Disqus for ومضات إيمانية

الخميس، 24 مايو 2012

اختلاف العلماء






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أصل كل نعيم، ومصدر كل تكريم، المبين الأعظم للذكر الحكيم، سيدنا محمد الذى وصفه مولاه بأنه بالمؤمنين رءوف رحيم، وآله الرحماء، وصحابته الأجلاء، وكل من سار على هديه إلى يوم العرض والجزاء، وعلينا معهم أجمعين. آمين .. آمين يا رب العالمين. 
(أما بعد)
فيا إخوانى ويا أحبابى بارك الله : فيكم أجمعين ان القضيلة التى نناقشها هى قضية اختلف فيها بعض أهل الإيمان، مع أن القرآن حسمها، والنبىصلى الله عليه وسلم أكد هذا المعنى فى أكثر من حديث وبيان.
 لكن الخلاف طبيعة فى بنى الإنسان
( وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) (118-119 هود)، ومستحيل أن العالم كله سيجتمع على رأى واحد، ومستحيل أن أهل البلد جميعاً يجتمعوا على رأى واحد، ومستحيل أن أبناء رجل واحد يجتمعوا على رأى واحد، كذلك مستحيل على العلماء الأجلاء المجتهدين أن يجتمعوا على رأى واحد.
وخلاف العلماء له خصوصية. 
خلاف الأبناء والأشقاء، وخلاف العائلات والجيران والأقارب، هذا لا يحبذه شرع الله، ولايؤيده رسول الله، لأن الخلاف يؤدى إلى الإتلاف، إتلاف العلاقات، إتلاف المودات، إتلاف المحبة فى القلوب فلا تكون على وفاق.
الخلاف الوحيد الذى ليس فيه مشاكل، اختلاف العلماء المجتهدين الرحماء، شرطهم أن يكونوا مجتهدين، ويكونوا رحماء، لأن كلهم يبغون الحق، والآخر يبغى إظهار الحق، وما داموا علماء لايختلفون فى أمر أصيل، أو أساس متين، جاءت به الشريعة السمحاء، وهذه ما يسمونها الأصول. لا يختلفون فى أصول الشرع، لأن القاعدة الشرعية المرعية عندهم: ( لا اجتهاد مع نص)، طالما نص صحيح وصريح فى كتاب الله، أو فى سنة حبيب الله ومصطفاه، كيف يختلفون؟ لا يقدرون أن يختلفوا، لكن يختلفون فى مفهومهم وتوجيههم لهذا النص.
فمثلاً الإمام الشافعى، والإمام أبو حنيفة، والإمام مالك - رضى الله عنهم أجمعين – اختلفوا فى مصافحة النساء هل تنقض الوضوء أم لا؟ والخلاف جاء من فهمهم للنص. أين هذا النص؟( أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) ( 43-النساء).
فالإمام الشافعى قال: اللمس هو هذا اللمس العادى، فالآية منعته، اللمس بدون حائل – منديل أو فوطة- ينقض الوضوء. الإمام أبو حنيفة قال: اللمس هنا يعنى الجماع. لماذا؟ لأن السيدة مريم عليها السلام قالت: 
( وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ) (20-مريم)، ولذلك قال: إذن اللمس هنا بالسلام لا ينقض الوضوء. والإمام مالك هنا توسط، قال: الأعمال بالنيات والمهم النية، لو سلم على إمرأة ونيته سليمة، إذن ما الذى ينقض وضوءه؟ لكن لو نظر بشهوة ينقض الوضوء. هذا مذهب الإمام مالك.
واجتهادهم فى فهمهم للنص، لكن لم يعلن أحدهم الحرب على الآخر، ولا جرح أحدهم فى الآخر، ولا سب أحدهم الآخر، ولا أساء أحدهم إلى الآخر، لماذا؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى شأنهم: (اختلاف أمتى رحمة). رحمة، يوسع الأمر، إذا وجدت الأمر مشدداً عند الإمام الشافعى، أجده ميسراً عند الإمام أبى حنيفة، وكذلك عند الإمام أحمد والإمام مالك. تكون هناك وسعة، وتكون هناك رحمة. هذا هو خلاف العلماء الذين يعرفون دين الله.
لكن هل سمعنا أنهم اختلفوا فى أصل من الأصول؟!! أبداً، لم يحدث أنهم اختلفوا فى أصل من أصول الشريعة. مثلاً عدد ركعات الظهر أو العصر أو المغرب، هل هناك خلاف فى هذا الأصل؟ أبداً. هل هناك خلاف فى عدد الركعات؟ هل هناك خلاف بينهم فى هيئة الصلاة المؤكدة، الوقوف والركوع والسجود، هل أحد منهم قال: هى سجدة واحدة، أو ثلاث سجدات؟ أبداً، لم يختلفوا فى هذا أبداً. ولم يختلفوا فى شهر رمضان، ولم يختلفوا فى الحج إلى بيت الله الحرام –
وبعض الجهلاء فى هذه الأيام يقترح ويقول: نجعل عرفات ثلاثة أو أربعة أيام، حتى يتفادوا الزحام فى عرفة.
 وهذا شطط وجهل، هذا كلام سفسطة لا أساس له من الدين. 
من مقالات فضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق