Disqus for ومضات إيمانية

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

بعض إخواننا الصادقين في حبهم لله، المتأسين في أحوالهم بسيدنا ومولانا رسول الله يجدون في النفس غضاضة عندما يسمعون كلمة "تصوَّف" أو "صوفي" ويقولون ما للتصوف وللإسلام ؟ ويظـنون أن التصـوف شئ غـير الإسـلام.
إن دين الله فصله الله جلَّ في علاه، وأمر سبحانه أمين الوحي جبريل أن ينزل على الحبيب وهو وسط أصحابه، وكان جبريل يسأل والحبيب يجيب، وبعد أن انتهى جبريل عليه السلام وانصرف، قال أتعلمون من هذا ؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمور دينكم.، ومع أننا نحفظ رواية الحديث، لكني سآتي بها هنا من أجل الوقفات التي نريدها في حديث رسول الله.، استمعوا إلى سيدنا عمر بن الخطاب، ماذا يقول :{ بينما نحن عند رسول الله ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب.شديد سواد الشعر.لا يرى عليه أثر السفر.ولا يعرفه منا أحد.حتى جلس إلى النبي .فاسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه} – وهنا يعلمنا أن طالب العلم عليه أن يظل ماشيا إلى أن يزاحم العالم بركبتيه،وذلك لأن الحبيب رأى ثلاثة داخلين على مجلسه، فأخذ أحدهم يتخطى الرقاب حتى وصل إلى مكان خالٍ بجوار رسول الله فجلس، وأما الثاني فنظر في المجلس فوجده غاصاً بالجالسين فاستحى وجلس في مؤخرة المجلس، وأما الثالث فقد نظر إلى الحاضرين وتفرس وجوههم ثم مشى، فقال :{ ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه } إذن علينا أن نعمل في مجالس العلم كما كان أصحابه فقد كانوا يقولون كنا نزاحم العلماء في مجالس العلم بالركب!، من أين تعلموا ذلك ؟ من جبريل، فأخذ يزاحم حتى زاحم الحبيب بركبتيه، ثم وضع يده على فخذيه، وبعض الأخوة الغير منتبهين ظنوا -وهذا لسوء الفهم- أن جبريل وضع يده على ركبتي النبي، لا! ولكن جبريل جلس كما نجلس في التشهد وكانت ركبتيه في ركبة النبي، وزيادة في الأدب وضع يده على ركبتي نفسه وهى جلسة الأدب، ولذا فينبغي أن يجلس الجالس مع العلماء بالأدب الذي كان عليه الأمين جبريل مع السيد النبيل .. وقال :{{ يا محمد ! أخبرني عن الإسلام.فقال رسول الله : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .وتقيم الصلاة.وتؤتي الزكاة.وتصوم رمضان.وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا " قال: صدقت.قال فعجبنا له.يسأله ويصدقه }}.وهذا هو مقام الإسلام ... وهو أول مقام في الدين.وهل الدين إسلام فقط؟ أم هناك ما هو أعلى من الإسلام ؟نعم! هناك مقام الإيمان،وهو أعلى من الإسلام، ولذلك عندما قالت الأعْرَابُ آمَنَّا، قال حضرة الله: قـل لهـم لا ...( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )وذلك لأن الإيمان أعلى ولم يصلوا إليه بعد،{ قال فأخبرني عن الإيمان؟ }، فالإسلام أعمال الظواهر لهذه الجوارح، والإيمان أعمال القلب، ولذلك فإن أعمال القلب أعلى { قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره " قال: صدقت.}.هل الدين إسلامٌ، ثم إيمانٌ وفقط!! أم هناك مقام أعلى ؟نعم! هناك ما هو أعلى؟ ما هو ؟ ..... { قال: فأخبرني عن الإحسان؟} ، إذاً المقام الأعلى في الدين هو مقام الإحسان ، وفى رواية { قال ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه.فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.} .وهذا مقام الإحسان وهو المقام الأعلى، ... فالمنتسبون للصالحين... والذين يمشون مع الصالحين... ويلازمون مجالس الصالحين 0 لماذا يفعلون ذلك ؟ .. لأنهم يريدون أن يصلوا إلى المقام الأعلى في الدين وهو مقام الإحسان.إذن فنحن عندما نقول الصالحين أو نقول الصوفية، فنحن نقول على التمام ..طلاب مقام الإحسان..
أو الراغبون في مقام الإحسان، أو العاشقون لمقام الإحسان، أو الذين يريدون أن يكونوا عند الله في درجة الإحسان ... إذن هل درجة الإحسان هذه من الدين أم لا ؟ .... بل في الدين.وهل هذا المقام فرضٌ أم نفل ؟ إنه فرض! لأن الحديث قال في النهاية :{ هذا جبريل آتاكم يعلمكم أمور دينكم }إذن فكل هذه الأمور من الدين، والإحسان فرضٌ من فروض الدين طالبنا به الرحمن ، وهو مقام يجمع الإسلام والإيمان، فالإسلام هو عمل الجسم والمظاهر والظواهر، والإيمان عمل القلب كما قلنا، أما الإحسان فهو عمل الظاهر والباطن.ولو أن رجلا منا تعلم الكيفية الصحيحة للركوع والسجود والوقوف والجلوس للتشهد في الصلاة، وجوَّد القرآن على يد عالم قارئ، وأتقن التلاوة، لكنه أدى هذه الحركات ونطق بهذه الكلمات وقلبه في بيته! أو في عمله! أو في السوق!هل تكون هذه الصلاة لها القبول عند حضرة الله؟ لا! مع أنه أتقن الوقوف والركوع والسجود و وجوَّد التلاوة! لكن القلب غافلٌ عن الله! أو مشغول عن الله! ولذلك عندما يثنى ربنا على المؤمنين في أول سورة المؤمنون فماذا يقول؟( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} ( الذين نجحوا وهـم ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2}( وهل الخشوع عمل من أعمال الجسم ؟ أم من أعمال القلب ؟ من أعمال القلب! إذاً العبرة بعمل القلب : { أن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم } ، وإذا كان القلب خاشع، فهل يصح الخشوع والبدن غير خاضع لله! ؟ لا !إذاً! فتمام العمل خضوع البدن والجوارح لله، وتمثلها بحركات الصلاة كما كان يؤديها حبيب الله ومصطفاه، مع خشوع القلب وحضوره بين يدي الله ، وهذا ما نسمِّيه الإحسان!، أي أحسن الركوع والسجود والتلاوة، وكذلك أحسن معهم الطهارة والخشوع والحضور لله وهذا ما يطلبه أهل مقام الإحسان، أو إن شئت قلت الصالحون أو الصوفية، وهم من قال لهم حضرة النبي :{ إن الله كتب الإحسان على كل شيء } فأي شئ يعمله الإنسان يجب أن يحسنه، كيف ؟ .. إخواننا الغير منتبهين ظنوا أن الإحسان في الأشياء الظاهرة وحسب! كما قلت: الإحسان في الحركات الظاهرة!، إذاً لا بد معها من حركات القلوب لكي تنال المطلوب ) إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ( (27 المائدة).والتقوى عمل من أعمال القلوب،وأي عمل أعمله .. فإن درجات العمل وقبول العمل ومنزلتي في العمل عند الله تتوقف على نيتي في العمل.{ إنما الأعمال } .. هل هي حركات؟ لا! ولكن { بالنيَّات }، أين هذه النيات؟ في القلوب، { وإنما لكل امرئ } .. هل ما عمل؟ لا! ولكن { ما نوى } فكلنا نصلى مع بعض .. لكن في نهاية الصلاة، هل نكون كلنا في الأجر سواء ؟ كلا، إذاً الاختلاف في الأجر الأساس فيه ... القلب والنيَّة.وقد رأى حضرة النبي إثنان من الناس يصليان فقال ما معناه أن المرء ليصلى بصلاة أخيه وركوعهما واحد وسجودهما واحد وبينهما كما بين السماء والأرض، ودعا للتصدق فجاء رجل بدرهمين وآخر أتى بألف درهم وثالث أتى بدرهم واحد فقال e مبينا تأثير النوايا في قبول الأعمال ودرجاتها عند الله :{ سبق درهم مائة ألف درهم فقال رجل وكيف ذاك يا رسول الله فال: رجل له مال كثير أخذ من عرضه مائة ألف درهم تصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به} كيف ذلك؟ ... في الظاهر يبدو أن الأكثر في الأجر هو صاحب الألف درهم!... لكن صاحب الدرهم فاز بالنية.فالعمل لكي يقبله الله لا بد فيه من الإخلاص، والإخلاص في القلب، وكذلك لا بد أن يكون في العمل صدق، والصدق في القلب، ولا بد أن يكون في العمل خشية، والخشية في القلب.من هم العلماء الذين اجتباهم ربنا وأثنى عليهم؟(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ( والكل يبلغ!، فهناك من يبلغ على المنبر، وهناك من يبلغ في التلفزيون والإذاعة، لكن من اللذين أثنى عليهم الله ؟ زودهم بـ ) وَيَخْشَوْنَهُ ( قال تعالى: ) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ )39 الأحزاب)إذن الموضوع ليس بالعلم، ولنفرض أن هناك من أعطاه الله الخشية وهو أمىٌ لا يقرأ ولا يكتب؛ فهو عند الله عالمٌ كبير، وآخر حفظ كل العلوم ولسانه في الفصاحة ينطق بكل اللغات والفهوم!!!!، ومع ذلك ليس عنده خشية لله ، مثل هذا قال فيه الله في سورة الصف  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ{2} كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ{3} إذن التمييز بالخشية ... والخشية في القلب، ومن أجل أن يصل الإنسان إلى مقام الإحسان ؟ لا بد وأن يحسن العمل، ولكي يحسن العمل ويحوز به القبول، لا بد وأن ينظف القلب ويطهره لله، ويجعله أولاً طاهراً من ناحية خلق الله، ليس فيه غلٌّ ولا غشٌّ ولا حقد ولا حسد لأحد من الخلق أجمعين.كيف ذلك .. أولا من الكتاب فقد وصف الله المؤمنين فقال ( 47 الحجر) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)وثانيا ، في السنة المطهرة الكثير ، ونختر منها ... هذه القصة المعروفة .. ففي جلسة مع حضرة النبي قال لأصحابه:{ يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة وبعد أن جلس الرجل قليلاً خرج، فقال صلى الله عليه وسلم قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة، و كان هذا الرجل هو سيدنا عبد الله ابن سلام } وفى رواية أن هذا الأمر تكرر ثلاثة أيام متتالية على نفس المنوال، وفى كل مرة يطلع نفس الرجل وعلى نفس الحالة ..... والآن أعيروني سمعكم وفهمكم !!هذا الرجل سيدنا عبد الله بن سلام ، كان يهودياً واسلم ...، ولكن كان هناك في وسط الحضور من الصحابة يوجد من؟ يوجد سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص، وكانت له قصة مشهورة في العبادة ... لأنه كان يقوم الليل كله يقرا القرآن في صلاته ويصوم الدهر كله، والحديث يروى عنه رضي الله عنهما ويقول:
{ كنت رجلا مجتهدا، فزوجني أبي، ثم زارني، فقال للمرأة: كيف تجدين بعلك؟ فقالت : نعم الرجل من رجل لا ينام ولا يفطر ( تعنى أنه منشغل بالعبادة فلا يأتيها)، قال: فوقع بى أبي (أي نهرني وعنفني)، ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها! (أي ظلمتها)، فلم أبال ما قال لي مما أجد من القوة والاجتهاد إلى أن بلغ ذلك رسول الله ( فاستدعاني وسألني عن عبادتي وفعلي، فأخبرته)، فقال : لكني أنام وأصلى، وأصوم وأفطر، فنم وصل وأفطر ، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، فقلت: يا رسول الله أنا أقوى من ذلك، قال: فصم صوم داود، صم يوما وأفطر يوما، قال أنى أقوى من ذلك، قال لا أفضل من هذا، واقرأ القرآن في كل شهر قلت: يا رسول الله أنا أقوى من ذلك، قال: اقرأه في خمس عشرة، قلت: يا رسول الله أنا أقوى من ذلك، قال حتى بلغ سبعاً أو ثلاثاً } فهذا الصحابي الذي شكاه أبوه لرسول الله من شدة عبادته !! هذا الرجل عندما سمع حضرة النبي يقول عن سيدنا عبد الله ابن سلام أنه رجل من أهل الجنة قام ومشى خلفه حتى بيته، وعندما دخل البيت طرق عليه الباب، فلما فتح الرجل الباب، قال إني تلاحيت مع أبى (هناك خلاف بيني وبين أبى) وتركت المنزل، وأريد ضيافتك إلى أن ينتهي الأمر، وكانت مدة الضيافة عندهم ثلاثة أيام.وكان عبد الله ابن عمرو يريد أن يرى ماذا يفعل هذا الرجل لتستوجب له الجنة، فكانا يصليان مع رسول الله العشاء، ويعودان، فيجد أن الرجل ينام، فقال عبد الله في نفسه قد يكون متعباً هذا اليوم، وقبيل الفجر قال الرجل هيا نصلى مع رسول الله، وفى الصباح أتى له بوجبة الإفطار، فقال عبد الله بن عمرو في نفسه لعله متعباً هذا اليوم ولن يستطيع الصيام، وفى اليوم الثاني والثالث تكرر نفس الأمر فكان الرجل لا يزيد عن الفرائض !!! .. فقال ابن عمرو :{ يا أخي سمعت رسول الله يقول في شأنك عند دخول المسجد – يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة ويقول في شأنك وأنت خارج كذلك قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة ، وما رأيتك تزيد شيئاً عن الفرائض!، قال يا أخي والله ما أزيد شيئاً عما رأيت، وعندما وجد حيرته نظر إلى الأرض وقال غير أنى أبيت وليس في قلبي شئ لأحد من المسلمين قال فبذلك } ) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ( ( 89 الشعراء) وفى رواية أنس بن مالك في الترغيب والترهيب : { فطلعت أنت الثلاث مرات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله : هذه التي بلغت بك } وفى رواية أخرى { وهى التي لا نطيق أو لا يطيق الناس }إذن لا بد على الإنسان أن يطهر قلبه من ناحية الخلق، ويطهر قلبه للحق.كيف ؟ بألا يكون في قلبه شئ أعظم ولا أكبر ولا أعلى من حب الله ورسوله!!. لا المال! ولا الزوجة! ولا الوظيفة! ولا العيال! ... ويجب أن يكون كل ذلك في الدرجة الأقل، والدرجة الأعلى التي يكون فيها حب الله ورسوله وإذا نفذ الإنسان ذلك...ولا يتم له ذلك إلا بمصاحبة أهل ذلك، ولهذا يقول الله لنا في هذا المقام أو في ذلك الشأن في (119 التوبة) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ )أي ابحثوا عن الصادقين ولازموهم!! من هم الصادقون ؟ فلنسأل الحبيب الأعظم والمصطفى الأكرم قال:{ خياركم من ذكركم بالله رؤيته، و زاد في عملكم منطقه، و رغبكم في الآخرة عمله } أي الذي تذكر الله عندما تراه، زدنا يا رسول الله .. قال في حديث آخر:{ خير الأصحاب صاحب إذا ذكرت الله أعانك، و إذا نسيت ذكرك } وهذا سر التآخي والتآلف بين الصالحين وبين المريدين وهو بلوغ مقام الإحسان، وهذا الأمر الأول الذي أريد أن أبينه لكم
والأمر الثاني هو في بشريات مقام الإحسان ، فكيف ذلك؟ .. إذا بلغ الإنسان مقام الإحسان!، فإنه يجد علامات وبشريات حكاها الله في كتاب الله  لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ (64 يونس)مـن هذه البشريات في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)ما لهم يا رب؟ قال تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ( هل تنزل عليهم الملائكة أم تتنزل ؟ تتنزل باستمرار وعندما تتنزل الملائكة لا يرونهم وحسب وإنما هناك حوار بينهم ..(أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)ونحن تحت إمرتكم: نحن أوليائكم في أي مكان أولاً هنا أم هناك ؟ هنا في الدنيا أولاً ثم في الآخرة وكان على ذلك أصحاب رسول الله ... والأمثلة في هذا الباب يطول سردها .. فعلى سبيل المثال:سيدنا عمران بن الحصين مرض بالبواسير، وقالوا له لا بد من الكي بالنار وأصر أخوه على ذلك، قال يأخى أنى كنت حاضرا بين يدي رسول الله فقال لنا :{ يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب،قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون } وأنا أريد أن أكون من هؤلاء ولا أكتوى بالنار، فقال أخوه أن الأطباء يقولون لا سبيل إلا ذلك، والحديث الآخر يقول :{ الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار } فلما اكتوى زاد ما به من مرض، فقال أخوه لقد حيرتني!، قال أتدري ما الذي زاد من مرضى ؟ قال لا قال كانت الملائكة تأتى لزيارتي وتسلم على فلما اكتويت امتنعت الملائكة عن زيارتي فذالك الذي زادني مرضا. وكذلك تعلمون أن الصحابة في بدر قد رأوا الملائكة وكانت الملائكة تشجعهم على القتال، قال تعالى في آية 14 سورة التوبة قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ )كم واحد من أصحاب رسول الله كان معه شهادة الليسانس أو البكالوريوس أو الدكتوراه أو حتى الثانوية أو الإعدادية أو الابتدائية ؟ لا أحـد.. إذاً كيف ملأوا الأرض علماً؟ ومـن أيـن أتـوا بكل هـذه العلوم ؟ ( آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً (الكهف)هناك فصل للمتفوقين ... المخصوصين ... المجتبين عند رب العالمين، ومن الذي يعلمهم؟ .. هو حضرة العليم بذاته، ورسوم من يدخل هذا الفصلوَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ(282 البقرة)من الذي يعلم هنا ؟ الله! فعندما أجد رجل آتاه الله علماً لم أقرأه في كتاب ولم أسمعه من عالم يطابق شرع الله ولا يخرج عن سنة حبيب الله ومصطفاه وأجد أن هذا الرجل قد أكرمه الله بشئ من الفراسة النورانية وأصبح داخلاً في قول خير البرية:{ إِتْقُوُا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فِإنَّهُ يَنْظُرُ بِنُوُرِ الله } وفى رواية زيادة :{ وَيَنْطِقُ بِحِكْمَةِ الله }فأعلم أن هذا الرجل أصبح له قدرا عند الله في مقام الإحسان فماذا أفعل؟ أصحبه لكي أتعلم كيف أصل إلى ما وصل إليه، وصحبة الصالحين من أجل هذا الأمر لأن الله عندما تكلم عن العمل وأنه لا يضيعه قال عز شأنه إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (الكهف)وإحسان العمل – مع القيام به على الوجه الشرعي الظاهر - لا يكون إلا: بإحسان النية. وبوجود الإخلاص فيه. وبوجود الصدق لله فيه. ومراقبة الله في أوله وأثنائه وبعده. وأن يجعل هذا العمل بغية رضاء الله جل في علاه.وهذا ما جعل الناس تصحب الصالحين ...من أجل أن تتعلم منهم إحسان العمل، لأن الله جلَّ في علاه قال في المحسنين إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ(النحل)معهم بنصحه، معهم بلطفه، معهم بإكرامه، معهم بتأييده، معهم بإجابة الدعاء وتحقيق الرجاء، معهم بالفرج القريب، معهم بتحقيق المأمول، معهم في كل شأن وفى كل حال، معهم في الدنيا، معهم في البرزخ، ومعهم في الآخرة، ومعهم في الجنة، لأنهم في معية الله التي لا تغيب ولا تنقطع عن قريب أو حبيب طرفة عين أو أقل .. وهذه هي معية المحسنين الذين نريد أن نكون منهم، وهذا كما قلنا سر صحبة الصالحين أو المتقين لإى كل وقت وحين ...وإن شئت قلت هذا سر صحبة الصوفية أو أهل الإحسان ..فهذه التسميات ليست هي المربط، فإذا أسماها الناس بعد ذلك صوفية أو تصوف، فلا بأس .. لأن أساسهم في دين الله، ونحن نصحبهم لنتعلم منهم إحسان العمل الذي ظهرت عليهم بشرياته، ونتعلم منهم كيفية العمل الذي يبلِّغ الأمل لتكون لنا درجات في منازل الإحسان، ونكون مع النبي العدنان في منازل الرضوان
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=Sophyia_in_quran_wasunna_E2&id=19&cat=6




الأحد، 23 أكتوبر 2011

الصوفيه فى القرآن والسنة


الْصُّوفِيَّةُ فيِ الْقُرْآنِ وَالْسُّنَّة
هناك حملات ضارية قديماً وحديثاً، ليس لها أساس من الدين ولا من العلم ولا من العقل السليم على الصوفية... والإنسان العاقل يحكِّم عقله في القضايا، فالقضايا يمنطقها بمقدمات تؤدي إلى نتائج، والإنسان صاحب الدين يتورع أن يفتي في أمر من قبل نفسه، أو من قبل هواه.... لكنه يعرضه على شرع الله، وعلى كتاب الله، وعلى سنة رسول الله ، ولا يقول إلا ما يوافق كتاب الله، وما يوافق سنة حبيب الله ومصطفاه. والإنسان الدارس في أي معهد علمي؛ يطبِّق المناهج العلمية على أي قضية علمية.ولو طبَّقنا المناهج العلمية؛ مثل: الملاحظة، والتجربة، والمشاهدة، وكيفية البحث العلمي السديد؛ نجد أن الأوربيين الذين تفوقوا على العالم كله في البحث العلمي يضعون قضية التصوف في مقدمة القضايا الثابتة علمياً، والتي يحتاج إليها الناس أجمعون للخروج من المشكلات وللتوازن النفسي ولإصلاح النفوس وزيادة مناعة الأجسام، ولتصفية القلوب، ولإعـلاء شأن المثل والقيم التي يتوقف عليها سعادة المجتمعات. أشياء كثيرة أثبتوها وسجَّلوها وموجودة عند كبريات الجامعات العالمية، لكن الأبواق الضالة التي تنعق على الصوفية - بدون حجة ولا دليل ولا برهان ولا أي منطق مقبول عقلاً أو مثبوت نقلاً - لا ترى ذلك ! فيجب علينا وينبغي علينا أن نرد على مثل هذه الأمور.
وقد يسأل سائل: وهل الصوفية موجودةٌ في القرآن والسنَّة ؟ نقول: نعم، وقد أثبتنا ذلك في هذا الكتاب ابتغاء مرضاة الله، وإظهارا للحقيقة لوجه الله جلَّ في علاه، ولا نريد بذلك غير رضاه. فعن طريق التصوف، يقول الإمام الغزالي :
" إن الطريق إلى ذلك إنما هــــو: تقديم المجاهدة، أو محــو الصفات المذمومـة، وقطع العلائق كلها، والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، ومهما حصل ذلك: كان الله هو المتولِّي لقلب عبده، المتكفِّل له بتنويره بأنوار العلم.وإذا تولَّى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة، وأشرق النور في القلب، وانشرح الصدر، وانكشف له سر الملكوت، وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة، وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية.فليس على العبد إلا الاستعداد، بالتصفية المجردة، وإحضار الهمَّة، مع الإرادة الصادقة، والتعطش التام، والترصُّد بدوام الانتظار، لما يفتحه الله سبحانه وتعالى من الرحمة ".وعن هذا الطريق يقول ابن خلدون : " وقد كان الصحابة على مثل هذه المجاهدة، وكان حظهم من هذه الكرامات أوفر الحظوظ، لكنهم لم يقع لهم بها عناية. وفي فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كثير منها، وتبعهم في ذلك أهل الطريقة، ممن اشتملت رسالة القشيري على ذكرهم، ومن تبع طريقتهم من بعدهم ".هذا فيما يتعلق بالطريق، أما فيما يتعلق بالموضوع، والشعور، والأحوال؛ فإن الصوفية - على وجه العموم - نبَّهوا في صورٍ حاسمةٍ إلى وجوب التزام الشريعة، يقول الإمام أبو الحسن الشاذلي :" من دعا إلى الله تعالى، بغير ما دعا به رسول الله فهــو بِدْعِىٌ.". ويقول: " إذا لم يواظب الفقير على حضور الصلوات الخمس في الجماعة، فلا تعبأ به ".ومن أجمل كلماته في هذا: " ما ثَمَّ كرامة أعظم من كرامـــة الإيمان، ومتابــعة السنَّة.فمن أعطيهما؛ وجعل يشتاق إلى غيرهما: فهو عبدٌ مفترٍ كذَّاب، أو ذو خطأ في العلم والعمل بالصواب.كمن أُكْرِمَ بشهود الملك على نعت الرضا؛ فجعل يشتاق إلى سياسة الدواب، وخُلَـع الرضا ".وكل الصوفية ينهجون هذا النهج، ومن هؤلاء مثلاً: أبو يزيد البسطامي، الذي يقول في قوة حاسمة، وفي نطق صادق " لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات، حتى يرتقي في الهواء !، فلا تغتروا به؛ حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود، وأداء الشريعة ".ولقد تحدث الإمام الجنيد - أكثر من مرة - فيما يتعلق بالتصوف والشريعة، ومما قاله في ذلك :" الطرق كلها مسدودةٌ على الخلق؛ إلا من اقتفى أثر الرسول واتبع سنته، ولزم طريقته "، وقال أيضاً : "من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يُقْتَدى به في هذا الأمر، لأن علمنا هذا مقيَدٌ بأصول الكتاب والسنَّة ".
ولقد كان الإمام الغزالي في سلوكه وقوله وفي حياته كلها يلتزم الشريعة، ويقول: " إن المحققين قالوا لو رأيت إنساناً يطير في الهواء!، ويمشي على الماء!، وهو يتعاطى أمراً يخالف الشرع، فاعلم أنه شيطان" والواقع أن المثل الأعلى للصوفية على بكرة أبيهم، إنما هو رسول الله ، وهم يحاولون باستمرار أن ينهجوا نهجه، وأن يسيروا على منواله.فهو إمامهم الأسمى في كل ما يأتون، وما يدَعون، وهم يتابعونه مهتدين في ذلك بقوله تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) وقد قال د. عبد الحليم محمود في كتابه قضية التصوف"، ص 48: "إن الصوفية لهم طريقٌ روحيٌ يسيرون فيه.وهذا الطريق يعتمد أساساً ومنهجاً وغايةً على القرآن الكريم والسنَّة النبوية الشريفة،.وهذا الطريق قد جرَّبَه الصوفية؛ فثبتت ثماره عن طريق التجربة أيضا،.وجوهر الطريق الصوفي هو ما سمَّاه الصوفية المقامات والأحوال، والمقامات هي المنازل الروحية التي يمر بها السالك إلى الله؛ فيقف فيها فترة من الزمن مجاهداً في إطارها حتى يهيئ الله له سلوك الطريق إلى المنزل الثاني؛ لكي يتدرج في السمو الروحي من شريف إلى أشرف، ومن سام إلى أسمى، أما الأحوال؛ فإنها النسمات الروحية التي تهب على السالك فتنتعش بها نفسه لحظات خاطفة، ثم تمرُّ تاركةً عطراً تتشوق الروح للعودة إلى تَنَسُّم أريجه".
يتبع ان شاء الله

حكمة الحج ومشاهده



عندما فرض علينا الحج قال لخليله{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } وما الحكمة؟ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم} حكمتين اثنتين:
الحكمة الأولى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}أي جهزها الله لهم في تلك الأماكن وهي منافع عاجلة ومنافع آجلة أما المنافع العاجلة فهي أن يتوب عليهم ويغفر لهم ذنوبهم ويردهم كما ولدتهم أمهاتهم خالصين من الذنوب والخطايا مستورين ومجبورين من الآثام والعيوب ويستجيب دعائهم ويصلح أحوالهم ويجيبهم في أحبابهم فقد قال r: {يُغْفَرُ لِلْحَاج وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ}[1] والهدف المشترك بين جميع العبادات{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم} ولم يكتف بأن هذه هي الحكمة العالية والغاية السامية من تلك العبادات الراقية ولم يكتف بالتنبيه عنها وكلها في تلك الآية بل في كل خطوة من خطوات الحاج يذكرهم بتلك الحكمة فعندما ينزلوا من عرفات يقول الله لهم جميعاً {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} فمرة يقول: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}ومرة يقول {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}أي اجعلوا ذكر الله هو الغاية العظمى فالغاية العظمى من الحج في كل خطواته وحركاته وسكناته هي ذكر الله.وكذلك الصلاة فيقول فيها الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فهو ذكر الله وذكر الله هنا التذكير فهو في هذا الموقف التذكير بالوعد والوعيد والجنة والنار في الطاعات والقربات بآيات من كتاب الله وبأحاديث رسول الله من باب فضل الله{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}و {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }والصلاة فيها ذكر الله فيها التحميد والتكبير والتهليل وفيها تلاوة كتاب الله وكلها في حركات الصلاة وكل حركة من حركاتها لها ذكر مخصوص يحب أن يسمعه الله من عباده المؤمنين {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} فكلها أحوال ذكر وكذلك الصيام فالهدف منه {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} يعني من العبادات الجسمانية الهدف منها آية الذكر وقد علمنا rأنه ما أقيمت الصلاة وما فرض الصيام ولا نُسك الحاج إلا لذكر الله Uلماذا؟ ليعرفنا أن الدرجة الأولى في حياتنا هو ذكره I وليس هناك نهاية لنعم الله U. فلو حاول الواحد فينا أن يعد نعم الله عليه في نفس واحد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}نعمة واحدة إذا كانت ظاهرة أو باطنة بل نعمة واحدة من نعم الواحد كنعمة البصر أو السمع أو الكلام أو العقل أو الحركة أو القدرة أوالإرادة أو الحياة أو الرزق. نعم ليس لها نهاية نعمة واحدة منها لا يستطيع الواحد أن يحدها أو يحصرها من معطيها U ولكنه U طلب منا أن نذكره على ذلك. وطب منا أن نشكره على ذلك فإذا قمت من نومي وقد وهبني الحياة بعدما كنت في نومي كالأموات كما ذكر الله U{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} عندما أقوم من نومي وقد وهب لي الحياة لابد أن أشكره وأذكره وأقول كما علمني الرسول r: { الْحَمْدُ لّلهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }[2] فأشكره على أن وهب لي الحياة وإذا نظرت إلى نعمة الأكل أذكره وأشكره وأقول { الـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَنـي هذا ورَزَقَنِـيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ منِّـي ولا قُوَّة }[3]، وإذا أعطاني ماءاً أقول{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْباً فُرَاتاً بِرَحْمَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِلْحاً أُجَاجاً بِذُنُوبِنَا}[4]أي نعمة من النعم حتى نعمة الشهوة عندما انتهي منها أقول { الحمد لله الذي جعل من الماء نسباً وصهراً وكان ربك قديراً } لازم الإنسان يشكر الله على نعمائه. هي صحيح كلمات وليست شكراً وافراً ولا شكراً إيجابي لكن الله يقبلها منا ويدخرها لنا، ويعطينا عليها من الأجر ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إذاً كل العبادات يا إخواني تهدف إلى ذكر الله U وليس حلقات الذكر فقط هي الذكر لكن ذكر الله حسب الحالة التي أوجدني عليها الله وحسب النعمة التي ساقها إلي الله حتى ولو نزل بي غم أو نزلت بي مصيبة وهي في نظري مصيبة لكنها في الحقيقة نعمة من الله U وبعدها تمر علي أتحدث على أنها نعمة من الله. حتى هذه النعمة علمني رسول الله أن أشكر الله عليها ماذا علمني؟{كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إذَا أَتَاهُ الأَمْرُ يُعْجِبُهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ المُتَفَضِّلِ الَّذِي بِنِعْمَتِه تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ وَإذَا أَتَاهُ الأَمْرُ مِمَّا يَكْرَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلىٰ كُلِّ حَالٍ}[5]ساعة النعمة أقول الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وهذا يعني أن النعمة التي جاءت ليست بشطارتي أو بمهارتي أو بذكائي أو بمالي أو بقوتي لكنها تمت بنعمة الله ومعونة الله وتوفيق الله U وإذا جاءت مصيبة في نظري فهي نعمة لكن لا أعلمها الآن لقول الله{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}فبنو إسرائيل لما اعتقدوا أن الموت نقمة وذهبوا إلى سيدنا موسى وألحوا عليه وقالوا له: يا كليم الله اطلب من ربك U أن يرفع عنا الموت فلا يموت منا أحد وكانوا قوماً شداداً في المكابرة والعناد. فلما ذهب موسى إلى ربه وطلب منه ذلك فرفع عنهم الموت وابتلاهم بالأوجاع والأسقام والفقر وقلة الأقوات فالمريض يشكو مُرَ الشكوى من الألم ولا يجد من يريحه وليس هناك موت كما طلبوا واشتد القحط وقلت الأقوات حتى أكلوا القطط والكلاب من قلة الأقوات وبخلت السماء بالماء وبخلت الأرض بالنبات وكانوا يأكلون بعضهم من قلة الأقوات والأرزاق ولا يجدون مناصاً ولا مخلصاً لهم وبعد خمس سنوات ذهبوا إلى موسى وقالوا له اطلب من الله U أن يأتينا بالموت لقد اشتقنا إلى الموت قال يا قوم ألم تطلبوه؟ ألم أنهاكم عنه وأنتم أصررتم على ذلك؟ قالوا ما كنا نعلم بالحكمة العالية التي من أجلها بعثه الله U فدعا الله U فاستجاب الله له ووجدوا أن الموت هو المصيبة فيما بينهم ووصفه ربنا على قدرنا أنه مصيبة وقال {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} لأن الموت يريح من اشتكى من السَقم ولا يجد من يريحه من شدة الألم ويفتح للناس الأبواب لكي يأخذ كل واحد منهم دوره في الحياة فلا يتمتع الشيوخ الكبار على حساب الشباب بل لكل واحد منهم قسط معلوم ومصير من الأقوات والأرزاق ونعم الحي القيوم فعلينا أن نقول عند الموت: الحمد لله على نعمه وحتى المرض فهو نقمة على الكافرين لكنه نعمة للمؤمنين. كيف يكون المرض نعمة؟ لأن الله U يطهر به المسلم من خطاياه ويغسله من ذنوبه وآثامه حتى ورد فى الأثر أن: { مرض يوم يكفر ذنوب سنة }وهذا إنما هو للمريض الصابر الذي لا يجزع ولا يشكو الله ولا يقول: لم خصصتني يا ربَّ بهذا الهم؟ ولم ابتليتني بهذا الغم؟ وأنا أصلي وفلان لا يصلي لأن هذا اختياره بعلم وحكمة وهذا اختيار العليم الحكيم U. فالمريض الصابر الذي لا يشكو من مثل هذا كل يوم من أيامه يكفر عنه ذنوب سنة ولذا قال r: يقول الله في الحديث القدسي: { أَبْتَلِـي عَبْدِي الـمُؤْمِنَ، فإذَا لـم يَشْكُ إلـى عُوَّادِهِ ذلِكَ، حَلَلْتُ عنهُ عِقْدِي وأَبْدَلْتُهُ دماً خيراً من دمِهِ وَلَـحْمَا خيراً من لَـحْمِهِ ثم قلتُ له: إيتَنِفِ العَمَلَ –استكمل العمل-} [6].ومن فضل الله على هذه الأمة المحمدية أن يمرض الرجل منهم قبل موته لما ورد عن رسول الله r ما معناه أنه إذا أحب الله عبداً أمرضه قبل موته، لماذا؟ ليرحمه ويمحو الذنوب التي عليه ويبدلها بحسنات ومكان الحسنة بعشر حسنات ويزيد الله ويضاعف لمن يشاء على حسب قوة إيمانه وعلى حسب صبره وقدرته على تحمل المرض حتى المرض يا إخواني نعمة من نعم الله U لكن ليس معنى ذلك أن نرضى به ونسلم به ونترك التداوي وقد قال r: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى لَمْ يَخْلُقْ دَاءً إِلاَّ خَلَقَ لَهُ شِفَاءً}[7].علينا أن نأخذ بالأسباب التي أوجدها مسبب الأسباب Uإن المؤمن يا إخواني عليه آناء الليل وأطراف النهار أن يذكر الله وعليه أن يشكره وعليه أن يستعين بنعمه وعليه أن يؤدي ما عليه من واجبات ذكره وشكره إذا واجهه ولو بالقليل من نعمه وفضله U حتى يدخل في ساحة الرضوان فيمن قال فيهم{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}أويدخل في قوله{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}فيدخل في هؤلاء القوم الذين سيكرمهم الله، والذين لا يندمون لحظة الخروج من هذه الحياة ولا يندمون يوم لقاء الله، ولا يندمون حتى بعد دخولهم في جنة المأوى وفي رحاب الله U. والمؤمن لحظة خروج روحه يرى ما له من الثواب العظيم على العمل اليسير فيكشف المولى ما له من الأجر العظيم على عمله في طاعة الله وعلى ذكره وعلى صبره وعلى حكمته في هذه الحياة فينادي ويقول كما قال الله{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ }والذكر ليس له شروط فلا يحتاج إلى وضوء ولا إلى مكان معد ومحدد مثل هذا بل يجوز في الشارع ويجوز في السوق ويجوز في العمل ويصح في البيت ويصح على وضوء وعلى غير وضوء بل يجوز حتى على الجنابة فالجنب لا يصلي ولا يقرأ كتاب الله ولا يمس المصحف ولكنه يجوز له أن يذكر الله U. فأين العذر عندما يسألني الله؟ ماذا أقول له؟ كنت مشغولاً بالأرزاق فيقول لي: وما شأنك بذلك؟ ألم أقل لك{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }وكذلك في الآخرة فالسابقون في هناء وسرور من الطاعات والقربات والنوافل وعمل الصالحات فقد سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: المستهترون بذكر الله U والمستهترون معناها الذين لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين قال r: {كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَىٰ اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَىٰ الرَّحْمنِ. سُبْحَانَ اللّه وَبِحَمْدِهِ. سُبْحَانَ اللّهِ الْعَظِيمِ }[8]، وقال أيضاً { سيروا فقد سَبَقَ المُفْردُونَ، قالوا: يا رسول الله، وما المفردون؟ قال: المُفْرَدُونَ بِذِكْرِ الله وَضَعَ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ، فَيٌّاتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ خِفَافاً }[9]، وود عن ذى النون: { إذا أكرم الله عبداً ألهمه ذكره }وقال r: { أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعُهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ تَعَاطِي الذَّهَبِ والفِضَّةِ ومِنْ أَنْ تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ غَداً، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، ويَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذِكْرُ الله عَزَّ وجلَّ }[10].


[1] رواه البزار والطبراني في الصغير عن أبي هريرة.[2] رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي ذر، وحذيفة.

[3] رواه صاحب مسند الشاميين عن أنس.

[4] جامع المسانيد والمراسيل عن أبى جعفر مرسلا

[5] رواه ابن ماجة في زوائده، والبيهقي في الدعوات والحاكم في المستدرك عن عائشة وأبو هريرة.

[6] رواه السيوطي في الفتح الكبير والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة.

[7] أخرجه أحمد والأربعة وابن حبان والحاكم عن أسامة بن شريك.

[8] رواه الطبراني والبخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والنسائي في سننه عن أبي هريرة.

[9] رواه الطبراني والترمذي ومسلم عن أبي الدرداء وأبي هريرة.

[10] رواه الإمام مالك في الموطأ وابن ماجه في سننه والترمذي والحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء. 

أضافة تقييم إلى حسن العجوز تقرير بمشاركة سيئة 

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

زاد الحاج والمعتمر - |[ مُنتديـآت نبض المشـاعر ]|


دخول مكة وآداب البيت الحرام وآياته

دعاء معاينة معالم مكة

ولا يزال الحاج مشتغلاً بالتلبية أثناء سفره حتى يقترب من مكة فإذا عاين بيوتها دعا قائلاً:

{ اللهم اجعل لى بها قراراً وارزقنى فيهارزقاً حلالاً وطهرني من الذنوب والخطايا بماء العفو وثلج المغفرة وبرد السماح وتُبْ علىّ توبة تحفظنى بعدها من كل صغيرة وكبيرة، وألهمنى عند الغفلة أو المعصية ندماً أقلع به عن المعاصي وإنابة أؤوب بها إلى جنابك العلى إلهى إلهى إلهى إنى أعوذ بك من الفقر والفاقة، والذل والمسكنة، ومن الإحتياج إلى شرار خلقك إلهى أشهدنى فى أهلى وإخوانى مشاهد الحسن والإحسان، والكرم والإنعام، واشغلنى واشغلهم بك سبحانك حتى نحيا حياة طيبة فى ميادين الأنس بذكرك سبحانك ورياض المؤانسة معك سبحانك ومتعنى ومتعهم يا واسع يا عليم بواسع جودك، وعميم فضلك وسابق إحسانك، مع الوقاية والسلامة من كل مؤذٍ فى بدن أو مال، أو دين يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد صلاة تجيب بها دعائنا وتقبل بها ابتهالنا يا مجيب الدعاء لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }
دعاء دخول مكة
ويواصل بعد ذلك السير ملبياً حتى إذا دخل شوارع مكة دعا بهذا الدعاء:
{ اللهم إن هذا الحرم حرمك، والبلد بلدك والأمن أمنك والعبد عبدك جئتك من بلاد بعيدة بذنوب كثيرة وأعمال سيئة أسألك مسألة المضطرين إليك المشفقين من عذابك أن تستقبلنى بمحض عفوك وأن تدخلنى فى فسيح جناتك جنة النعيم اللهم إن هذا حرمك وحرم رسولك فحرّم لحمى وعظمى على النار اللهم آمنى من عذابك يوم تبعث عبادك أسألك بأنك الله الذي لاإله إلا أنت الرحمن الرحيم أن تصلى وتسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه تسليماً كثيراً أبداً }
التأهب لدخول البيت الحرام
ينزل الحاج إلى سكنه المعدّ له أولاً فيعرف مكانه ويترك حاجته بعد أن يطمئن عليها، وكذا يترك نقوده بعد الإطمئنان عليها فى سكنه، ولا يأخذ معه عندخروجه بعد ذلك إلا قدر نفقاته اليسيرة التى ربما يحتاج إليها وعليه أن يريح جسمه من عناء السفر الطويل بأخذ قسط ولو قليل من النوم فإذا أخذ قسطه من الراحة فالأولى أن يغتسل وإلا فليتوضأ ثم يخرج من مقره ملبياً حتى يدخل الحرم من باب السلام أو أى باب قريب لمكان إقامته فإذا وصل البيت الحرام يخلع حذاءه ويدخل برجله اليمنى ويقول:{اللهم افتح لنا أبواب رحمتك وهب لنا من فضلك العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }فإذا عاين الكعبة دعا قائلاً:
دعاء النظر إلى الكعبة
{اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربَّنا بالسلام وأدخلنا الجنة دارك دار السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك وأدخلنى فيها بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله لا إله إلاالله ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير أعوذ برب البيت من الكفر والفقر، ومن عذاب القبر وضيق الصدر اللهم زِدْ بيتك هذا تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة ورفعة وبراً وزِدْ يارب من كرَّمه وشرَّفه تشريفاً وتعظيماً ومهابة ورفعة وبراً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }
آداب وخصائص البيت الحرام
1. الصلاة أو الذكر أو التسبيح أو أي عبادة فيه تعدل مائة ألف فيما سواه، لقول رسول الله{ صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هٰذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيما سِواهُ إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ وَصَلاةٌ فِي المَسْجِدِ الحرامِ أَفْضَلُ مِنْ مَائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ فِيما سِواهُ }[1]
2. يجوز التنفل فيه فى أي وقت من أوقات الليل أو النهار فقد خصه سيدنا رسول الله بهذه الميزة الكبرى فى قوله{ يَابَنِي عَبْدِ مَنَافِ، لا تَمْنَعُنَّ أَحَداً طافَ بِهٰذا البَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّ ساعَةٍ شاءَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهَارٍ }.[2]
3. أباحت الشريعة المرور أمام المصلى أو الجلوس بين يديه ويسجد المصلى على ظهره إذا لم يكن هناك فرجة وذلك منعاً لشدة الزحام.
4. لا يحل للحاج لُقطة البيت الحرام، كما أنه لايجوز له أن يأخذ شيئاً من حاجيات الحرم لنفسه أو لغيره.
5. لا يحل للحاج أن يروِّع حمام الحرم ولو وقف على كتفه كما أنه يحرم عليه أن يخلع أو يقطع أى نبتة خضراء بالحرم لقول النبى{ إِنَّ هٰذا البَلَدَ حَرَامٌ حرَّمهُ اللَّهُ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ، لا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولايُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا تُلْتقط لُقَطَتُهُ إِلا من عرَّفَها، ولا يُخْتَلى خلاؤهُ} [3]
6. وليعلم الحاج علم اليقين أن الله لا يؤاخذ الإنسان بالذنب لمجرد الهمِّ به وقبل وقوعه إلا فى الحرم قد قال النبى{وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }وهذا ما جعل سيدنا عمر عندما كان ينتهى الحج يأخذ دُرَّته ويضرب بها الحجيج ويأمرهم بمغادرة مكة والتوجه إلا بلادهم وعندما سُئل عن ذلك قال{ حتى لا يأنسوا بالبيت فتذهب هيبته من قلوبهم فيقعون فى الذنب وهم لا يشعرون } وهذا أيضاً ما حدا بكثير من أصحاب رسول الله إلى ترك المجاورة بالحرم كسيدنا عبدالله بن عباس فقد أقام فى الطائف ورفض المجاورة بمكة وقال:{ لا آمن على نفسي أن أقع فى المخالفة بمكة وأنا لا أشعر}وأيضاً قال سيدنا عبدالله بن مسعود فى ذلك:{ لأن أذنب سبعين ذنباً بركية [4]خير من أن أذنب ذنباً واحداً بمكة }، وكانوا يرون أن السيئات تتضاعف بمكة كما تتضاعف الحسنات.
7. جعل الله النظر إلى الكعبة عبادة ولو كان بغير تلفُّظ بذكر أو تأمل بفكر فقد قال النبى{ إِنَّ الله يُنْزِلُ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ عشرينَ ومئة رحمةٍ يُنزلُ على هذا البيتِ ستونَ للطّائِفينَ، وأَرْبَعُونَ للمصلِّينَ، وعشرونَ للنَّاظِرِينَ }[5]
8. من خصائص البيت أن المطاف حوله يتسع للطائفين مهما كان العدد، فعلى الحاج أن يمشي بالسكينة ولا يزاحم ولايؤذي أحداً فى طوافه أو سعيه بلسانه أو يده أو بأي جارحة.
9. جعل الله هذا البيت مهبطاً لرحماته، ووعد زواره بالمغفرة، فعلى الحاج أن يستحضر ذنوبه وعيوبه ويتوجه إلى الله فيها راجياً غفرانه، فمن أتيح له زيارة هذه الأماكن ولم يغفرالله له فمتى؟ وأين يغفر له؟
10. قدّس الله هذا المكان وما حوله، وجعل أبواب السماء مفتوحة لإجابة الدعاء، سواء عند الحجر الأسعد، أو عند الركن اليمانى، أو عند الميزاب، أو عند الملتزم، أو حجْر إسماعيل، أو عند زمزم، أو عند مقام إبراهيم عليه السلام.
فعلى الحاج أن يتأدب فى هذه الأمَاكن ولا يدعو بإثم ولا بقطيعة رحم فقد قال النبى{ الكعبة محفوفة بسبعين ألفٍ من الملائكة يستغفرون الله لمن طاف بها ويصلون عليه }[6].
آيات البيت الحرام
وهى التى أشار إليها الله فى قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً }
وهذه الآيات تنقسم إجمالاً إلى قسمين:
أولاً: آيات معنوية: وهى أن من دخله يكون آمناً من غضب الله وسخط الله وعذاب الله وفى ذلك يقول سيدنا رسول الله {إن هذا البيت دعامة الإسلام ومن خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر زائراً كان مضموناً على الله إن ردّه ردّه بأجر وغنيمة، وإن قبضه أن يُدخله الجنة}[7] هذا بالإضافة إلى استجابة الدعاء، وتحقيق الرجاء، وغفران الذنوب، وشرح الصدور وغيرها من أنواع الفضل الإلهي والفتح الرباني.
ثانياً: الآيات الحسية: وهي الأماكن التى خصها الله بالفضل فى البيت أو حوله ومنها:
1. الحجر الأسود:وهو ياقوتة من الجنة يقول النبى في شأنها {الحجر الأسود يمين الله فى الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه}[8] وقد ورد أنه{اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَجَرَ.ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلاً. ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي. فَقَالَ: يَا عُمَرُ هـهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ [9] وقال النبى{ يَأتي الرُّكْنُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْظَمَ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ، له لِسَانٌ وشَفَتَانِ }[10].وفى رواية زاد:{ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بالحقِّ،وهو يَمينُ الله يُصَافِحُ بها خَلْقَهُ } ويفسر الإمام على السرَّ فى هذا الحجر فى الحديث الذي دار بينه وبين عمر بن الخطاب أنه َلَمَّا دَخَلَ الطَّوَافَ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ فَقَالَ: {إِني لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَني رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، قَالَ:بِمَ ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ: وَأَيْنَ ذٰلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ: قَالَ تَعَالٰى: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُريَّتَهُمْ } إِلَّىِ: بَلٰى،خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَمَسَحَ عَلٰى ظَهْرِهِ، فَقَرَّرَهُمْ بِأَنَّهُ الرَّبُّ وَأَنَّهُمُ الْعَبِيدُ، وَأَخَذَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ وَكَتَبَ ذٰلِكَ في رَقَ، وَكَانَ لِهَذا الْحَجَرِ عَيْنَانِ وَلِسَانَانِ، فَقَالَ: افْتَحْ فَاكَ، فَفَتَحَ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ ذٰلِكَ الرَّقَّ، فَقَالَ: اشْهَدْ لِمَنْ وَافَاكَ بِالمُوَافَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِني أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: يُؤْتَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ فَهُوَ يَا أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَعْيشَ في قَوْمٍ لَسْتَ فِيهِمْ يَاأَبَا الْحَسَنِ } [11]
2. الركن اليمانى:وهو الركن المواجه للحجر فى الجهة الأخرى من الكعبة قال فيه النبى{على الركن اليمانى ملكان يؤمّنَان على دعاء من مرّ بهما}[12] وأيضاً يقول النبى{ إِنَّ مَسْحَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالرّكْنِ الأْسْوَدِ يَحُطُّ الْخَطَايَا حَطَّاً }[13]
وقد ورد أيضاً: {بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ قُبُورُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَبِيًّا وَأَنَّ قَبْرَ هُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ وَإِسْمَاعِيلَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ }[14]
13. الملتزم: وهو المكان الذي بين الحجر الأسود وباب الكعبة، ويقابله المسْتجار وهو ما بين الركن اليمانى والباب المسدود خلف الكعبة، ويسمى بالملتزم لأن الناس يلتزمونه للدعاء عنده تحقيقاً لقوله النبى { مَا دَعَا أَحَدٌ بِشَيْءٍ فِي هٰذَا الْمُلْتَزَمِ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ } [15]
4- مقام إبراهيم:
وهو الحجر الذي وقف عليه الخليل عليه السلام لبناء البيت أو للآذان بالحج وفى الحديث عَنْ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ:{ يَا رَسُولَ الله لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إبْراهِيمَ مُصَلَّى، فَأنْزَلَ الله {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إبْراهِيمَ مُصَلَّى}[125 البقرة]}.[16]
وقد قال النبى فى شأنه: { من صلى خلف المقام ركعتين غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وحشر يوم القيامة من الآمنين }[17].
5. حِجْر إسماعيل:
وهو المكان الملاصق للكعبة والذي عليه جدار على صورة نصف دائرة، وسمي حِجْر إسماعيل لأنه ورد:{ إنَّ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ شَكَا إلَى رَبِّهِ حَرَّ مَكَّةَ؛ فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَنْ افْتَحْ لَك بَابًا مِنْ الْجَنَّةِ فِي الْحِجْرِ يَخْرُجُ عَلَيْك الرَّوْحُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [18] وهو جزء من الكعبة ولذا فإنه من أراد أن يدخل الكعبة وتعذّر عليه ذلك فعليه بالصلاة فى الحجر لما قد روى عن عائشة أنها أخبرت عن رسول الله فقالت{ كُنْتُ أُحِبُّ أنْ أدْخُلَ البيْتَ فأُصَلِّي فيهِ فأَخَذَ رسولُ الله بِيَديِ فأَدْخَلَنيِ الْحِجْرَ وقال صَلِّي في الْحِجْرِ إن أرَدْتِ دُخُولَ البيتِ فإِنَّما هُوَ قِطْعَة مِنَ البَيْتِ } [19]ومن فضائله أن فيه قبر سيدنا إسماعيل وأمه هاجر، وفيه الميزاب الذي ينزل فيه المطر المتجمع من على سقف الكعبة ويقول النبى{ ما من أحد يدعو تحت الميزاب إلا استجيب له }[20].
6. الحطيم:
وهو الجزء الواقع ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وزمزم والحِجْر، وسمى بذلك لأنه يحطم الذنوب يعنى يكسرها ويقضى عليها، وفيه المَلك الذي أخبر النبى أنه يقول للمرء بعد فراغه من الطواف وصلاة ركعتين: { استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى وشفع في سبعين من أهلبيته } [21]
آيات جامعة
فمنها إلقاء هيبة هذا البيت وتعظيمه فى قلوب الناس وكف الجبابرة عنه على مرّ الدهور والعصور وتعجيل العقوبة لمن قصده بسوء كأصحاب الفيل.ومنها أن الفرقة من الطير تُقْبل حتى إذا كادت تبلغه إنفرقت فرقتين، فلايعلوه شيء منها إلا الطائر المريض فإنه يعلو ظهره للحظات فيشفى بإذن الله.ومنها أن المطر إذا عم جميع جوانبه دل ذلك على حصول الخصب فى جميع جهات الأرض وإن كان المطر من جانب أخصب الجانب الذي تجاهه من الأرض ومنها أنه منذ خلقه الله تعالى، ما خلا عن طائف به من إنس أو جن أو مَلَكأو غيرهم. وغيرها الكثير .والكثير



[1]عن جابر بن عبد الله مسند الإمام أحمد.

[2]صحيح ابن حبان عن جُبير بنِ مطعم.

[3]عن ابنِ عباس مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان

[4] موضع قريب من مكة.

[5] عن ابن عباس رواه الطبراني في الكبير والأوسط

[6]أخرجه من ظهيره فى الجامع اللطيف.

[7] ورد فى مجمع الزوائد وشفا الغرام وتاريخ مكة للأزرقى.

[8] رواه الأزرقى فى أخبار مكة والمحب الطبرى فى القرى عن ابن عباس.

[9] أى تصبَّ الدموع، سنن ابن ماجه عن ابن عمر.

[10] عن عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أحمد، والطبراني في الأوسط.

[11] عن أَبي سعيد الخدري، رواه الهندي في فضائلِ مَكَّةَ، وأَبو الحسن القَطَّانِ في المطوالات،جامع المسانيد والمراسيل

[12]عن ابن عمر، مسند الإمام أبى حنيفة، وأخرجه الأرزقى موقوفاً.

[13]عن ابن عمر ،رواه أحمد والنسائي.

[14]تحفة المحتاج في شرح المنهاج، قاله ابن اسباط، وفى كثير غيرها

[15]عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا، جامع الأحاديث والمراسيل.

[16]عن عمر سنن النسائي الكبرى

[17] رواه الديلمى والقاضى عياض فى الشفاء

[18]حاشية البيجرمي على الخطيب،أخرجه الحسن.

[19]عن عائشة سنن الترمذي

[20] رواه الجامع اللطيف وشفاء الغرام.

[21]عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه،عن جده،أخبار مكة للأزرقي،قال أبو محمد الخزاعي حدثنا يحيى بن سعيد بن سالم بإسناده مثله

http://www.fawzyabuzeid.com/

أضافة تقييم إلى حسن العجوز تقرير بمشاركة سيئة 

الخميس، 13 أكتوبر 2011

ذاد الحاج والمعتمر


التَّجَهُّز للحجِّ


وجوبُ الحج واستطاعته

إذا نوى المرء الحج فعليه أن ينظر إلى الإستطاعة في نفسه وهي:
1. الإستطاعة المالية: بأن يملك مالاً حلالاَ زائداً عن نفقاته الضرورية، ويكفيه لأداء المناسك من تكاليف السفر والإقامة والمؤنة وغيرها، وينوب عن ذلك إذا كان معه صنعة يحتاج إليها الحجيج وتكفيه مؤنة ذلك، كالحلاقة والجزارة والطبيب البيطرى والسائق والحمَّال وغيرها مما هو معلوم.
2. الإستطاعة الصحية: أي القدرة على أداء المناسك، وينوب عن ذلك القدرة على اصطحاب رفيق على نفقته بالنسبة للأعمى والمريض الذي لا يستطيع أن يمشي بمفرده، وأيضاً القدرة المالية لتأجير الحمّالين فى الطواف والسعى لمن لا يستطيع ذلك.
3. أمن الطريق: أى لا يكون هناك حالة أمنية فى الطريق الموصل إلى هذه الأماكن، أو قطاع طريق أو أي مانع يشبه ذلك.
4. أخريات :بالإضافة إلى هذا يجب أن يكون من نوى الحج بالغاً عاقلاً، فإذا حج الصبى فلذلك أجره إلا أن هذا لايسقط عنه حج الفريضة إذا بلغ والرجل يستأذن والداه إن كانا أحياءأً وإن كان ليس لهما أن يمنعاه من حجة الإسلام ولكن استحسنت الشريعة ذلك جبراً لخاطرهما والمرأة تستأذن زوجها وليس له أن يمنعها من حجة الفريضة، وإن كان له منعها من النافلة.
ملاحظة هامة عن المحرم: يجب أن يكون مع المرأة محرم فى الحج لقول النبى{لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ أن تُسَافِرَ مَسِيرَةَ ثلاث لَيَالٍ إلا وَمَعَها ذو مَحْرَمٍ } [1]
وقد أجمع العلماء أن الرفقة الصالحة من النساء تكفى لأداء فريضة الحج بالنسبة للمرأة وتغنيها عن اصطحاب المحرم فى حالة عدم القدرة على اصطحابه.فإذا انطبقت هذه المواصفات على فرد، وجب عليه الحج فوراً، ويحرم عليه التأخير على رأي معظم المذاهب، ويجب عليه الحج على التراخى ولايأثم على مذهب الإمام الشافعى لقول الله{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ}أي بترك الحج مع الإستطاعة {فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } [97آل عمران].
وقول النبى{ مَنْ لَمْ يَحْبِسْهُ مَرَضٌ أَوْ حاجةٌ ظاهرةٌ أوسلطانٌ جائزٌ ولم يَحْجَّ، فَلْيَمُتْ إنْ شَاءَ يهوديًّا أو نصرانيًّا } [2]وقول عمر{ لقد هممت أن آمر بضرب الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبيلا }- الإحياء.
الحج عن الغير: يجوز أن يحج الإنسان عن غيره سواء كان ميتاً أو عاجزاً أو مريضاً بمرض لا يرجى شفائه- غير أنه إذا شفى المريض لا بد له من أداء الفريضة عن نفسه.
ويجوز أن تحج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة، لقول النبى للمراة التى أتت إليه فقالتْ:
{ إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فماتَتْ قَبْلَ أن تَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عنها؟، قالَ:نَعَمْ فحُجَّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لوكانَ عَلَى أُمُّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ قالتْ: نَعَمْ، قالَ: قْضُوا الله فَإنَّ الله أحقُّ بالوفاءِ } [3]
وأيضا قوله للمْرَأَةٌ التى أتت تَسْتَفْتِيهِ فَقَالَتْ: { يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخا كَبِيرا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُت َعَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ وَذٰلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ } [4].
لكن يشترط لمن يحج عن غيره:
- أن يكون حج عن نفسه أولاً لقول النبى للرجل الذي كان يقول: لبيك عن شبرمة فقال {أفحججت عن نفسك قال:لا قال : حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شَبْرَمَةَ } [5]
- وأيضاً يكون المال الذي ينفقفي الحج من مال المحجوج عنه إن كان حياً أو أوصى به قبل موته إن كان ميتاً أو تبرع به أحد أولاده أو أقاربه ويكون المال من مال حلال.


[1] عنِ ابنِ عُمَرَ صحيح ابن حبان.[2] عن أبي أُمَامَة رضي الله عنه سنن البيهقى الكبرى

[3] عن ابنِ عباسٍ سنن البيهقى الكبرى ورواه البخاري في الصحيح عن مُسَدَّدٍ.

[4] رواه مسلم فى صحيحه عن عبدالله بن عباس

[5] رواه أبو داود عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا.(جامع الأحاديث والمراسيل)
يتبع إن شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
http://www.fawzyabuzeid.com/books_ca...E1%D5%CF%E6%D1

تقرير بمشاركة سيئةأضافة تقييم إلى حسن العجوز  
كتاب ذاد الحاج والمعتمر لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

نسمات القرب

نسمات التوبة!
العقبات والعوائق التى تعطل السالك
فى طريق الله
إخوانى وأحبابى بارك الله  فيكم أجمعين ... نريد أن نتناول جانباً آخر لم نتعرض له من قبل فى أحوال الصالحين والسالكين والناهجين على منهج الحق فى كل وقت وحين، يتضح هذا المنهج فى إمام من أئمته وهو سيدنا أبو حذيفة ، فقد كان يقول:
{ إِنَّ أَصْحَابَ النَّبِي كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُ عَنِ الشَّر مَخَافَةَ أَنْ أُدْرِكَهُ }
ترك سنة الستر الجميل والنصح بالمعروف
فلما علم رسول الله منه ذلك وحرصه عليه، خصه بعلم ديوان المنافقين، بأسمائهم وأوصافهم ونعوتهم، وأوصاه بكتمان هذا السر فلا يبح منه لأحد حتى ولو كان من خاصة الملازمين لسيدنا رسول الله .
وحذره بألا يبيح بإسم رجل منهم قبل موته حتى لا يؤذيه فى حياته، وحتى لا يؤلب عليه الخلق لأن ديننا دين الستر وأمرنا بالستر الجميل، وفيه يقول الأستاذ النبيل :
{ مَنْ سَتَرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ }
انظر، ما العمل الذى تستوجب به أن يسترك الله فى الدنيا ويسترك فى الآخرة؟ .... لا هو طاعات ولا عبادات ولا جهاد ولا تكليفات!!
وإنما مراعاة مشاعر المسلمين، وتستر على من رأيته على خطيئة من المسلمين فلا تفضحه أمام الخلق، وإذا أردت أن توجه له نصحاً فليكن همساً وفى أذنه بحيث لا يسمع غيره حتى لا تفضحه وتسبب له حرجاً أمام الخلق، وليكن بأسلوب حكيم حتى لا ينفر منك، تبتدأ بأن تمدحه بخير ما فيه فيلين لك وينصت لك، فإذا مدحته بخير ما فيه نوهت برفق ولين إلى الذى تريد أن تنوه عليه مما لا ترضاه من قوله أو فعله أو حاله، وهنا تكون الإستجابة محققة لك لأن هذا هو المنهج الذى يقول فيه الله [125 النحل]:
 ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين 
وأراد أصحاب رسول الله  بعد أن نزل قول الله  فى المنافقين:
 وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [84 التوبة]
فأرادوا الإلتزام بتحقيق هذه الآية بألا يصلوا على المنافقين، فطلبوا وألحوا مراراً وتكراراً على كاتم السر وصاحب السر أبوحذيفة ليخبرهم ولكنه لم يكن يبيح بسر رسول الله  أبداً.
حتى أن عمر  بعد أن ألح عليه - قال: يا أمير المؤمنين لا تكثر علىَّ فلن أخبر وأفشى سر رسول الله  أبداً، فاضطر إلى أن يسلك مسلكاً إذا رأى أبا حذيفة فى المصلين على الجنازة دخل وصلى!وإذا لم يره اعتذر بأى عذر جميل عن الصلاة على هذا الإنسان.
وهذه رحمة من النبى العدنان حتى بمن تظاهروا بالإيمان وأضمروا الكفر والشقاق والنفاق لأنه رحمة مهداة ونعمة مسداة للخلق أجمعين .
وسأله عمر: يا أباحذيفة أفىَّ نفاق؟ قال: يا أمير المؤمنين لا أفشى سر رسول الله، ويذهب عمر وبعد أيام تطول أو تقصر يسأله: يا أباحذيفة أفىَّ نفاق؟ ... فيقول: يا أمير المؤمنين لا أفشى سر رسول الله، حتى طعن عمر بالخنجر وهو ذاهب لصلاة الصبح ونزل منه الدم وقال: يا أباحذيفة أفىَّ نفاق؟ قال: يا أمير المؤمنين لا أفشى سر رسول الله، فلما خرج الدم من بطنه واتضح له أن عمر لا شك ملاقياً ربه، قال يا أباحذيفة أفىَّ نفاق؟
قال: لا يا أمير المؤمنين ولا تسألنى عن شئ بعدها ولا أبيح سراً لرسول الله بعدك أبداً - أى لم يخبره إلا وهو خارج للقاء ربه  حرصاً على كتمان سر رسول الله  -
فكان أبوحذيفة يسأل رسول الله  عن الشر لكى يتجنبه.
والسالك الذى يريد أن يطوى ما بينه وبين مولاه من بعد، ويكون من أهل الود والقرب لابد أن يبدأ أولاً بالتعرف على العوائق التى تعوقه عن السير إلى مولاه وعن المهلكات التى تجعله يضيع سعيه وجده واجتهاده وطاعته فى زعمه لمولاه.
ولذلك ركز الصالحون على هذه الحقائق من البداية، السالكون يركزون على ما يعملون، الخير الذى يعملونه والبر الذى يؤدونه والأوراد التى يقومون بها، لكن المخلصون يحرصون على معرفة العوائق والأخطار التى تعوقهم عن السير إلى الواحد القهار .
المهلكات الثلاث
وأهم هذه العوائق، نأخذ منها حديثاً صحيحاً يقول فيه :
{ ثَلاَثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوَىً مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِرَأْيِهِ }
هذه هى أساسيات العارفين، فنحن قد بدأنا بهؤلاء على خلاف الكثيرين من أهل الطريق ولكن لأجل أن نكون من أهل:
{ اخْلِصْ دِينَكَ يَكْفِكَ الْعَمَلُ الْقليلُ }
وانظر إلى الحبيب عندما يقول "ثلاث مهلكات" أى تهلك الإنسان أى تضيع عمله ولا يتحقق أمله طالما فيه خصلة من هذه الخصال، أى لابد أن يتطهر أولاً من هذه الخصال ثم يعمل عمل البر أو يعمل النوافل والقربات لله  لأن الفرائض لا يتخلى عنها الإنسان على أى حال وفى أى زمان كان.
أولاً: شح مطاع
الأولى شح مطاع: طبيعة النفس البشرية الشح، وفيها يقول الله : وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128)
فطبيعة النفس طبعت على الشح وعلى الأثرة وعلى الأنانية وعلى حب التملك وإن كان هذا المرض زاد وزادت حدته فى زماننا الآن، حتى تلمسه مع الصغار فى بداية الأطوار، فكل طفل حريص على التملك ونسوا الإيثار ونسوا خُلق الكرم الذى يحبه الكريم الغفار .
فطبيعة النفس الحرص والإمساك والشح، والله  مدح الأنصار فى قوله عز شأنه فى [9 الحشر]:
 وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
أى لا فلاح إلا بعد أن يتخلص الإنسان من خلق الشح، ولذلك يقول سيدى عبدالوهاب الشعرانى : "أقبح القبيح صوفى شحيح" إذا كان الشح يجوز أحياناً عند بعض الأفراد إلا أنه لا يجوز عند أهل القرب وعند العُبَّاد وعند الزهاد وعند العاملين الراغبين فى الوداد من الله ، ويقول  موضحاً حقيقة الإسلام:
{إنَّ الله اسْتَخْلَصَ هذا الدِّينَ لنَفْسِهِ، فَلا يَصْلُحُ لدينِكُمْ إلاَّ السَّخَاءُ وحُسْنُ الخُلقِ، ألا فزيِّنُوا دِينُكُمْ بِهما}
وأنتم تعلمون جميعاً أن مجتمعات المسلمين الأولى كانت مجتمعات نموذجية كل مشكلاتها حلت بخلق الإيثار والكرم والإنفاق طلباً لإرضاء الكريم الرزاق ، ومعظم المشاكل الإجتماعية المعاصرة لن تُحل إلا إذا تحلى الأغنياء بخلق الإنفاق وتطهروا من شح النفس وعملوا على إسعاد إخوانهم، لا القوانين تستطيع أن تسوقهم إلى ذلك ولا المجتمعات تستطيع أن تدفعهم رغماً عنهم إلى ذلك، ولكن الذى يسوقهم إلى ذلك الإيمان والرغبة فيما عند الرحمن ، ولن يحل مشاكلنا إلا هذا الخُلق الكريم الذى ربى عليه رسول الله  أصحابه الكرام.
وجعل رسول الله  الرتبة العليا فى منازل العناية والولاية عند الله لمن تطهر من الشح، حتى أن الله جعل الحكمة الأولى من الزكاة فى كتاب الله واضحة جلية فى قول الله [103 التوبة]:
 خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
تطهرهم من الشح والبخل والإمساك والتقتير:
 قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا  [100 الإسراء]
وإذا تطهر الإنسان من هذه الأوصاف فقد زكت نفسه وأصبح إنسان زاكياً وزكياً عند الله ، حتى قالوا فى أصحابه الكرام: جعل الله الدنيا والمال فى أيديهم ولم يجعلها فى قلوبهم، فكانت الدنيا هينة لينة عندهم، لا يستغلون أوقات الأزمات للثراء الفاحش ولكن يستغلونها لينالوا المناصب العالية فى القرب من الله.
انظر إلى عثمان بن عفان ، بعد هجرتهم إلى المدينة وجد أن الماء الذى يشربه المسلمون فى المدينة من بئر يسيطر عليها رجل يهودى ويبيع لهم الماء، وأراد أن يحرر المسلمين من هذا ففاوض الرجل على أن يشترى البئر منه فرفض الرجل، فأخذ يفاوضه حتى ارتضى أن يشاركه ويكون لكل رجل منهم النصف، وبعد أن اشترى نصف البئر بإثنى عشر ألف درهم اتفق معه على أن يكون لكل رجل منهما يوم، وأذاع بين المسلمين أن يشربوا ويملأوا آنيتهم فى يومه فلا يحتاجون أن يذهبوا إلى البئر فى يوم اليهودى، فأصيب اليهودى بالكساد لأنه فى يومه لا يجد من يشترى منه الماء، فذهب إلى عثمان وعرض عليه أن يشترى النصف الآخر من البئر ولكنه رفض، فظل يساومه حتى اشترى نصف البئر الآخر بأربعة آلاف درهم مع أنه اشترى النصف الأول بإثنى عشر ألفاً! لماذا؟ ... نزلت قيمته لأنه جعله لله  ولإخوانه المسلمين، لم يستغل حاجتهم إلى الماء ورفع سعره بل جعله صدقة جارية، ولذلك قال فيه :"من يشترى بئر روما وله الجنة" فقام عثمان بهذا العمل، فقال : "لا على عثمان شيئاً بعد هذا اليوم"
ومع ذلك لم يكتفِ بذلك فقد حدث قحط فى المدينة ولم يكن عند التجار ولا فى البيوت حفنة من الدقيق، وفى هذه الأثناء وفد إلى المدينة ألف جمل محملة بالدقيق من بلاد الشام تجارة لعثمان، وذهب تجار المدينة إليه يعرضون عليه أن يدفعون له ضعف ثمنها فرفض، فعرضوا عليه الضعفين فرفض وقال: جاءنى من يشترى بأكثر من هذا، فنظروا إلى بعضهم وقالوا: ومن الذى جاءك ونحن تجار المدينة كلها؟ قال:
أشهدكم أنى جعلتها صدقة على فقراء المسلمين وبعتها بعشر أمثالها لرب العالمين .
لن تفك مشاكل هذا الزمان إلا بأناس من هذا الصنف من الرجال، الذين يرجون ما عند الله، ويطلبون رضا الله والدار الآخرة، فبهم تحل هذه المشكلات وتنتهى هذه الأزمات، ولذلك يقول فيهم  مبيناً مقامهم:
{إِنَّ بُدَلاَءَ أُمَّتِي لَمْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلاَ صَلاَةٍ، وَلكِنْ دَخَلُوهَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَسَلاَمَةِ الصَّدْرِ، وَسَخَاوَةِ الأَنْفُسِ، وَالرَّحْمَةِ لِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ}
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=_nasamaat_Al_Korb&id=47&cat=6

كتاب : نسمات القرب

كونوا قرآنا يمشى على الأرض




الحمد لله الرحيم الغفار ، الكريم القهار ،
مقلب القلوب والأبصار ، عالم الجهر والأسرار ،
أحمده حمداً دائماً بالعشي والإبكار ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
شهادة تنجي قائلها من عذاب النار ،
وأشهد أن محمداً نبيه المختار صلى الله عليه وعلى أهله وأزواجه وأصحابه الجديرين بالتعظيم والإكبار ،
صلاة دائمة باقية بقاء الليل والنهار .

أما بعد ..

فإن أهم ما يعتني به المسلم في حياته اليومية ،
هو العمل بسنة الرسول ~صلى الله عليه و سلم ~
في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله حتى ينظم حياته
على سنة الرسول ~صلى الله عليه و سلم ~ كلها من الصباح إلى المساء .

· قال ذو النون المصري :
[ من علامة المحبة لله عز وجل ،
متابعة حبيبه ~صلى الله عليه و سلم ~ في أخلاقه ، وأفعاله، وأوامره وسننه ] .

قال تعالى
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
[آل عمران:31]

قال الحسن البصري : فكان علامة حبهم إياه ، إتباع سنة رسوله .
· وإن منزلة المؤمن تقاس باتباعه للرسول ~صلى الله عليه و سلم ~
فكلما كان تطبيقه للسنة أكثر كان عند الله أعلى وأكرم .

· ولهذا جمعت هذا البحث المختصر إحياءً لسنة الرسول ~صلى الله عليه و سلم ~
في واقع المسلمين في حياتهم اليومية،
في عبادتهم وفي نومهم وفي أكلهم وشربهم وفي تعاملهم مع الناس
وفي طهورهم وفي دخولهم وخروجهم ولباسهم وسائر حركاتهم وسكناتهم .

· وتأمل كيف لو سقط من أحدنا مبلغ من المال
لاهتممنا واغتممنا واجتهدنا في البحث عنه حتى نجده ،
ولكن كم سنة سقطت في حياتنا هل حزنا لها وسعينا لتطبيقها في واقع حياتنا ؟؟!! .
إن من المصائب التي نعاني منها في حياتنا ،
أننا أصبحنا نعظم الدينار والدرهم أكثر من تعظيم السنة ،
ولو قيل للناس من يطبق سنة من السنن يأخذ مبلغاً من المال
، لوجدت الناس يحرصون على تطبيق السنة في شؤون حياتهم كلها
من أن يصبحوا إلى أن يمسوا لأنهم سوف يربحون من وراء كل سنة من السنن
مبلغاً من المال ، وبماذا ينفعك المال عندما توضع في قبرك ويهال عليك التراب ،

قال تعالى
( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) [الأعلى:16-17] .

· والمقصود بهذه السنن التي في هذا البحث :
هي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ،
وهي " التي تتكرر في اليوم والليلة وباستطاعة كل واحد منا أن يقوم بها "

· وقد وجدت أن بإمكان كل شخص لو حرص على السنن اليومية
أن يطبق ما لا يقل عن ألف سنة في جميع شؤون حياته كلها وما هذه الرسالة إلا لبيان
[ أيسر وسيلة لتطبيق هذه السنن اليومية التي تزيد عن ألف سنة ] .

· فلو حرص المسلم على تطبيق ألف سنة في اليوم والليلة
لكان في الشهر ثلاثون ألف سنة فانظر إلى من جهل هذه السنن أو من علمها
ولم يعمل بها كم من الدرجات والحسنات ضيع على نفسه وإنه لمحروم حقاً .
· وإن الالتزام بالسنة له فوائد منها :-

1- الوصول إلى درجة [ المحبة ] محبة الله عز وجل لعبده المؤمن .

2- جبر النقص الحاصل في الفرائض .

3- العصمة من الوقوع في البدعة .

4- أنه من تعظيم شعائر الله .

· فالله الله يا أمة الإسلام في سنن رسولكم ~صلى الله عليه و سلم ~ ،
أحيوها في واقع حياتكم، فمن لها سواكم ،
فهي دليل المحبة الكاملة لرسول الله ~صلى الله عليه و سلم ~ ،
وعلامة المتابعة الصادقة له ~صلى الله عليه و سلم ~

كونوا قرآنا يمشي بين الناس
www.fawzyabuzeid.com
دروس محاضرات صوتيات قرآن كريم تلاوات محاضرات دينيه فتاوى دليل مواقع صور دعوية سجل زوار المكتبة الاسلامية الشامله استفتاء تصويت مقالات اخبار فلاشات اسلاميات دين قصص

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

مفاتح الفرج

ن الإنسان لا يخلو في هذه الحياة من المتاعب والأحزان وتقلُّب الأطوار وتعاقب الأدوار فكما نرى في الطبيعة اختلاف الليل والنهار وتعاقب الفصول خلال العام من ربيع وصيف وخريف وشتاء كذلك نرى النفوس يتعاقب عليها القبض والبسط والعسر واليسر فيتقلَّب المرء بين السرور والأحزان وقد يدور عليها الخير والشر والبأساء والنعماء فيظهر عليه الابتهاج أو الاكتئاب فالسرور والحزن يظهران على وجه الإنسان ليعبرا عما في نفسه من جلال أو جمال وقبض أو بسط وأسباب القبض كثيرة منها : كثرة الحجب المتراكمة على النفس لذنب وقع وهذا يزول بالتوبة والاستغفار وقد يكون القبض بسبب أمل ضاع أوأمنيَّة لم يستطع المرء تحقيقها وعلاج ذلك بالتسليم لأمر الله والرضا عما قضاه وتفويض الأمر كله لله وربما يكون سبب القبض ظلمٌ وقع على المرء نفسه أو ماله أوأهله وعلاجه بالصبر وسعة الصدر وصدق الالتجاء إلى حضرة الله وتفويضه سبحانه في ردِّ الظلم ودفع المكروه وهناك قبضٌ لا يعرف له سبب وهذا يزول بالكفِّ عن الأقوال والأفعال مع ملازمة الصمت والسكون انتظاراً لفرج الله فإن بعد القبض بسطا وإنَّ مع العسر يسرا .
ومع العسر إن تدبرت يسرٌ \ ومع الرضا كلُ شئٍ يهـون
فنهاية الشدة هي بداية الفرج وربما أفادك ليل القبض ما لم تستنفذه في إشراق نهار البسط فقد ينكشف ليل القبض بظهور نجم يهديك أو قمر يضئ لك الطريق أو شمس تبصر بها سبيل الخلاص .
اشــتدِّي أزمـة تنفرجي \ قد أذن ليــلك بالبلج
وظــــــلام الليل له سرج \ حتى يغشاه أبو السرج
وسحــاب الخير له مطر \ فإذا جـــاء الأبان تجى
وأما أسباب البسط فكثيرة جداً منها التوفيق في طاعة الله أو زيادة من الدنيا أو إقبال الناس عليك أو إطراؤهم لك ومدحهم إياك وهذا كله يقتضي منك أن تشكر الله على نعمه وتوفيقه وألا يؤدي إقبال الدنيا عليك إلى الغرور والبطر والتعالي والزهو ولا يغرُّك ثناء الناس ومدحهم لك بالصلاح وأنت خالٍ منه أو يفتنك ذكرهم لك بما لا تستحق أو يخدعك حسن ظنِّهم بك عن يقينك بما في نفسك واحذر أن يظهر الله للناس ذرَّة مما بطن فيك من العيوب فيمقتك أقرب الناس إليك ولا تصغ إلى من يمدحونك من المنافقين لحاجة في نفوسهم فإذا قضيت حاجاتهم انتهى مديحهم لك وإذا لم تقض سخروا منك واغتابوك فقابل المدح كمادح نفسه وذمُّ الرجل نفسه هو مدح لها وهناك بسطٌ بسبب الإشراقات القلبية والمكاشفات الروحانية والمؤانسات القدسية فعلى من يختصُّه الله به أن يسير فيه في حدود الأدب مع الله فقد قال أحد العارفين { فتح لي باب البسط فانبسطتُ فحُجِبْتُ}والله يقول{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}وربما يتبادر إلى الذهن سؤال وهو لماذا يبتلى الله أحبابه فقد ابتلى آدم بإبليس وإبراهيم بالنمروذ وموسى بفرعون ونبينا محمد بأبي جهل وقد قال {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}والسرُّ في ذلك أن البلاء يخلِّص القلب كليَّة لله لأن المرء عند الشدائد والأزمات يتوجه بالكليَّة إلى الله تعالى مستغفراً ومتضرعاً بالدعاء ليمنحه الرضا بقضائه ويلهمه الشكر على نعمائه ومن هنا نرى أن الله تعالى يبتلي بعض أوليائه في بدايتهم ثم يكون النصر لهم في نهايتهم ليرفع الابتلاء أقدارهم ويكمل بالنعماء أنوارهم فالإنسان لا يتطهَّر إلا بتقلبه بين الخير والشر والعسر واليسر وانظر معي إلى سليمان الذي أعطى فشكر وإلى أيوب الذي ابتلى فصبر وإلى يوسف الذي قدر فغفر فإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه فإذا صبر قربه واجتباه وإذا رضى اصطفاه وأعطاه فوق ما يتمناه هذا إلى أن البلاء يحقِّق العبد بأوصاف العبودية من الذل والإنكسار والشعور بالحاجة والاضطرار وهذا ما يؤهله للقرب من حضرة العزيز الغفار ، وهذا ما يوضحه أحد الصالحين عند توضيحه لقول الله تبارك اسمه وتعالى.شأنه {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } وقوله النبى (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وتمامه (.. فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء) ، رواه مسلم وأحمد وسنن أبي داوود .
حيث يقول{{ فإنَّ في هذه الآية والحديث تصريحاً بعدم تحيُّز الحق تبارك وتعالى في جهة دون أخرى أي فكما تطلبونه في العلوِّ ، فاطلبوه كذلك في السفل وخالفوا وهمكم وإنما جعل الشارع(صلى الله عليه وسلم) حال العبد في السجود أقرب من ربه دون القيام مثلا لأن من خصائص الحضرة أن لا يدخلها أحد إلا بوصف الذل والانكسار فإذا عفَّر العبد محاسنه في التراب كان أقرب في مشهده من ربه من حالة القيام فالقرب والبعد راجع إلى شهود العبد ربه لا إلى الحق تبارك وتعالى في نفسه فإن أقربيته واحدة ، قال تبارك وتعالى في حق المحتضر{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ } و {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ }[ أي الإنسان ]( مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } انتهى.
فالدعاء نور الروح وهداها وإشراق النفس وسناها وهو علاج القلق الذي ينتاب الإنسان في أوقات الأزمات ودواء الاضطراب والقنوط وهو الإكسير الذي يتجرَّعه المؤمن فيزول اضطرابه ويسكن قلقه وتنزل السكينة والطمأنينة على قلبه ويفرح فيه بلطف ربه هذا إلى جانب أنه يُزيل ما ران على القلب ويذيب الغشاوات التي تعلو صفحة الفؤاد ويجتث من الوجدان شرايين الغلظة والجفوة والقسوة ففيه طهارة القلوب وتزكية النفوس وتثقيف العقول وتيسير الأرزاق والشفاء من كل داء ودوام المسرات والسلامة من العاهات وهو سلاح المؤمن الذي ينفع مما نزل ومما لم ينزل فكن على يقين من أن إجابة الدعاء معلقة بمشيئة الله تعالى والحق يقول{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء}وقد ورد أن البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان حتى يغلب الدعاء البلاء وقد صدق رسول الله حيث يقول ( لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ )عن سلمان رضيَ اللَّهُ عنهُ ، جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير
وقد وضح هذه الحقيقة الإمام الغزالي رضي الله عنه حيث يقول{ فإن قلت فما فائدة الدُّعاء والقضاء لا مردَّ له ؟ قلت : إن من القضاء ردَّ البلاء بالدُّعاء والدُّعاء سببٌ لردِّ البلاء واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لردِّ الســـهم فيتدافعان كذلك الدعاء والبلاء يتعالجان }فإذا ابتليت بمحنة يا أخي المؤمن فقل(ذلك تقدير العزيز العليم)وإذا رأيت بليَّـة فقــل ( سنَّة الله في خلقه ) وإذا نزل بك مكروه ( فاذكر أن الله ابتلى بالمكاره الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين)فمن كانت له فطنة وبصيرة علم أن أيام الابتلاء قصيرة وقد جمعنا في هذا الموضوع دعوات مستجابات واستغاثات مجربات وصلوات فاتحات وأحزاب كاشفات للهموم والكروب والملمات وهي من كتاب الله تعالى ومن أقواله رسوله الكريم ومن هدي السلف الصالح فاجعلها سميرك ورفيقك وستجدها الصديق الذي يرضيـك دائماً وتستريح إليه كلما نزل بك همٌّ أو غمٌّ وعند المتاعب والأزمات فقد جربناها فوجدناها سريعة الإجابة في تفريج الكروب وقضاء الحاجات بإذن الله تعالى وإياك والقلق والاضطراب والاستسلام للنحيب والبكاء واليأس من تحقيق الرجاء وكن كالشجرة العظيمة العالية لا تؤثر فيها الرياح العاتية فإذا صادفتك مشكلة فافحص أوجه حلِّها حتى لا تقع في مثلها وخذ في الأسباب وانتظرالفرج ولا تفقد الأمل ولا تضيِّع وقتك في القلق والاضطراب وفي لعن الحياة ودع التدبير لمدبِّر الأكوان مع الأخذ في الأسباب واعلم أن الله وحده يصرِّف الأمور ويفرِّج الكروب فاعرض مشاكلك كلها عليه وإن لم يكن ما تريد فليكن منك الرضا بما يريد والله غالبٌ على أمره فقد أوحى الله إلى شعيب عليه السلام : يا شُعيب هبْ لِي مِنْ وَقْتِكَ الْخُضُوعَ وَمِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَمِنْ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعَ ثُمَّ ادْعُنِي، فَإِنِّي قَرِيبٌ.فاتَّجه يا أخي إلى الله وعوِّد لسانك مناجــاة الله وتوقع الخير دائمـــــاً من الله وكرِّر دائــــــماً قول الحق سبحانه {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أسأل الله أن ينفع بهذه الأدعية والاستغاثات كل من قرأهــا أو دعا بهــا أو أوصــلها لمن يحتاجهـــا أو دلَّ عليها الطـــالب لها
يتبع إن شاء الله

الأحد، 9 أكتوبر 2011

حديث ( لا تشد الرحال ... ) وزيارة النبى صل الله عليه وسلم


زيارة الروضة وحديث ( لا تشد الرحال ……. )




زيارة روضة النبى والصالحين
حديث ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ………….)
كثير من الناس يخطئ فى فهم هذا الحديث عن جهل أو عن عمد ، فيستدل بعضهم به على تحريم شدّ الرحال لزيارة روضة النبي صل الله عليه وسلم وكذلك روضات الصالحين وغيرها
والحديث واضح جاء بأسلوب الاستثناء وهذا يقتضى وجود مستثنى ومستثنى منة فالمستثنى هو ما كان بعد (إلا ) وهى أداة الاستثناء والمستثنى منه هو ما كان قبلها ولابد من الأمرين إما وجودا أو تقديرا وهذا معروف ومقرر في أبسط كتب النحو
ومادام المستثنى هو( مساجد ) إذن المستثنى منه هو ( مسجد ) فيكون سياق الحديث بلفظ : لا تشد الرحال إلى مسجد إلا إلى ثلاثة مساجد …….)
والدليل على ذلك وجود حديث آخر تم فيه التصريح بالمستثنى منه : أخرجه أحمد من شهر بن حوشب قال : سمعت أبا سعيد وذكرت عنده الصلاة والسلام في الطور فقال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( لا ينبغي للمطى أن يشدّ رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي وفى لفظ آخر ومسجدي هذا ) قال الحافظ بن حجر (شهر حسن الحديث وإن كان فيه ضعف وقال الحافظ الهيثمي : وفيه شهر فيه كلام وحديثه حسن ( مجمع الذوائد ج4ص3 )
وقال السبكى الكبير : وقد التبس ذلك على بعضهم فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن فى غير الثلاثة داخل في المنع وهو خطأ ، لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى فمعنى الحديث : لا تشد الرحال على مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة وشد الرحال إلى زيارة أو إلى طلب علم ليس إلى المكان بل إلى من في ذلك المكان والله أعلم أه فتح الباري ج3 ص66

قال ابن حجر العسقلاني : قال بعض المحققين : قوله : } إلا إلى ثلاثة مساجد { المستثنى منه محذوف فإما أن يقدر عاما فيصير : لاتشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة ، أو أخص من ذلك إذ لا سبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها . فتعين الثاني والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة وهو لا تشد الرحال إلى مسجد إلا إلى الثلاثة … ) . فيبطل قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيرة من قبور الصالحين . والله أعلم ) فتح الباري لابن حجر العسقلاني 3/69
واستنكر بن حجر وقوع ابن تيمية في هذه المغالطة فيقول ( وهى من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية ) فتح الباري لابن حجر العسقلاني 3/69
وفهم العلماء من هذا الحديث ( لا تشد الرحال ……) أنه من نذر شد الرحال لغير المساجد الثلاث لا يجب عليه الوفاء بنذره
قال الأمام الغزالي رحمة الله ( إذا نذر إتيان مسجد سوى الثلاثة مساجد لم يلزمه شئ ثم ذكر نص الحديث لا تشد الرحال …. )
أذن هذا الحديث لا يوجب تحريما ولا كراهية في شد الرحال إلى غيرة على الصحيح بل بين أن القربة هذا فقط ) فتح الباري للعسقلاني 3/69
قال ابن قدامة في السفر لزيارة القبور والمشاهد :………….والصحيح إباحته وجواز القصر فيه لأن النبي صل الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا وكان يزور القبور وقال زوروها تذكركم الآخرة ، وأما قوله :} لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ….. { فيحمل على نفى التفضيل لا على التحريم ) فتح الباري للعسقلاني 3/69
والنهى عن شد الرحال لمسجد غير الثلاثة ليس على التحريم ولكن يحمل على نفى التفضيل فقد ثبت أن النبي صل الله عليه وسلم قد شدّ الرحال لمسجد رابع هو مسجد قباء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال } كان النبي صل الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا وراكبا{
وكان عبد الله بن عمرو يفعله ولذلك قال الحافظ ( وفيه أن النهى عن شدّ الرحال لغير المساجد الثلاث ليس على التحريم )
أخرجه البخاري في صحيحة 1/399 وسلم بنخوة 2/ 1017 كلاهما من حديث ابن عمر رضى الله عنهما
قال العلامة ابن عابدين : } وفى الحديث المتفق عليه}لا تشد الرحال ….. { والمعنى كما إفادة في} الإحياء {أنه لا تشد الرحال لمسجد إلا إلى هذه المساجد لما فيها من المضاعفة بخلاف بقية المساجد فإنها متساوية في ذلك ، فلا يرد أنه قد تشد الرحال لغير ذلك كصلة الرحم وتعلم علم وزيارة المشاهد كقبر النبي صل الله عليه وسلم وقبر الخليل صل الله عليه وسلم وسائر الأئمة )حاشية ابن عابدين 2/627
زيارة قبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال عند ابن القيم


قال ابن القيم في قصيدته المشهورة بالنونية
يذكر فيها آداب زيارة قبر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ويذكر أنها من أفضل الأعمال:
فإذا أتينا المسجد النبـــــوي صلينا التحيــــــة أولاً ثنتــــــان
بتمام أركان لها وخشوعها وحضور قلب فعل ذي الإحسان
ثم انثنيا للزيــــارة نقصـــد القبر الشريف ولو على الأجفان
فنقوم دون القبر وقفة خاضع متذلل في السر والإعـــــــــــلان
فكأنه في القبر حــــي ناطق فالواقفون نواكس الأذقـــــــــــان
ملكتهمُ تلك المهابة فاعترت تلك القوائم كثرةُ الرجفــــــــــان
وتفجرت تلك العيون بمائها ولطالما غاضت على الأزمـــان
وأتى المسلم بالســـلام بهيبة ووقار ذي علم وذي إيمـــــــــان
لم يرفع الأصوات حول ضريحه كلا ولم يسجد على الأذقــــــــان
كلا ولم ير طائفــــــاً بالقبـــر أسبوعاً كأن القبر بيت ثـــــــان
ثم انثنى بدعائــه متوجهــــاً لله نحو البيت ذي الأركــــــــان
هذه زيارة من غدا متمسكاً بشريعة الإسلام والإيمـــــــــان
من أفضل الأعمال هاتيك الزيارة وهي يوم الحشر في الميـــزان

كان سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يكثر منها ويهتم بها كما بين ذلك تلميذه نافع فقد ثبت أنه " سأل رجل نافعاً فقال :
- هل كان ابن عمر يسلم على القبر فقال : نعم ، رأيته مائة أو أكثر من مائة مرة يأتي القبر فيقوم عنده فيقول : السلام على النبي السلام على أبي بكر السلام على أبي " (في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم 2 / 668 قال ( روى ابن بطة بإسناد صحيح … سأل رجل نافعاً … ) .
) وإسناده صحيح وروى الإمام مالك في الموطأ ( عن عبدالله بن دينار قال رأيت عبدالله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي على النبي وعلى أبي بكر وعمر ) (موطأ الإمام مالك ص 115 برقم 397 .)، والصلاة معناها الدعاء .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" واعلم أن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم القربات وأنجح المساعي فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحباباً متأكداً أن يتوجهوا إلى المدينة المنورة لزيارته صلى الله عليه وسلم "وزيارته صلى الله عليه وسلم مستحبة في كل حين لا بعد الحج خصوصاً لكنها تتأكد بعده كما ذكره الإمام النووي هنا عملاً بما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي "وذلك لأن المرء يكون بعد الحج صافي القلب مقبلاً على الله تعالى أكثر من الأوقات الأخرى فيغتنم هذه الحالة ، ويغتنم قربه من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو في مكة - إذا كان منزله أبعد من مكة والمدينة زادهما الله شرفاً فربما لا تتيسر له بعد ذلك ، وإذا كانت المدينة المنورة في طريقه إلى مكة استحب له أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم ولو قبل أن يحج إذا كان الوقت يتسع لذلك قال الإمام النووي " يستحب للزائر أن ينوي مع زيارته صلى الله عليه وسلم التقرب إلى الله تعالى بالمسافرة إلى مسجده صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه " ، إذ إن السفر وسيلة إلى هذه العبادة وتلك ، ووسيلة العبادة لها حكم العبادة أي هي مستحبة مثلها هنا وجمع النيتين مستحب فيكون له أجر مضاعف

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال "ليهبطنّ المسيح ابن مريم حكما مقسطا وليسلكنّ فجّا حاجّا أو معتمرا وليأتينّ قبري حتّى يسلّم عليّ ولأردّنّ عليه" في هذا الحديث والّذي قبله دليل على استحباب زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأنّها قربة إلى الله تعالى. وفي الحديث الثّاني دليل على نزول عيسى من السّماء قبل القيامة وهذا النّزول من العلامات الكبرى لقيام السّاعة وعرف من الأحاديث الصّحيحة ومن قول الله تعالى "وإنّه لعلم للسّاعة" قال ابن عبّاس نزول المسيح من السّماء إلى الأرض. وقوله "حكما مقسطا" فيه أنّ عيسى سيحكم في الأرض بالعدل. وقوله "وليسلكنّ فجّا" أي طريقا. وقوله "وليأتينّ قبري" فيه دليل على استحباب قصد قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم لزيارته والسّلام عليه وفي هذا ردّ على المانعين من السّفر بقصد زيارة قبر النّبيّ وهم بذلك خالفوا هذا الحديث والإجماع، ونون التّوكيد في قوله "وليأتينّ" فيها إشارة إلى تأكيد قصده قبر النّبيّ لزيارته والسّلام عليه. وقوله "حتّى يسلّم عليّ" فيه دليل على استحباب السلام على النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقوله "ولأردّن عليه" فيه دليل على أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حيّ في قبره يسمع سلام المسلّمين عليه ويردّ عليهم بإذن الله
الأمام مالك رضي الله عنه ( كره أن يقال زرنا قبر النبي صل الله عليه وسلم كأنه أراد أن يقول القائل زرنا النبي صل الله عليه وسلم
قال الحافظ ابن حجر : إنه إنما كره اللفظ أدبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجلّ القربات الموصلة إلى ذى الجلال وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع ) فتح الباري ج3ص166
وكذلك الإمام الحافظ ابن عبد البر قال : إنما كره مالك إن يقال زرنا قبر النبي صل الله عليه وسلم لاستعمال الناس ذلك بعضهم لبعض أي فيما بينهم فكره تسوية النبي صل الله عليه وسلم مع الناس وأحب أن يخص بأن يقال سلمنا على النبي صل الله عليه وسلم
قال الشيخ ابن قدامة إمام الحنابلة وصاحب كتاب المغنى : ويستحب زيارة قبر النبي صل الله عليه وسلم لما روى الدارقطنى بإسناده عن ابن عمر قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي ) وفى رواية : من زار قبري وجبت له شفاعتي )


قال الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي الذي هو من أعمدة المذهب الحنبلي إنه مما يستحب قوله عند زيارة قبر النبي : اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وإني قد أتيت نبيك تائبا مستغفرا فاسألك أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته اللهم إني أتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم نبيّ الرحمه يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي.اهـ فبعد هذا كيف يقول بعضهم إن زيارة قبر النبي للتبرك به والتوسل به زيارة شركية فما ابعد هؤلاء عن الحق
وقد قال الإمام مالك للخليفة المنصور لما حجّ فزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسأل مالكا قائلا يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله قال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك ءادم عليه السلام إلى الله تعالى بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله .ذكر ذلك القاضي عياض في كتاب الشفا.


ويروى عن العتبى قال : كنت جالسا عند قبر النبي صل الله عليه وسلم فجاء إعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله ! سمعت الله يقول : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربى ثم أنشد يقول : يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لروض أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الإعرابي فحملتني عيني فنمت فرأيت النبي صل الله عليه وسلم فى النوم فقال لى : يا عتبي ألحق الإعرابي فبشرة أن الله قد غفر له ، اه ( المغنى لإبن قدامة ج3 ص556 )
الشيخ أبو الفرج بن قدامة أمام الحنابلة وصاحب الشرح الكبير: }مسألة {فإذا فرغ من الحج استحب زيارة قبر النبي صل الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما .
ثم ذكر الشيخ ابن قدامة صيغة تقال عند السلام على النبي صل الله عليه وسلم وفيها أن يقول : ( اللهم إنك قلت وقولك الحق : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبى مستشفعا بك إلى ربى فأسألك يارب أن توجب لى المغفرة كما أو جبتها لمن أتاه فى حياته ، اللهم اجعله أول الشافعين وأنجح السائلين وأكرم الأولين والآخرين برحمتك يا أرحم الراحمين )
وقال مثل ذلك الشيخ منصور بن يونس البهوتى الحنبلى وكذلك شيخ الإسلام محمد تقى الدين الفتوحى الحنبلى : يسن زيارة قبر النبى صل الله عليه وسلم وقبر صاحبي رضى الله عنهما وكذلك الشيخ مرعى بن يوسف الحنبلي وكذلك الرافعى والغزالى والبغوى فى التهذيب والشيخ عزالدين بن عبد السلام فى مناسكه وأبو عمروبن صلاح والنووى رحمهم الله تعالى وكذلك قال الشيخ الكرمانى شارح البخارى شرح الكرمانى ج7 ص12. و

قال المرداوى الحنبلى يستحب زيارة قبر النبى وقبر صاحبيه وهذا المذهب الحنبلى وعليه الأصحاب قاطبة متقدمهم ومتأخرهم ( الإنصاف للمرداوى 4/53
مذهب الحنفيه : قال الأمام كمال الدين بن محمد عبد الواحد فى شرح فتح القدير ( قال مشايخنا رحمهم الله تعالى : من أفضل المندوبات , وفى مناسك الفارسى وشرح المختار : انها قريبة من الوجوب لمن له سعة ) شرح فتح القدير لإبن عبد الواحد 3/179
وفى مذهب المالكيه قال القرافى : وزيارة النبى من السنة المتأكدة ) الذخيرة للقرافى 3/375
وفى المذهب الشافعى قال الأمام النووى ( واعلم أن زيارة قبر رسول اللله صل الله عليه وسلم من أهم القربات وأنجح المساعى فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكه استحب لهم استحسانا متأكدا أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته صل الله عليه وسلم وينوى الزائر من الزيارة التقرب وشد الرحل إليه والصلاة فيه ) المجموع للنووى 8/201

وروى ابن عساكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداري بعد فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال :" ثم إن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له:" ماهذه الجفوة يابلال ؟ أما آن لك أن تزورني!" فانتبه حزينا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ومرغ وجهه عليه. " وقال الحافظ تقي الدين السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام:" وممن روي ذلك عنه من الصحابة بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر من الشام إلى المدينة لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم روينا ذلك بإسناد جيد إليه ." وفي تحفة ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال:" لما رمس رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله عنها فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعتها على عينها وبكت وأنشأت تقول : ماذا على من شم تربة أحمد * أن لايشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا . " وروى الإمام أحمد في المسند أن مروان أقبل يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال:" أتدري ما تصنع؟ " فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال:" نعم ! جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر! سمعت رسول الله يقول:" لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله." وأخرجه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي في التلخيص . وذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:"{ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك...} الآية روى عن علي قال:" قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال:" قلت يارسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك {ولو أنهم ظلموا أنفسهم .....}الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر :" أنه قد غفر لك !"

ولا يصح أن يتمسك البعض من إخواننا ويصروا على فهم أحد العلماء الذي شذّ بفهمه وينكرون فهم باقي العلماء مما جعلهم يتخبطون وينتجون لنا قولا غريبا عجيبا محصلته : استحباب الشئ وتحريم الوسيلة الموصلة إليه ، أو يقتصر حكم استحباب زيارة الروضة لمن يسكن بجوار القبر الشريف .مع القاعدة المعروفة المتفق علها أن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد .
وفى الحقيقة القبر بذاته لا يقصده ولا يتوجه إليه أي مسافر إنما يتوجه المسافر إلى صاحب القبر ويشد الرحال لزيارته
أ

أضافة تقييم إلى حسن العجوز تقرير بمشاركة سيئة