Disqus for ومضات إيمانية

الاثنين، 23 فبراير 2015

ماذا كان يأكل رسول الله صل الله عليه وسلم؟



كان صلى الله عليه وسلم يأكل ما وجد، وكان أكثر ما يوجد في بيته التمر والماء، فأحياناً يأكل التمر والماء وأحياناً يأكل خبزاً جافاً وأحياناً يأكل الخبز ومعه إدام - يعني غُموس - وأحياناً كان يُتحفه جيرانه من الأنصار ببعض اللبن، وأحياناً كان يتحفه غيرهم ببعض الطعام

بل إن رجلاً من الأنصار وحده وهو سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه كان يرسل للنبي صلى الله عليه وسلم في كل يومٍ وعاءاً من طعام، وكان يحمل هذا الوعاء أربعة رجال فيه ثريد ولحم، وكان يرسله سعد بن معاذ لأضياف رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير بقية الأنصار وغير من حوله من الجيران، وغير ما فتح الله عليه مما كان يأتيه من البلدان، لكنه صلى الله عليه وسلم علَّمهم أمراً يا ليتنا نقيم عليه الآن، يقول سيدنا أنس رضي الله عنه: {لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ غَدَاءٌ وَلا عَشَاءٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ إِلا عَلَى ضَفَفٍ} {1}
وضفف أي ضيفان

ومع الضيفان يُعطي نفسه حقها من اللحم، ويكرمها في وسط هؤلاء الضيفان، فإذا لم يكن ضيفان فالجهاد الذي به تتربَّى الأفراد حتى ينالوا الفتح من رب العباد، وجهاد النفس أوله الطعام والشراب: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} الأعراف31
وهذا أول جهاد، وهذه تحتاج إلى جهاد ليس له نهاية، حتى تتحقق بالعمل بهذه الآية للمرء العناية من الله.

فكان صلى الله عليه وسلم يأكل طعاماً إذا وجد، فإن لم يجد طعاماً يقول: نويت الصيام، وأنتم تعلمون أن نية صيام النفل تصِّح في النهار، ولكن صيام رمضان لا بد من النية قبل آذان الفجر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ} {2}

أما صيام النوافل فيجوز في أى وقت من النهار أني أنوى الصيام، ويجوز لمن صام نافلة أيضاً أن يفطر في أى وقت من النهار، لقوله صلى الله عليه وسلم: {الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ} {3}

ولم يكن صلى الله عليه وسلم يُقيد نفسه بنوع واحد فقط من الطعام، كما لم يقيد نفسه كما قلنا قبل ذلك بنوع واحد من الثياب، يترك لنفسه السعة، أكل كل الأصناف التي تخطر على بالك وعلى غير بالك، ما دامت من حلال وأحلها الله في كتابه.

فكان صلى الله عليه وسلم يأكل ما حضر ولا يرد ما وجد، وكان صلى الله عليه وسلم لا يتورع عن مطعم حلال، إن وجد تمرا دون خبز أكله، وإن وجد لحماً مشويَّاً أكله، وإن وجد خبز برٍّ أكله، أو شعِير أكله، وإن وجد حلوى أو عسلاً أكله، وإن وجد لبناً دون خبز أكله واكتفى به، وإن وجد بطِّيخا أو رطباً أكله.

أكل صلى الله عليه وسلم كل أنواع اللحوم، فأكل لحم حِِمار الوحش، وأكل لحم الضأن، وأكل لحم الجمال سفراً وحضراً، وأكل لحم الأرنب، وأكل من دواب البحر، وأكل القديد {وهو اللحم الجاف} ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل اللحم لم يخفض رأسه إليه بل يرفعه إلى فيه ثم ينهشه انتهاشاً{4}

وأكل صلى الله عليه وسلم اللحم المشوى، وأكل اللحم المسلوق، وأكل اللحم المطبوخ، وكل هذه الأنواع وما استجد منها وما تطور منها، ليس فيه شيءٌ مادام اللحم من حلال، ومادامت هذه الطريقة التي يُصنَّع بها من حلال.

وكان يحب تطييب الطعام بما تيسر وسهل، وأن ذلك لا ينافي الزهد، ولذلك رجل من أصحاب رسول الله هو أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه دعا جماعة على طعام: {فَقُدِّمَ طَعَامُهُ، وَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مَوْلًى فَلَمْ يَدْنُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: ادْنُ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مِنْهُ} {5}

وبعض الشيعة في العراق لا يأكلون الأرانب، مع أنه ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل لحم الأرانب، وأكل الأغنام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل لحم الدجاج والطير الذي يصاد، وكان لا يشتريه ولا يصيده، ويحب أن يصاد له فيؤتى به فيأكله.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من الأصناف التي نراها حولنا وأحلها الشرع الشريف لنا، لأنه صلى الله عليه وسلم هو الشارع والمشرِّع لنا بهديه وحاله وفعاله لأمته صلوات ربي وتسليماته عليه.

وكان إذا عافَّ طعاماً يقول: أجدني أعافُّه، لا يحرمه ولكنه لا يجد قابلية لهذا الطعام، أحلَّ لنا الجراد وقال لنا: {أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ، الْحُوتُ وَالْجَرَادُ} {6}

لكنه كان عندما يُقدَّم له الجراد يقول: {لا آكُلُهُ، وَلا أُحَرِّمُهُ} {7}
لكنه لا يتغير ولا يصدر منه كلمة نابية ولا كلمة هاذية، وكل ما يقوله: أجدني أعافه

وكان قومه يأكلون بعض الزواحف ومنها ما يُسمى بالضبِّ وكان يعيش في الجبال والصحراء كالسحالى، لكنه كان يقول: {لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ} {8}

وكان صلى الله عليه وسلم: {يَكْرَهُ مِنَ الشَّاةِ سَبْعًا: الدَّمَ، وَالْمَرَارَ، وَالذَّكَرَ، وَالأُنْثَيَيْنِ، وَالْحَيَا، وَالْغُدَّةَ، وَالْمَثَانَةَ} {9}

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الجراد ولا الكليتين، وكان يعاف الضب والطحال ولا يحرمهما، وكان لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث من أجل أن الملائكة تأتيه وأنه يكلم جبريل، وما ذم صلى الله عليه وسلم طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه، قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: {لَمْ يَمْتَلِىءْ جَوْفُ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم شِبَعاً قَطُّ} ، {وإنه كان في أهله لا يسألهم طعاما ولا يتشهاه، فإن أطعموه أكل، وما أطعموه قبل وما سقوه شرب} ، {وكان صلى الله عليه وسلم ربما قام فأخذ ما يأكل بنفسه أو يشرب} {10}

وعنها رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجِيءُ وَيَقُولُ: {هَلْ عِنْدَكُمْ غَدَاءٌ؟ فَنَقُولُ: لا، فَيَقُولُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَأَتَانَا يَوْمًا وَقَدْ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ - تمرمع سمن مع بقايا اللبن أو الدقيق فيدلك الجميع حتى يختلط - فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَكَلَ} {11}

وكان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ ؟ فَإِنْ قَالُوا: هَدِيَّةٌ مَدَّ يَدَهُ، وَإِنْ قَالُوا: صَدَقَةٌ، قَالَ لأَصْحَابِهِ: خُذُوا} {12}

وكان صلى الله عليه وسلم يحب الذراع {من اليد إلى المرفق} ، والسيدة عائشة رضي الله عنها عللت ذلك فقالت: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل اللحم كثيراً، وكان أول ما ينضج من اللحم الذراع.

وكان صلى الله عليه وسلم حذراً في كل أموره، فعندما أهدته اليهودية بشاة وكانت تعرف أنه يحبُّ الذراع، وقدمت اليهودية له الذراع مسمومة، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: {ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ، فَإِنَّ هَذِهِ الذِّرَاعَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ} {13}

ولذا لم يأكل منها، والرواية التي تروي أنه أكل منها في صحتها أقوال للعلماء قالوا لأنها أخبرته أنها مسمومة فلم يأكل منها، وكان بعد ذلك صلوات ربي وتسليماته عليه أيضاً يعلمنا الحذر - عند مقتضاه - فإذا قدَّم له أحدٌ طعاماً هدية، فلا يأكل منه حتى يأكل منه أولاً صاحب الطعام: {خُذُواْ حِذْرَكُمْ} النساء71

أكل النبي صلى الله عليه وسلم خبز الشعِير: وأرجعنا العلم وأرجعتنا الأمراض إلى خبز الشعِير الذي كان عليه البشير النذير صلى الله عليه وسلم، فلم يأكل خبز بُرٍّ أو قمح إلا قليلاً، وإنما كان خبزه هو الشعيِر صلوات ربي وتسليماته عليه.

{1} مسند أحمد وصحيح ابن حبان {2} سنن الترمذي وأبي داود عن حفصة بنت عمر رضي الله عنها {3} مسند أحمد والحاكم في المستدرك عن أم هانيء رضي الله عنها {4} نهاية الأرب في فنون الأدب: طعام اليد الثريد، وطعام اليدين الشواء لأنه ينهش نهشاً.أه (أى يمسك باليدين ويقضم بالفم لأنهم كانوا ينضجون اللحم بالشواء شاة كاملة أو قطعا كبيرة، و المرق كذلك، فيمسكوا القطعة باليدين معا أو بواحدة أحيانا ثم يقضمون منه بأفواهم فهذا هو النهش، فقطع اللحم الصغيرة كانت عند (تقديد) تجفيف اللحم {5} سنن النسائي والدارمي عن عبد الله بن قيس {6} سنن ابن ماجة ومسند أحمد عن ابن عمرو {7} سنن أبي داود وابن ماجة عن سلمان {8} الصحيحين البخاري ومسلم عن خالد بن الوليد {9} سنن البيهقي ومصنف عبد الرزاق {10} طبقات الشافعية الكبرى ونور اليقين. وغيرها وهى جملة أحاديث واردة عن عائشة رضى الله عنهما {11} صحيح مسلم وسنن النسائي وابن ماجة {12} مسند أحمد والبيهقي عن معاوية القشيري {13} الطبقات الكبرى لابن سعد عن جابر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق