Disqus for ومضات إيمانية

الأربعاء، 29 فبراير 2012

شيخ الإسلام يرد على كتاب ( تلبيس إبليس )



الإمام سلطان العلماء العز بن عبد السلام
حيث قال في كتابه تفليس إبليس
( صـ38 ) :
" وبعد فإني لما اطلعت على كتاب تلبيس إبليس رأيته بئس الجليس , فإنه يشتمل على تنقيص أولياء الله والقدح في علو مراتبهم وزكي مناصبهم , وإيهام أن الشيطان يسلط عليهم إغواء وإضلالا !! والله تعالى يقول : " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " فليت الواقع فيهم والناقد عليهم تأدب بما تأدب به إبليس معهم حيث قال : " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " . علم أن لله تعالى عبادا لا يخلص إليهم , وأصفياء لايصل إليهم , وعبادا لا يسلط عليهم , وهو أقل مقدارا , وأذل اقتدارا وأخفض منارا أن يجول في مجال الرجال أو يطول في ميدان الأبطال . " اهـ
وانظر فيما قاله أيضا
الإمام اليافعي عن كتاب تلبيس إبليس ,
فقد قال في كتابه " نشر المحاسن " : 

[ وقد بلغني أن ابن الجوزي عفا الله تعالى عنا وعنه صنف كتابا سماه تلبيس إبليس تكلم فيه على شيوخ الصوفية وطريقتهم وزعم أن إبليس لبس عليهم , ولم يدر أنه هو الذي لبس عليه في كلامه هذا وهو لا يشعر , والعجب كل العجب منه في إنكاره على سادات ما بين أوتاد وأبدال وصديقين عارفين بالله تعالى محققين , ملأوا الوجود كرامات وأنوارا ومعارف وحكما وأسرارا .
يعدون إقبال الناس عليهم ليلا وإدبارهم عنهم نهارا , يفرون طول دهرهم من نفوسهم ومن الخلق و الشيطان والدنيا إلى الله تعالى فرارا , قد صفوا بواطنهم من شوائب الكدر , واستوى عندهم الذهب والمدر والمدح والذم والشدائد والنعم , بل يعدون نعمة الدنيا منعا وبلاء والشدة عطاء ورخاء , أعرضوا في بداياتهم عما سوى الله فحصلوا في نهايتهم من فضل الله ما لا يعلمه إلا الله .
فما ظنه بقوم ضبطوا أنفاسهم مع الله سبحانه وتعالى فشغلهم طول دهرهم مراقبته , يقول الصغير منهم : وقفت على باب قلبي عشرين سنة ما جاز به شيء لغير الله إلا رددته , فلو أنه لاقى واحدا من تلامذتهم الصغار في ميدان الحرب والإنكار لكان يدري إذا ما انكشف الغبار أتحته فرس أم حمار!!
هذا وهو يطرز كلامه بحكاياتهم وينمق بضاعته بمحاسن صفاتهم , فهلا أخلى كتبه من ذكرهم إخلاء عاما ولا يكون ممن يحل ذلك عاما ويحرمه عاما !!
أما علم أن أعلام العلماء الصالحين لم يزالوا قديما وحديثا يعتقدون طائفة الصوفية ويزورونهم ويتبركون بمجالستهم ودعائهم وآثارهم ويحترمونهم ويجلسون بين يدي الواحد مهم كما يجلس الصبي بين يدي المعلم ويتأدبون معهم .
كالإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام سفيان الثوري والإمام ابن سريج والإمام ابن فورك وإمام الحرمين والإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي والإمام عز الدين بن عبد السلام والإمام تقي الدين بن دقيق العيد والإمام محيي الدين النووي رضي الله تعالى عنهم وغيرهم ممن لا يحصى من المتقدمين والمتأخرين في حكايات مشهورات .] اهـ كلام الإمام اليافعي
على أنه هناك ما يدل على رجوع ابن الجوزي عن الإنكار على السادة الصوفية .
ومما يغلب الظن برجوع ابن الجوزي عن إنكاره : ماذكره ابن الحاج في شرح ابن باديس :
[ قال : حضر يوما مجلسه " أي مجلس سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه " الشيخ أبو الفرج بن الجوزي ففسر الشيخ عبد القادر آية وذكر فيها وجوها , وإلى جانب الشيخ أبي الفرج من يسأله : أتعرف هذا القول ؟ فيقول : نعم , إلى أن بلغ أحد عشر وجها يعرفها أبو الفرج , ثم زاد الشيخ حتى انتهى إلى أربعين وجها وعزا كل وجه إلى قائله , فاشتد تعجب الشيخ أبي الفرج من كثرة علم الشيخ , ثم قال : نترك المقال ونرجع للأحوال , لا إله إلا الله محمد رسول الله , فاضطرب الناس اضطرابا شديدا , ومزق أبو الفرج ثوبه . ] اهـ [2] . 

هل ما صنع على قبر الشيخ زايد فية مخالفة شرعية


حكم البناء على القبور 
ما حكم البناء على القبور؟ 
وهل ماصنع على قبر الشيخ زايد رحمه الله تعالى

 فيه مخالفة شرعية؟
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فبارك الله فيك أخي السائل ورزقنا وإياك إلى اتباع الحق والاقتداء بسنة خير الخلق صلى الله عليه وسلم.
ثم اعلم هداك الله أنه لا توجد مخالفات شرعية في البناء على ضريح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وقد تم كل شيء بمشورة العلماء وأهل الاختصاص، ونضع بين يديك هذا التفصيل المرفق لتطلع على ما غاب عنك عند كتابتك للسؤال
فما سألت عنه أخي الكريم من حكم البناء على القبور: ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ ". وقد تكلم علماء الإسلام عن البناء على القبور من عدة جوانب:
الجانب الأول: 
المقصود بالبناء على القبر: وقد ذكر العلماء في ذلك احتمالين:
الأول: أن يكون المقصود بالنهي عن البناء على القبر أي: رفعه وتشييده، وهذا قولٌ لبعض العلماء.
الثاني: أن يكون المراد البناء حول القبر لا بناء نفس القبر، وهذا ما نص عليه الأكثر، وهو الذي يفهم من كلام جمهور الفقهاء، لأنهم يعللون بالتضييق، ولأن منهم من صرح بكراهة البناء على القبر مطلقاً، وجعل الخلاف إنما هو في البناء حول القبر.
وفي ذلك يقول الإمام العراقي في شرح الترمذي:" يَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد الْبِنَاء عَلَى نَفْس الْقَبْر لِيُرْفَع عَنْ أَنْ يُنَال بِالْوَطْءِ كَمَا يَفْعَلهُ كَثِير مِنْ النَّاس، أَوْ أَنَّ الْمُرَاد النَّهْي أَنْ يُتَّخَذ حَوْل الْقَبْر بِنَاء كَمَتْرَبَةِ أَوْ مَسْجِد أَوْ مَدْرَسَة وَنَحْو ذَلِكَ، قَالَ: وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ النَّوَوِيّ فِي شَرْح الْمُهَذَّب قَالَ الشَّافِعِيّ وَالْأَصْحَاب: يُسْتَحَبّ أَنْ لَا يُزَاد الْقَبْر عَلَى التُّرَاب الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ لِهَذَا الْحَدِيث لِئَلَّا يَرْتَفِع الْقَبْر اِرْتِفَاعًا كَثِيراً ". نقلاً عن حاشية الإمام السِّيُوطِيِّ على سنن النسائي.

وقال العلامة الحطاب المالكي في مواهب الجليل:" قال ابْنُ رُشْدٍ الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ، وَالثَّانِي: الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَأَمَّا الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ فَمَكْرُوهٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْمَقْبَرَةِ مِنْ نَاحِيَةِ التَّضْيِيقِ فِيهَا عَلَى النَّاسِ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَمْلَاكِ ".
الجانب الثاني: مكان القبر:
وله ثلاث حالات:

الأولى: أن تكون الأرض موقوفة أو مسبلة -والمراد بالمسبلة هي التي اعتاد أهل البلد الدفن فيها- فيحرم البناء في الموقوفة اتفاقاً وفي المسبلة على الصحيح.
قال العلامة الحطاب المالكي رحمه الله في مواهب الجليل:" وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ كَالْقَرَافَةِ -مقبرة معروفة- الَّتِي بِمِصْرَ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْبِنَاءُ مُطْلَقًا، وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِهَدْمِهَا حَتَّى يَصِيرَ طُولُهَا عَرْضًا وَسَمَاؤُهَا أَرْضًا ". أي: يسويها بالأرض فلا يبقى إلا ما أذن به الشرع وهو أن ترفع قدر شبر.
وقال الإمام العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله في الفتاوى الفقهية الكبرى:" الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حُرْمَةُ الْبِنَاءِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ، فَإِنْ بُنِيَ فِيهَا هُدِمَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ ... وَالْمُرَادُ بِالْمُسَبَّلَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الَّتِي اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا أَمَّا الْمَوْقُوفَةُ وَالْمَمْلُوكَةُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا فَيَحْرُمُ الْبِنَاءُ فِيهِمَا مُطْلَقًا قَطْعاً ".
الثانية: أن يكون البناء في أرض مملوكة للباني، ولهذه الحالة صورتان:
الصورة الأولى: أن يكون المدفون من أهل الصلاح، فلا يكره عمارة القبر، قال الإمام النووي رحمه الله في الروضة:" يجوز للمسلم والذمي الوصية لعمارة المسجد الاقصى وغيره من المساجد، ولعمارة قبور الأنبياء، والعلماء، والصالحين، لما فيها من إحياء الزيارة، والتبرك بها ".
وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته:" وَفِي الْأَحْكَامِ عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ الْبِنَاءُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالسَّادَاتِ)، قُلْت: لَكِنْ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى)، وبهذا أفتى جماعة كثيرة من علماء المالكية والشافعية المتأخرين.
الصورة الثانية: أن يكون المدفون من عامة الناس، فيكره البناء ولا يحرم، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم:" وَأَمَّا الْبِنَاء عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْك الْبَانِي فَمَكْرُوه، وَإِنْ كَانَ فِي مَقْبَرَة مُسَبَّلَة فَحَرَام ".
وقال العلامة الحطاب المالكي رحمه الله في مواهب الجليل:" وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي بِنَاءِ الْبُيُوتِ عَلَيْهَا - أي: القبور- إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ وَفِي الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ وَفِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ فَأَبَاحَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَقَالَ غَيْرُهُ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ ".
وقد سُئِلَ الإمام ابن رشد المالكي رحمه الله عَنْ قَبْرٍ عَلَا بِنَاؤُهُ نَحْوَ الْعَشَرَةِ أَشْبَارٍ وَأَزْيَدَ هَلْ يَجِبُ هَدْمُهُ وَتُغَيَّرُ بِدْعَتُهُ ... فَأَجَابَ:" إنْ كَانَ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ فَلَا يَجُوزُ وَيُهْدَمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا حَوَالَيْهِ كَالْبَيْتِ يُبْنَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ الرَّجُلِ وَحَقِّهِ فَلَا يُهْدَمُ عَلَيْهِ ". انظر مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للعلامة الحطاب المالكي رحمه الله.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في الفروع:" وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وأَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ، لَاصَقَهُ أَوْ لَا -أي: لا فرق بين أن يكون البناء ملاصقاً للقبر أو غير ملاصق-، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: لَا بَأْسَ بِقُبَّةٍ وَبَيْتٍ وَحَصِيرَةٍ فِي مِلْكِهِ)، ونص على مثل ذلك الإمام المرداوي في الإنصاف.
الحالة الثالثة: أن يوجد البناء على القبر ويجهل حال الأرض هل هي موقوفة أو مملوكة؛ فتحمل على المملوكة تحسيناً للظنِّ بالمسلمين؛ وفي ذلك يقول الشيخ سليمان الجمل نقلا عن الرملي:" لَا إشْكَالَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَدْمُ مَا يُوجَدُ مِنْ الْأَبْنِيَةِ بِالْقَرَافَةِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ وَضْعُهُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ سَائِغٍ شَرْعًا ".
وقال الشيخ سليمان الجمل أيضاً:" وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ بِنَاءٌ عَلَى قَبْرٍ فِي مَقْبَرَةٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِالدَّفْنِ فِيهَا وَشَكَّ هَلْ حَدَثَ بَعْدَ جَرَيَانِ عَادَتِهِمْ بِذَلِكَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَدْمُهُ وَلَا التَّعَرُّضُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ احْتِرَامُهُ وَوَضْعُهُ بِحَقٍّ وَلَعَلَّهُ حَصَلَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ جَرَيَانِ عَادَتِهِمْ بِالدَّفْنِ فِيهَا فَهُوَ مَسْأَلَةُ جَوَازِ الْهَدْمِ ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَاسْتِحْقَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ الدَّفْنَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَصَيْرُورَتِهَا مَقْبَرَةً لَهُمْ فَيَكُونُ مَوْضُوعًا بِغَيْرِ حَقٍّ نَعَمْ إنْ عُلِمَ حُدُوثُهُ بَعْدَ جَرَيَانِ عَادَتِهِمْ بِمَا ذُكِرَ لَكِنْ شُكَّ هَلْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِهِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ هَدْمُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الِامْتِنَاعُ فَلْيُتَأَمَّلْ ".
وبهذا يعلم أن البناء حول القبر إن كان في ملك الباني أو في ملك شخص آخر قد أذن بالبناء لا يحرم عند جماهير العلماء من السلف والخلف، وإنَّما حرموا البناء على القبر في المقابر الموقوفة والمسبلة لما فيه من التضييق، والتصرف بالملك العام في أمرٍ غير مأذون فيه، وأنه لا يهدم البناء الذي شك فيه هل بني في ملك أو موقوف أو أرض مسبلة.
وبهذا يعلم أخي السائل أنَّ مااستفسرت عنه فيما وجد على ضريح الشيخ زايد رحمه الله تعالى ليس فيه أي مخالفة شرعية كما هو مقرر عند العلماء، علماً بأن جميع ماتمَّ قد كان بمشاورة السادة العلماء، وفقك الله وحفظك، والله أعلم.
ما هو حكم الصلاة بمسجد به ضريح وإن كان الضريح خلف المصلين ولكن في نفس المكان من المسجد؟
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فيا أيها الأخ السائل: هداك الله لما يحبه ويرضاه، واعلم أنه تجوز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة، بشرط أن لا يسجد المصلي عليها؛ أو يستقبلها ويعظمها كتعظيم غير المسلمين.
والدليل على جواز الصلاة بالقيود التي ذكرناها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" في مسجد الخيف قبر سبعين نبياً"، رواه الطبراني والبزار وقال الهيثمي: ورجاله ثقات، ومعلوم أن مسجد الخيف صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ويؤكد الجواز وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في مسجده، والعلماء والمسلمون عموماً يصلون فيه على مر العصور بلا نكير.
وأما حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا التي روت عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لعن من الأمم السابقة أقواماً "اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، فالمراد سجودهم عليها، واستقبالها تعظيما فاسدا لها ولذلك قال العلامة البيضاوي رحمه الله: ( لما كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لها نهى أمته عن مثل فعلهم، أما من اتخذ مسجداً بجوار صالح أو صلى في مقبرته استظهاراً بروحه أو وصول أثر من عبادته إليه لا لتعظيمه فلا حرج)، والله أعلم.

  

حكم الصلاة بمسجد فية ضريح



حكم الصلاة فى مسجد فيه ضريح 
ما هو حكم الصلاة بمسجد به ضريح وإن كان الضريح خلف المصلين ولكن في نفس المكان من المسجد؟ 

الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..

فيا أيها الأخ السائل: هداك الله لما يحبه ويرضاه، واعلم أنه تجوز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة، بشرط أن لا يسجد المصلي عليها؛ أو يستقبلها ويعظمها كتعظيم غير المسلمين.

والدليل على جواز الصلاة بالقيود التي ذكرناها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" في مسجد الخيف قبر سبعين نبياً"، رواه الطبراني والبزار وقال الهيثمي: ورجاله ثقات، ومعلوم أن مسجد الخيف صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبار مكة للفاكهي (ج7 / ص102) : 2525 – حدثنا محمد بن صالح قال : ثنا أبو همام الدلال قال : ثنا إبراهيم بن طهمان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا »


المعجم الكبير للطبراني (ج11 / ص43) : 13343 – حدثنا عبدان بن أحمد , حدثنا عيسى بن شاذان , حدثنا أبو همام الدلال، حدثنا إبراهيم بن طهمان , عن منصور , عن مجاهد , عن ابن عمر , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا.



المطالب العالية لابن حجر العسقلاني (ج4 / ص247) : 1376 – وقال أبو يعلى ، أخبرنا الرمادي أبو بكر ، ثنا أبو همام الدلال ، ثنا إبراهيم بن طهمان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بمسجد الخيف قبر سبعين نبيا »


صحح الاثر :
1- الهيثمي في  مجمع الزوائد (ج3 / ص297) : رواه البزار ورجاله ثقات.
2- ابن حجر العسقلاني في مختصر البزار (ج1 / 476) : إسناده صحيح
3- المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير (ج2 / ص179) : بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات
4-  سعد النيسابوري الخركوشي في شرف المصطفى (ج2 / ص310) : وأخرج البزار بإسناد صحيح- كما في كشف الأستار [2/ 48- 49] رقم 1177، والفاكهي في أخبار مكة [4/ 266] رقم 2594، من حديث إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعا: في مسجد الخيف قبر سبعون نبيّا
5- الفاسي في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (ج1 / ص350) : ورويناه في مسند البزار من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “في مسجد الخيف قبر سبعين نبيًّا” وإسناد رجاله ثقات.

ويؤكد الجواز وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في مسجده، والعلماء والمسلمون عموماً يصلون فيه على مر العصور بلا نكير.

وأما حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا التي روت عن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لعن من الأمم السابقة أقواماً "اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، فالمراد سجودهم عليها، واستقبالها تعظيما فاسدا لها ولذلك قال العلامة البيضاوي رحمه الله: ( لما كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لها نهى أمته عن مثل فعلهم، أما من اتخذ مسجداً بجوار صالح أو صلى في مقبرته استظهاراً بروحه أو وصول أثر من عبادته إليه لا لتعظيمه فلا حرج)،

وبون شاسع بين اتخاذ القبر مسجد أى محلا للسجود وبين البناء ويؤيد ذلك قوله صل الله عليه وسلم فى حديث آخر ( جعلت لى الأرض مسجدا ..... ) أى أن الله أحل له الأرض للسجود عليها فمن هذا الحديث يتبين معنى اتخاذ القبر مسجد أى مكان يسجد عليه وليس  بناء المساجد على القبور
وقد أدخل قبر المصطفى صل الله عليه وسجد إلى داخل المسجد النبوى فى وجود جمع غفير من الصحابة والتابعين وأرتضت الأمة ذلك وقبلته ولو كان معنى الحديث هو بناء المساجد على القبور ما رضى الصحابة ولا السلف الصالح بدخول قبر المصطفى صل الله عليه وسلم وصاحبية داخل المسجد النبوى /
وقد كانت السيدة عائشة تصلى وقبر النبى صل الله عليه وسلم فى غرفتها ونعلم جميعا ضيق غرف أمهات المؤمنين وأيضا كانت تصلى بعد وفاة الصديق وكذلك الفاروق وورد أنها بعد دفن الفاروق 


فى صحيح الإمام مسلم أن سيدنا أبا هريرة كان يحدث ويقول (( اسمعى ياربة الحجرة إسمعى ياربة الحجرة والسيدة عائشة تصلى ، فلما قضت صلاتها قالت لعروة ألا تسمع إلى هذا ومقالته آنفا ، إنما كان النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه))
قصة صلاة أمنا الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة ومناداة الصحابي الجليل أبى هريرة لها رواها الإمام البخاري (3/1307) والإمام مسلم (4/2298) واللفظ هنا له وابو داود (3/320 برقم 3654) وأبو يعلى (8/136)
قال أمير المؤمنين فى الحديث شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر فى فتح الباري (6/578) تعليقا على رواية الإمام البخاري سبحتي بمعنى صلاتي – كما نقول سبحة الضحى أي صلاة الضحى – أنظر إلى صلاة السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها فى بيتها سبحة الضحى فى مصنف ابن أبى شيبة (2/175)
هل صلاة السيدة عائشة رضي الله عنها باطلة وكانت تفعل شرك لانها كانت تصلي في حجرتها حيث جسد سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم والصديق والفاروق ايضاً رضي الله عنهم؟
حاشاها أن تكون كذلك ويكفي هذا الدليل في الرد  على من يكفرون من يصلي في المسجد الذي فيه ضريح

 أخرج الشيخان من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: ) لعن اللهُ اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد(
قال الإمام البيضاوي رحمه الله تعالى
(( لما كانت اليهود والنّصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ، ويجعلونها قِبلَةً يتوجّهونَ في الصّلاة نحوه ، واتّخذُوها أوثاناً لعنهم الله النّبيُّ صلى الله عليه وسلّم ، ومنع المسلمين عن مثل ذلك )).
قال العلاّمة الطِّيبي في (شرح المشكاة) 2/235:
(( لمّا كان اليهود والنّصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ، ويجعلونها قبلة ، ويتوجّهون في الصّلاة نحوها ، فاتّخذوها أوثاناً ، لعنهم ، ومنع المسلمين عن مثل ذلك ، ونهاهم عنه . أمّا مَن اتّخذ مسجداً في جوار صالح ، أو صلّى في مقبرته ، وقصد به الاستظهار بروحه ، أو وصول أثرٍ مِن آثار عبادته إليه ، لا لتعظيم له والتّوجّه نحوه ، فلا حرج عليه)). انتهى
قال العلامة التُّوربُشْتي في (المرعاة شرح المشكاة) 2/419:
(( هذا الحديث مُخرج على وجهين
أحدهما: أنّهم كانوا يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لهم وقصد العبادة في ذلك .
وثانيهما: أنّهم كانوا يتحرّون الصّلاة في مدافن الأنبياء ، والتّوجُّه إلى قبورهم في حالة الصّلاة والعبادة نظراً منهم أنّ ذلك الصنيع أعظم وقعاً عند الله )).
وقال العلاّمة المُلاّ علي القاري رحمه الله تعالى في (شرح المشكاة) 1/470:
(( "والمتخذين عليها المساجدوقَـيدُ ( عليها ) يُفيد أنَّ اتّخاذ المساجد بجانبها - أي حولها يُحيط بها - لا بأس به ،ويدل عليه قوله عليه السّلام: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " )). انتهى
قال الإمام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى في (التّمهيد) 6/383:
(( في هذا الحديث إباحة الدّعاء على أهل الكُفر ، وتحريم السّجود ( على ) قبور الأنبياء ، وفي معنى هذا أنّه لا يحل السّجود لغير الله عزّ وجل ، ويحتمل الحديث أنْ لا تُجعل قبور الأنبياء قِبلة يُصلّى ( إليها ) . ثم قال ابن عبد البروقد زعـــم قــوم أنّ في هذا الحديث ما يدل على كراهيّة الصّلاة في المقبرة وإلى المقبرة ، وليـــس في ذلك حُجة )).انتهى
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى أيضاً في نفس المرجع5/45: 
(( وقد احتجّ بعضُ مَن لا يَرى الصّلاة في المقبرة بهذا الحديث ، ولا حُجّة له فيه )).
وبعد الّذي تقدّم نعلم أنّ ليس معنى ( اتّخاذ القبور مساجد هو (( بناء )) مساجد حول قبر أو ادخال قبر في مسجد .فالمساجد المعروفة للعبادة لم تكن تُطلق على معابد اليهود والنّصارى ، ولم يبنوا اليهود والنّصارى مساجد . وإنّما المقصود في الحديث هو السّجود على القبور أو لها ، فكما قال الشيخ محمود سعيد المبحث في (عين) القبر ، فالبناء حوله أو جعله في المسجد ، لا محظور فيه .

 والله أعلم.

  


التبرك برسول الله صل الله عليه وسلم


التبرك بشعره وفضل وضوءه وبصاقه وعرقه:
1- عن جعفر بن عبد الله بن الحكم أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك، فقال: أطلبوها، فلم يجدوها – فقال: أطلبوها فوجدوها، فإذا هي قلنسوة خلقة – أي ليست بجديدة، فقال خالد: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس جوانب شعره – فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصر.
قال الحافظ الهيثمي: رواه الطبراني وأبو يعلى بنحوه، ورجالهما رجال الصحيح، وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا (9/349)، وذكره ابن حجر في المطالب العالية (ج4 ص90)، وفيه يقول خالد: (فما وجهت في جهة إلا فتح لي).
2- وعن مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي الخزرجي عن أبيه عن جده أبي أسيد وله بئر بالمدينة يقال لها: بئر بضاعة، قد بصق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهو يشربها ويتيمن بها. رواه الطبراني ورجاله ثقات.وصف عروة بن مسعود حال الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم:
3- قال الإمام البخاري بسنده: ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينه قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه، فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت() ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له. رواه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد. (فتح الباري ج5 ص330).
تعليق الحافظ ابن حجر على هذه القصة: وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة.
ولعل الصحابة فعلوا ذلك بحضرة عروة وبالغوا في ذلك إشارة منهم إلى الرد على ما خشيه من فرارهم، وكأنهم قالوا بلسان الحال: من يحب إمامه هذه المحبة ويعظمه هذا التعظيم كيف يظن به أنه يفر عنه ويسلمه لعدوه؟ بل هم أشد اغتباطاً به وبدينه وبنصره من القبائل التي يراعي بعضها بعضاً بمجرد الرحم، فيستفاد منه جواز التوصل إلى المقصود بكل طريق سائغ. (كذا في فتح الباري ج5 ص341

النبي صلى الله عليه وسلم يرشد إلى
المحافظة على بقية وضوئه:
4- عن طلق بن علي قال: خرجنا وفداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا فاستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه لنا في إداوة وأمرنا فقال لنا: [اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجداً">، قلنا: إن البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف، فقال: [مدّوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيباً">.
رواه النسائي كذا في المشكاة (رقم 716). وهذا الحديث من الأصول المعتبرة المشتهرة الدالة على مشروعية التبرك به وبآثاره وبكل ما هو منسوب إليه فإنه صلى الله عليه وسلم أخذ وضوءه ثم جعله في إناء ثم أمرهم أن يأخذوه معهم إجابة لطلبهم وتحقيقاً لمرادهم، فلابد أن هناك سراً قوياً متمكناً في نفوسهم دفعهم إلى طلب هذا الماء بخصوصه، والمدينة مملوءة بالمياه، بل وبلادهم مملوءة بالماء فلم هذا التعب والتكلف في حمل قليل من الماء من بلد إلى بلد مع بعد المسافة وطول السفر وحرارة الشمس؟.
نعم كل ذلك لم يهمهم لأن المعنى الذي يحمله هذا الماء يهون عليهم كل مشقة ألا وهو التبرك به وبآثاره وبكل ما هو منسوب إليه وهو لا يوجد في بلدهم ولا يتوافر على كل حال عندهم، بل ويتأكد تأييده لهم صلى الله عليه وسلم ورضاه عن فعلهم بجوابه لهم لما قالوا: إن الماء ينشف لشدة الحر إذ قال لهم: [مدوه من الماء">، فبين لهم أن بركته التي حلت في الماء لا تزال باقية مهما زادوا فيه فهي مستمرة متصلة.

التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم بعد موته:
5- عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء فجاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبة قال: فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمراء. رواه البخاري في كتاب اللباس باب ما يذكر في الشيب.
قال الإمام الحافظ ابن حجر في الفتح: وقد بينه وكيع في مصنفه فقال: كان جلجلاً من فضة صيغ صوانا لشعرات النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت عند أم سلمة والجلجل – هو شبه الجرس يتخذ من الفضة أو الصفر أو النحاس، وقد تنزع منه الحصاة التي تتحرك فيه فيوضع فيه ما يحتاج إلى صيانته. كذا في فتح الباري (ج10 ص353).
قال الإمام العيني: وبيان ذلك على التحرير: أن أم سلمة كان عندها شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم حمر في شيء مثل الجلجل، وكان الناس عند مرضهم يتبركون بها، ويستشفون من بركتها، ويأخذون من شعره ويجعلونه في قدح من الماء، فيشربون الماء الذي فيه الشعر، فيحصل لهم الشفاء، وكان أهل عثمان أخذوا منها شيئاً وجعلوه في قدح من فضة، فشربوا الماء الذي فيه، فحصل لهم الشفاء، ثم أرسلوا عثمان بذلك القدح إلى أم سلمة، فأخذته أم سلمة، ووضعته في الجلجل، فاطلع عثمان في الجلجل، فرأى فيه شعرات حمراء.
(قوله: وكان إذا أصاب الإنسان إلى آخره) كلام عثمان بن عبد الله بن موهب: أي كان أهلي كذا فسره الكرماني.
وقال بعضهم: وكان أي الناس إذا أصاب الإنسان: أي منهم، والذي قاله الكرماني أصوب يبين به أن الإنسان إذا أصابه عين أو شيء من الأمراض بعث أهله إليها: أي إلى أم سلمة، مخضبة – بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الضاد المعجمة والباء الموحدة – وهي الإجانة، ويجعل فيها ماء وشيء من الشعر المبارك، ويجلس فيها، فيحصل له الشفاء، ثم يرد الشعر إلى الجلجل. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج18 ص79).

النبي صلى الله عليه وسلم يقسم شعره بين الناس:
روى مسلم من حديث أنس:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، وقال للحلاق: خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس))..
وروى الترمذي من حديث أنس أيضاً قال: (لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة نحر نسكه ثم ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه، فقال: اقسم بين الناس).
ثم ظاهر رواية الترمذي: أن الشعر الذي أمر أبا طلحة بقسمته بين الناس هو شعر الشق الأيسر، وهكذا رواية مسلم من طريق ابن عيينة، وأما رواية حفص بن غياث وعبد الأعلى ففيهما: أن الشق الذي قسمه بين الناس هو الأيمن وكلا الروايتين عند مسلم.

توزيع شعره صلى الله عليه وسلم شعرة شعرة:
وقد جاء في رواية حفص عند مسلم أيضاً بلفظ: (فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك).وقال أبو بكر في روايته عن حفص: (قال للحلاق: هاء، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن هكذا، فقسم شعره بين من يليه، قال: ثم أشار إشارة إلى الحلاق إلى الجانب الأيسر فحلقه فأعطاه أم سليم).
الناس يتهافتون على شعره صلى الله عليه وسلم:

وفي رواية أحمد في المسند ما يقتضي أنه أرسل شعر الشق الأيمن مع أنس إلى أمه – أم سليم – امرأة أبي طلحة – فإنه قال فيها: (لما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بمنى أخذ شق رأسه الأيمن بيده، فلما فرغ ناولني فقال: ياأنس! انطلق بهذا إلى أم سليم، قال فلما رأى الناس ما خصنا به تنافسوا في الشق الآخر، هذا يأخذ الشيء وهذا يأخذ الشيء).

تحقيق الكلام في الموضوع:
وقد اختلفت الروايات في هذا الموضوع كما ترى، ففي بعضها أن الذي أعطاه لأبي طلحة هو الشق الأيمن، والذي قسمه بين الناس هو الأيسر، وفي بعضها العكس، وفي بعضها أنه أعطى الأيسر لأم سليم.
ويجمع بين هذه الروايات بما جاء عن صاحب المفهم إذ قال: [إن قوله: لما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم شق رأسه الأيمن أعطاه أبا طلحة"> ليس مناقضاً لما في الرواية الثانية: أنه قسم شعر الجانب الأيمن بين الناس وشعر الجانب الأيسر أعطاه أم سليم، وهي امرأة أبي طلحة وهي أم أنس – رضي الله عنها – قال: وحصل من مجموع هذه الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق الشق الأيمن ناوله أبا طلحة ليقسمه بين الناس، ففعله أبو طلحة، وناول شعر الشق الأيسر ليكون عند أبي طلحة، فصحت نسبة كل ذلك إلى من نسب إليه والله أعلم.
وقد جمع المحب الطبري في موضع إمكان جمعه، ورجح في مكان تعذره فقال: والصحيح أن الذي وزعه على الناس الشق الأيمن، وأعطى الأيسر أبا طلحة وأم سليم، ولا تضاد بين الروايتين لأن أم سليم امرأة أبي طلحة، فأعطاه صلى الله عليه وسلم لهما فنسب العطية تارة إليه وتارة إليها. انتهى.

وفيه التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من آثاره بأبي وأمي ونفسي هو، وقد روى أحمد في مسنده إلى ابن سيرين أنه قال: فحدثنيه عبيدة السلماني، يريد هذا الحديث فقال: لأن يكون عندي شعرة منه أحب إليَّ من كل بيضاء وصفراء على وجه الأرض وفي بطنها، وقد ذكر غير واحد أن خالد بن الوليد – رضي الله عنه – كان في قلنسوته شعرات من شعره صلى الله عليه وسلم، فلذلك كان لا يقدم على وجه إلا فتح له، ويؤيد ذلك ما ذكره الملا في السيرة أن خالداً سأل أبا طلحة حين فرق شعره صلى الله عليه وسلم بين الناس أن يعطيه شعر ناصيته، فأعطاه إياه فكان مقدم ناصيته مناسباً لفتح كل ما أقدم عليه. انتهى عمدة القاري شرح البخاري (ج8 ص230-231).
التبرك بعرقه:

6- عن عثمان عن أنس أن أم سليم كانت تبسط للنبي صلى الله عليه وسلم نطعاً فيقيل عندها على ذلك النطع، قال: فإذا نام النبي صلى الله عليه وسلم أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جمعته في سُكّ وهو نائم، قال: فلما حضر أنس ابن مالك الوفاة أوصى إلى أن يجعل في حنوطه من السك قال: فجعل في حنوطه. رواه البخاري في كتاب الاستئذان باب من زار قوماً فقال عندهم.
7- وفي رواية عند مسلم دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق، فجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب.
8- وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة [عرق فاستنقع عرقه على قطعة أديم عتيدة فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها فأفاق، فقال: ما تصنعين؟ قالت: نرجو بركته لصبياننا، فقال: أصبت. ووفي رواية أبي قلابة [فكانت تجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير فقال: ما هذا؟ قالت: عرقك أذوف به طيبي">.
ويستفاد من هذه الروايات إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على فعل أم سليم وتصويبه ولا معارضة بين قولها إنها كانت تجمعه لأجل طيبه وبين قولها للبركة، بل يحمل على أنها كانت تفعل ذلك للأمرين معاً. انتهى. (فتح الباري الجزء الحادي عشر ص72).

التبرك بمس جلده صلى الله عليه وسلم:

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: كان أسيد بن حضير رضي الله عنه رجلاً صالحاً ضاحكاً مليحاً، فبينما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث القوم ويضحكهم، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاصرته، فقال: أوجعتني قال صلى الله عليه وسلم: اقتص قال: يا رسول الله! إن عليك قميصاً ولم يكن عليَّ قميص، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فاحتضنه ثم جعل يقبل كشحه، فقال: بأبي أنت وأمي يارسول الله! أردت هذا.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي فقال: صحيح.
وأخرجه ابن عساكر عن أبي ليلى رضي الله عنه مثله كما في الكنز (ج7 ص701) قلت: والحديث عند أبي داود والطبراني عن أسيد بن حضير نحوه كما في الكنز (ج4 ص43).
وأخرج ابن إسحاق عن حبان بن واسع عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد ابن غزية رضي الله عنه – حليف بني عدي بن النجار، وهو مستنصل من الصف أي خارج – فطعنه في بطنه بالقدح وقال: إستو يا سواد، فقال: يارسول الله! أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بدنه، فقال: استقد، فاعتنقه، فقبل بطنه فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يارسول الله! حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير. وقاله كذا في البداية (ج3 ص271).

وأخرج عبد الرزاق عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم لقى رجلاً مختضباً بصفرة وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم جريدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خط ورس، فطعن بالجريدة بطن الرجل وقال: ألم أنهك عن هذا؟ فأثر في بطنه دماً أدماه، فقال: القود يارسول الله! فقال الناس: أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتص؟ فقال: ما لبشرة أحد فضل على بشرتي، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن بطنه ثم قال: اقتص، فقبل الرجل بطن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أدعها لك أن تشفع لي يوم القيامة(). كذا في الكنز (ج15 ص91).

وأخرج ابن سعد (ج3 ص72) عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى سواد بن عمرو هكذا قال إسماعيل: متلحفاً، فقال: خط خط ورس ورس، ثم طعن بعود أو سواك في بطنه فماد في بطنه فأثر في بطنه فذكر نحوه.

وأخرج عبد الرزاق أيضاً كما في الكنز (ج15 ص19) عن الحسن قال: كان رجل من الأنصار يقال له: سوادة بن عمر رضي الله عنه يتخلق كأنه عرجون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآه نغض له فجاء يوماً وهو متخلق فأهوى له النبي صلى الله عليه وسلم بعود كان في يده فجرحه، فقال له: القصاص يارسول الله! فأعطاه العود وكان على النبي صلى الله عليه وسلم قميصان فجعل يرفعهما فنهره الناس وكف عنه حتى إذا انتهى إلى المكان الذي جرحه رمى بالقضيب وأخذ يقبله وقال: يانبي الله! بل أدعها لك تشفع لي بها يوم القيامة. وأخرج البغوي نحوه كما في الإصابة (ج2 ص96).



((خبر زاهر)):

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: زاهر باديتنا ونحن حاضرته وكان صلى الله عليه وسلم يحبه فمشى صلى الله عليه وسلم يوماً إلى السوق فوجده قائماً فجاء من قبل ظهره وضمه بيده إلى صدره فأحس زاهر بأنه رسول الله.. قال: فجعلت أمسح ظهري في صدره رجاء بركته.

وفي رواية الترمذي في الشمائل: فاحتضنه من خلفه ولا يبصره فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من يشتري العبد، فقال له زاهر: يارسول الله! إذا تجدني كاسداً، فقال صلى الله عليه وسلم: أنت عند الله غال.

وفي رواية للترمذي أيضاً: لكن عند الله لست بكاسد أو قال: أنت عند الله غال. اه (المواهب اللدنية ج1 ص297).


التبرك بدم النبي صلى الله عليه وسلم

خبر عبد الله بن الزبير:

عن عامر بن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهما – أن أباه حدثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال:

((يا عبدالله! اذهب بهذا الدم فاهرقه حيث لا يراك أحد، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل إلى الدم فشربه، فلما رجع قال: يا عبد الله! ما صنعت بالدم؟ قال: جعلته في أخفى مكان علمت أنه يخفى عن الناس، قال: لعلك شربته؟ قال: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: ولم شربت الدم؟ ويل للناس منك وويل لك من الناس))..

قال أبو موسى: قال أبو عاصم: فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم، كذا في الإصابة (ج2 ص310). وأخرجه الحاكم (ج3 ص554) والطبراني نحوه، قال الهيثمي (ج8 ص270): رواه الطبراني والبزار باختصار، ورجال البزار رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم وهو ثقة انتهى.
وأخرجه أيضاً ابن عساكر نحوه كما في الكنز (ج7 ص57) مع ذكر قول أبي عاصم، وفي رواية: قال أبو سلمة: فيرون أن القوة التي كانت في ابن الزبير – رضي الله عنهما – من قوة دم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعند أبي نعيم في الحلية (ج1 ص33) عن كيسان مولى عبد الله ابن الزبير – رضي الله عنهما – قال:
(( دخل سلمان – رضي الله عنه – على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا عبد الله ابن الزبير معه طست يشرب ما فيها، فدخل عبد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: فرغت؟ قال: نعم، قال سلمان: ما ذاك يا رسول الله؟ قال: أعطيته غسالة محاجمي يهريق ما فيها، قال سلمان: ذاك شربه والذي بعثك بالحق، قال: شربته؟ قال: نعم، قال: لم؟ قال: أحببت أن يكون دم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوفي، فقام وربت بيده على رأس ابن الزبير، وقال: ويل لك من الناس وويل للناس منك، لا تمسك النار إلا قسم اليمين))..
وأخرجه ابن عساكر عن سلمان نحوه مختصراً، ورجاله ثقات، كذا في الكنز (ج7 ص56)، وروى نحوه الدارقطني في سننه.
وفي رواية أن ابن الزبير لما شرب دم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم: فما حملك على ذلك؟ قال: علمت أن دمك لا تصيبه نار جهنم فشربته لذلك، فقال: ويل لك من الناس. وعند الدارقطني من حديث أسماء بنت أبي بكر نحوه وفيه: ولا تمسك النار. وفي كتاب الجوهر المكنون في ذكر القبائل والبطون أنه لما شرب أي عبد الله بن الزبير دمه تضوع فمه مسكاً وبقيت رائحته موجودة في فمه إلى أن صلب رضي الله عنه. (كذا في المواهب للحافظ القسطلاني).
خبر سفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم:
وأخرج الطبراني عن سفينة – رضي الله عنه – قال:
((احتجم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: خذ هذا الدم فادفنه من الدواب والطير والناس، فتغيبت فشربته، ثم ذكرت ذلك له فضحك)).
قال الهيثمي (ج8 ص280): رجال الطبراني ثقات.
خبر مالك بن سنان:وفي سنن سعيد بن منصور من طريق عمرو بن السائب أنه بلغه أن مالك ابن سنان والد أبي سعيد الخدري لما جرح النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه الشريف يوم أحد مص جرحه حتى أنقاه ولاح – أي ظهر – محل الجرح بعد المص أبيض، فقال له صلى الله عليه وسلم: مجه، فقال: ولا أمجه أبداً، ثم ازدرده – أي ابتلعه – فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

((من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا فاستشهد بأحد))..
رواه الطبراني أيضاً، وفيه:

((قال صلى الله عليه وسلم: من خالط دمي دمه لا تمسه النار))..
قال الهيثمي: لم أر في إسناده من أجمع على ضعفه اه.
وروى سعيد بن منصور أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال:
((من سره أن ينظر إلى رجل خالط دمي دمه فلينظر إلى مالك بن سنان)).
((حجام آخر يشرب دمه صلى الله عليه وسلم)):
روى ابن حبان في الضعفاء عن ابن عباس قال: حجم النبي صلى الله عليه وسلم غلام لبعض قريش فلما فرغ من حجامته أخذ الدم فذهب به من وراء الحائط فنظر يميناً وشمالاً فلم ير أحداً فحسا دمه حتى فرغ ثم أقبل فنظر في وجهه فقال: ويحك ما صنعت بالدم؟ قلت: غيبته من وراء الحائط، قال: أين غيبته؟ قلت: يا رسول الله! نفست على دمك أن أهريقه في الأرض فهو في بطني، فقال: اذهب فقد أحرزت نفسك من النار. (ذكره الحافظ القسطلاني في المواهب اللدنية).
((خبر بركة خادم أم حبيبة)):
قال الحافظ ابن حجر روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: (أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة: أين البول الذي كان في القدح؟ قالت: شربته، قال: صحة يا أم يوسف، وكانت تكنى أم يوسف، فما مرضت قط حتى مرضها الذي ماتت فيه. (كذا في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ج1 ص32).
قلت: وقد رواه أبو داود والنسائي مختصراً، قال الحافظ السيوطي: وقد أتمه ابن عبد البر في الاستيعاب وفيه أنه سألها عن البول الذي كان في القدح، فقالت: شربته يا رسول الله، وذكر الحديث. (كذا في شرح السيوطي على سنن النسائي ج1 ص32).
((خبر أم أيمن)):
قال الإمام الحافظ القسطلاني في المواهب: أخرج الحسن بن سفيان في مسنده والحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم من حديث أبي مالك النخعي عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن أم أيمن قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة في جانب البيت فبال، فقمت من الليل وأنا عطشانة فشربت
ما فيها وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أم أيمن! قومي فأهريقي ما في تلك الفخارة، فقلت: قد والله شربت ما فيها، قالت: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: أما والله لا يجعنّ بطنك أبداً.
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: وصحح ابن دحية أنهما قضيتان وقعتا لامرأتين وهو واضح من اختلاف السياق وواضح أن بركة أم يوسف غير بركة أم أيمن مولاته.
( فائدة ): وقع في رواية سلمى امرأة أبي رافع أنها شربت بعض ماء غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: ((حرم الله بدنك على النار)). أخرجه الطبراني في الأوسط من حديثها، وفي السند ضعف – كذا في التلخيص (ج1 ص32).
قال القسطلاني: وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام البلقيني، وفي هذه الأحاديث دلالة على طهارة بوله ودمه صلى الله عليه وسلم.
خبر سرة خادم أم سلمة رضي الله عنها:
وأخرج الطبراني عن حكيمة بنت أميمة عن أمها قالت:
((كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ويضعه تحت سريره، فقام فطلبه فلم يجده، فسأل فقال: أين القدح؟ قالوا: شربته سرة خادم لأم سلمة التي قدمت معها من أرض الحبشة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت من النار بحظار))..
قال الهيثمي (ج8 ص271): رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد ابن حنبل، وحكيمة وكلاهما ثقات.
أقوال العلماء في هذا الموضوع

قال الإمام محي الدين النووي في شرح المهذب: واستدل من قال بطهارتهما بالحديثين المعروفين أن أبا طيبة الحجام حجمه صلى الله عليه وسلم وشرب دمه ولم ينكر عليه، وأن امرأة شربت بوله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليها. وحديث أبي طيبة ضعيف، وحديث شرب البول صحيح رواه الدارقطني، وقال: هو حديث حسن صحيح، وذلك كاف في الاحتجاج لكل الفضلات قياساً، ثم قال: إن القاضي حسيناً قال: الأصح القطع بطهارة الجميع. ثم قال في الجواب: عن أنه كان يتنزه منها بأن ذلك على الاستحباب اه. (من شرح المهذب ج1 ص233).

وقال الإمام العلامة بدر الدين العيني شارح البخاري في كتابه المعروف عمدة القاري ج2 ص35: فأما شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مكرم معظم خارج عن هذا، قلت: قول الماوردي: وأما شعر النبي صلى الله عليه وسلم فالمذهب الصحيح القطع بطهارته يدل على أن لهم قولاً بغير ذلك، فنعوذ بالله من ذلك القول، وقد اخترق بعض الشافعية وكاد أن يخرج عن دائرة الإسلام حيث قال: وفي شعر النبي صلى الله عليه وسلم وجهان: وحاشا شعر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وكيف قال هذا، وقد قيل بطهارة فضلاته فضلاً عن شعره الكريم، ثم قال العيني: وقد وردت أحاديث كثيرة أن جماعة شربوا دم النبي عليه الصلاة والسلام منهم أبو طيبة الحجام وغلام من قريش حجم النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن الزبير شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم رواه البزار والطبراني والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الحلية، ويروى عن علي رضي الله تعالى عنه أنه شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أيضاً أن أم أيمن شربت بول النبي صلى الله عليه وسلم رواه الحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم، وأخرج الطبراني في الأوسط في رواية سلمى امرأة أبي رافع أنها شربت بعض ما غسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: حرم الله بدنك على النار.

قال الحافظ القسطلاني في المواهب تعليقاً على قول النووي عن القاضي حسين: أن الأصح القطع بطهارة جميع الفضلات، وبهذا قال أبو حنيفة كما قاله العيني، وقال شيخ الإسلام ابن حجر: قد تكاثرت الأدلة على طهارة فضلاته صلى الله عليه وسلم، وعد الأئمة ذلك في خصائصه. انتهى.



التبرك بالمكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم:

عن نافع أن عبد الله بن عمر حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حيث المسجد الصغير الذي دون المسجد الذي بشرف الروحاء، وقد كان عبد الله يعلم المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ثم عن يمينك حين تقوم في المسجد تصلي، وذلك المسجد على حافة الطريق اليمنى وأنت ذاهب إلى مكة بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجر أو نحو ذلك. رواه البخاري.
التبرك بموضع لامسه فم النبي صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد وغيره عن أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم وفي البيت قربة معلقة فشرب من فيها – أي من فم القربة – وهو نائم قال أنس: فقطعت أم سليم فم القربة فهو عندنا.
والمعنى: أن أم سليم قطعت فم القربة الذي هو موضع شربه صلى الله عليه وسلم واحتفظت به في بيتها للتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الطبراني وفيه البراء بن زيد ولم يضعفه أحمد وبقية رجاله رجال الصحيح.
التبرك بتقبيل يد من مس رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن يحي بن الحارث الذماري قال: لقيت واثلة بن الأسقع رضي الله عنه فقلت: بايعت بيدك هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم قلت: أعطني يدك أقبلها، فأعطانيها فقبلتها. قال الهيثمي (ج8 ص42): وفيه عبد الملك القاري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. انتهى.
وعند أبي نعيم في الحلية (ج9 ص306) عن يونس بن ميسرة قال: دخلنا على يزيد بن الأسود عائدين فدخل عليه واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، فلما نظر إليه مد يده فأخذ يده فمسح بها وجهه وصدره لأنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا يزيد! كيف ظنك بربك؟ فقال: حسن، فقال: فأبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى يقول: ((أنا عند ظن عبدي بي))، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد ص144 عن عبد الرحمن بن رزين قال: مررنا بالرّبذة فقيل لنا: ههنا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، فأتينا فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وسلم، فأخرج له كفاً له ضخمة كأنها كف بعير، فقمنا إليها فقبلناها.
وأخرج ابن سعد (ج4 ص39) عن عبد الرحمن بن زيد العراقي نحوه.
وأخرج البخاري أيضاً في الأدب ص144 عن ابن جدعان قال ثابت لأنس رضي الله عنه: أمسست النبي صلى الله عليه وسلم بيدك؟ قال: نعم، فقبلها.
وأخرج البخاري أيضاً في الأدب عن صهيب قال: رأيت علياً رضي الله عنه يقبل يد العباس رضي الله عنه ورجليه.
عن ثابت قال: كنت إذا أتيت أنساً يخبر بمكاني فأدخل عليه وآخذ يديه وأقبلهما وأقول: بأبي هاتين اليدين اللتين مستا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عينيه وأقول: بأبي هاتين (العينين) اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (ج2 ص111)، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أبي بكر المقدمي وهو ثقة، وسكت عنه البوصيري. اه. (كذا في مجمع الزوائد 9/325).

التبرك بجبته صلى الله عليه وسلم
عن أسماء بنت أبي بكر: أنها أخرجت جبة طيالسة كسروانية لها لبنة() ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج، وقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عند عائشة فلما قبضت قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها. رواه مسلم. (كتاب اللباس والزينة ج3 ص140).
التبرك بما مسته يده صلى الله عليه وسلم
عن صفية بنت مجزأة أن أبا محذورة كانت له قصة في مقدم رأسه إذا قعد أرسلها فتبلغ الأرض فقالوا له: ألا تحلقها؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح عليها بيده فلم أكن لأحلقها حتى أموت.
رواه الطبراني وفيه أيوب بن ثابت المكي، قال أبو حاتم: لا يُحمد حديثه، كذا في مجمع الزوائد (ج5 ص165).
وعن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله! علمني سنة الأذان، قال فمسح مقدم رأسي قال: 
((تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك)) الحديث..
وفي رواية: فكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليها. أخرجه البيهقي والدارقطني وأحمد وابن حبان والنسائي بمعناه.
التبرك بقدح النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد صلى فيه
عن أبي بردة قال: قدمت المدينة فلقيني عبد الله بن سلام، فقال لي: انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصلي في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معه فسقاني وأطعمني تمراً وصليت في مسجده. رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.
التبرك بموضع قدم النبي صلى الله عليه وسلم
جاء في الحديث عن أبي مجلز أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين ثم قام فصلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء ثم قال: ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رواه النسائي 3/243).

التبرك بدار مباركة

عن محمد بن سوقة عن أبيه قال: لما بنى عمرو بن حريث داره أتيته لأستأجر منه فقال: ما تصنع به؟ فقلت: أريد أن أجلس فيه وأشتري وأبيع، قال: قلت: لأحدثك في هذه الدار بحديث إن هذه الدار مباركة على من سكن فيها مباركة على من باع فيها واشترى، وذلك أني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعنده مال موضوع فتناول بكفه منه دراهم فدفعها إليَّ وقال: هاك يا عمرو هذه الدراهم حتى تنظر في أي شيء تضعها فإنها دراهم أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتها ثم مكثنا ما شاء الله حتى قدمنا الكوفة فأردت شراء دار، فقالت لي أمي: يا بني! إذا اشتريت داراً وهيأت مالها فأخبرني، ففعلت، ثم جئتها فدعوتها فجاءت والمال موضوع فأخرجت شيئاً معها فطرحته في الدراهم ثم خلطتها بيدها، فقلت، فقلت يا أمه أي شيء هذه؟ قالت: يا بني! هذه الدراهم التي جئتني بها فزعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاكها بيده فأنا أعلم أن هذه الدار مباركة لمن جلس فيها، مباركة لمن باع فيها واشترى.

رواه الطبراني في الكبير وأبو يعلى (ج4 ص111 مجمع الزوائد).
التبرك بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم(9)

قال القاضي عياض: رؤي ابن عمر رضي الله عنهما واضعاً يده على مقعد النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه.
وعن أبي قسيط والعتبي كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خلا المسجد حسوا رمانة المنبر التي تلي القبر بميامينهم ثم يستقبلون القبلة يدعون. اه (من الشفا للقاضي عياض).
قال الملا علي قاري شارح الشفا: رواه ابن سعد عن عبد الرحمن بن عبد القاري (ج3 ص518).
وروى ذلك الشيخ ابن تيمية أيضاً عن الإمام أحمد أنه رخص في التمسح بالمنبر والرمانة، وذكر أن ابن عمر وسعيد بن المسيب ويحي بن سعيد من فقهاء المدينة كانوا يفعلون ذلك. اه. (اقتضاء الصراط المستقيم ص367).
التبرك بقبره الشريف
لما حضرت الوفاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لابنه عبد الله: انطلق إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست اليوم بأمير المؤمنين، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، قال: فاستأذن وسلم، ثم دخل عليها وهي تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، فقال: ارفعوني فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت، فقال الحمد لله ما كان شيء أهم إليَّ من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم وقل: يستأذن عمر فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين.
أخرجه بطوله البخاري في كتاب الجنائز باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كتاب فضائل الصحابة باب قصة البيعة.
التبرك بآثار الصالحين والأنبياء السابقين
عن نافع أن عبد الله بن عمر أخبرنا أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
رواه مسلم في كتاب الزهد باب النهي عن الدخول على أهل الحجر.قال النووي في الشرح ج8 ص118: وفي هذا الحديث من الفوائد التبرك بآثار الصالحين.
التبرك بالتابوت
ذكر الله تعالى في القرآن فضيلة التابوت فقال:
{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ}.
وخلاصة القصة: أن هذا التابوت كان عند بني إسرائيل وكانوا يستنصرون به ويتوسلون إلى الله تعالى بما فيه من آثار وهذا هو التبرك بعينه الذي نريده ونقصده، وقد بين الله جل جلاله محتويات التابوت فقال:
{وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}، وهذه البقية مما تركه آل موسى وهارون هي عصا موسى وشيء من ثيابه وثياب هارون ونعلاه وألواح من التوراة وطست كما ذكره المفسرون والمؤرخون كابن كثير والقرطبي والسيوطي والطبري، فارجع إليهم، وهو يدل على معان كثيرة منها التوسل بآثار الصالحين، ومنها المحافظة عليها ومنها التبرك بها.

التبرك بمسجد العشار
عن صالح بن درهم يقول: انطلقنا حاجين، فإذا رجل فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبلة، قلنا: نعم، قال: من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين أو أربعاً، ويقول هذه لأبي هريرة: سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:((إن الله عز وجل يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء، لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم)).. (رواه أبو داود).
وقال: هذا المسجد مما يلي النهر اه (مشكاة المصابيح ج3 ص1496).
قال العلامة المحدث الكبير الشيخ خليل أحمد السهارنفوري في كتابه ((بذل المجهود شرح سنن أبي داود)): وفي الحديث دلالة على أن الطاعات البدنية توصل إلى الغير أجرها، وأن مآثر الأولياء والمقربين تزار ويتبرك بها. (بذل المجهود ج17 ص225).
وقال العلامة المحدث الشيخ أبو الطيب صاحب عون المعبود: مسجد العشار مسجد مشهور يتبرك بالصلاة فيه (عون المعبود ج11 ص422).



هل التبرك بقير الرسول والأولياء شرك ؟



هل التبرك بقبر الرسول صلى الله عليه و سلم أو بقبور الأولياء هو شرك ؟


الجواب 


قال ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري :
" باب ماجاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في حديث استئذان سيدنا عمر أمنا عائشة رضي الله عنها في الدفن بالحجرة النبوية :وفيه الحرص على مجاورة الصالحين في القبور طمعا في إصابة الرحمة إذا نزلت عليهم وفي دعاء من يزورهم من أهل الخير. "
وفي عمدة القاري بشرح صحيح البخاري للعيني مانصه:
"وقال( يعني شيخه زين الدين ) وأخبرني الحافظ أبو سعيد ابن العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل من جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من الحفاظ أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتقبيل منبره فقال لابأس بذلك قال فأريناه للشيخ تقي الدين ابن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول عجبت أحمد عندي جليل يقوله وهذا استفهام إنكاري أي أيقوله وقال زين الدين وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصا للشافعي وشرب الماء الذي غسله به إلى أن قال المحب الطبري يمكن أن يستنبط من تقبيل الحجر واستلام الأركان جواز تقبيل مافي تقبيله تعظيم الله تعالى."
وفي كشاف القناع عن متن الإقناع للإمام البهوتي الحنبلي عن عبد الله بن الإمام احمد بن حنبل قال:" سألت أبي عن مس الرجل رمانة المنبر يقصد التبرك وكذلك عن مس القبر" فقال:" لابأس بذلك."
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء :" أين المتنطع المنكر على أحمد وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي ويمس الحجرة النبوية فقال:" لاأرى بذلك بأسا ." وختم الذهبي كلامه بقوله:" أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع. "
وفي خلاصة الوفا مانصه وفي كتاب العلل والسؤالات لعبد الله ابن أحمد ابن حنبل قال :" سألت أبي عن الرجل يمس قبر النبي صلى الله عليه وسلم يتبرك بمسه وتقبيله ويفعل بالمنبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى." فقال:" لابأس به."
وقال صاحب غاية المنتهى الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي مانصه:
"ولابأس بلمس قبر بيد لاسيما من ترجى بركته. "
وروى ابن عساكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداري بعد فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال :" ثم إن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له:" ماهذه الجفوة يابلال ؟ أما آن لك أن تزورني!" فانتبه حزينا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ومرغ وجهه عليه. "
وقال الحافظ تقي الدين السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام:" وممن روي ذلك عنه من الصحابة بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر من الشام إلى المدينة لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم روينا ذلك بإسناد جيد إليه ."
وفي تحفة ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال:" لما رمس رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله عنها فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعتها على عينها وبكت وأنشأت تقول :
ماذا على من شم تربة أحمد * أن لايشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا . "
وروى الإمام أحمد في المسند أن مروان أقبل يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال:" أتدري ما تصنع؟ " فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال:" نعم ! جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر! سمعت رسول الله يقول:" لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله."
وأخرجه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي في التلخيص .
وذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:"{ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك...} الآية روى عن علي قال:" قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال:" قلت يارسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك {ولو أنهم ظلموا أنفسهم .....}الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر :" أنه قد غفر لك !"
وقال النووي في كتابه الأذكار باب مايقول زائر القبور :" ويستحب الإكثار من الزيارة وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل . "
وقال ابن الحاج المالكي في المدخل:" وينبغي لولي الميت أن يختار له الدفن عند العلماء والأولياء والصالحين للتبرك بهم لما ورد هم القوم لايشقى بهم جليسهم. والتبرك عمل لايخدش في التوحيد لامن قريب ولامن بعيد إذ التبرك بالآثار والمقامات مما أجازه الشرع الحنيف فما أجازه الشرع فلا خوف علينا منه فالتبرك بالأشخاص مثلا فلاعتقاد تقواها وصلاح عملها وقربها من الله سبحانه وتعالى مع الجزم بأن لامؤثر إلا الله قال تعالى { كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هناك دعا زكرياء ربه }.و أما الآثار فلأنها أجزاء منسوبة إلى تلك الأشخاص قال تعالى:{ اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأت بصيرا}. فهي في حكم أصحابها . وأما الأمكنة فلا فضل لها لذاتها من حيث هي أمكنة وإنما من أجل ساكنها قال تعالى:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}. ولما يعمل فيها من خير وبر إذ تتنزل فيها الرحمات وتحضرها الملائكة وتغشاها السكينة فتتحقق عندها البركة التي تطلب من الله عندها."
وإليك أيها السائل الكريم بعض أقوال العلماء بل أعلام العلماء في التبرك بالقبور.
قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب قال الحاكم (صاحب المستدرك) في تاريخ نيسابور:" سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضى بطوس قال فرأيت من تعظيمه يعني ابن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ماتحيرنا ."
وبه يتبين أن إمام الأئمة ابن خزيمة كان يتضرع ويعظم قبور الصالحين. وروى الخطيب البغدادي عن إبراهيم الحربي أحد أئمة الحديث أنه قال:" قبر معروف (يعني الكرخي) الترياق المجرب."
وروى أيضا عن المحاملي أحد أئمة الحديث أنه قال:" أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ماقصده مهموم إلا فرج الله همه . "
قال الذهبي في سير اعلام النبلاء وعن إبراهيم الحربي قال:" قبر معروف الترياق المجرب." يريد إجابة دعاء المضطر عنده لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء.
وقال ابن حبان في الثقات في ترجمة علي بن موسى الرضا :"وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا استجيب لي وزالت عني تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك. "
وقال الحافظ أبو بكر ابن المقرئ في مسند أصبهان :" كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فضاق بنا الوقت فوصلنا ذلك اليوم فلما كان وقت العشاء أتيت إلى القبر الشريف وقلت:" يارسول الله الجوع !" فقال لي الطبراني:" اجلس فإما أن يكون الرزق أو الموت !" فقمت أنا وأبو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له فإذا معه غلامان بزنبيلين بهما شيء كثير فقال:" ياقوم شكيتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإني رأيته ؛ فأمرني بحمل شيء إليكم." ونقل هذه الحادثة الحافظ السخاوي في القول البديع وابن المقري والطبراني وأبو الشيخ كلهم من كبار الحفاظ المشهورين .
وقال اللالكائي في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة :" فحياتهم للخلق منبهة ومسيرهم إلى مصيرهم لمن بعدهم عبرة وقبورهم مزارة." إلى أن قال:" يزارون في قبورهم كأنهم أحياء في بيوتهم لينشر الله لهم بعد موتهم الأعلام." واللالكائي عند أصحابه بمكانة عظيمة حتى قال فيه ابن القيم في نونيته :
أعني الفقيه الشافعي اللالكائي * المسدد ناصـــــر الإيمان.
وفيما ذكرت كفاية لمن أراد الرجوع عن تكفير الأمة وجعل علمائها وعوامها من المشركين.

تقرير بمشاركة سيئة  

رأى ابن تيمية فى أوراد وأذكار الصوفية


ابن تيمية يجيز الاجتماع على الذكر والجهر به

( مسألة 175 في رجل ينكر على أهل الذكر يقول لهم هذا الذكر بدعة وجهركم في الذكر بدعة وهم يفتتحون بالقرآن ويختتمون ثم يدعون للمسلمين الأحياء والأموات ويجمعون التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والحوقلة ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم والمنكر يعمل السماع مرات بالتصفيق ويبطل الذكر في وقت عمل السماع
الجواب
الاجتماع لذكر الله واستماع كتابه والدعاء عمل صالح وهو من أفضل القربات والعبادات في الأوقات ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن لله ملائكة سياحين في الأرض فإذا مروا بقوم يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم وذكر الحديث وفيه وجدناهم يسبحونك ويحمدونك لكن ينبغي أن يكون هذا أحيانا في بعض الأوقات والأمكنة فلا يجعل سنة راتبة يحافظ عليها إلا ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم المداومة عليه في الجماعات من الصلوات الخمس في الجماعات ومن الجمعات والأعياد ونحو ذلك
وأما محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة أو القراءة أو الذكر أو الدعاء طرفي النهار وزلفا من الليل وغير ذلك فهذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديما وحديثا فما سن عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات فعل كذلك وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عمل كذلك كما كان الصحابة رضي الله عنهم يجتمعون أحيانا يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون وكان عمر بن الخطاب يقول يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون وكان من الصحابة من يقول اجلسوا بنا نؤمن ساعة وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه التطوع في جماعة مرات وخرج على الصحابة من أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ فجلس معهم يستمع وما يحصل عند السماع والذكر المشروع من وجل القلب ودمع العين واقشعرار الجسوم فهذا أفضل الأحوال التي نطق بها الكتاب والسنة

وأما الاضطراب الشديد والغشي والموت والصيحات
فهذا إن كان صاحبه مغلوبا عليه لم يلم عليه كما قد كان يكون في التابعين ومن بعدهم فإن منشأه قوة الوارد على القلب مع ضعف القلب والقوة والتمكن أفضل كما هو حال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأما السكون قسوة وجفاء فهذا مذموم لا خير فيه وأما ما ذكر من السماع فالمشروع الذي تصلح به القلوب ويكون وسيلتها إلى ربها بصلة ما بينه وبينها هو سماع كتاب الله الذي هو سماع خيار هذه الأمة لا سيما وقد قال صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن وقال زينوا القرآن بأصواتكم وهو السماع الممدوح في الكتاب والسنة لكن لما نسي بعض الأمة حظا من هذا السماع الذي ذكروا به ألقي بينهم العداوة والبغضاء فأحدث قوم سماع القصائد والتصفيق والغناء مضاهاة لما ذمه الله من المكاء والتصدية والمشابهة لما ابتدعه النصارى وقابلهم قوم قست قلوبهم عن ذكر الله وما نزل من الحق وقست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة مضاهاة لما عابه الله على اليهود والدين الوسط هو ما عليه خيار هذه الأمة قديما وحديثا و الله أعلم )
مجموع الفتاوى 22 / 522
ابن تيمية يقول ان للصوفية الفاظ ومصطلحات لايعرفها غيرهم
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى "جزء 5 - صفحة 79"
"وأعلم أن لفظ الصوفية وعلومهم تختلف فيطلقون ألفاظهم على موضوعات لهم ومرموزات واشارات تجرى فيما بينهم فمن لم يداخلهم على التحقيق ونازل ما هم عليه رجع عنهم وهو خاسىء وحسير " اه
قال ابن تيمية في من "مجموع الفتاوى /ص337"
"وفي كلام أهل التصوف عبارات موهمة في ظاهرها بل وموحشة أحيانًا، ولكن تحتمل وجهًا صحيحًا يمكن حملها عليه فمن الإنصاف أن تحمل على الوجه الصحيح كالفناء، والشهود، والكشف ، ونحو ذلك /.

بشريات يوم القيامة

البشرى الرابعة والستون
بشرى الهناء تحت اللواء


أول البشريات هى أمر يتعلق بأول ما يخطر على البال أو تتفكر فيه العقول أين نذهب إذا خرجنا من القبور وكيف نستدل على حبيبنا وسط
هذه الجموع من خلق الله من آدم إلى ما شاء الله والإجابة يا إخوانى أن حبيبنا هو الواحد الأوحد يوم القيامة  الذى سيسمح له بحمل اللواء لواء واحد فقط يسلم يوم القيامة  لنبى واحد فقط واحد من الخلق يسمح له الحق ويلهمه الخالق الرحمن بأقوال ومحامد فوق العقل والإمكان فيحمل لواء حمد الرحمن نائباً عن خلق جميع الأكوان وهو لواء يراه الكل على بعد المكان فترى اللواء حيثما كنت من أرض المحشر فتعلم أنه لواء الحمد بيد الحبيب وكل فرد من أمته هو منه قريب ولو كنت فى أبعد بقعة من أرض المحشر فليس أحد من أتباعه عنه ببعيد فتفرح
وتهنأ وتسعد .. وبيد نبيك وحبيبك لواء الحمد عن كافة الخلق أنظر بعين قلبك أنظر الحبيب يحمل اللواء وهو الأوحد الذى يسمح له بالحمد والإلقاء بين يدى خالق أرض المحشر ودار البقاء وأنت يا أخى من أتباعه فيا للسعادة والهناء وأنت واقف معه تحت اللواء فكما كنت فى الدنيا تحت لواء سنته فأنت فى çلâîٌé تحت لواء حمده وشكره ومنته فيثبت للخلق أجمعين أنه خير البرية ولا أحداً فوقه فى المزية فأعظمت من بشرى وعطية للأمة المحمدية وهى البشرى التى قال فى حديثه عنها بياناً لهذه الخصوصية عندما خرج على أصحابه الكرام وهم يتعجبون من فضل الله على أنبيائه ورسله وقد سمع حديثهم فقال {قَدْ سَمِعْتُ كَلاَمَكُمْ وَعَجَبَكُمْ إنَّ إِبْرَاهِيمَ خَليلُ اللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُوسَى نَجِيُّ اللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَعِيسَى رُوحُ الله وَكَلِمتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وآدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَلاَ وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلاَ فَخْرَ، وأنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ المُؤْمِنِينَ وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ وَلاَ فَخْرَ }[1] { أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجاً إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبي وَلاَ فَخْرَ}[2] فكان عطاء الله تعالى لأمة النبى الخاتم أمة النبى الشفيع المُشفع حبيب الله! أول من تنشق عنه الأرض وصاحب لواء الحمد وخطيب الخلق الذى يسمح له بالكلام بين يدى الحق! وأول من يشفع ويشفع! وأول من يدخل الجنة ويحرك حلقها لفتح أبوابها! وهل يحرك حلق الأبواب ويأمر بفتحها غير صاحبها أو من هو حقيق بها! صاحب الحوض المورود والكوثر المشهود فى هذا اليوم الموعود فله عطاءٌ غير محدود فوالله لو سجدنا لله شكرا طول عمرنا ما وفَّينا شكر لمحة واحدة من تلك البشرى فهذا الرسول الأعظم صاحب كل ما ذكر وتقدم حبيبنا ونبينا يعرف كل واحد فينا باسمه ونسبه ووصفه ورسمه فممَ نخاف إذاً! وقد أعد الله لنا يوم لقاءه من الفضل الكبير والأجر العظيم والتكريم الذي ليس له شبيه ولا نظير تحت لواء البشير النذير وباقى الخلق فى شر مستطير أو خوف وهلع كبير ونحن الأحباب تحت اللواء فى الرحاب نطالع وجه بعضنا ونبصر حبيبنا ونبينا وهو يخطب فى الخلق أجمعين إنه قائدنا وزعيمنا قال الشيخ عبد الرحيم الطباطبائى:
وَأَعلى لَهُ بَينَ الخَلائِقِ مَنصِباً رَفيعَ 
الذَرى مِن دونِهِ الرُسُل تَمتَد
أَلَيسَ لَهُ بِدءُ الشَفاعَةِ في غَد وَقَد
 حارَت الأَلبابُ وَالكُربُ مُشتَد
أَلَيسَ مَلاذُ الخَلقِ في ظِلِّ عِزِّهِ
 أَلَيسَ لِواءَ الحَمدِ يَنثُرُهُ الحَمدُ
أَلَيسَ جِنانَ الخُلدِ يَفتَحَها لَهُ 
وَلَولاهُ ما كانَت جِنانٌ وَلا خُلدُ
فَيا خَيرُ خَلقِ اللّهِ مَجداً وَمُحتَداً 
وَنَفساً وَأَخلاقاً بِها عرف المَجد
وَيا خيرَة الرَحمنِ مِن كُلِّ خَلقِهِ
 وَيا سَبَبَ الايجادِ لِلخَلقِ إِذ أَبدوا
وَيا مُرتَجى العاني إذا ضاقَ ذَرعُهُ
وَيا مُلتَجى الجاني إِذا راعَهُ الصَد
وَأَنتَ لَكَ الجاهَ العَريضَ لَكَ الثَنا
 لَكَ المَنصِبُ العالي مِنَ اللّهَ وَالمَجد
فكُن لي شَفيعاً إِذ أُقَدِّم حافِياً 
وَمالي مِنَ الأَعمالِ سَعد وَلا مَعد
البشرى الخامسة والستون
من القبور إلى الحور والسرور

أما هذه البشرى فيا بشرى من كانوا من أهلها بشرى تطير لها العقول وتهفو لها الأرواح والأفئدة أناس إذا انشقت عنهم القبور بعد النفخ فى الصور ونزلت الأرواح فى الأجساد فاستنشقوا نسيم çلâîٌé بقدرة المنعم الجواد أنبت الله لهم ريشاً وأجنحة فطاروا من قبورهم لايوقفهم أحد لأنه تحملهم قدرة الواحد الأحد فوق رؤوس الخلق وليس كمثلهم أحد! .. قال فيهم الفرد المعتمد من الله الصمد{ إذا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أَنْبَتَ اللَّه تَعَالَى لِطَائِفَةٍ مِنْ أُمَّتِي أَجْنِحَةً فَيَطِيرُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَى الجِنَانِ يَسْرَحُونَ فِيها وَيَتَنَعَمُونَ فِيها كَيْفَ شَاؤُوا، فَتَقُولُ لَهُمُ المَلائِكَةَ: هَلْ رَأَيْتُمُ الحِسَابَ؟ فَيَقُولُون: ما رَأَيْنَا حِسَاباً، فَتَقُولُ لَهُمْ: هَلْ جُزْتُمُ الصِّرَاطَ؟ فَيَقُولُونَ: ما رَأَيْنَا صِرَاطاً، فَتَقُولُ لَهُمْ: هَلْ رَأَيْتُمْ جَهَنَّمَ؟ فَيَقُولُونَ: ما رَأَيْنَا فَتَقُولُ المَلائِكَة: مِنْ أُمَّةِ مَنْ أَنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ }[3] { فَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُمْ أَجنِحَةً مِنْ ذَهَبٍ مَخُوَّصَةً بِالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ فَيَطِيرُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَهُمْ بِمَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ أَعْرَفُ مِنْهُمْ بِمَنَازِلِهِمْ فِي الدُّنْيَا }[4] ويؤيد تلك البشرى قول الله
[إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ] بعيدون عن الموقف وجهنم وغير ذلك[لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا] لا يسمعون صوتها الذى يسمع على مسيرة خمسمائة عام! إذاً أين هم؟[وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ] فتسألهم الملائكة أمام الخلائق وهم يطيرون إلى قصورهم{ نَاشَدْنَاكُمْ اللَّهَ حَدِّثُونا ما كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ: خَصْلَتَانِ كَانَتَا فِينا فَبَلَغْنَا هذِهِ المَنْزِلَةَ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ فَيَقُولُونَ: وَما هُمَا؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا إذا خَلَوْنَا نَسْتَحِي أَنْ نَعْصِيه وَنَرْضَى بِاليَسِيرِ مِمَّا قُسِمَ لَنَا، فَتَقُولَ المَلائِكَةُ: يَحِقُّ لَكُمْ هذا }[5] هؤلاء يدخلون قصورهم ويجلسون فى شرفاتها ويشهدون ما يحدث فى العرض والحساب من الله لأهل الموقف وهم فى الجنة، يقول الله u فيهم وفي شأنهم[عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ] فهؤلاء لهم تلك البشرى بماذا؟ عسانا نكون منهم أو نفعل مثلهم؟ هم الذين كانوا يخشون الله فى السر والعلن وفى الخلأ والملأ ويرضون بالقليل من الرزق المقدر لهم، ومنهم قوم تعرضوا للمحن والبلاء والفتن فصبروا على أمر الله ولم يشكوا الله، وهم مع ذلك يسعون فى إزالة أسباب البلاء ويرضون بما قسم الله لهم من الخير والعطاء أو النتيجة مع السعى والإجتهاد ... قال القائل فى مقام هؤلاء:
يترقبون النفخة الـأولى وأخرى ثانية
آها لـها من نفخة جمعت جسوما باليه
وبها لقد كشفت لـها منها سرائر خافيه
وتطايرت فيها الخطوط أيامنا وشماليه
فاز السعيد بها فطار الى القصور العاليه
بجناح نبت بقدرة الله العظيم الوافيه
سهاما تطير فوق الرؤوس الشاخصات الرانيه
فتعجبت منها الملائك فاستوفقتهم راجيه
من أنتمو وما عملــتم فى الأيام الماضيه
نبينا محمد والحياء سبيلــنا فى الأوقات الخافيه
كما رضينا بفعــلـه فى الأقدار القاسيه

وقال أحد الصالحين يسأل الله تعالى أن يكرمه بتلك المقامات الراقية من الحفظ من الحساب يوم الحساب:
يا إلهي هبنا عطاياك تترى من علوم والخير والإيقان
وعلى منهج القران أمتني واجعل القبر روضة من جنان
واحفظني من الحساب امنحني يوم ألقاك واسع الإحسان

البشرى السادسة والستون
بشرى خطاب الأحباب فى السنة والكتاب

وتتوالى البشريات ولكى تتفتح عيون القلوب شيئاً فشيئاً على أفنان البشريات وتجليات الكرامات التى أعدت لسيد السادات سآتى لكم وأعرض عليكم نص خطاب الله العزيز الوهاب للأحباب كما ورد فى السنة والكتاب هل تدرون ما بشرى خطاب الأحباب يا أحباب؟ ونبدأ لكم ببشرى خطاب الله لأهل الإيمان يوم لقاء الملك الديان فى القرآن ففى القرآن خاطب الله أهل الإيمان وأنزل عليهم البشريات المتواليات من سحب الرحمة والحنان إذ قال {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ}فخاطبهم بنداء القريب للقريب ونسبهم لذاته ليشعرهم بقربهم منه وقربه منهم فألبسهم ثوب الأمن والأمان وخلع عنهم جميع ثياب الخوف وكساهم ثياب الخير والإحسان والسعادة والهناء والحنان فيا بشرى من سمع النداء وكما قال الكثير من العلماء أنه أمنهم من الخوف والحزن فبشرى تأمينهم من الخوف أن أمنوا على أنفسهم أما بشرى تأمينهم من الحزن أن أمنوا على أهلهم وأحبابهم من قبلهم وبعدهمً وذلك مذكور فى بشريات أخرى فى كتابنا أما البشرى التى ساقها الحبيب المصطفى فهو تتجلى فى أول خطاب يدور بين الله وبين عباده المؤمنين من الذى يعرف هذه الأسرار ؟ من تظنون إنه النبى المختار يقول منبئاً عن العزيز الغفار بأول ما سيدور من الحديث بين الربِّ وعباده المؤمنين{إنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ مَا أَوّلُ مَا يَقُولُ الله تَعَالَى لِلْمُؤْمِنينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَا أَوّلُ مَا يَقُولُونَ لَهُ، فَإِنَّ الله تَعَالَى يَقُولُ لِلْمُؤْمِنينَ: هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبّنَا. فَيَقُولُ: لِمَ؟ فَيَقُولُونَ: رَجَوْنَا عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ، فَيَقُولُ: قَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ عَفْوِي وَمَغْفِرَتِي }[6] ولذا أكد الحبيب هذه الحقيقة العلية بوصف الرحمة الربانية التى أعدت للأمة المحمدية فأعظم أبواب الرحمة قد أدخرها الله لعباده يوم لقائة كما قال{إِنَّ لله مِائَةَ رَحْمَةٍ، قَسَمَ مِنْهَا رَحْمَةً بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا فَوَسِعَتْهُمْ إِلى آجالِهِمْ، وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ لأَوْلِيَائِهِ، وَإِنَّ الله قابضٌ تِلْكَ الرَّحْمَةَ الَّتي قَسَمَها بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا إلى تِسْعٍ وَتِسْعِينَ فَكَملَها مائةَ رَحْمَةٍ لأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[7]قال سيدنا الإمام على فى أحداث يوم القيامة:
إِذا قَرُبَتْ سَاعَةٌ يا لَها وَزُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَها
تَسِيرُ الجبالُ على سُرْعَةٍ كَمَرِّ السِّحَابِ تَرَى حَالَها
وَتَنْفَطِرُ الأَرْضُ مِنْ نَفْخةٍ هُنَالِكَ تُخْرِجُ أَثْقَالَها
وَلا بُدَّ مِنْ سائلٍ قائِلٍ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئذٍ ما لـها
يُحَدِّثُ أَخْبارَها رَبُّها وَرَبُّكَ لا شَكَّ أَوْحَى لـها
تَرَى النَّفْسُ ما عَمِلَتْ مُحْضَرا ولو ذَرَّةً كان مِثْقَالَها
يحاسِبُها مَلَكٌ قادِرٌ فإِمّا عَلَيها وإمّا لـها
تَرَى النَّاسَ سَكرى بلا خَمْرةٍ وَلَكِنْ تَرَى العَيْنُ ما هَالَها
من كتاب : يشائر الفضل الإلهى 
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175 
[1] عن ابن عباس سنن الترمذى قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ
[2] سنن الترمذي عن أنس.
[3] الإحياء، وفى تخريج الإحياء للحافظ العراقى: رواه ابن حبان في الضعفاء وأبو عبد الرحمن السلمي من حديث أنس مع اختلاف
[4] جامع الأحاديث والمراسيل عن صهيب
[5] إحياء علوم الدين، وطبقات الشافعية الكبرى، وتخريج أحاديث الإحياء للعراقى
[6] رواه وأحمد والطبراني عن معاذ بن جبل
[7] صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ إنما اتفقا فيه على حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وسليمان التيمي عن أبي عثمان، عن سلمان مختصراً.