صوته صلى الله عليه وسلم لم يكن قوياً ، قالوا : وكان به بحة بسيطة ، وعندما كان يتكلم كان صوته هادئاً لكن به رقة وفيه رحمة ، ومع هذا {فقد كَانَ يَخْطُبُ عَلَي مِنْبَرِهِ ، يُسْمِعُ جَمِيعَ سُكَّانَ الَمدِينَةِ فِي بُيُوتِهِم بِهَذَا الصَّوْتُ الهَادِئ ، حَتَّيَ العَوَاتِقِ فِي خُدُورِهِنَّ}[1]
كذلك وهو في الحج عندما نزلوا مني ، وقد نصبت الخيام الكثيرة ، لأنه كان يحج معه مائة ألف ، وكل جماعة في خيمتهم {فَجَلَسَ عَلَي نَاقَتِهِ يَشْرَحُ لَهُمْ مَنَاسِكَ الْحَجِّ ، فكُلُّ جَمَاعَةٍ وَهُمْ جُلُوسٍ في خَيْمَتِهِمْ ، سَمِعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَشْرَحُ المَنَاسِكَ}[2] بلا مكبرات للصوت ، أو تسجيلات أو إذاعة أو تليفزيون ، لكن الذي كان يوصِّل هذا الصوت هو الذي يقول للشيء كن فيكون أما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت أيضا وسطا ، ولكنه كان يسمع به أصوات كل شيء ، ففي يوم ما كان جالسا مع أصحابه ، فقال لهم : أتسمعون ما اسمع؟ قالوا : لا ، وماذا تسمع ؟ قال صلى الله عليه وسلم {أطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لهَا أنْ تَئِطَّ - لماذا ؟ ،- قَالَ :مَا فيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إلا وَفيِهِ مَلكٌ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي رَاكِعٌ أوْ سَاجِدٌ}[3] وكان جالسا معهم في يوم ما فقال لهم : أتسمعون هذه الوجبة ؟ قالوا : نعم ، فقال صلى الله عليه وسلم {هَذِهِ صَخْرَةٌ ألْقِيَتْ فِي جَهَنَّمِ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةٍ ، وَالآنَ اسْتَقَرَّتْ فِي قَعْرِهَا}[4] وفي يوم آخر وكان راكبا بغلته، وفجأة ارتجفت البغلة ، فقال صلى الله عليه وسلم : أيوجد هنا مقابر؟ فقال رجل : بلي هنا مقابر فلان وفلان من الكفار ، فقال صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْلا أنكُمْ لا تَدْفِنُوا مَوْتاكُمْ لأسْمَعْتُكُمْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ مَا أسْمَعُ}[5] أي انه سمع عذاب القبر الذي يتعذبون به فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمع ملائكة السموات ، وانتم تعلمون انه كان يأتيه الوحي فيسمع ، ومن حوله لا يسمعون ، فأذنه تسمع الملائكة ، وتسمع تسبيح كل شيء ، وتسمع جميع اللغات ، لغة الطيور ، ولغة الحيوانات ، ولغة الحشرات ، ولغة الجن ، وكل اللغات تسمعها أذن رسول الله صلى اللهعليه وسلم أما شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيضاً كان وسطا ، فليس ناعما جدا ، وليس خشنا جعدا ، لم يبيض من شعرة طوال عمرة إلا سبعة عشر ة شعرة ويُروي أن سيدنا خالد بن الوليد كان في احدي المعارك مع الروم {يوم اليرموك} ، وعلي رأسه عمامة ، وأثناء المعركة سقطت العمامة وسط جيوش الأعداء ، فأمسك السيف وحارب بتهور ، كالذي يريد أن يقتل نفسه إلي أن التقط العمامة مرة أخري ، فقالوا له : لماذا تفعل هذا والله يقول{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 195 البقرة لماذا تلقي بنفسك إلي التهلكة بهذه الصورة؟ فقال لهم : أتعرفون لماذا كنت أحارب؟ قالوا : لا؟ قال : ليس من اجل العمامة {ولكن هذه العمامة بها خصلة من شعر ناصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقد أنهن سبب نصري في كل معركة أدخلها ، فخشيت بفقدهن ألا يحالفني النصر بعد ذلك أبدا}[6] فشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كالشعر العادي ، لأنه كان سببا للنصر في المعارك الحربية التي قادها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم {1} رواه أبو نعيم والبيهقي عن البراء{2} رواه ابن سعد وأبو نعيم عن عبد الرحمن بن معاذ التميمي{3} رواه أبو نعيم عن حكيم بن حزم والترمذي وابن ماجه عن أبي ذر رضي الله عنه - أطت : أي أخرجت صوتا ضخما {4} رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه {5} رواه مسلم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه {6} أخرجه سعيد بن منصور ، وابن سعد وأبو يعلي والحاكم والبيهقي وأبو نعيم عن خالد |
Islam is religion of peace
الأربعاء، 22 يناير 2014
صوت رسول الله صل الله عليه وسلم
الثلاثاء، 21 يناير 2014
منهج لنيل محبة الله
أهم ركن ، وأول ركن في منهج القرب من الله ، ونيل محبة الله ، الصلاة لوقتها {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} البقرة238
وقانتين يعني عابدين ، ولكن بعد المحافظة على الصلاة ، وأي زيادة في العبادات ، وفي الأعمال الصالحات ، لا تصحُّ ولا تجوز إلا بعد إحكام الأساس الأول ، وهو المحافظة على الفرائض في وقتها ، والمحافظة على الصلاة تعني أن العبد يتجهز ، ويتأهل للصلاة ، وينتظر الآذان في بيت مولاه عز وجل ولا ينتظر حتى يؤذن المؤذن ، ويذهب ، لأنه بذلك سيذهب غير متأهل ؟ولذلك تجد جُل الصالحين ، لا يؤذن عليهم الآذان إلا وهم في بيت الله ، مترقبين الصلاة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم {لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ لاَ يَمْنَعَهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ انْتِظَارُ الصَّلاَةِ}[1] لماذا؟ لأنني إذا تكلمت مع فلان أو فلان ، وأذن المؤذن ، سأذهب وأنا مشغول بما قيل ، وأفكر فيما أقول ، فكيف إذاًَ يكون شكل هذه الصلاة ؟ لكنني قبل الصلاة يجب علىَّ أن أقطع كل الشواغل الكونية ، وكل المشاغل الدنيوية ، وأتطهَّر ظاهراً وباطناً ، وأذهب إلى بيت ربي ، وأشغل الدقائق المتبقية بذكر الله ، والاستغفار لله أو بتلاوة كتاب الله ، أوبالصلاة والتسليم على سيدنا رسول الله فيتجهز القلب للقاء مولاه والمناجاة ، وهذه هي صلاة الأوابين ، إذن لا بد وأن يجهز نفسه قبل الصلاة ، وكان يقول في ذلك الإمام سعيد بن المسيب رضي الله عنه : "بقى لي أربعين عاماً ما أذن علىَّ المؤذن إلا وأنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه من الذي كان يصلي بجوارك ؟ قال : " بقي لي أربعون عاما أصلي ، وما حدثت نفسي يوماً بمن على يميني ولا من على شمالي " ، وذلك لأنه مشغول بالله قبلة .العارفين حال .الصلاة وجه مولى منزهاً عن جهات وهموا قبلة.له إذ يصلي بحنان عليهموا.للنجاة فصلاة له ومنه عليهم أخرجتهم فضلاً من الظلمات إذاً الفرائض في وقتها ، وخاصة الصلاة الشهودية ، التي قال فيها رب البرية {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} الإسراء78 إنها صلاة شهود وجه الله ، وشهود أنوار حَبيبه ومُصطفاه ، وشهود كنوز فضل الله ، وشهود خزن عطاءات الله وهي تفتح لعباد الله ، لأنه وقت توزيع الأرزاق الحسية والمعنوية على الصالحين من عباد الله ، ويكفي فيها قول الحَبيب المًُصطفى صلى الله عليه وسلم {من صلى لله أربعين يوماً في جماعةٍ يدرك التكبيرةَ الأُولى ، كُتِبَ لهُ براءَتَان: بَراءَةٌ مِنْ النَّارِ، وبراءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ} وفى رواية {من صلَّى الفجر في جماعة}[2] وهذا تعهد من الحَبيب المَحبوب ، وقد كنا في رمضان محافظين على الفجر في وقته ، وفي الأعمال كان أغلبنا يتوضأ ويتجهز قبل آذان الظهر لكي يصلي الظهر ، وكنا محافظين على المواعيد ، لماذا كان ذلك في رمضان فقط ؟ نحن يا أحباب لسنا رمضانيين - أي موسميين – ومن معه عقد موسمي فليس له شيء عند الله ، فرمضان كشعبان وشوال بالنسبة لفرائض الله لأن ذلك هو باب الفتح الأعظم من الله للصالحين من عباد الله فيلزم أن نحافظ على الفرائض في وقتها ، والفرائض كما وضحت ؛ يلزم أن يتجهز لها المؤمن قبل الآذان {1} عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ في .جامع الأحاديث و المراسيل {2} سنن الترمذي عن أنسٍ بنِ مالكٍ رضي الله عنه http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...%E5&id=5&cat=2 منقول من كتاب {كيف يحبك الله} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
بركة ريق المصطفى صل الله عليه وسلم
أما ريقه صلى الله عليه وسلم فهذا شيء غريب ، لا يعلمه إلا الحقُّ سبحانه وتعالي ، وهو عنده سبع سنين أصيببرمد ، فجده عبد المطلب جاء له بعلاج من مكَّة ، فلم ينفع معه هذا العلاج ، فكرر العلاج ولم ينفع كذلك، وفي النهاية قالوا له :
{إن أردت أن يشفي ولدك فإنه يوجد راهب عند عرفات موجود في دير هناك ، وهو متخصص في علاج العيون ، فـذهب به جدُّه عبد المطلب ، ونادي عليه من ثلاث إلي أربع مرات فلم يرد الراهب ، فحدث زلزال في الدير ، فخرجالراهب يجري ، و أول ما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا نبيُّ هذه الأمة ، ولو لم أخرج إليك لا نهدمالدير وتهدَّم عليّ ، فقال له : أنظر إلي عينيه ففيهما رمد ، قال له : علاجه معه ، قال له : كيف؟، قال : خذ من ريقه ، وضع في عينه يشفي ، فأخذ من ريقه ، ووضع في عينه ، فشفي بإذن الله ، وأصبح هذا شأنه بعد ذلك}[1] وعندما جاء ليفتح خيبر وقال لهم {غَداً سَأعْطِي الرَّايةَ لِرَجُلٍ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهَ ، وَيُحِبُّه اللهُ وَرَسُولُه - ففي الصباحكان كل رجل منهم ، يطمع أن ينال هذا الشرف – فقال صلى الله عليه وسلم : أيْنَ عَلِيٌ ؟ ، قالوا : إنَّهُ أرْمَدٌ - أيعينيه فيهما رمد – فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : إئتُونِي بِِهِ , فلمَّا جاء ، أعْطِاهُ الرَّايَةَ ، فَقَالَ : يا رَسُولَ الله إنِّي اشْتكِي عَيْني ، فقال صلى الله عليه وسلم : لابَأسَ عَليْكَ . ثُمَّ أخَذَ مِنْ رِيِقِهِ ، وَوَضَعَ عَلَيَ عَيْنَيْهِ فَشَفَيَ فِي الحَالِ}[2] وليس بعد ساعة ، أو يوم ، أو يومين ، بل في الحال بل فورا ، شفيت بإذن الله وببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكانُوا يَأتُونَ إليه وَيَقُولُونَ لَهُ : هَذِهِ البِئْرُ مَائُهَا مَالِحٌ - وقد حدثت هذه الواقعة عشرات المرات - فَيَقُولُ لَهُمْ صلى الله عليه وسلم : احْضِرُوا لِي بَعْضَ الْمَاءِ ، فَيَتَمَضْمَضُ بِبَعْضِهِ ، وَيَرُدُّهُ فِي الإنَاءِ بَعَدَ أنْ اخْتَلَطَ بِرِيقِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيَقُولُ لَهُمْ : ضَعُوا هَذَا الْمَاءَ فِي البِئْرِ ، فَيُصْبِحُ عَذْبَاً فُرَاتَاً}[3] وتوجد الآن آبار باليمن ، وآبار بالحجاز ، وآبار بالشام ، كلها عذب ماؤها بريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم ، فعندما يلقون هذا الجزء من الماء يجدون ماء البئر قد صارت عذبة وحلوة من ريق المُصطفي صلوات الله وسلامه عليه وهذه امرأة من الأنصار تحكي وتقول {ذَهَبْتُ إلي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنَا وَأخْوَتِي البَنَاتُ ، وكُنَّ خَمْسُ بَنَاتٍ ، فَوَجَدْنَهُ يأكلُ لَحْمَاً ، فَأمْسَكَ قِطْعَةَ وَمَضَغَهَا بِأسْنَانَهِ الشَّرَيفَةِ ، وَأعْطَاهَا لِيَ ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : اعْطِ لأخَوَاتِكِ كَلَّ وَاحِدَةٍ قِطْعَةً ، فَأعْطَتْهُنَّ ، وَلأنَّ فِيهَا رِيقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَدْ قَالَتْ : لَقَدْ مِتْنَ جَمِيعَاً وَلأفْوَاهِهِنَّ رَائِحَةٌ أطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسُك}[4] فلم يحتاجوا للبان أو معجون أسنان ، حتى ولو أكلوا بصلا أو ثوما ، لأنهم أخذوا من معجون الأسنان الرباني من ريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم وهذا رجل آخر من الأنصار عتبة بن فرقد وكان متزوجا لأربع نسوة ، فقلن {كنَّ نأتي بأفضل الطيب ، ونضعه علي عواتقنا ، وعلي ثيابنا حتى تضوع منا رائحة طيبة , ومع ذلك كان ينتشر منه رائحة أفضل من عطرنا ، مع أنه لا يضع عطرا أبدا ، ومع ذلك فرائحته أفضل من غير شيء ، قلنَّ : فلما عجبنا سألناه عن السبب في ذلك؟ فقال : وأنا طفل صغير ، أصبت ببثرات في ظهري كثيرة ، فـذهبوا بي إلي رسول الله فكشف جسمي ما عدا عورتي ، وأخذ منريقه الشريف علي يده الشريفة ، وظل يدلك به ظهري ، وبطني ، فشفيت من هذه البثرات ، ومنذ ذلك اليوم وهذا العطر لا يفارقني}[5] وأيضا من بركة ريقه صلى الله عليه وسلم {أنه كان جالسا في يوم ما يأكل ، وكانت امرأة في المدينة مشهورة بسلاطة وبذاءة اللسان ، وكانت معروفه في كل المدينة بذلك ، فدخلت عليه ، فأعطاها من الطعام الذي أمامه ، فقالت : أريد من فمك ، فأخذ جزءاً من الذي في فمه ، وأعطاه لها ، فكأنما أُلْجِمَ لِسَانُهَا ، وبعد هذا لم تنطق بكلمة خبيثة أبدا}[6] وهذا بسبب ريق الرسول صلى الله عليه وسلم وفى غزوة بدر أصيب أحد أصحابة بضربة سيف قطعت ذراعه وصار معلقا علي قطعة جلد صغيرة بعد قطع العظام واللحم ، ولم يبقَ إلا قطعة جلد صغيرة فوضع يده علي الأرض وحاول قطعها بقدميه , حتى لا تمنعه عن الحرب فلم يستطع فذهب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع من ريقه ولحم الذراع في الحال ، والعضلات عادت ،والعروق عادت ، والعظام عادت ، كما كانت في الحال ، ولم تجرَ له عملية جراحية ، أو بنج ، أو تخدير ، فكل هذا أغني عنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلكم تعلمون أن الصديق لدغته الحيَّة ، فلم يخرج السمُّ إلا بريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم ، فكان ريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم شفاءاً من كل داء وهذا الريق أيضا غذاءٌ وشراب {فَعِنْدَما كانَ طِفْلٌ تَغِيبُ أمُّه ، أوْ تَمْرَضُ ، كانوا يذهبُونَ بِهِ إليَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُ لِسَانَهُ فِي فَمِ الطِّفْل لِيَمُصَّهُ ، فَيَشْبَعُ الطَّفْلُ طِوَالَ يَوْمِهِ بِإذِنِ اللهِ}[7] وقد عَطَشَ سَيِّدُنَا الحَسَنُ ذَاتَ مَرَّةٍ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ ، وَكَانَ فِي سَفَرٍ فَبَحَثُوا عَنْ مَاءٍ ؛ فَلَمْ يَجِدُوا ، فَـذَهَبُوا بِهِ إلَيرَسُولِ اللهِ ، فَأعْطَاهُ لِسَانَهُ وَمَصَّ رِيقَهُ فَمَكَثَ ثَلاثَ أيْامٍ لا يَحْتَاجُ إلَيَ مَاءٍ[8] وكان في ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم له غناء ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {سُؤْرُ الْمُؤْمِنِ شِفَاءٌ}[9] سؤر المؤمن : يعني ما تبقي منه ، فانه يعتبر شفاءاً لأنه اختلط بريق المؤمن ، فما بالك بريق رسول الله صلى الله عليه وسلم {1} رواه أبو نعيم وابن عساكر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده {2} رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد {3} رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي وأبو نعيم عن وائل بن حجر وعن أنس {4} رواه الطبراني {5} رواه البخاري في التاريخ ، والطبراني وأبو الحسن ابن الضحاك .- بثرات : دمامل {6} رواه الطبراني عن أبي إمامة {7} رواه البيهقي عن محمد بن ثابت {8} أخرجه الطبراني ، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه {9} رواه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
الأحد، 19 يناير 2014
كيف نصل إلى محبة الله
إن أجمل ما يتعلق به عامل لله ، وأسمى غاية يتجه إليها عارف لمولاه ، هي أن يحبه الله ، وكلنا بلا استثناء ؛ نتمنى ونشتاق ، ونريد أن يكرمنا الله فيحبنا ، ويكشف لنا في أنفسنا أو في غيرنا الدليل على محبته ، وكلنا نطمع أن ندخل في قول الله {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} المائدة54
فحبُّه سابق ، وحبُّنا لاحق ، ولولا حبُّه لنا ما أحببناه ، ولولا إعانته لنا ، ما عبدناه ، ولولا توفيقه لنا ما سلكنا طريق الهداة ، ولذلك طلب منا أن نقول في كل ركعة من ركعات الصلاة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} الفاتحة5 فإذا لم يوفق الله ويعين ، فماذا يفعل العبد في طاعته وعبادته لربِّ العالمين وقد عبد إبليس الله اثنين وسبعين ألف سنة ، حتى قيل أنه ليس في السماء موضع أربعة أصابع إلا ولإبليس فيه سجدة لله ولكنه في لحظة اعتقد أن هذه العبادة من نفسه ، وبجهده ، ونسى عون ربه ، وحول ربّه ، وقوة ربه ؛ فكان جزاؤه {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} الأعراف18 ونحن جميعاً نريد أن ندخل في محبة الله ، وأهل محبة الله ، يتولاهم الله بولايته ، ويمدهم بإمداد عنايته ، ويجعلهم دوماً تحت رعايته ، لأن الله آلى على نفسه أن يكون هو حسبهم ، وهو كفيلهم ، وهو وكيلهم ، إذن كيف يحبك الله؟ هذا هو السؤال؟ والإجابة نقرأها في أحاديث الله القدسية ، التي أعلمنا بها خير البرية صلى الله عليه وسلم ، ما المنهج الذي يوصل العبد إلى أن يحبه الله؟ وقد قال في شأن ذلك الحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم {وَإِذَا أَحَبَّ الله عَبْدَاً لَمْ يَضُرَّهُ ذَنْبٌ}[1] لماذا ؟ لأن الله سيحفظه من الذنب ، والعصمة للأنبياء ، والحفظ للأولياء ، والزلل والضلال والعياذ بالله للأشقياء ، والله تولى الإجابة بذاته ليعرف البسيطة كلها الطريق إلى محبة الله ، فقال عز شأنه في الحديث القدسي الصحيح الوارد في الروايات الكثيرة في صحيحي البخاري ومسلم{وَمَا تَقَرَّبَ إِلَـيَّ عَبْدِي بشىءٍ أَحَبَّ إلـيَّ مِـمَّا افْتَرَضْتُ علـيهِ ، ومَا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَـيَّ بالنوافلِ حَتَّـى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كنتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتِـي يَبْطُشُ بِهَا ، ورِجْلَهُ الَّتِـي يَـمْشِي بِهَا ، وَلَئِنْ سَأَلَنِـي عَبْدِي أَعْطَيْتُهُ ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِـي لأُعِيذَنَّهُ}الحديث طويل ، وقائله هو رب العزة عز شأنه هذا الحديث يوضح منهج الصالحين ، السابقين ، والمعاصرين ، واللاحقين ، الذي ساروا عليه حتى نالوا محبة ربِّ العالمين ، وفيه المنهج الكامل بعد التوضيح والبيان ، فأحب ما يتقرَّب العبد به إلى ربه ، هو الفرائض المفترضات ، لذلك فإن سيدنا عبد الله بن مسعود قال يا رسول الله {أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا}[2] {1} الْقشيري في الرسالةَ وابنُ النَّجَّارِ عن أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ ، وأوله {التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ ، وإذا..} {2} رواه مسلم ، و تمامه {قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله» فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلاَّ إِرْعَاءً عَلَيْهِ} |
ريق رسول الله صل الله عليه وسلم
أما ريقه صلى الله عليه وسلم فهذا شيء غريب ، لا يعلمه إلا الحقُّ سبحانه وتعالي ، وهو عنده سبع سنين أصيب برمد ، فجده عبد المطلبجاء له بعلاج من مكَّة ، فلم ينفع معه هذا العلاج ، فكرر العلاج ولم ينفع كذلك، وفي النهاية قالوا له :
{إن أردت أن يشفي ولدك فإنه يوجد راهب عند عرفات موجود في دير هناك ، وهو متخصص في علاج العيون ، فـذهب به جدُّه عبد المطلب ، ونادي عليه من ثلاث إلي أربع مرات فلم يرد الراهب ، فحدث زلزال في الدير ، فخرج الراهب يجري ، و أول ما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا نبيُّ هذه الأمة ، ولو لم أخرج إليك لا نهدم الدير وتهدَّم عليّ ، فقال له : أنظر إلي عينيه ففيهما رمد ، قال له : علاجه معه ، قال له : كيف؟، قال : خذ من ريقه ، وضع في عينه يشفي ، فأخذ من ريقه ، ووضع في عينه ، فشفي بإذن الله ، وأصبح هذا شأنه بعد ذلك}[1] وعندما جاء ليفتح خيبر وقال لهم {غَداً سَأعْطِي الرَّايةَ لِرَجُلٍ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهَ ، وَيُحِبُّه اللهُ وَرَسُولُه - ففي الصباح كان كل رجل منهم ، يطمع أن ينال هذا الشرف – فقال صلى الله عليه وسلم : أيْنَ عَلِيٌ ؟ ، قالوا : إنَّهُ أرْمَدٌ - أي عينيه فيهما رمد – فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : إئتُونِي بِِهِ , فلمَّا جاء ، أعْطِاهُ الرَّايَةَ ، فَقَالَ : يا رَسُولَ الله إنِّي اشْتكِي عَيْني ، فقال صلى الله عليه وسلم : لابَأسَ عَليْكَ . ثُمَّ أخَذَ مِنْ رِيِقِهِ ، وَوَضَعَ عَلَيَ عَيْنَيْهِ فَشَفَيَ فِي الحَالِ}[2] وليس بعد ساعة ، أو يوم ، أو يومين ، بل في الحال بل فورا ، شفيت بإذن الله وببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكانُوا يَأتُونَ إليه وَيَقُولُونَ لَهُ : هَذِهِ البِئْرُ مَائُهَا مَالِحٌ - وقد حدثت هذه الواقعة عشرات المرات - فَيَقُولُ لَهُمْ صلى الله عليه وسلم : احْضِرُوا لِي بَعْضَ الْمَاءِ ، فَيَتَمَضْمَضُ بِبَعْضِهِ ، وَيَرُدُّهُ فِي الإنَاءِ بَعَدَ أنْ اخْتَلَطَ بِرِيقِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيَقُولُ لَهُمْ : ضَعُوا هَذَا الْمَاءَ فِي البِئْرِ ،فَيُصْبِحُ عَذْبَاً فُرَاتَاً}[3] وتوجد الآن آبار باليمن ، وآبار بالحجاز ، وآبار بالشام ، كلها عذب ماؤها بريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم ، فعندما يلقون هذا الجزء من الماء يجدون ماء البئر قد صارت عذبة وحلوة من ريق المُصطفي صلوات الله وسلامه عليه وهذه امرأة من الأنصار تحكي وتقول {ذَهَبْتُ إلي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنَا وَأخْوَتِي البَنَاتُ ، وكُنَّ خَمْسُ بَنَاتٍ ، فَوَجَدْنَهُ يأكلُ لَحْمَاً ، فَأمْسَكَ قِطْعَةَ وَمَضَغَهَا بِأسْنَانَهِ الشَّرَيفَةِ ، وَأعْطَاهَا لِيَ ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : اعْطِ لأخَوَاتِكِ كَلَّ وَاحِدَةٍ قِطْعَةً ، فَأعْطَتْهُنَّ ، وَلأنَّ فِيهَارِيقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَدْ قَالَتْ : لَقَدْ مِتْنَ جَمِيعَاً وَلأفْوَاهِهِنَّ رَائِحَةٌ أطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسُك}[4] فلم يحتاجوا للبان أو معجون أسنان ، حتى ولو أكلوا بصلا أو ثوما ، لأنهم أخذوا من معجون الأسنان الرباني من ريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم وهذا رجل آخر من الأنصار عتبة بن فرقد وكان متزوجا لأربع نسوة ، فقلن {كنَّ نأتي بأفضل الطيب ، ونضعه علي عواتقنا ، وعلي ثيابنا حتى تضوع منا رائحة طيبة , ومع ذلك كان ينتشر منه رائحة أفضل من عطرنا ، مع أنه لا يضع عطرا أبدا ، ومع ذلك فرائحته أفضل من غير شيء ، قلنَّ : فلما عجبنا سألناه عن السبب في ذلك؟ فقال : وأنا طفل صغير ، أصبت ببثرات في ظهري كثيرة ، فـذهبوا بي إلي رسول اللهفكشف جسمي ما عدا عورتي ، وأخذ من ريقه الشريف علي يده الشريفة ، وظل يدلك به ظهري ، وبطني ، فشفيت من هذه البثرات ، ومنذ ذلك اليوم وهذا العطر لا يفارقني}[5] وأيضا من بركة ريقه صلى الله عليه وسلم {أنه كان جالسا في يوم ما يأكل ، وكانت امرأة في المدينة مشهورة بسلاطة وبذاءة اللسان ، وكانت معروفه في كل المدينة بذلك ، فدخلت عليه ، فأعطاها من الطعام الذي أمامه ، فقالت : أريد من فمك ، فأخذ جزءاً من الذي في فمه ، وأعطاه لها ، فكأنما أُلْجِمَ لِسَانُهَا ، وبعد هذا لم تنطق بكلمة خبيثة أبدا}[6] وهذا بسبب ريق الرسول صلى الله عليه وسلم وفى غزوة بدر أصيب أحد أصحابة بضربة سيف قطعت ذراعه وصار معلقا علي قطعة جلد صغيرة بعد قطع العظام واللحم ، ولم يبقَ إلا قطعة جلد صغيرة فوضع يده علي الأرض وحاول قطعها بقدميه , حتى لا تمنعه عن الحرب فلم يستطع فذهب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلمفوضع من ريقه ولحم الذراع في الحال ، والعضلات عادت ، والعروق عادت ، والعظام عادت ، كما كانت في الحال ، ولم تجرَ له عملية جراحية ، أو بنج ، أو تخدير ، فكل هذا أغني عنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلكم تعلمون أن الصديق لدغته الحيَّة ، فلم يخرج السمُّ إلا بريق المُصطفي صلى الله عليه وسلم ، فكان ريق المُصطفي صلى الله عليه وسلمشفاءاً من كل داء وهذا الريق أيضا غذاءٌ وشراب {فَعِنْدَما كانَ طِفْلٌ تَغِيبُ أمُّه ، أوْ تَمْرَضُ ، كانوا يذهبُونَ بِهِ إليَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعُ لِسَانَهُ فِي فَمِ الطِّفْل لِيَمُصَّهُ ، فَيَشْبَعُ الطَّفْلُ طِوَالَ يَوْمِهِ بِإذِنِ اللهِ}[7] وقد عَطَشَ سَيِّدُنَا الحَسَنُ ذَاتَ مَرَّةٍ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ ، وَكَانَ فِي سَفَرٍ فَبَحَثُوا عَنْ مَاءٍ ؛ فَلَمْ يَجِدُوا ، فَـذَهَبُوا بِهِ إلَي رَسُولِ اللهِ ، فَأعْطَاهُ لِسَانَهُ وَمَصَّ رِيقَهُ فَمَكَثَ ثَلاثَ أيْامٍ لا يَحْتَاجُ إلَيَ مَاءٍ[8] وكان في ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم له غناء ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {سُؤْرُ الْمُؤْمِنِ شِفَاءٌ}[9] سؤر المؤمن : يعني ما تبقي منه ، فانه يعتبر شفاءاً لأنه اختلط بريق المؤمن ، فما بالك بريق رسول الله صلى الله عليه وسلم {1} رواه أبو نعيم وابن عساكر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده {2} رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد {3} رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي وأبو نعيم عن وائل بن حجر وعن أنس {4} رواه الطبراني {5} رواه البخاري في التاريخ ، والطبراني وأبو الحسن ابن الضحاك .- بثرات : دمامل {6} رواه الطبراني عن أبي إمامة {7} رواه البيهقي عن محمد بن ثابت {8} أخرجه الطبراني ، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه {9} رواه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4 منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
عين رسول الله صل الله عليه وسلم
عين رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت واسعة ، وكان شديد بياض العين ، شديد سواد الحدقة ، وتوجد بعض العروق الحمراء في عينيه ، والرموشطويلة وكثيفة ، والحاجبان مقوسان كأنهم مرسومان بقدرة ربِّ العالمين , فكان تقويسهم بطريقة معينة بحيث يكاد يلتقيا عند التقاء العينين ، فيهيئ للناظر إليه أنهما يلامس بعضهما بعضا ، بينما هما لا يتلامسان ، بل بينهما خط رفيع ، هذه هي العين الظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وله بعد ذلك عينٌ ليست كأعيننا ، فأعيننا تري ما أمامها فقط ، لكن عينيه هاتين كانت لهما خواصٌ أخري منها : أنه كما يري من أمامه فانه يري من خلفه ، فعند وقوفه في الصلاة ومع شدة انشغاله بالله عز وجل ، فانه كان يلاحظ من خلفه بعينيه ليوجههم إلي ما ارتكبوه من أخطاء أثناء الصلاة ، وذلك في بداية فرض الصلاة فكان يقول صلى الله عليه وسلم : يا فلان أنت أخطأت في كذا ، ويا فلان أنت أخطأت في كذا ، والصحكذا ، فيقولون له : كيف رأيتنا ، ونحن خلفك ؟ فيقول لهم صلى الله عليه وسلم {إنَّي أرَيَ مِنْ خَلْفِي كَمَا أرَي مِنْ أمَامِي}[1] وليس هذا فقط ، فعيوننا لا تري إلا في النور ، ولكن عين رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول فيها السيدة عائشة {كَانَ يَرَي في الظَّلامِ كَمَا يَرَي أحَدكُمْ في النّور ِالتَّامِ}[2] فليس عنده ظلام ولا نهار ، بل كله واضح أمام النبي المختار صلى الله عليه وسلم ، وهذا إلي جانب أن عينه كانت تري ما في القلوب , وتعرف ما تخفيه , وتري الغيوب , فتري الجنَّة وتصفها ، وهو عند وصفة للجنَّة لا يصفها كما نصفها عما قرأناه ، فقد كان ذات يوم يصف الجنَّة ، ولما رأي اندهاش الكلِّ وعجبهم من دقة الوصف ، قال لهم موضِّحا جليَّة الأمر {لَقَدْ رَأيْتُ الجَنَّةَ فِي عَرْضِ هَذَا الحَائِطِ}[3] أي أنا أصف الجنَّة وهي أمام عيناي ، فعين رسول الله صلى الله عليه وسلم تري كل شيء , لأنه قال الله عنه سبحانه وتعالي {ولايَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّيَ أحِبَّهُ ، فَإذَا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ بَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ}[4] فهو يبصر بنور الله سبحانه وتعالي بعد هذا في الوجه : كان عريض الفم ، وكانت العرب تفتخر باتساع الفم ، ومعناه أنه رجل فصيح فيتكلم بفصاحة ، وبلاغة ، وطلاقة ، عريض الفم ، وأسنانهالوسطي الأمامية ، بينهما وبين بعضها فتحات ، ونقول عنها {مفلَّج الأسنان} أي بين كل سنة وأخري فتحة أما أنف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان محدبا من أعلي ، لكنه ليس بالطويل أكثر من اللازم والخدين كانا منبسطين {سهل الخدين} فليس فيهما ارتفاع أو أي شيء مما يعاب ، فهو كامل من كل شيء ، هذا هو وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم {1} رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ، ومسلم له رواية أخري عن أنس رضي الله عنه {2} رواه البيهقي عن عائشة والبخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما {3} رواه الحكيم الترمذي عن انس رضي الله عنه {4} متفق علي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
الجمعة، 17 يناير 2014
تابع وصف النبى صل الله عليه وسلم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل المفرط في الطول ولا بالقصير البيِّن قصره
بل كان بين الطول والقصر فهو وسط في وضعه العادي لكن مع هذا كان سيدنا عمر يقول {مَا مَشَيَ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْمٍ طُوَالٍ إلا كَانَ أطْوَلَهُمْ مَهْمَا كَانَ طُولُهُمْ وَلا جَلَسَ مَعَ قَوْمٍ إلا كَانَ أعْلاهُمْ كَتِفَاً مَهْمَا كَانَ طُولُهُمْ}[1] فربُّنا أعلاه لأنه له العلوُّ في الدنيا والآخرة ، أما وجهه صلوات الله وسلامهعليه فكان مستديراً وعندما سألوا سيدنا البراء رضي الله عنه : أكان وجهه مثل السيف؟ قال {لا بَلْ مِثْلَ القَمَرِ}[2] مستديراً ، ولونه أبيض مشرَّبٌ بحمرة {بياض مختلط بحمرة} وهذه ألوان أهل الجنَّة بياض مختلط بحمرة لكن هذا الوجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يطلُّ علي شيء إلا ويظهر فيه نوره صلى الله عليه وسلم حتى أن بعض أصحابه كانوا يرون أنفسهم في وجهه كأنه مرآة وحين يواجه أحدهم وجه رسول الله يري نفسه في وجهه صلوات الله وسلامه عليه ولذلك يقول سيدنا عبد الله بن عباس {مَا رَأيْتُ رَسَولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ شَمْسٍ وَلا قَمَر ٍ إلا وَكَانَ أنْوَرَ مِنُ الشَّمْسِ وَ أضْوَءَ مِنَ القَمَر}[3] أي نوره أشد وألمع من نور الشمس ، ومن ضوء القمر وقد قال سيدنا جابر بن سمرة رضي الله عنه {رأيْتُ رَسَولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالقَمَرُ طَالِعٌ فَتَارَةً أنْظُرُ إلي وَجْهِهِ ، وَمَرَةً أنْظُرُ إلَي القَمَر ِ، فَو َاللهِ إنْهُ لأحْلَي في عَيْنَيَّ مِنَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ}[4] وهذا ليس جمال حسِّيٌّ ، ولكنه جمال معنوي , ويكفي أن سيدنا يوسف وقد أعطاه الله جزءاً من جمال رسول الله فالنساء عندما رأونه قطعن أيديهن بالسكاكين وهم لا يدرون والذي معه منجمال رسول الله يقول فيه رسول صلى الله عليه وسلم {أُُعْطِيَ يُوسُفُ شَطْرَ الحُسْنِ}[5] نصفه ، أي أعطي نصف حسن رسول الله صلى الله عليه وسلم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحسن كله , والنساء قطعن أيديهن عندما رأينه وهم لا يدرون فما بالك بجمال رسول الله نفسه؟ ولذلك فإن حسان بن ثابت عندما رآه أول مرة وكان شاعرا للرسول قال له : وأجمل منك لم تر قط عيني وأحسن منك لم تلد النساء خلقت مبرءا من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء فهو صلى الله عليه وسلم المبرأ من كل عيب في الذوات البشرية ، لأنه هو الكامل ولا يوجد كامل إلا سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه {1} أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه والبيهقي وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها {2} رواه البخاري {3} رواه ابن الجوزى في الوفا {4} رواه ابن إسحاق {5} رواه ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي يعلي وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
الخميس، 16 يناير 2014
وصف النبى لتسحضره عند نومك
نريد أن نتمثَّل وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكأنه يعيش بيننا ، فانتبهوا معي لهذا الوصف حتى إذا ذهب أحدنا للنوم يستحضر هذا الوصف وهو نائم فينام فيجد النبي صلى الله عليه وسلم لأن البداية تأتى من هنا ، أن يشتاق الإنسان ، ويستحضر هذه الذات المحمدية ويحاول أن يتعلق بهذه الأوصاف الكاملة المكمَّلة ، فينام وهو متعلِّق بها فيتعطف عليه حَبيب الله وصفىُّ الله ، فيأخذ روحه إلى حضرته ويطلعها على جمال طلعته مع أن كثيراً من أصحابه صلوات الله وسلامه عليه ماتوا ولم يستطيعوا أن يتطلَّعوا في وجهه الشريف هيبة منه صلى الله عليه وسلم وهم الأبطال الكبار في مجال الحروب والذين كان الواحد منهم يقتل الفرسان بالمئات والآلاف بينما يأتي أمام رسول الله ويضع عينيه في الأرض و لا يستطيع أن ينظر بهما إلي وجه رسول الله حياءاً منه صلى الله عليه وسلم فقد كان وجهه يأخذ بالأبصار ولذلك فإن سيدنا عمرو بن العاص عند موته ، كان يبكي خوفا من لقاء الله مع ما قدَّمه من جهاد وفتوحات ومن تأييد للدعوة الإسلامية لكنه يخاف لقاء الله ، كما علَّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ابنه: لماذا أنت خائف ألا يكفيك أنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وابنه صحابي أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص ومِن الذين رأوا رسول الله وصاحبوه فقال له: يا بني لقد عشت ما عشت وما استطعت أن أملأ عيني من وجه رسول الله حياءاً منه فقد كان الذي يراه من أول مره يرتعش ويرتعد من هيبته ولذلك سيدنا عليٌ وهو يصفه قال {مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ}[1] أي الذي يراه من أول وهلة يهابه ، ولذلك ذهبت سيدة لتزوره صلوات الله وسلامه عليهوتسأله فعندما رأت رسول الله ، وقعت علي الأرض ، وحدثت لها رعدة ، فهدأها وقال لها صلى الله عليه وسلم: {هَوْنِي عَليْكِ فَإنْمَا أنَا ابْنُ امْرَأةٍ مِنْ قُرَيْش ، كَانَتْ تأكُلُ الْقَدِيدَ}[2] وكانت هذه الهيبة تعتري حتى صناديد أهل الكفر، فعندما ذهب رجل إلي مكة، وكان تاجرا فأخذ منه أبو جهل تجارته ولم يعطه ثمنها ، فذهب للكفار وهم حول الكعبة ، وقال لهم : من الذي يأتيني بحقي من أبي جهل؟ فأرادوا أن يستهزئوا به فدلُّوه علي النبي صلى الله عليه وسلم فذهب له وبعد انتهائه من صلاته قال له: أريد أن تأتي لي بحقِّي ، قال له صلى الله عليه وسلم : ماذا تريد ؟ ، قال له : أبو جهل أخذ تجارتي ولم يعطني حقِّي فقال له صلى الله عليه وسلم : تعالَ معي ، وهم يمشون خلفهم لينظروا إلي هذا الموقف لأن أبا جهل ألد أعدائه ، وهو الذي يؤلب عليه الأعداء ، فذهب إليه , ودقَّ الباب , قال : من؟ قال صلى الله عليه وسلم : محمد فإذا بأبي جهل يخرج مرتعدا ، ليقول له : ماذا تريد ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم : أعط هذا الرجل حقَّه ، فأجابه علي الفور : انتظر حتى أحضر له حقَّه ودخل الدار ، وجاء بحقِّه فورا ، فتعجبوا وانتظروا حتى مشي رسول الله والرجل الذي معه وقالوا لأبي جهل : ما هذا الذي رأيناه منك الآن؟ ولم يدركوا أو يعرفوا أنها هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كساها له الله ، لأنه نبيُّ الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه[3] [1] رواه البخاري عن علي رضي الله عنه و كرم الله وجهه [2] رواه الحاكم من حديث جابر وقال صحيح علي شرط الشيخان- القديد: اللحم المجفف [3] أخرجه ابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم عن عبد الملك بن أبي سفيان الثقفي حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً |
الأربعاء، 15 يناير 2014
حلول نبوية للفتن اليومية
الحمد لله ربِّ العالمين، أكرمنا بهُداه، وملأ قلوبنا بحبِّه عزَّ وجلَّ وحبِّ حبيبه ومصطفاه، وطلب منا لكي نفوز ونجوز ونصير سعداء في هذه الحياة، أن نتآلف فيما بيننا، وأن نتوادَّ ونتراحم ونتعاطف مع إخواننا، وأن نُحقِّق في أنفسنا وفي كل ما حولنا قول الله عزَّ وجلَّ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (10الحجرات)
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعدنا بنصره على جميع الأعداء الألدّاء - مهما كان جَمْعُهُم، ومهما كَثُرَ حَشْدُهم، ومهما عَتَتْ أسلحتُهُم - لو استمسكنا بشرع الله وانتصرنا على أنفسنا، وصرنا كرجلٍ واحد نسعى جميعاً لمصلحة بعضنا ، ولحفظ روابط الأخوة فيما بيننا وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، أقام الله عزَّ وجلَّ به المثال لكل من يريد في الدنيا حياةً طيبةً هانئةً ليس لهناءتها زوال، وجعله الله عزَّ وجلَّ في الآخرة أسوة السعداء، ونبراس الأتقياء، وجعل معه لواء الشفاعة العُظمى كل من دخله فهو عند الله له خير الجزاء اللهم صلي وسلم وبارك على سيِّدنا محمد، الذي ألَّفْتَ به بين القلوب المنافرة، وجعلت جُنْدَهُ يتغلب على القياصرة والأكاسرة، وجعلتهم خير أجناد الأرض، تأتمر السماءُ بأمرهم، وتمشي الأرض طوع إذنهم، لأنهم في طاعة الله عزَّ وجلَّ، وفي حُسن الأسوة بنبيِّهم صلى الله عليه وسلَّم صلى الله عليه وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأنقياء، وكل من تابعه على هذا الهدى إلي يوم العرض والجزاء، وعلينا معهم أجمعين، آمين .ـ آمين يا ربَّ العالمين إخواني جماعة المؤمنين : ما أشبه اليوم بالبارحة بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلّم - بُعِثَ بالحقّ ، وأُنزل الله عزَّ وجلَّ عليه القرآن وهو كلمة الحقّ ، وشرَّع له دين الحقّ، فقام أهل الباطل جميعاً في كل الأنحاء وتحزبوا واجتمعوا ليُطفئوا نور هذا الحقّ، وليقضوا على هذا النبيِّ الذي أرسله الله عزَّ وجلَّ للنجاة والسعادة لجميع الخلق لكن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لأنه ربَّى أصحابه على الإيمان ، وقوَّم أخلاقهم على أخلاق القرآن ، وجعلهم أخوةً متآلفين متكاتفين في أى زمان ومكان ، فاستطاعوا أن يتغلَّبوا على جميع المتآمرين ، وأن يقضُوا على جميع المعارضين ، حتى انتشر الإسلام في العالم كلِّه في طرفة عينٍ وأقلّ ونظر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلي الزمن الذي نحن فيه الآن ، فأخبرنا ببصيرته الإلهية أن الكرَّةَ ستعود هذه المرَّة ، وأن الكافرين والمناوئين والمشركين والمعارضين لله ورسوله سيتجمعون ، ويتحزبون ، ويبذلون كل ما معهم من أموال ، وكل ما يمتلكون من صناعات ، وكل ما اخترعوه من أسلحة ومعدات ، للقضاء على هذا الدين {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8الصف) فحدّثنا النبي صلى الله عليه وسلّم عما يحدث لنا الآن، وعما يحدث بيننا أيضاً الآن أما ما يحدث لنا فقد قال صلى الله عليه وسلّم فيه {يوشك أن تداعى عليكم الأمم - يجمعون بعضهم ويلمون مع بعضهم على مائدة الإسلام وأهله - يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أومن قلّة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: لا، أنتم يومئذٍ كثير ، ولكنكم غُثاءٌ كثُاءِ السيل - كالرغاوى التي تظهر على وجه الماء ، لا تنفع ولا ترفع قالوا: ومِمَّ ذاك يا رسول الله؟ قال: قُذف في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن؟ قال: حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت} (رواه أبو داود عن ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلّم) حب الدنيا رأس كل خطيئة وكراهية الموت أساس كل معصية لأن من يصنع المعاصي لا يتذكّر أنه سيموت، ولا يظنُّ أنه سيُحاسب بين يدي ربِّ العباد بعد الموت، فيفعل ما تطلبه نفسه وهذا ما نراه الآن ما الذي يجب أن نفعله ليُزيل الله عزَّ وجلَّ عنا هذه الغُمة وينصر الإسلام وأهله؟ أن نفعل ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصحبه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا} (21الأحزاب) أعدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أصحابه على التربية الإيمانية فطهَّر القلوب من العيوب فإذا طهرت القلوب من العيوب حُفظت الجوارح والأعضاء من الوقوع في الذنوب، وقامت مَشُوقَةً لطاعة حضرة علاّم الغيوب عزَّ وجلّ علّمهم أن يُحسنوا لإخوانهم فلا يتفوَّه واحدٌ منهم بكلمة تُسيء لأخيه، بل يوطد العزم بأن كل كلمة يقولها تكون في ميزان حسناته {الكلمة الطيبة صدقة} (رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه) فلا ينطق إلا بخير، ويُمسك عما يؤذي نفسه ويضير الغير {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} (24الحج) وإذا نظر بعينيه لأخيه ينظر بعطفٍ وحُبٍ وشفقةٍ وحنانٍ، ولا ينظر بغيظٍ أو حسدٍ، أو كُرهٍ أو بُغضٍ، لأن هذه الأوصاف ليست من أوصاف عباد الرحمن، عباد الرحمن يقول الله عزَّ وجلَّ عنهم في القرآن {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (47الحجر) فتكون نظرة الأخ لأخيه خيرٌ من اعتكاف سنة في الأجر والثواب في مسجد الحَبيب المصطفى، وليس ذاك من عندي ولكنه قوله صلى الله عليه وسلّم، قال صلى الله عليه وسلّم {نَظْرَةٌ في وجه أخٍ في الله على شوقٍ خيرٌ من اعتكاف سنة في مسجدي هذا} (رواه السيوطي في الفتح الكبير عن ابن عمر) وإذا قابل أخاه بوجه هاشّ والكلمة الطيبة مدَّ يده فصافحه، وإذا صافحه يقول في ذاك النبي الأمين {إذا التقى المؤمنان فتصافحا، تحاتت ذنوبهما - يعني نزلت - تحاتت ذنوبهما كما يتحاتّ ورق الشجر} (رواه ابن ماجة وأحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي عن البراء بن عازب) ويقول صلى الله عليه وسلّم {مَثَلُ المُؤمِنَينِ إذَا التَقَيَا فَتَصَافَحَا كمَثَلِ اليَدَينِ تَغْسِلُ إِحْدَاهُمَا الأخرى} (رواه بن شاهين في الترغيب والترهيب عن أنس رضي الله عنه بلفظ: "إنَّما مَثَلُ المُؤمِنَينِ إذَا التَقَيَا مِثْلُ اليَدَينِ تَغْسِلُ إِحْدَاهُمَا الأخرى") فعندما يقابل أخاه يمحو الله ذنوبه ويمحو ذنوب أخيه إكراماً لما صنعاه في اتباع الحَبيب المُصطفى صلى الله عليه وسلّم يبدأه دوماً بالسلام، ولا يخاصمه إلا في الامتناع عن الكلام - إذا حدث بينهم أمرٌ هام -ولا يزيد الخصام عن ثلاثة أيام، وبشَّر النبيُّ أفضلهما وخيرهما فقال {وخيركم الذي يبدأ بالسلام}، {لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث} (أخرج الإمام مالك والبخاري ومسلم عن أبي أيوب رضي الله عنه بلفظ: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام") والهجر يعني: لا يقابله ولا يحادثه، لكنه لو زاد وشنّع عليه، أو زاد وكَادَ له، أو زاد وشكاه - فهذا من الفجور في الخصومة ولا يفعل ذلك إلا المنافقين والعياذ بالله عز وجلّ - ومن زاد عن الثلاث يقول فيه سيد الناس صلى الله عليه وسلّم {مَنْ هَجَرَ أخَاهُ سَنَةً كَانَ كَسَفْكِ دَمِهِ} (رواه الحاكم في المستدرك عن أبي خراش السلمي رضي الله عنه) إذا هجره فكأنه قتله، إذا وصل الهجر إلي سنة فكأنك قتلته في الذنب عند الله عزَّ وجلَّ تُحاسب على ذلك يوم تلقى الله، في يومٍ يجمع الناس فيه ليُحاسبهم على كل ما قدمت أيديهم وأوجب على المسلمين المحيطين عبادة جعلها أرقى وأعلى، وأكثر وأعظم في الأجر والثواب، من قيام الليل ومن صيام النهار، ومن تلاوة القرآن، ومن كل النوافل التي يتوجه بها المرء إلي مولاه. اسمعوها معي من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حيث يقول {ألا أدلكم على ما هو خيرٌ لكم من الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج؟ ويقصد النوافل وليست الفرائض - قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات اليبن} (رواه الإمام أحمد والترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه) أن تسعى لتُصلح بين متخاصِمَيْنِ أو لتجمع بين متفرقَيْن، أو تُزيل الجفاء بين متحابَيْن، أو تقضي على الخلاف بين عائلتين أو فريقين لأن كل المؤمنين مطالبين بقول ربِّ العالمين {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (9الحجرات) وهذا الأمر لكل المسلمين إياك أن يقول واحدٌ من الحاضرين: وماذا أصنع وما شأني لأصلح بين إثنين أكبر مني شأناً ودنيا؟ قال الله في ذلك {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا} (35النساء) المهم أن تريد الإصلاح، لو أردت الإصلاح فإن الله عزَّ وجلَّ - وبيده القلوب - سيليّن لك القلوب، ويجعلها تستجيب للمطلوب، ويُحقق على يديك ما لم يُحققه على يد الكبار والوجهاء من القوم، لأن هذه حكمة الله في كتاب الله عزَّ وجلَّ، المهم النية الصادقة في الإصلاح بين المؤمنين، فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم المسلمِين متآخِين متوادِّين، وقال في شأنهم عندما أتم بنيانهم، وأكمل تربيتهم {ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضوٌ منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى} (البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه) فكانت الحروب في عهده وعهد خلفائه الراشدين جهاداً في سبيل الله - لأنها حربٌ للكافرين وللمشركين، ولليهود وللمكذبين والضالين، ويشترك فيها جميع المسلمين لكننا في عصرنا هذا أبتلينا في عصرنا بشرٍّ عظيم حذَّرنا منه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وبيَّن حقيقته بيننا الآن، فقال صلى الله عليه وسلّم {بين يدي الساعة يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: الكذب والقتل، قالوا: أكثر مِمَّا نقتله الآن؟ قال: ليس قتلكم للكفار، ولكن قتل بعضكم لبعض، أن يقتل الجارُ جَارَه، وأن يقتل الأخُ أخاه وابن عمه. قالوا: يا رسول الله ومعنا عقولنا يومئذٍ؟ فقال صلى الله عليه وسلَّم: إن هؤلاء القوم ذهبت عقولهم فظنُّوا أنهم على شيء وليسوا على شيء} (رواه أحمد وبن ماجة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه) وهذا الذي حذَّرنا منه النبيُّ - وهو ما يحدث بيننا الآن - ترى فريقاً من المسلمين هادن اليهود وأصبح اليهود يعيشون في أمان، لا تأتيهم حربٌ من أى جهةٍ من الدول الإسلامية المحيطة بهم، وأهل الإسلام في دول الإسلام في كل دولة يحاربون بعضهم، قامت قائمة كل دولة على من فيها، في العراق يحاربون بعضهم وفي الصومال يحاربون بعضهم وفي اليمن يحاربون بعضهم، وفي ليببيا يحاربون بعضهم وفي تونس يحاربون بعضهم ويريدون أن يصدِّروا ذلك لبلدٍ قال الله فيها في القرآن {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ} (99يوسف) مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم الأمر الذي شدّد عليه مراراً وتكراراً، هو أن يرفع المسلم السلاح على أخيه المسلم، إذا كان المسلم لو رفع لسانه بسبِّ أخيه، وردَّ عليه أخوه، حكم النبيُّ عليهما فقال صلى الله عليه وسلّم {المتسابان شيطانان} (البخاري عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه) هذا شيطان وهذا شيطان، لأنهما ردّا على بعضهما بنفس السُباب، لأن المسلم لا يسُبُّ مسلماً قطّ، ولا يعيبُ مسلماً قطّ، ولا يغتاب مسلماً قطّ، فإذا رفع عليه السلاح قال صلى الله عليه وسلّم {من رفع علينا السلاح فليس منا} (رواه البخاري من حديث بن عمر وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما) أيُّ مسلم يرفع السلاح على مسلمٍ من المسلمين ليس من المسلمين أبداً، إنما المسلم يُعضِّد أخاه المسلم، ويعاونه ويحفظه ويصونه، لكن يرفع عليه السلاح؟ كلا وألف كلا خطب النبي صلى الله عليه وسلّم في في حَجَّة الوداع عدِّة خطب، مرَّة في منى يوم التروية يوم ثمانية من ذي الحجة، ومرة على عرفات يوم تسعة، ومرة في المزدلفة في صباح يوم العاشر، وثلاث مرات في منى، ومرة عند البيت الحرام - وفي كلِّ خطبةٍ من هذه الخطب يُكرر هذه العبارةـ حوالي عشر خطب، والعبارة تكرر في العشرة والعبارة تقول {أى يومٍ هذا؟ وأى شهرٍ هذا؟ وأى بلدٍ هذا؟ فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام،كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، اللهم قد بلغّت اللهم فاشهد، كل المسلم على المسلم حرام: ماله ودمه وعرضه} (رواه البخاري من حديث بن عباس رضي الله عنهما) ليس له حقٌ في ماله إلا بإذنه {إن هذا المال لا يحلُّ إلا بطيب نفسٍ} (أخرجه البيهقي فى شعب الإيمان عن حَنِيفَةَ الرَّقَاشِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ بلفظ: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ") ولا يحقُّ له أن يعتدي علي عرضه - بغيبة أو نميمة أو تشنيعٍ او لعنٍ أو سبٍّ أو غيره - فإذا وجَّه له خطاباً لا يوُجه للمسلمين بَاءَ بِهَ، إذا قال له: يا يهودي، أو يا نصراني، أو يا كافر، باء بها هو، لأنه لا ينبغي أن يقول ذاك لأخيه المسلم الذي يؤمن بالله عزَّ وجلَّ ورسوله صلى الله عليه وسلّم، وليس له حجة في ذلك عند ربه عزَّ وجلَّ أما إذا رفع عليه السلاح فإنه يخرج من جماعة المسلمين حتى قيل {يا رسول الله، هل لقاتل المسلم توبة؟ قال: لا} (روى الطبراني عن أنس بلفظ:" أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة") لا يقبل الله توبة قاتل المسلم أبداً كيف تقتل مسلماً؟ كيف تُبيح لنفسك ذلك؟ إذا كان النبيُّ وقف أمام الكعبة وقال {ما أطيبك وما أطيب ريحك، وما أعظمك عند الله عزَّ وجلَّ، لكن حُرمة المؤمن أعظم عند الله عزَّ وجلَّ من حُرمتك} حُرمة المؤمن أعظم عند الله من حُرمة الكعبة حُرمة المؤمن يقول فيها صلى الله عليه وسلّم وفي موقفها عند الله {لزوال السموات السبع أهون عند الله من إراقة دمٍ مسلمٍ بغير حق} (رواه النسائي والترمذي من حديث ابن عمر بلفظ: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم") لا ينبغي لمسلمٍ أن يرفع السلاح على أخيه، ولا يقول له كلمة تؤذيه، كما قال صلى الله عليه وسلّم. أما من حرّض، أو حرّش، أو أعان - بكلمة أو بمالٍ أو بسلاحٍ أو بخطة أو بغيره - فقد قال صلى الله عليه وسلّم في شأنه {من أعان على قتل مسلمٍ ولو بكلمة لقي الله عز وجلّ يوم القيامة مكتوبٌ بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله عز وجلّ} (رواه البيهقي عن بن عمر رضي الله عنهما بلفظ:" ولو بشطر كلمة") كيف تُعين على قتل مسلم؟ لا ينبغي للمسلم أبداً أن يذهب إلي ذلك. قَاتِلْ أعداء الله، قاتل اليهود، قاتل الذين يملأون الأرض فساداً من أهل أمريكا وأوروبا وغيرهم الذين يعيثون في الأرض فساداً. تختلف مع أخيك المسلم، الخلاف وارد، لكن لا يفسد للودِّ قضية، ولا يؤدي إلى الفجور في الخصومة، ولا يؤدّي إلي التشنيع عليه، ولا يؤدّي إلي سبِّه ولا إلي لعنه ولا للتفكير في إيذائه أو إيذاء أهل بيته، لأن هذا لا ينبغي أن يكون بين مؤمنٍ ومؤمن هذه القضية - قضية الوقت - هي التي أوقعنا أعداءُ الله ورسوله فيها تنبهوا إلي أنه خير خطة للقضاء على الإسلام أن يقضوا على الإسلام من داخل الإسلام أن يسلِّطُوا المسملين على بعض، فيقومون بمحاربة بعض رغبة في منصب، رغبة في كرسي، رغبة في مال، رغبة في مصلحة زائلة، رغبة في منفعة فانية، وانظر إلي ما يقاتل به المسلمون في كل مكانٍ الآن تجده في سبيل ذلك، هل هناك قتال مما ذكرناه في سبيل الله؟ حتى رأينا ما يسمون أنفسهم: أكناف بيت المقدس يحررون بيت المقدس هؤلاء القوم زعموا أنهم لابد أن يقتلوا أهل مصر أولاً حتى يُحرروا أهل بيت المقدس أين معاركهم في فلسطين؟ معاركهم كلها في مصر مع المسالمين مع الفقراء والمساكين مع الناس الذين لا يعرفون في الدنيا إلا طاعة الله وعبادته، ويسعون لنيل أرزاقهم الحلال التي أمرتهم بها شريعته، هل هذا هو الإسلام يا إخواني؟ لكنه الكيد للمسلمين. ويُعينونهم بالأموال، ويمدُّونهم بالسلاح، ويفرحون ويحتفلون بأن المسلمين في مواقع شديدة بينهم، ويفرحون إذا زادت الآلام ووصلت إلي الفُرقة، ستنقسم البلاد الإسلامية إلي كذا وكذا وكذا - وهذا ما يبغون، وهذا ما يريدون وينبغي أن يفهم ذلك عُقلاء المسلمين حتى نرجع مرة أخرى إلى ألفتنا، وإلي وحدتنا، وإلي أخوتنا، ونواجه هذا الطغيان الكافر، وننفذ قول الله عزَّ وجلَّ {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8الصف) قال صلى الله عليه وسلّم {المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسلِمُه، ولا يخذله، ولا يحقره، بحسبِ إمرئٍ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم حرام دمه وماله وعرضه} (رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه) أو كما قال، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة الخطبة الثانية: الحمد لله ربِّ العالمين الذي أغنانا بدِينه وكتابه عن جميع العالمين، فأنزل لنا كتاباً مهيمناً على كل شيء، ونبيًّا فصَّل لنا فيه كلَّ شيء. وأشهد أن ألا الله وحده لا شريك له، يُحقُّ الحقَّ ويُبطل الباطل ولو كره المجرمون. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد واجمع شملنا، وألف قلوبنا، وارزقنا جميعاً الألفة والمودّة والمحبَّة أجمعين يا أكرم الكرمين إخواني جماعة المؤمنين : مما توّصل إليه الكافرون والمشركون والمخابرات الغربية والأمريكية لزيادة الفُرقة بين المسلمين، إيقاع الخلافات في الدِّين، وكلُّ رجلٍّ عَلِمَ شيئاً من الدِّين يظنُّ أن الذي معه هو الحقّ، وأن الذي مع غيره كأنه ليس من الدين وإنما هو باطل، حتى أصبحنا نسمع عجباً : نسمع مفتين يفتون على أمثالنا - لمن يصلون ويصومون ويحجون ويقرأون القرآن - أنهم كفارٌ حلالٌ قتلهم وإباحة دمائهم كيف هذا؟ وجعلوا لأنفسهم الأولوية والأفضلية في حين نسأل القرآن، نجد الرحمن يقول {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (13الحجرات) الأكرم هو التقيّ ـ نسأل النبي: أين التقوى لنزن الأتقياء؟ قال {التقوى هاهنا} (رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) وأشار إلي صدره، والتقوى محلها القلب، مادام لم يطلع أحدٌ منا على قلوب الآخرين، فكيف يُميّز نفسه أو يُميّز واحداً منهم على سواه؟ ولا يعرف حقيقة القلب وما به إلا مقلبه وهو الله جلّ في عُلاه كان النبي صلى الله عليه وسلّم جالساً بين أصحابه فمرَّ رجل فقير، ثيابه مهلهلة، فقال لمن حوله {مارأيكم في هذا؟ قالوا: هذا حريٌ إن خطب ألاّ يُنكح - لا أحدٌ يُزوِّجه - وإذا تكلم لا يُنصت له، وإن إستأذن على الأمراء لا يُؤذن له} ـ وجاء رجلٌ من الوجهاء، فقال لهم صلى الله عليه وسلّم {ما رأيكم في هذا؟ قالوا: هذا حريٌ إذا خطب أن يُنكح، وإذا تكلم يُنصت له، وإذا إستاذن على الأمراء أُذِن له. فأشار صلى الله عليه وسلّم إلي الأول وقال {هذا خيرٌ - عند الله عزَّ وجلَّ - من ملئ الأرض من مثل هذا} (رواه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه) المهم التقوى، والتقوى محلها القلب. ولما كانت التقوى محلها القلوب فكيف نُميّز بين هذا وذاك؟ وكيف نعُدّ هذا أفضل من ذاك؟ والإسلام دين جاء كاملاً لكمال البشرية، ففيه أحكامٌ للأقوياء، وفيه أحكامٌ للمرضى والضعفاء، وفيه أحكامٌ للرجال، وفيه أحكامٌ للنساء، وفيه أحكامٌ للمسافرين، وأحكامٌ للمقيمين، وأحكامٌ لمن يعيش في البلاد الحارّة، وأحكامٌ لمن يعيش في البلاد الباردة، وكلها من شرع الله ومن سُنَّة حبيب الله ومُصطفاه مادام أخي هذا يمشي على رأىٍ إرتآه يوافق سنة رسول الله، فَلِمَ أقبِّحُ رأيه؟ ولِمَ أهاجمه؟ ولِمَ أخاصمه؟ وانتصر لرأيي وأظن أن رأيي هو الصواب فقط؟ هذا ليس من دين الله عز وجلّ، خذ ما شئت لنفسك من الآراء من دين الله عز وجلّ، خذ ما شئت لنفسك من دين الله عز وجلّ واترك لإخوانك المؤمنين يأخذ كلُّ واحد منهم ما يناسب قدراته، وما يوافق أحواله، وما يتمّشى مع منافعه في الحياة الدنيا، مادام كله من شرع الله، ومن دين الله ومن كتاب الله ومن سنة حبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلّم هذا الخلاف في الآراء، والتعصب للآراء في زماننا - هو أساس هذه النكبات التي حلّت بيننا، لم يكن - إلي عصرٍ قريبٍ وأنتم رأيتموه - هناك خلافٌ في بلادنا : قومٌ إختاروا أن يصلوا ثمانٍ ركعات تراويح ويصلونها في أى مسجد، وغيرهم إختاروا أن يصلونها عشرين، هؤلاء يصلون وهؤلاء يصلون ولا يعترض هؤلاء على هؤلاء، لأن كله من دين الله عز وجلّ. لم يكن يحدث بينهم حتى خلافٌ لفظيّ، أو خلافاً قوليّ لكن في هذا الزمان رأينا أن الخلاف يصل إلي الحُكم بأن هذا كافر مع أنه يؤدِّي فرائض الله هذا كافر مع أنه يقول {لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله} ووصل الأمر إلي إباحة الدم لمن يقول {لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله} وهذا أمرٌ لا يوجد في ديننا يا إخواني أبداً، ولم يفعله إلا نفرٌ في الزمن الأول حدَّث بهم النبيُّ وهم الخوارج الذين خرجوا على إجماع المسلمين، والذين أباحوا دماء المسلمين وقتل المسلمين فلا يوجد مسلمٌ أبداً يرفع السلاح أو يُكّفر مسلماً إلا إذا كان في هذا الوقت آخذاً بهذا الفكر التكفيري الذي يتعارض مع دين الله، ومع وسطية شرع الله التي جاءنا بها النبي صلى الله عليه وسلّم، فهيا بنا نجتمع جميعاً على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله، وعلى المنهج الوسطي الذي جاءنا به دين الله، ونترك الخلافات خلف ظهورنا الآن، لا نحتاج إلي هذه الخلافات وإنما نحتاج إلي الوحدة والألفة والمودّة والمحبة والتراحم والتعاطف والتباذل فيما بيننا حتى يُصلح الله شأننا ويُصلح الله حال بلدنا اللهم ارزقنا الألفة فيما بيننا، والمحبة في قلوبنا لبعضنا، وانزع الغلَّ والغشَّ والحسد والبغضاء من صدورنا، واجعلنا أخوة متآلفين متكاتفين متباذلين، وارزقنا الإخلاص في الأعمال، والصدق في الأقوال، واتباع الحبيب صلى الله عليه وسلّم في جميع الحركات والسكنات اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حُزننا، وذهاب غمنا وهمنا. اللهم اجمع أهل هذا البلد مصر على نور الإسلام، وعلى محبَّة خير الأنام، وعلى العمل الصالح لهذا البلد، وعلى رفع لواء الإسلام، وعلى جهاد أهل الكفر، والكّف على من قال: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات يا ربَّ العالمين كما نسألك يا رب وأنت خير مسئولٍ أن تقضي على المنافقين والمتربصين الشرَّ والسوء بهذا البلد، وتأخذهم أخذ عزيزٍ مقتدر، حتى تنصلح أحوالنا، وتستقر أوضاعنا، وتأتينا بخيرك وميْرك من عندك، لا تحوجنا إلي أحدٍ سواك يا أرحم الراحمين اللهم قيّض لهذا البلد رجالاً صالحين يقودون سفينته إلي برِّ الأمان، وشاطئ الجوديِّ يا حضرة الله يا رحمن اللهم أهلك الكافرين بالكافرين وأوقع الظالمين في الظالمين، وأخرج المسلمين من بينهم سالمين غانمين، واقضي على اليهود وحرّر أرض بيت المقدس وفلسطين، واقضي على كل الفتن في البلاد الإسلامية، واجعل المسلمين جميعاً في هذا العصر في وحدة ووئام يا أكرم الأكرمين اللهم بارك لنا في زروعنا، وبارك لنا في ضروعنا، وبارك لنا في أولادنا وبناتنا، وبارك لنا في كل شيٍء لنا أو حولنا، وتولنا برعايتك وكفالتك على الدوام يا أكرم الأكرمين عباد الله: اتقوا الله {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (90النحل) اذكروا الله يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، وأقم الصلاة http://www.fawzyabuzeid.com/media_gomaa.php منقول من سلسلة خطب ومقالات لفضيلة الشيخ {فوزي محمد أبو زيد} اضغط هنا لتحميل المزيد من الخطب مجاناً |
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)