Disqus for ومضات إيمانية

الجمعة، 16 يناير 2015

ضرب الأطفال المنهى عنه


نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب على الرأس والضرب على الوجه والضرب في الأماكن الحسَّاسة ، ولم يُبح الضرب للطفل الذي يتعلم إلاَّ على اليدين أو على القدمين وجعله آخر الدواء وليس أوَّل الدواء ، لأنك إذا استخدمت آخر الدواء ولم ينفع ، فماذا تستخدم بعد ذلك؟ ولكنه استخدم التَّشجيع مع أبناء الصحابة ، والحافز مع أبناء إخوانه وكان يُشجِّعهم ويُثْني عليهم ويَحْضر سباقاتهم ويُوزِّع الجوائز عليهم ليُعْلمنا بشرعه الشريف وخُلقه المنيف أن هذا دين تكريم الإنسان

ولذلك فقد نهى عن صلْب أي إنسان ولو كان مخالفاً لنا في الديانة ونهى عن التمثيل بإنسان ولو قبضنا عليه في ميدان القتال ، فقال للجنود: {لاَ تَخُونُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تُمَثِّلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا طِفْلاً صَغِيراً وَلاَ شَيْخاً كَبِيراً وَلاَ ?مْرَأَةً وَلاَ تَعْقِرُوا نَخْلاً وَلاَ تَحْرِقُوهُ وَلاَ تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً وَلاَ تَذْبَحُوا شَاةً وَلاَ بَقَرةً وَلاَ بَعِيراً إلاَّ لِمَأْكَلَةٍ وَسَوْفَ تَمُرُّونَ بِأَقْوَامٍ قَدْ فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ فَدَعُوهُمْ وَمَا فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ}{1}

أي لا تقطعوا الآذان والأناف والأيدي والأرجل تشفِّياً وانتقاماً من المحاربين- كما يفعل في زماننا هذا مَنْ يتشدَّقون بأنهم حُماة حقوق الإنسان وأنهم هم الذين يضمنون حقوق الإنسان ، أين هؤلاء من تعايم ديننا الحنيف؟ أين هم من ديننا الحنيف الذي كرَّم الإنسان أعظم تكريم ، بل جعل حتى دين الله القويم ليس من حقَّ مؤمن أن يُكْره أحداً على اعتناقه لقول الله عزَّ شأنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}البقرة256

فأظْهر له محاسن الدين بالحُجَّة والبرهان فإن اقتنع فبها ونعمت وإن لم يقتنع قال: قل لهم {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} الكافرون6

لا أظلمه ولا أسبَّه ولا أشتمه لأنه لم يؤمن بديني لأن ديني يحترم إنسانية الإنسان وبلغ من إنسانيته صلى الله عليه وسلم إنه كان يقف إذا مرَّت به جنازة ليهودي ، فيقولون: يا رسول الله: لِمَ تقف؟ إنه يهودي فيقول صلوات الله وسلامه عليه: أليس إنساناً؟ فيقف تكريماً لبني الإنسان لأن الله كرَّم كل بني الإنسان ، وإن اختلفوا معه في الأديان ، وذلك الذي جاء به في القرآن على لسان النبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه

أما من يؤذي المسلم بيده أو بلسانه فقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم للملأ أجمعين مدى جُرْمه ومدى قُبْحه لأنه يؤذي إخوانه بلسانه وبيده ، ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم: {المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ}{2}

فكأن الذي يؤذي المسلمين بلسانه بسبّ أو شتم أو تعريض أو توبيخ أو هجاء ، بيده أو بشكاية أو إذاية أو نكاية أو مقالة ، هؤلاء جميعاً إسلامهم فيه نقص ويحتاجون إلى التوبة النصوح ، وإلى السماح ممن تعرضوا لإيذائه حتى يتوب الله عليهم ويجعلهم من عباده المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم مُعرِّفاً المسلم في نظره وفي نظر دينه وفي نظر الله: {لَيْسَ المُسْلِمُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشَ وَلاَ الْبَذِيءَ}{3}

فهذه الكلمات محذوفة من قاموس ألفاظ المسلمين غير مكتوبة في لوحات وسجلات الموحِّدين ، المؤمن لا يسب حتى ولو كان حيواناً ، ولا يُعيّر إنساناً حتى ولو كان جباناً بجبنه ولو كان به عيب يعيبه لأن المؤمن لا ينتهك حُرْمةْ إخوانه المسلمين

فقد كان سائراً صلى الله عليه وسلم ورجلاً من إخوانه يركب بعيراً ، فلعن بعيره فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن أمره ألا يمشى معهم على بعير ملعون ، قال الرجل: فماذا أفعل يا رسول الله؟ فأشار صلى الله عليه وسلم أن يتركه يذهب حيث يشاء وقال:{يَا عَبْدَ الله لاَ تَسِرْ مَعَنَا عَلَى بَعِيرٍ مَلْعُون}{4}

فأمره تكفيراً لذنبه أن يتنازل عن ملكيته للبعير ويتركه طليقاً في أرض الله ، لماذا؟ حتى يلقن أصحابه درساً ألا يسبوا أحداً ولا يلعنوا شيئاً ، وقال صلى الله عليه وسلم عن ربه لمن يسب الأيام ويسب الدهر ويسب الشهور والسنين ، يقول الله تعالى: {لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ فأنَا الدَّهْرُ ، أَلايَّامُ وَاللَّيَالِي لِي أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيْهَا وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ}{5}

فجعل المسلم نطقه حكماً وكلامه حلماً وخلقه جمالاً ومعاملته كمالاً ، فالمؤمن لا يفكر بعقله في مؤامرة شنيعة ولا في حيلة بارعة تؤذي الآخرين ، وإنما يفكر في الخير ويفعل الخير ويحض على عمل البر ، هذا هو خلق الإسلام وهذا هو دين الإسلام الذي نحتفل بذكرى مبادئه في هذه الأيام

فما أحرانا أن نقدم هذه المبادئ للأمم ولا نقدمها بأقلامنا ولا نقدمها بكتبنا ولا نقدمها بإذاعاتنا ولا نقدمها حتى على الانترنت لأنهم يقيسون بسلوكنا ، علينا أن نترجمها إلى سلوك عملي ، سلوك محمدي ، سلوك قرآني ، نسعد به في أنفسنا ونسعد به في مجتمعاتنا ونقدم الخير به للعالم قال صلى الله عليه وسلم: {أُمَّتِي هذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ ، أولهَا خَيْرٌ وآخِرُهَا خَيْرٌ وبيْنِهُمَا كَدَرٌ}{6}

نحن في حاجة إلى الأمم الحديثة نستورد منها مستجدات العصر من تكنولوجيا الاتصالات وما استحدث في عالم السفر والمواصلات وما ظهر في عالم الطب والمعلومات ، ولكن اعلموا علم اليقين أن عندنا أغلى تكنولوجيا في الوجود يحتاج إليها العالم أجمع ولا صلاح للعالم إلا بها ، لا صلاح له بتكنولوجيا صناعية ولا بتنبؤات مستقبلية ولا بغزوات فضائية

ولكن صلاح العالم بالأخلاق القرآنية والقيم الإسلامية والمبادئ النبوية وهي التكنولوجيا الراقية التي لم يجدونها إلا عندكم جماعة المؤمنين ، فتكنولوجيا الغرب والشرق تعلمهم الأثرة وتعلمهم الأنانية وتعلمهم التنافس والصراع وتعلمهم العمل على إنشاء الصراعات والحروب ليروجوا أسلحتهم ويبيعوا بضاعتهم

أما الأخلاق القرآنية ، أخلاقكم الإسلامية من الحب والود والإيثار والإحسان والرحمة واللين والعفو والصفح والتسامح وما لا نهاية له من الأخلاق الكريمة هذه تكنولوجيا العالم كله يحتاج إليها ، ولم يجدها إلا في كنزكم القرآن الكريم ، ولم يجدها إلا في معرضكم إذا تجملتم بها فأنتم معارض القيم الإلهية وأنتم فترينات الأخلاق النبوي، وأنتم أسواق التعاملات السهلة السمحة الودية

والبشرية كلها تحتاج إلى من ينزع الأحقاد وينزع الشرور ويزيل فتيل البارود الذي في الصدور ولن يكون ذلك إلا في نور الله وفي نور كتاب الله وفي نور رسول الله صلى الله عليه وسلم


{1} رواه البيهقي في السنن الكبرى والسيوطي في الجامع الصغير عن أنس {2} البخاري والطبراني وأحمد عن عبد الله بن عمر ومسلم عن جابر {3} رواه الترمذي والحاكم والدار قطنى عن ابن مسعود {4} رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن عمران بن حصين {5} رواه مسلم عن أبي هريرة {6} رواه ابن عساكر عن عمر بن عثمان

خمرة القرب





كان عرَقه صلى الله عليه وسلم أطيب من ريح المسك ، كان إذا نام اشتد عرقه وكان يكثر القيلولة عند السيدة أم سليم أم سيدنا أنس بن مالك ، يقول سيدنا أنس رضي الله عنه: {دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَامْ عِنْدَنَا، فَعَرِقَ، وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ(زجاجة)، فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ الْعَرَقَ فِيهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟ قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ}{1}

وعينه ترى إلى ما بعد البعد ، كل ما حدث ويحدث لأمته ألم يُحدثنا عنه؟ وما سيحدث في القبور وما سيحدث في النشور وما سيحدث في الجنة وما سيحدث في النار ، هل يوجد شيء لم يصفه؟ إذاً يرى من خلفه إلى ما قبل القبل ويرى من في الأمام إلى فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير: عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: {قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ ، إِلا حَدَّثَ بِهِ حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ}{2}

كل هذه الفتن التي نحن فيها تكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتفصيل ، ولذلك نقول دائماً للأحباب: كما تقرأ في الصحف السيارة اقرأ في الصحف النورانية لخير البرية أخبار عصرنا الذي نحن فيه ، والعلماء الأجلاء الفقهاء لا يذكرون الأحاديث التي تتكلم عن العصور السابقة كالأمويين والعباسيين ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم له أحاديث لكل زمان إلى أن يرث الله الزمان والمكان ، لكن الفقيه هو الذي يأتي بأحاديث العصر ويتكلم فيها لأن أهل العصر يحتاجون لهذه الأحاديث

كل جماعة أو فئة من أمته في أي زمان ومكان لهم نصيب في حديث النبي العدنان صلى الله عليه وسلم لأنه رسول الله إلى آخر الزمان ، ونصيبنا من هذه الأحاديث يجب أن نبينه ونوضحه إذا كان الإنسان فقيه ، ليخبر الناس بما لهم وما خبَّرهم به النبي صلى الله عليه وسلم بما أوحى به الله عليه لأنه أصدق الصدق: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} النجم

كان النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا بالقصير ، أى أنه وسط ، لكنه كما ذُكر في السِيَّر: ما مشى مع قوم إلا كان أطولهم مهما كان طولهم ، وما جلس مع قوم إلا كان أعلاهم أكتافاً مهما كان علوهم ، كيف يُكَيَّف ذلك بالظاهر؟ لكن بالنور الباطن يمكن ذلك ، ولذلك قال الله موضحاً هذه الحقيقة عن الكافرين ومثلهم المعترضين والنافرين: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}الأعراف198

لا يرون النور المكنون الذي جعله فيك الحي القيوم ، لا يرون إلا الظاهر: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} الفرقان7

{أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ} القمر24

هو مثلنا لا يزيد عنا شيئاً ، كما نسمع من العوام ، لكنه صلى الله عليه وسلم يزيد زيادة لا عدَّ لها ولا حدَّ لها ، من يملك عيناً تنظر خلف الحواجز؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم معه عين تنظر إلى ما قبل القبل وإلى ما بعد البعد ، من أين جاءت هذه العين؟ إذا كان المؤمنون العاديون إذا جدَّوا واجتهدوا وصلحوا وانصلح حالهم ، قال الله في شأنهم: {كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا}{3}

فما بالك بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال: 
{اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ}{4}
إذا كان المؤمن ينظر بنور الله ، فبماذا ينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ 
ينظر بالله ، إذاً رسول الله ظاهره ليس مثلنا ، إذا كان الرجل في زمانه قال فيه:

وأجمل منك لم تر قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرءاً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء


فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء ، وكان صلى الله عليه وسلم يرى في الثريا أحد عشر نجماً وكان صلى الله عليه وسلم لا يقعد في بيت مظلم حتى يضاء له بالسراج ، وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه النظر إلى الخضرة والماء الجارى

لا بد أن نستجمع هذه الصورة في تجاويف قلوبنا ونُعلقها في حنايا صدورنا حتى نقتدي به في كل حركاتنا وسكناتنا لأنه ميزان أعمالنا عند ربنا ، كيف يوزن العمل؟ بميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي يريد أن يُصلي صلاة مضبوطة ، كيف يعملها؟ ينظر إلى رسول الله كيف كان يُصلي: 
{صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي}{5}

وقس على ذلك كل الأمور ، إذاً الذي يريد العطاء الإلهي والذي يريد أن يكون من أهل القرب ومن أهل الود ومن أهل سابقة العناية عند الله لا بد أن يتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتشبه به في ظاهره في مشيه وفي جلوسه وفي أكله وفي شربه وفي نومه وفي مجالسه وفي منطقه وفي مدخله وفي مخرجه وفي معاملته للخلق

ثم يرتقي فيتشبه به باطناً في أخلاقه المعنوية ، في كرمه وفي تواضعه وفي شجاعته وفي هيبته وفي عفوه وفي صفحه وفي لطفه وفي شفقته وفي حنانته وفي رحمته وفي أنسه وفي مودته ، فإذا أكرمه الكريم وتحلى بهذا الخُلُق الكريم أكرمه الله فتفضل عليه وجعله يُشبهه باطناً ، في خشيته وفي خوفه من الله وفي إقباله على مولاه وفي حبه لله وفي زهده في الدنيا وفي ورعه وفي سكينته وفي تقلب قلبه في الحضرة الإلهية يتشبه به في كل ذلك

فيُكرمه الكريم بعد ذلك ويُعطيه من العطاءات التي خصَّ بها حَبيبه ومُصطفاه ، وفى الأثر: {ما صُبَّ في صدري شيء إلا وصببته في صدر أبي بكر}{6}

ماذا يصبُّ في صدره؟ من العلم ومن الإلهام ومن النور ومن الحكمة ، يُفيض عليه من العطاءات التي اختصه بها الله ، هذا طريق أهل العزائم وأصحاب الهمم القوية الذين يريدون أن يكونوا من الداخلين في قول الله:{فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ{88} فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ{89} الواقعة

وهناك قراءة أخرى: :{فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَاحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} 

يشربون خمرة القرب من يد الحبيب فيغيبون عن كل شيء في هذه الحياة إلا ذكر الله وما والاه وما يُقربهم إلى حضرة الله ويعيشون مهيمين في قول الله: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{163} الأنعام

هذا الكلام يجب أن يراه الغير فينا سلوكاً وخُلُقاً كريماً ، فإذا جمَّلوك بالأحوال أقبلوا عليك بكُمَّل الرجال لتعلو بهم بهمتك إلى مقام القرب من الواحد المتعال


{1} صحيح مسلم عن أنس {2} صحيح مسلم ومسند أحمد {3} صحيح البخاري وابن حبان عن أبي هريرة {4} سنن الترمذي عن أبي سعيد الخدري {5} صحيح البخاري والدارقطني عن مالك بن الحويرث {6} ورد فى تفسير روح البيان وفى تفسير الرازى، إلا أنى لم أقع له على تخريج

الشمائل المحمدية




أدعوا إخواني أن يطالعوا الشمائل المحمدية والأوصاف النبوية وهناك كتاب {الشمائل للترمذي} وهو جامع لهذه الأوصاف وله شروحات كثيرة لأن به ألفاظ عربية صعب فهمها ، ولا بد من التأمل لدرجة أنك إذا جلست بمفردك أو عند النوم أن يكون في مخيلتك صورة حضرة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت ظاهرة وواضحة للأنام لأن هذا أقرب طريق لرؤيته وأقرب طريق للسعادة الإلهية والعطايا الربانية ، لأنه قال: {اللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ}{1}

سيدنا يوسف قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} يوسف55

خزائن الأرض هي طلبات الجسم ، لكن رسول الله ليس حتى على خزائن الملكوت فقط ولكن على خزائن الله من العلوم الإلهية والتجليات الربانية والأنوار القدسية والمكاشفات العلية: {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً} الإسراء20

{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ص39

هل هناك أمين مخازن لا يحاسب؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحاسب ولا يُعاتب ، لكن رسول الله عندما خاطبه الله بهذا المقام يعلم أنه لا يتصرف بأمره وإنما كان مؤدباً شديد الأدب مع ربه فلا يتصرف في أمر صغير أو كبير إلا بإذن صريح من ربه عز وجل

اثنان من كبار الصالحين والعارفين وهما من خيار الصحابة ومن خيار التابعين وهما سيدنا الحسن وسيدنا الحسين ، قال فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ}{2}

وهل هناك عجوز في الجنة؟ لا، لأن أهل الجنة سيدخلون جميعاً في سن الشباب إذاً فهما سيدا أهل الجنة ، سيدنا الحسن جدته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت متزوجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل إسمه أبو هالة وأنجبت منه ولداً إسمه هند ، فلما تزوجت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هند صغيراً فتربَّى في بيت حضرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أمه ولذلك يُسمى ربيب حضرة النبي ، وكان هند يجيد الوصف وهذه مزية إلهية يُعطيها الله لبعض العبيد

يقول سيدنا الحسن رضي الله عنه: {سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافًا، عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخْمًا مُفَخَّمًا يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ وَإِلا فَلا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، إِذَا هُوَ وَفْرَةٌ أَزْهَرُ اللَّوْنِ، وَاسِعُ الْجَبِينِ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ، بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ غَضَبٌ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لم يَتَأَمَّلُهُ أَشَمَّ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْنَبَ، مُفْلََّجَ الأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ، بَادِنًا مُتَمَاسِكًا سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدِ مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ، يَجْرِي كالْخَطِّ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ سَبْطَ الْقَصَبِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ الأَطْرَافِ، خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ، إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعًا يَخْطُو تَكَفِّيًا وَيَمْشِي هَوْنًا، ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلامِ "، قُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السِّكَّت، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتَتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ لا فُضُولَ وَلا تَقْصِيرَ، دَمِثٌ لَيْسَ بِالْجَافِي، وَلا الْمُهِينِ يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ، وَإِنْ دَقَّتْ لا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا لا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلا يَمْدَحُهُ، وَلا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلا مَا كَانَ لَهَا فَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمِ، وَيَفْتُرُ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ "، قَالَ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ زَمَانًا، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولِهِ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلَّهِ، وجزءٌ لأَهْلِهِ، وجزءٌ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جُزْءٌ جَزَّءَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ فَلا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، وَقَسَّمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالأُمَّةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَنْهُ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّايَ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَاكَ، وَلا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلا يَفْتَرِقُونَ إِلا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ، أَوْ قَالَ: يُنَفِّرُهُمْ، فَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ، وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلا خُلُقُهُ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنَهُ، مُعْتَدِلَ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا، ويَمِيلُوا لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ لا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلا يُجَوِّزُهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ، خِيَارُهُمْ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ، أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً ومُؤَازَرَةٌ "، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَجْلِسُ وَلا يَقُومُ إِلا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ لا يُوَطِّنُ الأَمَاكِنَ، وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ لا يَحْسِبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفُ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لا تُرْفَعُ فِيهِ الأَصْوَاتُ، وَلا تُؤْبَّنُ فِيهِ الْحُرَمُ، وَلا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ وَيُؤْثِرُونَ ذَوِيِ الْحَاجَةِ وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ، قَالَ: قُلْتُ: " كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَائِمَ الْبِشْرِ سَهْلَ الْخَلْقِ لَيِّنَ الْجَانِبِ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ وَلا غَيَّابٍ وَلا مَدَّاحٍ يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي وَلا يُوئَسُ مِنْهُ وَلا يَخِيبُ فِيهِ قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ الْمِرَاءِ وَالإِكْثَارِ وَمِمَّا لا يَعْنِيهِ وَتَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ كَانَ لا يَذُمُّ أَحَدًا وَلا يُعَيِّرُهُ وَلا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ وَلا يَتَكَلَّمُ إِلا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا وَلا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ مِنْ مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ ، وَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْشَدُوهُ، وَلا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا مِنْ مُكَافِئٍ، وَلا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَهُ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَرْبَعَ: عَلَى الْحِلْمِ وَالْحَذَرِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَتِهِ النَّظَرُ وَالاسْتِمَاعُ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ، أَوْ قَالَ تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لا يُوصِبُهُ يُبْغِضُهُ شَيْءٌ وَلا يَسْتَفِزُّهُ، وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعَ: أَخْذُهُ بِالْحُسْنَى لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكُهُ الْقَبِيحَ لِيَتَنَاهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادُهُ الرَّأْيَ فِي مَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامُ فِيمَا جُمِعَ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}{3} 
 

هذا الوصف هو ما تعلق به الصالحون كلهم ، لماذا؟ لأن المؤمن ينبغي أن يكون صورة في كل هذه السلوكيات من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انظر إلى الصالحين كيف كان عملهم؟ تَعلَّم العلم ولم يخبر به أحد حتى أخوه. وهذا الوصف الظاهري للنبي صلى الله عليه وسلم ، والذي يقف عنده كثير من المؤمنين: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}الكهف110

هذا الوصف يُحير الأولين والآخرين،{أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} أي أنا مثلكم جميعاً ، والحديث يُفسر ذلك ، فبعد أن شق الملائكة صدره قال أحدهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: {زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي فَرَجَحْتُهُمْ، قَالَ: دَعُوهُ فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ جَمِيعًا لَرَجَحَ بِهِمْ}{4}

إذا كان إيمان أبو بكر الصديق مثل إيمان الأمة فما بالك بإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ مثل إيمان الأولين والآخرين ، فكان صلى الله عليه وسلم ظاهره بشرية وباطن الظاهر حقيقة نورانية ربانية لأن الحقيقة البشرية لا بد أن يكون لها ظل ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له ظل ، إذاً الحقيقة التي بداخل الظل نور:

أبرزته يد العناية كوناً وهو نور في صورة آدمية

الحقيقة الآدمية يقف عليها الحشرات كالذباب ، لكنه صلى الله عليه وسلم ما وقف على جسمه ذباب قط ، الحقيقة الظاهرية الجسمانية تُنتنها العرقة ، لكنه صلى الله عليه وسلم كان عرَقه أطيب من ريح المسك


{1} صحيح البخاري ورواه مسلم بصيغة: " وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ " عن معاوية {2} سنن الترمذي ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري {3} معجم الطبراني وشعب الإيمان للبيهقي عن هند بن أبي هالة {4} المطالب العالية لابن حجر وتاريخ الطبري عن شداد بن أوس 

الثلاثاء، 13 يناير 2015

علامات الساعة التى تحققت



العلامات الصغرى للساعة .. 
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


وقد تحققت كلها أو جُلّها والله أعلم /
1– أن تلد الأمة ربتها
2– أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان
3- إسناد الأمر إلى غير أهله
4– قلة العلم وظهور الجهل.
5– كثرة القتل
6- شرب الخمور وتسميتها بغير اسمها
7– كثرة الفواحش والمنكرات
8– لبس الرجال الحرير
9– استحلال الأغاني والمعازف
10– اتخاذ القينات  المغنيات.
11– ظهور الفحش والتفحش بذاءة اللسان.
12– قطيعة الرحم.
13– تخوين الأمين واتهامه.
14– ائتمان الخائن وتقريبه .
15- ظهور موت الفجأة في الناس.
16- اتخاذ المساجد طرقاً، أي يمر الرجل في المسجد مروراً لا يصلي فيه
17- اقتتال فئتين عظيمتين من المسلمين دعواهم واحدة: وهو قتال علي ومعاوية المعروف.
18- تقارب الزمان، أي قلة البركة في الوقت.
19- كثرة الزلازل: وها نحن اليوم نرى ونسمع عن هذه الزلازل في كل مكان.
20- ظهور الفتن وعموم شرها.
21- تداعي الأمم وتكالبها على أمة الإسلام كما تتكالب الأكلة على قصعتها، وها هم أعداء الإسلام يقيمون المؤتمرات والمعاهدات من أجل القضاء على الإسلام وأهله، فها نحن نرى أعداء الإسلام وجرائمهم في الشِّيشان وفي البوسنة والهرسك وغيرها من البقاع الإسلامية، ومع هذا اتجه أبناء وبنات المسلمين إلى الإقتداء بأعدائهم وموالاتهم بل وأخذوا يتشبهون بهم في لباسهم وهيئتهم،
22- التماس العلم عند الأصاغر وهم طلبة العلم غير المتمكنين الراسخين في العلم يُسألون فيفتون بغير علم فَيَضِلُّون ويُضَلُّون
23- ظهور النساء الكاسيات العاريات اللائى يغطين بعض جسدهن ويكشفن بعضاً أو يغطين بالملابس الضيقة والشفافة وما هن بمغطيات،
24- تصدُّر السفهاء وتكلمهم في الأمور العامة للناس.
25- يكون السلام للمعرفة، فلا يسلم الرجل إلا على من يعرف
26- عدم تحري الرزق الحلال.
27- يكثر الكذب ويعم.
28- تتقارب الأسواق دلالة على كثرة التجارة وفشوها.
29- تكون إبل للشياطين وبيت للشياطين. أي يركب الرجل ناقته ويصطحب أخرى لا ليركبها ولا ليواسي بها المحتاج فتركبها حينئذ الشياطين.
30- تباهي الناس في المساجد وتفاخرهم بها وبأثاثها وزخرفتها.
31- خضاب الناس رءوسهم باللون الأسود.
32- تمني رؤية النبي  وذلك عند عموم الفتن وغربة الدين. قال : "ليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله".
33- يقل إقبال الناس على الطاعات والعمل للآخرة، فنسأل الله أن لا نكون من هؤلاء، وأن يعيننا على طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
34- يلقى الشح وينتشر بين الناس فيبخل كل بما في يده، صاحب المال بماله والعالم بعلمه والصانع بصناعته وخبرته.
35- قتل الناس بعضهم بعضاً بغير ما هدف.
36- أن يكون المال العام نهبة للجميع لا يتورعون عن نهبه والغل منه.
37- تقل الأمانة.
38- تثقل على النفوس شرائع الدين، نسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا وَيُكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين.
39- يطيع الرجل زوجته ويعق أمه، وهذا من كبائر الذنوب ومن قطيعة الرحم.
40- يجفوا الرجل أباه ويُقَرِّب صديقه،
41- ترتفع الأصوات في المساجد.
42- يكون زعيم القوم أرذلهم ويسود القبيلة فاسقهم.
43- يُكرَم الرجل مخافة شره لا لفضله وكرامته44- تكثر الشرطة وذلك لزيادة الفساد.
45- تقديم الرجل لإمامة الناس في الصلاة لجمال صوته وإن كان أقل القوم فقهاً وفضلاً.
46- بيع الحكم، أي: تُنال المناصب بالرشوة.
47- الاستخفاف بالدم.
48- أن تشارك المرأة زوجها العمل والتجارة
49- فشو القلم وكثرة التصانيف والتأليف.
50- أن يكون الولد غيظاً، وذلك لكثرة عقوقه لوالديه وجلب المشاكل لهما فيغيظهما في كل وقت.
51- ويكون المطر قيظاً، أي أنه يكون عذاباً بدلا من أن يكون خيراً ورحمة.
52- ويتعلم لغير الدين، أي ابتغاء منصب أو وظيفة أو مال يكتسبه.
53- ظهور السيارة وهذا من عجيب أخبار النبي : "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرحال ينزلون بها على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات"،
54- ظهور التَّرف وحياة الدعة في الأمة الإسلامية.
55- ترتفع التحوت وتوضع الوعول أي: يُكرم الفسقة ويُهان الكرام، فها نحن اليوم نرى الكثير من الناس إلا من رحم الله يأخذ الفنانين والفنانات والمتبرجات والساقطات قدوة يقتدي بهم ويرى أن العلماء والفقهاء والإسلاميين معقدين ومتطرفين ونسي قول النبي : "المرء مع من أحب" .
56- يقال للرجل ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان.
57- تمني الموت لكثرة الفتن.
58- تحاصر العراق ويمنع عنها الطعام والمساعدات.
59- ثم تحاصر الشام سوريا-لبنان-الأردن-فلسطين فيمنع عنها الطعام والمساعدات. وهاتان العلامتان السابقتان من أعجب ما أخبر به النبي  أنه سيكون في آخر الزمان، فقد وقع هذا قريباً جداً .
60- موت رسول الله .
61- فتح بيت المقدس. وقد كان هذا في زمن عمر بن الخطاب .
62- الموت الجماعي بالأوبئة والطواعين وغيرها كطاعون عمواس في زمن عمر والحروب العالمية.
63- ظهور الغلاء وارتفاع الأسعار .
64- فتنة تدخل كل بيت من بيوت العرب وغيرهم كالتلفاز والأغاني فقد اقتحما كل بيت .
65- هدنة ومصالحة تكون بيننا وبين الروم أوروبا-أمريكا

علامات ونسب المهدى عليه السلام



المـَـهْـــدِي عليــــه الســـَّـــــلام
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●

يعتقد أهل السنة أن من أشراط الساعة خروج المهدي آخر الزمان، فيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال.
وقد جاءت السنة ببيان اسمه وصفته ومكان خروجه، فمن ذلك:
1-
ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي" وفي رواية لأبي داود: "يواطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي". والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر والألباني.
2-
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين" رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
3-
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
4-
وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" رواه أحمد وابن ماجه، وصححه أحمد شاكر والألباني. قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: (أي يتوب الله عليه، ويوفقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك).
5-
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً. يعني حججا" رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: هذا سند صحيح رجاله ثقات.
6-
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" رواه ابن ماجه والحاكم وقال: على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير: هذا إسناد قوي صحيح.
قال ابن كثير: "والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت، كما دل على ذلك بعض الأحاديث" انتهى.
وقال ابن كثير أيضاً: "والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة، يقتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء، حتى يكون آخر الزمان، فيخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق، لا من سرداب سامرا، كما يزعمه جهلة الرافضة من وجوده فيه الآن، وهم ينتظرون آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كبير من الخذلان، شديد من الشيطان، إذ لا دليل على ذلك ولا برهان، لا من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا استحسان" انتهى.
وقال ابن القيم في المنار المنيف: (ولقد أحسن من قال:
ما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا؟
فعلى عقولكم العفـاء فإنكم ثلثتم العنقـاء والغيلانـا
ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل) انتهى.
7-
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" رواه البخاري ومسلم.
8-
وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" قال: "فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة" رواه مسلم. وفي رواية عند الحارث بن أبي أسامة " فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا..." الحديث، قال عنه ابن القيم في المنار المنيف: هذا إسناد جيد.
فهذا بعض ما ورد في ذكر المهدي وخروجه آخر الزمان . وليعلم أن أحاديثه بلغت حد التواتر كما صرح بذلك جماعة من أهل العلم. قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية ( وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عُدّ من معتقداتهم" إلى أن قال: "وقد روي عمن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم رضي الله عنهم، بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" انتهى.
وقال الشوكاني: "والأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر ، التي أمكن الوقوف عليها ، منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول..." انتهى.
وقد أنكر جماعة خروج المهدي محتجين بحديث "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم" وهو حديث رواه ابن ماجه والحاكم، لكنه ضعيف كما جزم بذلك جماعة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره

وهنا بعض هذه الأحاديث توضح اسمه ونسبه ::
قال عليه السلام : لا تذهب - أو لا تنقضي - الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.

وعن علي قال: قال عليه السلام : المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة. 
قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: أي يتوب الله عليه، ويوفقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك.

** فهو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله المهدي الذي ينتسب إلى الحسن بن علي عليهم السلام أجمعين، وهو أشبه الناس بجده المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ويكون مولده في المدينة النبوية .. وهو موجود في هذا الزمان.. وقد اقترب أوان ظهوره ويدل على ذلك الحوادث والمحن التي تمر بها الأمة الإسلامية حاليا، وهو لا يُعد من علامات الساعة الكبرى بل يُعتبرُ من العلامات الصغرى المواكبة للكبرى، وقد جعل الله له علامات تسبق ظهوره وأخرى تواكب حضوره، وكرامات تتم على يديه، وانتصارات للإسلام.. وتمام للدين على كل الأديان.

كان عليه السلام يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. 
وهو أحد الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين ، وليس هو بالمنتظر الذي تزعم الرافضة ، وترتجي ظهوره من سرداب سامراء ، فإن ذلك ما لا حقيقة له ، ولا عين ، ولا أثر ، ويزعمون أنه محمد بن الحسن العسكري ، وأنه دخل السرداب وعمره خمس سنين !
 صفاته الخُـلـُقية والخـَـلقية ::

قال علي  ، ونظر إلى ابنه الحسن ، فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي  ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم  ، يشبهه في الخلق ، ولا يشبهه في الخلق - ثم ذكر قصة - يملأ الأرض عدلا . 

ويقول  في وصفه له: المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً، يملك سبع سنين. 
أجلى الجبهة ـ بالجيم أي منحسر الشعر من مقدم رأسه: أقنى الأنف ـ أي طويله.


** ومن الأحاديث التي وردت في كتاب: الفتن لنعيم بن حماد شيخ الإمام البخاري:
** عن علي بن أبي طالب رضي الله عنـه قال: "المهدي مولده بالمدينة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومهاجره بيت المقدس.. كث اللحية، أكحل العينين، براق الثنايا، في وجهه خال، أقنى أجلى، في كتفه علامة النبي يخرج براية النبي  من مرطكساء مخملة سوداء مربعة فيها حجر لم ينشر منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا تنشر حتى يخرج المهدي، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم، يُبعث وهو ما بين الثلاثين والأربعين".



علامات صلاح المهدي ::
ويؤخذ من قوله عليه السلام في المهدي أنه يصلحه الله في ليلته أن المهدي لا يعلم بنفسه أنه المهدي المنتظر قبل وقت إرادة الله إظهاره، ويؤيد ذلك أن النبي عليه السلام وهو أشرف المخلوقات لم يعلم برسالته إلا وقت ظهور جبريل له بغار حراء حين قال له: اقرأ باسم ربك الذي خلق ـ وأما قبل ذلك فكان يرى منامات كثيرة تأسيساً لرسالته وتقوية لقلبه، لكنه لم يعلم أن المراد منها تأسيس الرسالة، حتى أنه كان كلما رأى مناماً من تلك المنامات يخبر زوجته خديجة ـ رضي الله عنـها ـ ويشكو إليها حاله، فكانت تثبته وتقول له كلاماً يقوي به قلبه، كما هو موضح في كتب الحديث، فإذا كان النبي عليه السلام لم يعلم بأنه رسول الله عليه السلام إلا بعد ظهور جبريل عليه السلام له وقوله: اقرأ باسم ربك.. فبالأوْلى أن المهدي المنتظر لا يعلم بأنه المهدي إلا بعد إرادة الله إظهاره، 
ولذلك يمتنع من البيعة حتى يتهدد بالقتل ويبايَع مكرهاً، فهذا هو سر قوله عليه الصلام والسلام ـ يصلحه الله في ليلته ـ ليُعلم من ذلك أنه لم يعلم أنه المهدي إلا وقت إرادة الله إظهاره، فكل من يدعي أنه هو المهدي المنتظر ويطلب البيعة لنفسه أو يقاتل الناس لتحصيلها فهو مخالف لما صرحت به أحاديث النبي عليه السلام ، وقد ادعى هذه الدعوى كثيرون فيما تقدم من الأزمان ولم تثبت دعواهم. 
وما أحسن قول سفيان الثوري رحمه الله: إن مر بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع إليه الناس. 
وهذه هي الطريقة المثلى في التعامل مع دعاوى المهدية.
والله أعلم.

نقطة مهمة جداً ::
_ ان المهدي " ليس من علامات الساعة الكبرى ، بل يقع نهاية علامات الصغرى ، فهو علامة " وسطى " بين الصغرى والكبرى .. مثل ماقلنا سابقاً .

في " الطبراني " من حديث حسين بن علي ، مرفوعا : " سيكون بعدي خلفاء ، ثم ملوك ، ثم أمراء ، ثم جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ثم يؤمر القحطاني ، فوالذي نفسي بيده ما هو بدونه " . يعني القحطاني خليفة بعد المهدي .

كيف نعرف المهدي الحقيقي 
النبي عليه الصلاة والسلام لم يترك الأمر سدى, وإنما ذكر علامات وضوابط نعرف بها المهدي دون شك .. منها /
1- أن المهدي لا يدعوا إلى نفسه , ولا ينادي إلى بيعته , وإنما يبايعه الناس وهو مكره .
2- تطابق اسم المهدي مع اسم النبي عليه الصلاة والسلام [ محمد بن عبد الله ]
3- كون نسبه يرجع إلى الحسين بن علي رضي الله عنــهما .
4- أن تنطبق عليه الصفات الخـَلقِية الواردة في الحديث [ أجلى الجبهة أقنى الأنف ..]
5- الظروف التي يظهر فيها المهدي :
*اختلاف يقع بعد موت خليفة.
* امتلاء الأرض ظلماً وجوراً.
* اقتتال ثلاثة كلهم ابن خليفة .
* كونه صالحاً تقياً عنده علم شرعي وحكمة .
* كونه يظهر في مكة ويبايع بين الركن والمقام.

ظهور المهدي عليه السلام وخلافته ::

في الحديث الذي ذكرناه سابقاً "تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ.. ثُمَّ سَكَتَ".
** المرحلة الأولى: مرحلة النبوة: وقد استمرت ثلاث وعشرين سنة.
** المرحلة الثانية: مرحلة خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ: وقد استمرت ثلاثون عاما من خلافة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين، 
** المرحلة الثالثة: مرحلة مُلْكًا عَاضًّا: التي أسسها بنو أمية في الشام واستمرت فيما نعتقد حتى نهاية الخلافة العثمانية .
** المرحلة الرابعة: مُلْكًا جَبْرِيَّةً: التي بدأت مع دخول الاستعمار وتقسيم الوطن العربي إلى أقاليم ودول، وتولي حكام جبريين أو جبارين على تلك الأقاليم والدول، وهم في أغلبهم من المستعمر أو تابع له لتنفيذ أجندة خارجية بالقوة الجبرية.
** المرحلة الخامسة: خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ: وهو خليفة الله المهدي عليه السلام الذي يكون في آخر الزمان فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، بنص الأحاديث المتواترة. 

من أهم الكرامات والمآثر التي تجري على يديه ما يلي::
** تجتمع الأمَّةَ عليه وتطلب مبايعته وهو كاره لتحمل تلك المسئولية السياسية ، لأن آل البيت عليهم السلام جل ما يشغلهم هو القيام بالدين وليس بالسياسة أو الحكم أو المناصب الدنيوية.
** يظهر الدين في زمانه فوق كل الأديان، فيُهلِك اللهُ المِلل كلها غير الإسلام.
** ويسيرُ النصر بين يديهِ فلا تُغلَب له راية أبدًا.
** وتفتح له أرجاء الأرض، فتنهار أمامه الحصون التي امتنعت على مر التاريخ مثل: روما الفاتيكان.
** وتجري له الخوارق والكرامات مثل: هدم الحصون بالتكبير.
** الخسف الذي يحدثُ بجزيرة العرب بين مكة والمدينة بجيش السفياني الثاني.
** ظهور المَسيح الدَّجَـال في زمانه أثناء فتح القسطنطينية الثالث.
** نزول المَسيح عيسى ابن مريم عليه السلام في زمانه وصلاته خلف المهدي عليه السلام.
** خروج يأجوج ومأجوج في زمانه.
** تخرج الأرض في زمانه كنوزها وأفلاذ أكبادها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيحثو المال حثيا ولا يعده عدًا.
** يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.
** عندما يستقر له الأمر فإن عدله يسع كل الناس بالسوية.
** يقسم المال بالسوية، ويعدل في الرعية.
** في زمانه يزاد المحسن في إحسانه ويتاب على المسئ.
** يملأ الأرض قسطًا وعدلا، فتأوي إليه الأمة كما تأوي النحلة إلى يعسوبها.
** تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، وترسل السماء عليهم مدرارا.
** لا تدع السماء من قطرها شيئا إلا صبته، ولا الأرض من نباتها شيئاً إلا أخرجته، حتى يتمنى الأحياء الأموات.
** الفتن: علامة المهدي: أن يكون شديداً على العمال، جواداً بالمال ، رحيماً بالمساكين.
** تأخذ الأرض في زمانه زخرفها وتتزين، فلا يبقى في الأرض خراب إلا عمر.
** يمكث سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين.
قال النبي عليه الصلاة والسلام : يكون في أمتي المهدي إن قـَصُر فسبع وإلا فتسع تنعم فيه أمتي نعمة لم " ينعموا مثلها " قط ،تؤتي الأرض أكلها ، ولا تدخر منه شيئا ، والمال يومئذ كدوس ، يقوم الرجل فيقول : يا مهدي أعطني . فيقول : خذ .
وقال النبي عليه السلام : "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله".

وروي بأن ملوك الهند يؤتى بهم مسلسلين إلى المهدي .
وفي هذا دلالة على أن هناك حرب عالمية ستضعف ملوك الأرض فيذعنون للمهدي تسليماً أو عنوة ، وحكم المهدي سيكون عالمي يجب قبله أن يكون العالم مهيأ لذلك، فهو الذي يفتح القسطنطينية ...والله أعلى وأعلم .

من العلامات التي تسبق ظهور المهدي عليه السلام ::

هذه نقاط يسيرة جدا وملخصة من بحث لاحد طلبة العلم : ذكر احاديث عديدة فذكرتُ منها /
عن مطر الوراق قال: :"لا يخرج المهدي حتى يُكفر بالله جهرة" رواه نعيم بن حماد في كتاب الفتن.
عن ابن عباس ــما قال: "يبعث الله تعالى المهدي بعد إياس وحتى يقول الناس لا مهدي".

و"حديث مقطوع" حَدَّثَنَا سَعِيدٌ أَبُو عُثْمَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، قَالَ : " يَخْرُجُ شَابٌّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى خَالٌ مِنْ خُرَاسَانَ بِرَايَاتٍ سُودٍ بَيْنَ يَدَيْهِ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ ، يُقَاتِلُ أَصْحَابَ السُّفْيَانِيِّ فَيَهْزِمُهُمْ " .

وروى الأزرقي في كتابه أخبار مكة بسنده إلى يوسف بن ماهك قال: "كنت جالسًا مع عبد الله بن عمرو بن العاص ما في ناحية المسجد الحرام ، إذ نظر إلى بيت مشرف على أبي قبيس، فقال: أبيت ذاك  فقلت: نعم فقال: إذا رأيت بيوتها قد علت أخشبيها، وفجرت بطونها أنهارًا فقد أزف الأمر".

قلت [ والكلام للباحث ] هو بداية الملاحم وعلامات الساعة الكبرى التى ترافق ظهور المهدى .
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنـهـما:"خروجه عليه السلام إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن نرى فرجاً، فيا طوبى لمن أدركه، وكان من أنصاره، والويل كل الويل لمن خالفه، وخالف أمره".

ولباحث آخر /
القحطاني خليفة صالح يحكم بعد المهدي و على ذلك احاديث متعددة يفهم منها ذلك. و قد ورد في القحطاني عدة احاديث منها ما رواه الإمام احمد والشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنــه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال : [لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ].
و من أدلة أنه أحد الخلفاء الصالحين من بعد المهدي أذكر لك بعض الأحاديث و الآثار:
*ما نقله ابن حجر عن نعيم بن حماد انه روى من وجه قوي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنــهـما انه ذكر الخلفاء ثم قال ورجل من قحطان .
*مارواه أيضا بسند جيد عن ابن عباس ــما انه قال فيه [ ورجل من قحطان كلهم صالح ] .
*ما رواه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه [ سيكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملا الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه ] .
و الله أعلم .

الأحاديث الصحيحة فى المسيح الدجال ونزول عيسى عليه السلام

صحيح قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام

قال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله إياه على سياق رواية أبي أمامة رضي الله عنه مضافا إليه ما صح عن غيره من الصحابة رضي الله عنهم :
1 – يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم – [ ولا تكون حتى تقوم الساعة ] – أعظم من فتنة الدجال [ ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها ] [ وإنه لا يضر مسلما ]
2 – وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته [ الأعور ] الدجال [ إني لأنذركموه ]
3 – وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم
4 – وهو خارج فيكم لا محالة . [ إنه لحق وأما إنه قريب فكل ما هو آت قريب ] . [ إنما يخرج لغضبة يغضبها ] و [ لا يخرج حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ]
5 – فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم . ( وفي حديث أم سلمة : وإن يخرج بعد أن أموت يكفيكموه الله بالصالحين )
6 – وإنه يخرج [ من [ أرض ] قبل المشرق ] [ يقال لها : ( خراسان ) ] [ في يهودية أصبهان ] [ كأن وجوههم المجان المطرقة ] من خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا [ وعاث ] شمالا يا عباد الله فاثبتوا . [ ثلاثا ]
7 – فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي . ( وفي حديث عبادة : إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا )
8 – إنه يبدأ فيقول : أنا نبي ولا نبي بعدي
9 – ثم يثني فيقول : أنا ربكم . ولا ترون ربكم حتى تموتوا
10 – وإنه أعور [ ممسوح ] [ العين اليسرى ] [ عليها ظفرة غليظة ] [ خضراء كأنها كوكب دري ] [ عينه اليمنى كأنها عنبة طافية ] [ ليست بناتئة ولا حجراء ] [ جفال الشعر ] [ ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم ] إن ربكم ليس بأعور [ ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور ] [ ثلاثا ] [ وأشار بيده إلى عينيه ] [ وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ]
11 – [ إنه يمشي في الأرض وإن الأرض والسماء لله ]
12 – [ إنه شاب قطط كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ] [ قصير أفحج دعج ] [ هجان ]
13 – [ وإنه آدم جعد ] [ جفال الشعر ]
14 – وإنه مكتوب بين عينيه : كافر يقرؤه [ من كره عمله أو يقرؤه ] كل مؤمن كاتب أو غير كاتب
15 – وإن من فتنته أن معه جنة ونارا [ ونهرا وماء ] [ وجبل خبز ] [ وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار ] فناره جنة وجنته نار- [ وسأله المغيرة بن شعبة عنه ؟ فقال : قلت : إنهم يقولون : معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء ؟ قال : هو أهون على الله من ذلك ] ( وفي حديث آخر : [ معه نهران يجريان أحدهما - رأي العين - ماء أبيض والآخر - رأي العين - نار تأجج ] [ فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار ] [ وليغمض [ عينيه ] ثم ليطأطئ [ رأسه ] فإنه يجده ماء [ باردا عذبا ] [ طيبا ] [ فلا تهللوا ] . وفي أخرى : فمن دخل نهره حط أجره ووجب وزره ومن دخل ناره وجب أجره وحط وزره )
16 – فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ [ عليه ] فواتح سورة ( الكهف ) [ فإنها جواركم من فتنته ]
17 – وإن من فتنته أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني اتبعه فإنه ربك
18 – وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين
19 – وإن من فتنته أن يمر بالحي [ فيدعوهم ] فيكذبونه [ فينصرف عنهم ] فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت
20 – وإن من فتنته أن يمر بالحي [ فيدعوهم ] فيصدقونه [ ويستجيبون له ] فيأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا
21 – ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل
22 – [ يخرج في ] زمان اختلاف من الناس وفرقة [ ( و ) بغض من الناس وخفة من الدين وسوء ذات بين فيرد كل منهل فتطوى له الأرض طي فروة الكبش ]
23 – [ ولا يخرج حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق [ يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام ] فيخرج إليهم جيش من المدينة من من خيار أهل الأرض يومئذ . فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم . فيقول المسلمون : لا . والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم [ وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام ] فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم – [ هم ] أفضل الشهداء عند الله – ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا [ فيجعل الله الدبرة عليهم ( أي الروم ) فيقتتلون مقتلة إما قال : لا يرى مثلها وإما قال : لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم ؟ ] فيبلغون قسطنطينية فيفتحونها ( وفي رواية : سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟ قالوا : نعم يا رسول الله قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا : لا إله إلا الله والله أكبر . فيسقط أحد جوانبها الذي في البحر ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله والله أكبر . فيسقط جانبها الآخر ثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله والله أكبر . فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا ) فبينما هم يقتسمون الغنائم – قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح [ الدجال ] قد خلفكم في أهليكم . [ فيرفضون ما بأيديهم ] فيخرجون وذلك باطل [ فيبعثون عشرة فوارس طليعة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ ] فإذا جاؤوا الشام خرج ]
24 – وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا [ أربع مساجد : مسجد ] مكة و [ مسجد ] المدينة [ والطور ومسجد الأقصى ]
25 – وإن أيامه أربعون يوما يوما كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قالوا : فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : لا اقدروا له قدره قالوا : وما إسراعه في الأرض ؟ قال : كالغيث استدبرته الريح ]
26 – وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال : التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام
27 – لا يأتي مكة والمدينة من نقب من نقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة
28 – [ وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رعب المسيح [ الدجال ] إلا المدينة [ لها يومئذ سبعة أبواب ] على كل نقب من نقابها ملكان يذبان عنها رعب المسيح ]
29 – حتى ينزل عند السبخة [ سبخة الجرف ] [ دُبر أحد ] [ فيضرب رواقه ]
30 – فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص [ وأكثر من يخرج إليه النساء ]
31 – [ فيتوجه قبله رجل من المؤمنين [ ممتليء شبابا ] [ هو يومئذ خير الناس أو من خيرهم ] فتلقاه المسالح – مسالح الدجال – فيقولون له : أين تعمد ؟ فيقول : أعمد إلى هذا الذي خرج . قال : فيقولون له : أو ما تؤمن بربنا ؟ فيقول : ما بربنا خفاء . فيقولون : اقتلوه . فيقول بعضهم لبعض : أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه ؟فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال : يا أيها الناس [ أشهد أن ] هذا الدجال الذي ذكر ( وفي طريق : الذي حدثنا ) رسول الله صلى الله عليه وسلم [ حديثه ] قال : فيأمر الدجال به فيشبح فيقول : خذوه وشبحوه . فيوسع ظهره وبطنه ضربا قال : فيقول : أو ما تؤمن بي ؟ قال : فيقول : أنت المسيح الكذاب [ فيقول الدجال : أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا ] . قال : فيؤمر به فيؤشر المئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه [ فيقتله ] ( وفي حديث النواس : فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ) . قال : ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له : قم . فيستوي قائما قال : [ ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك ] ثم يقول له : أتؤمن بي ؟ فيقول : [ والله ] ما ازددت فيك إلا بصيرة . قال : ثم يقول : يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس . قال : فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا قال : فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ]
32 – [ ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام ] [ ثم يأتي جبل إيليا فيحاصر عصابة من المسلمين ] [ فيلقى المؤمنون شدة شديدة ] [ ويفر الناس من الدجال في الجبال ] فقالت أم شريك بنت أبي العكر يا رسول الله فأين العرب يومئذ ؟ قال : هم يومئذ قليل
33 – وإمامهم رجل صالح [ وقال صلى الله عليه وسلم : المهدي منا آل البيت [ من أولاد فاطمة ] يصلحه الله في ليلة ] [ يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ] [ أجلى الجبهة أقنى الأنف ] [ يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ] [ يملك سبع سنين ]- وقال صلى الله عليه وسلم : ( عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار : عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم عليه السلام ) – وقال : ( من أدركه منكم فليقرئه مني السلام )
34 – [ فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم [ من السماء ] عيسى بن مريم الصبح ] [ عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ]
35 – [ ليس بيني وبينه نبي ( يعني : عيسى ) وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ) - وقال : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم ( وفي رواية : وأمكم ) منكم ؟ ) . قال : ابن أبي ذئب : تدري ما ( أمكم منكم ) ؟ قلت : تخبرني . قال : فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ) ]
36 – فرجع ذلك الإمام ينكص – يمشي القهقرى – ليتقدم عيسى [ فيقول : تعال صل لنا ] . فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له : [ لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ] تقدم فصل . فيصلي بهم إمامهم
37 – [ ثم يأتي الدجال جبل ( إيلياء ) فيحاصر عصابة من المسلمين ] [ فيقول لهم الذين عليهم : ما تنتظرون بهذا الطاغية [ إلا ] أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا ]
38 – [ فبينما هم يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة ][ صلاة الصبح ] [ فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم ] [ فيؤم الناس فإذا رفع رأسه من ركعته قال : سمع الله لمن حمده قتل الله المسيح الدجال وظهر المسلمون ] . فإذا انصرف قال : افتحوا الباب . فيفتح وراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج [ فيطلبه عيسى عليه الصلاة والسلام ]
39 – [ فيذهب عيسى بحربته نحو الدجال ] فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء [ فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريه دمه في حربته ] فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله [ فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق ]
40 – فيهزم الله اليهود [ ويسلط عليهم المسلمون ] [ ويقتلونهم ] فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة – إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق – إلا قال يا عبد الله المسلم هذا يهودي [ ورائي ] فتعال فاقتله
41 – [ ثم يلبث الناس بعده سنين سبعا ليس بين اثنين عداوة ]
42 – فيكون عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام في أمتي [ مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم على ملته ] حكما عدلا وإماما [ مهديا ] مقسطا [ فيقاتل الناس على الإسلام ف ] يدق الصليب ويذبح الخنزير [ وتجمع له الصلاة ] ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير وترفع الشحناء والتباغض [ والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد ] [ حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها ] [ وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين ] . – [ والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج ( الروحاء ) حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما ]
43 – ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذا أوحي الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء . [ ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر - وهو جبل الخمر - وهو جبل بيت المقدس - فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء . فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما ] ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض : أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لكتفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس ] ويكون الثور بكذا وكذا من المال وتكون الفرس بالدريهمات – [ وقال صلى الله عليه وسلم : ( طوبى لعيش بعد المسيح طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر ويؤذن للأرض في النبات فلو بذرت حبك على الصفا لنبت ولا تشاح ولا تحاسد ولا تباغض ) ]
44 – وتنزع حمة كل ذات حمة [ وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ] حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره . وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها [ ثم يقال : تكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها بعهد آدم ]
45 – [ فيمكث عيسى عليه الصلاة والسلام في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون ]
46 – فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا [ باردة من قبل الشام ] فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ( وفي حديث ابن عمرو : لا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه ) ويبقى شرار الناس [ في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا قال : فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم ] يتهارجون تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة ]
47 – [ ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا أول من يسمع رجل يلوط حوض إبله فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله - وقال : ينزل الله - مطرا كأنه الطل أو الظل - شك من الراوي - فتنبت منه أجساد الناس ثم نفخ فيه أخرى فإذا قيام هم ينظرون [ الزمر : 68 ] ثم يقال : يا أيها الناس هلم إلى ربكم وقفوهم إنهم مسؤولون [ الصافات : 24 ] . ثم يقال : أخرجوا بعث النار فيقال : من كم ؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين . فذاك يوم يجعل الولدان شيبا [ المزمل : 17 ] وذلك يوم يكشف عن ساق [ القلم : 42 ) ]
المصدر : كتاب ( قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ) للعلامة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى وهناك ذكر الشيخ الألباني مصادر هذه الأحاديث و طرقها و الحكم عليها . للاختصار اقتصرنا على ذكر نص الحديث فقط و من أراد الاستزادة فليرجع إلى الكتاب

المعاصى والعصاة العلاج والحلول



هذا رجل فعل ما لم يفعله أحد ومن شدَّة خزيه من أفعاله أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا نبي الله لم أترك ذنباً حرَّمه الله إلا وفعلته فقد زنيت وقتلت وشربت الخمر ولم أدع شيئاً حرَّمه الله إلا وفعلته فهل لي من توبة؟

هذا الرجل يسمى وَحْشي ، وهو الذي قتل في غزوة أحد سيدنا حمزة عم النبي والذي حزن عليه صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً – فقال صلى الله عليه وسلم: نعم لك توبة ، فأرسل إلى رسول الله يقول: أريد آية صريحة فصيحة من كتاب الله تُعْلمني بقبول توبتي فنزل قول الله:{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} النساء48

فأرسل إليه صلى الله عليه وسلم بالآية ، فلما تُليت عليه قال: إن هذه الآية فيها شرط وهو تعليق التوبة على مشيئة الله تعالى: {لِمَن يَشَاءُ}فإذا لم تقتضي مشيئة الله غفران ذنبي فيا ويلتي ماذا أفعل؟ أريد آية أصرح من هذه الآية ، فنزل قول الله: {مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً} الفرقان70

فقال: ومن يضمن لي أن أعيش حتى أعمل عملاً صالحاً ربما يتداركني الموت بعد التوبة ولا أوفق للعمل الصالح أريد آية أرجى من هذه الآية فنزل قول الله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}الزمر53
فلما تليت عليه تاب وأناب

وإذا نظرنا في سيرة النبي الوهاب نجد عَرْضاً شاملاً لكل حالات المعاصي وكيفية علاجها والأخذ بناصية أصحابها ، وترك لنا هذا الميراث وجعل جميع المسلمين جامعيين أو أميين ، أطباء رحماء بالنيابة عن سيد المرسلين يقومون برسالة الهداية وردّ الخلق إلى رب العالمين في كل زمان ومكان

وإياك أن تعتقد أن رسالة الهداية على العلماء فقط لأن ديننا أهله كلهم حكماء وكلهم علماء وكلهم فقهاء ، وقد يهدي إنسان أمي رجلاً يعجز العلماء عن الأخذ بيده إلى طريق الله لأنه دخل إليه من الطريق الذي نبَّه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليست كل الهداية عن طريق العلم والبيان

لكن من الناس من يهتدي إلى الله برفقة أخ صالح في طريق الله ومنهم من يهتدي إلى الله بمعاملة تاجر صدوق مع الله ومنهم من يرجع إلى الله برجل يصنع البر لوجه الله - وإن كان فقيراً يحتاج إلى ما يُقيم به أوَدَه في هذه الحياة - فجعل الله لكل مسلم من الإسلام ميزة خصَّه بها يدعو بها الناس إلى الله ويستجيب له نفر جعل الله استجابتهم موقوفة على هذه الميزة التي وهبها له الله

وورد فى الأثر: {إذا تاب العبد المؤمن يقول الله تعالى بشرى يا ملائكتي فقد اصطلح عبدي معي افتحوا أبواب السموات لقبول توبته ولدخول أنفاس حضرته ، فلنفس العبد التائب عندي يا ملائكتي أعز من السموات والأراضين ومن فيهن}

إن أعظم حلاوة تقدمها لأهلك ولذوي رحمك ولجيرانك ولرفقائك في العمل في هذا الوقت الكريم أن تُذيق قلوبهم حلاوة الإيمان ، فالحلاوة التي يتذوقَّها الفم واللسان سهلة وموجودة في كل الأركان لكننا في عصرنا وفي هذه الأيام من زماننا في أمسَّ حاجة إلى حلاوة الإيمان ولا يتذوقها إلا القلب السليم الذي اختاره الله وجعله محِلاً لنوره عز وجل

واعلموا علم اليقين أن كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله ولو كان من رأسه إلى أخمص قدميه يتمرَّغ في المعاصي إلا أن الله حينما اختار قلبه لنور الإيمان جعل فيه الذَّوْق الذي يتذوق به آيات القرآن وحديث النبي العدنان ، والذي يميل به إلى فعل الصالحات واستباق الخيرات ، وما انتابه مِنْ فَتَرات في عصره وأيامه يكون لمرض ألمَّ به نتيجة البعد عن الله والميل إلى معاصي الله

فإن الإنسان السَّوي الجسم يشعر بالمرارة والحلاوة وبالحموضة وباللَّسوعة لكنه إذا أصيب بالحمى وهذا مرض عارض يمرض فيه الذوق ، فتعطيه السكر فينبأك بأنه مُرّ لأن فمه في هذا الوقت مُرّ ، وكذلك المؤمن عندما يكون في معمعة المعاصي وفي أودية الغفلة عن الله يكون مريضاً لكنه مرض عارض ، أثناء هذا المرض قد لا يحسّ بحلاوة القرآن ولا يشعر بتذوق كلمات النبي العدنان، لكنه لا يدوم مرضه فإذا شفاه الله ولابد من ذلك فهنا يستطعم القرآن ويتذوق حديث النبي العدنان ويشعر للطاعات بأنوار بينات

وكم رأينا في مجتمعنا هذا من نماذج مازالت تعيش بيننا ونعرفها جميعاً من أناس كانوا في قمة المعاصي لا يتحجبن كنساء ، ولا يعرفن المساجد كرجال فهداهم الله فصرن مؤمنات ومؤمنين يحجون بيت الله ويعتمرون إلى حرم الله ويحافظون على الصلاة ويدعون غيرهم إلى طاعة الله لنعلم أن سر الإيمان المعجز موجود في كل قلب آمن بالله

إياك أن تصف مؤمناً بأنه ليس له توبة أو ليس له رجوع أو ليس له إنابة أو ليس له عودة إلى الله ، فإن الله لم يتفضل عليه بكلمة الإيمان إلا لاصطفاء خصَّه به الرحمن ، ولكن ربما تأخر عنه الزمان لكن سينكشف عنه في وقت: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} ق22

فعلينا أن نبحث في هذه الأيام عن إخواننا الضالين والشاردين والتائهين الذين ضحك عليهم الشيطان وأخذتهم زخارف الدنيا وزينتها إلى حين ، فلا نحاول أن نردهم بل نرسل لهم بارقة الأمل ونعرِّفهم ونُعْلمهم أن الله في انتظارهم وأنه يشتاق إلى رجوعهم ويحنّ إلى توبتهم وأنه سيقابلهم بكل مغفرة وبكل رحمة وبكل خير وبكل برٍّ وبكل تكرمه ، قال صلى الله عليه وسلم: {حَببُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ يُحِبُّكُمُ اللَّهُ}{1}

وورد فى الزهد لأحمد بن حنبل أن الله أوحى إلى داود: {إنك إن استنقذت هالكا من هلكته سميتك جهبذا} 
(والجهبذ يعني العالم الكبير)


{1} عن أبى أمامامه رواه السيوطي في الجامع الصغير وللحديث رويات أخرى قريبة