Disqus for ومضات إيمانية

الأحد، 30 سبتمبر 2012

ملك فرنسا يستنجد بهارون الرشيد


إن هيبة السلطان والملك في أي زمان ومكان تكون بسبب الصولجان
 والأعوانالذين حوله ويحيطون به بما معهم من مصفحات ومدرعات
لكن الإمام عمر بن الخطاب كم حارساً كانوا يمشون خلفه؟ 

لا يوجد ولو حتى حارس واحد خصوصي فعندما جاء الوزير الفارسي
وطلب مقابلة عمر وأحضروه لمقابلة عمر في بيته فلم يجد الرجل بيتاً للإمارة
ولا داراً للوزارة ولكنه منزل وعندما سألوا عن عمر قالوا : لا نعلم أين هو؟ 

وكان ذلك الوقت في وقت الظهيرة الشديدة الحرارة وعندما بحثوا عنه
وجدوه نائماً متوسداً ذراعه تحت ظل شجرة بلا حراسة
 ولا أتباع فذهل الرجل وقال أين عمر؟ قالوا : هذا عمر قال :
 هو النائم هذا؟ قالوا:نعم . قال: كيف؟ إن كسرى عندنا
 عندما يريد أن ينام يحيطه مئات الحراس بل الآلاف 

فأدرك الرجل وعرف وقال مخاطباً عمر : عدلت فأمنت فنمت يا عمر
وكان الله يلقي هيبته حتى على الشياطين وليس الإنس فقط فقد
قال حضرة النبي في عمر : ما سلك عمر طريقاً إلا وسلك الشيطان طريقاً آخر

وقال في الحديث الآخر ، عندما وجدهم يتكلمون عن عمر
{إن الشيطان ليفرق منك يا عمر}[1] عندما يراه الشيطان يخاف
ويجري وذلك لأن الله ألبسه ثوب الحق لما كسا قلبه ثوب الصدق
وألقى عليه مهابة من عنده فأصبحت هذه المهابة بدون جنود ولا بنود
ولا حشود لأنها مهابة الواحد الأحد وهذه هي مهابة الصالحين والمتقين


السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد عندما كانت تنظر في يوم ووجدت آلاف مؤلفة
تتزاحم على رجل منهم من يريد أن يقبِّل يديه ومنهم من يريد أن يقبِّل قدميه
فسألت من هذا؟ فقالوا: إنه السيد موسى الكاظم ابن بنت رسول الله
السيدة فاطمة فقالت : هذا هو الملك لا ملك هارون الذي يُجمع له الناس 

بالجنود والحراس وعندما ذهب هشام بن عبد الملك ليطوف بالبيت الحرام -
وكان الخليفة في ذلك الوقت - فلم يهتم به الناس ووجد زحاماً فاستدعى العسكر
لكي يخلون له الطريق ليطوف وأثناء طوافه وجد رجلاً قادما فأخلى له الناس
المطاف كله وكذلك أخلو له أمام الحجر الأسعد لكي يقبله 

وسأل واحدا من الحاشية عن هذا الرجل؟ ومع أن هشام بن عبد الملك يعرفه
إلا أنه قال : لا أعرفه لأنها السياسة وكان من ضمن الموجودين مع الخليفة
الشاعر الفرزدق فقال للسائل :


هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والحلُّ يعرفه و البيت و الحرم
هذا ابن بنت رسول الله فاطمة هذا ابن خير الخلق كلهم


وكان سيدنا علي زين العابدين وهذه هي المهابة التي يلقيها الله على أحبابه
حتى أن الملوك تخضع لهذه الهيبة والأسود تنزوي من بأس هذه الهيبة
والملك علواً وسفلاً يخضع لهذه الهيبة لأنها هيبة الله جل في علاه هذه الهيبة

جعلها الله لكل مسلم ومسلمة بشرط {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} 
فإذا تأسى المرء منا برسول الله
فإن الله يخلع عليه وراثة لرسول الله هيبة كالهيبة التي أعطاها لرسول الله
صلي الله عليه وسلم على قدره فلن يأخذ كل الهيبة التي أخذها رسول الله

ولكن يأخذ على قدره على قدر تقواه وعلى قدر خوفه من الله وعلى قدر إقباله
على مولاه جل في علاه فلو استمسك المسلمون لأنتهي الأمر 

فإن الملوك كانت تخشى بأس أصغر مسلم من المسلمين عندما كانت لهم هيبة
برب العالمين وكان هارون الرشيد ملك المسلمين عندما هم ملك ألمانيا
أن يجتاح فرنسا واستنجد شارلمان ملك فرنسا بهارون الرشيد
فأرسل هارون الرشيد إلى ملك ألمانيا رسالة فحواها 

"إما أن ترجع عما عزمت عليه وإلا سأرسل إليك جنداً أولهم عندك وآخرهم عندي "
فاستعطفه الرجل وأرسل إليه بالهدايا وتأسف عما حدث منه لماذا؟
لأنه عرف أن هذا الرجل قوي والعالم لا يعترف إلا بالأقوياء ويهزأ بالضعفاء
فلو أنك كنت قوياً لاحترمك الكلُّ وعظَّمك وخشي بأسك وسطوتك ولو كنت
ضعيفاً فإن الكلَّ يستهتر بالضعيف رأيتم كيف كنا والأمثلة لا تعد ولا تحصى 

واليوم تجد المسلمين قاعدين ليشاهدوا المسلسلات ومعاركهم الحربية
هي المباريات أليست هي معاركنا الحربية الآن؟ وقد علق
الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله تعليقاً ساخراً على مثل هذه المعـارك الكروية 

فقد تكلم ذات مرة في إحدى خطبه قائلاً " رأيت مظاهرة كبيرة في القاهرة
تتجاوز المليون فقلت : ماذا حدث؟ هل دخلنا تل أبيب ؟ قالوا : لا .. قلت :
هل حررنا سيناء ؟قالوا : لا ... قلت : ماذا حدث إذاً؟ قالوا:
الجنرال مصطفى عبده سجل هدفا في إحدى مباريات كرة القدم
" وهذا كلام الشيخ كشك وهو حقيقة ولكن حقيقة مُرة وهو ما نحن فيه
ونتيجة المقارنة متروكة لك أيها القاريْ الكريم 


[1] عن عبد الله بن بريده عن أبيه سلسلة الصحيح للألباني يفرق أي يرعد و يخاف 

منقول من كتاب [واجب المسلمين المعاصرين نحو الرسول]
للمطالعة أو التحميل مجانا اضغط*

واجب المسلمين المعاصرين نحو رسول الله صل الله عليه وسلم 



تعديل / حذف المشاركة

السبت، 29 سبتمبر 2012

توبة بنى إسرائيل


كان سيدنا موسى يعلم أنَّ قومه قد ضلوا
ووقعوا في ذلك الأمر المريع من عبادة العجل وقد انتهى أمر العجل
وصدر الحكم على السامرى
 
وبقيت فعلة بني إسرائيل المريعة؟
كيف تتوب بنو إسرائيل منها؟ إذ لابد من اعتذار خاص لله عن هذا
وتوبة مخصوصة من الله تعالى عليهم فوقَّت الله تعالى له ولقومه
 
/033//033//033//033//033/
ميقاتاً للتوبة والدعاء وقيل كانا ميقاتان ميقات للتوبة والاعتذار
وميقات آخر للمناجاة فأختار موسى منهم سبعين رجلاً
من الأسباط الإثنى عشر وممن لم يشتركوا في عبادة العجل
وأخذهم معه إلى الطور أو الجبل ليعتذروا إلى الله ويتوبوا
ويسألوه الصفح عن المذنبين منهم 
فذهبوا ودعوا الله واعتذروا إليه
وهناك أخذتهم الرجفة فصعقوا وتضرَّع موسى لربِّه فأحياهم
/56//56//56/
واختلف في سبب الرجفة أو الصعق وقيل في ذلك:
أنهم لما دعوا الله اعتدوا في دعائهم بما لا يحق أو لا يليق
أو عقاباً لأنهم لم ينهوا أصحاب العجل ولم يتجنبوهم

وأشهرها أنهم طلبوا من موسى أن يسمعوا خطاب الله له
فهو يذهب للمناجاة ويعود يخبرهم أنه كلَّم الله ولا دليل لديه
فلما أخذهم موسى معه للجبل وأذن الله لهم وأسمعهم كلامه
قيل سمعوه يخبر موسى أن توبتهم بقتلهم أنفسهم 
/206//206//206//206/
فطلبوا رؤية الله جهراً ليستوثقوا من أنه هو الله أو أنهم
لما سمعوا كلام الله وطبعهم اللجاج والعناد
لم يكتفوا بالسماع بل تمادوا وقالوا لا نصدق
حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الرجفة وصعقوا
قال الله تعالى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا
فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ
أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء
وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}
 
وهكذا كان خبر الله لهم ووحيه لنبيه موسى أن توبة عابدي العجل
من قومه لن تكون مقبولة منهم إلا بقتلهم لأنفسهم
وهنا يجدر بنا أن نبين أنَّ الله تعالى لم يأمرهم بذلك انتقاما
وإنما الحقيقة أن حبُّ العجل قد استقرَّ في قلوب كثيرين منهم

وأخفوا ذلك فمنهم من أظهر ميله لهارون ولم يصرح بحبه للعجل
وآخرون أعلنوا التوبة لموسى والندم عند عودته ولكنهم كذبوا في توبتهم
فأراد الله أن يطهرَّ بني إسرائيل من هؤلاء المنافقين والكافرين
فلما نفذوا ما أمروا به من الله بقتلهم أنفسهم كان الكافر
يتبدى للمؤمن أولا فيقتله المؤمن فلم يقتل إلا كافرٌ أو منافق 

فلما فشا القتل دعا موسى ربه أن يعفو عنهم لما أطاعوا الأمر
فقبل الله توبتهم وعفا عنهم أجمعين قاتلين ومقتولين
لعلهم يشكرونه على نعمه قال تعالى 

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ
فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ
فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} 
وهنا إشارة وتنبيهٌ أن الحلي التي استعارتها نسوة بني إسرائيل
من المصريين بحيلة أنهم سيتزينون بها في عيدهم وهن يضمرن
أخذها معهن عند الخروج مع موسى كانت عليهم وبالاً وبليَّة
لأنها مالٌ مغدورٌ ليس وراءه إلا الشرور فصنع السامرى منه
عجلاً من الذهب وكان وقوعهم في عبادته ثم تحريقه على يد موسى
وتذريته في اليم ثم التوبة عن عبادة العجل بقتلهم لأنفسهم 

يا ألله احمنا من شرور أنفسنا فهل اعتبر أحدٌ فيما يجلبه المال المغدور
لمستحلِّيه من الآثام والشرور وعذاب يوم النشور
والآن استقرَّ الأمر وقبل الله توبتهم وطهرهم من أهل الكفر والنفاق
وتاب على الجميع والألواح فيها التوراة مع موسى ولم يبق إلا أن
يتبعوا أوامر الله لهم فيها ويطبقوا شرع ربهم وهم في طريقهم
للأرض المقدسة
 {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ
وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}

ولكن بنو إسرائيل لم يتقبلوا الأمر هكذا لأن الشرائع ثقلت عليهم
كالرجم والقطع والقصاص ولم يقبلوا التكليف بطيب خاطرهم
وإنما قبلوه برفع الجبل فوقهم كأنه ظلة وإلا سيسقط عليهم
فيفنيهم وقد ورد في الحديث 
{وَأَخَذَ الألْوَاحَ بَعْدَ مَا سَكَنَ عَنْهُ الغَضَبُ
وَأَمَرَهُمْ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الوَظَائِفِ فَثَقُلَ (ذَلِكَ عَلَيْهِمْ)
وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا فَنَتَقَ الله عَلَيْهِمْ الجَبَلَ كأنَّهُ ظُلَّةٌ وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى
خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ اخَذُوا الكِتَابَ بأيْمَانِهِمْ وَهُمْ مُصْغُوْنَ

إِلى الجَبَلِ وَالأرْضِ وَالكِتَابُ بأيْدِيْهِمْ وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلى الجَبَلِ مَخَافَةَ
أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ}[1] وحكي الله عن تلك الآية المعجزة الغريبة
في كتابه العزيز فقال {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ
وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
فهؤلاء هم اليهود رأوا وشاهدوا وعاينوا من الآيات مع موسى وفرعون
ما شاء الله لهم من الآيات البينات المتتاليات
وكل واحدة أعجب من أختها وأثبت الله لهم مرة بعد مرة

أن تشددهم ولجاجهم وعنادهم لا يعود عليهم إلا بكل جفاء
وشدة وغلظة ولا يعتبرون ولا يتعظون
وقد كانت قصة البقرة التي أمروا بذبحها خير دليل لهم
على عاقبة هذا السبيل ثم معجزة شق البحر وعجيب نجاتهم
من فرعون ثم ما وقعوا فيه من العجل والصعق والقتل 

وآيات بلا عدد ولكنها بنو إسرائيل فبعد كل ما شهدوه من العجائب
لم يؤمنوا بما جاءهم به موسى إلا والجبل مرفوعاً فوق رؤوسهم
وهم سجودٌ على أنصاف وجوههم ينظرون إلى الجبل
يكاد يطبق عليهم وعندها فقط قبلوا
 ما جاء به موسى من التوراة 
[1] مجمع الزوائد عن ابن عباس
منقول من كتاب [بنو اسرائيل ووعد الأخرة]
لفضيلة الشيخ / فوزى محمد أبوزيد 
للمطالعة والتحميل مجانا أضغط 
بنو إسرائيل ووعد الآخرة