Disqus for ومضات إيمانية

الخميس، 27 فبراير 2014

نور الصورة الآدمية لرسول الله صل الله عليه وسلم




رؤية رسول الله لها حالتان فهي إما رؤية لتفريج الكروب ، أو الأخذ بيد الإنسان من الذنوب والعيوب ، أو تبشيره بخير ، وهذه تكون بالصورة المحمدية الموصوفة في كتب الحديث ، كما وصفها الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه ، وكما وصفها سيدنا أبو هريرة وكما وصفها هند بن أبي هالة خال سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما وهي الصورة الحسية التي يقول فيها أحد الصالحين :

أبرزته يد العناية كوناً وهو نور في صورة آدمية

فهو بشر مثلنا ، ولكنه نور ، فكما ترون فإن لكل واحد فينا ظل لكن صورة الحبيب لم يكن لها ظل ، فإذا مشى لا يرى له ظل ، ومن لا ظل له هو النور ، ما جلس مع قوم إلا كان أعلاهم مهما كان طولهم وما مشى مع قوم إلا وكان أطولهم مهما كان طولهم، وإذا مشى يمشي كهيئته وعادته وهم يجرون خلفه ولا يستطيعون اللحاق به ، فكأنما الأرض تطوى له ، والروايات كثيرة وهذه مجملها

وسيدنا أنس قال فيه : ما رؤي صلى الله عليه وسلم مع شمس ولا قمر ، ولا مصباح ، إلا وكان نوره أزهى من نور الشمس ، وأضوء من نور القمر ، وأجمل من نور المصباح
وقال سيدنا حسان في ذلك:

لما نظرت إلى أنواره سطعت وضعت من خيفتي كفي على بصري

خاف أن يحرقه نور رسول الله فعندما رآه وضع يده على بصره

خوفاً على بصري من حسن صورته فلست أنظره إلا على قدري
الأنوار من نوره في نوره غرقت والوجه مثل طلوع الشمس والقمر
روح من النور في جسم من القمر كحلة نسجت في الأنجم الزهر


فحتى هذه الصورة الآدمية لم تكن صورة عادية ، ولكنها نور كما وصفه أحد الصالحين "هو نور في صورة آدمية".

لكن أهل الشهود وأهل الإكرام الأعلى والمقام الأسنى والنور الأبهى من حضرة الله كيف يمشون في العوالم العلوية وكيف تمشي أرواحهم؟ لا بد من صورة معنوية نورانية شهودية تمشي أمامهم لتفتح لهم مجاهل هذا الطريق وهذه تسمى الصورة الأحمدية: ولذلك فإن سيدنا عيسى رأى الصورة الأحمدية ولم يرى المحمدية {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} الصف6

وهذا هو ما رآه ، لأن الصورة المحمدية لم تكن قد جاءت بعد – فقد رأى سيدنا عيسى الصورة الأحمدية التي هي جمال الملكوت وكمال العظموت ونور الرحموت وسناء الحي الذي لا يموت ، وفي هذا المعنى يقول أحد الصالحين :

من خمر نـور جمالك و من رحيق وصالك
شربت صرفاً فهمت وهام أهل كمالك
فأصبح القلب نـوراً والقلب قد كان حالك
ومبشري قـال هيـا قم فالحمى لك سالك
فسرت و هو إمامـي حتى وصلت هنالك
ناديت ياليت قومـي قـد يعلمون بذلك


من خمر نور جمالك ، وانتبهوا للألفاظ فنور جماله خمر وإذا كان جمال يوسف جعل السيدات يقطعن أيديهن بالسكاكين وأين جمال يوسف بالنسبة لجمال سيدنا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم «أُعْطِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ شَطْرَ الحُسْنِ»[1]

أعطي يوسف شطر الحسن ، حسن من؟ حسن رسول الله ، لأنه أخذ الحسن الظاهر لكن الحسن الباطن شيء آخر وهو لرسول الله

من خمر نـور جمالك و من رحيق وصالك
شربت صرفاً فهمت وهام أهل كمالك


عندما رأى هذا النور وهذا الجمال ، ما الذي حدث؟

ومبشري قـال هيـا قم فالحمى لك سالك

فالطريق أصبح مفتوح

فسرت و هو إمامـي حتى وصلت هنالك

إذاً من يقود الإنسان في غياهب الغيب ؟ وفي غيب الغيب ؟ وفي نور الأنوار؟ وفي عالم الأسرار؟ ليس إلا الحبيب المختار في الصورة الأحمدية ، ما شكل هذه الصورة؟
وصفها أحد الصالحين فقال : " اللهم صلي وسلم وبارك على بيت الله المعمور بالله ونور الله الدال علي الله " فمن يريد الوجه يجب عليه أن يتأنى ويتعنى ليتهنى ،ِ لا بد أن تكون هناك معاناة وشوق ويكابد هذا الشوق للحبيب لكي يطيب


{1} عن أنس بن مالك ، مسند الإمام أحمد

المقصود الأعظم للأنبياء والأولياء





لما كان الحقُّ تقدَّست ذاته وتنزهت صفاته هو المقصد الحقيقي لإولي العزم من الرسل والعالين من الرَوحَانيين , ولكل الأفراد الوارثين , ولإهل الخصوصية من أولياء الله المقربين , وما سواه من المقاصد وإن علا , ومن المطالب وإن سما , فهو بالنسبة له عز وجل وسائل توصل إليه , وآيات مشرقات دالاتٌ عليه , فلذلك تتأله لجنابه العلي النفوس الطاهرة , وتحنُّ إليه الأرواح الملكية

وإنما تشتاق تلك النفوس الطاهرة إلى الفردوس الأعـلى ؛ لا للفردوس وما فيها , أو تتمنى الرضوان الأكبر ؛ لا لنيل الرضوان وإدراكه ,و إنما ذلك كله لحظوة تؤدي إلى جلوة , وقرب ينبئ بحب ، والوسائل كلها إلي هذا المقصود الأعظم هي كالمقاصد لعظمتها

فإنه صلى الله عليه وسلم هو الداعي الحقيقي في هذا المقام المقصود بالذات دون غيره , لأن به سعادة الأبد والنعيم الحقيقي في الدنيا والآخرة , إذ هو صلى الله عليه وسلم الشمس المضيئة التي تبين سبل السعادة في الدنيا والآخرة , وتوضح الطريق المستقيم لذي يكون به الناهج عليه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , فهو النجاة الحقيقية للعالم كله , والسعادة الحقيقة لبني الإنسان , ورحمة الله الحقيقية لمن اقتدي به وقبل وصاياه , يعز الله به بعد الذل , ويغني به بعد الفقر , ويقوي به بعد الضعف , سر قوله {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} الأعراف96

إن مقتضي كمال الأسماء والصفات إبراز المرائي التي تظهر فيها تلك المعاني ، ولما كان العالم أجمع ؛ إنما خلقة الله تعالي ليظهر سبحانه ببدائع إبداع صنعه ، وغرائب حكمته ، وعجائب قدرته ؛ وظهوره إما لنفسه فاعلا مختارا ، أو لخلقه ربا معبودا قهارا ، اقتضت إرادته الأزلية ؛ تعيين حقيقة كاملة قابلة لكمال تجليه ، وظهور معانيه ، فكانت تلك الحقيقة المختارة لحضرته ؛ هي حقيقة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم 

فكان صلى الله عليه وسلم هو السراج المنير ، الذي أسْرج سُرُجَ الرسل والأنبياء من قبله ، والصديقين والشهداء من بعده ،سمَّاه الله سراجا منيرا ، ولم يسمه شمسا لأن السراج يسرج غيره ، ولكن الشمس لا تجعل شمسا غيرها ، ولذا واثق الله الرسل بدءا له صلى الله عليه وسلم ، فكان المواثق {بكسر الثاء} هو الله , والمواثق {بفتح الثاء} حقائق الرسل صلوات الله عليهم ، فأشهدهم سبحانه وتعالي ظهوره حقا في حقيقة حبيبه ومصطفاه، ليلحظوا بالعيون التي وهبها لهم ، محاب الله ومراضيه فيما تقتضيه تلك الحقيقة ، فصارت بكمال الاستحضار معالم بين أعينهم ؛ في طورهم الدنيوي يمثلونها للأمم ويرسمون صورتها علي جواهر نفوس العالم ,وتشرق بهم شمسهصلى الله عليه وسلم

وكل آي أتي الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها يظهر أنوارها للناس في الظلم 


ولذلك لم يخل سفر من الأسفار من لدن آدم إلى عيسي عليهم الصلاة والسلام، إلا وتجمَّل بذكر إسمه ، والحثِّ علي اتباعه , وكتم ذلك أعداء الحقِّ من أهل الكتابين ، ولكنَّ القرآن الكريم بيَّن لنا ذلك جليَّا

وقد بعث الله الرسل قبله ، بما لا بدَّ لأهل كل زمان من الكمالات التي بها يكون الناس في أمن وأمان ، وعلم بما يجب عليهم ؛ حتي تمَّ الدور ، وتأهل الناس للكمال المطلق ، فأشرقت تلك الشمس الكليَّة بكل الكمالات التي منحها الله الرسل منه صلى الله عليه وسلم ، فكان ما جاء به الرسل قبله كمالات نابوا في تبليغها عنه ، وهو صلى الله عليه وسلم أصل تلك الكمالات ، فلما أشرقت شمسه ؛ أشرقت بالكمال المطلق الذي يدلُّ عليه قوله تعــــالي {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} المائدة3


الثلاثاء، 25 فبراير 2014

معرفة النبى صل الله عليه وسلم بخصائص الأشياء وأنواع الأمم





undefined


أطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم علي خصائص الأشياء كلها ؛ لينبِّه علي منافعها , ويحذر من مضارها , ولذلك فانه صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئا ينفعنا ؛ إلا وحثنا عليه وأمرنا بالمبادرة إليه , ولا أمرا فيه ضرر لنا ؛ إلا وحذرنا منه ونهانا عنه

وما زال العلم والعلماء يتحيَّرون عندما يكتشفون أسرار التشريعات التي جاء بها صلوات الله وسلامه عليه ، ومطابقتها تماما لأحدث ما وصلت إليه العلوم الحديثة في عصرنا هذا ، مع العلم بأن العلماء لم يتوصلوا إلي تلك النتائج إلا في عصرنا الحديث , وبعد التقدم المذهل في أجهزة الاستشكاف العلمية , بينما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن تلكم الاشياء منذ زمان بعثته , بل إن هناك أشياء أشار إليها صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتشفها العلم إلي الآن مثل حصره صلى الله عليه وسلم للأمم في قوله] {إنَّ اللهَ خَلَقَ ألفَ أُمَّةٍ ؛ أرْبَعْمَائَةُ مِنْهَا فِي الْبَرِّ , وَسِتُمَائَةُ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ}[1]

ولا يكون ذلك الا بسبب شهوده صلى الله عليه وسلم بنور الله الذي أعطاه ، للجينات الوراثية لكافة الكائنات , وفكه لشفراتها , وفهمه لرمزها , فعلم أصول الأنواع , وفصائلها , وخصائصها ، وحصرها حصرا دقيقا ، مع أن العلم الحديث ، لم ينته من حصرها بعد ، وفي ذلك يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , وما من طائر يطير في السماء بجناحيه ، إلا وذكر لنا عنه علما}[2]

وقد خُصَّ صلى الله عليه وسلم بهداية البيان لمن جهزهم الله للأيمان ، وهي المعنية بقول الله {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الشورى52

أما هداية الإحسان المذكورة في قوله عز وجل {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}القصص56
فهي خاصة بالله

فللرسول البلاغ باللسان لكافة بني الإنسان لكي تكون لله الحجة البالغة , أما تقليب القلوب واستجابتها لأمر الله , أو انصرافها عن هديه وشغلها بالحظِّ و الهوي ؛ فهذا مردُّه إلى الله ، كما قالالسيد الأعظم صلوات الله وسلامة عليه {إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الله يُقَلِّبُهَا كَيْفَ شاَءَ- و فى رواية أم سلمة - مَا شَاءَ مِنْهَا أَقَامَ وَمَا شَاءَ أَزَاغَ}[3]

وإلي ذلك المقام يشير صلى الله عليه وسلم حيث قال {مَنْ أطاعَنِي فَقَدْ أطاعَ اللّهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللّهَ ، وَمَنْ أطاعَ أمِيري فَقَدْ أطاعَنِي ، وَمَنْ عَصَا أمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي}[4]

وقال صلى الله عليه وسلم {كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى}[5]

أما الذي يوضِّح جليَّة هذا المقام ، فقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث المتفق عليه {إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَىٰ قَوْمَهُ. فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَىٰ مُهْلَتِهِمْ وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ}

كذلك يزيد هذا المقام بيانا ؛ قوله صلى الله عليه وسلم فيما يروية البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال {جَاءَتْ مَلائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ ، فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ ، فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا ، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً ، وَبَعَثَ دَاعِيًا ، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ ؛ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ ؛ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ ، فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ ، فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاس
}



{1} رواه الحكيم الترمذي وأبو يعلي وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن عمر رضي الله عنه
{2} مسند الإمام أحمد بن حنبل
{3} سنن الترمذى عن أنس ، وله روايات عديدة بأسانيد كثيرة و ألفاظ متعددة
{4} رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة واحمد عن ابي هريرة رضي الله عنه
{5} رواه البخاري وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه




حكم الدين فى السحر الروحانى وجلب الحبيب المنتشر الآن فى المنتديات





سؤال: ما حقيقة السحر الروحاني، وجلب الحبيب - حيث أنه منتشر جداً
في المواقع والمنتديات؟

================================================== ====

السحر ذكره الله عزَّ وجلَّ في القرآن، وقال في شأن المَلَكين اللذين أُنزلا على هارون وماروت في {وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه}ْ 102البقرة

هذا السحر لا يؤثر إلا في النفوس التي في غفلة ومعصية أو بعد عن حضرة الله عزَّ وجلَّ، أما الأتقياء الأنقياء الذين اعتصموا بالله، وحافظوا على طاعة الله، وحافظوا على فرائض الله فقد قال فيهم صلى الله عليه وسلم {يَا غُلامُ .. إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ} (سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد والحاكم)

ومن يحفظه الله هل يستطيع أحد من الجن أو الإنس أو غيرهم أن يؤذيه؟ كلا ، إذاً إذا أردنا الوقاية من السحر - لنا ولأبنائنا وزوجاتنا - فعلينا أن ندرِّبَهم ونمرِّنَهم - ثم بعد ذلك نلاحظهم - على المحافظة على فرائض الله في أوقاتِها، فإن من صلَّى الصبح في جماعة يقول فيه صلى الله عليه وسلم {مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ} (صحيح مسلم وابن ماجة والترمذي)

وإذا أردنا لهم كتاباً يحفظهم من السحر نُعلقه لهم، نوصيهم بوصية رسول الله بأن يكتبوا لأنفسهم كل صباح هذا الكتاب، ويجددوه في كل يوم مرة، كيف؟ قال صلى الله عليه وسلم: {مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ } (البخاري ومسلم)، وفي رواية (عشر مرات)

إذاً يجب علىَّ أن أدرِّب نفسي وزوجي وأولادي وغيري على المحافظة على فرائض الله في أوقاتِها ليحفظنا الله، وأوصيهم أن يقولوا عقب صلاة الصبح وعقب صلاة المغرب عشر مرات {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير} وفي كيفيتها عن رسول الله ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقولها وهو في جلسة الصلاة بعد السلام قبل أن يُغير هيئته، وذاك لمن يستطيع ذلك بغير تعب جسماني، أما من يشكو من تعب في رجليه فلا عليه أن يقولها بأي كيفية شاء لأن الله عزَّ وجلَّ يسَّر الأمر على عباده المؤمنين

أما السحر والسحرة فمعظم من يتحدثون عن هذا الأمر في هذا الزمان هم متكسبون، غير صادقين، وغير عارفين، ولكنهم يريدون أن يستلبوا أموال الناس بهذا العمل الدنيء الباطل الذي يُخوفون به الناس ويُرهبونهم، ويجعلونهم يعتقدون أنهم يضرونهم أو ينفعونهم، مع أن الضَّارَ والنافعَ هو الله عزَّ وجلَّ، ولذا طلب منا رسول الله صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث - ألا نذهب إلى هؤلاء البتَّة، فقال صلى الله عليه وسلم {مَنْ أَتَى سَاحِرًا أَوْ كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم} (المعجم الكبير للطبراني والسنن الكبرى للبيهقي ومسند الإمام أحمد)، وفي رواية أخرى {مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا} (مسند الإمام أحمد)

انظر إلى تحذير البشير النذير فإذا وافقنا جميعاً على ذلك وتركنا هؤلاء فإنهم لابد سيرتدعون، ويرجعون إلى دين الله، وإلى رحاب شرع الله ،ويتركون هذا العمل الذي نَهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن نحن الذين يُعينهم على ذلك، ونحن الذين نُشجعهم ونذهب إليهم، ونحثُّهم وندفع لهم ما يطلبون، ونحترمهم على ما يقولون، مع أنهم على غير جادة ، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أن ممارسة السحر كبيرة من الكبائر ينبغي أن يتوب منها المرء قبل الموت، وإلا خُتم له - والعياذ بالله - بسوء الخاتمة


منقول من برنامج {فتاوى فورية} لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد
اضغط هنا للتحميل ولمشاهدة المزيد من الفتاوى

الأحد، 23 فبراير 2014

القرآن وتنشيط جهاز المناعة للإنسان



إن الإنسان لكي يحبه العلي الكبير لابد وأن يديم تلاوة كتابه ، لأنه لا يديم تلاوة كتابه إلا أحبابه ، وربنا يسَّر لنا الموضوع ،وإذا كنت غير قادر على القراءة فأسمع ، وإذا لم يكن لديك وقت على الإطلاق فعليك بجهاز تسجيل صغير وأحضر مصحف مرتلواسمع بترتيب المصحف ، مثلا أثناء إفطارك في الصباح ، وأثناء ارتدائك لملابسك عليك أن تستمع إليه ، فمثلا ستستمع إلى ربعين ، فلا بأس وعند عودتك استمع أثناء الغذاء ستستمع إلى ربعين بذلك يكون نصف جزء

أما إذا كان عندك سيارة فهي فرصة عظيمة ، وتستطيع في هذه الحالة أن تسمع كل يوم جزء في الذهاب وجزء في العودة على مسجل السيارة وبالترتيب ، وقال في ذلك أحد الصالحين : يجب أن لا يقل ورد المؤمن عن تلاوة جزء من القرآن في كل يوم ، بحيث يختمه في كل شهر مرة، لأن الحد الأدنى أن يختم القرآن في كل شهر مرة ، والحد الأوسط أن يختمه مرة كل أسبوعين ، والحد الأعلى كل أسبوع مرة ، والأرقي كل ثلاثة أيام مرة ، فعلى الأقل يقرأ في كل يوم جزء بتدبر وتمعن وتفكر فإن الله يناجي التالي لكتابه قال صلى الله عليه وسلم {إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُحَدثَ رَبَّهُ فَلْيَقْرَإِ الْقُرْآنَ}[1]

أجريت في أحد مستشفيات إيطاليا دراسة عجيبة حول إمكانيات العلاج من المرض عن طريق سماع آيات من القرآن الكريم : أحضروا شريطا مسجل عليه آيات قرآنية تتلى بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد, وأحضروا مجموعة من المرضي الإيطاليين, فأسمعوهم القرآن بصوت القارئ العربي ، ماذا كانت النتيجة؟

وجدوا نسبة الشفاء بين هؤلاء المرضى وصلت إلى 95% ، في حين كان سماع الموسيقي والدانص والموسيقي الصاخبة التي سمعها الآخرون من الفئة المعدة لهذا الغرض عادية جدا ولا يوجد تحسن في عينة البحث

فقاموا بوضع شريط مسجل عليه آيات قرآنية بصوت قارئ عربي مسلم أسفل شجرة مثمرة ، وشريط آخر به أو مسجل عليه موسيقي صاخبة , ماذا كانت النتيجة؟ وجدوا أن الشجرة التي سمعت القرآن الكريم كانت ثمارها أسرع نضجاً وأحلى مذاقا ً، أما الشجرة الأخرى فكانت أبطأ نضجاً وأقل حلاوة في المذاق والطعم

وما قصة الفتاه المغربية ببعيدة فقد كانت مصابة بالأورام السرطانية ، وذهبت إلى العديد من الأطباء من ذوي التخصصات الطبية المعنية بالأورام ، وكانت النتيجة بالطبع سيئة، الكل يحاول دون فائدة ، لكن فجأة هداها تفكيرها حيث شعرت برغبة جارفة لأداء العمرة

ذهبت إلى مكة وعكفت هناك في الحرم المكي ، فقامت بتلاوة وتدبر آيات القرآن الكريم وشرب ماء زمزم ، استمرت على هذا الحال ما يقرب من شهر ، وإذا بها تشعر بتحسن شديد في القوى والحيوية والنشاط ، كانت المفاجأة العظيمة أنها شفيت بفضل القرآن الكريم

وقد جاء أيضاً أحد الأبحاث الأمريكية في جامعة هارفارد كما ذكرت صحيفة {العرب أون لاين} : تؤكد أن تلاوة القرآن الكريم لها أثر مهدئ وذلك بعد أن أجرت بحثاً على مجموعة مكونةمن ألف رجل وامرأة من العرب الأمريكيين الذين يجيدون العربية ، ومن المسلمين الأمريكيين الذين لا يجيدون اللغة العربية

فوجدوا أن سماع القرآن الكريم المرتل يعمل على تغيرات فسيولوجية لا إرادية في الجهاز العصبي ، ويساعد على تخفيف حالات التوتر النفسي الشديد ، ويخفف حالات الكرب والحزن ويبعث بالنفس إلى الهدوء والراحة والطمأنينة

وقد وجد الباحثون أن لتلاوة القرآن الكريم أثراً مهدئاً على أكثر من 79% من مجموع الحالات التي قرأت القرآن الكريم ، وتم رصد تغيرات لا إرادية في الأجهزة العصبية للمتطوعين الذين تم الاختبار عليهم ، مما أدى إلى تخفيف درجة التوتر لديهم بشكل ملحوظ بالرغم من وجود نسبة 50% منهم لا يعرفون العربية جيداً

وتبين أيضاً من البحث أن قراءة القرآن تعمل على تنشيط وظائف الجهاز المناعي للجسم ، كما لاحظ الباحثون أن الأشخاص غير المتحدثين بالعربية شعروا بالطمأنينة والراحة والسكينة أثناء الإستماع لآيات القرآن رغم عدم فهمهم لكثير من المعاني

وأظهرت الدراسة أن الاستماع إلى التعبيرات الهادئة ذات الإيقاع البطيء الحنون والنغمات التي يخشع لها الوجدان كترتيل الآيات القرآنية يؤثر بطريقة إيجابية على الإنسان وصحته النفسية

وأوضح الباحثون أن هذه النغمات تعمل على تهدئة الأعصاب وهو ما يؤدي بدوره إلى إبطاء التنفس وعدد ضربات القلب بصورة متوازنة فيفيد أصحاب مرضى القلب والأزمات القلبية ، بعكس سماع النغمات الصاخبة المرتفعة من موسيقى ذات إيقاعات سريعة التي تساعد على سرعة التنفس وتحدث التوتر والانفعال وعدم التركيز

وأشار دكتور سيفن لوك الأستاذ بجامعة هارفارد إلى أن نشاط الخلايا القاتلة بالجهاز المناعي والمسئولة عن التصدي للأمراض السرطانية يقل بشكل حاد مع انخفاض تأثير المواد المناعية المهمة التي لها دور في التصدي لهذا المرض أثناء تعرض الإنسان للانفعالات الحادة أو المستمرة والقلق والتوتر العصبي

فلماذا إذن لا نجعل لأنفسنا فرصة للاستمرار والمداومة على قراءة القرآن الكريم ، أو سماعه لمن لا يجيدون القراءة ولو لوقت قصير كل يوم ، فالنفس كما تشتهي الشهوات مع ضياع العشرات من الساعات على جلسات السمر والجلوس على المقاهي ، والتسوق ومشاهدة القنوات الفضائية التي تحتوي على الكثير من اللهو فضلا عن أن معظم أغاني الفيديو كليب الراقصة التي تحرك رغبات الشباب وتساعد على الإثارة والفتنة

نقول لماذا لا نتحصن بكتاب ربنا ونحاول أن نمنحه جزء قليل من وقتنا؟ فمن أراد أن يكلم الله فليدخل في الصلاة ومن أراد أن يكلمه الله فليقرأ القرآن ، ويقول صلى الله عليه وسلم {مَنْ قَرَأَ حَرْفَاً مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لاَ أَقُولُ آلم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْف ولامٌ حَرْفٌ وَميمٌ حَرْفٌ}[2]


{1} أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ جامع الأحاديث والمراسيل
{2} سنن الترمذى عنُ عَبْدَ الله بنَ مَسْعُودٍ

الحياة الروحانية وعبادة المقربين







إذا داوم المؤمن على الفرائض ، وحافظ على هذا المنهج : أحبّه الله ، ورزقه حبه ، وجعله من المحبوبين له .وبشائر المحبين ليس لها حدُّ ولا عدُّ :

فقد ورد أن سيدنا حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وكان من الذين حضروا غزوة بدر ، لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بفتح مكة كتب كتابا بذلك إلى أهل مكة وجاء بجارية عنده وأعطاها الكتاب وقال لها إذا أبلغتيه لأهل مكة فأنت حرة لوجه الله ، وسارت في الطريق ، ونزل جبريل وأخبر الحبيب ، فأرسل خلفها سيدنا الإمام علي وسيدنا الزبير بن العوام ، فلحقاها بعد خروجها من المدينة ، فقال لها الإمام علي أخرجي الكتاب الذي معك .قالت: ليس معي شيء


قال : والله ما كذبنا ولا كُذِّبنا ، لتخرجن الكتاب أو لأكشفن عن سوءتك - يعني أفتشك وكان تفتيش النساء عيبا في ذلك الوقت - فأخرجته من شعرها ، فأخذوه وذهبوا إلى حضرة النبي ، فأحضر النبي حاطبا وذلك لأنها تعتبر خيانة عظمى وقال له : ما الذي دعاء لذلك يا حاطب ؟ فقال سيدنا عمر: يا رسول الله دعني أقطع عنق هذا المنافق وكان سيدنا عمر شديدا في الحق. فقال صلى الله عليه وسلم (إنهُ شهد بدراً، وما يُدريك لعلَّ الله عز وجل اطَّلع على أهل بدرٍ فقال: اعملوا ما شِئتم فقد غَفَرتُ لكم)[1] وفى رواية أخرى (فقال: اعملوا ما شئتم. فهذا الذي جَرَّأَه)


وهنا يدور سؤال ، ومن جاء بعد بدر من أمثالنا إلى يوم القيامة ما نصيبهم من ذلك ؟ والإجابة عن ذلك نجدها في هذا الحديث:{إذا احب الله عبدا لم يضره ذنب} كيف يتم ذلك ؟ يقول في ذلك كتاب الله {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} الأحقاف16


ولذلك أعطانا الصالحين ميزانا نزن به الرجال ما هذا الميزان؟ فقالوا : إذا رأيت الرجل تغلب عليه الحياة الروحانية فلا تعبأ بسيئاته. أي لا تقف عند سيئاته ، لأن هؤلاء يقول الله فيهم {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} الأحقاف16


وإذا رأيت الرجل تغلب عليه الحياة الحيوانية فلا تعبأ بحسناته لأن هؤلاء يقول الله في شأنهم {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} الفرقان23


المهم غلبة الحياة الروحانية , نسأل الله أن يجعلنا من عباده المحبوبين المقربين الآنسين به المشغولين بالكلية بطاعته وعبادته وأن يعيننا بعون ذاتي منه على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يوفقنا في كل أوقاتنا وكل أنفاسنا بدوام ذكره والحضور بين يدي حضرته وأن يجعلنا دوما مع الحبيب المختار ملحوظين منه بالأنوار وأن يقذف في قلوبنا من ذاته البهية خالص الأسرار وأن يجعلنا من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

{1} عن على رضي الله عنه ، رواه البخارى 

حقيقة سجود الملائكة لآدم


رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي حصل علي المقام الفريد , والذي يقول الله له فيه {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}الضحى6

أي وجدك فريدا في خصالك , فريدا في صفاتك , فريدا في صفائك , فريدا في بهائك , فريدا في وفائك , فآواك إليه .فأنت الوحيد الذي آويت إليه , وأنت الوحيد الذي كوشفت بهذة السدرة , وأنت الوحيد الذي نلت هذه المراتب لدي القدرة , فأشهدك خالص التوحيد , لتصير أنت الأستاذ الوحيد في علم التوحيد لجميع الأنبياء والمرسلين , والمقربين والصالحين, والموقنين والمحسنين , والمؤمنين والمسلمين ، من بداية الدنيا إلي يوم الدين

فلا يمكن لأحد أن يصل إلي كمال التوحيد إلا بك ، فالتوحيد بدايته توحيد اللسان ، ونهايته توحيد القلب والجنان ، وهو المشاهدة , والأستاذ الأعظم في ذلك كله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكل المصطفين والأخيار لكي ينالوا رتبة التوحيد العظمي المشار إليها في قول الله تعالي {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} آل عمران18

ولذلك لما خلق الله سبحانه آدم عليه السلام ، دعا الملائكة ليشهدوا جماله وكماله تعالي , فلما اجتمعوا , وعندما شاهدوا نوره خروا جميعا ساجدين , وطلبوا أن يعلمهم الأسماء , وإن كان بعض العلماء قال إن الأسماء هى أسماء الأشياء وقد عرَّفها الله لآدم حتي القصعة ليعرِّفها للملائكة , إلا أننا نري أنها أسماء الله وصفاته ، لقول الله {عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ}البقرة31

والعرض يعني المشاهدة ، ولذلك لم يقل {علَّمهم} ولأن الملائكة لا تستخدم الأشياء التي ذكروها ، فلا تحتاج لمعرفة أسمائها ، بينما هي في أشد الحاجة إلى معرفة الله بأسمائه وصفاته إذن فالملائكة قد شاهدوا أنوار الأسماء الإلهية , وأسرار الصفات الربانية وفي ذلك يقول أحد الصالحين :

فلو أن السجود كان يقينا لأبيه لم يهبطا من عاليه 

ويقول أيضا الشيخ علي وفا رضي الله عنه :

لو أبصر الشيطان طلعة نوره في وجه آدم كان أول من سجد
أو أبصر النمروذ بعض جماله عَبَدَ الجليل مع الخليل وما عَنَد
لكن نور الله جلَّ فلا يري إلا بتخصيص من الله الصمد 


حيث أنه صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن شهود عيان , فيخبرنا مثلا عن العرض يوم القيامة , وأنه يشتمل علي مائة وعشرين صفاً , ثمانين منها لإمته ,والباقي لجميع الأمم , ويصف الميزان ، والصراط ، وتطاير الصحف ، وكيفية الحساب ، والشفاعة ، عن شهود عياني وهذا من باب قول الله {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ{5} لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ{6} التكاثر

وكذا يصف الجنَّة كي نشتاق إليها ونحنُّ لدخولها , ونعمل للوصول إلي ذلك المقام ، وعندما يري صلى الله عليه وسلمشدة أخذ بيانه لأفئدتهم , يبيِّن سرَّ ذلك فيقول {لَقَدْ رَأيْتُ الجَنَّةَ فِي عَرْضِ هَذَا الحَائِطِ}[1]

العطف والشفقة والحنان الإلهي التي جعلها الله في هذا القلب الكبير الذي وسع العالم كله الصغير والكبير رحمة واسعةصلوات الله وسلامه عليه وكذلك تعرض عليه أعمال العباد جميعا ، لكي يشهد لهم ، أو عليهم يوم الحساب لقوله عز وجل{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً} النساء41

وهذا يلزمه أن يطلع علي أعمال جميع الأمم السابقة , و أمته اللاحقة ليري أعمالهم , وينظر إلى أحوالهم ويطلع علي أخلاقهم ومعاملاتهم لأنه يشهد عليهم ، أو لهم , ولذا فقد طلب من الله أن يطلع علي الملف الخاص بك كل ليلة فكل ليلة لابد وأن يري يوميتك في هذا اليوم ، وكم فيها من الحسنات ، وكم فيها من السيئات ، فإذا كان فيها سيئات يستغفر لك الله وفي ذلك قال {فَإِنَ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ كُلَّ لَيْلَةٍ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهَا حَسَناً حَمدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْهَا سَيِّئاً اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى لَكُمْ}[2]

فأنت نائم ورسول الله يستغفر لك ، وهذا الأمر يخجل : إذا وقع في ذنب ويقول في نفسه كيف تعرض صحيفتي علي رسول الله؟ ويجد فيها أنني ضربت واحداً من أمته ، أو أنني تكلمت في حق واحد من أمته ، أو أنني سببت فلانا , أو إنني فعلت منكرا ، أو معصية ، هذا شئ لا يليق والديوان سيعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن أحدنا لو عرف أن رئيسه في العمل يقوم بمتابعته يمشي مستقيما، وربنا قال {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}التوبة105

فربنا يشاهد العمل ، والرسول يشاهد العمل ، والمؤمنون الذين أنت تعيش معهم يشاهدون العمل ، حتى يشهد علينا يوم القيامة : أولا رسول الله ، وبعد هذا نشهد علي بعضنا ، ولذلك إذا مات أحدنا وشهد له أربعون رجلا دخل الجنة ، كيف نشهد له وعلي أي أساس يا رسول الله؟ قال {إ ِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإِيْمَانِ}[3]

فإذا كان عمله غير ذلك وأنا لم أره , فأنا لي الذي أراه , لقول الله {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ}يوسف81

فإذا رأيت شيئا مخالفا لا أشهد ، لكن أنا أراه يدخل المسجد ليصلي ويخرج من المسجد مستقيما ، فيجب أن أشهد له بالإيمان وبالتقوي وبالصلاح {فَاشْهَدُوا لَهُ بالإِيْمَانِ} فإذا شهد أربعون رجلا فقد نجا ، ولذلك مر أحد الموتي في جنازة محمولا ، والرسول جالس مع أصحابه ، فقالوا : هذا رجل صالح , فقال لهم صلى الله عليه وسلم : وجبت ، وبعد برهه مرت جنازة اخري فقالوا : هذا الرجل طالح , فقال لهم صلى الله عليه وسلم : وجبت ، قالوا : ما التي وجبت؟ قال صلى الله عليه وسلم {الأوْلُ شَهِدْتُمْ لَهُ بِالِإيمَانِ فَوَجَبْتْ لَهُ الجَنَّةُ , وَالثَّانِي شَهِدْتُمْ عَلَيْهِ بِالفِسْقِ فَوَجَبْتْ لَهُ النَّارُ ، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرْضِ}[4]

وهذا أمر لا نهتم به الآن يا إخواني ، فإذا شهدنا لبعض ، كلنا سننجِّي بعضنا لأن الأربعين يشهدون لهذا الرجل فيدخل الجنة ، ويشهدون لهذا فيدخل الجنة , فنحن تاركين لهذا الأمر وراء ظهورنا ، ولا نبحث عنه ، مع أن ربنا سبحانه وتعالي أعطانا هذا الأمر فضيلة لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث جعلنا نشهد لبعضنا ، أي نشفع لبعضنا .

ولذلك حتى الخلافات التي تحدث بيننا وبين بعضنا ، سيأتي المنادي يوم القيامة من بطنان العرش ، ويقول فى الحديث المتفق عليه {يا أمَّةَ مُحَمَّدٍ ، يَا أمَّةَ مُحَمَّدٍ ، أمَّا مَا كانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ؛ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكَمْ , وَأَمَّا مَا كَانَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ بَعْضِكُمْ ؛ فَتَوَاهَبُوهُ فِيمَا بَيْنكُمْ ، ثُمَّ ادْخُلُوا الْجَنَّةّ بِرَحْمَتِي}[5]

بل قد ورد أن الله عندما يحاسب عبده ، ويطلع علي عمله ، ويجده خلاف ما أدلى به الشهود يقول لهم : أنى أجد عمل عبدي خلاف ما تذكرون؟ فيجيبون قائلين {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} يوسف81

يقول الله {قَبْلْتُ شَهَادَةَ عَبِيدِي فِي عَبْدِي , وَتَجَاوَزْتُ عُنْ عِلْمِي فِيهِ , أدْخِلُوا عُبْدِيَ الْجَنَّةِ}[6]


{1} رواه الحكيم الترمذي عن انس رضي الله عنه
{2} رواه الطبراني عن أنس ، وله أوجه عديدة للرواية والإسناد وبألفاظ متنوعة
{3} رواه الترمذي واللفظ له وقال حديث حسن عن أبى سعيد الخدرى ومسند الإمام أحمد، وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم ، والطبرانى عن أنس
{4} متفق عليه عن أنس
{5} متفق عليه
{6} رواه السيوطي في الجامع الصغير وأحمد في المسند عن أنس 


الاثنين، 17 فبراير 2014

معنى كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد





متي كان التكليف من الله لحَبيبه ومُصطفاة بالنبوَّة؟ سأل سيدنا ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال ، فقال : يا رسول الله متي كنت نبيَّا؟ فقال صلى الله عليه وسلم {وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَ الجَسَدِ}[1]

وهل هناك شئ لا هو روح ولا هو جسد؟ لا , لأن أي كائن لا يخلو أن يكون روحا , أو أن يكون جسدا , أما الذي لا يكون روحا ولا جسدا فهو لاشيء وهذا يعني انه يريد أن يقول أنه كان نبيا قبل خلق آدم , وقد وضح ذلك الحديث الأخر الذي يرويه سيدنا العرباض ابن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول {إنِّى عِنْدَ اللهِ فِى أمِّ الكِتَابِ لخَاتَمُ النَّبِيينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتَه}[2]

وذلك لانه أصل النبيين والمرسلين , وسر أنوارهم , فخطاب التكليف له بالنبوَّة ، هو قول الله تعالي {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} الأحزاب

أما خطاب التكليف بالرسالة ، فقد جاء في قول الله تعالي {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} البقرة151

فلو نظرنا لخطابات التكليف الموجهة للأنبياء السابقين ، نجد أن الله لم يفتتح أيا منها بالنبوة وإنما خاطب الانبياء فيها باسمائهم {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ} هود76

{يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}النمل9

{يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ} المائدة116

{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}ص26

ولكن عند خطاب زعيمهم وإمامهم صلوات الله وسلامة عليه ، افتتحه بالتعظيم في قوله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وكلمة{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} تفيد معاني كثيرة ، غير ما تفيده عبارة {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ} فهي تدل علي أنه أرسل للإنس والجنَّ , والملائكة , وحملة العرش , والكروبيين , والروحانيين ، بل وجميع مخلوقات الله المكلفة , فقد أرسل صلوات الله وسلامة علية للجميع

ولذا فقد سمعت من رجل من الصالحين أنه صلوات الله وسلامه عليه عند عروجه الي الملاء الأعلي مر علي مَلَك في كوكب الثريا ، يبشر الملائكة ببعثة رسول الله , وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليهم ، فقال المَلَك عندما رآه : هاهو محمد صلى الله عليه وسلم قد دخل عليكم ، وهذه الرواية إن صحت ، تدل علي أن التبشير برسالتة صلى الله عليه وسلم لم يكن في عالم الأرض فقط بل في العوالم العلوية أيضا

ومما يؤكد معرفة الملائكة به قبل بعثته ما ورد أن جبريل عليه السلام عندما نزل لإبراهيم عليه السلام لتنفيذ أمر الله في إبنه إسماعيل وأمه ، أركبه البراق وركب إبنه أمامه ، وزوجته خلفه ,ومشي سيدنا جبريل وهو ممسك بلجام البراق , وكلما رأي سيدنا ابراهيم أرضا بها ماء وخضرة ، يقول له : أننزل ها هنا يا جبريل ؟ فيقول : لا , حتي تأتي مكة

فلما وصل إلي مكة ، قال له : إنزل ها هنا ، فقال إبراهيم : أننزل ها هنا يا جبريل ، ولا زرع ولا ماء ؟ ، فقال جبريل : لابد لك من النزول هنا , لان هنا سيولد النبي الذي يخرج من ولدك هذا , والذي يتم الله به الأمر

فوظائف النبوة التي شملتها الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} الأحزاب

وهي خمس وظائف :

1. أنه صلى الله عليه وسلم " شاهداً "

2. أنه صلى الله عليه وسلم " مبشرا ونذيراً "

3. أنه صلى الله عليه وسلم " داعياً الي الله عز وجل بإذنه "

4. أنه صلى الله عليه وسلم " سراجاً منيراً "

5. أنه صلى الله عليه وسلم "يبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا "

هذه الوظائف الخمسة كُلِّف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل الحقِّ للقيام بها ، لجميع طوائف الخلق من قبل آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها


[1] أخرجه البزار والطبراني في الأوسط ، وأبو نعيم عن ابن عباس وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم والبيهقي وأبو نعيم عن ميسرة الفجر
[2] أخرجه الحاكم والبيهقي واحمد عن العرباض بن سارية

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...DE&id=49&cat=4

منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً


السبت، 15 فبراير 2014

الزكاة ونفلها




الركن الرابع هو الزكاة لمن عليه الفريضة ومن ليس عليه زكاة عليه نفلها وهو الصدقة والصدقة يا اخواني هي باب القرب وسر كل عطاء وقد قال الله عزَّ وجلَّ (يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ)[1]

ولذلك لو جاء عبد بعبادة الثقلين وكان شحيحا في الإنفاق فقل له ليس لك نصيب في كرم المليك الخلاق {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر9

وكان الشيخ أحمد بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه يقول "تصدق ولو بنصف تمرة كل يوم تكتب في ديوان المتصدقين وصلي ولو ركعتين في جوف الليل كل ليلة تكتب في ديوان القائمين"

إنها دواوين تفتح كل يوم ، ويلزم للإنسان أن تكون له صدقة دائمة لله عز وجل {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} البقرة273

ومن لم يتمرن على الإنفاق لا يطمع في كرم الله عزَّ وجلَّ (يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) لأن خلق الله الكرم و اسمه الكريم وليس من أخلاقه أو أسمائه البخيل وهو كريم يحب كل كريم لأن الله يحب من خلقه من كان على خُلُقِه ويقول صلى الله عليه وسلم {السَّخَاءُ شَجَرَةٌ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ ، أَغْصَانُهَا مُتَدَليَاتٌ فِي الدُّنْيَا ، فَمَنْ أَخَذَ بِغُصُنٍ مِنْهَا قَادَهُ ذٰلِكَ الْغُصْنُ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَالْبُخْلُ شَجَرَةٌ مِنْ أَشْجَارِ النَّارُ ، أَغْصَانُهَا مُتَدَليَاتٌ فِي الدُّنْيَا ، فَمَنْ أَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْهَا قَادَهُ ذٰلِكَ الْغُصْنُ إِلَى النَّارِ} [2]

ومن يريد أن يكون من أهل الغرف العالية في الجنة ماذا يفعل يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه و سلم {إنَّ في الجَنَّةِ غُرَفاً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنَها، وَبَاطِنُها مِنْ ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّها اللَّهُ لِمَنْ أَطعَمَ الطَّعَامَ ، وَ أَفْشَى السَّلامَ ، وَصَلَّى باللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ} [3]

وهذه يا إخواني هي أبواب الإكرام يكفي أن (والصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخَطِيئَةَ كما يُطْفِىءُ الماءُ النَّارَ)[4]

ومن منا بغير خطيئة ، وأسرع شيء لمحو الخطيئة هو الصدقة وربما يكون الاستغفار بغير حضور لكن ما يطفئ هذه النار وهذه الأوزار هي الصدقة ، فمن يريد أن يحبه الله عليه أن يكون من المتصدقين والمكرمين والعطاءين


{1} عن أبى هريرة رضي الله عنه صحيح مسلم
{2} جامع الأحاديث و المراسيل عن أَبي هُرَيْرَةَ
{3} صحيح ابن حبان عن أبي مالك الأشعري
{4} مجمع الزوائد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه

http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...%E5&id=5&cat=2

منقول من كتاب {كيف يحبك الله}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً



الجمعة، 14 فبراير 2014

الصيام المسنون


الصيام المسنون

الصايم المسنونالصايم المسنون
الصيام المسنون أوله وأعظمه ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله {من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر }[1]

والدهر يعني السنة فإذا صام الستة متتابعين يجوز ذلك ولو صامهم متفرقين يجوز أيضاً المهم أن يصومهم خلال الشهر ، وبعد ذلك يوجد حد أدنى وحد أعلى للصيام المسنون

وأحد الصالحين فصل ذلك فقال " الحد الأعلى لصيام النوافل هي صيام يوم وافطار يوم وهو صيام داود عليه السلام" وسيدنا عبد الله بن عمر قال له رسول الله عندما صام الدهر {قال: فصُمْ يوماً وأفطرْ يوماً، فذلك صِيامُ داودَ عليه السلامُ، وهو أفضلُ الصيام. قلت: إني أطيقُ أفضلَ من ذلك، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا أفضلَ من ذلك}[2]

وهذا كلام رسول الله ، والحد الأوسط صيام الإثنين والخميس وكان صلى الله عليه وسلم يتعهده في بداية دعوته وكان يقول {تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم}[3]

وفي آخر حياته وعندما كبر سنه ولكي يسن للضعفاء والمرضى كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وهذا هو الحد الأدنى ويقول فيه صلى الله عليه وسلم{ثَلاَثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَىٰ رَمَضَانَ فَهٰذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ }[4]

ولذلك قال أحد الصالحين "ولا يقل المؤمن عن ذلك" أى لا يصح أن يمر عليه شهر بدون صيام الثلاثة أيام، فإذا صام الاثنين أو الخميس من كل أسبوع فإن ذلك يبلغه ، وإذا صامهم متتابعين فلا بأس المهم أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر والأهم أن يحافظ على ذلك فلا يصوم سنة ثم يأخذ بقية عمره في سِِنَه ، هذا بالنسبة لأصحاب الأعذار

أما بالنسبة للشباب فعلى الشاب التقي أن يصوم الإثنين والخميس من كل أسبوع ، أو يصوم يوما ويفطر يوما وخاصة الشاب الذي لم يتزوج ، فلا يقل عن الاثنين والخميس ، والأفضل له أن يصوم يوما ويفطر يوما لأنها وصية الحبيب التي يقول فيها {يامعشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر و أحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء}[5]

وجاء أى وقاية - هل يصوم الثلاثة أيام فقط؟ لا بل عليه صيام الإثنين والخميس ، أو يصوم يوما ويفطر يوما ، أو يصوم الاثنين والخميس ، والثلاثة أيام البيض. الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري ، وهذا هو الحد الأدنى للشباب

لكن أصحاب الأعذار عليهم المحافظة على الثلاثة أيام من كل شهر لأن هذا ما تعهده رسول الله ونحن نعمل بقول الله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21


{1} عن أبى أيوب صحيح الإمام مسلم
{2} فى صحيح البخارى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
{3} عن أبي هريرة تخريج المشكاة ، التعليق الرغيب و الإرواء
{4} صحيح مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ و تمامه «.... صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَىٰ الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَىٰ الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ الَّتِي قَبْلَهُ)
{5} عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه ، رواه البخارى و بقية الستة
الصايم المسنونالصايم المسنون