Disqus for ومضات إيمانية

الاثنين، 2 فبراير 2015

أعظم حضارة تحتاجها الإنسانية



كلنا والحمد لله نستخدم أدوات ومخترعات العلم الحديث من تليفزيون ومن فيديو ومن ثلاجة ومن كمبيوتر ومن غيرها لكننا لن ننجو ولن ينصلح حالنا إلا إذا قيدنا استخدامها بالضوابط الإسلامية والتشريعات المحمدية وهي وحدها التي فيها سعادة الآدمية

فلو ملك الإنسان فينا مال الوجود وصار له برج عال مشيد فيه كل ما لذ وطاب ، أعلاه طائرة مستقلة له وأسفله طابور من السيارات الفارهة المخصصة له ، هل يستغنى عمن حوله من الناس؟ كلا وألف كلا ، فإذا كان يحتاج إلى الناس فيحتاج معهم إلى الأمان وإلى الصدق وإلى المروءة وإلى عدم النفاق وإلى عدم الكذب وإلى عدم الغش وإلى عدم الخيانة وهي البضاعة التي جاءت لنا مع العصر الحديث

فقد صدروا إلينا التكنولوجيا العصرية لكنها مشروطة بشروط لا تبقى من فيه بقية من آدمية لأنها تجعل الإنسان أقل منزلة من الحيوانات وإن الحيوان وسبحان الله وعظمت قدرة الله لا يأتي أنثاه إلا مرة واحدة لكي يتم حملها فإذا حملت قام هو بحفظها وحفظه الله من الشهوة حتى يتم وضعها بل إن بعض الحيوانات لا تأتي أنثاها إلا إذا غطيناها ، الكثيرون يعرفون ذلك ، مثلاً:

الجمل إذا أردنا أن يأتي ناقته لا يتم له هذا الأمر إلا إذا كان في مكان بعيد لا يراه الحاضرون أو وضعنا غطاءاً عليهما حتى لا يراهما الناظرون والحضارة الحديثة تجعل هذه الأمور يستنكفها أي إنسان عنده ولو ذرة من دين فهي تبيح للإنسان أن يأتي الفاحشة في أي مكان ولأي إنسانة فلا ترعى القرابة ، ولا ترعى أن هذه الأم أو هذه الأخت أو هذه البنت لأنها حضارة لا تقيم للفضائل والقيم أمراً قليلاً ولا كثيراً 
 

فهل يرضى بذلك بنو الإنسان حتى ولو كانوا على غير الأديان؟ إن ديك الدجاج لا يرضى لغريب أن ينزل على دجاجته التي تصاحبه وعنده غيرةٌ ولا تنزع الغيرة إلا من الخنزير أو من أكل لحم الخنزير وأسوق لكم قصة فى ذلك

سألوا في هذا الأمر الإمام محمد عبده عندما كان في فرنسا ، لم تحرمون أنتم المسلمون الخنزير؟ فأجاب مستشهداً بالأسباب العلمية والطبية ، قالوا: ولكننا الآن نربيه بطريقة عصرية تعالَ انظر إلى مزارعنا يشرف عليها الأطباء البيطريون وكلهم محصنين ولا يدخل عليهم غذاء ولا دواء إلا بعد إجراء الاختبارات بطرق عديدة ، فقال: أئتوني بخنزيرة أنثى ومعها ثلاثة خنازير في حالة شهوة

فجئ بهم فنزا عليها أحدهم ، وأخذ الثاني والثالث يعاوناه على هذا الأمر ولم يحدث عندهم غيرة ولم يصبهما ما يصيب غيرهم من الحيوانات من حب الذات والأثرة ، وقال رحمة الله عليه: بهذا حرم الله لحم الخنزير لأن من أكل شيئاً أثر في جسمه وهيئته وطباعه وخلقه

وإذا كان الإسلام حرم على المسلم أن يأكل الدجاجة التي تأكل الروث إلا بعد حبسها لمدة ثلاثة أيام يطعمها فيها صاحب المنزل أو صاحبته بأيديهم حتى يطهر جوفها وتتنقى معدتها من هذه القاذورات حرصاً على صحة الإنسان ، فلو أكل شاة مريضة يزيد المرض وكذلك لو أكل الخنزير يفقد الغيرة على حريمه وأنثاه لأنه انطوى فيه هذا الطبع الذي جعله الله فيما حرمه على جماعة المسلمين

الحضارة الحديثة لا تبالي بالقيم والفضائل تخترع الدواء الذي فيه الشفاء ولكنها تدعو إلى تعجيل إزهاق روح الإنسان الذي طال مرضه ليتخلص من آلامه كما يزعمون ويتخلص منه من حوله كما يريدون وليس عندهم أدنى شئ يحاسبهم على قتل هذه النفس التي يقول الحَبيب صلى الله عليه وسلم في حقها: {لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ}{1}

تفتح أبواب الاتصالات وتجعلها للتصنت على الآخرين والإسلام يأمر المؤمنين فيقول صلى الله عليه وسلم: {لاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا}{2} 

ينهى عن التحسس وينهى عن التجسس ليعيش الناس في آمان واطمئنان لدين جاء به خير ولد عدنان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، حتى أنه صلى الله عليه وسلم قال: {مَنِ اطَّلَعَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَكَأَنَّمَا اطَّلَعَ فِي النَّارِ}{3}

وقال: {مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَؤُوا عَيْنَهُ}{4}
وليس عليكم في أمره شئ إن حاسبتموه حسابا عسيراً ، لأنه يطلع عليهم بغير إذنهم

فيحفظ العورات ويحفظ الأعمار ويحفظ العقول ويحفظ الأخلاق ويحفظ القيم فيجعل الرجل يسافر سنيناً وهو مطمئن على أولاده وأهله لأن جيرانه مسلمين ويمشون على شرع الله وعلى تعاليم هذا الدين فلا ينظر أحدهم إلى زوجة جاره ، ولا يفكر في الاعتداء على ابنة جاره إسمعوا إليه صلى الله عليه وسلم إذ يقول : {سَبْعَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكيهِمْ وَلاَ يَجْمَعُهُمْ مَعَ الْعَالَمِينَ ، يُدْخِلُهُمْ النَّارَ أَوَّلَ الدَّاخِلِينَ إِلاَّ أَنْ يَتُوبُوا ، إِلاَّ أَنْ يَتُوبُوا ، إِلاَّ أَنْ يَتُوبُوا ، فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ - ومنهم -الضَّارِبُ أَبَوَيْهِ حَتَّى يَسْتَغِيثَا وَالْمُؤْذِي جِيرَانَهُ حَتَّى يَلْعَنُوهُ وَالنَّاكِحُ حَلِيلَةَ جَارِهِ}{5}

ولا ينظر أحدهم إلى شئ من الرزق أعطاه الله إلى جاره ولو كان لا يجد لقمة عيش لأن هذا دين أحيا الله به الفضائل وأمات الله به الرذائل ولا غنى لنا في حياتنا إن شئنا السعادة إلا بأوامر الله وبقيم دين الله وبأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم

هذه الأخلاق وتلك القيم هى التي هدمها وقضى عليها الغرب بسعاره المادي وتكالبه على متاع هذه الحياة فأصبح ديدن المرء عندهم الحصول على المتعة بأي طريقة وبأي كيفية من حلال أم من حرام لا يهم ، يريد الحصول على المال ليقضي به شهواته ، ما الطريقة؟ لا يسأل نفسه عن الطريقة الشرعية والطريقة غير الشرعية لأن حبه للشئ أعماه وأصمه عن شرع الله وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلقينا هذا العناء الآن في مجتمعنا وأصبحنا كلنا لا نثق في بعضنا لأن الغش انتشر بيننا سواء في التجارة أو في المباني أو في الطب أو في العلم أو في أي أمر من الأمور وكأن المسلم الذي يريد أن يصنع شيئاً في دنياه لابد أن يتعلم هذه الحرفة حتى يصير ضليعاً فيها ، ويحرص الصانع عند قيامه بعملها حتى يتأكد إنه لم يغشها ، ألم يرحنا من ذلك كله دين الله بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الله وعن أهل الإيمان بالله {مَنْ غَشَّ أُمَّتِي فَلَيْسَ مِنَّا}{6}

يا حراس الفضيلة يا جماعة المؤمنين أنتم صناع أعظم حضارة تحتاج إليها الإنسانية فهي تحتاج منكم إلى الصدق في القول وإلى الصدق في المعاملة وإلى الإخلاص في الأداء وإلى التعامل ابتغاء وجه الله إلى أن يكون عمل البر طلباً لمرضاة الله وليس مشروطاً بشروط تضر صاحبه كما يصنع أعداء صناع هذه الحياة يأتي الإسلام لنا بما يجعل حياتنا أمناً وأمان يصور هذه الحقيقة بأجلى بيان نبينا فيقول فيها صلى الله عليه وسلم للعالم كله: {مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى? مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى? لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى?}{7}


{1} رواه ابن ماجه عن البراء بن عازب {2} رواه مسلم عن أبي هريرة {3} رواه أبو داود عن ابن عباس {4} رواه مسلم والنسائي وأحمد عن أبي هريرة {5} الْحسن بن عرفة في جزئه ، جامع المسانيد والمراسيل عن أَنسٍ {6} رواه مسلم عن أبي هريرة {7} متفق عليه من حديث النعمان بن بشير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق