلى الضرب الموجع وتلك أقصى الدرجات.
ولا ينبغي تخطي ذلك التدرج والبدء بالنهاية وهي الضرب سواء كان خفيفًا أو موجعًا حتى لا يتعود الجسم على الأذى فلا يعود يتأثر به كثيرًا وعندئذ نكون قد فقدنا كل وسائلنا الفعالة دفعة واحدة لأن من يتبلد حسُّه على الضرب – وهو أقسى العقوبات –لا يزجره ولا يؤثر فيه وَجْهٌ عابس ولا صوتٌ غاضب ولا حرمانٌ ولا تهديدٌ بحرمان وعندئذ ماذا نفعل؟ وهذا خطر الإسراف في العقوبة والضرب بصفة خاصة إن العقوبة تظل شيئًا مرهوبا قبل تنفيذه ثم يكون لها وقعها الكامل في أول مرة تنفذ ولكن إن تكررت في المدى القريب تظل تفقد شيئا من تأثيرها كل مرة حتى يعتادها الحس وتصبح بغير تأثير ومن ثم تصبح بغير فائدة ولذا فينبغي أن يستهدف المربي الإصلاح الحقيقي ويبحث عن الوسائل الفعالة الموصلة إليه ويكف عن الوسيلة إذا ونجد أنها لا تؤدي إلى الإصلاح المنشود أو وجد أنها – بدلاً من أن تصلح – تزيد الفساد.


افتراضي

العقاب بالضرب في الإسلام
وعن حكم الإسلام في العقاب بالضرب يقول الشيخ عطية صقر في كتابه (تربية الأولاد في الإسلام) ص 333 : (والعقاب بالضرب موجود منذ القدم في تأديب الأولاد في البيوت والمدارس وقد رخص به الإسلام في ضرب الزوجة الناشز إذا لم تفلح الموعظة والهجر، وكما تقدم في حديث:{مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع }[1]غير أنه ينبغي ألا يكون الضرب مبرحًا، وأن يستعمله عن من لا يقومّه إلا ذلك وقد دخل ولد لعمر بن الخطاب عليه وقد ترجَّل (مشَّط شعره) ولبس ثيابًا حسنة فضربه بالدرة حتى أبكاه فقالت حفصة:{لِمَ ضربته؟ فقال: أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فأحببتُ أن أُصغرها إليه }وجاء في فتوى نشرت بمجلة الأزهر أن النبي r قال لمرداس المعلم{ إياك أن تضرب فوق الثلاث فإنك إن تضربه فوقها اقتص منك}واستنتجت الفتوى جواز الضرب بما جرت به العادة وألا يكون على المَقَاتِل أو الوجه أو الرأس وألا ينشأ عن ذلك ضرر كتشويه لحم أو كسر عظم فإن حصل منه شئ من ذلك ضمنه المعلم إذ لا يزال الضرر بالضرر هذا وقد قال العلماء: ينبغي أن يكون العقاب جزاء على عمل غير أخلاقي لا لدافع شخصي ينتهز المؤدب فرصة غلط الناشئ فيتشفى فيه بضربه أو عقابه كما يردُّ ابن حجر الهيثمي المتوفي 974 هـ على أحد مؤدبي الأطفال ويقول:
(بأنه لا يجوز للمعلم ضرب الصغير إلا أذا أذن له أبوه ثم يشترط في جوازه للمعلم أن يظُنَّه زاجرًا للتلميذ إذا اقتضت الضرورة وألا يكون مبرحًا فإذا ظن المعلم أن التلميذ لا ينفعه إلا الضرب المبرح وهو الشديد الإذاء فلا يجوز إجماعًا ويعلل ذلك بأن العقوبة إنما جازت بالنسبة للصبي لظن أنها تفيد الإصلاح فإذا كان الضرر سيأتي منها انتفت).
وقال ابن خلدون[2]:
ينبغي للمعلم في متعلميه والوالد في ولده ألا يشتدوا عليهم في التأديب.
وقد قال أبو محمد ابن أبي يزيد[3]:
(لا ينبغي لمؤدب الصبيان أن يزيد في ضربهم إذا احتاجوا إليه على ثلاثة أسواط شيئاً)
ومن كلام عمر t:
{ مَنْ لَمْ يُؤدِّبْهُ الشَّرْعُ لا أَدَّبَهُ اللهُ }
حرصًا على صون النفوس عن مذلَّة التأديب عِلْماً بأن المقدار الذي عيَّنه الشرع لذلك أملك له فإنه أعلم بمصلحته وقد أرسل شريح القاضي مع ولده كتابًا إلى معلمه يشكو فيه لعبه بالكلاب[4]جاء فيه:
تَرَكَ الصَّلاةَ لأَكْلُبٍ يَسْعَى لَهَا طَلَبَ الهراشَ مع الغِوَاةِ الرُّجسِ
فَإِذَا أَتَاك فَعُضَّهُ بِمَلامَـــةٍ وَعِظْنَهُ مَوْعِظَ الرَّفِيقِ الأَكْيَـسِ
وَإِذَا هَمَمْتَ بِضَرْبِهِ فَبِـدُرَّةٍ فَإِذَا بَلَغْتَ بِهَا ثَلاثــاً فَاحْبِسِ
فإذا تقررت هذه المبادئ بوضوح لم نلتفت إلى الصيحات الحديثة التي تريد أن تُحَرِّم العقاب لكي لا تتعقد نفس الطفل ولا يصيبه الكبت فتصيبه من الناحية الأخرى بالميوعة والتحلل فوضع قاعدة مسبقة بتحريم العقوبة الحسية أو تحريم العقوبة مطلقًا مُفْسِدٌ في التربية كوضع قاعدة مسبقة بضرورة استخدامها في كل حالة ولو لم تدع الضرورة إليها والمربي الحكيم يدرس حالة الطفل الذي بين يديه ويقدر من دراسته لظروفة الخاصة إن كان ممن تصلح له المثوبة أو العقوبة أو المداولة بين هذه وتلك. وبذلك نضع الأمر في نصابه ونعطي على هدى المنهج الرباني ـ كل ذي حق حقه آخذين في اعتبارنا الفوارق الفردية بين طفل وطفل والتي تقرر مقدار الجرعة اللازمة من المثوبة ومن العقوبة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق